موارد السجن في النصوص و الفتاوي

اشارة

نام كتاب: موارد السجن في النصوص و الفتاوي

سرشناسه : طبسي، نجم الدين، - 1334

عنوان و نام پديدآور : موارد السجن في النصوص و الفتاوي: دراسه تتناول موارد السجن و حقوق السجين/ تاليف نجم الدين الطبسي

مشخصات نشر : قم: الحوزه العلميه القم، مكتب الاعلام الاسلامي، مركز النشر، 1416ق. = 1374.

مشخصات ظاهري : ص 632

فروست : (دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم 167)

شابك : 964-424-016-2بها:9000ريال ؛ 964-424-016-2بها:9000ريال

يادداشت : كتابنامه: ص. [614] - 632؛ همچنين به صورت زيرنويس

موضوع : زندان (فقه)

موضوع : زندانيان

موضوع : زندان -- احاديث

شناسه افزوده : حوزه علميه قم. دفتر تبليغات اسلامي. مركز انتشارات

رده بندي كنگره : BP195/6/ط2م 8 1374

رده بندي ديويي : 297/375

شماره كتابشناسي ملي : م 75-4957

الإهداء

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

أهدي هذا الجهد المتواضع الي سيّدي و مولاي صاحب الأمر و الزمان الإمام «الحجة بن الحسن العسكري» عجّل اللّه فرجه الشريف، و كلّي أمل أن يقع منه موقع القبول و الرضا.

المؤلّف

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 27

المقدّمة:

باسمه تعالي

الحمد للّه رب العالمين، و الصلاة و السّلام علي النّبي المصطفي محمّد و اهل بيته الطّاهرين، سيّما بقيّة اللّه في الأرضين الحجّة ابن الحسن المهدي ارواحنا لتراب مقدمه الفداء.

و بعد قبل عشر سنوات خلون وقع في يدي كتيب تناول فيه مؤلفه بعض المسائل الاسلامية، منها مسألة السجن، الّا انه كان قد تناولها بشكل محدود من خلال موارد قليلة، ممّا اشعرني بأن البحث بحاجة الي مزيد من السعة و العمق و الشمول، الأمر الذي كان قد دفعني الي البحث في هذه المسألة لمعرفة كلياتها و تفصيلاتها و خصائصها و لجمع اطرافها و نسج خيوطها املا في ان اوفّق لرسم صورة تامة الملامح كاملة الأبعاد لهذه المسألة من خلال الاجابة عن العديد من الأسئلة المرتبطة بالموضوع كالأسئلة التالية، علي سبيل المثال لا الحصر:

1- هل ان هناك جرائم يعالجها الإسلام بالسجن؟

2- هل السجن مقصور علي موارد توقيفية محدودة، لا يجوز تعديها؟ أم ان السجن تعزير، أمره الي الحاكم الشرعي موردا و مدة؟

3- هل ثمة جرائم عقوبتها الحبس المؤبد؟

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 28

4- كيف تعامل الدولة الاسلامية السجناء؟ هل ثمة منهج تربوي و عملي تغييري تقوم علي اساسه هذه المعاملة؟

5- هل يسمح للسجناء بالاتصال بذويهم او بلقائهم؟ و في أيّة موارد؟

6- هل يسمح لهم بالخروج اثناء مدة الحبس، و في أية حالة؟

7- هل يعذب السجين في الدولة الاسلامية، و في آية شروط؟

8- لو أقر

السجين بشي ء بعد التعذيب أو بالتهديد بالحبس و التعذيب، فما هي قيمة هذا الاعتراف و الإقرار من الناحية الشرعية؟

و اسئلة أخري كثيرة …

هذه التفصيلات التي تنشأ من ترابطها و اتّساقها صورة الموضوع بكل أبعادها. بذلت قصاري طاقتي و غاية جهدي- بتوفيق من اللّه تبارك و تعالي- حول التحقيق فيها، منقطعا اليها طيلة اربع سنين، و في العطلات الصيفية للحوزة العلمية المقدسه خاصة.

راجعت المجامع الحديثية و الفقهية، أغوص في بحارها، مفتشا في أعماقها عن ضالتي، ثم خرجت و في يدي أكثر من مائة مورد، و وقفت علي ما هو اعم من المؤبّد و النظارة و المؤقت.

كانت الخطوة الأولي: جمع الآيات الكريمة و الروايات و الأحاديث الشريفة التي تتعلق بالسجن أولها نوع من الاشارة اليه.

و كانت الخطوة الثانية: البحث عن الدلالة، و عن صحة أسناد الأحاديث و الروايات.

و الخطوة الثالثة: مراجعة فتاوي الفقهاء في ما يتعلق بالموضوع، مراعيا في ذلك الترتيب الزمني و سنة الوفاة.

و الخطوة الرابعة: نقل الفتاوي التي تتعلق بالسجن، و المستندة الي قواعد عامة من دون ورود نص خاص في خصوص المورد.

و الخطوة الخامسة: الاشارة الي موارد الاتفاق بين الامامية و غيرهم من المسلمين، و الي ما تنفرد به الامامية من آراء، و ما يتفرد به غيرهم، و ما تقوله الامامية ازاء ما يتفرد به سواهم.

و لا ادّعي ان ما قمت به علي هذا الصعيد كان جامعا مانعا … لكنني نظرا الي قلة من نهض بالتأليف في مثل هذا الموضوع بخاصة، و ندرة البحوث المختصة في موضوعنا هذا و مواضيع اخري في الدراسات الحوزوية العليا، يمكنني القول انني وفقت (و الحمد للّه)

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 29

لجمع ما هو نادر في فنّه

و ألفت بينه.

و مع ذلك كله، فلتكن هذه المحاولة بداية لمن يريد ان يخوض في هذا الجانب من بحر الفقه الاسلامي.

و في الختام، اود ان الفت نظر القارئ العزيز الي النقاط التالية:

1- ليس الكتاب كتاب فتوي بل هو عرض للأدلة و الفتاوي، فمن اراد الرأي النهائي في كل مسألة فعليه مراجعة الفقهاء و مراجع التقليد ادام اللّه عزهم، و استفتائهم في ذلك.

2- انني اعرض الروايات الواردة عن غير الامامية، و فتاواهم، من اجل الاطلاع علي متبنياتهم في هذا المجال او مقايستها مع متبنيات الإمامية، و لا بد ان نشير الي ان لكل منهما طريقته الخاصة في الاستدلال، بناء علي الاختلاف في بعض المباني الاصولية، كالقياس و الاستحسان … و ان اتفقوا في اصول مهمّة اخري كحجية ظواهر الكتاب مثلا …

3- ان الموارد التي ذكرتها في الحبس، ليست كلها موارد للحبس واقعا، فقد اتيت بكل ما جاء تحت عنوان الحبس، و من كل الآراء الاسلامية، من اجل ان اجمع كل الموارد التي قيل بلزوم الحبس فيها، ثم ليتعين ما هو الصواب من خلال التمحيص و المناقشة.

4- مما يؤسف له ان بعض الكتب، تكتفي ببعض الروايات التي تضي ء جانبا من القضية موضوعة البحث، ثم تدعي انّها توصلت الي تحديد رأي الإسلام في تلكم القضية، من دون مراجعة الروايات ذات الدلالات المعارضة، و من دون مراجعة اسانيدها، و العناية بتمييز الصحيح من الضعيف، و من دون الاهتمام بفتاوي الفقهاء و مستنداتها.

فلربما تأثّر الكاتب بشعارات خلابة بما يتعلق بالسجن و السجناء، و هي غير اسلامية، فينسبها الي الإسلام بلا دليل و لا مستمسك، او يتنكر لما هو من الإسلام بلا حجة و دليل.

لقد حاولت ان يكون كل رأي متبنيّ

في هذه الدراسة معتمدا علي دليله و مستمسكة، خالصا من كل شائبة غير اسلامية.

5- حرصت علي ان تكون هذه المحاولة قائمة علي اساس المقارنة بين آراء الفقهاء المسلمين بعامة، و بذلت الجهد في أن لا يشذّ رأي اسلامي عن هذا الحصر، و ألّا ينحصر البحث في اطار رأي الامامية فقط، مع ما احسّه من اسف بالغ، حيث أري الكثير الكثير من المصنفات التي تغصّ بها المكتبة الاسلامية، في شتّي المباحث و الموضوعات، تكتفي

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 30

بنقل آراء المذاهب الاربعة، معرضة عن كل رواية او رأي مدوّن في مصنّفات الامامية، مع ان المؤلّفات الامامية و ما حوته من الروايات و آراء الفقهاء تبلغ عشرات الالوف او تزيد، بل ان بعض تلك المصنّفات المحسوبة علي الإسلام- مع الأسف- تتعرض الي آراء بعض المارقين عن الإسلام كالخوارج و غيرهم، في حين تأبي ان تنهل من معين فقهاء الامامية، الزلال الطهور.

و في المقابل نجد أن كثيرا من مصنفات الامامية قامت علي اساس المقارنة بين فقة الامامية و المذاهب الاخري، خذ مثلا: الانتصار، الخلاف، التذكرة … و غيرها كثير.

6- لا بدّ من الانتباه الي حقيقة إنّ كل شبكة جزئية من الاحكام الاسلامية التي تتعلق بمجال من مجالات الحياة الاجتماعية لا يمكن ان تؤتي ثمارها علي الوجه الصحيح الا بتطبيق كل أحكام الإسلام علي كل هذه الحياة الاجتماعية، أي لا بدّ من نزول شبكة كل الاحكام الاسلامية لتحكم واقع حياة الناس، حتي يمكن لأحكام المجال الخاص ان تعطي نتائجها صحيحة تامّة، من هنا نستنتج انّ شبكة احكام السجن لا تؤتي ثمارها التربوية و العملية الا بوجود حكومة اسلامية تطبق كل احكام الإسلام علي جميع مرافق حياة المجتمع.

7-

إنّ هذا الكتاب يحتوي علي قسمين: اما القسم الاوّل: في موارد السجن- و هي العمدة من هذه المجموعة- و قد رتّبتها علي اربعة عشر بابا، و كل باب يحتوي علي فصول قد تناهز العشرين. و امّا القسم الثاني: فهو مركّب من عشرين فصلا حول حقوق السجين و أحكامه، و ما يتعلّق بالموضوع من أبحاث تاريخية و غيرها.

8- لقد عرضت هذه المحاولة علي جمع من اساتذة الحوزة العلميّة في قم المقدّسة، من ذوي الاعتبار و المكانة الرفيعة، و علي بعض الكتّاب و اهل الفضيلة، فتفضلوا بكثير من الملاحظات النافعة و التوجيهات القيمة و التنبيهات النيرة، التي استفدت منها في سدّ الثغرة و النقص … فمنهم من اتعب نفسه الزكية في مراجعة جميع هذه الدراسة و مطالعتها بدقة، و اخصّ بالذكر: شيخنا الاستاذ آية اللّه الشيخ محمّد الفاضل اللنكراني و حجة الإسلام و المسلمين الشيخ علي الكوراني و اخي العزيز حجة الإسلام الشيخ محمد جعفر الطبسي و حجة الإسلام الشيخ محمد علي الانصاري و غيرهم، كما تفضل آخرون بمطالعة شطر من المسودّات، و اخصّ بالذكر: آية اللّه الشيخ يوسف الصانعي، و حجة الإسلام و المسلمين السيد جعفر مرتضي العاملي و حجة

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 31

الإسلام الشيخ محمد جواد الطبسي … فلهم عليّ ايادي لا تنسي و اوّد ان أنوّه الي:

انني قد اعددت رسالة مماثلة لهذه الرسالة في «موارد النفي و التغريب» ارجو ان اوفّق في القريب العاجل الي اخراجه و نشره، و اللّه المسدّد للصواب.

قم المقدسة- نجم الدين الطبسي 3/ صفر الخير/ 1411 يوم ميلاد الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 33

القسم الأوّل في موارد السّجن

اشارة

الباب الاول: الحبس في الدم.

الباب

الثاني: الحبس في السرقة.

الباب الثالث: الحبس في الايذاء الجسمي بغير الجرح.

الباب الرابع: الحبس في الايذاء الروحي و السب.

الباب الخامس: الحبس في ترك الواجبات و فعل المحرّمات.

الباب السادس: الحبس في السحر و اضرابه.

الباب السابع: حبس بعض اصحاب السلوك المنحرف و المحدودين.

الباب الثامن: حبس المرتد.

الباب التاسع: الحبس في الفحشاء.

الباب العاشر: الحبس في الخمر و المسكرات.

الباب الحادي عشر: الحبس في المسائل الزوجية.

الباب الثاني عشر: حبس اعداء الدولة و مناوئيها.

الباب الثالث عشر: حبس العمال و الموظفين.

الباب الرابع عشر: الحبس في الحقوق المالية.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 35

الباب الأوّل في الدم: و فيه سبعة عشر فصلا

اشارة

الحبس في تهمة الدم.

و يلحق بها:

أ- حبس الغلام الذي قتل اللائط به.

ب- الحبس مع شاهد واحد.

ج- حبس الممتنعين عن اليمين في القسامة.

2- حبس من دل علي شخص يراد قتله.

3- حبس من امسك شخصا للقتل.

4- حبس الآمر بالقتل.

5- حبس من خلّص القاتل من القصاص.

6- حبس من يقوم بالاغتيال.

7- حبس القاتل بعد عفو الأولياء.

8- حبس الجاني حتي يستكمل الوليّ، الشروط.

9- حبس المسلم اذا قتل الذميّ.

10- حبس القاتل اذا هرب، بعد اخذ الدية.

11- حبس القاتل في الشهر الحرام.

12- حبس المولي الذي قتل عبده.

13- حبس العبد القاتل بأمر مولاه.

14- حبس العبد القاتل عمدا.

15- حبس من قتل مستأمنا.

16- حبس القاصد إهلاك ولده.

17- حبس المقتص له حتي يبرأ المقتص منه.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 37

الفصل الأوّل

1- الحبس في تهمة الدم
اشارة

وردت روايات عند الفريقين بحبس المتّهم بالقتل، كما أفتي بمضمونها كثير من فقهائنا، و مالك بن أنس، و إن خالف في ذلك المحقق الحلّي و الشهيدان و غيرهم بدعوي انها عقوبة لم يثبت موجبها.

كما وقع البحث في مدة الحبس، فالأكثرون علي أنه: ستة أيام و منهم من قال:

ثلاثة و نسب الي بعض أنه الي سنة. و لكن هذا كله في تهمة القتل فقط فلا يشمل تهمة الجرح كما صرح بذلك في الجواهر «1».

و نتعرض أولا الي الروايات، ثم الي كلمات الفقهاء.

الروايات

1- الكافي: علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: «إنّ النبي (ص) كان يحبس في تهمة الدم ستة ايام، فإن جاء أولياء

______________________________

(1). جواهر الكلام 40: 260.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 38

المقتول ببيّنة، و الّا خلّي سبيله» «1».

و رواه الشيخ في التهذيب 10: 152 ح 39 و في سنده: أبي اسحاق، و رواه أيضا في 10: 174 ح 23-: و فيه «فإن جاء أولياء المقتول بثبت، و الّا خلّي سبيله».

و رواه أيضا في 10: 312 ح 5- و فيه «فإن جاء اولياء المقتول ببينة تثبت».

قال العلامة المجلسي: «ضعيف علي المشهور» «2».

2- دعائم الإسلام مرسلا: عن علي (ع) أنّه قال: «لا حبس في تهمة الّا في دم.

و الحبس بعد معرفة الحق ظلم» «3».

3- و فيه: و عنه «أمير المؤمنين (ع)» أنّه دخل يوما الي مسجد الكوفة من الباب القبلي، فاستقبله نفر فيهم فتي حدث يبكي، و القوم يسكّتونه، فوقف عليهم أمير المؤمنين (ع) فقال للفتي: ما يبكيك؟ فقال: يا أمير المؤمنين إنّ أبي خرج مع هؤلاء النفر في سفر للتجارة، فرجعوا و لم يرجع أبي، فسألتهم

عنه، فقالوا: مات، و سألتهم عن ماله، فقالوا: لم يخلّف مالا، فقدّمتهم الي شريح فلم يقض لي عليهم بشي ء غير اليمين، و أنا اعلم يا أمير المؤمنين، أنّ أبي كان معه مال كثير.

فقال لهم أمير المؤمنين (ع): «ارجعوا» فردّهم معه؛ و وقف علي شريح فقال:

«ما يقول هذا الفتي، يا شريح؟» فقال شريح: يا أمير المؤمنين، إنّ هذا الفتي ادّعي علي هؤلاء القوم دعوي، فسألته البيّنة فلم يحضر احدا، فاستحلفتهم، فقال أمير المؤمنين: «هيهات يا شريح ليس هكذا يحكم في هذا» فقال شريح: فكيف أحكم يا أمير المؤمنين فيه؟ فقال علي (ع): «أنا أحكم فيه، و لأحكمنّ اليوم فيه بحكم ما حكم به بعد داود النبي (ع) أحد» ثم جلس في مجلس القضاء، و دعا بعبد اللّه بن أبي رافع- و كان كاتبه- و أمره أن يحضر- صحيفة و دواة، ثم أمر بالقوم أن يفرّقوا في نواحي المسجد، و يجلس كل رجل منهم الي سارية، و اقام مع كل واحد منهم رجلا و أمر بأن تغطّي رءوسهم، و قال لمن حوله: «اذا سمعتموني كبّرت فكبّروا» ثم دعا برجل

______________________________

(1). الكافي 7: 370 ح 5.

(2). انظر ملاذ الاخيار 16: 303، 356، 681- و مرآة العقول 24: 203.

(3). دعائم الإسلام 2: 539 ح 1916- و عنه المستدرك 17: 403 ح 3 و 18: 272 ح 1.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 39

منهم، فكشف عن وجهه، و نظر اليه و تأمّله، و قال: «أ تظنّون أنّي لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتي؟ أني اذا لجاهل» ثم أقبل عليه فسأله، فقال: مات يا أمير المؤمنين، فسأله كيف كان مرضه؟ و كم مرض؟ و أين مرض؟ و عن أسبابه في

مرضه كلها؟ و حين احتضر، و من تولي تغميضه؟ و من غسّله؟ و ما كفن فيه؟ و من حمله؟ و من صلي عليه؟

و من دفنه؟ فلما فرغ من السؤال رفع صوته، و قال: «الحبس الحبس» فكبّر و كبر من كان معه، فارتاب القوم، و لم يشكّوا أنّ صاحبهم قد أقرّ.

ثم دعا برجل آخر، فقال له مثل ما قال للأوّل، فقال: يا أمير المؤمنين، إنّما كنت واحدا من القوم، و قد كنت كارها لقتله، و أقرّ بالقتل. ثم دعاهم واحدا واحدا من القوم، فاقرّوا أجمعون ما خلا الأول، و أقرّوا بالمال جميعا و ردّوه، و الزمهم ما يجب من القصاص، فقال شريح: يا أمير المؤمنين كيف كان حكم داود، في مثل هذا الذي أخذته عنه؟ … «1».

قال المجلسي «ره» عن هذا الحديث ضمن بيان له: «ضعيف علي المشهور» «2».

4- عجائب الأحكام: «إنّ عليا حبس متهما بالقتل، حتي نظر في أمر المتهمين معه بالقتل.» «3»

5- السنن الكبري: «عن أبي جعفر: إنّ عليا (ع) قال: إنّما الحبس حتي يتبين للإمام، فما حبس بعد ذلك فهو جور» «4».

6- الحاكم: «عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده: أنّ النبي (ص) حبس رجلا في تهمة» «5».

قال الشوكاني: رواه الخمسة الّا ابن ماجة: و فيه دليل علي أنّ الحبس كما يكون حبس عقوبة، يكون حبس استظهار في غير حق، بل لينكشف به بعض ما ورائه، و قد

______________________________

(1). دعائم الإسلام 2: 404 ح 1418 و عنه المستدرك 17: 385 ح 2، انظر الوسائل 18: 204- البحار 40: 259 الكافي 7: 371 ح 8.

(2). مرآة العقول 24: 204.

(3). عجائب الاحكام: 62.

(4). السنن الكبري 6: 53.

(5). مستدرك الحاكم 4: 102- رواه الترمذي 4: 28.

أقضية رسول الله ص: 7.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 40

بوب أبو داود علي هذا الحديث، فقال: باب «في الحبس في الدّين و غيره» «1».

7- و فيه عن أبي هريرة: «إنّ النبي (ص) حبس في تهمة يوما و ليلة.

و قال الحاكم: استظهارا و احتياطا» «2».

قال الهيثمي: «و في السند ابراهيم بن خثيم بن عراك، و هو متروك عندهم.» «3».

8- المصنف: «عن معمر، عن بهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جده، قال:

أخذ النبي (ص) ناسا من قومي في تهمة، فحبسهم، فجاء رجل من قومي النبيّ (ص) و هو يخطب، فقال: يا محمد! علي ما تحبس جيرتي؟ فصمت النبي (ص) عنه فقال: إنّ الناس يقولون: إنّك لتنهي عن الشرّ و تستخلي به، فقال النبي (ص) ما يقول: فجعلت أعرض بينهما بكلام مخافة أن يسمعهما فيدعو علي قومي دعوة لا يفلحون بعدها، قال:

فلم يزل النبي (ص) حتي فهمها، فقال: قد قالوها؟ و قال: قائلها منهم؟ و اللّه لو فعلت لكان عليّ ما كان عليهم خلّوا عن جيرانه» «4».

9- و فيه: «إن النبي ص حبس رجلا في تهمة ساعة من نهار ثم خلّي عنه» مصنف عبد الرزاق 8: 306 ح 15311 كنز العمال 5: 850 ح 14541

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و المتهم بالقتل ينبغي أن يحبس ستة ايام، فان جاء المدعي ببيّنة، أو فصل الحكم معه، و الّا خلّي سبيله» «5».

2- القاضي ابن البراج: «و اذا اتهم انسان بالقتل، وجب أن يحبس ستة ايام، فإن احضر المدعي ببيّنة تشهد له بما ادّعاه، أو فصل الحكم فيه، و الّا أطلق من الحبس، و لم يكن للمدعي سبيل عليه.» «6»

3- ابن حمزة: «و المتهم بقتل اخر لم يخل:

اما انكر، او أقرّ، فإن انكر، حبس ثلاثة

______________________________

(1). نيل الاوطار 7: 152.

(2). مستدرك الحاكم 4: 102.

(3). كشف الاستار 2: 128 ح 1360.

(4). مصنف عبد الرزاق 10: 216 ح 18891- أحمد 5: 2- سنن ابو داود 3: 314- سنن الترمذي 4: 28- أقضية رسول الله ص: 7 السنن الكبري 6: 53- التراتيب الادارية 1: 296- المعجم الكبير 19: 414 و 996 و 998.

(5). النهاية: 744.

(6). المهذب 2: 503.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 41

ايام، فإن قامت عليه بيّنة، و الا خلّي سبيله» «1».

4- المحقق الحلي: «اذا اتهم، و التمس الولي حبسه حتي يحضر بيّنة، ففي اجابته تردد، و مستند الجواز ما رواه السكوني، … و في السكوني ضعف» «2».

5- و قال في المختصر: «قيل: يحبس المتهم بالدم ستة أيام، فان ثبتت الدعوي، و الّا خلّي سبيله، و في المستند ضعف، و فيه تعجيل لعقوبة لم يثبت سببها.» «3»

6- العلامة الحلّي: «لو اتهم بالقتل و قام اللوث حبس اذا طلب الولي ذلك حتي يحضر ببيّنة لرواية السكوني عن الصادق (ع): إنّ النبي كان يحبس في تهمة الدم ستة ايام، فإن جاء الأولياء بالبيّنة، و الّا خلّي سبيله.» «4»

7- و قال في المختلف: «و التحقيق أن نقول: إن حصلت التهمة للحاكم بسبب، لزم الحبس ستة ايام عملا بالرواية و تحفظا للنفوس عن الاتلاف، و ان حصلت لغيره فلا عمل بالاصل.» «5»

8- و قال في القواعد: «قيل و يحبس المتهم في الدم مع التماس خصمه حتي يحضر البيّنة.» «6»

9- الفاضل الابي: «هذه الفتوي مستفادة مما رواه السكوني عن أبي عبد الله ع و السكوني عامي و القائل به هو الشيخ، و ربما كان نظره أيضا إلي أن فيه

احتياطا في تفتيش الدماء» كشف الرموز 2: 616 10- الشهيد الأول: «قاعدة 217: ضابط الحبس توقف استخراج الحق عليه و يثبت في مواضع.. و المتهم بالدم ستة ايام.» «7»

11- الفاضل المقداد: «في موارد الحبس: و المتهم بالدم ستة ايام.» «8»

12- الشهيد الثاني في الروضة: «و الرواية (أي رواية السكوني) ضعيفة و الحبس

______________________________

(1). الوسيلة: 461.

(2). شرايع الإسلام 4: 227.

(3). المختصر النافع 2: 298.

(4). تحرير الاحكام 2: 254.

(5). مختلف الشيعة: 9: 318 المسألة 24.

(6). قواعد الاحكام 2: 298.- انظر: المقتصر لابن فهد 432.

(7). القواعد و الفوائد 2: 192.

(8). نضد القواعد الفقهية: 499.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 42

تعجيل عقوبة لم يثبت موجبها فعدم جوازه أجود.» «1»

13- و قال في المسالك: «القول بحبس المتهم بالدم ستة ايام للشيخ و اتباعه..

و الأصح عدم الحبس قبل ثبوت الحق مطلقا.» «2»

14- الفيض الكاشاني: «و هل يجوز حبس المنكر الي أن يحضر بيّنة المدعي؟ قيل نعم الي ستة ايام كما في الخبر و قيل: ثلاثة ايام و لا مستند له، و الأصح عدم الحبس قبل ثبوت الحق مطلقا.» «3»

15- الشيخ محمد حسن النجفي: « … و علي كل حال فلا يخلو العمل بالخبر المزبور هنا- خبر السكوني- من قوة لاعتضاده بعمل من عرفت، و حكاية الاجماع علي العمل بأخبار الراوي المزبور الذي في غالب رواياته التوقع «4» عنه، المؤيّد بتتبع كثير من المقامات المنفرد في روايتها.. نعم الظاهر اختصاص الحكم بالقتل دون الجراح..» «5»

«المامقاني: «إذا اتهم رجل بالدم و التمس الولي الحاكم حبسه حتي يحضر بيّنة، ففي إجابته إلي ذلك و حبسه ستة أيام وجه لا يخلو من قرب» مناهج المتقين 515.

16- الامام الخميني: «لو اتهم رجل بالقتل، و التمس الولي

من الحاكم حبسه، حتي يحضر البيّنة، فالظاهر جواز إجابته، إلّا اذا كان الرجل ممن يوثق بعدم فراره، و لو اخّر المدعي إقامة البيّنة الي ستة ايام يخلّي سبيله.» «6»

17- السيد الخوئي: «لو اتّهم رجل بالقتل، حبس ستة ايام، فإن جاء أولياء المقتول بما يثبت به القتل فهو، و الّا خلّي سبيله.» «7»

______________________________

(1). الروضة البهية 10: 76.

(2). مسالك الافهام 15: 223.

(3). مفاتيح الشرائع 2: 124.

و قد اكتفي العلامة المجلسي بنقل الاقوال في المسألة: كتاب الحدود و القصاص و الديات ص 95.

(4). كذا في النسخ الثلاثة و لعل الصحيح «النوفلي» و اللّه العالم، (هامش الجواهر).

(5). جواهر الكلام 41: 260.

(6). تحرير الوسيلة 2: 480.

(7). مباني تكملة المنهاج 2: 123.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 43

18- السيد الگلپايگاني: «نعم لو أراد ولي المقتول، فله أن يحبس المتهم لمدة ستة ايام، فإن لم يثبت في هذه المدة يفرج عنه.» «1»

19- الخونساري: «و أما ما ذكر من تعجيل العقوبة مع عدم ثبوت سببها فيمكن أن يقال فيه: انه لا مانع من الاحتياط من جهة حفظ النفوس كالاحتياط في حفظ المال، فان المدين الذي يدعي الاعسار و عدم التمكن من تأدية الدين يحبس حتي يظهر حاله.

و المؤدب للصبي يضرب الصبي للاهتمام بدرسه مع امكان قصوره و عدم تقصيره.

و بناء العقلاء الاعتماد بخبر الثقة مع أنه كثيرا يتفق خلاف مقصودهم للزوم الحرج الشديد في البناء علي تحقق القطع بل بلزوم اختلال عيش بني آدم» جامع المدارك 7: 249.

قال السبزواري: لو اتهم شخص بالقتل و التمس الولي من الحاكم الشرعي حبسه حتي تحضر البينة جاز له إجابته إن كان ممن يحتمل فراره دون من لم يكن كذلك، و لو أخر الولي إقامة البينة

الي ستة أيام يخلي سبيله.

قال: لأن ذلك في الجملة من شئون الحسبة و للحاكم الشرعي الولاية عليها، و لا يعد ذلك من تعجيل العقوبة قبل الاستحقاق حتي لا يجوز، و في خبر السكوني … و لا وجه للمناقشة في الحديث بضعف السكوني، لاحتفافه بقرائن توجب سكون النفس إلي التوثيق أو الصدور و لذا استقر نظر المحققين علي الاعتماد عليه بلا فرق بين قتل النفس و الجراح لأنه بعد أن رأي الحاكم الصلاح فيه و كان ذلك من شئون الحسبة يكون الحكم موافقا للقاعدة، فلا وجه للاقتصار علي خصوص مورد النص حينئذ.

مهذب الأحكام 28: 279.

النتيجة

الأصل الأولي يقتضي عدم جواز حبس الغير و حصره بمجرد التهمة، إلّا أن يقوم دليل. و هو في المقام: اما رواية السكوني، و قبولها علي المبني. و اما رواية الدعائم فدلالتها واضحة، و انّما الإشكال في سندها و في كتاب الدعائم، و اما الرواية الثالثة، فمرسلة و اما الرواية الرابعة- عن أبي جعفر «ع» - و إن كانت مطلقة و تشمل المورد، الا أنّها مرسلة.

و اما الرواية الخامسة فهي مرسلة، و إن كانت ظاهرة الدلالة في حبس المتهم بالدم، اذ فيها «الحبس الحبس».

و اما الرواية السادسة، فهي غير ظاهرة في المطلوب، مع ضعف السند، و كذلك الرواية الثامنة.

ثم إن عملنا برواية السكوني فلا بد من القول بوجوب حبسه لمدة ستة ايام، و لا وجه لدعوي- ينبغي- كما عن الشيخ الطوسي إلّا أن يراد به الوجوب.

و قد يقال بأنّ هذه التهمة لو تحققت عند الحاكم فيحبس المتهم و إلّا فلا، عملا بمقتضي ظاهر رواية السكوني، حيث تحققت التهمة عند النبي (ص) فحبس المتّهم، و إن امكن دعوي الحبس، حتي و لو لم

تحصل التهمة للحاكم، عملا بمقتضي الإطلاق، ثم لو قلنا: إنّ حكمة تشريع الحبس هي المنع من فرار المتهم لكان لتفصيل «تحرير الوسيلة» وجها.

هذا كله مع قطع النظر عن اهميّة الدم، و لزوم مراعاة الاحتياط فيها، و الّا فبمجرده يكفي للقول بحبس المتهم بالقتل.

______________________________

(1). مجمع المسائل 3: 208.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 44

آراء المذاهب الاخري

20- المدونة: «مالك: في المتهم بالدم اذا ردّت اليمين عليه، أنّه لا يبرأ دون أن يحلف خمسين يمينا، فأري أن يحبس حتي يحلف خمسين يمينا.» «1»

21- قال المرداوي في اللوث: «و إن طلبوا أيمانهم فنكلوا، لم يحبسوا- قال: هذا المذهب، بلا ريب و جزم به في الهداية، و المذهب و الخلاصة و الهادي، و الوجيز و غيرهم، و قدّمه في المغني و المحرر و الشرح، و النظم، و الرعايتين، و الحاوي الصغير و غيرهم و عنه: يحبسون، حتي يقرّوا، أو يحلفوا، و اطلقهما في الفروع و الزركشي» «2».

فروع و مطالب
الأول: أصل الحبس للمتهم بالقتل

، و استدل عليه برواية السكوني و أنّ عمل فقهائنا برواياته يجبر ضعفها، و كذا بمرسلة الدعائم و سائر المراسيل، و مراعاة الاحتياط و التحفظ في الدماء. و خالف الآخرون، لأنّ الحبس تعجيل عقوبة لم يثبت موجبها، فلا يجوز، و بتضعيف السكوني، و روايته لأنّها مخالفة للأدلة «3» و بإرسال بقية الروايات.

الثاني: فصّل بعض الفقهاء بين طلب الأولياء الحبس و عدمه

«4» و لعل مستندهم انه يعتبر في اخذ الحاكم الحق، طلب ذي الحق 5.

الثالث: مدة الحبس:

1- ستة ايام، و هو مقتضي رواية السكوني بعد حمل اطلاق مرسلة الدعائم علي رواية السكوني، أو العمل برواية السكوني رأسا، لإرسال رواية الدعائم، و هو رأي الشيخ الطوسي في النهاية و جمع من الإمامية.

2- ثلاثة ايام، و هو قول ابن حمزة و يحتمل أن يكون دليله الغاء الخصوصية في

______________________________

(1). المدونة الكبري 6: 416.

(2). الانصاف 10: 148- انظر 11: 260.

(3). انظر المختلف: 9: 317 المسألة 24 عن السرائر 3: 343.

(4) 4 و 5. انظر الجواهر 41: 260.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 45

التأجيل الي ثلاثة في امهال المرتد و الشفيع و شموله للمقام. «1»

3- سنة كاملة، نقل ذلك عن الاسكافي، و لا دليل عليه و يحتمل أن يكون تصحيف ستة، فيكون موافقا للشيخ و اتباعه. «2»

4- الحبس الي إحضار البيّنة أو فصل الخصومة من دون تحديد بزمان، اذ لم يتعرضوا له «3».

الرابع؛ اذا قتل المتّهم بالقتل غير الولي بعد ثبوت القصاص عليه او قبله، الظاهر أنّه يقاد منه

، و ذلك لأن موجب القود إزهاق النفس المعصومة المكافئة، عمدا عدوانا:

1- قال العلامة الحلّي رحمه اللّه: «و لو وجب علي مسلم قصاص فقتله غير الولي وجب عليه القود.» «4»

2- قال السيد الخوئي: «اذا كان علي مسلم قصاص، فقتله غير الولي بدون إذنه، ثبت عليه القود. بلا خلاف و لا اشكال، لأنّه محقون الدم بالاضافة اليه..» «5».

3- قال السرخسي: «و اذا قتله رجل في حبس الامام قبل أن يثبت عليه شي ء ثم قامت البيّنة بما صنع. فعلي قاتله القود، لأنّ العصمة و التقوّم لا يرتفع بمجرد التهمة ما لم يقض القاضي بحل دمه بعد ما قتل، لفوات المحل، فوجود هذه البيّنة كعدمها إلّا أن يكون القاتل هو ولي المقتول الذي قتله هذا، في قطع الطريق، فحينئذ لا يلزمه شي ء، لأنّه استوفي حق

نفسه.» «6»

الخامس: هل يحبس القاتل خطأ؟

لم أجد من تعرض لهذه المسألة، و لعلّ ذلك لوضوحها، فان مقتضي القواعد أنّه لا حبس عليه، لأنّ الحبس امّا حد أو تعزير و هما مرفوعان عن المخطئ بحديث الرفع.

قال في المدوّنة: «قلت: أ رأيت القتل خطأ هل فيه تعزير و حبس في قول مالك؟

______________________________

(1). مسالك الافهام 15: 223.

(2). جواهر الكلام 41: 261.

(3). القواعد و الفوائد 2: 298.

(4). تحرير الاحكام 2: 248.

(5). مباني تكملة المنهاج 2: 69.

(6). المبسوط 9: 205.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 46

قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا، و لا علمت أنّ أحدا يعزر في الخطأ أو يحبس فيه، و أري أنّه ليس عليه حبس و لا تعزير.» «1»

السادس: هل يختص الحبس بالتهمة في القتل أم يشمل الجرح أيضا؟

قد يقال بالشمول و ذلك نظرا الي لفظ «الدم» في الروايات، و قد يجاب: بأنّ المراد بها خصوص القتل بقرينة الذيل «فإن جاء أولياء المقتول..» و قد استظهر الجواهر اختصاص الحكم بالقتل. «2»

و عن الشهيد: «المتهم بالقتل او في بعض العبارات: بالدم و هو يشمل الجراح» شرح الارشاد الجنايات و قال الخونساري: «هل يشمل مطلق الدم او خصوص القتل؟

لعل ذكر المقتول مانع عن الاطلاق». جامع المدارك 7: 249.

السابع: هل الحبس علي سبيل الوجوب أو الاستحباب

، الظاهر من كلام الشيخ في النهاية هو الثاني حيث قال: ينبغي. و ظاهر الباقين الوجوب.

[2-] موارد يمكن إلحاقها بالحبس في تهمة الدم
أ- حبس الغلام الذي قتل اللائط به

المناقب: «عن أبي القاسم الكوفي، و القاضي النعمان في كتابيهما قالا: رفع الي عمر أنّ عبدا قتل مولاه. فأمر بقتله، فدعاه علي عليه السلام، فقال له: أ قتلت مولاك؟ قال نعم، قال: فلم قتلته؟ قال: غلبني علي نفسي و أتاني في ذاتي، فقال (عليه السّلام) لأولياء المقتول: أ دفنتم وليكم؟ قالوا: نعم: قال: و متي دفنتموه؟ قالوا الساعة، قال لعمر: احبس هذا الغلام، فلا تحدث فيه حدثا حتي تمرّ ثلاثة أيام، ثم قال لأولياء المقتول: اذا مضت ثلاثة ايام فاحضرونا فلما مضت ثلاثة ايام حضروا، فأخذ علي (ع) بيد عمر، و خرجوا، ثم وقف علي قبر الرجل المقتول، فقال علي (ع) لأوليائه: هذا قبر صاحبكم؟ قالوا: نعم، قال: احفروا، فحفروا حتي انتهوا الي اللحد فقال: أخرجوا ميّتكم، فنظروا الي أكفانه في اللحد، و لم يجدوه، فاخبروه بذلك.

فقال علي عليه السلام: اللّه أكبر، اللّه أكبر، و اللّه ما كذبت و لا كذّبت سمعت

______________________________

(1). المدونة الكبري 6: 420.

(2). جواهر الكلام 41: 261- انظر مفتاح الكرامة 10: 84 تعليقات علي باب القصاص.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 47

رسول اللّه (ص) يقول: من يعمل من أمّتي عمل قوم لوط، ثم يموت علي ذلك، فهو مؤجل الي أن يوضع في لحده، فاذا وضع فيه، لم يمكث أكثر من ثلاث حتي تقذفه الأرض الي جملة قوم لوط، المهلكين، فيحشر معهم». «1»

و قد تضعف الرواية بالإرسال، و لعلّها واقعة خاصة كما ذكر الشهيد الثاني في بعض قضايا علي (عليه السلام) «2» خاصة اذ لم يكن مع الدعوي شاهد، نعم أفتي فقهاؤنا بوجوب الدفع و هدر

دم الشاذ:

1- قال ابن البراج: «و اذا اراد انسان غلاما أو امرأة علي فجور فدفعاه عن أنفسهما فمات كان دمه هدرا.» «3»

2- قال المحقق الحلي: «للإنسان أن يدفع عن نفسه و حريمه … و يذهب دم المدفوع هدرا جرحا كان أو قتلا.» «4»

3- قال الشهيد الثاني: «و الأقوي وجوب الدفع عن النفس و الحريم مع الإمكان و لا يجوز الاستسلام … » «5».

ب- الحبس مع شاهد واحد

1- قال الشيباني: «و لا كفالة في الحدود و القصاص، و لا يحبس فيها، حتي يشهد شاهدان، أو شاهد عدل يعرفه القاضي … » «6».

2- المدونة: «قلت: أ رأيت إن شهد شاهد علي القتل خطأ أو عمدا، أ تحبس هذا المشهود عليه حتي تسأل عنه؟ قال: أمّا في الخطأ، فلا يحبس لأنّه انما يجب الدية علي العاقلة، و امّا في العمد، فانه يحبسه، حتي يسأل عن الشاهد، فاذا زكي، كانت

______________________________

(1). مناقب ابن شهر آشوب 2: 364- و عنه المستدرك 14: 345 ح 9- درر الاخبار 1: 259 نقلا عن (الغرر و الدرر) للسيد المرتضي- شرح الاخبار 2: 320 ح 658- البحار 79: 71 و 24.

(2). انظر الروضة البهية 10: 168- ملاذ الاخيار 16: 685.

(3). المهذب 2: 514.

(4). شرايع الإسلام 4: 189- جواهر الكلام 41: 652.

(5). مسالك الافهام 15: 15.

(6). الجامع الصغير للشيباني: 369.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 48

القسامة، و ما لم يزك لم تكن فيه قسامة، قلت: و هذا قول مالك» «1».

أقول: لقد تعرض فقهاؤنا- في باب دعوي القتل و ما يثبت به- لهذه المسألة و أنّ القتل و ما يجب به القصاص لا يثبت إلّا بشاهدين، أو بشاهد و امرأتين- كما في المبسوط و عن الفاضل- و لكن عن

ابن الجنيد و أبي الصلاح و الشيخ في النهاية و القاضي و العلامة في المختلف: يثبت بالرجل و امرأتين الدية دون القصاص «2».

و علي أيّ حال لا يثبت بالشاهد الواحد لا القصاص و لا الدية، نعم يتحقق به التهمة فيحبس الي ستة ايام- علي التفصيل الذي مرّ.

ج- الممتنعون عن اليمين في القسامة

لم تصرح الروايات الواردة من طرقنا و لا فتاوي فقهائنا بالحبس في هذه الحالة:

1- التهذيب: عن فضالة بن ايوب، عن ابان عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللّه (ع) أنّه قال: «في رجل كان جالسا مع قوم فمات و هو معهم، أو رجل وجد في قبيلة، و علي باب دار قوم، فادعي عليهم، فقال: ليس عليهم شي ء، و لا يطل دمه» «3».

2- و فيه عن ابن سنان، عن أبي عبد اللّه (ع) نحوه، قال: «لا يطل دمه و لكن يعقل.» «4»

1- قال الشيخ الطوسي، في الجمع بينها و بين الروايات التي فيها «أن يغرّم أهل تلك القرية إن لم توجد بيّنة علي أهل تلك القرية، أنهم ما قتلوه.

قال: لا تنافي بين هذين الخبرين و بين الأخبار المتقدمة، لأنّ الدّية، انّما تلزم اهل القرية و القبيلة الذين وجد القتيل فيهم اذا كانوا متّهمين بقتله و امتنعوا من القسامة حسب ما قدّمناه فيما مضي، فأمّا اذا لم يكونوا متّهمين بقتله، أو أجابوا الي القسامة فلا دية عليهم، و يؤدّي دية القتيل من بيت المال … » «5».

______________________________

(1). المدونة الكبري 6: 420.

(2). انظر جواهر الكلام 41: 196/ كتاب القصاص.

(3). التهذيب 10: 205 ح 13.

(4). التهذيب 10: 205 ح 14 و 15.

(5). التهذيب 10: 205 ح 14 و 15.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 49

2- و قال المحقق الحلّي: «و

لو وجد في قرية مطروقة، أو خلة من خلال العرب، أو في محلة منفردة مطروقة، و إن انفردت، فإن كان هناك عداوة، فهو لوث، و إلّا فلا لوث لأنّ الاحتمال متحقق هنا. و لو وجد بين قريتين، فاللوث لأقربهما اليه، و مع التساوي، في القرب، فهما في اللوث سواء.» «1»

3- و قال السيد الخوئي: «لو ادّعي الولي القتل علي واحد أو جماعة، فإن اقام البيّنة علي مدّعاه فهو، و إلّا فإن لم يكن هنا لوث طولب المدعي عليه بالحلف، فإن حلف سقطت الدعوي، و إن لم يحلف كان له رد الحلف الي المدعي.

و ان كان لوث طولب المدعي عليه بالبيّنة، فإن اقامها علي عدم القتل فهو، و إلّا فعلي المدعي الإتيان بقسامة خمسين رجلا لإثبات مدّعاه، و الّا فعلي المدعي عليه القسامة كذلك، فإن أتي بها سقطت الدعوي و إلّا الزم الدعوي.

و الوجه في ذلك، هو أنّ مقتضي ما دل علي جعل القسامة، و أنّه اذا لم يقسم المدعي كانت القسامة علي المدعي عليه: أنه اذا امتنع عن الحلف، ألزم بالدعوي، و إلّا كان الزامه بالحلف لغوا و هذا ظاهر. ثم قال: بقي هنا شي ء: و هو أنّ المدعي عليه اذا لم يكن شخصا معيّنا و قد وجد القتيل عند طائفة، أو قبيلة، أو قرية، و امتنعوا عن الحلف الزموا بالدّية، و تدل علي ذلك- مضافا الي عدم جواز الاقتصاص ممن لم يثبت أنّه قاتل- صحيحة بريد بن معاوية. و اما ما في صحيحة مسعدة بن زياد من لزوم أداء الدية الي أولياء القتيل بعد حلف المتهمين، فلا دلالة فيه علي اخذ الدّية منهم بل تؤدّي الدية من بيت المال، فانّ دم المسلم لا يذهب

هدرا.» «2»

و لكن بعض السنة يري حبس المدعي عليه حتي يحلف:

1- قال ابن الجلاب: « … فإن نكل المدعون للدم عن القسامة، و ردّت الايمان علي المدعي عليهم، فنكلوا حبسوا حتي يحلفوا، فإن طال حبسهم تركوا، و علي كل واحد منهم مائة جلدة، و حبس سنة» «3».

______________________________

(1). شرايع الإسلام 4: 222- انظر جواهر الكلام 41: 220- و الوسيلة لابن حمزة: 439.

(2). مباني تكملة المنهاج 2: 102- انظر الروضة البهية 10: 73.

(3). التفريع 2: 209 فصل 91.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 50

2- و قال السمرقندي: «و لو وجد في السجن، و لا يعرف من قتله، فعند أبي حنيفة و محمد، علي بيت المال، و عند أبي يوسف، تجب القسامة، و الدية علي أهل السجن» «1».

3- و قال الحنفي الموصلي: «كلّ ميت به أثر، فإذا وجد في محلة لا يعرف قاتله و ادّعي وليه القتل علي أهلها، أو علي بعضهم عمدا، أو خطا، و لا بيّنة له، يختار منهم خمسين رجلا يحلفون باللّه ما قتلناه، و لا علمنا له قاتلا، ثم يقضي بالدية علي أهل المحلة و كذلك إن وجد بدنه، أو أكثره أو نصفه، مع الرأس، فان لم يكن فيهم خمسون، كررت الايمان عليهم، لتتمّ خمسين و من أبي منهم، حبس حتي يحلف، و لا يقضي بالدية، بيمين الولي. «2»

و قال: و يستحلف في القصاص، فان نكل اقتص منه في الأطراف، و في النفوس يحبس حتي يحلف.» «3»

4- و قال الكاساني: «فلهم- أي أولياء الدم- أن يختاروا من يتهمونه و يستحلفون صالحي العشيرة الذين يعلمون أنّهم لا يحلفون كذبا، و لو طولب من عليه القسامة بها فنكل عن اليمين حبس حتي يحلف أو يقرّ»

«4».

الفصل الثاني حبس من دل علي شخص يراد قتله

لم اجد من تعرض له من فقهائنا، و لكن تشمله ادلة التعزير، و منه التعزير بالحبس، إلّا أن نقول إنّ مجرد الدلالة ليست سببا قويا.

و قد يقال: إنّها اعانة علي الإثم، و هي محرّمة، فيعزر علي فعله المحرم، لكن دعوي

______________________________

(1). تحفة الفقهاء 3: 134.

(2). الاختيار 5: 53.

(3). الاختيار 2: 113.

(4). بدائع الصنائع 7: 289.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 51

كلية الكبري- كل اعانة علي الإثم محرّم- أول الكلام «1».

قال الشافعي: «أ رأيتم رجلا دل علي رجل فقتله: و الذي دل يري أنّه سيقتله إن قدر عليه، أ يقتل الدال و القاتل جميعا، و قد دل عليه في موضع لا يقدر علي أن يتخلص منه، ينبغي في قولكم أن تقتلوا الدال كما تقتلون الممسك … ثم قال: هذا ليس بشي ء.. لا يقتل الّا القاتل، و لكن علي الآخر التعزير و الحبس.» «2»

الفصل الثالث حبس من امسك شخصا للقتل

اشارة

وردت روايات- و فيها الصحاح- بحبس الممسك للقتل، مؤبدا و قد أفتي الإمامية بمضمونها، و لا خلاف عندهم في ذلك، بل ادّعي بعضهم الاجماع عليه و قد صرّح السيد المرتضي انّه: مما انفردت الامامية به «3».

و قد اختلف فقهاء السنة فيه فمنهم من وافقنا و منهم من افتي بقتله أو بتعزيره أو بحبسه سنة، أو قال: لا شي ء عليه.

الروايات

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، و محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (ع)، قال: قضي أمير المؤمنين (ع) في رجلين أمسك احدهما، و قتل الآخر، قال: يقتل القاتل، و يحبس الآخر حتي يموت غمّا، كما كان حبسه عليه حتي مات غمّا.» «4»

______________________________

(1). مصباح الفقاهة 1: 430 « … حكم الاعانة علي الإثم: أنه لا دليل علي حرمتها علي وجه الاطلاق، ما لم يكن في البين تسبيب».

(2). الام 7: 331- انظر المحلي 10: 511، مسألة 2090.

(3). انظر الانتصار: 270.

(4). الكافي 7: 287 ح 1- الفقيه 4: 86 ح 2- التهذيب 10: 219 ح 9.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 52

قال العلامة المجلسي: «و هي صحيحة» «1» و قال في المرآة: «صحيح و عليه فتوي الأصحاب.» «2»

2- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، قال: قضي أمير المؤمنين (ع) في رجل شدّ علي رجل ليقتله، و الرجل فارّ منه فاستقبله رجل آخر، فامسكه عليه حتي جاء الرجل فقتله، فقتل الرجل الذي قتله، و قضي علي الآخر الذي أمسكه عليه ان يطرح في السجن أبدا حتي يموت فيه لأنّه امسكه علي الموت.»

«3»

و رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر (ع) مثله «4».

قال المجلسي «موثق بالسند الأول، و صحيح بالسند الثاني و عليه الفتوي.» «5»

3- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (ع): إنّ ثلاثة نفر رفعوا الي أمير المؤمنين واحد منهم أمسك رجلا، و أقبل آخر فقتله، و الآخر يراهم، فقضي في الرؤية أن تسمل عيناه، و في الذي أمسك أن يسجن حتي يموت كما أمسكه، و قضي في الذي قتل أن يقتل» «6».

قال المجلسي الأول: «و بمضمونها عمل الأصحاب لتأيّدها بروايات صحيحة..» «7».

سمل: فقأ عينه بحديدة محماة «8».

4- و فيه: «محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن بعض اصحابه، عن

______________________________

(1). ملاذ الاخيار 16: 462.

(2). مرآة العقول 24: 39.

(3). الكافي 7: 287 ح 2- التهذيب 10: 219 ح 7.

(4). التهذيب 10: 219 ح 8.

(5). ملاذ الاخيار 16: 461.

(6). الكافي 7: 288 ح 4- الفقيه 4: 88 ح 8، و عنه الوسائل 19: 35 ح 3.

(7). روضة المتقين 6: 88.

(8). مجمع البحرين 5: 399.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 53

محمد بن الفضيل، عن عمرو بن أبي المقدام، قال: كنت شاهدا عند البيت الحرام، و رجل ينادي بأبي جعفر المنصور، و هو يطوف، و يقول: يا أمير المؤمنين، إنّ هذين الرجلين طرقا أخي ليلا، فأخرجاه من منزله، فلم يرجع إليّ، و اللّه ما أدري ما صنعا به؟ فقال لهما: ما صنعتما به؟ فقالا: يا أمير المؤمنين كلّمناه، فرجع الي منزله، فقال لهما:

وافياني غدا، صلاة العصر، في هذا المكان فوافوه من الغد، صلاة العصر، و

حضرته، فقال لأبي عبد اللّه جعفر بن محمد (ع)، و هو قابض علي يده: يا جعفر اقض بينهم.

فقال: يا أمير المؤمنين، اقض بينهم انت، فقال له: بحقي عليك إلّا قضيت بينهم، قال:

فخرج جعفر (ع) فطرح له مصلّي قصب، فجلس عليه، ثم جاء الخصماء فجلسوا قدّامه، فقال: ما تقول؟ قال: يا بن رسول اللّه، إنّ هذين طرقا أخي ليلا، فأخرجاه من منزله، فو اللّه ما رجع إليّ، و و اللّه ما ادري ما صنعا به، فقال: ما تقولان؟ فقالا: يا بن رسول اللّه، كلّمناه، ثم رجع الي منزله، فقال جعفر (ع): يا غلام، اكتب «بسم اللّه الرحمن الرحيم، قال رسول اللّه (ص): كلّ من طرق رجلا با للّيل فأخرجه من منزله، فهو له ضامن إلّا ان يقيم البيّنة أنه قد ردّه الي منزله» يا غلام، نحّ هذا فاضرب عنقه، فقال: يا بن رسول اللّه، و اللّه ما أنا قتلته، و لكني امسكته، ثم جاء هذا فوجأه، فقتله، فقال: أنا ابن رسول اللّه، يا غلام نحّ هذا و اضرب عنق الآخر، فقال: يا بن رسول اللّه، و اللّه ما عذبته و لكني قتلته بضربة واحدة، فأمر أخاه فضرب عنقه، ثم أمر بالآخر فضرب جنبيه و حبسه في السجن، و وقّع علي رأسه: يحبس عمره، و يضرب في كل سنة خمسين جلدة» «1».

قال المجلسي: «الحديث صحيح» «2».

و قال في الملاذ: «و لم يذكر ما فيه من التعزير في كل سنة زائدا علي الحبس في غيره من الأخبار، و لم نجد من تعرض له من الأصحاب، و لعله من خصوصيات تلك الواقعة» «3».

______________________________

(1). الكافي 7: 387 ح 3- التهذيب 10: 221 ح 1، بسنده عن عمرو بن ابي المقدام-

دعائم الإسلام 2: 406 ح 1419 مرسلا- و عنه المستدرك 18: 228 ح 1.- المناقب 3: 381- عنه البحار 101: 397 ح 41

(2). مرآة العقول 24: 39.

(3). ملاذ الاخيار 16: 468.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 54

و قال السيد الخوئي: «هي معتبرة» «1».

قوله وجأه: طعنه. قوله وقّع علي رأسه: حكم عليه «2».

5- قال السبزواري: و أما مضمرة عمرو بن أبي المقدام الدالة علي ضرب جنبي المحبوس … فيمكن اختصاصها بموردها، كما أنه يمكن إيكال الضرب و الجلد إلي الحاكم الشرعي فإنه يري ما لا يري غيره.

مهذب الأحكام 28: 197 6- الانتصار: «إنّ النبي (ص) قال فيمن قتل غيره، و أمسك الآخر: أنّه يقتل القاتل، و يصبر الصابر» «3».

7- الجعفريات: «أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا محمد، حدثني موسي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد عن أبيه، عن جده، عن علي (ع) انه أتي برجلين امسك احدهما و جاء الآخر فقتل، فقال: اما الذي قتل، فيقتل، و اما الذي أمسك، فانه يحبس في السجن حتي يموت» «4».

8- الدعائم: «عن أمير المؤمنين (ع)، أنّه قضي في رجل قتل رجلا و آخر يمسكه للقتل، و آخر ينظر لهما لئلا يأتيهم بعد احد، فقضي بأن يقتل القاتل، و ان يمسك الممسك في الحبس بعد أن يجلد، و يخلد في السجن حتي يموت، و يضرب في كل عام خمسين سوطا نكالا، و تسمل عينا الذي كان ينظر لهما.» «5»

9- البحار، عن مقصد الراغب: «قضي علي (ع) في رجل أمسك رجلا حتي جاء آخر فقتله، و رجل ينظر، فقضي بقتل القاتل، و قلع عين الذي نظر و لم يعنه، و خلّد الذي امسك في الحبس، حتي مات.» «6»

10-

المستدرك: «كتاب درست بن أبي منصور: عن بعض اصحابنا، عن أبي عبد اللّه، و عن أبي جعفر (عليهما السلام): في رجل عدا علي رجل و جعل ينادي:

احبسوه احبسوه، قال: فحبسه رجل، و ادركه فقتله، قال: فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يحبس الممسك حتي يموت، كما حبس المقتول علي الموت» «7».

أقول: و لا يمكن الاستدلال بها لإرسالها، و لأنه ليس لنا طريق معتمد الي كتاب

______________________________

(1). مباني تكملة المنهاج 2: 11.

(2). مرآة العقول 24: 40.

(3). الانتصار: 271.

(4). الجعفريات: 125- و عنه المستدرك 18: 227 ح 1.

(5). دعائم الإسلام 2: 409 ح 1426- و عنه المستدرك 18: 228 ح 3.

(6). بحار الأنوار 104: 398 ح 48- و عنه المستدرك 18: 228 ح 5- المناقب 2: 196- و عنه البحار 104: 386.

(7). مستدرك الوسائل 18: 227 ح 4.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 55

درست، اضف الي ذلك، البحث و التأمل في الدلالة: و هل أنّ مجرد الامساك و لو لم يعلم أنّه يريد قتله يوجب السجن المؤبد؟! او يقال بأنّ اطلاق الرواية تحمل علي صورة العلم بأنّه يريد قتله!

القرطبي: «النبي ص: في الذي أمسك رجلا للآخر حتي قتله «اقتلوا القاتل و اصبروا الصابر.» قال أبو عبيد: يعني احبسوا الذي حبسه للموت حتي يموت.»

أقضية رسول الله (ص) ص 11 مجمع بحار الأنوار 3: 286 كنز العمال 15: 10 ح 9 39839 11- الدارقطني: «نا أبو عبيد، نا مسلم بن جنادة، نا وكيع، عن سفيان، عن اسماعيل بن امية، قال: قضي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و سلم: في رجل أمسك رجلا، و قتله الآخر، فقال: يقتل القاتل، و يحبس الممسك.» «1»

12- ابن أبي شيبة: «عيسي بن يونس، عن الأوزاعي،

عن يحيي بن أبي كثير، قال:

إنّ علي بن أبي طالب أتي برجلين، قتل أحدهما و أمسك الآخر، فقتل الذي قتل، و قال للذي أمسك: امسكته للموت، فانا احبسك في السجن حتي تموت» «2».

13- الأم: «عن عطاء بن أبي رباح، عن علي (ع) انه قال في رجل قتل رجلا متعمدا و أمسكه آخر، فقال: يقتل القاتل و يحبس الآخر في السجن حتي يموت» «3».

14- «عن قتادة قال: قضي علي أن يقتل القاتل و يحبس الحابس للموت» كنز العمال 15: 82 ح 40195 15- «إذا أمسك الرجل و قتله الآخر يقتل الذي قتل و يحبس الذي أمسك» كنز العمال 15: 10 ح 39838

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و اذا اجتمع ثلاثة نفر علي انسان، فأمسكه واحد منهم، و تولّي الآخر قتله، و كان الثالث عينا لهم ينذرهم ممن يصير اليهم، أو يراهم، قتل القاتل به و خلّد الممسك له الحبس حتي يموت، بعد ان ينهك بالعقوبة و يسمل عين الثالث» «4».

2- السيد المرتضي: «و مما انفردت به الامامية القول: بأنّ الثلاثة اذا قتل احدهم و امسك الآخر، و كان الثالث عينا لهم حتي فرغوا، أنّه يقتل القاتل و يحبس الممسك ابدا حتي يموت، و تسمل عين الناظر لهم» «5».

3- الشيخ الطوسي: «و اذا اشترك نفسان في قتل رجل فقتله احدهما و امسكه

______________________________

(1). سنن الدارقطني 3: 140 ح 177- انظر مصنف ابن ابي شينبة 9: 372- السنن الكبري 8: 50- مصنف عبد الرزاق 9: 427 و ص 480- المحلي 10: 621- شرح النووي 18: 382- نيل الاوطار 7: 23- كنز العمال 15: 11 ح 39841.

(2). المصنف 9: 373 ح 7848- و عنه المحلي 10: 512. اقضية رسول الله ص:

11.

(3). الام 7: 331- انظر السنن الكبري 8: 51.- كنز العمال 15: 82 ح 40194 عن ابن حبان في الثقات.

(4). المقنعة: 745.

(5). الانتصار: 270.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 56

الآخر، قتل القاتل و حبس الممسك حتي يموت، فإن كان معهما ثالث ينظر لهما، سملت عينه» «1».

4- و قال في المبسوط: «و روي اصحابنا انه يحبس حتي يموت، و قال بعضهم، يعزر، و لا شي ء عليه، و قال بعضهم: إن كان مازحا عزّر، و ان كان للقتل، فعليهما القود» «2».

5- و قال في الخلاف: «روي اصحابنا، إنّ من أمسك انسانا حتي جاء آخر فقتله، إنّ علي القاتل القود، و علي الممسك أن يحبس ابدا حتي يموت و به قال ربيعة، الي أن قال: دليلنا اجماع الطائفة و اخبارهم لأنّهم ما رووا خلافا لما بيّناه..» «3».

6- سلار بن عبد العزيز: «فإن اشتركوا في قتله، لا بأن فعل كل واحد منهم بالعادة الجارية بأن يموت معه. بل بأن يقتله منهم قوم و ينظر لهم آخرون و يمسكه آخرون، قتل من قتله، و أدّي فاضل ديتهم، و خلّد ممسكه الحبس حتي يموت، و سملت عين من نظر لهم.» «4»

7- القاضي ابن البراج: «و اذا اشترك اثنان في قتل انسان فقتله واحد منهما، و امسكه الآخر، قتل القاتل، و حبس الممسك في السجن حتي يموت، و يضرب في كل سنة خمسين سوطا.» «5»

8- السيد ابن زهرة: «.. و خلّد الممسك في الحبس و سملت عين الرقيب بدليل اجماع الطائفة» «6».

ابن ادريس: «و إذا اشترك نفسان في قتل رجل فقتله أحدهما و أمسكه الآخر قتل القاتل و خلد الممسك السجن حتي يموت..» السرائر 3: 345.

9- علي بن حمزة الطوسي: «فإن

اشترك جماعة علي قتل واحد لم يخل من ثلاثة …

أو امسكه واحد و قتله آخر و ربا لهما ثالث، و يلزم القصاص علي القاتل، و التخليد في

______________________________

(1). النهاية: 744.

(2). المبسوط 7: 49.

(3). الخلاف 5: 173، مسأله 36.

(4). المراسم: 238.

(5). المهذب 2: 468.

(6). غنية النزوع: 407.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 57

الحبس علي الممسك و سمل العينين علي الرابي» «1».

10- المحقق الحلي: «و لو امسك واحد و قتل آخر، فالقود علي القاتل دون الممسك، لكن الممسك يحبس ابدا.» «2»

11- و قال في المختصر النافع: «و لو أمسك واحد و قتل الآخر و نظر الثالث، فالقود علي القاتل، و يحبس الممسك أبدا و تفقأ عين الناظر.» «3»

12- يحيي بن سعيد: «فان امسكه واحد و قتله آخر و نظر لهما ثالث، قتل القاتل و حبس الممسك عمره بعد ضرب جنبيه، و ضرب كل عام خمسين جلدة و سملت عينا الناظر.» «4»

13- العلامة الحلي: «و لو أمسكه واحد و قتله آخر، قتل القاتل و حبس الممسك دائما، و لو نظر لهما ثالث سملت عيناه، و لا يرجع احدهم علي الولي بشي ء.» «5»

14- و قال أيضا: «و لو أمسك واحد و قتل آخر، و نظر ثالث: قتل القاتل و خلّد الممسك السجن ابدا، و سملت عين الناظرين» «6».

15- الشهيد الثاني: «قوله: و لو امسك واحد … : هذا أيضا من باب اجتماع السبب و المباشرة مع تغليب المباشرة، و الأصل في ذلك قوله (ص) يقتل القاتل و يصبر الصابر.. و في صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه (ع) قال: قضي أمير المؤمنين (ع) و غيرهما من الأخبار الكثيرة … » «7».

16- العلامة المجلسي: « … و الذي امسك يحبس

حتي يموت» «8».

17- الفيض الكاشاني: «اذا اتفق المباشر و السبب، ضمن المباشر في الأكثر،

______________________________

(1). الوسيلة: 436.

(2). شرايع الإسلام 4: 199.

(3). المختصر النافع: 292.

(4). الجامع للشرائع: 579.

(5). تحير الاحكام 2: 242.

(6). قواعد الاحكام 2: 283.

(7). مسالك الافهام 15: 84.

(8). حدود و قصاص، ديات: 72، و 117 ترجمنا عبارته الي العربية.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 58

كالذابح مع الآمر أو الممسك، فيقتل الذابح اجماعا و يحبس الآخران مخلّدا..» «1».

18- الشيخ محمد حسن النجفي: « … لكن الممسك يحبس ابدا؛ بلا خلاف أجده في شي ء من ذلك، بل عن الخلاف و الغنية و غيرهما الاجماع عليه للمعتبرة المستفيضة، منها صحيح الحلبي، و خبر سماعة … و غيرهما من النصوص..» «2».

19- السيد الخوئي: «لو أمسكه و قتله آخر: قتل القاتل و حبس الممسك مؤبدا حتي يموت، بعد ضرب جنبيه، و يجلد كل سنة خمسين جلدة.» «3»

20- الامام الخميني: «لو أمسكه شخص و قتله آخر و كان ثالث عينا لهم، فالقود علي القاتل، لا الممسك، لكن الممسك يحبس أبدا حتي يموت في الحبس … » «4».

21- السيد الگلپايگاني: «من أمسك رجلا و قتله الآخر، يقتل القاتل و يحبس الممسك حتي يموت» «5».

22- الشيخ الوالد: «الثالث: و لو امسكه واحد و قتله آخر، و نظر ثالث، بدون أن يدافع عن المقتول مع تمكّنه عن الدفاع، قتل القاتل و خلّد الممسك السجن الي أن يموت في السجن و سملت عين الناظر، هذا هو المشهور، بل ادعي عليه الاجماع كما عن الخلاف و الغنية، فالعمدة هي الصحيحة … و في الموثّق … و للنبوي … » «6».

أقول: تتلخص ادلّة الحكم المذكور فيما يلي:

1- دعوي الاجماع، عن السيد المرتضي، و الشيخ الطوسي و

اشار اليه الرياض و الجواهر، لكن قد يقال: بأنه مدركي، أو محتمل المدركية.

2- الروايات: و العمدة فيها الرواية الأولي و الثانية و الثالثة و الثامنة.

3- الشهرة: التي تعضد بعض الروايات الضعيفة سندا.

4- النبوي المعروف: و هو قوله (ص) «يقتل القاتل و يصبر الصابر» و طريقه

______________________________

(1). مفاتيح الشرائع 2: 112.

(2). جواهر الكلام 41: 42.- مناهج المتقين 509.

(3). مباني تكملة المنهاج 2: 11 مسألة 16.

(4). تحرير الوسيلة 2: 463.

(5). مجمع المسائل 3: 209 مسألة 80.

(6). ذخيرة الصالحين 8: 67 (مخطوط).

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 59

ضعيف عندنا، و قد ذكره الشيخ الطوسي ظاهرا للتأييد أو الاحتجاج به علي من صحّ عنده للاحتجاج.

و اما الرياض فقد ذكره مستدلا به. فتأمل.

آراء المذاهب الاخري

23- مالك: «قال مالك في الرجل يمسك الرجل للرجل فيضربه فيموت مكانه:

إنّه إن امسكه و هو يري أنّه يريد قتله قتلا به جميعا. و إن امسكه و هو يري أنّه إنّما يريد الضرب ممّا يضرب به الناس. لا يري أنّه عمد لقتله، فانه يقتل القاتل، و يعاقب الممسك اشدّ العقوبة، و يسجن سنة، لأنّه امسكه، و لا يكون عليه القتل» «1».

24- قال الشافعي: «و اذا حبس الرجل للرجل رجلا أيّ حبس ما كان:

بكتاف او ربط اليدين او امساكهما او إضجاعه له و رفع لحيته عن حلقه فقتله الآخر، قتل به القاتل و لا قتل علي الذي حبسه و لا عقل و يعزر و يحبس لأن هذا لم يقتل و انما يحكم بالقتل علي القاتلين و هذا غير قاتل.» «2»

25- و قال أيضا ابو حنيفة في الرجل يملك الرجل للرجل فيضربه بسلاح فيموت مكانه: «إنّه لا قود علي الممسك، و القود علي القاتل، و لكن الممسك يوجع عقوبة،

و يستودع في السجن» «3».

26- ابن حزم «هل علي الممسك للقتل قود أم لا؟ و كذلك الواقف و الناظر و الربيئة و المصوّب و الدال و المتبع و الباغي؟

الممسك ليس قاتلا، لكنه حبس انسانا حتي مات، فواجب أن يفعل به مثل ما فعل، فيمسك محبوسا حتي يموت.» «4»

27- «و قد روي عن ربيعة الرأي: أنه يقتل القاتل و يحبس الممسك حتي

______________________________

(1). الموطا 2: 873.

(2). الام 6: 30.

(3). الام 7: 330.

(4). المحلي 10: 511 مسألة 2090.- انظر 10: 428.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 60

يموت» «1».

28- ابن قدامة: «و اما الممسك، فإن لم يعلم أنّ القاتل يقتله فلا شي ء عليه … و إن امسكه له ليقتله، مثل أن ضبطه له حتي ذبحه، ففي رواية يحبس حتي يموت، و روي أنه يقتل أيضا.» «2»

29- المرداوي: «قوله: و إن أمسك انسانا لآخر ليقتله، قتل القاتل و حبس الممسك حتي يموت. في احدي الروايتين- و هو المذهب، جزم به الخرقي، و الوجيز و المنوّر، و منتخب الآدمي و غيرهم، و قدمه في المحرر، و النظم، و الفروع و غيرهم.

قال الزركشي: هذا اشهر الروايتين، و اختيار القاضي و الشريف و أبي الخطاب في خلافاتهم، و الشيرازي، و هو من المفردات.

و الاخري: يقتل أيضا الممسك، اختاره أبو محمد الجوزي، و قدمه في الرعايتين و الحاوي الصغير و قال ابن الصيرفي، في عقوبة أصحاب الجرائم: في الممسك القتل.

ذهب بعض أصحابنا المتأخرين الي أنّه تغلّ يد الممسك الي عنقه حتي يموت، و هذا لا بأس به» «3».

30- محمد بن اسماعيل الصنعاني: «و عن ابن عمر، عن رسول اللّه (ص): اذا امسك الرجل، و قتله الآخر يقتل الذي قتل، و يحبس الذي أمسك

و الحديث دليل علي أنه ليس علي الممسك سوي حبسه، و لم يذكر قدر مدّته، فهي راجعة الي الحاكم، و أن القود أو الدية علي القاتل، و الي هذا ذهبت الهادوية و الحنفية و الشافعية للحديث. و لقوله تعالي: «فمن اعتدي «4»..، و ذهب مالك و النخعي و ابن أبي ليلي الي أنهما يقتلان جميعا اذ هما مشتركان في قتله، فانه لو لا الإمساك ما قتل … » «5».

31- الشوكاني: «قال بعد نقله لمرفوعة اسماعيل: اقتلوا القاتل و اصبروا الصابر.

______________________________

(1). الانتصار: 270- نيل الاوطار 7: 23.

(2). المغني 7: 755.

(3). الانصاف 9: 456.

(4). البقرة: 194.

(5). سبل السلام 3: 493.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 61

قال: و الحديث فيه دليل علي أنّ الممسك للمقتول حال قتل القاتل له، لا يلزمه القود، و لا يعد فعله مشاركة حتي يكون ذلك من باب قتل الجماعة بالواحد، بل الواجب حبسه فقط.

و قد حكي صاحب البحر هذا القول عن العترة، و الفريقين يعني الشافعية و الحنفية.» «1»

32- الجزيري: «الحنفية قالوا:.. و الممسك لم يباشره، فلا قصاص عليه، بل يجب عليه التعزير، فيحبسه الإمام في السجن حتي يموت..

الشافعية قالوا:.. و يعزر الذي أمسك حسب ما يراه الحاكم في طول المدة و قصرها، لأنّ الغرض تأديبه و ليس بمقصود استمراره للموت.

المالكية: اذا امسك شخص رجلا و كان يقصد قتله، فقتله آخر و لو لا الإمساك ما قدر القاتل علي قتله، فيجب عليهما معا، الممسك لتسببه و القاتل لمباشرته القتل بنفسه، و قد اشترطوا في وجوب القود عليهما شروطا ثلاثة معتبرة: في الممسك، و هي أن يمسكه لأجل القتل، و أن يعلم أنّ الطالب قاصد قتله، و أن يكون لو لا يمسكه ما

ادركه القتل، فإن امسكه لأجل أن يضربه ضربا معتادا، او كان لم يعلم أنّه يقصد قتله، او كان قتله لا يتوقّف علي امساك له، قتل المباشر وحده، و هو القاتل فعلا، و ضرب الممسك مائة سوط، و حبس سنة كاملا، تأديبا له و تعزيرا.

الحنابلة قالوا: في احدي روايتيهم: يقتل القاتل و يحبس الممسك حتي يموت في جميع الأحوال، و في الرواية الاخري قالوا: انهما يقتلان جميعا علي الاطلاق.» «2»

فروع

الأول: الظاهر أنّ حبس الممسك من جملة حقوق الناس، فيسقط بإسقاطه، و لم أجد من تعرض لهذا الفرع، الّا ما رأيته عن الامام الراحل السيد الخميني- قدّس سرّه-، حيث صرح بذلك، و إليك ترجمة السؤال و الجواب:

______________________________

(1). نيل الاوطار 7: 23.

(2). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 302.- انظر المجموع 18: 383- رحمة الامة 2: 100 السراج الوهاج 4: 8- الميزان الكبري 2: 142- فتح المعين: 136 حلية العلماء 7: 465.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 62

السؤال: «هل حبس الممسك، هو من حقوق الناس كما في القصاص بحيث يسقط بالعفو عنه، أو أنّه حق اللّه و أنّه من الحدود؟

الجواب: انه من حقوق الناس و يسقط بإسقاطه.» «1»

الثاني: الظاهر من أكثر الروايات أنّ المراد من امساكه، امساكه حين فراره، لكي يتمكن منه القاتل و كذا من كلام الطوسي- ره- و من كلام السيد و المحقق و الجواهر، و السيد الخوئي: هو الشد و الضبط، و لكن لا يبعد أن يكون المقصود به الإمساك العرفي فيدور الحكم مداره، إذ ليس للفرار أو شد الوثاق خصوصية، اذ يصدق الامساك علي: إقفال بيت أو طريق، و ما شابه.

الثالث: هل الحبس مؤبد أم محدود بوقت؟ ظاهر رواياتنا و صريح بعضها و

صريح فتاوي فقهائنا و الاجماع المذكور أنّه مؤبد، و لكن يبدو من فقهاء المذاهب الاخري غير ذلك، قال الشوكاني: «و الحبس المذكور جعله الجمهور موكولا الي نظر الإمام في طول المدة و قصرها، لأنّ الغرض تأديبه و ليس بمقصود استمراره الي الموت، و قد أخذ بما روي عن علي (ع) من الحبس الي الموت، ربيعة.» «2»

الرابع: هل يجلد في السجن زائدا علي عقوبة الحبس المؤبد؟

و الجواب: يري البعض ضربه خمسين جلدة في كل سنة، كما عن القاضي ابن البراج في المهذب «3»، و هو رأي السيد الخوئي من المعاصرين «4»، و لم يرد الّا في رواية أبي المقدام «5» و هي مرسلة.

الخامس: ما هي عقوبة الناظر- الرائي-؟ هل هي الفقأ أو السمل؟ أو أنهما بمعني واحد و إن اختلف التعبير في لسان الروايات.

قال الطريحي: «الفقهاء- بالهمزة: الشق، يقال: فقأت عينه أفقاؤها أي: شققتها،

______________________________

(1). موازين قضائي از ديدگاه امام خميني 1: 158.

(2). نيل الاوطار 7: 23.

(3). المهذب 2: 468.

(4). مباني تكملة المنهاج 2: 11.

(5). الكافي 7: 287 ح 3.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 63

و منه الدعاء: افقأ عنّي عيون الكفرة الفجرة: أي شقها و اعمها عن النظر إليّ و تفقّأت السحابة عن مائها، أي: انفقأت و انشقت» «1» و قال: «سملت عينه: اذا فقأتها بحديدة محماة» «2» فالسمل اخص من الفقاء و لذا قال بعض الفقهاء في عقوبة الناظر: «و سملت عين الناظر. هذا هو المشهور.

و قيل يفقأ عين الناظر كما في القوي المعتضد بالشهرة- و اللّه العالم بحقايق الأحكام.» «3»

السادس: هل يحبس الممسك للقطع؟

قال به ابن حزم و المرداوي من ابناء السنة:

1- ابن حزم: «من أمسك آخر حتي فقئت عينه أو قطع عضوه

أو ضرب، الحكم فيه: أن يقتص من الفاقئ، و الكاسر و القاطع و الضارب بما فعل و يعزر الممسك، و يسجن، علي ما يراه الحاكم» «4».

2- المرداوي: «فائدة، مثل هذه المسألة في الحكم: لو امسكه ليقطع طرفه، ذكره في الانتصار، و كذا: إن فتح فمه و سقاه آخر سمّا» «5».

أقول: إنّ الروايات وردت في الممسك علي القتل و لا يمكن التعدي الي الممسك علي القطع الّا بتنقيح المناط القطعي، و هو غير حاصل، و ليس من مذهبنا القياس، فنقف علي مورد النصّ و لا نتعدي منه الي غيره، و يحتمل قويا ان يكون حكمه التعزير لارتكابه المحرم و لم أجد من تعرض له من فقهائنا.

السابع: قد يقال إنه يلحق بالإمساك باليد، الإغفال و المنع عن الفرار و الدفاع بالكذب و الزور. و لكن لا دليل عليه.

______________________________

(1). مجمع البحرين 1: 332.

(2). مجمع البحرين 5: 399.

(3). ذخيرة الصالحين 8: 67، للشيخ الوالد.

(4). المحلي 10: 427 مسألة 2029.- انظر كتاب الحجة للشيباني 4: 404.

(5). الانصاف 9: 457.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 64

الفصل الرابع حبس الآمر بالقتل

اشارة

المشهور عند فقهائنا، حبس الآمر بالقتل، بل ادعي عليه الاجماع كما عن الشهيد الثاني- و به وردت رواية صحيحة و عمل اكثر الاصحاب بها كما صرح بذلك صاحب الجواهر، اما فقهاء المذاهب الاخري فقال بعضهم: يقتل الآمر فقط و قال بعضهم:

يقتل المباشر فقط، و قالوا: قتلهما معا و بعدم قتلهما، و بتعزير الآمر فقط، و نتعرض للروايات، ثم كلمات الفقهاء.

الروايات

1- الكافي: «محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، و عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله؟ فقال: يقتل به الذي قتله، و يحبس الآمر بقتله في السجن، حتي يموت» «1».

و رواه الشيخ في التهذيب باسناده عن احمد بن محمد، عن ابن محبوب مثله. «2»

و رواه الصدوق باسناده عن ابن محبوب مثله الّا أنّه قال: أمر رجلا حرّا. «3»

قال المجلسي: «صحيح، و الحكمان مقطوع بهما في كلام الاصحاب» «4».

2- المحلي: «روينا عن سليمان بن موسي قال: لو أمر رجل عبدا له، فقتل رجلا، لم يقتل الآمر، و لكن يديه «5» و يعاقب و يحبس، فإن أمر حرّا، فإنّ الحر إن شاء اطاعه،

______________________________

(1). الكافي 7: 285 ح 1- و عنه الوسائل 19: 32 ح 1.

(2). التهذيب 10: 219 ح 11- الاستبصار 4: 283 ح 1.

(3). الفقيه 4: 81 ح 17.

(4). مرآة العقول 24: 35.

(5). اي يؤدي الدّية.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 65

و إن شاء لا، فلا يقتل الآمر» «1».

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و اذا أمر انسان حرا بقتل رجل، فقتله المأمور وجب القود علي القاتل، دون الآمر، و كان علي الامام حبسه ما دام حيّا، فان أمر عبده بقتل غيره، فقتله، كان الحكم أيضا مثل ذلك سواء» «2».

2- ابو الصلاح الحلبي: «و من قتل او جرح غيره بغير حق لأمر آمر أو اكراهه، فالقود و القصاص مستحق عليه دون الآمر و المكره، … و يخلّد الآمر و المكره الحبس، حتي يموت» «3».

3- علي بن حمزة الطوسي: «و إن أمر عبدا صغيرا أو كبيرا غير

مميز لزم الآمر القود، و ان كان مميزا كان القصاص علي المباشر، و اذا لزم القود المباشر، خلّد الآمر في الحبس، و إن لزم الآمر، خلّد المباشر في الحبس، إلّا أن يكون صبيا أو مجنونا» «4».

4- السيد ابن زهرة: «و القود علي المباشر للقتل دون الآمر به، أو المكروه عليه، كل ذلك بدليل الاجماع المشار اليه، و قد روي: أنّ الآمر ان كان سيد العبد، و كان معتادا لذلك قتل السيد، و خلّد العبد في السجن و ان كان قادرا قتل و خلّد السيد في الحبس» «5».

5- المحقق الحلي: «اذا اكرهه علي القتل، فالقصاص علي المباشر دون الآمر …

و في رواية علي بن رئاب يحبس الآمر بقتله حتي يموت..» «6».

6- و قال في المختصر: «و لو اكره علي القتل، فالقصاص علي القاتل لا المكره، و كذا

______________________________

(1). المحلي 10: 508.

(2). النهاية: 747.

(3). الكافي في الفقه: 387- انظر المختلف 9: 329 المسألة 30.

(4). الوسيلة: 438.

(5). غنية النزوع: 407.

(6). شرايع الإسلام 4: 199.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 66

لو أمره بالقتل فالقصاص علي المباشر و يحبس الآمر ابدا» «1».

7- العلامة الحلي: «يضمن الآمر فيما يتحقق فيه الاكراه، و أمّا ما لا يتحقق فيه كقتل النفس فانه لا يجب عليه قصاص و لا دية، نعم يحبس دائما الي أن يموت، هذا اذا كان المقهور بالغا عاقلا» «2».

8- الشهيدان: «لو اكرهه علي القتل فالقصاص علي المباشر دون الآمر، و لكن يحبس الآمر حتي يموت- و يدلّ عليه مع الاجماع صحيحة زرارة عن الباقر (ع) في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله- هذا اذا كان المقهور بالغا عاقلا.» «3»

9- الحلي في القواعد: «أن يعتدل السبب و المباشر كالإكراه مع القتل،

و هنا القصاص علي المباشر، و لا دية علي المكره، بل يحبس دائما، و لا كفارة أيضا، و يمنع من الميراث علي إشكال، و علي كل تقدير يضمن الآمر في كل ما يتحقق فيه الاكراه، أمّا ما لا يتحقق فيه كقتل النفس، فانه لا يجب عليه القصاص و لا دية، نعم يحبس دائما الي أن يموت «4» إذا كان المقهور بالغا عاقلا.»

10- الشهيد الثاني: «و اما المكره فيخلّد الحبس لرواية علي بن رئاب عن زرارة عن أبي جعفر (ع).. و نسبة المصنف «5» الحكم الي الرواية، يؤذن بالتوقف فيه، و لا بأس به لصحة الرواية» «6».

11- السيد الطباطبائي: «.. و يحبس الآمر حتي يموت في المشهور، بل عليه الاجماع في الروضة و غيرها و هو الحجة مضافا الي الصحيح في رجل أمر رجلا..» «7».

12- الشيخ محمد حسن النجفي: «قال بعد كلام المحقق: في رواية علي بن رئاب

______________________________

(1). المختصر النافع: 293.

(2). قواعد الاحكام 2: 281.- انظر تفصيل الأقوال في المهذب البارع 5: 147.

(3). الروضة البهية 10: 27.

(4) قواعد الاحكام 2: 283.

(5). اي المحقق الحلي في الشرائع.

(6). مسالك الافهام 10: 86.

(7). رياض المسائل 16: 190.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 67

يحبس الآمر.. قال: و لا بأس بالعمل بها بعد صحّتها و عمل غير واحد من الأصحاب بها» «1».

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 67

13- المامقاني: «اذا أكرهه الظالم علي قتل شخص بأن توعده بالقتل … نعم يحبس علي الاظهر حتي يموت» مناهج المتقين: 509.

14- السيد الخوئي: «لو أمر غيره بقتل

احد، فقتله، فعلي القاتل القود، و علي الآمر الحبس مؤبدا الي أن يموت، و لو أكرهه علي القتل، فان كان ما توعد به دون القتل، فلا ريب في عدم جواز القتل، و لو قتله- و الحال هذه- كان عليه القود، و علي المكره الحبس المؤبّد، و ان كان ما توعد به هو القتل، فالمشهور أنّ حكمه حكم الصورة الأولي، و لكنه مشكل و لا يبعد جواز القتل عندئذ، و علي ذلك فلا قود، و لكن عليه الدية، و حكم المكره بالكسر في هذه الصورة حكمه في الصورة الأولي، هذا اذا كان المكره بالفتح بالغا عاقلا. و امّا اذا كان مجنونا او صبيّا غير مميز، فالقود علي المكره و اما اذا كان صبيا مميزا فلا قود لا علي المكره و لا علي الصبي، نعم علي عاقلة الصبيّ الدية، و علي المكره الحبس مؤبدا.» «2»

15- الامام الخميني: «لو اكرهه علي القتل، فالقود علي المباشر إذا كان بالغا عاقلا دون المكره و ان أوعده علي القتل، و يحبس الآمر به أبدا حتي يموت، و لو كان المكره مجنونا أو طفلا غير مميز فالقصاص علي المكره الآمر، و لو أمر شخص طفلا مميزا بالقتل، فقتله، ليس علي واحد منهما القود، و الدية علي عاقلة الطفل، و لو أكرهه علي ذلك فهل علي الرجل المكره القود أو الحبس أبدا؟ الأحوط الثاني.» «3»

16- السيد الگلپايگاني: «.. من أمر غيره بالقتل، فقتل، يقتل القاتل، و يحبس الآمر.» «4»

17- الشيخ الوالد: «يحبس الآمر في السجن حتي يموت، هذا هو المشهور، بل عليه الاجماع، و المستند و العمدة هو الصحيح.» «5» و هي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام.

______________________________

(1). جواهر الكلام 41: 45.

(2).

مباني تكملة المنهاج 2: 13، مسألة 17.

(3). تحرير الوسيلة 2: 463، مسألة 34.

(4). مجمع المسائل، 3: 209- انظر 204.

(5). ذخيرة الصالحين 8: 66 (مخطوط).

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 68

آراء المذاهب الاخري

18- ابن حزم: «من أمر غيره بقتل انسان فقتله المأمور، قال علي: اختلف الناس في هذا، فقالت طائفة: يقتل الآمر وحده، و قالت طائفة: يقتل المأمور وحده و قالت طائفة: يقتلان جميعا، و قالت طائفة: لا يقتل واحد منهما … الي أن قال: فسواء أمر عبده أو عبد غيره، أو صبيا أو بالغا أو مجنونا اذا كان متولّي القتل أو الجناية بالقطع أو الكسر أو الضرب أو أخذ المال انّما فعل كل ذلك بأمر الآمر و لو لا أمره لم يفعله فالآمر و المباشر فاعلان لكل ذلك جميعا، و أما اذا أمره ففعل ذلك باختياره طاعة للآمر، فالمباشر وحده القاتل و القاطع و الكاسر و الفاقئ و الجاني، فعليه القود وحده و لا شي ء علي الآمر لأنه لا خلاف في أنّه لا يقع عليه هاهنا اسم قاتل و لا قاطع و لا جالد، و لا كاسر، و لا فاقئ، و انما الأحكام للأسماء فقط..» «1».

19- الموصلي: «و لو أكره بالقتل علي القتل، لم يفعل، و يصبر، حتي يقتل، فان قتل اثم، و القصاص علي المكره.» «2»

20- المرداوي: «قوله: «و ان أمر كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل به: فقتل فالقصاص علي القاتل» - و هذا المذهب، نص عليه، و عليه الأصحاب.

و امّا الآمر؛ فالصحيح من المذهب: انّه يعزر لا غيره نص عليه. و قدّمه في الفروع و الرعايتين، و الحاوي، و غيرهم.

و عنه: يحبس كممسكه، و في المبهج رواية: يقتل أيضا.

و عنه: يقتل بأمره عبده،

و لو كان كبيرا عاقلا عالما بتحريم القتل.» «3»

أقول: و حاصل الأدلة في المقام:

1- خبر ابن رئاب عن الباقر (ع) و هو العمدة في المسألة و قد وصفه المحقق بالرواية، و الشهيد الثاني في الروضة، و صاحب الرياض و الجواهر بالصحيحة، و كذا

______________________________

(1). المحلي 10: 511- 508.- انظر 10: 359 أيضا.

(2). الاختيار 2: 108.

(3). الانصاف 9: 454.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 69

من المعاصرين كالسيد الخوئي و الشيخ الوالد.

و يظهر من صاحب الجواهر أن ضعفها بسهل بن زياد مجبور بعمل الأصحاب، فان لم نقل بأن عملهم جابر، أو أن الأمر في سهل سهل «1»، فيشكل ثبوت الحكم بهذه الرواية.

لكن الصدوق رواها عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن زرارة «2»، و طريقه الي ابن محبوب صحيح «3» و هو: محمد بن موسي بن المتوكل، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، و سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب» «4».

2- الإجماع: الذي ادّعاه الشهيد الثاني في الروضة، و عنه الرياض، و نقله الوالد.

3- الشهرة: التي ادعاها صاحب الرياض، و من المعاصرين: السيد الخوئي.

أقول: يكفي في المقام الصحيحة التي رواها الصدوق، و لولاها لأمكن الخدشة في الاجماع بأنه مدركي، و الشهرة بأنها لم تثبت.

و الظاهر أنهما- الآمر، و المكره- متباينان مفهوما، و اما مصداقا فانهما من وجه أو مطلق بحيث يكون الأمر، اعم من الإكراه. معني الإكراه: من الكره، و الكره، بالفتح بمعني الإباء و المشقة تكلفها فتحتملها، و الكره- بالضمّ- المشقة تحتملها من غير أن تكلفها قالها ابن سيده، و قال الفراء: الكره ما اكرهك غيرك عليه و بالضم ما اكرهت نفسك عليه، اكرهته؛ حملته علي امر

هو له كاره. «5»

و الأمر: هو طلب العالي من الداني شيئا، و لعل ذلك الشي ء لم يكن موردا لكراهة المأمور، كما انه لا يمكن فيه توعد و تهديد.

لكن الفقهاء: لم يفرضوا كلّا من العنوانين علي حدة بل ذكروهما معا: اما لأجل

______________________________

(1). انظر معجم رجال الحديث 8: 340.

(2). الفقيه 4: 81 ح 17.

(3). انظر معجم رجال الحديث 5: 91.

(4). الفقيه- المشيخة- 4: 49.

(5). لسان العرب 13: 534.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 70

أن الاكراه غالبا لا يكون بدون الأمر، و اما لأجل أن الحكم فيهما واحد، و ان اختلفا موضوعا. أو لأنهما بمعني واحد فهما مترادفان؛ فتأمل.

فائدة: لو كان المتوعد علي المكره هو القتل، فقد تفرد السيد الخوئي علي ما نعلم، بجواز القتل، و لا قصاص عليه، بل تجب الدّية «1»، و ذلك لعدم شمول الاكراه الوارد مورد الامتنان، المقام. و انّ المورد من تزاحم الواجب مع الحرام- وجوب حفظ نفسه، و حرمة قتل الغير- و لكن لا يذهب دم امرئ مسلم هدرا فيجب عليه الدية.

أقول: علي فرض كون المورد من باب التزاحم و تساوي الملاكين، فلا وجه لتحمله الدّية، لأنّ حفظ نفسه المستلزم لقتل الغير كان بأمر من الشارع، فالدّية من بيت المال، فتأمل، فان المورد من قبيل تجويز أكل مال الغير عام المجاعة.

الفصل الخامس حبس من خلّص القاتل من القصاص

اشارة

وردت رواية صحيحة عن الصادق (ع) بحبس من خلّص القاتل من أيدي أولياء المقتول الي أن يحضره، و قد تعرض فقهاؤنا لهذه المسألة في كتابي الكفالة و الحدود، و قد أفتي جمع منهم بمضمونها. منهم: الحلبي و يحيي بن سعيد و المحدّث البحراني، و صاحبا الجواهر و مفتاح الكرامة، و كذا جمع من المعاصرين، كما أفتي الآخرون بضمانه الدّية أو

احضار القاتل، اما المذاهب الاخري فلم نعثر لهم فيه علي رأي.

الروايات

1- الكافي: «محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد و علي بن ابراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب عن حريز عن أبي عبد اللّه (ع) قال: سألته عن رجل قتل رجلا عمدا فرفع الي الوالي، فدفعه الوالي الي أولياء المقتول ليقتلوه، فوثب عليهم قوم

______________________________

(1). مباني تكملة المنهاج 2: 13.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 71

فخلّصوا القاتل من أيدي الأولياء، فقال (ع): أري أن يحبس الذين خلّصوا القاتل من أيدي الأولياء حتي يأتوا بالقاتل. قيل: فإن مات القاتل و هم في السجن؟ قال:

فإن مات فعليهم الدّية يؤدّونها جميعا الي أولياء المقتول.» «1»

و رواه الصدوق في الفقيه بسند صحيح «2».

و رواه الشيخ في التهذيب، و فيه: «فدفع الي الوالي» «3».

و رواه الحر العاملي، عن الكافي و الفقيه و التهذيب، بزيادة: «أبدا» «4».

قد يناقش دلالة الرواية علي وجوب الحبس و لكن يجاب بثبوت الحبس من جهة اخري و هي حرمة المنع عن اجراء حدود الله تعالي و لكنه ليس استدلالا بالرواية حينئذ قال الخونساري: «و ظاهر هذه الرواية تعين الاحضار لا التخيير بين الاحضار و الدية و الرواية في خصوص القتل العمدي و التعميم منوط بالقطع بعدم الفرق … » جامع المدارك 3: 391.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و من خلّي قاتلا من يد وليّ المقتول بالجبر و الاكراه، كان ضامنا لدية المقتول، إلّا أن يردّ القاتل الي الوليّ و يمكّنه منه» «5».

2- ابو الصلاح: «و من خلّص قاتل عمد من أولياء مقتوله قسرا، أخذ بإحضاره، فان أحضره، و إلّا حبس حتي يحضره، فان مات القاتل فعليه الدّية» «6».

3- يحيي بن سعيد: «و يحبس مفلّت من يقاد من يد وليّ القود قهرا حتي يحضره

فان مات هاربا الزم المحبوس بالدّية» «7».

4- العلّامة الحلّي: «من أطلق غريما من يد صاحب الحق قهرا ضمن احضاره، أو أداء ما عليه. فلو كان قاتلا لزمه احضاره أو دفع الدّية، و مع الدفع اذا حضر القاتل هل يقتل و يستعيد الدافع من الأولياء؟ و فيه إشكال، فليس للدافع قتل القاتل، و هل له الزامه بما أدّي عنه علي تقدير انتفاء جواز قتله؟ فيه نظر» «8».

______________________________

(1). الكافي 7: 286 ح 1.

(2). الفقيه 4: 80 ح 15.

(3). التهذيب 10: 223 ح 8.

(4). وسائل الشيعة 19: 34 ح 1، 13: 161 ح 1.

(5). النهاية: 316.

(6). الكافي في الفقه: 395.

(7). الجامع للشرائع: 571.

(8). تحرير الاحكام 1: 225.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 72

5- و قال أيضا: «و لو كان قاتلا لزمه احضاره، أو الدية، فان دفعها ثم حضر الغريم تسلط الوارث علي قتله، فيدفع ما اخذه وجوبا، و ان لم يقتل، و لا يتسلط الكفيل لو رضي هو و الوارث بالمدفوع علي المكفول بدية، و لا قصاص.» «1»

6- و قال المجلسي الأول: «روي ابن محبوب عن أبي ايّوب في الصحيح كالشيخين، عن حريز … : و يدل علي أنّ من خلّص القاتل من أيدي أولياء الدم يكون كفيلا له و يحبس الي أن يحضر القاتل، فإن مات لزمه الدية؛ و ان كانوا جماعة، و هذا مخصوص بالدم بخلاف سائر الحقوق، و هل حكم القصاص في الأطراف حكمه؟ فيه إشكال.» «2»

7- و قال المجلسي الثاني: «الحديث صحيح، و المشهور بين الأصحاب أنه يلزمه:

اما احضاره، أو الدية، و ظاهر الخبر أنّه يلزمه ابتداء تكليف الاحضار و الحبس، فان مات القاتل، فالدية، و يمكن حمله علي المشهور.» «3»

8- و قال

الحر العاملي: «و من خلص القاتل من يد الولي وجب عليه احضاره أو الدية … » «4».

9- و قال المحدّث البحراني، بعد نقله صحيحة حريز: «و هذا الخبر كما تري ظاهر الدلالة في أنّ حكم المسألة الثانية انّما هو حبس من أطلق للقاتل حتي يحضره، و لا تعرض فيه لما ذكروه من التخيير: بين احضاره و بين دفع الدّية، و الامام (ع) إنما أوجب عليه الدية بعد موت القاتل و عدم احضاره، فهو ظاهر في أنّه مع حياة القاتل فليس الحكم الّا احضاره، و تسليمه الي أولياء الدم … الي ان قال: حيث لم يفرق بين كون قتل العمد و غيره، و في هذا أيضا ما في سابقه، فانّ وجوب الدية علي المخلّص انّما ثبت في صورة موت القاتل خاصة، كما عرفت من الخبر المتقدم، بمعني أنّ المخلص له، لم يسلمه حتي مات، و إلّا فمع حياته، فالحكم انّما هو احضاره، فيحبس المخلّص له حتي

______________________________

(1). قواعد الاحكام 1: 183.

(2). روضة المتقين 10: 328- انظر كتابه الفتوائي: «فقه فارسي» ص 102.

(3). ملاذ الاخيار 16: 470- و مثله في مرآة العقول 24: 38.

(4). بداية الهداية 2: 479.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 73

يحضره.» «1»

10- الشيخ النجفي: «و لو كان المطلق بالفتح قهرا قاتلا عمدا لزمه احضاره أو دفع الدّية مع التعذر، و لو بموت بلا خلاف أجده فيه أيضا، بل عن الصيمري الاجماع عليه للصحيح، أو الحسن، عن أبي عبد اللّه.. و منه يعلم ارادة ذلك من التخيير المزبور في المتن و غيره، نعم لو كان القتل موجبا للدّية علي المطلق اتّجه التخيير المزبور علي الوجه الذي تقدّم.» «2»

كما أورد صاحب الجواهر في مسألة سقوط الدّية

بموت القاتل، و لكن لم يتعرض لحكم هذا الفرع هناك «3».

11- السيد العاملي: «و هو- رواية حريز- ظاهر في خلاف ما ذكروه من التّخيير بين احضاره، و بين دفع الدّية و ظاهر في أنّه مع حياة القاتل ليس الحكم الّا احضاره و تسليمه، كما هو مقتضي الكفالة.

و منه يفهم حكم المسألة الأولي- من أطلق غريما من يد صاحب الحق- فان مرجع المسألتين الي أمر واحد و هو من أطلق من عليه حق من يد غريمه قهرا فانه يضمنه و يجب عليه احضاره و تسليمه لمن أخذه من يده أو أنّ للحاكم أن يحبسه كما يحبس الكفيل حتي يحضره … » «4»

12- السيد الخوئي: «لو اراد أولياء المقتول القصاص من القاتل، فخلصه قوم من ايديهم، حبس المخلّص حتي يتمكن من القاتل، فان مات القاتل أو لم يقدر عليه، فالدّية علي المخلص.

و قال في هامشه: «تدل علي ذلك صحيحة حريز» «5».

13- السيد الگلپايگاني: «و من خلّص القاتل من يد وليّ المقتول، يحبس ابدا،

______________________________

(1). الحدائق الناضرة 21: 72.

(2). جواهر الكلام 26: 199.

(3). جواهر الكلام 41: 311.

(4). مفتاح الكرامة 5: 440.

(5). مباني تكلمة المنهاج 2: 126.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 74

حتي يأتي بالقاتل..» «1»

14- الشيخ الوالد: «و لو كان قاتلا لزمه احضاره، و دفعه الي اولياء المقتول أو دفع الدية عنه، و لعل وجهه أن يده يده فعليه ضمانه و ضمان ما غصبه أو قتله..» «2» ثم أورد ما قاله الحدائق.

15- السبزواري: لو أراد الولي القود من الجاني فخلصه شخص منه، سجن الشخص حتي يتمكن الولي من الجاني فإن مات الجاني أو لم يقدر عليه فالدية علي الشخص الذي خلصه.

لقاعدة التسبيب، و عن الصادق في معتبرة حريز

28: 312.

أقول: إنّ الرواية صحيحة، فلا بد من الفتوي بمضمونها، و هو الحبس الي أن يحضر القاتل، و لا نري وجها لدعوي التخيير بين الاحضار و الدّية، كما عن شيخ الطائفة. و قد أفتي الحلبي من القدماء و المحدّث البحراني، و السيد الخوئي، و السيد الگلپايگاني من المتأخرين و المعاصرين بمضمونها، و لعله الأقرب.

و قد يقال بثبوت الحبس بدليل آخر، و هو: إنّ الحاكم يحبس في مورد حقوق الناس و هذا منه، كما اشار اليه الشهيد الأول فقال: «القاعدة 217: ضابط الحبس توقف استخراج الحق عليه» «3».

الفصل السادس حبس من يقوم بالاغتيال

الروايات

1- قرب الاسناد: «و عنه عن جعفر بن محمد، عن أبيه (ع) إن عليا عليه السلام، خرج يوقظ الناس لصلاة الصّبح، فضربه عبد الرحمن بن ملجم بالسيف علي أمّ رأسه، فوقع علي ركبتيه، فأخذه، فالتزمه، حتي أخذه الناس، و حمل عليّ حتي أفاق، ثم قال للحسن و الحسين عليهما السلام، احبسوا هذا الأسير و أطعموه و اسقوه، و أحسنوا اساره، فان عشت، فانا أولي بما صنع بي، إن شئت استنقذت، و إن شئت عفوت و إن شئت

______________________________

(1). مجمع المسائل 3: 209.

(2). ذخيرة الصالحين 5: 185.

(3). القواعد و الفوائد 2: 192.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 75

صالحت، و إن متّ، فذلك إليكم، فان بدا لكم، أن تقتلوه، فلا تمثلوا به.» «1»

2- التهذيب: «محمد بن أحمد داود … عن أبي مطر قال: لما ضرب ابن ملجم الفاسق لعنه الله أمير المؤمنين ع قال له الحسن ع أقتله؟ قال: لا و لكن احبسه فاذا مت فاقتلوه، و إذا مت فادفنوني في هذا الظهر في قبر أخوي هود و صالح عليهما السلام التهذيب 6: 33 ح 10- عنه البحار 11: 379-

قال المجلسي: «مجهول» ملاذ الاخيار 9: 84.

3- البحار: «عن الإمام العسكري و أما كلام الذراع المسمومة فان رسول الله ص لما رجع من خيبر جاءته امرأة من اليهود قد أظهرت الإيمان و معها ذراع مسمومة مشوية وضعتها بين يديه …

إذ أنطق الله الذراع فقالت: يا رسول الله لا تأكلني فاني مسمومة … فقال ص ايتوني بالمرأة ثم أمر بها فحبست … » البحار 17: 319 أقول: نقلها المجلسي عن التفسير المنسوب إلي الإمام العسكري:

و فيه اختلاف فعن كثير من الأعاظم: أنه من الكتب المعتمدة بين الإمامية كالصدوق و الطبرسي و الراوندي و ابن شهرآشوب و الكركي و الشهيد الثاني و المجلسي الأول و الثاني و الحر العاملي و الفيض و البحراني و الحويزي و الطبسي و رده آخرون كابن الغضائري و العلامة الحلي و التفرشي و الداماد و الأردبيلي و القهپائي و البلاغي و السيد الخوئي و ثالث: إن شأن هذا التفسير شأن سائر الروايات الواردة عنهم عليهم السلام يريدون بذلك أنه لا بد من التحقق في صحة ما ورد فيه» انظر كتاب درر الأخبار ج 1 و تقرير أبحاثنا في مجلة الكوثر 4- المصنف: «أخبرنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: اخبرني عبد الكريم، أخبرني قثم مولي الفضل، أنّ عليا دعا حسينا و محمدا، فقال: بحقّي لما حبستما الرجل، فان متّ منها، فقدّماه فاقتلاه، و لا تمثلا به، قال: فقطعاه و حرّقاه، قال: و نهاهما الحسن رضي اللّه عنه» «2».

أقول: و عبد الكريم مشترك بين ثقة و ضعيف سيما إذا كان: ابن أبي المخارق فقد صرحوا بضعفه (تهذيب الكمال 12: ص 13) الجوهر النقي: «إنّ ابن ملجم دخل في المسجد في فروع الفجر الأول،

فدخل في الصلاة تطوعا، ثم افتتح القراءة، فجعل يكرر هذه الآية (وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغٰاءَ) «3» قأقبل علي و بيده محسر (كذا) يوقظ الناس للصلاة فمر بابن ملجم و هو يردد الآية، فظن انه تعيّا فيها، ففتح له (وَ اللّٰهُ رَؤُفٌ بِالْعِبٰادِ) 4 ثم انصرف علي، فتبعه فضربه علي قرنه، فقال علي: احبسوه ثلاثا و اطعموه و اسقوه، فان أعش أري فيه رأيي، و إن امت فاقتلوه، و لا تمثّلوا به، فمات و أخذه عبد اللّه بن جعفر فقطع يده و رجليه، فلم يجزع، و أرادوا قطع لسانه فجزع، فقيل له ما هذا الجزع علي لسانك وحده، قال اني أكره أن تمرّ بي ساعة من نهار، لا اذكر اللّه فيها، ثم قطعوا لسانه و ضربوا عنقه» «5».

أقول: الزيادة المذكورة في روايتي المصنف و الجوهر محل تأمل، خاصة مع ملاحظة أنّ أحدا لم يذكر أنّ ابن ملجم كان من أهل الذكر و العبادة، فقد ثبت عند الفريقين من مقام الامام الحسين (ع) و أخيه محمد و ابن عمه عبد اللّه بن جعفر و إطاعتهم الكاملة لأمير المؤمنين (ع) و للإمام الحسن (ع) و قد ورد من طرقنا قول أمير المؤمنين (ع):

«إن عشت رأيت فيه رأيي، و ان هلكت فاصنعوا به ما يصنع بقاتل النبي فسئل عن

______________________________

(1). قرب الإسناد: 143 ح 509- و عنه الوسائل 19: 96 ح 4 و فيه «استقدت» - و عنه المستدرك 11: 78 ح 1- و عنه جامع احاديث الشيعة 13: 179 ح 5، انظر المناقب لابن شهر آشوب 3: 312- بحار الأنوار 42: 218 ح 20.

(2). مصنف عبد الرزاق 1: 154 ح 18672.

(3) 3 و 4. البقرة: 207.

(5).

الجوهر النقي (بهامش السنن الكبري 8: 59- عن الامامة و السياسة: 160- بتفاوت).

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 76

معناه، فقال: اقتلوه ثم احرقوه بالنار» «1».

«فلما توفي امير المؤمنين (ع) و دفن، جلس الحسن و أمر به فضرب عنقه، و استوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته لتتولّي احراقها، فوهبها لها فأحرقتها بالنار» «2».

وجه الاستدلال بهذه الرواية أنها دلت علي جواز حبس من اقدم علي الاغتيال و خشي علي المغتال الموت فيحبس للاستظهار، و لا خصوصية للثلاثة أيام الواردة في كلام أمير المؤمنين (ع) لاحتمال أن يكون عارفا بمدة بقائه بأخبار النبي (ص) فيجوز الحبس أكثر منها، و قد يناقش ذلك: بأن المورد خاص بأمير المؤمنين (ع) و لا يصحّ الغاء الخصوصية فيه و في أمثاله من القضايا الخاصة أو المحتملة الخصوصية في واقعة معينة.

الفصل السابع حبس القاتل بعد عفو الأولياء

اشارة

وردت روايتان بحبس القاتل بعد عفو الأولياء:

أحدها من طرقنا بسند حسن موثّق رواها الشيخ الطوسي في التهذيبين و الشيخ الصدوق في الفقيه. و لكن أفتي العلامة الحلي بعدم جواز الحبس و الضرب، و يظهر من بعض المعاصرين القول به إلّا أن يعفو الحاكم.

و الثانية رواها البستي في معالم السنن عن أنس بن مالك و عبّر عنها بما يشعر بضعفها، و يبدو أنّه يقول بعدم جواز الحبس كما هو رأي الشافعية و الحنابلة، و قال مالك و الليث و الأوزاعي: يضرب و يحبس سنة.

الروايات

1- الكافي: «علي بن ابراهيم عن أبيه، عن أحمد بن الحسن الميثمي عن ابان عن

______________________________

(1). المناقب لابن شهر آشوب 3: 312 و عنه البحار 42: 229، 230- و ما روي في البحار 42: 297، عن أبي مخنف فضعيف المأخذ.

(2). المناقب لابن شهر آشوب 3: 313- و عنه البحار 42: 229، 230.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 77

الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي جعفر (ع) عشرة قتلوا رجلا فقال: إن شاء أولياؤه قتلوهم جميعا و غرّموا تسع ديات، و ان شاءوا تخيّروا رجلا فقتلوه، و أدّي التسعة الباقون الي أهل المقتول الأخير عشر الدّية كل رجل منهم، قال: ثم إنّ الوالي بعد يلي أدبهم و حبسهم.» «1»

و رواه الصدوق باسناده عن القاسم بن محمد، عن ابان عن الفضيل بن يسار «2».

و رواه الشيخ الطوسي في التهذيب «3» و الاستبصار «4»، عن الكافي.

و قال المجلسيان: «حسن موثق» «5».

أقول: يظهر من ذيل الرواية جواز الحبس تعزيرا فلا ينحصر التعزير بالجلد و الضرب و سيأتي الإشارة إليه في آخر الكتاب.

آراء فقهائنا

1- قال العلامة الحلّي: «و اذا عفي عن القاتل سقط عنه القصاص و القود و لا يحبس سنة و لا يضرب.» «6»

2- ولاية الفقيه: « … و الظاهر أنّ المراد بالأدب الضرب، فمقتضي الحديثين أنّ القاتل عمدا اذا ادّي الدّية كان للوالي تعزيره و حبسه أيضا، للحق العام الاجتماعي، اللهم إلّا أن تقتضي المصلحة عفوه.» «7»

اقول: يظهر أنّه يميل الي القول بجواز الحبس، و لم أجد من تعرض لهذا الفرع من فقهائنا غير العلامة.

و ابان بن عثمان ثقة و ان كان فاسد المذهب «8»، و الرواية و إن كانت موافقة للعامة لكن لا يوجد لها معارض.

______________________________

(1). الكافي 7:

283 ح 4.

(2). الفقيه 4: 85 ح 1.

(3). التهذيب 10: 217 ح 1.

(4). الاستبصار 4: 281 ح 1.

(5). روضة المتقين 10: 345- ملاذ الاخيار 16: 459- مرآة العقول 24: 31.

(6). تحرير الاحكام 2: 256.

(7). ولاية الفقيه 2: 505.

(8). انظر معجم رجال الحديث 1: 157.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 78

آراء المذاهب الاخري

1- قال مالك: «في القاتل عمدا اذا عفي عنه: أنه يجلد مائة جلدة و يسجن سنة.» «1»

2- المدوّنة: «أ رأيت إن عفوت عن هذا العبد علي أن يكون العبد لي، و قد قتل وليّي عمدا، فاخذته أ يضرب مائة، و يحبس عاما في قول مالك؟ قال: نعم. و ذلك رأيي.

قلت: و كذلك لو اقرّ أنّه قتل وليّ هذا الرجل عمدا، فعفا عنه هذا الرجل، أ يضرب مائة و يحبس عاما؟ قال: نعم كذلك. قال مالك: إنّه يضرب مائة، و يحبس عاما.

قلت: أ رأيت لو أنّ رجلا من أهل الذمة أو عبدا لرجل من المسلمين أو لرجل من أهل الذمة قتلا رجلا من المسلمين أو من أهل الذمة أ تضربهما مائة و تحبسهما عاما في قول مالك؟ قال: قال لي مالك: في الذي يقتل عمدا فيعفو أولياء الدم عنه انه يضرب مائة و يحبس عاما، فأري في هذا انهما يضربان مائة و يحبسان عاما، كل من قتل عمدا اذا عفي عنهم، عبيدا كانوا أم إماء أو احرارا، مسلمين كانوا أو ذميين، أو عبيدا لأهل الذمة، فهم في ذلك سواء.» «2»

3- و قال الشافعي: «كل من قتل في حرابة أو صحراء أو مصر أو مكابرة أو قتل غيلة علي مال أو غيره أو قتل نائرة، فالقصاص و العفو الي الأولياء و ليس الي السلطان من ذلك

شي ء الّا الأدب اذا عفا الولي.» «3»

4- قال البستي بعد نقله لحديث وائل بن حجر، عن النبي (ص) في قاتل جي ء به الي النبي (ص) و دعا (ص) وليّ المقتول، و طلب منه العفو، فأبي، و اعطاه الدية فأبي، الّا القتل..

قال: «و فيه دليل علي أنّ القاتل اذا عفا عنه لم يلزمه التعزير و حكي عن مالك بن

______________________________

(1). الموطا 2: 874.

(2). المدونة الكبري 6: 403.

(3). الام 8: 329.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 79

أنس أنّه قال: يضرب بعد العفو مائة و يحبس سنة.» «1»

5- و قال ابن رشد: «و اختلفوا في القاتل عمدا، يعفي عنه، هل يبقي للسلطان فيه حق أم لا؟ فقال مالك و الليث: إنّه يجلد مائة و يسجن سنة، و به قال أهل المدينة، و روي ذلك عن عمر.

و قالت طائفة؛ الشافعي و احمد و اسحاق و ابو ثور: لا يجب عليه ذلك؛ عن عمر.

و قال ابو ثور: إلّا أن يكون يعرف بالشر فيؤدّبه الامام علي قدر ما يري. و لا عمدة للطائفة الأولي الّا أثر ضعيف، و عمدة الطائفة الثانية: ظاهر الشرع، و أنّ التحديد في ذلك لا يكون الّا بتوقيف، و لا توقيف ثابت في ذلك.» «2»

6- و قال ابن قدامة: «اذا عفا عن القاتل مطلقا صح و لم تلزمه عقوبة، و بهذا قال الشافعي و اسحاق و ابن المنذر و ابو ثور، و قال مالك و الليث و الأوزاعي: يضرب و يحبس سنة.» «3»

7- و قال ابن تيمية: «و اذا سقط القود عن قاتل العمد، فانه يضرب مائة جلدة، و يحبس سنة عند مالك، و طائفة من أهل العلم دون الباقين» «4».

8- و قال الجزيري: «اختلف العلماء في

القاتل عمدا اذا عفي عنه أولياء الدم هل يبقي للسلطان فيه حق أم لا؟

المالكية و الحنفية، قالوا: إنّ للحاكم حقا علي القاتل اذا عفا عنه أولياء الدم، و له أن يجلده مائة جلدة، و يسجنه سنة كاملة، و به قال أهل المدينة.

الشافعية و الحنابلة، قالوا: لا يجب علي الحاكم شي ء من ذلك إلّا أن يكون القاتل معروفا بالشر و الأذي، فيجوز للإمام أن يؤدّبه علي حسب ما يري، بالحبس أو الضرب، أو التأنيب، و حجتهم في ذلك، ظاهر الشرع.» «5»

______________________________

(1). معالم السنن 4: 3.

(2). بداية المجتهد 2: 404.

(3). المغني 7: 745.

(4). الفتاوي الكبري 4: 213.

(5). انظر الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 265.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 80

الفصل الثامن حبس الجاني حتي يستكمل الولي الشروط

اشارة

و من موارد الحبس: فيما لو كان بعض أولياء الدم صغيرا أو غائبا أو مجنونا فعن كثير من فقهائنا- رضوان اللّه عليهم- عدم جواز الاقتصاص لسائر الأولياء بل يحبس القاتل الي استكمال الشروط، و كذلك عن السنة، و لم يرد في المقام نص بالخصوص، و لكن لعل الوجه فيه: اما أنّه لا يعلم ما يريده الغائب او لأجل عدم تحقق التشفّي الذي هو حكمة القصاص، فيحبس الحاكم القاتل حفظا لحقوقهم، و قد فصّل البعض بين الصغير و المجنون، كما فصل آخرون بين خوف فراره فيحبس و عدمه فلا يحبس، كما اكتفي بعض آخر بأخذ الكفيل أو الوثيقة النقدية أو جعله تحت المراقبة، كما نفي البعض الآخر من فقهائنا جواز الحبس فيه محتجا بأنه عقوبة خارجة عن الموجب.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «فان كان الوارث واحدا يولّي عليه- مجنون أو صغير-، و له أب أو جدّ، مثل أن قتلت امه، و قد طلّقها أبوه، فالقود له وحده، و ليس لأبيه أن يستوفيه، بل يصبر حتي اذا بلغ كان ذلك اليه، و سواء كان القصاص طرفا أو نفسا، و سواء كان الوليّ أبا أو جدّا أو الوصيّ، الباب واحد. و فيه خلاف. فاذا ثبت انه ليس للوالد أن يقتصّ لولده الطفل أو المجنون، فانّ القاتل يحبس حتي يبلغ الصبي، و يفيق المجنون، لأنّ في الحبس منفعتهما معا: للقاتل بالعيش، و لهذا بالاستيثاق.» «1»

2- علي بن حمزة: «إن كان لغير الرشيد وليّ لم يكن له الاستيفاء، فإن عفا علي مال صح، فاذا رشد وليّ الدم أو بلغ الطفل رشيدا رضي بذلك فقد صح، و ان لم يرض و أراد القود كان له ذلك اذا ردّ ما أخذ وليه، و

ان لم يعف الولي علي مال حبس القاتل الي وقت القصاص. و إن

______________________________

(1). المبسوط 7: 54.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 81

كان ولي الدم غائبا، و كان واحدا حبس القاتل حتي يحضر.» «1»

3- المحقق الحلّي: «قال- أي الشيخ- لو كان الوليّ صغيرا، و له أب أو جدّ، لم يكن لأحد أن يستوفي حتي يبلغ، سواء كان القصاص في النفس أو الطرف، و فيه إشكال. و قال: أي الشيخ يحبس القاتل حتي يبلغ الصبي أو يفيق المجنون. و هو اشدّ إشكالا من الأول.» «2»

4- العلامة الحلّي: اكتفي بنقل كلام الشيخ الطوسي «3».

5- و قال في القواعد: «.. و لو كان فيهم غائب أو صغير أو مجنون، قيل: كان للحاضر الاستيفاء، و كذا للكبير و العاقل لكن يشترط أن يضمنوا نصيب الغائب و الصبي و المجنون من الدية و يحتمل حبس القاتل الي أن يقدم الغائب و يبلغ الصبي، و يفيق المجنون، و لو كان المستحق للقصاص صغيرا أو مجنونا و له أب أو جدّ، قيل: ليس لأحد الاستيفاء حتي يبلغ الصغير أو يفيق المجنون سواء كان في النفس أو الطرف، و يحبس القاتل حتي يبلغ، أو يفيق، لأنه تفويت، يعني انه لا يمكن تلافيه، و كل تصرف هذا شأنه لا يملكه الولي، كالعفو عن القصاص.. و لو قيل: للولي الاستيفاء، كان وجها.» «4».

6- فخر المحققين ولد العلامة، عند توضيح عبارة والده: «و يحتمل حبس القاتل … أقول: اما المصنف، فقال: يحتمل حبس القاتل: لأنّ القتل غير مختص بالحاضر و الكامل، و القتل لا يتبعض، فوجب تأخيره الي زوال اعذار الشركاء، و إلّا لزم تضييع حقوقهم، فيحبسه الحاكم لحفظ حق المولّي عليه و الغائب، لأنّه يجب

عليه حفظ حقوقهم، و لا يتم الّا بالحبس هنا، و ما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب.» «5»

7- الشهيد الأول: «يثبت الحبس في مواضع: 1- الجاني اذا كان المجنيّ عليه

______________________________

(1). الوسيلة: 439.

(2). شرايع الإسلام 4: 229.

(3). تحرير الاحكام 2: 255.

(4). قواعد الاحكام 2: 299.

(5). إيضاح الفوائد 4: 623.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 82

غائبا أو وليّه حفظا لمحل القصاص..» «1»

8- الشهيدان- الأول و الثاني-: «و لو كان الولي صغيرا و له أب أو جدّ لم يكن له الاستيفاء الي بلوغه لأنّ الحق له، و لا يعلم ما يريده حينئذ، و لأنّ الغرض التشفي، و لا يتحقق بتعجيله قبله، و حينئذ فيحبس القاتل حتي يبلغ.» «2»

9- الفيض الكاشاني: «و علي تقدير التأخير هل يحبس القاتل الي كماله؟ قال الشيخ: نعم، و الأظهر لا، لأنّه عقوبة خارجة عن الموجب، لا موجب له.» «3»

10- قال السيد محمد جواد العاملي في التعليقة علي كلام الفاضل الهندي:

«و يحتمل حبس القاتل، قال: وجهه انه يجب علي الحاكم حفظ حقوقهم، و لا يتم هنا الّا بالحبس، و ما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب، و الشارح لم يبيّن الوجه في ذلك.

قوله: لكون الحبس ضررا علي القاتل غير منصوص: قد يقال فيه مثل ما قال في المبسوط في مثله: إن في الحبس منفعتهما معا للقاتل بالعيش، و لهذا بالاستيثاق.» «4»

11- قال الشيخ النجفي بعد كلام المحقق الحلي في خصوص غيبة البعض: «و هو واضح الوجه بناء علي عدم اعتبار الأذن، أمّا عليه، فلعل وجهه ترتّب الضرر علي الحاضر أو الكامل بالتأخير الذي هو معرض زوال الحق. و حبسه الي أن يقدم الغائب، و يبلغ الصبي، و يفيق المجنون، أو يموتوا،

فيقوم ورثتهم مقامهم أو يرضي الحاضر الكامل بالدية، ضرر علي القاتل، و تعجيل عقوبة لا دليل عليه، و ان احتمله الفاضل في القواعد مقدمة لحفظ حقوقهم، و جمعا بين مصلحة التعيّش و الاستيثاق، بل مقتضي اطلاقه ذلك، و إن لم يرج افاقة المجنون منهم، إلّا أنّه كما تري.» «5»

12- الإمام الخميني: «سؤال: لو حكم بالقصاص علي قاتل العمد و كان أولياء الدم صغارا، فنظرا لوجوب تأخير القصاص الي البلوغ- كما هو رأيكم- و طلبهم

______________________________

(1). القواعد و الفوائد 2: 192- و مثله الفاضل المقداد في نضد القواعد الفقهية: 499.

(2). الروضة البهية 10: 96.

(3). مفاتيح الشرائع 2: 140.

(4). مفتاح الكرامة 10: 90 (آخر الجزء العاشر).

(5). جواهر الكلام 41: 285.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 83

القصاص، فهل يجوز حبس القاتل الي زمان البلوغ أم لا؟ الجواب: ان المحكومية بالقصاص لا تكون مجوزا للحبس، نعم لو خيف فراره فلا مانع من اخذ الكفيل أو وثيقة نقدية أو غير نقدية، و فيما لو خيف الفرار و كان زمان البلوغ قصيرا فلا مانع من حبسه.» «1»

13- و قال في تحرير الوسيلة: «اذا كان له أولياء شركاء في القصاص، فان حضر بعض، و غاب بعض، فعن الشيخ- قده- للحاضر الاستيفاء، بشرط ان يضمن حصص الباقين من الدية، و الأشبه أن يقال: لو كانت الغيبة قصيرة، يصبر الي مجي ء الغائب، و الظاهر جواز حبس الجاني الي مجيئه، لو كان في معرض الفرار، و لو كان غير منقطعة، أو طويلة، فأمر الغائب بيد الوالي، فيعمل بما هو مصلحة عنده، أو مصلحة الغائب.

و لو كان بعضهم مجنونا، فأمره الي وليه، و لو كان صغيرا، ففي رواية: انتظروا الذين قتل ابوهم ان يكبروا، فاذا بلغوا

خيّروا فإن احبّوا قتلوا، أو عفوا أو صالحوا.» «2»

14- السيد الخوئي: «اذا كان ولي الميت صغيرا أو مجنونا و كان للولي وليّ، كالأب، أو الجد أو الحاكم الشرعي، فهل لوليه الاقتصاص من القاتل أم لا؟ قولان:

لا يبعد العدم، نعم اذا اقتضت المصلحة أخذ الدية من القاتل أو المصالحة معه في أخذ شي ء جاز لوليه ذلك. و قال في الذيل: و ذلك لعدم ثبوت إطلاق أو عموم يدل علي ثبوت الولاية له عليه في كل مورد حتي في مثل القصاص.» «3»

15- السيد الگلپايگاني في جواب سؤال عن مقتول له زوجة و ولد صغير هل يقتص من القاتل أو يحبس الي أن يبلغ الصغير: «في الفرض المذكور: للقيّم الشرعي أن يأخذ الدّية- بما أنّه كفيل- و يودعه في محل مأمون، ثم بعد بلوغ الصغار، إن رضوا بالدية فبها و الّا فيرد الدية علي القاتل و يقتص منه إن طلب الأولياء ذلك. ثم أن القاتل لا بد و أن يكون تحت المراقبة و النظر الي زمان بلوغهم، و لا حاجة الي حبسه،

______________________________

(1). موازين قضائي از ديدگاه امام خميني 1: 154، ان هذا السؤال و الجواب، و كذلك السؤال عن السيد الگلپايگاني ترجمناه الي العربية.

(2). تحرير الوسيلة 2: 483.

(3). مباني تكملة المنهاج 2: 133.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 84

و اما زوجة المقتول فلا حق لها بالنسبة الي القصاص و لا المال المذكور الي أن يبلغ الصغار، و اللّه العالم» «1».

أقول: المسألة خلافية كما رأيت لعدم وجود دليل خاص فيها و قد صرح الشيخ بالحبس و ذكره العلامة، علي أنه احتمال، و أكثر فقهائنا علي أنه يستوفي منه الحق لا سيما اذا كان الولي مجنونا للجمع بين الحقين

و عدم الإضرار بالجاني و يحتمل القول بالتفصيل بين القتل و الجرح، و بين غياب الولي و جنونه، أو طول المدة و قصرها كما ذكره السيد الامام الخميني رضوان اللّه عليه، إلّا أن يقال بعدم ثبوت اطلاق أو عموم يدل علي ثبوت الولاية حتي في هذه الموارد.

آراء المذاهب الاخري

16- الشيباني: «رجل قتل و له أولياء صغار و كبار، فللكبار أن يقتلوا القاتل، و قال أبو يوسف و محمد: ليس لهم ذلك، حتي يدرك الصغار» «2».

17- قال الشافعي: «.. و حبس القاتل حتي يحضر الغائب و يبلغ الطفل. «3»

و قال:.. و ان كان جرحا حبس له الجارح حتي يبلغ فيختار القود، أو الأرش.» 4

18- ابن حزم: «مسألة: مقتول كان في أوليائه غائب أو صغير أو مجنون اختلف الناس في هذا، فقال أبو حنيفة: اذا كان للمقتول بنون و فيهم واحد كبير و غيرهم صغار، ان للواحد الكبير أن يقتل و لا ينتظر بلوغ الصغار قال: فان كان فيهم غائب لم يكن للحاضرين أن يقتلوا حتي يقدم الغائب و هو قول الليث بن سعد، و به يقول حماد بن أبي سليمان، و قال مالك: مثل ذلك سواء سواء، و زاد أن المقتول اذا كان له ولد صغير و أخ كبير أو أخت كبيرة، فللأخ أو للأخت أن يقتلا قودا، و لا ينتظر بلوغ الصغير، و كذلك للعصبة أيضا، و هو قول الأوزاعي، و رأي مالك للعصبة اذا كان الولد صغيرا أن يصالحوا علي الدية و ينفذ حكمهم.

______________________________

(1). من استفتاء بامضائه دام ظله.

(2). الجامع الصغير: 495.

(3) 3 و 4. الام 8: 239، 137.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 85

و قال ابن أبي ليلي، و الحسن بن حي، و

ابو يوسف و محمد و الشافعي: لا يستقيد الكبير من البنين حتي يبلغ الصغير و روي هذا القول عن عمر بن عبد العزيز.. و الذي نقول به.. إنّ القول قول من دعي الي القود، فللكبير و للحاضر العاقل أن يقتل و لا يستأنا بلوغ الصغير، و لا افاقة المجنون، و لا قدوم الغائب، فإن عفا الحاضرون البالغون لم يجز ذلك علي الصغير و لا علي الغائب و لا علي المجنون بل هم علي حقهم في القود حتي يبلغ الصغير و يفيق المجنون، فاذا كان ذلك فان طلب احدهم القود قضي له به، و ان اتفقوا كلهم علي العفو جاز ذلك حينئذ لما ذكرنا..» «1»

19- ابن قدامة: «فصل: و كل موضع وجب تأخير الاستيفاء، فان القاتل يحبس حتي يبلغ الصبي و يعقل المجنون و يقدم الغائب، و قد حبس معاوية: هدبة بن خشرم في قصاص حتي بلغ ابن القتيل، في عصر الصحابة، فلم ينكر ذلك.

و بذل الحسن و الحسين و سعيد بن العاص لابن القتيل سبع ديات فلم يقبلها، فان قيل: فلم لا يخلّي سبيله كالمعسر بالدين؟

قلنا: لأنّ في تخليته تضييعا للحق، فانه لا يؤمن هربه، و الفرق بينه و بين المعسر من وجوه، أحدها: أنّ قضاء الدين لا يجب مع الإعسار، فلا يحبس بما لا يجب، و القصاص هاهنا واجب، و انّما تعذّر المستوفي.

الثاني: ان المعسر، اذا حبسناه، تعذر الكسب لقضاء الدين فلا يفيد بل يضر من الجانبين و هاهنا الحق نفسه يفوت بالتخلية لا بالحبس.

الثالث: أنه قد استحق قتله، و فيه تفويت نفسه و نفعه، فاذا تعذّر تفويت نفسه جاز تفويت نفعه لإمكانه.

فان قيل: فلم يحبس من أجل الغائب و ليس للحاكم عليه ولاية

اذا كان مكلّفا رشيدا، و لذلك لو وجد بعض ماله مغصوبا لم يملك انتزاعه؟

قلنا: لأن في القصاص حقا للميت و للحاكم عليه ولاية، و لهذا تنفذ وصاياه من الدية، و تقضي ديونه منها، فنظيره أن يجد الحاكم من تركة الميت في يد إنسان شيئا

______________________________

(1). المحلي 10: 483 مسألة 2079.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 86

غصبا و الوارث غائب، فإنّه يأخذه» «1».

20- القرافي: «شرع الحبس في ثمانية مواضع:

الأول: يحبس الجاني لغيبة المجني عليه، حفظا لمحل القصاص.» «2»

21- و قال محيي الدين النووي: «اذا كان القصاص لصغير أو مجنون أو لغير رشيد لم يستوف الولي له.. فاذا ثبت هذا فان القاتل يحبس الي أن يبلغ الصبي و يفيق المجنون و يصلح المفسد.» «3»

22- و قال الجزيري: «الشافعية و الحنابلة في أظهر روايتهم، و الصاحبان من الحنفية قالوا: اذا كان أولياء الدم فيهم صغار و كبار فليس للكبار تعجيل القصاص، بل ينتظر و يحبس القاتل، و لا يخلّي سبيله بكفيل حتي يدرك الصغار و يبرأ المجنون..» «4».

الفصل التاسع حبس المسلم اذا قتل الذمّي

اشارة

لا خلاف عند فقهائنا في عدم قتل المسلم بالكافر، لاشتراط المساواة في الدين، في القصاص، اما الكافر الذمي، فادّعي بعضهم الاجماع علي أنه يقتل به؛ إن اعتاد القتل، بعد ردّ فاضل ديته، و هو رأي المهذّب البارع و الانتصار و غاية المراد و الروضة و الصدوق و الشيخين و سلار و ابني حمزة و زهرة و سعيد و النافع، و غيرهم، بل ادعي الجواهر: انه المشهور علي جواز الاقتصاص منه.

اما لو لم يكن معتادا لذلك، فلا خلاف نصّا و فتوي في التعزير و غرامة الدية «5» و هو

______________________________

(1). المغني 7: 740.

(2). الفروق 4: 79.

(3). المجموع 18: 450، م 4423.- انظر:

الشرح الكبير 9: 385- نهاية المحتاج 7: 284- البحر الفائق 8: 299- التشريع الجنائي 2: 238.

(4). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 273.

(5). انظر جواهر الكلام 41: 140- الانتصار: 272- شرايع الإسلام 4: 211.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 87

بمعناه الواسع يشمل الحبس. لكن جمعا من فقهاء السنة صرحوا بالحبس.

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و للسلطان أن يعاقب من قتل ذميا عمدا، عقوبة تنهكه» «1».

2- الشيخ الطوسي: «اذا قتل مسلم كافرا لم يقتل به، سواء كان معاهدا أو مستأمنا أو حربيا، فالمعاهد هو الذمي، و المستأمن من دخل إلينا بأمان في رسالة أو حاجة من تجارة و نحوها، و الحربي من كان مباينا مقاطعا في دار الحرب، و فيه خلاف، فاذا ثبت أنه لا قود عليه، فعليه التعزير، و عليه الدية و الكفارة» «2».

3- السيد ابن زهرة: «و كذا لو كان معتادا لقتل أهل الذمة؛ قتل لفساده في الأرض لا علي وجه القصاص.» «3»

4- المحقق الحلّي: «.. فلا يقتل مسلم بكافر، ذمّيا كان أو مستأمنا أو حربيا، و لكن يعزّر و يغرّم دية القاتل، و قيل: ان اعتاد قتل أهل الذمة، جاز الاقتصاص بعد ردّ فاضل ديته» «4».

آراء المذاهب الأخري

5- المدونة الكبري: «قال ابن القاسم: و بلغني عن مالك أنه قال: اذا قتل رجل مسلم ذميا عمدا أو عبدا عمدا، فانه يضرب مائة و يحبس سنة.» «5»

6- ابن حزم: «و ان قتل مسلم عاقل بالغ ذميا أو مستأمنا عمدا أو خطأ فلا قود عليه و لا دية و لا كفارة، و لكن يؤدّب في العمد خاصة، و يسجن حتي يتوب كفّا لضرره …

______________________________

(1). المقنعة: 739.

(2). المبسوط 7: 5.

(3). غنية النزوع: 407.

(4). شرايع الإسلام 4: 211.

(5). المدونة الكبري 6: 403.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 88

و قد اختلف الناس في هذا فقالت طائفة منهم أبو حنيفة: يقاد المسلم بالذمي في العمد و عليه في قتله خطأ الدية و الكفارة، و لا يقتل بالمعاهد و إن تعمد قتله، و لا نعلم له في قوله هذا سلفا أصلا.

و قالت

طائفة، منها مالك: لا يقاد المسلم بالذمي الّا أن يقتله غيلة، أو حرابة فيقاد به، و لا بد، و عليه في قتله خطا أو عمدا غير غيلة الدية فقط، و الكفارة في الخطأ.

و قالت طائفة منها الشافعي: لا يقاد المسلم بالذمي أصلا لكن عليه في قتله اياه عمدا أو خطأ الدية و الكفارة..» «1»

الفصل العاشر حبس القاتل اذا هرب بعد أخذ الدية

1- الكافي: «حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن احمد بن الحسن الميثمي، عن ابان بن عثمان، عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل قتل رجلا متعمدا، ثم هرب القاتل فلم يقدر عليه، قال: ان كان له مال اخذت الدية من ماله، و إلّا فمن الأقرب فالأقرب، فان لم يكن له قرابة، و داه الإمام، فانه لا يبطل دم امرئ مسلم. و في رواية اخري: ثم للوالي بعد حبسه و أدبه» «2».

رواه في التهذيب بدون الزيادة الموجودة في الكافي «3».

قال في الروضة: «و رويا في الموثق، عن أبي بصير … و في رواية أخري: ثم للوالي بعد حبسه و ادبه: أي لو أدّي ديته، و قدر عليه، و عمل بهما أكثر الأصحاب.» «4»

قال العلامة المجلسي: «موثق و آخره مرسل.» «5»

______________________________

(1). المحلي 10: 347 مسألة 2021، 11: 39- انظر 10: 359.

(2). الكافي 7: 365 ح 3- روضة المتقين 10: 416- و عنه الوسائل 19: 303 ح 2.

(3). التهذيب 10: 170 ح 11.

(4). روضة المتقين 10: 416.

(5). مرآة العقول 24: 193.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 89

اقول: لم أجد هذه الاضافة في غير الكافي، و لم أجد من أفتي بها، نعم تعرضوا لنظيرها و هي: اذا هرب و لم يقدر عليه حتي مات اخذت

من ماله و الّا فمن الأقرب، فالأقرب، من دون تعرض للذيل- و قد تعرض لها السيد المرتضي، و الشيخ في النهاية، و ابن زهرة، و ابن البرّاج، و غيرهم «1».

قد يقال: بأنّ إعراض الاصحاب عن الذيل مما يوهن حجيته، لكن الإعراض يتوقّف علي ذكر الفرع ثم الإعراض عنه، و لم يثبت.

الفصل الحادي عشر حبس القاتل في الشهر الحرام

اشارة

وردت نصوص كثيرة بتغليظ الدية و الكفارة علي القاتل في الشهر الحرام، و لكن لم نجد من فقهاء المسلمين من يقول بجواز حبسه أو تأخير القصاص الي الشهر الحرام لو لم يظفر به إلّا في شهر حلال، إلّا ابن حزم. حيث لا دليل عندهم علي وجوب المماثلة في القصاص في الأشهر الحرم.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الصدوق: «فان قتل رجل رجلا في أشهر الحرم فعليه الدية و صيام شهرين متتابعين من أشهر الحرم..» «2»

2- الشيخ الطوسي: «دية الخطأ يغلظ في الشهر الحرام و في الحرم..» «3»

3- ابو الصلاح الحلبي: «.. و ان كان القتل في الحرم أو في شهر حرام فقد روي:

ان عليه دية و ثلثا.» «4»

______________________________

(1). انظر جواهر الكلام 41: 310.

(2). المقنع: 182- الطبعة الجديدة.

(3). الخلاف 5: 222 مسألة 6- انظر المبسوط 7: 116.

(4). الكافي في الفقه: 391- انظر ص 420 أيضا.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 90

4- القاضي ابن البراج: «و اذا قتل انسان غيره في الحرم، أو في أحد الأشهر الحرم؛ طلبت منه الدية للقتل، و الثلث لانتهاكه حرمة الحرم، و الاشهر الحرم..» «1».

5- سلار بن عبد العزيز: «.. و ان كان قتل في الحرم أو في أشهر الحرم فعليه دية و ثلث..» «2».

6- المحقق الحلي: «لو قتل في الشهر الحرام الزم دية و ثلثا من أي الأجناس كان؛ تغليظا» «3».

7- الشهيد الثاني: «تغليظ الدية بالقتل في الأشهر الحرم بزيادة الثلث موضع وفاق، و به نصوص كثيرة.» «4»

8- الشيخ محمد حسن النجفي: «و لو قتل في الشهر الحرام الزم دية و ثلثا من أي الأجناس كان تغليظا- قال: بلا خلاف أجده، بل الإجماع- بقسميه- عليه، بل المحكي منهما صريحا فضلا عن الظاهر مستفيض

أو متواتر، بل في المسالك: أن به نصوصا كثيرة، و في محكي الخلاف نسبته الي اجماع الفرقة..» «5».

آراء المذاهب الاخري

9- ابن حزم: «و من قتل أو جرح في شهر حرام، فلم يظفر به إلّا في شهر حلال، فإنّ وليّ الاستقادة من الدم أو الجرح مخيّر: إن شاء تأخيره الي شهر حرام، و ان لم يرد ذلك فهو بعض حقه؛ تجافي عنه، و يحبس الذي وجب عليه القود، فأخّره المجني عليه، أو وليّ الدم حتي يأتي شهر حرام، لأنّه قد وجب أخذه بما جني، فلا ينبغي تسريحه، بل يوقف بلا خلاف، للقود، و يمنع من الانطلاق.» «6»

______________________________

(1). المهذب 2: 516.

(2). المراسم: 236.

(3). شرايع الإسلام 4: 246.

(4). مسالك الافهام 15: 320.

(5). جواهر الكلام 42: 26.

(6). المحلي 10: 500 المسألة 2084.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 91

الفصل الثاني عشر حبس المولي الذي قتل عبده

اشارة

وردت روايات من الفريقين سيّما عندنا، و بعضها لا بأس بسندها بحبس من قتل عبده أو عذّبه و نكّل به حتي مات، لاشتراط المساواة في القصاص و لم نعثر علي من أفتي بالحبس من فقهائنا إلّا السيد الخوئي- من المعاصرين- و إن أوجبوا التعزير و الكفارة و التصدق، نعم أفتي يحيي بن سعيد الحلي بالنفي و التغريب.

الروايات

1- الكافي: «عدة من اصحابنا سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام:

إنّ أمير المؤمنين عليه السلام رفع اليه رجل عذّب عبده حتي مات، فضربه مائة نكالا و حبسه سنة، و غرّمه قيمة العبد فتصدق بها عنه.» «1»، و رواه الصدوق في الفقيه بسنده عن السكوني، و ليس فيه (سنة) «2»، و رواه في المقنع مرسلا «3».

إلّا أنّ السند ضعيف بسهل بن زياد، و ابن شمون، قال في جامع الرواة: «كان ضعيفا في الحديث غير معتمد عليه، و كان أحمد بن محمد بن عيسي يشهد عليه بالغلو و الكذب، و أخرجه من قم الي الري» «4».

و قال عن ابن شمون: «كان واقفيا ثم غلا، و هو ضعيف جدا، فاسد المذهب.» «5».

______________________________

(1). الكافي 7: 303 ح 6- و عنه التهذيب 10: 235 ح 5.

(2). الفقيه 4: 112 ح 1.

(3). المقنع: 191.

(4). رجال النجاشي: 132- و عنه جامع الرواة 1: 393.

(5). جامع الرواة 2: 92.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 92

أما الأصم: فهو ضعيف، غالي، و ليس بشي ء «1».

أقول: و أكثر فقهائنا أفتوا بالكفارة و التعزير، و أضاف بعضهم: غرامة قيمة العبد ثم التصدّق بها، كما ستري.

2- و فيه: «عن

علي بن ابراهيم، عن المختار بن محمد بن المختار، و محمد بن الحسن، عن عبد اللّه بن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن عليه السلام: في رجل قتل مملوكته أو مملوكه، قال: ان كان المملوك له، أدّب و حبس، إلّا أن يكون معروفا بقتل المماليك فيقتل به.» «2»

قال المجلسي: «مجهول» «3».

3- الجعفريات: «أخبرنا عبد اللّه، أخبرنا محمد، حدّثني موسي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، أنّ عليا عليه السلام رفع اليه رجل ضرب عبدا له و عذّبه حتي مات، فضربه علي عليه السلام نكالا و حبسه سنة، و غرّمه قيمة العبد، فتصدق به علي (عليه السلام).» «4»

4- ابن أبي شيبة: «حدّثنا أبو بكر، قال حدّثنا حفص، عن حجاج، عن عمرو بن شعيب أن أبا بكر و عمر كانا يقولان: لا يقتل المولي بعبده، و لكن يضرب و يطال حبسه و يحرم سهمه» «5».

5- المغني: عن علي رضي اللّه عنه: «أن رجلا قتل عبده فجلده النبي صلّي اللّه عليه و سلّم مائة جلدة و نفاه عاما، و محي اسمه من المسلمين. رواه سعيد و الخلال و قال أحمد: ليس بشي ء من قبل اسحاق بن أبي فروة.» «6»

أقول: لو كان النفي هنا بمعني الحبس- كما فسر البعض آية النفي بذلك- لكانت

______________________________

(1). جامع الرواة 1: 494.

(2). الكافي 7: 303 ح 5- و عنه التهذيب 10: 192 ح 55 و الاستبصار 4: 273 ح 8.

(3). انظر ملاذ الأخيار 16: 393- مرآة العقول 24: 68.

(4). الجعفريات: 123- و عنه المستدرك 18: 243 ح 1.

(5). المصنف 9: 305 ح 7564- و عنه كنز العمال 15: 70 ح 40139

و ص 93 ح 40228 عن عبد الرزاق و السنن الكبري 8: 37.

(6). المغني 7: 659. أقضية رسول الله ص: 8 عن كتاب ابن شعبان

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 93

هذه الرواية موافقة لما روي عن الجعفريات.

6- المصنف: «عن ابن جريح عن إسماعيل بن أمية قال: سمعت أن الذي يقتل عبدا يسجن و يضرب مائة.» 9: 407 ح 17804.

7- و فيه: «عبد الرزاق عن ابن جريح عن ابن شهاب قال: إن قتل حر عبدا (عمدا) عوقب بجلد وجيع و سجن و عتق رقبة» 9: 408 ح 17806.

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و اذا قتل السيد عبده خطا … و اذا قتله عمدا عاقبه السلطان، و اغرمه ثمنه و تصدق به علي المساكين و كان علي السيد كفارة صنيعه عتق رقبة مؤمنة، و ان اضاف اليه صيام شهرين متتابعين و اطعام ستين مسكينا فهو أفضل و أحوط له في كفارة ذنبه ان شاء اللّه.

و قال:.. و علي السلطان أن يعاقب قاتل العبد عقوبة تؤلمه لينزجر عن مثل ما أتاه و لا يعود اليه.» «1»

2- الشيخ الطوسي: «اذا قتل الحر عبدا لم يقتل به سواء كان عبد نفسه أو عبد غيره، فإن كان عبد نفسه عزرناه و عليه الكفارة، و ان كان عبد غيره عزر و عليه الكفارة و القيمة و فيه خلاف.» «2»

3- و قال في النهاية: «و للسلطان أن يعاقب من يقتل العبيد بما ينزجر عن مثله في المستقبل.» «3»

4- ابن زهرة: «و اذا قتل السيد عبده، بالغ السلطان في تأديبه و اغرمه قيمته و تصدق بها، فإن كان معتادا لقتل الرقيق مصرّا عليه، قتل لفساده في الأرض.» «4»

5- المحقق الحلّي: «و لو قتل المولي

عبده كفّر و عزّر، و لم يقتل به، و قيل: يغرم قيمته و يتصدق بها، و في المستند ضعف، و في بعض الروايات: إن اعتاد ذلك، قتل به.» «5»

6- يحيي بن سعيد: «و ينفي قاتل ولده و عبده عمدا عن مسقطي رءوسهما و يضربان ضربا شديدا، و ان عذّب السيد عبده حتي مات، ضرب مائة سوط.» «6»

______________________________

(1). المقنعة: 749 و 740- انظر المهذب لابن البراج 2: 487.

(2). المبسوط 7: 6- مثله في الخلاف 5: 148 مسألة 4.

(3). النهاية: 751.

(4). الغنية: 407.

(5). شرايع الإسلام 4: 205- مثله المختصر النافع: 294.

(6). الجامع للشرائع: 576.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 94

7- العلامة الحلي: «و لا يقتل المولي بعبد بل يعزر و يكفّر، و قيل يغرم قيمته و يتصدق بها.» «1»

8- و قال في القواعد: «و لو قتل المولي عبده ادّب و كفّر و قيل يلزم بالقيمة صدقة و يغرم الحر قيمة عبد غيره يوم قتله.» «2»

9- الفيض الكاشاني: «و لو قتل المولي عبده كفّر و عزر و تصدق بثمنه علي المشهور، لما روي أن أمير المؤمنين (ع) … و في سنده ضعف.» «3»

10- و قال المجلسي الثاني: «الحديث ضعيف. و يدل علي احكام:

الأول: وجوب ضرب مائة سوط، و ذكر الأصحاب فيه تعزيرا، و قد صرحوا بأن التعزير لا يبلغ الحد، لكن مستندهم ظاهرا هذا الخبر.

قال يحيي بن سعيد ينفي قاتل ولده و عبده عمدا، عن مسقطي رءوسهما و يضربان ضربا شديدا، و ان ضرب السيد عبده حتي مات، ضرب مائة سوط. «4»

الثاني: الحبس سنة، و لم أجد من تعرض له من الأصحاب.

الثالث: وجوب التصدق بقيمته، و قد قطع به الأكثر، و تردد فيه ابن الجنيد و العلامة

في بعض كتبه و الشهيد الثاني رحمهم اللّه، و قد مرّ الكلام فيه.» «5»

و قال في المرآة: يدل الخبر علي احكام: الأول: وجوب ضرب مائة سوط، و إنما ذكر الاصحاب فيه التعزير مع تصريحهم بأن التعزير يجب أن لا يبلغ الحد، لكن مستندهم ظاهرا هذا الخبر … » «6».

11- السيد الخوئي: «لو قتل المولي عبده متعمدا، فان كان غير معروف بالقتل، ضرب مائة ضربة شديدة، و حبس و أخذت منه قيمته يتصدق بها أو تدفع الي بيت

______________________________

(1). تحرير الاحكام 2: 245.

(2). قواعد الاحكام 2: 286.

(3). مفاتيح الشرائع 2: 135.

(4). انظر الجامع للشرائع: 576- في الاصل: «و ان عذّب..».

(5). ملاذ الاخيار 16: 497.

(6). مرآة العقول 24: 69.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 95

مال المسلمين، و ان كان متعودا علي القتل قتل به … » «1».

12- الشيخ الوالد: «فلا يقتل و لا يقتص من الحر للعبد.. بل تلزم قيمة عبد يوم قتله،.. و العمدة الرواية الصحيحة لا يقتل حر بعبد، و لكن يضرب ضربا شديدا، و يغرّم دية العبد … » «2»

آراء المذاهب الاخري

13- ابن الجلاب: «فصل 902: و من قتل عبدا عمدا أو خطأ فعليه قيمته بالغة ما بلغت، و ان زادت علي دية الحر، و يستحب له أن يكفّر كفارة القتل في العمد و الخطأ، و يضرب في العمد مائة و يحبس سنة.» «3»

14- ابن قدامة «فصل: و لا يقتل السيد بعبده في قول اكثر اهل العلم، و حكي عن النخعي و داود أنه يقتل به لما روي قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي..» «4».

أقول: لم يفت احد من فقهائنا بالنفي، و لا الحبس كما صرح بذلك العلامة المجلسي؛ إلّا يحيي بن سعيد في

الجامع، و السيد الخوئي.

امّا النفي: لم نعثر علي مستند له الّا ما رويناه عن المغني- الحديث الثالث- لكنها ضعيفة، و يحتمل أن يكون مراده من النفي الحبس. فيكون مستنده الروايات الخاصة.

اما الحبس: فإن كان مستنده ما رواه الكليني و الشيخ الطوسي عن مسمع، فضعيف و ان كان رواية الفتح بن يزيد الجرجاني فضعيف أيضا، و ذلك لعدم توثيق بعض رواتها. و ان كان رواية الجعفريات، ففي سندها أيضا كلام.

يبقي ما رواه الشيخ الصدوق عن السكوني، اما السكوني فمعتبر علي المبني، كما أن طريق الصدوق اليه صحيحة «5».

______________________________

(1). مباني تكملة المنهاج 2: 40 مسألة 45.

(2). ذخيرة الصالحين 8: 67 (مخطوط).

(3). التفريع 2: 211.

(4). المغني 7: 659- المحلي 10: 462.

(5). الفقيه 4: 55- المشيخة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 96

أما عدم افتاء الصدوق بما تفرد السكوني برواياته، علي ما صرح به في باب ميراث المجوس، فهو لا يدل علي عدم وثاقته، فلعله لأجل أنه كان عاميا فلم تثبت وثاقته عنده، و أما لو لم نر اعتبار العدالة، بل نري كفاية الوثاقة و الصدق في الحديث، فلا بحث حينئذ في قبول الرواية.- كما هو مبني السيد الخوئي. «1»

نعم يبقي اعراض الاصحاب، و هو غير موهن عنده، و لكن علي مبني القائل: بأنّ الاعراض موهن للحجية، فلا مجال للفتوي بالحبس. «2»

الفصل الثالث عشر حبس العبد القاتل بأمر مولاه

اشارة

أفتي جمع من فقهائنا- قدس اللّه أرواحهم- بتخليد العبد في السجن لو قتل بأمر مولاه، و وردت به روايات، و أفتي اكثرهم بوجوب قتله لأنه مباشر، و حبس المولي لأنه آمر.

و ممن أفتي بالحبس: ابو الصلاح الحلبي و يحيي بن سعيد الحلي، و السيد الخوئي.

و من فقهاء المذاهب الأخري: ابو طالب علي ما في المغني.

الروايات و آراء فقهائنا

1- الكافي: «عليّ، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام، في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا، فقتله، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: و هل عبد الرجل الّا كسوطه أو كسيفه، يقتل السيد به و يستودع العبد السجن.» «3»

______________________________

(1). انظر معجم رجال الحديث 3: 107.

(2). حين اكتب هذه السطور، و اذا بالمذياع اذاع أمرّ خبر لعله مرّ عليّ طيلة عمري و هو خبر رحيل السيّد الامام القائد الخميني رضوان اللّه تعالي عليه 29/ شوال/ 1409.

(3). الكافي 7: 285 ح 3- عنه الوسائل 19: 33 ح 2.- المناقب 2: 195- عنه البحار 104: 386 ح 4.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 97

و رواه الصدوق في الفقيه و فيه: «و يستودع العبد السجن حتي يموت» «1».

و رواه في التهذيب «2»، و الاستبصار. «3»

قال في الاستبصار: «فالوجه في هذين «4» الخبرين أن نحملهما علي من يتعود أمر عبيده بقتل الناس و يلجئهم الي ذلك و يكرههم عليه، فانّ من هذه صورته، وجب عليه القتل لأنه مفسد في الأرض، و انّما قلنا ذلك لأنّ الخبر الأول «5» مطابق لظاهر القرآن، قال اللّه تعالي: «أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ» «6» و قد علمنا أنه اراد النفس القاتلة دون غيرها بلا خلاف، فينبغي أن يكون ما

خالف ذلك لا يعمل عليه.» «7»

قال المجلسي الأول: «و ردهما «8» الشيخ بمخالفتهما للقرآن و الاخبار، و وجّههما بمن كان معتادا لذلك، و يمكن التوجيه لصغره، أو بزوال عقله حين الأمر من المولي الجبّار، و يمكن جمعهما بالتخصيص لأنه لم يرد نص في العبد سوي هذين فاذا لم يكن لهما معارض أشكل طرحهما.» «9»

و قال: «و اعلم أنّ المصنف عمل بالخبر المتقدم إنّ خطأ العبد عمد و جعل هنا عمد العبد كالعدم فيمكن أن يخص العبد هنا بغير البالغ أو بمن ذهب اختياره، لتخويف السيد سيما اذا كان مولاه تركا» «10» بضم التاء.

قال المجلسي الثاني: «ضعيف علي المشهور» «11».

______________________________

(1). الفقيه 4: 88 ح 9- و رواه في 3: 19 ح 2 عنه، و فيه: و استودع العبد السجن.

(2). التهذيب 10: 220 ح 13 عن السكوني.

(3). الاستبصار 4: 283 ح 3.

(4). و الخبر الثاني هو رواية اسحاق بن عمار عن ابي عبد اللّه (ع) في رجل أمر عبده أن يقتل رجلا فقتله، قال:

يقتل السيد به. التهذيب 10: 220.

(5). و مقصوده رواية ابي جعفر (ع): و يحبس الآمر بقتله: «انظر حبس الآمر؛ الحديث الاوّل».

(6). المائدة: 45.

(7). الاستبصار 4: 283.

(8). اشارة الي خبر اسحاق بن عمار، و خبر السكوني.

(9). روضة المتقين 6: 88.

(10). روضة المتقين 10: 353.

(11). مرآة العقول 24: 35.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 98

2- الام: «اخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال أخبرنا حماد عن قتادة عن خلاس، عن علي رضي اللّه عنه، قال: اذا أمر الرجل عبده أن يقتل رجلا فانما هو كسيفه أو كسوطه، يقتل المولي و يحبس العبد في السجن.» «1»

3- المصنف: «عبد الرزاق عن ابن جريح عن سليمان بن موسي قال:

لو أمر رجل عبدا له، فقتل رجلا لم يقتل الآمر و لكنه يفديه و يعاقب و يحبس» المصنف 9: 425 ح 17883

آراء فقهائنا

1- قال ابن الجنيد: «فان كان المأمور عبدا أو جاهلا أو مكرها لا بأس بمخالفته اتلاف نفسه، ازلت القود عنه و اقدت الآمر و حبست القاتل حتي يموت بعد تعزير له و امرته بالتكفير ليتولي القتل بنفسه.» «2»

2- الشيخ الطوسي: «و اذا أمر انسان حرا بقتل رجل فقتله المأمور وجب القود علي القاتل دون الآمر، و كان علي الإمام حبسه ما دام حيا، فان أمر عبده بقتل غيره فقتله، كان الحكم أيضا مثل ذلك سواء، و قد روي: انه يقتل السيد، و يستودع العبد السجن، و المعتمد ما قلناه.» «3»

3- و قال في الخلاف: «و الأقوي في نفسي أن نقول: إن كان العبد عالما بأنّه لا يستحق القتل أو متمكنا من العلم به فعليه القود، و ان كان صغيرا أو مجنونا فانه يسقط القود و يجب فيه الدية» «4».

4- و قال في المبسوط: «اذا كان له عبد صغير لا يعقل و يعتقد ان كل ما يأمره سيده فعليه فعله، او كان كبيرا أعجميا يعتقد طاعة مولاه واجبة و حتما في كل ما يأمره، و لا يعلم أنّه لا طاعة في معصية اللّه، فاذا كان كذلك فاذا أمره بقتل رجل، فقتله فعلي السيد القود، لأنّ العبد يتصرف عن رأي مولاه، فكان كالآلة له بمنزلة السكين و السيف، و كان علي السيد القود وحده» «5».

______________________________

(1). الام 7: 177- السنن الكبري 8: 51- المحلي 10: 508.- كنز العمال 15: 87 ح 40211 عن الشافعي و البيهقي.

(2). نقله عنه العلامة في المختلف 9: 329- و ملاذ الاخيار

16: 464.

(3). النهاية: 747.

(4). الخلاف 5: 168 مسألة 30.

(5). المبسوط 7: 42.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 99

5- ابو الصلاح الحلبي: «.. و اذا كان الآمر سيد العبد معتادا لذلك قتل السيد، و خلّد العبد الحبس، و اذا كان نادرا، قتل العبد و خلّد السيد الحبس» «1».

6- ابن ادريس: «فان أمر عبده بقتل غيره فقتله، فقد اختلف روايات اصحابنا في ذلك … و الذي يقوي عندي في ذلك: انه ان كان العبد عالما بأنّه لا يستحق القتل أو متمكنا من العلم فعليه القود، دون السيد، و إن كان صغيرا أو مجنونا يسقط القود و يجب فيه الدية علي السيد، دون القود، لأنّه غير قاتل حقيقة، فألزمناه الدّية، لقوله (ص): لا يطل دم امرئ مسلم … » «2».

7- علي بن حمزة: «و ان أمر عبدا له صغيرا أو كبيرا غير مميز، لزم الآمر القود، و ان كان مميزا كان القصاص علي المباشر و اذا لزم القود المباشر خلّد الآمر في الحبس و ان لزم الامر خلّد المباشر في الحبس إلّا ان يكون صبيا أو مجنونا» «3».

8- يحيي بن سعيد: «فإن أمر عبده بقتل غيره فقتله أقيد سيده لأنه كآلته و خلّد العبد السجن.» «4»

9- العلامة الحلّي: «و الوجه ما فصله الشيخ في المبسوط … لنا ان الكبير عامد في قتله فوجب عليه القصاص، و أمر السيد أو اكراهه عليه لا يخرجه عن كونه مباشرا في قتل العمد، و امّا الصغير فانه كالآلة … و حملنا الروايتين- رواية السكوني و اسحاق بن عمار- علي صغر العبد لأنّه مناسب للأدلة العقلية.» «5»

أقول: و هذا موقوف علي جواز تخليد العبد الصغير غير المميز السجن، و لم أر قائلا

به، مع منافاته للأصول. «6»

10- السيد الخوئي: «المشهور جريان الحكم المذكور- حبس الآمر- فيما لو أمر السيد عبده بقتل شخص فقتله، و لكنه مشكل، بل لا يبعد ان يقتل السيد الآمر،

______________________________

(1). الكافي في الفقه: 387.

(2). السرائر 3: 349.

(3). الوسيلة: 438.

(4). الجامع للشرائع: 580.

(5). المختلف: 9: 330 المسألة 30.

(6). انظر رياض المسائل 16: 191.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 100

و يحبس العبد.. الي ان قال: و كيف كان، فالأظهر أنّه يقتل السيد و يحبس العبد، و تدل علي ذلك..» «1»

11- الشيخ الوالد- رحمه اللّه- فانه بعد أن أورد الآراء و الأدلة في المقام قال:

«و لكن الأقرب نظرا الي الأخبار الصّحاح ان الأشهر بين المتأخرين: ان العبد كغيره من الأحرار يقاد منه مع بلوغه و عقله، و يحبس السيد مخلّدا حتي يموت.» «2»

و قد يقال بإلحاق افراد الجند العاديين بالعبيد و القواد العسكريين بالسادة في هذه الأزمان، فيتحصل حبس الآمر غير الغالب علي المباشر، و حبس القاتل المغلوب علي أمره، و إن ذهب المشهور الي خلافه كما يميل اليه بعض المعاصرين. «3»

آراء المذاهب الاخري

12- ابن قدامة: «و متي كان العبد يعلم تحريم القتل، فالقصاص عليه، و يؤدب سيده- لأمره بما أفضي الي القتل- بما يراه الإمام من الحبس و التعزير و ان كان غير عالم بخطره، فالقصاص علي سيده، و يؤدّب العبد، قال احمد: يضرب و يؤدب، و نقل عنه ابو طالب، قال: يقتل الولي و يحبس العبد، حتي يموت، لأنّ العبد سوط المولي و سيفه، و كذا قال علي و أبو هريرة. و قال علي (ع): يستودع السجن.

و ممن قال بهذه الجملة الشافعي، و ممن قال: إنّ السيد يقتل، علي و أبو هريرة، و قال قتادة:

يقتلان جميعا.» «4»

13- المرداوي: «نقل ابو طالب: من أمر عبده أن يقتل رجلا، فقتله: قتل المولي، و حبس العبد حتي يموت، لأنّه سوط المولي و سيفه، كذا قال علي بن أبي طالب، و أبو هريرة رضي اللّه عنهما» «5».

______________________________

(1). مباني تكملة المنهاج 2: 14.

(2). ذخيرة الصالحين 8: 67 (مخطوط)

(3). انظر القضاء و الشهادة: 57.

(4). المغني 7: 757.

(5). الانصاف 9: 455.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 101

أقول: إنّ مضمون الرواية: من قتل الآمر و حبس المباشر، مخالف للكتاب و النصوص، فلا بد من توجيهها، أو طرحها.

1- امّا التوجيه: بالحمل علي من يتعود أمر عبيده بحجة انه محارب و مفسد حينئذ؛ فانه و إن ذبّ الإشكال الأول- قتل الآمر- و لكن يبقي الإشكال الثاني- حبس المباشر- حيث لم يتعرض له لا نفيا و لا اثباتا.

2- و اما التوجيه بالحمل علي الصغر، فلم يدفع الإشكال، و ذلك لأنّ الصغير غير مكلّف، فلا وجه لحبسه عقوبة، إلّا أن يقال: بأنّ الصغير قد يعاقب، كما في السرقة و الاستمناء و.. «1»

3- و امّا التوجيه بتخصيص العمومات بها، فهو مبني علي عدم اباء العام الكتابي- النَّفْسَ بِالنَّفْسِ- للتخصيص، و علي جواز تخصيص العام الكتابي بالخبر الواحد، و علي صحة سند الرواية، و تمامية اصالة الجد.

4- و اما التوجيه: بأنها موافقة للعامة فتطرح، فنقول: امّا من حيث الاخبار فهي مختلفة عندهم، و أمّا من حيث الآراء فكذلك فهي مختلفة عندهم: بعضهم يري قتل الآمر وحده، و بعضهم قتل المأمور وحده، و بعضهم قتلهما جميعا، و بعضهم عدم قتلهما، نعم هو قول أحمد.

إلّا أن يقال: إنّ المذهب المشهور هو قول احمد زمن صدور الرواية، فالرواية صادرة عن التقية، و لكن يقال: مجرد

وجود الخلاف في آراء العامة يغني الإمام عن التقية و عدم الارادة الجدية فلا يمكننا إعمال قاعدة الترجيح و ذلك لأنّ القول بقتل العبد و عدم قتله، موافق لأخبارهم و أقوالهم.

و الوجه طرح الرواية التي تكتفي بحبس العبد لمخالفتها الكتاب و النصوص و عدم صحة ما ذكروه من توجيهات لها، فالصحيح ما ذهب اليه جمع من الفقهاء كابن ادريس و ابن حمزة و المرحوم الوالد بأنّه: يقاد من العبد كغيره من الأحرار و يخلّد الآمر في السجن حتي يموت.

______________________________

(1). انظر الروضة البهية 10: 14.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 102

الفصل الرابع عشر حبس العبد القاتل عمدا

1- الكافي: «يونس، عن ابان بن تغلب، عمّن رواه، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: اذا قتل العبد الحرّ دفع الي أولياء المقتول، فان شاءوا قتلوه، و ان شاءوا حبسوه، و ان شاءوا استرقّوه و يكون عبدا لهم.» «1»

قال العلامة المجلسي: «و يدل هذا الخبر و الخبر الآتي علي أنّ الوارث في العمد بالخيار بين القتل و الاسترقاق، و لا خلاف في تسلّط الوليّ علي قتله، و اما اذا اراد استرقاقه فهل يتوقف علي رضا المولي؟ فالأشهر بين الأصحاب و ظاهر الأخبار العدم، و قيل يتوقف علي رضاه، لأنّ القتل عمدا يوجب القصاص، و لا يثبت المال عوضا عنه إلّا بالتراضي، و لا يخفي ضعفه في مقابلة النصوص.» «2»

الفصل الخامس عشر حبس من قتل مستأمنا

1- سنن سعيد بن منصور: «حدثنا سعيد، قال: نا عبد اللّه بن المبارك، عن معمر، عن زياد بن مسلم، ان رجلا قدم من الهند بأمان الي عدن، فقتله رجل بأخيه، فكتب فيه الي عمر بن عبد العزيز، فكتب عمر: ان لا تقتلوه به، و خذوا منه الدّية و ابعثوا بها الي ذريته، و أمر به فسجن.» «3»

و رواه ابن أبي شيبة بتفاوت «4».

______________________________

(1). الكافي 7: 304 ح 6.

(2). مرآة العقول 24: 71.

(3). سنن سعيد بن منصور 2: 295 ح 2826.

(4). المصنف 9: 451 و 12: 464 ح 15273 و 8074 و 8075.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 103

2- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن يوسف بن يعقوب أنّ رجلا من المشركين قتل رجلا من المسلمين ثم دخل بأمان، فقتله أخوه، فقضي عليه عمر بن عبد العزيز بالدية، و جعله عليه في ماله، و حبسه في السجن و

بعث بديته الي ورثته من أهل الحرب» «1».

أقول: لا خلاف عندنا في عدم الاقتصاص من المسلم بالمستأمن و لكنه يعزّر و ذلك لاعتبار التساوي في الدين- في شروط القصاص- و امّا بالنسبة الي الدية، فيغرّم دية الذمي، فان صدق علي المستأمن عنوان الذمي فيشمله الأدلة. فيجب الدية. «2» و امّا بالنسبة الي الحبس فيدور مدار صدق التعزير عليه و سيأتي في القسم الثاني البحث عنه و انه يصدق عليه ذلك.

الفصل السادس عشر حبس القاصد اهلاك ولده

و لعل الوجه فيه المنع من ارتكابه المحرّم و لم أجد من تعرض لهذه المسألة لا من فقهائنا و لا من فقهاء السنة الّا السرخسي في المبسوط، فقال: «.. و من قصد اهلاك ولده يحبس.» «3»

نعم تعرض فقهاؤنا لنوع آخر من المسألة، كما مر و هو لو قتل ولده فلا قصاص عليه بل ينفي عن بلده- كما صرح بذلك يحيي بن سعيد في الجامع للشرائع «4»، و أفتي العلامة الحلّي بتعزيره. «5»

______________________________

(1). المصنف 9: 451 و 12: 464 ح 15273 و 8074 و 8075.

(2). انظر جواهر الكلام 41: 140 كتاب القصاص.

(3). المبسوط 20: 90.

(4). الجامع للشرائع: 576- و عنه ملاذ الاخيار 16: 500.

(5). تحرير الاحكام 2: 248.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 104

الفصل السابع عشر حبس المقتص له حتي يبرأ المقتص منه

اشارة

1- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا معاذ بن معاد بن عوف، قال:

شهدت عبد الرحمن بن أذينة، أقصّ رجلا حرصتين (و هي من الجراح ما يشق الجلد شقا خفيفا في رأسه) ثم حبس المقتص له حتي ينظر المقتص منه، قال: و كان ابن سيرين ينكر هذا الحبس.» «1»

2- و فيه: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: قال عطاء: الجروح قصاص و ليس للإمام أن يضربه و لا أن يحبسه، انما هو القصاص، ما كان اللّه نسيّا لو شاء لأمر بالسجن و الضرب.» «2»

آراء فقهائنا

1- قال المحقق الحلي: «و لا يثبت القصاص فيما فيه تعزير، كالجائفة «3» و المأمومة «4»، و تثبت في الحارصة «5» و الباضعة «6» و السمحاق «7» و الموضحة «8»، و في كل جرح لا تغرير في أخذه، و سلامة النفس معه غالبة..» «9».

2- و قال العلامة الحلّي: «يشترط في القصاص في الشجاج «10» و الأعضاء انتفاء

______________________________

(1). المصنف 9: 419 ح 7874.

(2). المصنف 9: 419 ح 7975.

(3). و هي التي تصل الي الجوف من اي الجهات كان و لو من ثغرة النحر.

(4). و هي التي تبلغ أم الرأس و هي الخريطة التي تجمع الدماغ.

(5). و هي التي تقشر الجلد.

(6). و هي الآخذة كثيرا في اللحم.

(7). و هي التي تبلغ السمحاقة، و هي جلدة مغشية للعظم.

(8). و هي التي تكشف عن وضح العظم. «انظر شرايع الإسلام 4: 275».

(9). شرايع الإسلام 4: 234.

(10). و هي الجرح المختص بالرأس و الوجه.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 105

التغرير، فلا قصاص فيما فيه تغرير في النفس كالمأمومة و الجائفة، و يشترط أيضا امكان الاستيفاء من غير حيف و

لا زيادة فلا قصاص في الهاشمة «1» و المنقلة «2» و يثبت أيضا في الحارصة و الباضعة و السمحاق و في كل جرح لا تغرير فيه … » «3».

أقول: ان الحارصة مما يثبت فيها القصاص، و لا تغرير فيه، كما في الجائفة و المأمومة، و عليه فالقصاص حقه، و معه فكيف يسجن مع أنه لا يضمن السراية و هل هذا إلّا من مصاديق الحبس عن ظلم!! نعم لو لم يأمن سلامة النفس فيما لو اقتص منه فيعدل الي الدية خوفا من خطر السراية. فأين مورد الحبس حينئذ؟! «4»

هذا و لكن عن أبي يوسف الحكم بالحبس زيادة علي الأرش و العقوبة قال: «فإن لم يكن يستطاع في مثلها قصاص، حكم عليه بالأرش و عوقب و أطيل حبسه حتي يحدث توبة ثم يخلّي عنه.» «5»

______________________________

(1). و هي تهشم العظم.

(2). و هي التي نحوج الي نقل العظم «شرايع الإسلام 4: 275 و الروضة البهية 10: 267».

(3). تحرير الاحكام 2: 258.

(4). انظر جواهر الكلام 41: 335 و الروضة البهية 10: 93.

(5). الخراج: 151

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 107

الباب الثّاني الحبس في السرقة: و فيه اثنا عشر فصلا

اشارة

1- حبس السارق في الثالثة.

2- حبس السارق الأشل و الأقطع.

3- حبس سارق الحلية.

4- حبس الطرّار، و المختلس، و القفّاف.

5- حبس الناقب للبيت، و الكاسر للقفل و شبهه.

6- حبس النبّاش.

7- حبس من باع حرا.

8- حبس السارق لغيبة المسروق منه.

9- حبس قطّاع الطريق.

10- حبس من اعان قطّاع الطريق.

11- الحبس لتهمة السرقة.

أ- حبس المتهم الي أن يأتي بالمتاع المسروق.

ب- حبس المتهم بالسرقة حتي يحضر الشهود.

ج- حبس المتهم لتعديل الشهود.

د- حبس المتهم الذي يدّعي ملكية المتاع.

12- حبس المعروف بالسرقة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 109

الفصل الأوّل حبس السارق في الثالثة

اشارة

و مما اتفقت عليه الإمامية القول بحبس السارق في الثالثة بعد قطع يده و رجله في المرة الأولي و الثانية، و به قال بعض السنّة كالشعبي و الحسن و النخعي و الزهري و حماد و الثوري- علي ما في المغني- و هو رأي البصري في التفريع و الكاساني في البدائع، بل الحنفية علي ما في الفقه علي المذاهب و به وردت نصوص كثيرة بلغت حد الاستفاضة.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 109

لكن البحث في أنّه هل يخلّد، أو يطلق لو تاب، أو رأي الامام مصلحة في ذلك؟

الظاهر من الشيخ المفيد و السيد المرتضي و الديلمي و غيرهم، هو الثاني، و سوف يأتي البحث عنه في القسم الثاني من هذا الكتاب.

و فيما يلي روايات الباب ثم كلمات الفقهاء:

الروايات

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، و عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قضي أمير المؤمنين (ع) في السارق اذا سرق قطعت يمينه، و اذا سرق مرة

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 110

اخري قطعت رجله اليسري، ثم اذا سرق مرة اخري سجنته و تركت رجله اليمني يمشي عليها إلي الغائط و يده اليسري يأكل بها و يستنجي بها، و قال: إنّي لأستحيي من اللّه أن اتركه لا ينتفع بشي ء، و لكنّني أسجنه حتّي يموت في السجن.» «1»

قال المجلسي: «حسن كالصحيح» «2» و رواه الشيخ في التهذيب عنه «3».

2- و فيه:

«حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر (ع) قال:.. و سألته إن هو سرق بعد قطع اليد و الرجل فقال: استودعه السجن أبدا و أغني عن الناس شره.» «4»

و رواه الشيخ الطوسي عنه في التهذيب. «5»

قال المجلسي: «مرسل كالموثق» «6».

أقول: و الرواية مرسلة اذ فيها «عن غير واحد» فلم يعرف الراوي، إلّا علي مبني الشيخ الاستاذ و غيره فهي كالمستفيض لأنّ الراوي أكثر من واحد.

3- و فيه: «عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة بن مهران، قال: اذا اخذ السارق قطعت يده من وسط الكف، فان عاد قطعت رجله من وسط القدم، فان عاد استودع السجن، فإن سرق في السجن، قتل.» «7»

و رواه الشيخ في التهذيب: «عن يونس، عن سماعة، قال: قال ابو عبد اللّه..» «8».

و وثقه المجلسي «9».

______________________________

(1). الكافي 7: 222 ح 4- و عنه الوسائل 18: 492 ح 1- البحار 76: 185 ح 13 عن العلل.

(2). مرآة العقول 23: 344.

(3). التهذيب 10: 103 ح 19.

(4). الكافي 7: 222 ح 3- انظر علل الشرائع 2: 536 ح 2 و الوسائل 18: 492 ح 2 عن الكافي- البحار 76: 184 ح 12.

(5). التهذيب 10: 104 ح 20.

(6). مرآة العقول 23: 344- ملاذ الاخيار 16: 202.

(7). الكافي 7: 223 ح 8- انظر تفسير العياشي 1: 318 ح 105- البحار 76: 19 ح 39.

(8). التهذيب 10: 103 ح 17.

(9). مرآة العقول 23: 346- ملاذ الاخيار 16: 201.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 111

4- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن بعض اصحابه، عن

حماد، عن ابي عبد اللّه (ع) قال: لا يخلّد في السجن الّا ثلاثة: الذي يمثّل، و المرأة ترتد عن الإسلام، و السارق بعد قطع اليد و الرجل.» «1»

و رواه الشيخ في التهذيب «2»، و القاضي في الدعائم بتفاوت «3».

أقول: و هي مرسلة، و الحكم بتخليد الممثل في السجن مخالف للمشهور و قد تعرضنا له في فصل «الايذاء الجسمي».

5- الفقيه: «و روي الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل سرق فقطعت يده اليمني ثم سرق فقطعت رجله اليسري ثم سرق الثالثة قال: كان أمير المؤمنين (ع) يخلده في السجن..» «4»

6- العلل: «و بهذا الاسناد (عن محمد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن ابان) عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن قاسم بن سليمان، عن عبيد بن زرارة، قال: سألت ابا عبد اللّه (ع): هل كان علي يحبس احدا من أهل الحدود؟

فقال: لا إلّا السارق، فانه كان يحبسه في الثالثة بعد ما يقطع يده و رجله.» «5»

لعل المراد به الحبس التأبيدي، أو الحمل علي غالب المحبوسين في ذلك الزمان و قلة المحبوسين بجريمة غير السرقة، فيكون الحصر اضافيا.

7- الجعفريات: «.. عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، أن عليا (عليهم السلام) اتي بسارق فقطع يده اليمني، ثم اتي به مرة اخري فقطع رجله اليسري، ثم اتي به الثالثة فقال علي (عليه السلام): اني لأستحيي من اللّه تعالي ان أدعه بلا يد يأكل بها و يستنجي و لا رجل يمشي عليها، فجلده و استودعه الحبس» «6».

8- عن زرارة عن أبي جعفر ع عن رجل سرق فقطعت يده اليمني ثم سرق فقطعت رجله اليسري ثم سرق

الثالثة قال كان أمير المؤمنين ع يخلده في السجن و يقول: اني لأستحيي من ربي أن أدعه بلا يد يستنظف بها و لا رجل يمشي بها إلي حاجة. العياشي 1: 318 ح 104 و عنه البحار 76: 189 ح 28.

______________________________

(1). الكافي 7: 270 ح 45- و عنه الوسائل 18: 493 ح 5.

(2). التهذيب 10: 144 ح 29.

(3). دعائم الإسلام 2: 539 ح 1917- و عنه المستدرك 17: 403 ح 4.

(4). الفقيه 4: 46 ح 18- و عنه الوسائل 18: 495 ح 12- دعائم الإسلام 2: 539 ح 1917- و عنه المستدرك 18: 126 ح 3.

(5). علل الشرائع 2: 537 ح 3- و عنه الوسائل 18: 496 ح 13 و البحار 76: 185 ح 15 و 186 ح 16.

(6). الجعفريات: 140- و عنه المستدرك 18: 125 ح 1.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 112

أورده العياشي عن السكوني و فيه «و انفق عليه من بيت المال» «1».

8- الارشاد: «روي زيد بن الحسن بن عيسي، قال ابو بكر بن أبي اويس، عن عبد اللّه بن سمعان، عن عبد اللّه بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده عن أمير المؤمنين (ع) انه كان يقطع يد السارق اليمني في أول سرقته، فان سرق ثانية قطع رجله اليسري، فان سرق ثالثة خلّده في السجن.» «2»

9- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي اللّه عنهم، انه كان يقطع يمين السارق، فان عاد فسرق، قطع رجله اليسري، فان عاد فسرق استودعه السجن، و قال: إني لأستحيي من اللّه تعالي أن اتركه ليس له شي ء يأكل به و لا يشرب و لا يستنجي به اذا اراد

أن يصلي.» «3»

10- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا جرير، عن (منصور، عن) أبي الضحي و عن مغيرة، عن الشعبي قالا: كان علي يقول: اذا سرق السارق مرارا قطعت يده و رجله ثم إن عاد استودعته السجن.» «4»

11- و فيه: «حدثنا ابو بكر قال حدثنا ابن ادريس عن حصين عن الشعبي و عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد اللّه بن سلمة: إن عليا اتي بسارق فقطع يده اليمني، ثم اتي به فقطع رجله اليسري ثم اتي به الثالثة، فقال: إنّي استحيي أن أقطع يده يأكل بها و يستنجي بها، و في حديث بعضهم: ضربه و حبسه.» «5»

12- و فيه: «حدثنا ابو بكر، قال حدثنا ابو اسامة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن مكحول، ان عمر قال: إذا سرق فاقطعوا يده، ثم ان عاد فاقطعوا رجله، و لا تقطعوا يده الاخري و ذروه يأكل بها الطعام و يستنجي بها من الغائط، و لكن

______________________________

(1). تفسير العياشي 1: 319 ح 106.

(2). الارشاد: 267- و عنه الوسائل 18: 496 ح 15.

(3). مسند زيد: 302.

(4). المصنف 9: 509 ح 8309.

(5). المصنف 9: 512 ح 8319- انظر سنن الدارقطني 3: 180 ح 287- السنن الكبري 8: 275- كنز العمال 5: 553 ح 13929، عن البغوي- المحلي 11: 354.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 113

احبسوه عن المسلمين» «1».

13- و فيه:: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا ابن نمير، عن عبد الملك، عن عطاء سئل:

أ يقطع السارق اكثر من يده و رجله؟ قال: لا و لكنه يحبس.» «2»

14- المصنف:: «عبد الرزاق، عن معمر، عن جابر، عن الشعبي: كان علي لا يقطع الّا اليد و الرجل، و إن

سرق بعد ذلك سجن و نكّل، و كان يقول: إنّي لأستحيي اللّه ألّا ادع له يدا يأكل بها و يستنجي.» «3»

15- و فيه:: «اخبرنا عبد الرزاق، عن اسرائيل بن يونس، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي، عن عمر انه أتي برجل قد سرق، يقال له: سدوم فقطعه، ثم اتي به الثانية فقطعه، ثم اتي به الثالثة، فأراد ان يقطعه فقال له علي (ع):

لا تفعل، إنّما عليه يد و رجل، و لكن احبسه.» «4»

16- الخراج:: «و حدثنا الحجاج بن ارطاة، عن عمرو بن مرة، عن عبد اللّه بن سلمة قال: كان علي رضي اللّه عنه يقول في السارق: تقطع يده فان عاد قطعت رجله، فان عاد استودع السجن.» «5»

17- و فيه: «حدثنا الحجاج عن عمرو بن دينار، إنّ نجدة كتب الي عبد اللّه بن عباس يسأله عن السارق، فكتب اليه بمثل قول علي رضي اللّه عنه، و بلغنا ان ابا بكر فعل مثل ذلك بسارق.» «6»

18- و فيه: «حدثنا الحجاج عن سماك عمن حدثه أن عمر استشار في السارق فأجمعوا علي أنه إن سرق قطعت يده، فان عاد قطعت رجله، فان عاد استودع السجن.» 7

أقول: هذا، و قد ذكرنا روايات اخري تتعلق بالباب، في بحث نفقة المسجون،

______________________________

(1). المصنف 9: 510 ح 8312- و عنه كنز العمال 5: 544 ح 13885.

(2). المصنف 9: 511 ح 8316.

(3). مصنف عبد الرزق 10: 186 ح 18764- كنز العمال 5: 549 ح 13906.

(4). مصنف عبد الرزاق 10: 186 ح 18766- و عنه كنز العمال 5: 545 ح 13889.

(5). الخراج: 174- مصنف ابن ابي شيبة 9: 512 ح 8320.

(6) 6 و 7. الخراج: 174- كنز العمال 5: 553

ح 13923، عن سعيد بن منصور، و مسلم، و البخاري.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 114

و عليه يمكن دعوي الاستفاضة بل التواتر في المقام كما صرح بذلك في الجواهر فقال:

«.. الي غير ذلك من النصوص التي يمكن دعوي تواترها أو القطع بمضمونها.» «1»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الصدوق: «و اذا اخذ السارق مرة قطعت يده من وسط الكف فان عاد قطعت رجله من وسط القدم فان عاد استودع السجن، فان سرق في السجن قتل..» «2»

2- الشيخ المفيد: «.. فان سرق ثالثة بعد (أن) قطعت رجله اليسري، و كانت سرقته من حرز ما قيمته ربع دينار خلّد في الحبس الي أن يموت أو يري الإمام صلاحا منه و توبة و اقلاعا و يعلم أن في إطلاقه صلاحا فلا بأس أن يخلّي سبيله اذا كان الأمر علي ما وصفناه.» «3»

3- السيد المرتضي: «و مما انفردت به الامامية القول: بأنّ من سرق ما يبلغ نصاب القطع من حرز قطعت يمينه من الموضع الذي ذكرناه، فان سرق ثانيا قطعت رجله اليسري، فان سرق ثالثة بعد قطع رجله اليسري خلّد في الحبس الي أن يموت أو يري الإمام رأيه، فان سرق في الحبس من حرز ما هو نصاب القطع ضربت عنقه.» «4»

4- الشيخ الطوسي: «.. و ان سرق ثالثا قطعت يده اليسري عند قوم، و عندنا يخلد الحبس.» «5»

5- و قال في النهاية: «فإن سرق بعد ذلك- أي مرتين- خلّد السجن، فان سرق في السجن من حرز القدر الذي ذكرناه، قتل.» «6»

6- ابو الصلاح الحلبي: «.. فان سرق ثالثة خلد الحبس فان سرق في الحبس قتل

______________________________

(1). جواهر الكلام 41: 534.

(2). المقنع (ط جديدة): 150.

(3). المقنعة: 802.

(4). الانتصار: 263.

(5). المبسوط 8: 35-

انظر الخلاف 6: 436 مسألة 30.

(6). النهاية: 717.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 115

صبرا.» «1»

7- سلار بن عبد العزيز: «فان سرق ثالثة خلّد الحبس الي أن يموت، أو يري الامام منه توبة و صلاحا فيخليه، فان سرق في الحبس من حرز نصابا ضربت عنقه.» «2»

8- علي بن حمزة: «.. و ان عاد السارق ثالثا خلّد في السجن، فان سرق في السجن قتل.» «3»

9- القاضي ابن البراج: «.. فان سرق ثالثا، خلّد الحبس.» «4»

10- السيد ابن زهرة: «و اذا تكاملت شروط القطع قطعت يمين السارق اوّل مرة فان سرق ثانية قطعت رجله اليسري … فان سرق ثالثا خلّد في الحبس إلي أن يموت أو يري «5» ولي الأمر فيه رأيه.» «6»

11- ابن ادريس الحلي: «فان سرق بعد ذلك- أي بعد مرتين- خلّد السجن، فان سرق في الحبس من حرز القدر الذي ذكرناه، قتل عندنا بلا خلاف.» «7»

12- المحقق الحلي: «و لو سرق ثلاثة حبس دائما.» «8»

13- و قال في الشرائع: «.. فان سرق ثالثة، حبس دائما، و لو سرق بعد ذلك قتل.» «9»

14- يحيي بن سعيد: «فان سرق ثالثة وجب ان يخلد في السجن مخلدا ابدا.» «10»

15- العلامة الحلي: «.. فان سرق ثالثة حبس دائما يخلد في السجن.» «11»

______________________________

(1). الكافي في الفقه: 411.

(2). المراسم: 259.

(3). الوسيلة: 420.

(4). المهذب 2: 545.

(5). و الصحيح: او يري.

(6). الغنية: 432.

(7). السرائر 3: 489.

(8). المختصر النافع: 225.

(9). شرايع الإسلام 4: 176.

(10). نزهة الناظر: 122.- الجامع للشرائع 561.

(11). تحرير الاحكام 2: 231.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 116

16- و قال في القواعد: «.. فان عاد ثالثا خلّد في السجن، فان سرق بعد ذلك من السجن أو غيره قتل.» «1»

17- الشهيدان:

«و في السرقة الثالثة بعد قطع اليد و الرجل يحبس ابدا الي أن يموت، و لا يقطع من باقي اعضائه.» «2»

18- الفاضل المقداد: «.. فالمشهور عند الفقهاء القطع من مفصل الكف عن الساعد، و عند اصحابنا هو قطع الأصابع الأربع من اليد اليمني، و يترك له الراحة و الابهام، فان عاد ثانيا مع الشرائط و القطع أولا قطعت رجله اليسري، و يترك له العقب، فان عاد ثالثا بعد قطع الرجل خلّد في السجن حتي يموت، فان سرق في السجن قتل.» «3»

19- الشيخ البهائي: «و اما موارد الحبس المخلد: فهو حدّ لطوائف:.. الثانية: من سرق ثالثة بعد أن قطعت يده و رجله.» «4»

20- الحر العاملي: «يجب قطع يد من سرق ربع دينار فصاعدا أو قيمته من حرز و يقطع من اليمني الأصابع الأربع و يترك الكف، فان سرق ثانيا قطعت رجله اليسري من الكعب و يترك العقب، و يجب الحسم و المداواة، فان سرق ثالثا خلّد في السجن، فان سرق فيه قتل.» «5»

21- العلّامة المجلسي: «.. من سرق ثالثة بعد أن قطعت يده و رجله، يحبس ابدا.» «6»

22- السيد الطباطبائي: «و لو عاد فسرق مرة ثالثة حبس في السجن دائما و انفق عليه من بيت المال مع فقره لا مطلقا.» «7»

______________________________

(1). قواعد الاحكام 2: 270.

(2). الروضة البهية 9: 285.

(3). كنز العرفان 2: 350.

(4). جامع عباسي: 423.

(5). بداية الهداية 2: 468.

(6). حدود، قصاص، ديات: 37.

(7). رياض المسائل 16: 131.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 117

23- الفاضل الهندي: «فان عاد خلّد السجن حتي يموت أو يتوب و يري الإمام منه صلاحا و إقلاعا و ان في اطلاقه صلاحا، و انفق عليه من بيت المال إن لم يكن

له ما ينفق علي نفسه.» «1»

24- الشيخ محمد حسن النجفي: «و كيف كان فان سرق ثالثة حبس دائما حتي يموت أو يتوب و انفق عليه من بيت المال إن لم يكن له مال و لا يقطع شي ء منه بلا خلاف اجده في شي ء من ذلك نصا و فتوي بل يمكن دعوي القطع به من النصوص.» «2»

25- الشيخ عبد اللّه المامقاني: «و لو سرق ثالثا لم يقطع منه شي ء، بل يحبس حبسا دائما حتي يتوب أو يموت و ينفق عليه ما دامه محبوسا من بيت المال إن لم يكن له مال.» «3»

26- الإمام الخميني: «.. و ان سرق ثالثا حبس دائما حتي يموت و يجري عليه من بيت المال، ان كان فقيرا.» «4»

27- السيد الخوئي: «و إن سرق ثالثة حبس دائما و انفق عليه من بيت المال، و إن سرق في السجن قتل، و لا فرق في ذلك بين المسلم و الكافر و الذكر و الانثي، و الحر و العبد..» «5»

28- الشيخ الوالد: «فان عاد ثالثا خلّد في السجن دائما حتي يموت، و انفق عليه من بيت المال، ان لم يكن له مال.» «6»

29- السيد الگلپايگاني: «من سرق بعد قطع يده و رجله في سرقتين قبله، يحبس حتي يموت.» «7»

______________________________

(1). كشف اللثام 2: 249.

(2). جواهر الكلام 41: 533.

(3). مناهج المتقين: 502.

(4). تحرير الوسيلة 2: 440.

(5). مباني تكملة المنهاج 1: 305.

(6). ذخيرة الصالحين 8: 55 (مخطوط).

(7). مجمع المسائل 3: 209.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 118

أقول: لم أجد من خالف في حبس السارق في الثالثة بين فقهائنا.

آراء المذاهب الاخري

30- المدونة: «قلت: أ رأيت من سرق مرة بعد مرة أ تقطع يده اليمني ثم رجله اليسري ثم يده

اليسري ثم رجله اليمني في قول مالك؟ قال: نعم، و قال مالك: فان سرق بعد، ضرب و حبس.» «1»

31- ابو يوسف: «و اذا سرق الرجل و هو أشل اليد اليمني قطعت يمينه الشلاء فاذا كانت الشلاء هي اليسري لم أقطع اليمني من قبل أن يده اليمني إن قطعت ترك بغير يد، فلا ينبغي أن يقطع، و كذلك إذا كانت الرجل اليمني شلاء لم تقطع يده اليمني لئلا يكون من شق واحد ليس له يد و لا رجل، فان كانت الرجل اليمني صحيحة و الرجل اليسري شلاء قطعت يده اليمني من قبل أنّ الشلل في الشّق الآخر، فان عاد فسرق قطعت رجله اليسري الشلاء، فان عاد فسرق لم يقطع، و لكن يحبس عن المسلمين و يوجع عقوبة الي ان يحدث توبة..» «2»

32- ابن الجلاب: «و من سرق ربع دينار من الذهب أو ثلاثة دراهم من الورق، أو عرضا يساوي ذلك فعليه القطع، إذا سرقه من حرزه و أخرجه الي غيره، و أول ما يقطع للسارق من الأعضاء، يده اليمني و تحسم بالنار و تكوي ثم إن سرق قطعت الرجل اليسري، ثم ان سرق قطعت اليد اليسري، ثم ان سرق قطعت الرجل اليمني، ثم ان سرق بعد ذلك ضرب و حبس.» «3»

33- الكاساني: «.. فتقطع اليد اليمني في السرقة الأولي و تقطع الرجل اليسري في السرقة الثانية و لا يقطع بعد ذلك اصلا و لكنه يضمن السرقة و يعزر و يحبس حتي يحدث توبة» «4».

______________________________

(1). المدونة الكبري 6: 282.

(2). الخراج: 174.

(3). التفريع 2: 227 فصل: 942.

(4). بدائع الصنائع 7: 86.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 119

34- الموصلي: «و تقطع يمين السارق من الزند و تحسم، فان

عاد قطعت رجله اليسري، فان عاد، لم يقطع و يحبس حتي يتوب.» «1»

35- ابن قدامة: «الخرقي: ابتداء قطع السارق أن تقطع يده اليمني من مفصل الكف و يحسم، فان عاد قطعت رجله اليسري من مفصل الكعب و حسمت، فان عاد حبس و لا يقطع غير يد و رجل، و قال المقدسي في شرحه: و بهذا قال علي رضي اللّه عنه و الحسن و الشعبي و النخعي و الزهري و حماد و الثوري و اصحاب الرأي، و عن أحمد انه تقطع في الثالثة يده اليسري و في الرابعة رجله اليمني و في الخامسة يعزر و يحبس.» «2»

36- المرداوي: «قوله- فان عاد، حبس و لم يقطع- يعني بعد قطع يده اليمني و رجله اليسري- و هذا المذهب بلا ريب، قال في الفروع: هذا المذهب، و اختاره ابو بكر و الخرقي و ابو الخطاب في خلافه و ابن عقيل و الشيرازي و المصنف و الشارح و غيرهم، و قدمه في الخلاصة و المغني و الشرح و المحرر و النظم و الرعايتين و الحاوي الصغير و غيرهم، و عنه..

فعلي المذهب: يحبس في الثالثة حتي يتوب كالمرة الخامسة؛ و هذا المذهب، و عليه الاصحاب و قطعوا به، و أطلق المصنف و جماعة الحبس و مرادهم الأول، و قال في الايضاح: يحبس و يعذّب، و قال في التبصرة: يحبس أو يغرّب. قلت: التغريب بعيد، و قال في البلغة و الرعاية: يعزر و يحبس حتي يتوب» «3».

37- ابن النجار: «فان عاد فسرق بعد قطع يده و رجله حبس حتي يتوب» «4».

38- الجزيري: «الحنفية- قالوا: فان عاد و سرق بعد أن قطعت يده اليمني و رجله اليسري، يقف إيقاع الحد و لا يجب

عليه القطع في المرة الثالثة، بل يضمن السرقة و يحبس و يضرب حتي يتوب عن السرقة». و أبو حنيفة يذهب الي: ان رجله اليسري تقطع في الثانية، و في الثالثة الحبس، الشافعية: و ان سرق الخامسة عزر و حبس.» «5»

______________________________

(1). الاختيار 4: 109.

(2). المغني 8: 264- انظر المحلي 11: 354.

(3). الانصاف 10: 285.

(4). منتهي الارادات 2: 489.- انظر: شرح منتهي الارادات للبهوتي 3: 374.

(5). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 159- انظر: الانتصار: 263- مختصر المزني (المطبوع مع الام) 8: 264. أقضية رسول الله: 64.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 120

الفصل الثاني حبس السارق الأشل، و الأقطع

اشارة

لو سرق من هو أقطع اليدين و الرجلين فحكمه الحبس كما أفتي بذلك الشيخ الطوسي في النهاية و ابن البراج في الكامل- علي ما في المختلف- و العلامة الحلي في القواعد، و قوّاه في التحرير و استدل له الفاضل الهندي في كشف اللثام و صاحب الجواهر و به قال مالك و الشافعي و ابو ثور و اصحاب الرأي؛ و ان كان خلاف المشهور، و نفاه صريحا جمع كابن ادريس و المحقق في النافع و الشرائع و العلّامة في المختلف و الأردبيلي في المجمع، و جمع من المعاصرين، و إليك كلمات من أفتي فيه بالحبس، ثم كلمات من خالفهم.

الروايات

1- البيهقي: «أخبرنا ابو حازم و ابو نصر بن قتادة، قالا: انبا ابو الفضل الكرابيسي، أنبأ احمد بن نجدة، ثنا سعيد بن منصور، ثنا أبو الأحوص، ثنا سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عائذ، قال: أتي عمر بن الخطاب برجل أقطع اليد و الرجل قد سرق، فأمر به عمر أن يقطع رجله، فقال علي رضي اللّه عنه: انما قال اللّه عز و جل: «إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ «1»..» فقد قطعت يد هذا و رجله فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها، إمّا أن تعزّره و اما أن تستودعه السجن، قال: استودعه السجن.» «2»

2- شرح منتهي الارادات: «روي عن أبي سعيد المقبري عن أبيه، قال: حضرت علي بن أبي طالب أتي برجل مقطوع اليد و الرجل قد سرق، فقال لأصحابه ما ترون في هذا؟ قالوا: اقطعه يا أمير المؤمنين (ع)، قال: أقتله إذن، و ما عليه القتل بأيّ شي ء

______________________________

(1). المائدة: 33.

(2). السنن الكبري 8: 274- كنز العمال 5: 553 ح 13928- المحلي 11:

355.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 121

يأكل الطعام؟ بأيّ شي ء يتوضأ للصلاة؟ بأيّ شي ء يغتسل من جنابته؟ بأيّ شي ء يقوم الي حاجته؟ فردّه الي السجن أياما ثم أخرجه فاستشار أصحابه، فقالوا مثل قولهم الأول، و قال لهم مثل ما قال اوّل مرة، فجلده جلدا شديدا ثم أرسله» «1».

آراء الفقهاء المثبتين للحبس

1- الشيخ الطوسي: «و من وجب عليه قطع اليمين فكانت شلّاء، قطعت، و لا تقطع يسراه، و كذلك من وجب عليه قطع رجله اليسري فكانت كذلك، قطعت، و لا تقطع رجله اليمني. و من سرق و ليس له اليمني فإن كانت قطعت في القصاص أو غير ذلك، و كانت له اليسري قطعت يسراه … فان لم يكن له رجل، لم يكن عليه أكثر من الحبس علي ما بيّناه.» «2»

2- و قال في المسائل الحلبية: «المقطوع اليدين و الرجلين اذا سرق ما يوجب القطع وجب أن نقول: الإمام مخير في تأديبه و تعزيره، أيّ نوع اراد فعل، لأنّه لا دليل علي شي ء بعينه، و ان قلنا: يجب أن يحبس ابدا، لأن القطع لا يمكن هاهنا، و لا يمكن غير ما ذكرناه، و تركه، مخالفة اسقاط حدوده؛ كان قويا، هذا آخر المسألة.» «3»

3- القاضي ابن البراج في الكامل: «و من كانت يده اليمني قد قطعت و له اليسري و سرق قطعت يسراه، فان لم يكن له يسري، قطعت رجله، فان لم يكن له رجل، لم يكن عليه غير الحبس.» «4»

4- العلامة الحلي: «و لو لم يكن له يد و لا رجل حبس.» «5»

5- و قال في التحرير: «في المقطوع اليدين و الرجلين:.. و ان قلنا يجب أن يحبس ابدا لانتفاء إمكان القطع، و غيره ليس بممكن و لا

يمكن إسقاط الحدود كان قويا،

______________________________

(1). شرح منتهي الارادات 3: 374- و قال: حكمة حبسه كفّه عن السرقة و تعزيره.

(2). النهاية: 717- انظر المبسوط 8: 39، الخلاف 5: 441 مسألة 37.

(3). نقله عنه في السرائر 3: 489.

(4). المختلف 9: 222 المسألة 78- انظر 9: 243- و 250.

(5). قواعد الاحكام 2: 271.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 122

و اختار ابن ادريس التعزير.» «1»

6- الفاضل المقداد: «و يثبت- أي الحبس- في مواضع:.. السارق بعد قطع يده و رجله في مرتين أو سرق و لا يد له و لا رجل.» «2»

7- الشهيد الثاني: «و لو لم يكن له رجل حبس.» «3»

قال في المسالك و فيه اشكال لأن النص انما ورد بكون الحبس عقوبة في المرة الثالثة بعد القطعين، و لم يتحقق هنا فإثباته عن المرة الاولي تخط عن موضع الإذن من الشارع و قياس مع وجود الفارق. 14: 524.

8- الفاضل الهندي، بعد نقل كلام الحلي في القواعد: «لثبوته في الشرع عقوبة للسرقة في الجملة.» «4»

9- الشيخ محمد حسن النجفي، في مقام تقريب كلام الشيخ الطوسي: «حبس دائما و لعله لثبوته عقوبة للسرقة في الجملة» «5».

آراء المذاهب الاخري

10- المدونة: «قلت: أ رأيت الذي لا يدين له و لا رجلين اذا سرق، و هو عديم لا مال له، فاستهلك سرقته، فأخذ أ يضربه و يسجنه و يضمنه السرقة في قول مالك؟ قال نعم، و لم اسمعه انا منه.» «6»

11- ابن قدامة: «و من سرق و له يمني فقطعت في قصاص أو ذهبت باكلة أو تعدّي عليه متعد فقطعها، سقط القطع و لا شي ء علي العادي الّا الأدب و بهذا قال مالك و الشافعي و أبو ثور و اصحاب الرأي» «7».

آراء فقهائنا النافين للحبس فيه

1- ابن ادريس، قال بعد كلام الشيخ في المسائل الحلبية: «الأقوي عندي: ان من

______________________________

(1). تحرير الاحكام 2: 231.

(2). نضد القواعد الفقهية: 499.

(3). الروضة البهية 9: 285- انظر المسالك 14: 522.

(4). كشف اللثام 2: 249.

(5). جواهر الكلام 41: 538.

(6). المدونة الكبري 6: 282.

(7). المغني 8: 263- انظر الانصاف 10: 263.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 123

ذكر حاله لا يجوز حبسه ابدا اذا سرق اوّل دفعة بل يجب تعزيره لأنّ الحبس هو حد من سرق في الثالثة بعد تقدم دفعتين، قد اقيم عليه الحد فيهما، فكيف يفعل به ما يفعل في حد الدفعة الثالثة، في حد الدفعة الأولي.» «1»

2- المحقق الحلي: «قال الشيخ في النهاية: و لو لم يكن له رجل لم يكن عليه اكثر من الحبس و في الكل تردد.» «2»

3- و قال في الشرائع: «قال في النهاية:.. و لو سرق و لا يد له و لا رجل، حبس، و في الكل إشكال.» «3»

4- العلامة الحلي: «و لو سرق و لا يد له و لا رجل حبس، و في الجميع إشكال ينشأ من تعلّق الحد بعضو فلا ينتقل الي غيره.» «4»

5- و قال

في المختلف بعد كلام ابن ادريس: «و لا بأس به» «5».

6- ابن فهد الحلي: « … فالاولي ان يقال: للإمام تأديبه بما شاء، من تعزير او حبس او غيره.» المهذب البارع 5: 113 و مثله 5: 90.

7- قال المحقق الأردبيلي: «و لو لم يكن للسارق حين سرقته يد و لا رجل اصلا حبس حتي يموت كما اذا سرق في المرتبة الثالثة بعد قطع اليد اليمني و الرجل اليسري بل هنا بالطريق الأولي لأنّه اذا كان مع بقاء يد و رجل لا يقطع بل يحبس، ففيما اذا لم يكن شي ء منهما بالطريق الأولي، فيه تأمل اذ لا يلزم من ايجاب المرة الثالثة الحبس دائما ايجاب المرة الأولي ذلك و هو ظاهر فالدليل هو قياس مع الفارق نعم لو ثبت أنّ السبب في المرة الثالثة هو السرقة مع عدم بقاء محل القطع يلزم ذلك و لكن أنّي اثبات ذلك.» «6»

8- السيد الطباطبائي: «.. ثم مع فقدهما هل يحبس أم لا بل يعزر؟ وجوه و أقوال، أحوطهما الاكتفاء بالتعزير.» «7»

______________________________

(1). السرائر 3: 490.

(2). المختصر النافع: 225.

(3). شرايع الإسلام 4: 177.

(4). تحرير الاحكام 2: 231.

(5). المختلف 9: 223 المسألة 78.

(6). مجمع الفائدة ج 13: 262.

(7). رياض المسائل 16: 140.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 124

9- الشيخ محمد حسن النجفي: «.. فالمتّجه حينئذ سقوط الحد بسقوط موضوعه الثابت من الأدلة خصوصا بعد درئه بالشّبهة، فيبقي التعزير المنوط بنظر الحاكم في ذلك كله و في من سرق و لا يدين له و لا رجل يسري أو يمني، اذ احتمال الانتقال الي الثانية، أو الحبس دائما قد عرفت ما فيه، بل قد يقال بثبوت التعزير حتي لو سرق ثانيا أو ثالثا،

و ان كان المحل موجودا، الّا انه مترتب علي حصول القطع أولا، و الفرض عدمه.» «1»

10- السيد الخميني: «من سرق و ليس له اليمني، قيل: فان كانت مقطوعة في القصاص أو غير ذلك، و كانت له اليسري قطعت يسراه، فان لم تكن له أيضا اليسري قطعت رجله اليسري، فان لم يكن له رجل، لم يكن عليه أكثر من الحبس، و الأشبه في جميع ذلك سقوط الحد و الانتقال الي التعزير.» «2»

11- السيد الخوئي: «لو سرق من لا يمين له سقط عنه القطع، و لا ينتقل الي اليسري، و لا الي الرجل اليسري و لا الي الحبس، و كذا لو سرق فقطعت يده اليمني، ثم سرق ثانيا و لم تكن له رجل يسري، فانه يسقط عنه القطع و لا تقطع يده اليسري، و لا رجله اليمني، و لا ينتقل الي الحبس، كما أن مثل هذا الرجل لو سرق ثالثة لم يحبس، و قال أيضا:..

إنّ الحبس حكم من جري عليه الحد مرتين دون غيره، فالتعدي يحتاج الي دليل، نعم يثبت التعزير في جميع ذلك حسب ما يراه الحاكم.» «3»

12- الشيخ الوالد- قدس سرّه- و هذا- الحبس- خلاف المشهور، و عن السيد في الرياض: أحوط الأقوال الاكتفاء بالتعزير، و لما كانت المسألة غير منقّحة، فالاحوط ما عليه السيد، و اللّه العالم بحقائق أحكامه.» «4»

أقول: و المتجه سقوط الحد بسقوط موضوعه كما عليه جمع من اعاظم فقهائنا كابن ادريس و صاحب الجواهر و الرياض و من المعاصرين كالسيد الامام الخميني (قدس

______________________________

(1). جواهر الكلام 41: 539- راجع الديات للمجلسي: 37.

(2). تحرير الوسيلة 2: 441.

(3). مباني تكملة المنهاج 1: 307 مسألة 244.

(4). ذخيرة الصالحين 8: 59 (مخطوط).

موارد السجن في النصوص و

الفتاوي، ص: 125

سرّه) و السيد الخوئي و الشيخ الوالد. بل لعدم الدليل علي ثبوت الحبس، نعم يثبت عليه التعزير لأنّه الأصل في ارتكاب كل محرم لم يرد فيه نص بالخصوص. «1» فيمكن توجيه كلام الشيخ: بأن الحبس من باب التعزير لا الحد.

الفصل الثالث حبس سارق الحلية

قال يحيي بن سعيد: «و لا قطع في الحلية، و فيها الضرب و الحبس.» «2»

أقول: لعل وجهه أنه سرق من غير حرز، فيصدق عليه المختلس و هو: الذي يستلب الشي ء ظاهرا من الطرقات، أو يختلس الدرّة من اذن الجارية، و قد وردت الروايات بضربه و حبسه، و لم أر من فقهائنا- أعلي اللّه كلمتهم- من أفتي بذلك غيره، بل اكتفوا بتعزيره بما يراه الحاكم، و قد يقال بشمول التعزير للحبس- كما أشرنا اليه في القسم الثاني من الكتاب.

الفصل الرابع حبس الطرّار و المختلس و القفّاف

اشارة

وردت روايات بحبس الطرار و المختلس و القفاف و به قال بعض العامة كأبي يوسف.

أما الامامية: فأفتوا بالقطع في الأول، و التعزير في الثاني و الثالث، فلا حبس في هذه الموارد عندنا.

______________________________

(1). انظر رياض المسائل 16: 140.

(2). الجامع للشرائع: 562.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 126

الروايات

1- الكافي: «و بهذا الاسناد [علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال]: إنّ أمير المؤمنين عليه السلام اتي برجل اختلس درّة من اذن جارية، قال: هذه الدغارة «1» المعلنة، فضربه و حبسه». «2»

و رواه الشيخ في التهذيب «3» عنه، و فيه: هذه الزعّارة «4».

2- الدعائم: «و عنه [علي- ع-] أنه قال في المختلس «5»: لا يقطع و لكنه يضرب و يسجن..» «6»

3- و فيه: «عن جعفر بن محمد (ع) أنه: لا يقطع الطرّار «7» و هو الذي يقطع النفقة من كمّ الرجل أو ثوبه، و لا المختلس و هو الذي يختطف الشي ء و لكن يضربان ضربا شديدا و يحبسان» «8».

4- الجعفريات: «اخبرنا عبد اللّه، اخبرنا محمد، حدثني موسي، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: انّ عليّا (ع) رفع اليه أن رجلا اختلس ظرفا من ذهب من جارية، فقال علي (ع): ادرء عنه الدغارة المغلبة فضربه و حبسه، و قال: لا قطع علي المختلس» «9».

5- و فيه: «اخبرني عبد اللّه، اخبرنا محمد، كتب الي محمد بن محمد بن الأشعث،

______________________________

(1). أخذ الشي ء اختلاسا/ لسان العرب 4: 288- انظر النهاية 2: 123.

(2). الكافي 7: 226 ح 7- و عنه الوسائل 18: 503 ح 4.

(3). التهذيب 10: 114 ح 67.

(4). أي شراسة و سوء خلق/

لسان العرب 4: 323.

(5). هو الذي يأخذ المال خفية من غير الحرز- و المستلب هو الذي يأخذه جهرا و يهرب مع كونه غير محارب، يقال:

خلست الشي ء: اختطفته بسرعة علي غفلة/ مجمع البحرين 4: 66- انظر النهاية 2: 61.

(6). دعائم الإسلام 2: 472 ح 1686- و عنه المستدرك 18: 131 ح 3.

(7). هو الذي يقطع النفقات و يأخذها علي غفلة من أهلها مجمع البحرين 3: 377 الذي يشق كمّ الرجل و يسلّ ما فيه، من الطرّ: القطع و الشق/ انظر النهاية 3: 118.

(8). دعائم الإسلام 2: 473 ح 1690- و عنه المستدرك 18: 132 ح 2.

(9). الجعفريات: 139- و عنه المستدرك 18: 131 ح 1، و فيه: المعلنة بدل: المغلبة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 127

حدثني موسي، قال: حدثنا أبي عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي عليه السلام انه قال: اربعة لا قطع عليهم:

المختلس، فانما هي الدغارة المغلبة، عليه ضرب و حبس … » «1»

6- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا محمد بن بشر عن سعيد، عن قتادة، إن غلاما اختلس طوقا، فرفع الي عدي بن ارطاة، فسأل الحسن عن ذلك، فقال:

لا قطع عليه، و سأل عن ذلك أياس بن معاوية، فأمر بقطعه فلما اختلفا كتب في ذلك الي عمر بن عبد العزيز، فكتب اليه عمر: ان العرب كانت تدعوها عدوة الظهيرة، لا قطع عليه، و لكن أوجع ظهره و أطل حبسه» «2».

و رواه عبد الرزاق، و فيه: «يعاقب المختلس و يخلّد الحبس» «3».

7- المصنف: «اخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال: لا قطع علي المختلس، و لكن يسجن و

يعاقب.» 4

آراء فقهائنا في الطرّار و المختلس و القفاف

1- الشيخ المفيد: «و في الخيانة و الخلسة، العقوبة بما دون الحد.» «5»

2- الشيخ الطوسي: «و المختلس هو الذي يستلب الشي ء ظاهرا من الطرقات و الشوارع، و لا يجب عليه قطع، بل يجب عليه عقاب مردع حسب ما يراه الإمام أو من نصبه.» «6»

3- و قال في الخلاف: «من سرق من جيب غيره و كان باطنا بأن يكون فوقه قميص آخر أو من كمّه و كان كذلك كان عليه القطع و إن سرق من الكم الأعلي أو الجيب الأعلي فلا قطع عليه سواء شدّه في الكم من داخل أو من خارج. و قال جميع الفقهاء:

______________________________

(1). الجعفريات: 139- و عنه المستدرك 17: 403 ح 2- و 18: 131 ح 1، و فيه: الدغارة المعلنة.

(2). المصنف 10: 46 ح 8714.

(3) 3 و 4. مصنف عبد الرزاق 10: 209 ح 18854 و 18856.

(5). المقنعة: 804.

(6). النهاية: 722.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 128

عليه القطع و لم يعتبروا قميصا فوق قميص..» «1»

4- و قال في المبسوط: «جيب الانسان إن كان باطنا فهو حرز لما فيه، و كذلك الكم عندنا، و ان كان ظاهرا فليس بحرز، و قال قوم: الجيب حرز لما يوضع فيه في العادة و لم يفصّلوا، فاذا ادخل الطرار يده في جيبه، فأخذه، أو بسط الجيب أو بسط الجيب و الصرة معا، فأخذه فعليه في كل هذا القطع، و الكم في مثله علي ما قلناه، ان ادخل يده فيه فأخذه، أو خرق الكم، أو بطّه فأخذه أو بطّ الكم و الخرقة فأخذه فعليه القطع.» «2»

5- ابو الصلاح الحلبي: «و يقطع الطرّار من الجيب و الكم الباطن و يؤدب طرّار الكم الظاهر.» «3»

6- سلار بن

عبد العزيز: «و لا يقطع من سرق من جيب انسان أو كمه من القميص بل يعزر، و ان كان القميص باطنا قطع.» «4»

7- القاضي ابن البراج: «و امّا المختلس: فهو الذي يستلب الشي ء من الطرق و الشوارع ظاهرا، فاذا فعل شيئا من ذلك وجب أن يعاقب عقوبة يرتدعه عن مثل ما فعله، و ذلك يكون بحسب ما يراه الإمام أصلح و أردع، و لا يجب عليه قطع في ذلك علي وجه من الوجوه.» «5»

8- علي بن حمزة الطوسي: «المختلس: من يستلب الشي ء ظاهرا فإن أظهر السلاح فهو محارب، و ان لم يظهر استحق العقوبة الرادعة دون القتل و القطع.» «6»

9- قال المحقق الحلي في الطرّار: «و لا يقطع من سرق من جيب انسان أو كمه الظاهرين، و يقطع لو كانا باطنين.» «7»

______________________________

(1). الخلاف 5: 451 مسألة 51.- انظر النتف 2: 653.

(2). المبسوط 8: 45.

(3). الكافي في الفقه: 412.

(4). المراسم: 258.

(5). المهذب 2: 554.

(6). الوسيلة: 423.

(7). شرايع الإسلام 4: 175.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 129

10- و قال في المختصر النافع: «و لا يقطع المستلب و لا المختلس و المحتال، و لا المبنّج، و لا من سقي غيره مرقّدا، بل يستعاد منهم ما اخذوا و يعزّرون بما يردع.» «1»

11- الشهيد الأول: «و لا يقطع المختلس و لا المستلب و … بل يعزر كل واحد منهم بما يراه الحاكم.» «2»

12- و قال الشيخ محمد حسن النجفي بعد كلام المحقق الحلي: «علي المشهور بين الاصحاب، بل في كشف اللثام: أنهم قاطعون بالتفصيل المزبور.» «3»

أقول: مقتضي إطلاق رواية الدعائم «لا يقطع الطرّار» عدم القطع حتي و لو سرق من الجيب الباطن و نحوه و لكن الاصحاب لم يعملوا

بها، نعم لا يقطع لو سرق من الجيب الظاهر بل يعزر كما صرح بذلك في المراسم، و منه الحبس.

ثم: ما وجدت عنوان القفاف «4» في كتبنا الفقهية و لا في كتب السنة غير الخراج، و ان كان حكمه التعزير لأنه سرق من غير الحرز فلا يحد بل يعزر.

آراء المذاهب الاخري

13- ابو يوسف: «و كذلك الطرار اذا أخذ و قد طرّ من الكم عشرة دراهم قطعت يده فان كان الذي طرّه أقلّ من عشرة دراهم لم يقطع و عوقب و حبس حتي يحدث توبة. فاما القفاف و المختلس فعليهما الأدب و الحبس حتي يحدثا توبة.» «5»

______________________________

(1). المختصر النافع: 227.

(2). الروضة البهية 9: 304- انظر 246 أيضا، جواهر الكلام 41: 506.

(3). جواهر الكلام 41: 405- انظر كشف اللثام 2: 244 و (حدود، قصاص، ديات) للمجلسي: 39.

(4). قف الصيرفي: سرق الدراهم بين اصابعه. (معيار اللغة 2: 216) و قال ابن الأثير: «الذي يسرق الدراهم بكفّه عند الانتقاد، يقال فلان قفّ درهما» النهاية 3: 118.

(5). الخراج: 171- انظر الاختيار 4: 108- الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 182.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 130

الفصل الخامس حبس الناقب للبيت، و الكاسر للقفل و شبهه

اشارة

وردت روايات بحبس الناقب للبيت و الكاسر للقفل و شبهه، هذا و لكن فقهاءنا- رضوان اللّه عليهم-: بين من أفتي فيه بالتعزير و التأديب فقط، لعدم صدق السرقة عليه، كالمحقق و المامقاني.

و بين من جعله مصداق السارق فيحد، كالعلامة في التحرير.

اما السنة: فقال عمر بن عبد العزيز و أبو يوسف بالحبس فيهما علي ما في المحلّي و الخراج و فيما يلي الروايات ثم كلمات الفقهاء:

الروايات

1- دعائم الإسلام: «عن علي (ع) أنه اتي بلصّ نقب بيتا فعاجلوه و أخذوه فقال:

عجلتم عليه، و ضربه، و قال: لا يقطع من نقب بيتا و لا من كسر قفلا، و لا من دخل البيت و أخذ المتاع حتي يخرجه من الحرز، و لكن يضرب ضربا وجيعا و يحبس و يغرّم ما أفسده.» «1»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «اذا نقبوا بأجمعهم و دخلوا و كوّروا و أخرج واحد منهم دون الباقين، فالقطع علي من أخرجه دون من لم يخرجه اذا بلغ نصابا … و قال: اذا نقبا معا و دخل احدهما فقرّب المتاع الي باب النقب من داخل، فأدخل الخارج يده، فأخذه من جوف الحرز، فعليه القطع دون الداخل، عندنا، و قال قوم: لا قطع علي واحد منهما.

فان نقب واحد و انصرف و هتك و اجتاز رجل فأصاب الحرز مهتوكا فدخل و أخذ، فلا قطع علي واحد منهما، لأن الأول نقب و لم يأخذ و الثاني أخذ من حرز مهتوك.» «2»

______________________________

(1). دعائم الإسلام 2: 473 ح 1691- و عنه المستدرك 18: 135 ح 4 و ص 128 ح 4 و ليس فيه (يحبس).

(2). المبسوط 8: 29.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 131

2- المحقق الحلي: «لو نقب و أخذ النصاب و أحدث فيه حدثا ينقص به قيمته عن النصاب ثم أخرجه، مثل ان خرّق الثوب، أو ذبح الشاة فلا قطع.» «1»

3- و قال في نكت النهاية: «و اذا نقب الانسان نقبا و لم يخرج متاعا و لا مالا، و ان جمعه و كوّره و حمله لم يجب عليه قطع و كانت عليه العقوبة و التأديب.» «2»

4- العلامة الحلّي: «اذا نقب أو فتح الباب المغلق قد تحققت

السرقة..» «3»

5- الشيخ المامقاني: «لو نقب و أخذ النصاب ثم قبض عليه قبل اخراجه النصاب من الحرز، لم يقطع بل يعزر» «4».

أقول: أورد فقهاؤنا الإمامية رضوان اللّه عليهم عدة صور للنقب و ليس في شي ء منها الحبس، نعم في كلمات بعضهم: العقوبة و التأديب و هو بمعناه العام يشمل الحبس، و إن كان ظاهره الضرب بالسوط.

آراء المذاهب الاخري

1- ابو يوسف: «و من وجد قد نقب دارا أو حانوتا و دخل فجمع المتاع و لم يخرجه حتي ادرك، فليس عليه قطع و يوجع عقوبة و يحبس حتي يحدث توبة.» «5»

2- المصنف: «أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن خصيف الجزري، قال: فقد قوم متاعا لهم من بينهم، فرأوا نقبا في البيت، فخرجوا ينظرون فاذا هم برجلين يسعيان، فأدركوا احدهما معه متاعهم، و أفلتهم الآخر، قال: فأتينا به، فقال: لم أسرق و إنّما استأجرني هذا- يعني الذي أفلتهم- و دفع إليّ هذا المتاع لأحمله، لا أدري من أين جاء به، قال خصيف: فكتبنا فيه الي عمر بن عبد العزيز، فأمرنا ان ننكّله و نخلده

______________________________

(1). شرايع الإسلام 4: 179- انظر الوسيلة: 419، مباني تكملة المنهاج 1: 315، بداية المجتهد 2: 450، المهذب 2: 540.

(2). نكت النهاية 3: 321.

(3). تحرير الاحكام 2: 233.

(4). مناهج المتقين: 504.

(5). الخراج: 171.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 132

السجن و لا نقطعه.» «1»

أقول: يشكل الضرب و التنكيل و الحبس في هذه الصورة، لأن الجريمة لم تثبت.

3- المحلي: «عن عدي بن أرطاة، انه كتب الي عمر بن عبد العزيز في رجل نقب بيت قوم حتي دخل البيت فجمع متاعهم، فأخذوه في البيت قد جمع المتاع، فكتب اليه عمر بن عبد العزيز: انه لم ينقب البيت و

يجمع المتاع لخير، فعاقبه عقوبة شديدة، ثم احبسه و لا تدع ان تذكرنيه.» «2»

الفصل السادس حبس النبّاش

اشارة

أورد القاضي في الدعائم رواية عن الصادق (ع): بحبس النبّاش و لكن الفقهاء فصّلوا بين اخراجه الكفن من القبر، و عدمه و بين كون قيمته اكثر من ربع دينار، أو أقلّ، و بين تكرر الفعل منه و عدمه و بين ان يفوت السلطان و عدمه..

فقالوا فيه بالقطع، أو القتل، أو سحقه و وطئه تحت الاقدام.. بحسب الجريمة.

كما أفتوا بتأديبه و عقوبته فيما لو نبش و لم يأخذ الكفن، فالنبش عندهم معصية و جريمة يجب التأديب و العقوبة عليها، و مع ذلك لم يفت أحد بالحبس فيه.

الروايات

1- الدعائم: «قال جعفر بن محمد (ع): لا تقطع يد النباش الّا أن يؤخذ و قد نبش مرارا و يعاقب في كل مرة عقوبة موجعة و ينكل و يحبس.» «3»

______________________________

(1). مصنّف عبد الرزاق: 10: 198 ح 18820- مصنّف ابن ابي شيبة 10: 118 ح 8969.

(2). المحلي 11: 320.

(3). دعائم الإسلام 2: 476 ح 1707- و عنه المستدرك 18: 136 ح 2 و فيه (ينكل به).

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 133

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و يقطع النباش اذا سرق من الأكفان ما قيمته ربع دينار، كما يقطع غيره من السراق اذا سرقوا من الاحراز، و اذا عرف الانسان بنبش القبور و كان قد فات (تابه) السلطان ثلاث مرات كان الحاكم فيه بالخيار ان شاء قتله و ان شاء عاقبه و قطعه و الأمر في ذلك اليه يعمل فيه بحسب ما يراه ازجر للعصاة و اردع للجناة.» «1»

2- الشيخ الطوسي: «و من نبش قبرا و سلب الميت كفنه وجب عليه القطع كما يجب علي السارق سواء، فان نبش و لم يأخذ شيئا، ادّب بغليظ العقوبة و لم يكن عليه قطع علي حال، فإن تكرّر منه الفعل وفات الإمام تأديبه كان له قتله، كي يرتدع غيره عن ايقاع مثله في مستقبل الأوقات.» «2»

3- و قال في المبسوط: «النبّاش يقطع عندنا اذا اخرج الكفن عن جميع القبر الي وجه الأرض، فاما إن اخرجه من اللحد الي بعض القبر فلا قطع، كما لو اخذ المتاع من جوف الحرز، فنقله من مكان الي مكان، فالقبر كالبيت ان اخرجه من جميع البيت قطع و الّا لم يقطع، قال: و قال قوم: لا قطع علي النبّاش و الأول مذهبنا» «3».

4- و

قال في الاستبصار بعد نقل اخبار الباب: «فهذه الاخبار الأخيرة كلها تدل علي أنّه انما يقطع النبّاش اذا كان ذلك له عادة، و اما اذا لم يكن ذلك عادته نظر، فان كان نبش و اخذ الكفن وجب قطعه، و ان لم يأخذ لم يكن عليه أكثر من التعزير، و علي هذا نحمل الاخبار التي قدّمناها أولا.

و قال حول روايتي القائه تحت الاقدام حتي يموت: فالوجه في هاتين الروايتين ان نحملهما علي انه اذا تكرر منهم الفعل ثلاث مرات و اقيم عليهم الحدود، فحينئذ يجب عليهم القتل كما يجب علي السارق، و الامام مخير، في كيفيّة القتل كيف شاء؛ حسب

______________________________

(1). المقنعة: 804.

(2). النهاية: 722.

(3). المبسوط 8: 34.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 134

ما يراه اردع في الحال.» «1»

5- ابو الصلاح الحلبي: «و يقطع النبّاش اذا اخذ من الاكفان ما يجب في مثله القطع.» «2»

6- سلار بن عبد العزيز: «و القبر عندنا حرز، و لهذا يقطع النباش اذا سرق النصاب فان أدمن ذلك وفات السلطان تأديبه ثلاث مرات، فان اختار قتله، قتله، و ان اختار قطعه، قطعه، أو عاقبه.» «3»

7- القاضي ابن البراج: «.. فإن نبش القبر و لم يأخذ منه شيئا ادّب و غلظت عقوبته، و لم يكن عليه قطع علي حال، فان تكرر الفعل منه، و لم يؤدّبه الإمام، كان له قتله ليرتدع غيره في المستقبل عن مثل ذلك.» «4»

8- علي بن حمزة: «النباش: من يشق القبور، فان نبش قبرا و لم يأخذ شيئا عزر، اخرج الكفن الي ظاهر القبر أو لم يخرج، فان اخرج من القبر ما قيمته نصاب، قطع، فان فعل ثلاث مرات وفات، فاذا ظفر به بعد الثلاث، كان الإمام فيه

بالخيار بين العقوبة و القطع، و إن عزّر ثلاث مرات قتل في الرابعة.» «5»

9- السيد ابن زهرة: «و يقطع النباش اذا اخذ كل واحد منها ما قيمته ربع دينار فصاعدا بدليل اجماع الطائفة، و أيضا فظاهر الآية و الخبر يدلان علي ذلك، لأن السارق هو الآخذ للشي ء علي جهة الاستخفاء و التفرغ فيدخل ما ذكرناه في ظاهر الآية» «6».

10- ابن ادريس: «و الذي اعتمد عليه فغير هذا كله و أفتي به، و يقوي في نفسي قطع النباش اذا اخرج الكفن من القبر الي وجه الأرض و سلب الميت سواء كان قيمة الكفن ربع دينار أو أقل من ذلك أو أكثر في الدفعة الأولي و الثانية لإجماع اصحابنا و تواتر اخبارهم بوجوب قطع النباش من غير تفصيل و فتاويهم و عملهم علي ذلك،

______________________________

(1). الاستبصار: 4: 247 و 248.

(2). الكافي في الفقه: 412.

(3). المراسم: 258.

(4). المهذب 2: 554 و 552.

(5). الوسيلة: 423 و 418.

(6). غنية النزوع: 434.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 135

و ما ورد في بعض الأخبار و أقوال بعض المصنفين بتقييد و تفصيل ذلك المقدار في الدفعة الأولي، فمثل ذلك لا يخصص العموم لأن تخصيص العموم يكون دليلا قاهرا مثل العموم في الدلالة.» «1»

11- المحقق الحلّي: «و لو نبش و لم يأخذ عزّر، و لو تكرر منه الفعل وفات السلطان، كان له قتله للرّدع.» «2»

12- العلّامة الحلّي: «و المعتمد ان نقول: إن نبش و اخرج من القبر الي وجه الارض الكفن الذي قدره ربع دينار وجب عليه القطع أول مرة، فان تكرر منه النبش مرات متعددة جاز قتله سواء اخذ، اولا، و ان سرق غير الكفن لم يجب عليه القطع سواء زاد عن النصاب

أولا، الّا مع التكرر، و ان كان الكفن أقلّ من النصاب فلا قطع عليه الّا مع التكرر.» «3»

13- و قال في التحرير: «.. و لو نبش و لم يأخذ عزّر فان تكرر منه الفعل وفات السلطان جاز له قتله ليرتدع غيره عن مثله» «4».

14- الشهيدان: «و يعزر النباش سواء اخذ أو لم يأخذ لأنه فعل محرما، فيستحق التعزير.» «5»

15- السيد الطباطبائي: «و لو نبش و لم يأخذ الكفن عزر بما يراه الحاكم، لفعله المحرم فيعزر.» «6»

16- الامام الخميني: «يقطع سارق الكفن اذا نبش القبر و سرقه و لو بعض اجزائه المندوبة بشرط بلوغه حد النصاب، و لو نبش و لم يسرق الكفن لم يقطع و يعزر، و ليس القبر حرزا لغير الكفن، فلو جعل مع الميت شي ء في القبر فنبش و اخرجه لم يقطع به علي الأحوط، و لو تكرر منه النبش من غير أخذ الكفن، و هرب من السلطان، قيل يقتل،

______________________________

(1). السرائر 3: 513.

(2). شرايع الإسلام 4: 176.

(3). المختلف 9: 241 المسألة 92.

(4). تحرير الاحكام 2: 230.

(5). الروضة البهية 9: 273.

(6). رياض المسائل 16: 118.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 136

و فيه تردد:» «1»

17- السيد الخوئي: «لو نبش قبرا و لم يسرق الكفن عزر و قال: لأنه فعل معصية كبيرة، فيثبت بها التعزير.» «2»

18- الشيخ الوالد: «فروع: الأول: لو نبش القبر و لكن لم يأخذ من الكفن، عزر بما يراه الحاكم الشرعي لما صدر منه من الفعل المحرم فيعزر للصحيح، فان تكرر منه وفات السلطان- أي لم يتمكن الحاكم من اجراء الحدود- جاز قتله، اذا تمكن فيما بعد، ليتردع غيره..» «3».

أقول: لم نعثر علي من أفتي بالحبس، و لا من عمل بهذه الرواية،

و حينئذ مع غض النظر عن سندها و معارضتها بالأقوي سندا و دلالة و عددا، تحمل علي ما لو كان الكفن دون النصاب، أو انه نبش و لم يخرج، فيعزر لارتكابه الحرام، مع تسليم شموله للحبس، أو علي رأي من لا يري القبر حرزا كالسنة، فيعزر علي هذا العمل المحرم.

آراء المذاهب الأخري

19- ابو يوسف: «اما النباش فقد اختلف فيه بين الفقهاء فمنهم من رأي قطعه، و منهم من قال: لا اقطعه، لأنه ليس في موضع حرز، فكان احسن ما رأينا في ذلك و اللّه اعلم أن يقطع» «4»

20- الموصلي: «لا قطع علي خائن و لا نباش و لا منتهب و لا مختلس.» «5»

21- ابن رشد: «و منها اختلافهم في القبر هل هو حرز حتي يجب القطع علي النباش أو ليس بحرز؟ فقال مالك و الشافعي و احمد و جماعة: هو حرز و علي النباش القطع، و به قال عمر بن عبد العزيز، و قال أبو حنيفة: لا قطع عليه، و كذلك قال

______________________________

(1). تحرير الوسيلة 2: 439 مسألة 17.

(2). مباني تكملة المنهاج 1: 342 مسألة 287- انظر 1: 296.

(3). ذخيرة الصالحين 8: 57 (مخطوط).

(4). الخراج: 171.

(5). الاختيار 4: 108 و 105.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 137

سفيان.» «1»

22- المرداوي: «و حرز الكفن في القبر علي الميت؛ فلو نبش قبرا و أخذ الكفن، قطع، يعني: اذا كان كفنا مشروعا و هذا المذهب، و عليه الأصحاب. قال في الرعايتين و الحاوي و الفروع: قطع علي الأصح، و جزم به في الخرقي و صاحب الهداية و المذهب، و مسبوك الذهب و المستوعب و الخلاصة و الهادي و المغني و الشرح و ابن منجا في شرحه و الزركشي و الوجيز..».

«2»

23- الجزيري: «الحنفية:.. لا يقطع النباش، الشافعية و المالكية و الحنابلة و ابو يوسف: يجب القطع علي الذي يسرق اكفان الموتي.» «3»

الفصل السابع حبس من باع حرا

اشارة

عن ابن عباس و ابن عبد العزيز انه يحبس بائع الحر، و لكن المشهور عند الإمامية و الذي قامت عليه الأدلة هو القطع كما نص به العلّامة في المختلف.

و ان خالف الشيخ الطوسي فيما لو كان المسروق حرا صغيرا و مهما كان فلم يقل بالحبس احد من فقهائنا: و إليك النصوص ثم كلمات الفقهاء:

الروايات

1- الكافي: «محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن حنان، عن معاوية بن طريف عن سفيان الثوري، قال: سألت جعفر بن محمد (عليهما السلام) عن رجل سرق حرة فباعها، قال: فقال: فيها اربعة حدود: أما أوّلها فسارق تقطع يده، و الثانية إن كان وطأها جلد الحد، و علي الذي اشتري ان كان وطأها و قد علم، ان كان

______________________________

(1). بداية المجتهد 2: 449.

(2). الانصاف 10: 272.

(3). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 177.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 138

محصنا رجم، و ان كان غير محصن جلد الحدّ، و ان كان لم يعلم فلا شي ء عليه، و عليها هي؛ ان كان استكرهها فلا شي ء عليها، و ان كانت أطاعته جلدت الحد.» «1»

2- و عنه: «علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (ع) ان أمير المؤمنين (ع) أتي برجل قد باع حرا فقطع يده.» 2

3- و عنه: «علي بن ابراهيم، عن محمد بن حفص، عن عبد اللّه بن طلحة، قال:

سألت أبا عبد اللّه (ع) عن الرجل يبيع الرجل و هما حران يبيع هذا هذا، و هذا هذا يفران من بلد الي بلد فيبيعان أنفسهما و يفرّان بأموال الناس؟ فقال: تقطع يديهما لأنهما سارقان أنفسهما و أموال الناس.» «3»

4- المصنف: «اخبرنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرت

أنّ عليّا (ع) قطع البائع و قال: لا يكون الحر عبدا و قال ابن عباس: ليس عليه قطع و عليه شبيه بالقطع، الحبس» «4».

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و من سرق حرّا فباعه، وجب عليه القطع، لأنه من المفسدين في الأرض» «5».

2- و قال في الخلاف: «اذا سرق حرا صغيرا فلا قطع عليه و به قال ابو حنيفة و الشافعي، و قال مالك: عليه القطع، و قد روي ذلك اصحابنا، دليلنا: اجماع الفرقة و اخبارهم علي أنّ القطع لا يجب الّا في ربع دينار فصاعدا و الحر لا قيمة له بحال، و قول النبي (ص): القطع في ربع دينار، يدل علي ذلك أيضا لأنّه اراد ما قيمته ربع دينار، و هذا لا قيمة له.» «6»

______________________________

(1) 1 و 2. الكافي 7: 229 ح 1 و 2- و عنه الوسائل 18: 514 ح 1 و 2 بتفاوت.

(3). الكافي 7: 229 ح 3- و عنه الوسائل 18: 515 ح 3.

(4). مصنف عبد الرزاق 10: 195 ح 18806.

(5). النهاية: 722- و مثله في المبسوط 8: 31.

(6). الخلاف 5: 428 مسألة 19.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 139

3- ابو الصلاح الحلبي: «و من باع حرة زوجة أو أجنبية، قطع لفساده في الأرض.» «1»

4- العلامة الحلّي: «.. و المشهور الأول- القطع- لأن وجوب القطع في سرقة المال انما كان لصيانته و حراسته، و حراسة النفس أولي، فوجوب القطع فيه أولي لا من حيث أنّه سارق مال، بل من حيث انه من المفسدين» «2».

5- السيد الخوئي: «من باع انسانا حرا، صغيرا كان أو كبيرا، ذكرا كان أو أنثي قطعت يده، كما عن الشيخ و جماعته، بل عن التنقيح، انه المشهور.» «3»

6- الشيخ

الوالد: «يقطع بائع المملوك و الحر لما رواه في الوسائل برواية النوفلي و السكوني، و فيه عن عبد اللّه بن طلحة عن أبي عبد اللّه (ع) و في خبر آخر عن رجل سرق حرة فباعها» «4».

اذن: قيام الشهرة، أو الإجماع، و النصوص في المقام يكفي لترك ما ورد خلافها و ان كان عن ابن عباس.

ثم انه قد يناقش كلام العلامة الحلي: إن كان وجه الحكم هو كونه مفسدا، فلم يتحتم عليه القطع، بل النفي و القتل … سيما علي القول بالتخيير، و ان كان وجهه هو النصوص و فيها الصحاح فيتعين عليه القطع لكن لا لفساده في الأرض بل لأنّه سارق فيشمله إطلاق السارق و السارقة.

آراء المذاهب الأخري

7- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا زيد بن حيان عن حماد بن سلمة عن قتادة في رجل باع امرأة و هما حران فاخذا عند الحسن في أوسطهما الزنانير، فكتب

______________________________

(1). الكافي: في الفقه: 412.

(2). المختلف 9: 249 المسألة 102.

(3). مباني تكملة المنهاج 1: 317 مسألة 259.

(4). ذخيرة الصالحين 8: 56 (مخطوط).

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 140

الي عمر بن عبد العزيز، فكتب فيهما ان يعزرا و يستودعا السجن.» «1»

8- ابن حزم: «لا نعلم خلافا في أنّ من سرق عبدا صغيرا لا يفهم، أنّ عليه القطع، و اختلف الناس فيمن سرق عبدا كبيرا يتكلم، و فيمن سرق حرا صغيرا أو كبيرا … امّا من سرق حرا … قال ابن عباس: ليس عليه قطع و عليه شبيه بالقطع:

الحبس، و قال ابو حنيفة و سفيان و احمد و أبو ثور: لا قطع علي من سرق حرا صغيرا كان أو كبيرا، و قال مالك و اسحاق بن راهويه: علي من

سرق حرا صغيرا القطع، و ذكر هذا عن الحسن البصري و الشعبي ثم قال: و قد جاء في هذا أثر لا علينا أن نذكره لأن الحنفيين يأخذون بأقل منه اذا وافقهم.

عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أنّ رسول اللّه (ص) أتي برجل كان يسرق الصبيان، فأمر به فقطع.» «2»

الفصل الثامن حبس السارق لغيبة المسروق منه

اشارة

يري بعض العامة حبس السارق الي أن يحضر ربّ المال، و ذلك لعله يأتي له بمخرج يسقط عنه القطع.

و لكن الشيخ الطوسي- رضوان اللّه عليه- فصل في المسألة بين ثبوت السرقة بالبينة أو بالاقرار، فعلي الأول: لا يقطع و لا يحدّ لاحتمال الاستباحة له، و علي الثاني: يحدّ و يقطع استنادا الي الآية الشريفة و الخبر.

و علي كلا التقديرين لا مجال للحبس فيه. و إليك الكلمات:

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و ان كان المسروق منه غائبا و له وكيل حاضر يطالب له

______________________________

(1). المصنّف 10: 55 ح 8751.

(2). المحلي 11: 336.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 141

بماله، لم يقبل الشهادة، حتي يقول: هذا سرق من حرز فلان بن فلان و يرفع في نسبه الي حيث لا يشاركه غيره فيه، و أن هذا وكيل الغائب، فاذا قامت هكذا و طالب الوكيل بالسرقة، قطع و أغرم.

فامّا إن قامت البيّنة ابتداء عليه، و ليس للغائب وكيل بذلك، و قامت علي ما فصّلناه بالسرقة، أو بأنّه زني بأخته، قال قوم: لا يقطع و لا يحدّ معا، و قال آخرون: يحدّ و يقطع، و قال قوم: يحدّ الزاني و لا يقطع السارق، و الاقوي عندي: انه لا يحدّ في الزني و لا يقطع في السرقة إن كان المسروق منه غائبا، أو صاحب الأمة، لأنّ السلعة تستباح بالإباحة فيمكن أن يكون أباحها، و كذلك الجارية عندنا يجوز أن يكون أحلّها له، هذا اذا كان ثبوته بالبيّنة، فأمّا إن كان ثبوته بالاعتراف، فاقرّ بسرقة نصاب من الغائب من الحرز، أو زني بجاريته ففيه: الثلاث أقاويل بأعيانها، و الأقوي عندي هاهنا أن يقام عليه الحد فيهما للآية و الخبر، فمن قال: يقطع فلا كلام.

و من قال: لا يقطع، منهم من قال: يحبس حتي يحضر الغائب بكل حال، سواء كانت العين التي سرقها موجودة أو مفقودة، فان كانت مفقودة، ففي ذمّته حق قد ثبت لغائب، فيحبس حتي يحضر، و ان كانت لعين قائمة اخذت منه و حبس في القطع، و منهم من قال: إن كانت العين قائمة، اخذت منه و نظرت في مسافة الغائب، فان كانت قريبة حبس، و ان كانت بعيدة أطلق لئلا يطول حبسه فيعظم الاضرار به.» «1»

2- السيد الخوئي: «اذا ثبتت السرقة باقرار أو ببيّنة، بناء علي قبول البيّنة الحسبية كما قويناه سابقا، فهل للإمام ان يقيم الحد عليه من دون مطالبة المسروق منه؟ فيه خلاف، و الأظهر جواز اقامة الحد عليه.» «2»

أقول: الظاهر أنّه لا وجه للحبس، لأنها إن ثبتت بالبيّنة فامّا ان نقول بجواز إقامة الحد، فيقطع يده أو لا يقال بجواز إقامة الحد، فلا يحبس أيضا، و لم يحرز كون هذا المال للغير كي يقال بحبسه، اذ لعله وهبه له. و عليه قد يقال بعدم جواز إقامة الحد نظرا الي درء الحدود بالشّبهات، إلّا أن تثبت السرقة بالاقرار.

______________________________

(1). المبسوط 8: 42.

(2). مباني تكملة المنهاج 1: 313 مسألة 252.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 142

آراء المذاهب الاخري

3- الشافعي: «و اذا كان المسروق منه غائبا حبس السارق حتي يحضر المسروق منه لأنه لعله أن يأتي له بمخرج يسقط عنه القطع، أو القطع و الضمان.

و قال أيضا: و ان لم يحضر رب المتاع حبس السارق حتي يحضر» «1».

4- النووي: «و اذا قلنا: إنّه ينتظر قدوم الغائب ففيه و جهان: احدهما انه يحبس لأنّه قد وجب الحدّ و بقي الاستيفاء فحبس كما يحبس من عليه القصاص الي

أن يبلغ الصبي و يقدم الغائب، و الثاني: أنه ان كان السفر قريبا حبس الي أن يقدم الغائب، و ان كان السفر بعيدا لم يحبس لأنّ في حبسه اضرارا به و الحق للّه عز و جلّ فلم يحبس لأجله.» «2»

5- البهوتي: « … فيحبس السارق الي قدوم الغائب و طلبه أو تركه.» «3»

الفصل التاسع حبس قاطع الطريق

اشارة

وردت روايات في حبس قاطع الطريق و قد نقل العياشي عن الإمام الجواد (ع) و في مسند زيد عن أمير المؤمنين (ع) و هو رأي جمع من فقهائنا كالحلبي و ابن زهرة و..

حيث فسروا آية النفي بذلك. و اما من العامة: فهو قول أبي حنيفة، و فيما يلي الروايات ثم كلمات الفقهاء:

الروايات

1- العياشي: «عن احمد بن الفضل الخاقاني من آل رزين، قال: قطع الطريق

______________________________

(1). الام 7: 151 و 8: 264.

(2). المجموع 20: 97.

(3). شرح منتهي الارادات 3: 373.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 143

بجلولاء «1» علي السابلة «2» من الحجاج و غيرهم و أفلت القطاع، فبلغ الخبر المعتصم، فكتب الي العامل له كان بها: تامّر الطريق بذلك فتقطع علي طرف أذن أمير المؤمنين ثم انفلت القطاع. فان انت طلبت هؤلاء و ظفرت بهم، و إلّا أمرت بأن تضرب ألف سوط ثم تصلب بحيث قطع الطريق، قال: فطلبهم العامل حتي ظفر بهم و استوثق منهم، ثم كتب بذلك الي المعتصم، فجمع الفقهاء، و ابن أبي داود، ثم سأل الآخرين عن الحكم فيهم و ابو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام حاضرا فقالوا: قد سبق حكم اللّه فيهم في قوله: إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلٰافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ.. «3» و لأمير المؤمنين أن يحكم بأي ذلك شاء فيهم، قال: فالتفت الي أبي جعفر عليه السلام فقال له: ما تقول فيما اجابوا فيه؟ فقال: قد تكلّم هؤلاء الفقهاء و القاضي بما سمع أمير المؤمنين، قال: و أخبرني بما عندك، قال: إنهم قد اضلّوا فيما افتوا به

و الذي يجب في ذلك أن ينظر أمير المؤمنين في هؤلاء الذين قطعوا الطريق، فإن كانوا أخافوا السبيل فقط و لم يقتلوا أحدا و لم يأخذوا مالا أمر بإيداعهم الحبس، قال: ذلك معني نفيهم من الأرض بإخافتهم السبيل، و ان كانوا أخافوا السبيل و قتلوا النفس، و أخذوا المال أمر بقطع أيديهم و ارجلهم من خلاف و صلبهم بعد ذلك.

قال: فكتب الي العامل بأن يمثّل ذلك فيهم.» «4»

2- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن أبيه. عن علي (رضي اللّه عنهم) قال: اذا قطع الطريق اللصوص، و اشهروا السلاح، و لم يأخذوا مالا، و لم يقتلوا مسلما، ثم أخذوا، حبسوا حتي يموتوا، و ذلك نفيهم من الأرض فاذا أخذوا المال و لم يقتلوا، قطعت أيديهم و ارجلهم من خلاف، و صلبوا حتي يموتوا، فان تابوا قبل أن يؤخذوا ضمنوا

______________________________

(1). في طريق خراسان، بينها و بين خانقين سبعة فراسخ- (معجم البلدان 2: 156).

(2). ابناء السبيل المختلفون علي الطرقات في حوائجهم، و الجمع السوابل/ لسان العرب 11: 320.

(3). المائدة: 33.

(4). تفسير العياشي 1: 314 ح 91- و عنه البرهان 1: 467 ح 16، الصافي 1: 439، الوسائل 18: 535 ح 8 البحار 76: 197 ح 13.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 144

المال، و اقتصّ منهم، و لم يحدّوا.» «1»

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و اهل الزعارة «2» اذا جرّدوا السلاح في دار الإسلام و اخذوا الأموال، كان الإمام، مخيرا فيهم، إن شاء قتلهم بالسيف و ان شاء صلبهم حتي يموتوا، و ان شاء قطع أيديهم و أرجلهم من خلاف و ان شاء نفاهم عن المصر الي غيره، و وكّل بهم من ينفيهم عنه الي ما سواه حتي

لا يستقرّ بهم مكان الّا و هم منفيّون عنه مبعدون الي أن تظهر منهم التوبة و الصلاح.» «3»

2- الشيخ الطوسي: «انّما جزاء الذين يحاربون … و قال جميع الفقهاء: ان المراد بها قطاع الطريق، و هو من شهر السلاح، و أخاف السبيل لقطع الطريق، و الذي رواه أصحابنا أنّ المراد بها كلّ من شهر السلاح و أخاف الناس في برّ كانوا أو في بحر، و في البنيان أو في الصحراء، و رووا أن اللص أيضا محارب و في بعض رواياتنا أن المراد بها قطاع الطريق كما قال الفقهاء، فمن قال: المراد بها قطاع الطريق: اختلفوا في احكامهم و كيفية عقوبتهم، فقال قوم: اذا شهر السلاح و أخاف السبيل لقطع الطريق، كان حكمه متي ظفر به الإمام التعزير، و هو أن ينفي عن بلده و يحبس في غيره، و فيهم من قال: يحبس في غيره. و هذا مذهبنا، غير أنّ اصحابنا رووا أنّه لا يقر في بلده. و ينفي عن بلاد الإسلام كلّها، فان قصد بلاد الشرك قيل لهم: لا تمكّنوه، فان مكّنوه قوتلوا عليه حتي يستوحش فيتوب.

و ان قتلوا و لم يأخذوا المال، قتلوا، و القتل يتحتم عليهم، و لا يجوز العفو عنهم، و انما يكون متحتّما، اذا كان قصده من القتل أخذ المال، و أما إن قتل رجلا لغير هذا، فالقود واجب غير منحتم.

و ان قتل و أخذ المال قتل و صلب و ان اخذ المال و لم يقتل قطعت يده و رجله من

______________________________

(1). مسند زيد: 323.

(2). الشراسة و سوء الخلق/ لسان العرب 4: 323.

(3). المقنعة: 802.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 145

خلاف، فمتي ارتكبوا شيئا من هذا نفوا من الأرض، و نفيهم

أن يتبعهم أينما حلّوا كان في طلبهم، فاذا قدر عليهم، أقام عليهم الحدود …

و جملته: أنّ من شهر السلاح و أخاف السبيل لقطع الطريق فانه يعزّر.

و امّا قوله: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ- معناه: اذا وقع منهم في المحاربة ما يوجب شيئا من هذه العقوبات، يتبعهم الإمام أبدا حتي يجده، و لا يدعه يقر في مكان، هذا هو النفي من الأرض عندنا.

و عند قوم: المنفيّ: من قدر عليه، بعد أن يشهر السلاح و قبل أن يعمل شيئا، و النفي عنده الحبس؛ و الأول مذهبنا» «1».

3- القاضي ابن البراج: «و اذا قطع الطريق جماعة و أقرّوا بذلك كان حكمهم ما قدمناه قال: من كان من أهل الرّيبة و جرّد سلاحا في بر أو بحر أو في بلد، أو في غير بلد في ديار الإسلام، أو في ديار الشرك، ليلا أو نهارا، كان محاربا، فان قتل و لم يأخذ مالا كان عليه القتل و لا يجوز لأولياء المقتول العفو عنه علي حال، فان عفوا عنه، كان علي الإمام قتله، فان قتل و أخذ مالا كان عليه ردّ المال أولا، ثم يقطع بالسرقة، ثم يقتل بعد ذلك و يصلب، فان أخذ المال و لم يقتل أحدا و لا جرحه كان عليه القطع ثم النفي من البلد الذي هو فيه، و ان جرح و لم يأخذ مالا و لا قتل أحدا كان عليه القصاص و النفي بعد ذلك من البلد الذي فعل فيه ذلك الي غيره، و ان لم يجرح و لا أخذ مالا كان عليه النفي كما قدّمناه، و يكتب الي البلد الذي ينفي اليه: بأنّه منفيّ محارب، فلا يجالس و لا يبايع و لا يؤاكل و لا يشارب،

فان انتقل الي بلد آخر غير البلد الذي نفي اليه كوتب اليه أيضا بذلك، و لا يزال يفعل به ما ذكرناه الي أن يتوب، فان قصد بلاد الشرك منع من الدخول اليها، فان مكّنوه من ذلك قوتلوا عليه.» «2»

4- يحيي بن سعيد: «و المسلم المحارب من شهر السلاح في بر، أو بحر، سفرا، أو حضرا، ليلا أو نهارا، رجلا أو امرأة. فان أخاف، و لم يجن، نفي من الأرض، بأن يغرق- علي قول- أو يحبس علي آخر، أو ينفي من بلاد الإسلام سنة، حتي يتوب

______________________________

(1). المبسوط 8: 47- انظر الخلاف 5: 457 مسألة: 1.

(2). المهذب 2: 553.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 146

و كوتبوا، أنه منفيّ، محارب فلا تؤووه و لا تعاملوه، فان آووه قوتلوا … » «1».

أقول: لقد استوفينا البحث عن المحارب- في محلّه- و أوردنا أقوال الفقهاء، و المستفاد من كلماتهم أن المحارب و قطاع الطريق بمعني واحد أو الأول أشمل و أعم من الثاني.

كما أن المستفاد من كلمات جمع من فقهاء الإمامية هو حبس المحارب لو شهر السلاح و لم يأخذ مالا. و قد صرح بذلك أبو الصلاح الحلبي «2» و ابن زهرة «3»، و اشارة السبق «4»، و الجامع «5»، و ما يتراءي من المبسوط «6»، و لعله لفهمهم الحبس من كلمة «النفي» في الآية الشريفة، و يؤيّده ما رواه العياشي عن الجواد (ع)، و ما رواه في المسند.

لكن لم يعمل الكثير بمضمون الرواية و ذلك لضعف السند و معارضتها بروايات اقوي سندا و دلالة، و احتمال التقية فيها، كما استظهره صاحب الجواهر. «7»

آراء المذاهب الاخري

5- المدونة: «من يخرج بعصي أو بشي ء، فيؤخذ علي تلك الحال، و لم يخف السبيل و

لم يأخذ المال، و لم يقتل فهذا لو أخذ فيه بأيسره لم أر بذلك بأسا، قلت: ما أيسره عند مالك؟ قال: أيسره و أخفّه أن يجلد و ينفي و يسجن في الموضع الذي نفي اليه، قلت:

و كم يسجن حيث ينفي؟ قال مالك: يسجن حتي تعرف له توبة.

و الي أي موضع نفي هذا المحارب اليه اذا اخذ بمصر؟ قال: قد نفي عمر بن عبد العزيز من مصر الي شعب، و لم أسمع من مالك فيه شيئا إلّا أنّه قال: قد كان ينفي عندنا الي فدك أو خيبر، و قد كان لهم سجن يسجنون فيه» «8».

______________________________

(1). الجامع للشرائع: 241.

(2). الكافي في الفقه: 252.

(3). غنية النزوع: 202.

(4). اشارة السبق: 144.

(5). الجامع للشرائع: 241.

(6). المبسوط 8: 48.

(7). جواهر الكلام 41: 593.

(8). المدونة الكبري 6: 298.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 147

6- الموصلي: «اذا خرج جماعة لقطع الطريق، أو واحد فاخذوا قبل ذلك حبسهم الامام حتي يتوبوا.» «1»

7- ابن تيمية: «و لو علم الإمام قوما يخيفون الطريق و لم يأخذوا مالا و لا نفسا عزّرهم بحبس و غيره.» «2»

8- الشوكاني: «قال الحسن البصري و ابن المسيّب و مجاهد: اذا أخافوا خيّر الإمام بين أن يقتل فقط أو يقتل و يصلب أو يقطع الرّجل و اليد فقط أو يحبس فقط لأجل التخيير.» «3»

9- الجزيري: «الحنفية و الشافعية و الحنابلة قالوا: إنّ حدّ قطّاع الطريق علي الترتيب المذكور في الآية الكريمة، فاذا خرج جماعة ممتنعين أو واحد يقدر علي الامتناع، فقصدوا قطع الطريق، فأخذوا قبل أن يأخذوا مالا، و يقتلوا نفسا حبسهم الإمام حتي يحدثوا توبة، و هو النفي في الأرض. المالكية قالوا: المحارب هو قاطع الطريق لمنع سلوك، و لو

لم يقصد أخذ مال المارّين، بل قصد مجرّد منع الانتفاع بالمرور. و يتعين قتل المحارب إن قتل.. و ان لم يقتل المحارب احدا و قدر عليه فيتخيّر الامام في امور اربعة: … الرابع: نفي الذكر الحر الي مثل فدك و خيبر، و يحبس للأقصي من السّنة و ظهور التوبة، و يضرب قبل النفي اجتهادا بحسب ما يراه الحاكم اردع لهم و لأمثالهم.

الشافعية و الحنابلة قالوا: قطع الطريق: هو البروز لأخذ مال، أو القتل، أو ارعاب مكابرة اعتمادا علي الشوكة مع البعد عن الغوث و سمّي بذلك لامتناع الناس من سلوك الطريق خوفا منه، سواء كان معه سلاح أم لا، ان كان له قوة يغلب بها الجماعة، و لو باللّكز و الضرب بجمع الكف، و قيل لا بد من آلة للقتال، فاذا اخذوا قبل أن يقتلوا نفسا أو يأخذوا مالا أو يهتكوا عرضا، وجب علي الإمام تعزيرهم بحبس و غيره لارتكابهم معصية، و هي الحرابة، لا حدّ فيها و لا كفارة و هذا تفسير النفي في الآية الكريمة، و الأمر في جنس هذا التعزير، راجع الي الإمام، فيجوز له الجمع بين

______________________________

(1). الاختيار 4: 114.

(2). منهاج السنة: 532.

(3). نيل الاوطار 7: 155.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 148

الضرب و الحبس و غيره، و له تركه إن رآه مصلحة و لا يقدّر الحبس بمدة، بل يستدام حتي تظهر توبته، و قيل: يقدّر حبسه بستة أشهر، ينقص منها شيئا لئلا يزيد علي تغريب العبد في الزني.

و قيل: يقدّر سنة، ينقص منها شيئا لئلا يزيد علي تغريب الحر في الزنا.» «1»

الفصل العاشر حبس من اعان قطّاع الطريق

اشارة

إنّ المعين للقطّاع، كالطليع و الردء، فقد تعرض فقهاؤنا لحكمه و انه لا يثبت عليه حكم قاطع الطريق.

و ان كان العمل في حدّ نفسه محرما فيعزّر عليه.

آراء فقهائنا

1- قال المحقق الحلي: «و لا يثبت هذا الحكم للطّليع و لا للردء» «2».

2- قال صاحب الجواهر في شرح كلام المحقق أعلي اللّه مقامه: «للأصل و الاحتياط و الخروج عن النصوص، خلافا لأبي حنيفة فسوي بين المباشر و غيره، و فساده واضح بعد عدم حصول وصف المحاربة في الثاني، نعم لو كان المدار علي مطلق مسمي الإفساد اتّجه ذلك، لكن قد عرفت اتّفاق الفتاوي علي اعتبار المحاربة علي الوجه المزبور و النصوص و ان لم يكن فيها ما يقتضي حصر المفسد في ذلك صريحا إلّا أنّه بمعونة الاتّفاق المزبور مع الانسياق و ملاحظة بعض المفاهيم فيها يتّجه ما ذكره الأصحاب من جعل المدار علي صدق المحاربة علي الوجه الذي ذكرناه.» «3»

الطليع: هو الذي يرقب له من يمر بالطريق و نحوه فيعلمه به، أو يترقّب من يخاف

______________________________

(1). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 409.

(2). شرايع الإسلام 4: 181.

(3). جواهر الكلام 41: 571.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 149

منه عليه فيحذّره منه. و الردء: هو المعين له فيما يحتاج اليه، من غير أن يباشر متعلق المحاربة «1».

آراء المذاهب الأخري

و اما السنة: فعن الشافعية: انه يحبس المعين تعزيرا، قال الجزيري: «الشافعية- قالوا: و من اعان قطّاع الطريق و كثّر جمعهم و لم يزد علي ذلك، بأن لم يأخذ مالا مقدار نصاب و لم يقتل نفسا، عزّره الإمام بحبس أو تغريب و غيرهما كسائر المعاصي.. و قيل يتعين التعزير بالنفي الي مكان يراه الإمام لأنّ عقوبته في الآية النفي.» «2»

أقول: لا يعتبر في ذلك أخذ النصاب كما صرح بذلك العلامة الحلي في التحرير «3».

الفصل الحادي عشر الحبس لتهمة السرقة

اشارة

وردت احاديث بحبس المتّهم بالسرقة الي أن يحضر المتاع، أو لتعديل الشهود، أو لان يحضر الشهود، و المتهم الذي يدّعي شراء المتاع كما أفتي بعض العامة ببعض تلك الموارد.

و لكن الحبس في هذه الموارد، محل تأمّل و مناقشة لضعف المستند.

أ- الحبس الي أن يأتي بالمتاع المسروق
الروايات

1- المصنف: «أخبرنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني يحيي بن سعيد عن

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 149

______________________________

(1). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 412.- انظر ابن عابدين 3: 212.

(2). تحرير الاحكام 2: 234.

(3). انظر مسالك الافهام 15: 19- لسان العرب 1: 84 و 8: 237.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 150

عراك بن مالك قال: أقبل رجلان من بني غفار حتي نزلا منزلا بضجنان «1» من مياه المدينة و عندها ناس من غطفان عندهم ظهر لهم، فأصبح الغطفانيون، قد اضلّوا قرينين من ابلهم، فاتهموا الغفاريين، فاقبلوا بهما الي النبي (ص) و ذكروا له أمرهم، فحبس احد الغفاريين، و قال للآخر: اذهب فالتمس، فلم يكن الّا يسيرا حتي جاء بهما، فقال النبي (ص) لأحد الغفاريين- قال: حسبت انه قال المحبوس عنده- استغفر لي قال: غفر اللّه لك يا رسول اللّه، فقال رسول اللّه و لك و قتلك في سبيله، قال: فقتل يوم اليمامة.» «2»

2- أبو داود: «حدثنا عبد الوهاب بن نجدة، ثنا بقية، ثنا صفوان، ثنا ازهر بن عبد اللّه الحرازي: إن قوما من الكلاعيين سرق لهم متاع فاتّهموا اناسا من الحاكة، فاتوا النعمان بن بشير صاحب النبي صلّي اللّه عليه و سلم، فحبسهم اياما ثم خلي سبيلهم،

فأتوا النعمان، فقالوا: خليت سبيلهم بغير ضرب و لا امتحان؟! فقال النعمان: ما شئتم، ان شئتم ان أضربهم، فان خرج متاعكم فذاك، و الّا اخذت من ظهوركم مثل ما اخذت من ظهورهم، فقالوا: هذا حكمك؟ فقال: هذا حكم اللّه و حكم رسوله صلي اللّه عليه و سلم.

قال أبو داود: انما ارهبهم بهذا القول، أي: لا يجب الضرب الّا بعد الاعتراف» «3».

آراء المذاهب الاخري

1- قال السيد سابق: «أجاز مالك سجن المتهم بالسرقة.» «4»

2- قال في حبس المتهم بالزنا او السرقة: الماوردي: للأمير أن يعجل حبس المتهوم للكشف و الاستبراء.

و اختلف في مدة حبسه لذلك. فذكر عبد الله الزبيري من أصحاب الشافعي أن حبسه للاستبراء و الكشف مقدر بشهر واحد لا يتجاوزه. و قال غيره: بل ليس بمقدر و هو موقوف علي رأي الإمام و اجتهاده، و هذا أشبه و ليس للقضاة أن يحبسوا أحدا إلا بحق وجب.» 220.

أقول: يشكل دعوي ثبوت الحبس علي المتهم بالسرقة من دون بينة و لا اقرار خصوصا فيمن ليس عليه شاهدان، و قد تقدم الخلاف حتي في الحبس لتهمة القتل.

______________________________

(1). جبل بناحية تهامة، و قيل: جبيل علي بريد من مكّة و هناك الغميم في اسفله مسجد صلي فيه رسول اللّه (ص) … و قال الواقدي: بين ضجنان و مكة خمسة و عشرون ميلا/ معجم البلدان 3: 453.

(2). مصنّف عبد الرزّاق: 10: 216 ح 18892، 18893.

(3). سنن ابي داود 4: 135 ح 4382- انظر مسند احمد 5: 2- النسائي 8: 66- الانصاف 11: 260.

(4). فقه السنّة 14: 83.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 151

ب- حبس المتهم بالسرقة حتي يحضر الشهود
الروايات

1- المصنف: «اخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن عكرمة بن خالد، قال: كان علي (ع) لا يقطع سارقا حتي يأتي بالشهداء، فيوقفهم عليه و يسجنه، فان شهدوا عليه قطعه و إن نكلوا تركه، قال: فأتي مرة بسارق، فسجنه حتي اذا كان الغد دعا به و بالشاهدين، فقيل: تغيّب الشهيدان، فخلي سبيل السارق و لم يقطعه.» «1»

و أورده المتّقي عن المصنف و فيه: «فيوقفهم عليه و يثبطه» «2». و قال المعلق: و في المطبوع: «يوفقهم عليه و

يبطحه «3»» «4».

أقول: تنفرد الرواية بالدلالة علي جواز الحبس في تهمة السرقة، و المتيقن منها ما اذا وجدت قرائن علي صحة المدعي لا مطلق التهمة، و لكن لم أجد من يفتي بها.

ج- حبس المتهم لتعديل الشهود

قال في المدونة: «قلت أ رأيت اذا شهد علي السارق بالسرقة، هل يحبس السارق حتي يزكي الشاهدان، ان لم يعرفهما القاضي أم يكفّله القاضي عند مالك؟ قال:

لا يكفّله عند مالك و لكن يحبسه و ليس في الحدود و القصاص كفالة عند مالك.» «5»

أقول: لعل الحبس هنا عقوبة لم يثبت موجبها، و عليه فالمدّعي امّا أن يأتي بشاهدين عدلين فيثبت السرقة و يقام عليه الحد، إن طلب ذلك، و امّا أن يطلق إذ لا موجب للحبس.

______________________________

(1). مصنف عبد الرزّاق 10: 190 ح 18779.

(2). ثبطت الرجل ثبطا: حبسته/ لسان العرب 7: 267.

(3). بطحه علي وجهه يبطحه بطحا، اي القاه علي وجهه فانبطح/ لسان العرب 2: 412.

(4). كنز العمال 5: 549 ح 13908.

(5). المدونة الكبري 6: 267.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 152

د- حبس المتهم الذي يدّعي ملكيته للمتاع

ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج قال:

كتب عمر بن عبد العزيز بكتاب قرأته: اذا وجد المتاع مع الرجل، فقال: ابتعته فلم يقطعه، فاشدده في السجن وثاقا و لا تخله بكلام احد حتي يأتي أمر اللّه، قال:

فذكرت ذلك لعطاء فأنكره.» «1»

و رواه عبد الرزاق و فيه «.. سرقة مع رجل سوء يتهم.. فلم ينفذه، بدل:

يقطعه..» «2».

أقول: يكفيه، انكار عطاء، أضف الي ان اليد امارة علي انّ تصرّفه مالكي لا عدواني.

الفصل الثاني عشر حبس المعروف بالسرقة

قد يقال بحبس اللص المعروف بالسرقة لو عثر عليه.

و لعل وجهه أنّ الإمام يحبس الأشرار و ينفق عليه من بيت المال ليدفع عنهم شرّه و يدفعون نفقته، و المعروف بالسرقة من أبرز مصاديق الاشرار، أو لأجل استنقاذ حق الناس منه إلّا أن يقال بعدم حبسه قبل طلب صاحب الحق، هذا و لم نجد من تعرض لهذه المسألة الّا الخطيب في الفتاوي.

قال داود بن يوسف الخطيب: «سئل محمد بن مقاتل عن لص معروف بالسرقة وجده رجل و هو ذاهب في حاجة و ليس هو متعرضا للسرقة في تلك الساعة هل له أن يقتله أو يأتي به الإمام؟ قال: له ان يأخذه و يأتي به الإمام ليحبسه حتي يتوب و ليس يسعه أن يقتله.» «3»

______________________________

(1). المصنّف 10: 119 ح 18972.

(2). المصنّف 10: 216 ح 18892، 18893.

(3). فتاوي الغياثية: 100.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 153

الباب الثّالث الحبس في الإيذاء الجسمي بغير الجرح: و فيه ثلاثة فصول

اشارة

1- حبس الممثّل.

2- حبس من حلق شعر امرأة أو أزاله.

3- حبس من ضرب عبده.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 155

الفصل الأوّل حبس الممثّل

اشارة

وردت رواية في حبس الذي يمثّل، لكنّها مجملة من حيث احتمالها للتنكيل بالحي أو التمثيل بالميت، أو التمثيل بالحيوان أو عمل الصور، و هذه الأعمال و ان كانت محرّمة في الجملة و لكن لم يقل احد بالحبس فيها. و لذا قد يقال بإعراض الأصحاب عن بعض الرواية و التفكيك في الحجيّة فضلا عن ضعف السند بالإرسال.

و قد أوردها بعض المعاصرين في كتابه بعنوان احد موارد الحبس في الإسلام «1».

الروايات من طرقنا و كلمات فقهائنا

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن بعض اصحابه، عن حمّاد، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: لا يخلّد في السجن الّا ثلاثة: الذي يمثّل، و المرأة ترتد عن الإسلام و السارق بعد قطع اليد و الرجل.» «2»

قال العلامة المجلسي: «الذي يمثّل، التمثيل: عمل الصور، و التمثال: التنكيل

______________________________

(1). القضاء و الشهادة: 164.

(2). الكافي 7: 270 ح 45- و عنه الوسائل 18: 493 ح 5.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 156

و التشويه، بقطع الأنف، و الاذن و الأطراف، و الحبس فيهما مخالف للمشهور، و في التهذيب: يمسك علي الموت «1» و هو الموافق لسائر الأخبار و أقوال الأصحاب، و لعله كان (يمسك) فصحّف.» «2»

و قال الفيض الكاشاني: «و التمثيل قطع بعض الأطراف مثل الأذن و الأنف و نحوهما و لعل المراد به، التمثيل الذي لا يوجب قصاصا، و لا دية، كالذي يمثّل عبده.» «3»

و في ولاية الفقيه: «و لو صح خبر الكليني، فلا محالة يراد بقوله: «الذي يمثّل» الذي يصر علي العمل، و يدوم عليه، و الاستمرار أحد معاني الفعل المستقبل، و لا يبعد جواز حكم الإمام بالسجن، علي من يصر علي عمل حرام مستهجن، بحيث لا يردعه عنه رادع الّا ذاك، فتدبّر.» «4»

أقول: الظاهر،

ان المراد بالتمثيل في الرواية علي فرض صحتها التنكيل الجسدي فهو الذي يتبادر من معني التمثيل عند ما يطلق، و لا يفهم منه معني التصوير الّا بقرينة.

قال ابن الأثير: «مثلت بالحيوان، أمثل به مثلا اذا قطعت اطرافه و شوّهت به، و مثلث بالقتيل اذا جدعت أنفه أو أذنه أو مذاكيره، و الاسم: المثلة. فامّا بالتشديد فهو للمبالغة، و منه نهي ان يمثل بالدواب: أي تنصب فترمي، أو تقطع اطرافها و هي حيّة.» «5»

و قال ابن منظور: «مثل بالرجل يمثل مثلا و مثلة، و مثل: نكل به، فامّا مثل بالتشديد، فهو للمبالغة، و مثّل بالقتيل: جدعه، و أمثله: جعله مثلة.» «6»

______________________________

(1). اي في التهذيب «يمسك» بدل يمثل 10: 144 ح 29.

(2). مرآة العقول 23: 420.

(3). الوافي 15: 493 ح 31.

(4). ولاية الفقيه 2: 532.

(5). النهاية 4: 294.

(6). لسان العرب 11: 613.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 157

و عليه فالظاهر من اللغة: إن المراد به: التنكيل بالجسد سواء بالإنسان أو الحيوان، و سواء الحي أو الميّت، و به وردت الروايات المتعددة:

الروايات

1- الكافي: «محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن محبوب، عمن ذكره، عن أبي عبد اللّه (ع): كل عبد مثّل به فهو حرّ.» «1»

2- اثبات الوصية: «باسناده عن أبي جعفر الثاني عليه السلام، انه قال: سئل الرضا (ع) عن نباش نبش قبر امرأة ففجر بها و أخذ أكفانها، فأمر بقطعه للسرقة و نفيه لتمثيله بالميت.» «2»

3- الدعائم: «عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد اللّه (ع) قال: كان رسول اللّه (ص) اذا اراد أن يبعث سرية دعاهم، فأجلسهم و يقول: سيروا بسم اللّه … و لا تمثلوا.» «3»

4- و فيه: «عن أبي

عبد اللّه (ع) … فإن مثّل به عوقب به و عتق العبد عليه.» «4»

5- الوسائل: «عن امير المؤمنين (ع) في وصيته للحسن (ع): يا بني عبد المطلب..

و لا يمثّل بالرجل فاني سمعت رسول اللّه (ص) يقول: اياكم و المثلة و لو بالكلب العقور.» «5»

6- مسند احمد: «إن هياج بن عمران أتي عمران بن حصين، فقال: إنّ أبي قد نذر لئن قدر علي غلامه، ليقطعن منه طابقا أو ليقطعن يده، فقال: قل لأبيك يكفّر عن يمينه، و لا يقطع منه طابقا فان رسول اللّه (ص) كان يحث في خطبته علي الصدقة و ينهي عن المثلة.) «6»

______________________________

(1). الكافي 6: 189 ح 1- و عنه الوسائل 16: 26 ح 1.

(2). اثبات الوصية: 187- و عنه المستدرك 18: 190 الباب 2 ح 1.

(3). دعائم الإسلام 1: 369- و عنه المستدرك 11: 39 ح 1 و الوسائل 11: 43 ح 3.

(4). دعائم الإسلام 2: 409 ح 427- انظر مستدرك الوسائل 15: 463.

(5). وسائل الشيعة 19: 96 ح 6 عن نهج البلاغة، من وصيته حين ضربه ابن ملجم- لعنه اللّه-.

(6). مسند احمد 4: 448- انظر ص 246، 432، 439، 440 و ج 5: 12، 20- سنن ابو داود 3: 53- مجمع البيان 2: 499.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 158

7- الترمذي: «.. عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول اللّه (ص) اذا بعث اميرا علي جيش أوصاه في خاصة نفسه و من معه من المسلمين خيرا فقال: اغزوا بسم اللّه و في سبيل اللّه … و لا تغدروا و لا تمثلوا» «1».

و قد أفتي الفقهاء بحرمة ذلك، و ان التنكيل بالعبد من موجبات الانعتاق القهري له.

التنكيل يوجب الانعتاق، الروايات و آراء فقهائنا

1- البيهقي:

«كان لزنباع عبد يسمّي سندر (أو ابن سندر) فوجده يقبّل جارية له فأخذه فجبه و جدع اذنيه و أنفه فأتي الي رسول اللّه (ص) فأرسل الي زنباع فقال:

لا تحملوهم ما لا يطيقون و أطعموهم ممّا تأكلون و اكسوهم مما تلبسون و ما كرهتم فبيعوا و ما رضيتم فامسكوا و لا تعذّبوا خلق اللّه، ثم قال رسول اللّه (ص): من مثّل به أو حرق بالنار فهو حر و هو مولي اللّه و رسوله، فاعتقه رسول اللّه (ص)» «2».

قال المحقق الحلي: «و في عتق من مثّل به مولاه تردد، و المروي أنه ينعتق.» «3»

و قال في المختصر النافع: «و اما العوارض: فالعمي و الجذام و تنكيل المولي بعبده، و الحق الأصحاب الإقعاد، فمتي حصل أحد هذه الأسباب فيه انعتق.» «4»

و قال المحقق العراقي حول التمثيل: «لا يجوز التمثيل بهم بقطع الآناف و الآذان لما نهي رسول اللّه (ص): لا تجوز المثلة و لو بالكلب العقور. و اطلاقه يشمل حال قيام الحرب و بعده، قبل الحرب و بعده، فعلوا بالمسلمين ذلك أم لا.» «5»

______________________________

(1). الجامع الصحيح 4: 22.

(2). السنن الكبري 8: 37.

(3). شرايع الإسلام 3: 114.

(4). المختصر النافع: 238- انظر جواهر الكلام 34: 119.

(5). شرح تبصرة المتعلّمين 6: 500.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 159

آراء المذاهب الاخري

قال أبو عيسي: «حديث بريدة المتقدم» حديث حسن صحيح و كره أهل العلم المثلة.» «1»

و قال ابن قدامة: «و يكره نقل رءوس المشركين من بلد الي بلد و المثلة بقتلاهم و تعذيبهم لما روي سمرة بن جندب قال: كان النبي يحثنا علي الصدقة و ينهانا عن المثلة.» «2»

الفصل الثاني حبس من حلق شعر امرأة، أو أزاله

اشارة

وردت رواية بسند صحيح في حبس من حلق شعر امرأة الي أن ينبت شعرها، و قد أفتي من فقهائنا يحيي بن سعيد في الجامع، كما يظهر ذلك من المجلسي و صاحب الجواهر، و حكم باقي فقهائنا بالدية، و لعلهم ليسوا في مقام التعرض للعقوبة فلا يمكن دعوي إعراضهم عن الرواية.

الروايات

1- الكافي: «علي، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن عبد اللّه بن سنان، قال:

قلت لأبي عبد اللّه (ع).. جعلت فداك، فما علي رجل الذي وثب علي امرأة، فحلق رأسها؟ قال: يضرب ضربا وجيعا، و يحبس في سجن المسلمين حتي يستبرء شعرها، فان نبت اخذ منه مهر نسائها، و ان لم ينبت، اخذت منه الدية كاملة خمسة آلاف

______________________________

(1). الجامع الصحيح 4: 23 ح 1408.

(2). المغني 8: 494.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 160

درهم..» «1»

و رواها الشيخ الطوسي (قده) في التهذيب بسند صحيح، قال: «محمد بن الحسن الصفار، عن ابراهيم بن هاشم، عن سليمان المنقري، عن عبد اللّه بن سنان، قال: قلت لأبي عبد اللّه (ع) و فيه «فما علي رجل و ثب … » «2».

و أوردها المجلسي الأول في الروضة و عبّر عنها بالقوي، و فيه «سجن المؤمنين، بدل سجن المسلمين» «3».

و أوردها المجلسي الثاني في ملاذ الأخيار في موردين، و قال: «مجهول» «4».

أقول: و هي ضعيفة بمحمد بن سليمان، اذ يحتمل كونه الديلمي و هو ضعيف، و غيره مجهول «5».

2- دعائم الإسلام: «قال جعفر بن محمد (ع): و ان كانت امرأة فحلق رجل رأسها حبس في السجن حتي ينبت و يخرج بين ذلك، ثم يضرب فيرد الي السجن، فاذا نبت اخذ منه مثل مهر نسائها، الا أن يكون أكثر من مهر السنة، فان

كان أكثر من مهر السنة ردّ الي السنة.» «6»

3- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا المنهال بن خليفة العجلي، عن سلمة بن تمام الشقري، قال: مر رجل بقدر فوقعت علي رأس رجل فاحرقت شعره، فرفع الي علي فاجّله سنة، فلم ينبت، فقضي فيه علي بالدية.» «7»

______________________________

(1). الكافي 7: 261 ح 10- و عنه التهذيب 10: 64 ح 1.- الوافي 15: 356.

(2). التهذيب 10: 262 ح 69.

(3). روضة المتّقين 10: 431.

(4). ملاذ الاخيار 16: 127 و 561.

(5). انظر معجم رجال الحديث 16: 297.

(6). دعائم الإسلام 2: 430 ح 1489- و عنه المستدرك 18: 372 ح 3 بتفاوت.

(7). المصنّف 9: 163 ح 6928- مصنّف عبد الرزّاق 9: 319 ح 17374- و عنه المحلي 10: 433- السنن الكبري 8: 98- من طريق سعيد بن منصور، عن ابي معاوية.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 161

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: « … و في شعر الرأس اذا اصيب فلم ينبت مائة دينار» «1».

2- سلار بن عبد العزيز: «و اما ما في الانسان منه واحد، و ليس بعضو، كاللحية و شعر الرأس، ففي إذهابه حتي لا ينبت: الدية كاملة» «2».

3- الشيخ الطوسي: «من قلب علي رأس انسان ماء حارا، فامتعط شعره، فلم ينبت، كان عليه الدية كاملة، فان نبت و رجع الي ما كان، كان عليه ارشه حسب ما يراه الامام، فان كان امرأة، كان عليه ديتها، اذا لم ينبت، فان نبت، كان عليه مهر نسائها.» «3»

4- و قال في الخلاف: «شعر الرأس و اللحية و الحاجبين و اهداب العينين، متي أعدم انبات شي ء منها، ففيها الدية، ففي شعر الرأس و اللحية دية كاملة، و في

شعر الحاجبين خمس مائة، و في اهداب العينين الدية، و ما عدا هذه الأربعة فيها الحكومة في جميع الجسد.. و قال ابو حنيفة: في الأربعة الدية، و لم يفصل، و في الباقي حكومة، و قال الشافعي: ليس في شي ء من الشعر دية و في جميعه حكومة.» «4»

5- يحيي بن سعيد: «و من حلق شعر امرأة، اوجع ضربا و حبس حتي يستبرأ شعرها، فان نبت أو لم ينبت فعليه ما قدمناه.» «5»

6- العلامة المجلسي: «الثامن و العشرون: من ازال شعر رأس امرأة، فقد ورد في الحديث: انه يضرب ضربا وجيعا و يحبس.» «6»

7- الشيخ محمد حسن النجفي: «اما شعر المرأة فيه ديتها، و لو نبت ففيه مهر نسائها بلا خلاف أجده فيه الّا من الاسكافي في الثاني خاصة، فجعل فيه ثلث الدية، و هو مع

______________________________

(1). المقنعة: 756 قال العاملي: و اما الحبس و الضرب فلا جابر لهما. مفتاح الكرامة 10: 379.

(2). المراسم: 244.

(3). النهاية: 764.

(4). الخلاف 5: 197 مسألة 67.

(5). الجامع للشرائع: 601- انظر 590.

(6). حدود و ديات، قصاص: 62.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 162

شذوذه لا دليل له، بل علي خلافه الاجماع، عن الغنية كالأول لا خلاف فيه أيضا حتي منه التي لا ريب في أولويتها من الرجل بذلك الي أن قال: و لعل ما فيه من الحبس و الضرب علي الوجه المزبور محمول علي ضرب من التعزير الذي هو علي حسب ما يراه الحاكم» «1».

آراء المذاهب الاخري

8- ابن حزم: «قال ابو محمد … مر رجل بقدر، فوقعت منه علي رأس رجل فأحرقت شعره، فرفع الي علي بن أبي طالب، فاجّله سنة، فلم ينبت، فقضي علي عليه فيه بالدية، و من طريق سعيد بن منصور،

نا أبو معاوية- هو الضرير- نا حجاج، عن مكحول، عن زيد بن ثابت، قال: في الشّعر الدية اذا لم ينبت، و قد احتجوا في كثير من هذه الأبواب بهذه الرواية نفسها و هو قول الشعبي، و قال أبو سفيان الثوري و أبو حنيفة، و الحسن بن حي، و احمد بن حنبل، و اسحاق بن راهويه: في شعر الرأس اذا لم ينبت الدية و في شعر اللحية، اذا لم ينبت الدية، و اما المالكيون و الشافعيون فليس عندهم في ذلك الّا الحكومة.» «2»

أقول: موضوع الحكم الوارد في الروايات من طرقنا و المبحوث عند فقهائنا ازالة شعر رأس المرأة عمدا، و المذكور في رواية المحلّي ازالة شعر رأس الرجل خطأ، و قد يقال بثبوت الحكم لحالة العمد بطريق أولي، و للمرأة لعدم الفرق و لو بطريق الأولوية أيضا.

______________________________

(1). جواهر الكلام 42: 174- انظر الوسيلة: 444- غنية النزوع: 416- شرايع الإسلام 4:

261- نكت النهاية 3: 428- تحرير الاحكام 2: 259- قواعد الاحكام 2: 307- الروضة البهية 10: 199- مسالك الافهام 15: 397- تحرير الوسيلة 2: 514- مباني تكملة المنهاج 2: 269، 374- ذخيرة الصالحين 8: 91 (مخطوط)- ولاية الفقيه 2: 501.

(2). المحلي 10: 433 مسألة 2033.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 163

الفصل الثالث حبس من ضرب عبده

قد يقال بالحبس فيمن ضرب عبده بغير ذنب و لعله للحبس علي ارتكاب المحرم.

قال الكندي في مصنفه: «و عن أبي علي: إن من ضرب عبده بغير ذنب حبس.» «1»

______________________________

(1). المصنّف: 20.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 165

الباب الرّابع الحبس في السب و الإيذاء و الافتراء: و فيه اربعة فصول

اشارة

1- هل يحبس سابّ النبي (ص).

2- حبس من سب مسلما أو هجاه.

3- حبس من يؤذي الناس.

4- حبس الآمر بالافتراء.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 167

الفصل الأوّل هل يحبس ساب النبي (ص)

اشارة

اتفق الامامية علي وجوب قتل ساب النبي (ص) او أحد الأئمة المعصومين عليهم السلام، حتي فاطمة الزهراء سلام اللّه عليها و بذلك وردت نصوص كثيرة.

و لكن خالف في ذلك بعض العامة «1» و أفتي فيه بالحبس و التعزير كما يبدو من الرواية المنقولة في الكافي أن فتوي العامة هو الحبس، و انّما أوردناها، هنا لذلك.

الروايات من طرقنا

1- الكافي: «عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن علي بن جعفر، قال: أخبرني أخي موسي (ع) قال: كنت واقفا علي رأس أبي حين أتاه رسول زياد بن عبيد اللّه الحارثي عامل المدينة، قال: يقول لك الأمير: انهض إليّ، فاعتلّ بعلة فعاد اليه الرّسول، فقال له: قد أمرت أن يفتح لك باب المقصورة فهو أقرب لخطوتك، قال: فنهض أبي و اعتمد عليّ و دخل علي الوالي و قد جمع فقهاء المدينة كلهم

______________________________

(1). ان بحثهم يختص بساب النبي (ص) فقط.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 168

و بين يديه كتاب فيه شهادة علي رجل من أهل وادي القري «1»، فذكر النبيّ (ص) فنال منه، فقال له الوالي: يا أبا عبد اللّه انظر في الكتاب. قال: حتي انظر ما قالوا فالتفت اليهم فقال: ما قلتم؟ قالوا: قلنا يؤدّب و يضرب و يعزّر و يحبس قال: فقال لهم: أ رأيتم لو ذكر رجلا من اصحاب النبي (ص) بمثل ما ذكر به النبي ما كان الحكم فيه؟ قالوا: مثل هذا، قال: سبحان اللّه! فقال: فليس بين النبي (ص) و بين رجل من اصحابه فرق؟! فقال الوالي: دع هؤلاء يا ابا عبد اللّه لو أردنا هؤلاء لم نرسل إليك، فقال أبو عبد اللّه (ع): اخبرني (ع) أبي (ع): أن رسول

اللّه (ص) قال: (انّ) الناس فيّ اسوة و سواء، من سمع أحدا يذكرني، فالواجب عليه أن يقتل من شتمني، و لا يرفع الي السلطان، و الواجب علي السلطان اذا رفع اليه أن يقتل من نال منّي، فقال زياد بن عبيد اللّه: اخرجوا الرجل فاقتلوه، بحكم أبي عبد اللّه (ع).» «2»

قال العلامة المجلسي: «قوله: فهو أقرب لخطوتك- الظاهر بالخاء المعجمة، أي:

أقل لخطاك و أيسر عليك، و يحتمل أن يكون بالحاء المهملة و الظاء المعجمة، أي أمر بالفتح لحظوتك و الحظوة- بالفتح و الكسر- المنزلة و القرب و المحبّة.» «3»

هذا، و الروايات الدالة علي قتل السابّ كثيرة و انّما أوردنا هذه من بينها نظرا الي وجود الحبس فيها، و من أراد التفصيل فليراجع الوسائل «4» و المستدرك «5».

آراء فقهائنا

1- الشيخ الصدوق: «و من سبّ رسول اللّه (ص) أو أمير المؤمنين (ع) أو أحد الأئمة (ع) فقد حلّ دمه من ساعته.» «6»

______________________________

(1). واد بين المدينة و الشام من اعمال المدينة كثيرة القري: (معجم البلدان 5: 345) قال الطبري: اسم حصن قريب من خيبر كان يسكنه اليهود حين هاجر النبي (ص) الي المدينة «مرآة العقول 23: 415».

(2). الكافي 7: 266 ح 32- انظر مرآة العقول 23: 414.- مسائل علي بن جعفر 290 ح 740- التهذيب 10: 84 ح 331.

(3). ملاذ الاخيار 16: 165.

(4). الوسائل 18: 554 ب 7.

(5). المستدرك 18: 171 ب 6.

(6). الهداية: 62.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 169

2- السيد المرتضي: «و مما كانت الامامية منفردة به، القول: بأنّ من سبّ النبي (ص) أو عابه مسلما كان أو ذميّا، قتل الحال، و خالف باقي الفقهاء في ذلك.» «1»

3- الشيخ الطوسي: «و من سب رسول اللّه صلّي

اللّه عليه و آله، أو واحدا من الأئمة عليهم السلام، صار دمه هدرا. و حلّ لمن سمع ذلك منه قتله.» «2»

4- ابو الصلاح: «و من سبّ رسول اللّه (ص) أو أحد الأئمة من آله أو بعض الأنبياء عليهم السلام، فعلي السلطان قتله، و ان قتله من سمعه من أهل الإيمان، لم يكن للسلطان سبيل عليه.. و قال: و يلزم من سمع سابا لبعض الحجج عليهم السلام، أو رأي.. أن يرفع خبره الي السلطان ليقتله، و إن سبق عليه، فقتله لم يكن لأحد عليه سبيل، اذا ثبت أنه قتله لذلك.» «3»

5- علي بن حمزة: «و من رمي غيره بكلام موحش لم يخل من اربعة أوجه: اما يلزمه القتل، أو الحد، أو التعزير، أو لا يلزمه شي ء، فالأول: من يسب النبي صلي اللّه عليه و آله، أو أحدا من الأئمة عليهم السلام، و الكافر اذا سبّ مسلما.» «4»

6- القاضي ابن البراج: «اذا سبّ انسان النبي (ص) أو أحدا من الأئمة عليهم السلام، كان عليه القتل، و حلّ لمن سمعه قتله، ان لم يخف علي نفسه أو غيره، فان خاف علي شي ء من ذلك، أو خاف ضررا يدخل علي بعض المؤمنين في الحال أو في المستقبل فلا يتعرض لقتله، و يتركه.» «5»

7- المحقق الحلي: «من سبّ النبي (ص) جاز لسامعه قتله.. و كذا من سبّ أحد الأئمة» «6».

8- يحيي بن سعيد: «و الناس سواء فيمن سمعوه يسبّ النبي (ص) أو علي بن أبي

______________________________

(1). الانتصار: 234.

(2). النهاية: 730- و مثله السرائر: 467.

(3). الكافي في الفقه: 416، 403.

(4). الوسيلة: 422.

(5). المهذب 2: 551.

(6). شرايع الإسلام: 4: 167.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 170

طالب (ع) وجب عليهم قتله، إلّا أن

يخافوا علي أنفسهم، فان رفعوه الي السلطان وجب عليه قتله» «1».

9- العلامة الحلي: «و كذا من سب النبي (ص) أو أحد الأئمة جاز لسامعه قتله، ما لم يخف الضرر علي نفسه أو ماله، أو بعض المؤمنين.» «2»

10- و قال في القواعد: «و ساب النبي (ص) أو احد الأئمة عليهم السلام يقتل و يحلّ لكل من سمعه قتله، مع الأمن عليه و علي ماله و غيره من المؤمنين، إلّا مع الضرر» «3».

11- الشهيدان: «و ساب النبي (ص) أو أحد الأئمة عليهم السلام يقتل، و يجوز قتله لكل من اطّلع عليه، و لو من غير إذن الامام» «4».

12- الشهيد الثاني: «قوله: من سبّ النبي: هذا الحكم موضع وفاق و به نصوص» «5».

13- الفيض الكاشاني: «من سبّ النبيّ (ص) أو احدا من الأئمة عليهم السلام جاز لكل أحد قتله ما لم يخف علي نفسه أو ماله أو احد من المسلمين بالنصوص و الاجماع» «6».

14- الشيخ محمد حسن النجفي: «- بعد كلام الشرائع: بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه مضافا الي النصوص» «7».

15- الامام الخميني: «من سبّ النبي (ص) و العياذ باللّه، وجب علي سامعه قتله، و كذا الحال لو سبّ بعض الأئمة عليهم السلام- و في إلحاق الصدّيقة الطاهرة سلام اللّه عليها، بهم وجه، بل لو رجع الي سبّ النبي (ص) يقتل بلا اشكال.» «8»

16- السيد الخوئي: «يجب قتل من سبّ النبي (ص) علي سامعه، ما لم يخف الضرر

______________________________

(1). الجامع للشرائع: 567.

(2). تحرير الاحكام 2: 236.

(3). قواعد الاحكام 2: 264- و مثله تذكرة الفقهاء 2: 457.

(4). الروضة البهية 9: 194.

(5). مسالك الافهام 14: 452.

(6). مفاتيح الشرائع 2: 105.

(7). جواهر الكلام 41: 432- انظر 439.

(8). تحرير الوسيلة

2: 429.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 171

- علي نفسه، أو عرضه، أو ماله- الخطير.» «1»

17- الشيخ الوالد: «و يقتل من سبّ النبي (ص) أو واحدا من الأئمة بل الزهراء سلام اللّه عليها، بلا خلاف، بل الاجماع عليه بقسميه و العمدة النص..» «2».

18- السيد الگلپايگاني: في جواب عن السؤال: إن سابّ النبي (ص) هل يكون عاصيا و واجب القتل، كما عن بعض العلماء، أم أنّه يحكم عليه بالكفر و الارتداد؟

الجواب: «يجري عليه احكام المرتد» و قال في جواب المسألة رقم 46:

حكم سبّ الأئمة، هو حكم سبّ النبي (ص) و سبّ النبي (ص) يوجب الكفر و الارتداد، و يجب قتل الساب.» «3»

19- و قد أورد الشيخ زين العابدين المازندراني في «ذخيرة المعاد» بحثا مستوفا «4» فراجع.

أقول: و قد رأيت أنّ أحدا من فقهائنا لم يفت بأقل من القتل كالحبس و التعزير، و لم يفرّقوا في ذلك بين المسلم و الكافر و الرجل و المرأة.

آراء المذاهب الاخري

20- ابو يوسف: «و أيّما رجل مسلم سبّ رسول اللّه (ص) أو كذّبه، أو عابه أو تنقّصه، فقد كفر باللّه، و بانت منه زوجته، فإن تاب، و الّا قتل، و كذلك المرأة، إلّا أنّ أبا حنيفة قال: لا تقتل المرأة (و تجبر علي الإسلام)» «5».

21- ابو القاسم: «و من سبّ اللّه جل جلاله أو سبّ رسوله (ص) من مسلم أو كافر قتل، و لا يستتاب» «6».

22- ابن حزم: «اختلف الناس فيمن سب النبي (ص) أو نبيا من الأنبياء ممن

______________________________

(1). مباني تكملة المنهاج 1: 264.

(2). ذخيرة الصالحين 8: 50- و مثله 5: 30.

(3). مجمع المسائل 3: 201.

(4). ذخيرة المعاد: 588.

(5). الخراج: 182.

(6). التفريع 2: 232.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 172

يقول

انه مسلم، فقالت طائفة: ليس ذلك كفرا، و قالت طائفة: هو كفر، و توقف آخرون في ذلك، فامّا التوقف فهو قول اصحابنا … » «1»

23- ابن قدامة: «فصل: و قذف النبي (ص) و قذف امه ردّة عن الإسلام، و خروج عن الملّة، و كذلك سبه بغير القذف إلّا أنّ سبّه بغير القذف يسقط بالاسلام، لأن سب اللّه تعالي يسقط بالاسلام فسب النبي أولي» «2».

24- ابن تيمية: «و لهذا اتفق الأئمة علي أنّ من سبّ نبيا قتل، و من سب غير النبي لا يقتل، بكل سب سبه، بل يفصل في ذلك، فان من قذف أم النبي (ص) قتل مسلما كان أو كافرا، لأنه قدح في نسبه، و لو قذف غير أم النبي (ص) ممن لم يعلم براءتها لم يقتل» «3».

25- و في الانتصار: «.. فقال ابو حنيفة و اصحابه: من سب النبي (ص) أو عابه، و كان مسلما فقد صار مرتدا، و ان كان ذميا عزر، و لم يقتل. و قال ابن القسم عن مالك: من شتم النبي (ص) من المسلمين قتل، و لم يستتب، و من شتم النبي (ص) من اليهود و النصاري قتل الّا ان يسلم، و قال الثوري: الذمي يعزّر، و روي الوليد بن مسلم عن الأوزاعي و مالك: فيمن سب النبي (ص) قالا: هي ردّة يستتاب، فان تاب نكل به، و ان لم يتب قتل، و الّا يضرب مائة ثم يترك حتي اذا هو بري ضرب مائة..» «4».

26- الجزيري: «المالكية و الحنابلة- قالوا: و يجب قتل الزنديق بعد الاطلاع عليه بلا طلب توبة منه، و مثله الذي سب نبيا اجمعت الامة علي نبوّته، فانه بدون استتابة، و لا تقبل توبته، ثم إن

تاب قتل حدا، و لا يعذر الساب بجهل.» «5»

______________________________

(1). المحلي 11: 408.

(2). المغني 8: 232- راجع ص 150.

(3). الفتاوي الكبري 4: 270.

(4). الانتصار: 234.

(5). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 428- راجع ص 423.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 173

الفصل الثاني حبس من سبّ مسلما أو هجاه

اشارة

المشهور «1» عندنا تعزير من شتم الغير بما لا يبلغ به القذف الموجب للحد، و كذلك في كل قول يكرهه المواجه و يؤذيه و يكفينا نقل فتوي الشيخ الطوسي، و سلار بن عبد العزيز، و القاضي ابن البراج. اما السنة: فقد نقلوا عن عمر انه حبس الحطيئة لهجوه الزبرقان، فيروا فيه الضرب و السجن و التأنيب، فالتعزير ثابت عند الفريقين و اما جواز الحبس فهو علي المبني من شمول التعزير له.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «من قال لغيره: يا فاسق أو يا خائن أو يا شارب خمر، و هو علي ظاهر العدالة، لم يكن عليه حد القاذف، و كان عليه التأديب.

و اذا قال للمسلم: انت خسيس أو وضيع، أو رقيع أو خنزير، أو كلب، أو مسخ، و ما أشبه ذلك، كان عليه التعزير، و اذا واجه الانسان غيره بكلام يحتمل السب، و يحتمل غير ذلك، عزّر و ادّب، لئلّا يعرض بأهل الايمان، و كل كلام يؤذي المسلمين فانه يجب علي قائله به التعزير.» «2»

2- سلار بن عبد العزيز: «و السب و الرمي بالضلال، أو بشي ء من بلاء اللّه أو بنبز بلقب رجالا كانوا أو صبيانا أو نساء يوجب التعزير و التأديب.» «3»

3- ابن البرّاج: «و اذا قال لغيره: يا كافر و هو علي ظاهر الإسلام، ضرب ضربا وجيعا … و اذا وجّه غيره بكلام محتمل للسب و غيره، أدّب و عزّر حتي لا يعرض بأهل الايمان، و اذا عيّره بشي ء من بلاء اللّه تعالي مثل البرص و الجذام و العمي و الجنون

______________________________

(1). الروضة البهية 9: 188.

(2). النهاية: 729.

(3). المراسم: 256.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 174

و ما أشبه ذلك، أو اظهر عنه ما هو مستور

من بلاء اللّه تعالي، كان عليه التأديب إلّا أن يكون المعيّر به ضالا كافرا، و كل لفظ يؤذي به الانسان غيره من المسلمين، فانه يجب علي المتكلم به التعزير» «1».

آراء المذاهب الاخري

1- عن ابن شبه: «حدثنا الصلت بن مسعود قال: حدثنا احمد بن شبويه عن سليمان بن صالح، عن عبد اللّه بن المبارك عن عبد العزيز بن أبي سلمة: ان عمر حبس الحطيئة» «2».

2- و عنه: «كان الزبرقان قد سار الي عمر بصدقات قومه فلقيه الحطيئة و معه أهله و أولاده يريد العراق فرارا من السنة- أي القحط و الجدب- و طلبا للعيش، فأمره الزبرقان «3» ان يقصد أهله و اعطاه امارة يكون بها ضيفا له حتي يلحق به، ففعل الحطيئة ثم هجاه الحطيئة بقوله:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها و اقعد فانّك انت الطاعم الكاسي

فشكاه الزبرقان الي عمر، فسأل عمر حسان بن ثابت عن قوله «انه هجو» فحكم انه هجو له و ضعة، فحبسه عمر في مطمورة حتي شفع فيه عبد الرحمن بن عوف و الزبير، فاطلقه بعد أن اخذ عليه العهد الّا يهجو احدا ابدا و تهدّده ان فعل» «4».

3- المدونة: «قلت: و كذلك لو قال رجل لرجل: يا بن الفاجرة، أو يا بن الفاسقة، أو يا بن الخبيثة «قال» ليس عليه في قوله: يا بن الفاسقة و لا يا بن الفاجرة الّا النكال.

و اما قوله يا بن الخبيثة، فانه يحلف انه ما اراد قذفا، فان ابي ان يحلف، رأيت ان

______________________________

(1). المهذب 2: 551.

(2). تاريخ المدينة 1: 526 و 2: 785. أقضية رسول الله ص: 8- كنز العمال 3: 843 ح 8919- و 845 و 8921.

(3). كان سيدا في الجاهلية عظيم القدر في الإسلام ولّاه

رسول اللّه (ص) علي صدقات قومه بني عوف، انظر تنقيح المقال 1: 437- أسد الغابة 2: 194- الاغاني 2: 43- فوات الوفيات 1: 99- تاريخ المدينة 2: 526. قال المامقاني: لكني لم استثبت حاله.

(4). تاريخ المدينة 2: 785. انظر تتمة المنتهي/ 42.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 175

يحبس حتي يحلف، فإن طال حبسه نكل.

قلت: فكم النكال عند مالك في هذه الأشياء؟ قال: علي قدر ما يراه الإمام، و حالات الناس في ذلك مختلفة، فمن الناس من هو معروف بالأذي، فذلك الذي ينبغي ان يعاقب العقوبة الموجعة، و قد يكون الرجل تكون منه الزلّة، و هو معروف بالصلاح و الفضل، فانّ الإمام ينظر في ذلك، فان كان قد شتم شتما فاحشا، اقام عليه السلطان في ذلك قدر ما يؤدّب مثله في فضله، و ان كان شتما خفيفا فقد قال مالك: يتجافي السلطان عن الفلتة التي تكون من ذوي المروّات» «1».

4- داود بن يوسف الخطيب: «.. رجل يشتم الناس إن كان له مروّة وعظ، و ان كان دون ذلك، حبس و ان كان شتّاما ضرب و حبس.» «2»

5- الكتاني: «قال القاضي ابن سعيد في التيسير في احكام التفسير: من عرض من الكتّاب و الشعراء بسب احد أو هجوه سجن و ادّب و قد فعل ذلك عمر بالحطيئة، سجنه حين عرض بالزبرقان بن بدر التميمي بقوله: اقعد فانك انت الطاعم الكاسي.» «3»

6- الجزيري: «و من قال لمسلم يا فاسق أو يا خبيث أو يا كافر أو يا سارق أو يا مخنث أو يا قاتل النفس أو يا فاجر أو يا تارك الصلاة و غير ذلك من قذفه بعيوب غير الزني فلا يقام عليه الحد في كل هذه

الألفاظ، و انّما يعزره الحاكم بما يراه تأديبا له و زجرا من الضرب و السجن و التأنيب.» «4»

أقول: العقوبة التي يستوجبها الساب و القاذف بغير الزني، كما رأيت انما هي التعزير عند الفريقين، فجواز حبسه يتوقف علي شمول التعزير للحبس.

فرع: لو لم يعرف القاضي شهود القذف بالعدالة، فهل يحبس المتهم الي أن يثبت العدالة أم لا؟

______________________________

(1). المدونة الكبري 6: 223 و ج 4 ص 391 (اربعة اجزاء).

(2). فتاوي الغياثية: 99.

(3). التراتيب الادارية 1: 299.

(4). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 218.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 176

و الظاهر انه لا مجال للحبس بمجرد التهمة، الّا في مورد واحد و هو تهمة القتل، علي الخلاف الذي مرّ، و لكن بعض فقهاء السنة يري فيه الحبس قال السرخسي: «و ان لم يعرف القاضي شهود القذف بالعدالة حبسه حتي يسأل عنهم، لأنّه صار متهما بارتكاب ما لا يحل من هتك الستر و أذي الناس بالقذف، فيحبس لذلك، و لا يكفله لأنّ التكفل للتوثق و الاحتياط، و الحد مبنيّ علي الدرء و الاسقاط.» «1»

الفصل الثالث حبس من يؤذي الناس

1- ابن النجار الحنبلي: «و من عرف بأذي الناس حتي بعينه- أي الغمز- حبس مؤبدا» «2». و قال في شرحه: حبس حتي يموت أو يتوب.

2- المرداوي: «عن الرعاية: من عرف بأذي الناس و مالهم، حتي بعينه، و لم يكف، حبس، و قال في الأحكام السلطانية: للوالي فعله، لا للقاضي، و نفقته من بيت المال لدفع ضرره.» «3»

أقول: قد يستدل علي ذلك بفعل علي (ع): حيث كان يحبس الداعر؛ «كان علي بن أبي طالب، اذا كان في القبيلة- أو القوم الرجل الداعر حبسه، فان كان له مال، أنفق عليه من ماله، و ان لم يكن له

مال، انفق عليه من بيت مال المسلمين، و قال: يحبس عنهم شرّه و ينفق عليه من بيت مالهم» «4».

الداعر: الخبيث المفسد، الذي يؤذي الناس، الفاجر: قطاع الطريق «5».

يمكن أن يقال: بأنّ الحاكم لو رأي المصلحة في ذلك، حبسه حفظا لأمن البلد،

______________________________

(1). المبسوط 9: 106.

(2). منتهي الارادات 2: 479. شرح منتهي الارادات 3: 362.

(3). الانصاف 10: 249.

(4). الخراج: 150.

(5). لسان العرب 13: 286.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 177

و نظم المجتمع، إلّا ان يقال بعدم سعة ولاية الحاكم الي حد ذلك.

الفصل الرابع حبس الآمر بالافتراء

1- الشافعي: «أ رأيتم رجلا أمر رجلا أن يفتري علي رجل فافتري عليه، أ يحدّان جميعا، أم يحد القاذف خاصة؟ ينبغي في قولكم أن يحدا جميعا، هذا ليس بشي ء، لا يحد الّا الفاعل، و لا يقتل الّا القاتل، و لكن علي الآخر التعزير و الحبس.» «1»

أقول: و لم أجد هذا الفرع فيما راجعت من كتب الفريقين و هو مبني علي شمول التعزير للحبس.

______________________________

(1). الام 7: 331.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 179

الباب الخامس الحبس في ترك الواجبات و فعل المحرمات: و فيه اربعة فصول

اشارة

1- الحبس للمنع عن محارم اللّه.

2- حبس تارك الفرائض.

3- حبس المبتدع.

4- هل يحبس المكثر للحديث عن النبي (ص).

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 181

الفصل الأوّل الحبس للمنع عن محارم اللّه

الروايات

1- الفقيه: «روي الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: جاء رجل الي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله، فقال: إنّ امّي لا تدفع يد لامس، قال: فاحبسها، قال: قد فعلت، قال: فامنع من يدخل عليها، قال: قد فعلت قال: فقيّدها، فانك لا تبرّها بشي ء أفضل من ان تمنعها من محارم اللّه عزّ و جلّ» «1».

أقول: و طريق الصدوق اليه: محمد بن موسي بن المتوكل، عن عبد اللّه بن جعفر الحميري، و سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن الحسن بن محبوب، و الطريق صحيح «2» و صحّحه العلامة المجلسي في الروضة.

و قال: «لا تدفع يد لامس: كناية عن أنها زانية، و لا تمنع أحدا من الدخول عليها.

فامنع من يدخل عليها: و لو بالضرب و الجرح و القتل.

______________________________

(1). الفقيه 4: 51 ح 6- و عنه الوسائل 18: 414 ح 1- و الوافي 15: 551 الرقم 15674- 15 ابواب الحدود و التعزيرات.

(2). انظر: مشيخة الفقيه 4: 49- معجم رجال الحديث 5: 91.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 182

فقيّدها: حتي لا يمكنها الخروج، و يدل علي انه ينفع الترك و لو لم يكن بالاختبار، و لو لم يكن للّه، فانه لا شك ان المكلف يستحق العقاب بفعل المعاصي، فاذا لم يفعلها لا يستحق العقاب، اما الثواب فالظاهر اشتراطه بأن يكون الترك للّه الّا في ترك الخمر.» «1»

2- النوادر: «صفوان بن يحيي، عن ابن مسكان، قال: حدثني عمار الساباطي،

قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام، عن المرأة الفاجرة يتزوجها الرجل؟ فقال لي:

و ما يمنعه، و لكن اذا فعل، فليحصن بابه.» «2»

آراء فقهائنا

1- و قد أفتي الحر العاملي بمضمون الرواية الأولي في تبويبه، فقال: «48: باب جواز منع الإمام من الزني و المحرمات و لو بالحبس و القيد» «3».

لكنه في «بداية الهداية» استفاد مطلبا آخر من الرواية الأولي فقال: «و علي امام المسلمين ان يربط الزانية بالزوج كما يربط البعير الشارد بالعقال» «4».

2- ولاية الفقيه: قال بعد نقل الرواية الأولي: «و عموم التعليل في الصحيحة، يدل علي جواز الحبس و التقييد بالنسبة الي كل من لا يتمكن من منعه عن محارم اللّه إلّا بذلك» «5».

و قال: بعد نقله للرواية التي يهدد الإمام (ع) فيها المنجّم بالحبس ان اصرّ:

«و هذا أيضا يؤيد ما أشرنا اليه من جواز حكم الإمام بحبس من يصرّ علي أمر حرام، و بقائه فيه ما لم يرتدع.» 6

أقول: لا اشكال في صحة الرواية سندا، انما الكلام في الدلالة، فإن اخذ بالظاهر

______________________________

(1). روضة المتّقين 10: 215.

(2). كتاب النوادر: 132 ح 342- و عنه المستدرك 18: 73 ح 1- تحفة الاشراف 13: 258 عن النسائي.

(3). وسائل الشيعة 18: 414- قال المرحوم الوالد: ان اكثر عناوين ابواب الوسائل هي فتاوي الحر العاملي.

(4). بداية الهداية 2: 462.

(5) 5 و 6. ولاية الفقيه 2: 431 و 534.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 183

و ان المراد بالتقييد هو الحبس و المنع كما فهمه المجلسي الأول، و الحر العاملي رحمهما اللّه، فيمكن القول بجواز الحبس في هذه الموارد، و انّ الحبس حينئذ يقوم به الأقرب فالأقرب من باب النهي عن المنكر، بل يمكن دعوي تمامية دلالتها، فيكون

دليلا للمقام، فلا خصوصية للزني أو للأمّ بل يتعدّي فيها الي الحبس للمنع عن مطلق الفواحش و المحرمات، خاصة بملاحظة التعليل، و لكن لا يبعد أن يكون المراد، بالتقييد:

هو ربطها بالزوج و تزويجها، كما فهمه الحر العاملي في البداية، و عليه فتخرج الرواية عن الاستدلال، و يكفي في المقام الرواية الثانية، إن تم سندها.

و قد يقال: بأن هذا الحبس لم يرتبط بالحاكم، بل هو وظيفة الولد من باب البرّ بالوالدة، فيخرج حينئذ عن دائرة الموضوع.

آراء المذاهب الاخري

3- القرافي: «و يشرع الحبس في ثمانية مواضع:.. الخامس: الحبس للجاني تعزيرا و ردعا عن معاصي اللّه تعالي.» «1»

الفصل الثاني حبس تارك الفرائض

اشارة

لا نزاع في التعزير علي ترك الفرائض أو فعل المحرم كسلا و توانيا- لا اعتقادا بعدم وجوبها- فيعزر في أول دفعة، و الثاني و يقتل في الثالث أو الرابع- علي الخلاف بين فقهائنا- و لكن وقع البحث في الحبس لأجل ذلك كما عليه أبو حنيفة و مالك، و المزني صاحب الشافعي، في تارك الصلاة، و القرافي في مطلق الممتنع في حق اللّه.

و الظاهر أنّه لم يفت احد من فقهائنا بالحبس الّا ما عن العلامة في التذكرة و إن افتوا بالتأديب و التعزير فيه فيبتني المسألة علي شمول التعزير للحبس. أو يقال به لو

______________________________

(1). الفروق 4: 79.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 184

اقتضت المصلحة، فيحبسه الحاكم كما صرح بذلك في الجواهر.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «اذا ترك الصلاة.. قال قوم لا يقتل و انما يحبس حتي يصلي، و قال بعضهم يكفر بذلك، و عندنا انه لا يكفر و يعزر دفعة، فان عاد عزّر، فان عاد عزّر، فان عاد رابعا قتل، لما روي عنهم عليهم السلام: ان اصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة.» «1»

2- و قال في الخلاف: «من ترك الصلاة معتقدا انها غير واجبة، كان كافرا، يجب قتله، بلا خلاف، و ان تركها كسلا، و توانيا، و مع ذلك يعتقد تحريم تركها، فانه يكون فاسقا، يؤدّب علي ذلك، و لا يجب عليه القتل.

و قال ابو حنيفة و مالك: و يحبس حتي يصلي، و قال الشافعي: يجب عليه القتل بعد ان يستتاب كما يستتاب المرتد، فان لم يفعل وجب قتله. و قال احمد بن حنبل: يكفر بذلك.» «2»

3- ابن ادريس: «و كذلك تارك الصلاة عن غير عذر، يعزر في اول دفعة، و ثاني دفعة، و يقتل في الثالثة،

لقولهم (ع) اصحاب الكبائر يقتلون في الثوالث.» «3»

4- المحقق الحلي: «كل من فعل محرّما او ترك واجبا فللإمام عليه السلام تعزيره بما لا يبلغ الحد، و تقديره الي الإمام، و لا يبلغ به حدّ الحرّ في الحر، و لا حد العبد في العبد.» «4»

5- العلامة الحلي: «كل من فعل محرّما أو ترك واجبا فللإمام تعزيره بما لا يبلغ الحد، و كميّته منوطة بنظر الإمام، و يختلف باختلاف احوال الجناة» «5».

و قال في التذكرة: مسألة: «و لو اعتقد وجوبها- اي الزكاة- و منعها فهو فاسق يضيق الامام عليه و يقاتله حتي يدفعها لأنه حق واجب عليه و يقاتله حتي يدفعها لأنه حق واجب فإن أخفي ماله حبسه حتي يظهره، فاذا ظهر عليه اخذ منه قدر الزكاة لا ازيد عند علمائنا اجمع بل يعزره. و به قال ابو حنيفة و مالك و الشافعي في الجديد. 1: 200 (الطبعة القديمة) 5: ص 8 (جديد) و قاله في تارك الصلاة أيضا. تذكرة الفقهاء 2: 392)

______________________________

(1). المبسوط 7: 284.

(2). الخلاف 5: 358 المسألة 9.

(3). السرائر: 3: 535.

(4). شرايع الإسلام 4: 168- و مثله في المختصر النافع: 221.

(5). تحرير الاحكام 2: 237.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 185

6- و قال في القواعد: «و كل من فعل محرّما أو ترك واجبا كان للإمام تعزيره بما لا يبلغ الحد، لكن بما يراه الإمام.» «1»

7- و قال في التذكرة فيمن أسلم عن ثمان زوجات: «فان اختار اربعا و إلّا حبسه الحاكم تعزيرا عليه في ترك الواجب.» «2»

8- الفيض الكاشاني: «كل من فعل محرما أو ترك واجبا فللحاكم تعزيره» «3».

9- الفاضل الهندي: «بعد نقل كلام القواعد: ثم وجوب التعزير في كل محرّم من فعل،

أو ترك، ان لم ينته بالنهي و التوبيخ و نحوهما، فهو ظاهر، لوجوب إنكار المنكر، و اما إن انتهي بما دون الضرب، فلا دليل عليه الّا في مواضع مخصوصة، ورد النص فيها بالتأديب أو التعزير، و يمكن تعميم التعزير في كلامه و كلام غيره، لما دون الضرب من مراتب الإنكار.» «4»

10- الشيخ محمد حسن النجفي، بعد كلام المحقق الحلي و الفاضل الهندي: «قلت قد يستفاد التعميم مما دلّ علي أنّ لكل شي ء حدا، و لمن تجاوز الحد حدّ» بناء علي أنّ المراد من الحد فيه التعزير الفعلي، مضافا الي امكان استفادته أيضا من استقراء النصوص كما لا يخفي علي من تدبّرها، نعم قد يقال: باختصاص التعزير بالكبائر، دون الصغائر، ممن كان يجتنب الكبائر، فانها حينئذ مكفرة لا شي ء عليها، اما اذا لم يكن مجتنبا لها فلا يبعد التعزير لها أيضا، و اللّه العالم.» «5»

و قال: لا خلاف و لا إشكال نصا و فتوي في أنّ كل من فعل محرّما أو ترك واجبا و كان من الكبائر فللإمام تعزيره … » 6

11- السيد الخوئي: «من فعل محرما أو ترك واجبا إلهيا عالما عامدا، عزّره الحاكم حسب ما يراه من المصلحة، و قال: علي المشهور شهرة عظيمة، بل بلا خلاف في الجملة

______________________________

(1). قواعد الاحكام: 262.

(2). تذكرة الفقهاء 2: 656.

(3). مفاتيح الشرائع 2: 106.

(4). كشف اللثام 2: 235.

(5) 5 و 6. جواهر الكلام 41: 448.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 186

و تدل علي ذلك عدة أمور:

1- فعل أمير المؤمنين (ع) ذلك في موارد مختلفة.

2- ان الإسلام قد اهتمّ بحفظ النظام المادي و المعنوي و اجراء الأحكام علي مجاريها و من الطبيعي انّ هذا يقتضي ان يعزر الحاكم

كل من خالف النظام.

3- النصوص الخاصة الواردة في موارد مخصوصة الدالة علي أنّ للحاكم التعزير و التأديب، حتي في الصبي و المملوك.

4- ما ورد في عدة روايات.» «1»

آراء المذاهب الاخري

12- ابن حزم، بعد أن نقل الآراء و الأدلة في المقام: «انه قد صحّ علي ما ذكرنا في قول رسول اللّه (ص): من رأي منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع، فكان هذا أمرا بالأدب علي من أتي منكرا و الامتناع من الصلاة و من الطهارة من غسل الجنابة، و من صيام رمضان و من الزكاة و من الحج، و من أداء جميع الفرائض كلها، و من كل حق لآدمي بأيّ وجه كان، كل ذلك منكر بلا شك و بلا خلاف من أحد من الأمة، لأن كلّ ذلك حرام و الحرام منكر بيقين فصح بأمر رسول اللّه (ص): اباحة ضرب كل من ذكرنا باليد و صح عن رسول اللّه (ص): ان لا يضرب في التعزير اكثر من عشرة علي ما نورد … فإذا ذلك كذلك فواجب ان يضرب كل من ذكرنا عشر جلدات فان ادّي ما عليه من صلاة أو غيرها فقد برئ، و لا شي ء عليه و ان تمادي علي الامتناع فقد احدث منكرا آخر بالامتناع الآخر فيجلد أيضا عشرا، و هكذا ابدا حتي يؤدّي الحق الذي عليه للّه تعالي او يموت، غير مقصود الي قتله و لا يرفع عنه الضرب اصلا حتي يخرج وقت الصلاة و تدخل اخري فيضرب ليصلي التي دخل وقتها … » «2».

13- الخرقي: «و من ترك الصلاة دعي اليها ثلاثة ايام.. فان صلّي، و الّا قتل

______________________________

(1). مباني تكملة المنهاج 1: 337 مسألة 282.

(2). المحلي 11: 379.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص:

187

جاحدا تركها أو غير جاحد.» «1»

14- القرافي: «و يشرع الحبس في ثمانية مواضع.. الثامن يحبس الممتنع في حق اللّه- تعالي- الذي لا تدخله النيابة عند الشافعية كالصوم، و عند المالكية، يقتل كالصلاة.» «2»

انظر الأحكام السلطانية الماوردي/ 248 مانع الزكاة.

15- ابن تيمية: «و اما تارك الصلاة، فانه يستحق العقوبة باتفاق الأئمة، و اكثرهم، كمالك و الشافعي و احمد، يقولون: إنّه يستتاب، فإن تاب و إلّا قتل كافرا مرتدا أو فاسقا كغيره من اصحاب الكبائر علي قولين، و اذا لم تكن اقامة الحد علي مثل هذا، فانه يعمل معه الممكن فيهجر و يوبّخ حتي يفعل المفروض و يترك المحظور و لا يكون ممن قال اللّه فيه: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتّبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا، مع أن اضاعتها، تأخيرها عن وقتها، فكيف بتاركها.» «3»

16- الجزيري: «.. الحنفية و المزني صاحب الشافعي، قالوا: انه لا يكفر و لا يقتل، بل يعزر و يحبس حتي يصلّي.» «4»

أقول: لا كلام في تعزير فاعل المحرمات و تارك الواجبات، و لكن ظاهر فقهائنا إلّا العلامة الحلي في التذكرة الضرب دون الحد، نعم لو رأي الحاكم مصلحة في تعزيره بالحبس، كان له ذلك، قال في الجواهر: «نعم قد تحصل مصلحة في بعض المقامات تقتضي جواز الحبس للحاكم» «5».

______________________________

(1). المغني 8: 131.

(2). الفروق 4: 80.

(3). الفتاوي الكبري 4: 301.

(4). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 458.

(5). جواهر الكلام 41: 249، الحدود.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 188

الفصل الثالث حبس المبتدع

1- قال المرداوي: «و نص احمد- في المبتدع و الداعية: يحبس حتي يكف عنها.» «1»

2- قال الشهيد: «قاعدة 205: محدثات الامور بعد عهد النبي صلي اللّه عليه و آله تنقسم اقساما لا يطلق اسم

البدعة عندنا الّا علي ما هو محرم منها:

اولها: الواجب، كتدوين القرآن و السنة، اذا خيف عليهما التفلّت (تلف خ ل) من الصدور، فان التبليغ للقرون الآتية واجب اجماعا و للآية، و لا يتم الّا بالحفظ و هذا في زمان الغيبة واجب، أمّا في زمان ظهور الامام فلا، لأنّه الحافظ لها حفظا لا يتطرّق اليه خلل.

و ثانيها: المحرم، و هو كل بدعة تناولتها قواعد التحريم و ادلته من الشريعة، كتقديم غير الأئمة المعصومين عليهم، و اخذهم مناصبهم، و استئثار ولاة الجور بالأموال و منعها مستحقها، و قتال أهل الحق و تشريدهم و ابعادهم، و القتل علي الظنّة، و الإلزام ببيعة الفساق و المقام عليها و تحريم مخالفتها و الغسل في المسح، و المسح علي غير القدم، و شرب كثير من الأشربة، و الجماعة في النوافل، و الأذان الثاني يوم الجمعة، و تحريم المتعتين، و البغي علي الامام، و توريث الأباعد و منع الأقارب، و منع الخمس أهله، و الافطار في غير وقته الي غير ذلك من المحدثات المشهورات، و منها- بالإجماع من الفريقين- المكس «2» و تولية المناصب غير الصالح لها ببذل أو ارث و غير ذلك، ثالثها … رابعها … » «3»

3- و قال النراقي: «لا شك في حرمة البدعة في الدين و إدخال ما ليس من الشرع فيه و عليه اجماع الامة بل هو ضروري الدين و الملة.. و المناط في الابتداع و التشريع

______________________________

(1). الانصاف 10: 249.

(2). الضريبة التي يأخذها الماكس و هو العشّار النهاية 4: 349- دراهم كانت تؤخذ من بائع السلع في الاسواق في الجاهليّة/ لسان العرب 6: 220.

(3). القواعد و الفوائد 2: 144- انظر الفروق للقرافي 4: 202.

موارد السجن في النصوص

و الفتاوي، ص: 189

و الإدخال في الدين: وضع شي ء شرعا للغير و جعله من احكام الشارع له لا لنفسه لأنه غير ممكن فالبدعة فعل قرّره غير الشارع شرعا لغيره من غير دليل شرعي و لا شك في كون ذلك بدعة.. و اما الفعل الذي لم يثبت من الشرع و يفعله احد من غير إرائته شرعيته للغير فلا يحرم من هذه الجهة اصلا و لو قارنه شي ء من الاعتقاد بالشرعية، نعم قد يكون محرّما فعله اذا لم يثبت من الشرع من جهة اخري و لا كلام فيه.» «1»

أقول: فعلي مذهب احمد يحبس حتي يكف عنها و علي مذهبنا يعزر مرتكبها للتعزير علي فعل المحرمات و يحبس إن قلنا بشمول التعزير للحبس.. هذا لو لم يؤدّ الي انكار اللّه و النبي (ص) و القرآن و إلّا قتل للارتداد ان كان فطريا و يستتاب ان كان مليا و يحبس دائما ان كان امرأة.

الفصل الرابع هل يحبس المكثر للحديث عن النبي (ص)؟

الروايات

1- الحاكم: «حدثنا ابو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا محمد بن غالب، ثنا عفان، ثنا شعبة، و اخبرني احمد بن يعقوب الثقفي، ثنا محمد بن ايوب، انبا ابو عمرو الحوضي، ثنا شعبة، عن سعد بن ابراهيم، عن أبيه، ان عمر بن الخطاب، قال لابن مسعود و لأبي الدرداء و لأبي ذر: «ما هذا الحديث عن رسول اللّه (ص) و احسبه حبسهم بالمدينة حتي اصيب» «2».

2- الذهبي: «روي الذهبي ان عمر حبس ثلاثة: ابن مسعود و ابا الدرداء و ابا مسعود الأنصاري، فقال: «اكثرتم الحديث عن رسول اللّه.» «3»

______________________________

(1). عوائد الايام: 113.

(2). مستدرك الحاكم 1: 110. بعث عمر الي ابن مسعود و ابي الدرداء و أبي مسعود الانصاري فقال: ما هذا الحديث الذي تكثرون

عن رسول الله ص؟ فحبسهم بالمدينة.. سير اعلام النبلاء 7: 206.

(3). تذكرة الحفاظ 1: 7 ترجمة عمر، انظر معالم المدرستين 2: 44.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 190

أقول: لم أجد من فقهاء الفريقين من أفتي بجواز الحبس للإكثار من الحديث عن النبي (ص) بل روي الفريقان قوله (ص): «اللهم ارحم خلفائي- ثلاثا- قيل له يا رسول اللّه، من خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون بعدي يروون حديثي و سنتي» «1».

و لا يمكن توجيه الرواية بأنها لكذب هؤلاء الصحابة الكبار علي النبي (ص) فلا بد أنّ حبسهم كان لروايتهم احاديث معيّنة أو لأسباب سياسية اخري.

______________________________

(1). كنز العمّال 10: 229 ح 29208- عن الاوسط.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 191

الباب السّادس الحبس في السحر و أضرابه: و فيه فصلان

اشارة

1- حبس الساحر و الكاهن و العرّاف.

2- حبس المنجّم.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 193

الفصل الأوّل حبس الساحر و الكاهن و العرّاف

اشارة

اتفق المسلمون علي تحريم السحر «1» و كفر مستحلّيه و وجوب قتله لإفساده في الأرض- كما صرح بذلك الشهيد الثاني- فلم يفت احد بالحبس فيه، نعم وردت رواية في مصنف عبد الرزاق: «إنّ النبي (ص) اتي بساحر، فقال: احبسوه، فان مات صاحبه فاقتلوه» «2» لكنها قاصرة سندا و دلالة بل معرض عنها حتي لو قيل بصحة سندها.

اما الكاهن و العرّاف، فقد ادّعي بعض العامة الحبس فيهما و الكهانة و ان كانت حراما بالإجماع كما صرح به السيد في الرياض و به روايات من الفريقين إلّا أنه لا دليل علي خصوص الحبس إلّا أن يقال بتعزيره و شموله للحبس.

______________________________

(1). راجع الخلاف 5: 330 المسألة 16- المبسوط 7: 72، 260- الكافي في الفقه: 403- المهذب 2: 552- الوسيلة لابن حمزة: 425- شرايع الإسلام 4: 167- قواعد الاحكام 2: 279- مسالك الافهام 14: 454 و 15: 75- كشف اللثام 2: 260- جواهر الكلام 41: 442- تحرير الوسيلة 2: 430- مباني تكملة المنهاج 1: 266- مستدرك الوسائل 18: 192 ح 4.

مصباح الفقاهة 1: 293- ذخيرة الصالحين 5: 92 و 8: 51- مصنّف ابن ابي شيبة 10: 136- التفريع 2: 233- المحلي 11: 394- بداية المجتهد 2: 459- الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 426.

(2). مصنف عبد الرزّاق 10: 184 ح 18754.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 194

معني الكهانة

و قيل في معني الكهانة: هي الإخبار عن الحوادث المستقبلة لاتصال الكاهن بالشياطين، أو الإخبار عن الكائنات الأرضية، للاتصال بالجن.

قال الطريحي: «كهن يكهن كهانة بالكسر من باب قتل مثل، كتب يكتب كتابة، و جمع الكاهن، كهّان، و كهنة ككافر و كفّار و كفرة، هو الذي يتعاطي الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان،

و يدّعي معرفة الأسرار.

قيل: و كان في العرب كهنة كشف و سطيح و غيرهما فمنهم من كان يزعم أنّ له تابعا من الجنّ يلقي اليه الأخبار، و منهم من كان يزعم انه يعرف الامور بمقدمات و أسباب يستدل بها علي مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله و هذا يخصونه باسم العرّاف كالّذي يدّعي معرفة الشي ء المسروق، و مكان الضالة و نحوهما.

قال بعض الشارحين: الكهانة: عمل يوجب طاعة بعض الجان له فيما يأمره به، و هو قريب من السحر أو أخص منه، و في الصحاح: الكاهن: الساحر.» «1»

«و قوله في الحديث من أتي كاهنا: يشتمل علي إتيان الكاهن و العرّاف و المنجم.» «2»

«قيل العرّاف كالكاهن، إلّا أنّ العرّاف يختص بمن يخبر عن الأحوال المستقبلة، و الكاهن بمن يخبر عن الأحوال الماضية» «3».

و قيل «الكهانة عمل يوجب طاعة بعض الجان له فيما يأمره به و هو قريب من السحر أو أخص منه» «4».

______________________________

(1). مجمع البحرين 6: 305- النهاية لابن الاثير 4: 214.

(2). لسان العرب 13: 363.

(3). مصباح الفقاهة 1: 416.

(4). رياض المسائل 8: 167.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 195

آراء فقهائنا

1- قال العلامة الحلي: «تعلّم السحر و تعليمه و الشعبذة و الكهانة و القيافة حرام و أخذ الاجرة عليه.. و الكاهن هو الذي له رأي من الجن يأتيه بالاخبار فانه يقتل ما لم يتب» «1».

2- قال الشيخ ابراهيم القطيفي: «إنّ تعليمها و تعلّمها و استعمالها حرام في شرعنا» «2».

3- و قال المحقق السبزواري: «لا اعرف خلافا في تحريم الكهانة» «3».

4- و قال السيد الطباطبائي: «و الأصل في تحريمه بعد الاجماع المصرح به في كلام جماعة من الأصحاب: النصوص المستفيضة» «4».

5- و قال الشيخ

الأنصاري: «و كيف كان فلا خلاف في حرمة الكهانة» «5».

6- و قال- السيد الخوئي: «و كيف كان فالكهانة علي قسمين: الأول: ان يخبر الكاهن عن الحوادث المستقبلة لاتصاله بالشياطين القاعدين مقاعد استراق السمع من السماء فيطّلعون علي اسرارها ثم يرجعون الي أوليائهم لكي يؤدّوها اليهم. الثاني:

ان يخبر الكاهن عن الكائنات الأرضية و الحوادث السفلية لاتصاله بطائفة من الجن و الشياطين التي تلقي اليه الاخبار الراجعة الي الحوادث الأرضية فقط، لأن الشياطين قد منعت عن الاطلاع الي السماء و اخبارها بعد بعثة النبي.. و تدل علي حرمة كلا القسمين مضافا الي خبر الاحتجاج، جملة من الروايات من طرق الخاصة و من طرق العامة..» «6»

______________________________

(1). تحرير الاحكام 2: 161- انظر المنتهي 2: 1014- الروضة البهية 3: 215.

(2). إيضاح النافع: (علي ما في ذخيرة الصالحين للشيخ الوالد 5: 97) و هو في شرح النافع في مختصر الشرائع، للشّيخ ابراهيم بن سليمان القطيفي المعاصر للمحقق الكركي/ الذريعة 2: 502.

(3). كفاية الاحكام: 87.

(4). رياض المسائل 8: 167.

(5). المكاسب المحرمة (الطبعة الجديدة) 4: 227.

(6). مصباح الفقاهة 1: 417.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 196

7- و قال الشيخ الوالد: «اما النصوص … و غيرها من الاخبار الدالة علي مبغوضية هذا العمل و حرمته و لا خلاف في حرمته» «1».

آراء المذاهب الاخري

8- ابن قدامة: «فاما الكاهن الذي له رئي من الجن تأتيه بالاخبار، و العرّاف الذي يحدس و يتخرّص، فقد قال احمد في رواية حنبل: في العراف و الكاهن و الساحر أري ان يستتاب من هذه الأفاعيل، فان قيل له: يقتل؟ قال: لا، يحبس لعلّه يرجع، قال: و العرافة طرف من السحر و الساحر أخبث لأن السحر شعبة من الكفر، و قال:

الساحر و

الكاهن حكمهما القتل أو الحبس حتي يتوبا لأنهما يلبسان امرهما و حديث عمر: اقتلوا كل ساحر و كاهن، و ليس هو من أمر الإسلام» «2».

9- الجزيري: «الشافعية: إنّ الكاهن، إن اعتقد ما يوجب الكفر مثل التقرب الي الكواكب، و إنها تفعل ما يلتمسه منها، كفر.

الحنفية: إنّ الكاهن إن اعتقد أن الشياطين يفعلون له ما يشاء، كفر، و ان اعتقد انه تخيّل، لم يكفر.

الحنابلة: ان الكاهن حكمه حكم الساحر، فيقتل لقول عمر، اما قتله: فيجب، و لا يستتاب اذا عرفت مزاولته لعمل السحر لسعيه بالفساد في الأرض لا بمجرد عمله اذا لم يكن في اعتقاده ما يوجب كفره» «3».

أقول: الحبس في الكهانة مبنيّ علي شمول التعزير للحبس فيحبس للمنع من محارم اللّه، هذا لو لم يصدق عليه عنوان الكافر و المفسد كما ادعاه البعض، و إلّا فيقتل.

إلّا ان يقال: يحبس المرتد كما عن بعض العامة.

______________________________

(1). ذخيرة الصالحين 5: 97- له بحث مبسوط حول الموضوع و الحكم، تركناه للاختصار.

(2). المغني 8: 155.

(3). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 462.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 197

الفصل الثاني حبس المنجم

اشارة

1- نهج السعادة: «من كلام علي (ع) الي مسافر بن عفيف الأزدي: لئن بلغني أنك تنظر في النجوم لأخلدنّك في الحبس ما دام لي سلطان، فو اللّه ما كان محمّد، منجما، و لا كاهنا.» «1»

2- شرح نهج البلاغة: «روي ابن ديزيل، قال: عزم علي عليه السلام، علي الخروج من الكوفة الي الحرورية «2» و كان في أصحابه منجم، فقال له: يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة و سر علي ثلاث ساعات مضين من النهار، فأنك إن سرت في هذه الساعة أصابك و اصحابك اذي و ضرّ شديد و إن سرت

في الساعة التي امرتك بها ظفرت و ظهرت، و اصبت ما طلبت.

فقال له علي (ع): أ تدري ما في بطن فرسي هذه: اذكر هو أم انثي؟ قال: ان حسبت علمت.

فقال علي: من صدّقك بهذا فقد كذّب بالقرآن، قال اللّه تعالي: إِنَّ اللّٰهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّٰاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْأَرْحٰامِ «3». ثم قال (ع): إنّ محمدا (ص) ما كان يدّعي ما ادعيت علمه، أ تزعم انك تهدي الي الساعة التي يصيب النفع من سار فيها، و تصرف عن الساعة التي يحيق السوء بمن سار فيها: فمن صدّقك بهذا فقد استغني عن الاستعانة باللّه جل ذكره في صرف المكروه عنه، و ينبغي للموقن بأمرك ان يولّيك الحمد دون اللّه جل جلاله، لأنك بزعمك هديته الي الساعة التي يصيب النفع من

______________________________

(1). نهج السعادة 2: 372- عن انساب الاشراف 1: 197- انظر الوسائل 8: 269- مرآة العقول 4: 410 (الحجرية)- الكامل في التاريخ 3: 342.

(2). قرية بظاهر الكوفة، و قيل موضع علي ميلين منها اجتمع فيها الخوارج الذين خالفوا علي بن ابي طالب فنسبوا اليها/ مراصد الاطلاع (الحجرية): 132.

(3). لقمان: 34.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 198

سار فيها، و صرفته عن الساعة التي يحيق السوء بمن سار فيها، فمن آمن بك في هذا، لم آمن عليه ان يكون كمن اتّخذ من دون اللّه ضدا و ندّا، اللهم لا طير الّا طيرك، و لا ضر الّا ضرّك، و لا إله غيرك.

ثم قال: نخالف و نسير في الساعة التي نهيتنا عنها، ثم اقبل علي الناس، فقال: ايّها الناس، اياكم و التعلم للنجوم إلّا ما يهتدي به في ظلمات البر و البحر، إنما المنجم كالكاهن، و الكاهن

كالكافر، و الكافر في النار، اما و اللّه لئن بلغني انك تعمل بالنجوم لأخلّدنك السجن ابدا ما بقيت، و لأحرّمنك العطاء ما كان لي من سلطان.

ثم سار في الساعة التي نهاه عنها المنجم، فظفر بأهل النهر و ظهر عليهم، ثم قال:

لو سرنا في الساعة التي أمرنا بها المنجم، لقال الناس: سار في الساعة التي أمر بها المنجّم فظفر و ظهر، اما إنه ما كان لمحمد (ص) منجّم، و لا لنا من بعده، حتي فتح اللّه علينا بلاد كسري و قيصر، أيّها الناس، توكّلوا علي اللّه، و ثقوا به، فانّه يكفي ممن سواه.» «1»

معني المتنجم

قال ابن منظور: و المنجم و المتنجم: الذي ينظر في النجوم يحسب مواقيتها و سيرها «2».

قال السيد عبد اللّه الجزائري: «إنّ المنجم من يقول بقدم الافلاك و النجوم و لا يقولون بمفلك و لا خالق و هم فرقة من الطبيعيين يستمطرون بالأنواء، … » «3».

أقول: التنجيم مصدر باب التفعيل من نجم ينجم تنجيما، و معناه لغة: معرفة حظوظ الناس و مصيرهم بحسب حركات النجوم و سيرها «4».

______________________________

(1). شرح ابن ابي الحديد 2: 269.

(2). لسان العرب 12: 570- انظر الصحاح للجوهري 4: 181- مجمع البحرين 6: 173.

(3). المكاسب المحرّمة 2: 322.

(4). انظر معيار اللغة 2: 552.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 199

آراء فقهائنا

1- السيد المرتضي: «و كيف يشتبه علي مسلم بطلان احكام التنجيم و قد أجمع المسلمون قديما و حديثا علي تكذيب المنجمين و الشهادة بفساد مذهبهم، و بطلان احكامهم، و معلوم من دين الرسول ضرورة تكذيب ما يدّعيه المنجمون و الازراء عليهم و التعجيز لهم، و ما اشتهر بهذه الشهرة في دين الإسلام كيف يفتي بخلافه منتسب الي الملّة و مصل الي القبلة.» «1»

2- العلامة الحلّي: «و التنجيم حرام و كذا تعلّم النجوم مع اعتقاد انها مؤثّرة أو لها مدخل في التأثير و اخذ الاجرة عليه، لو تعلّم ليعرف قدر سير الكواكب و بعدها و احوالها من التربيع و الكسف و غيرها فلا بأس به» «2».

3- و قال في المنتهي: «فإنه بعد ما أفتي بتحريم التنجم قال: و بالجملة: من يعتقد ربط الحركات النفسانية و الطبيعية بالحركات الفلكية و الاتصالات الكواكبية كافر، و اخذ الاجرة علي ذلك حرام، اما من يتعلّم علي النجوم ليعرف قدر سير الكواكب و بعده و أحواله من الربيع و

الخريف و غيرهما فانه لا بأس به» «3».

4- الشهيد الأول: «و يحرم اعتقاد تأثير النجوم مستقلّة أو بالشركة و الاخبار من الكائنات بسببها اما لو أخبر بجريان العادة إن اللّه تعالي يفعل كذا عند كذا لم يحرم و إن كره، علي أنّ العادة فيها لا يطّرد الّا فيما قلّ، أما علم النجوم فقد حرّمه بعض الأصحاب و لعله لما فيه من التعرّض للمحظور و اعتقاد التأثير أو لأنّ احكامه تخمينية، و امّا علم هيئة الأفلاك فليس حراما بل ربما كان مستحبّا لما فيه من الاطلاع علي حكم اللّه تعالي و عظم قدرته.» «4»

5- و قال في القواعد: «كل من اعتقد في الكواكب انها مدبرة لهذا العالم، و موجدة

______________________________

(1). المكاسب المحرّمة: (الطبعة الجديدة) 2: 304.

(2). تحرير الاحكام 1: 161.

(3). منتهي المطلب: 2: 1014.

(4). الدروس 3: 165.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 200

ما فيه فلا ريب أنه كافر» «1».

6- قال المحقق الكركي: «و اعلم ان التنجيم مع اعتقاد ان للنجوم تأثيرا في الموجودات السفلية و لو علي جهة المدخلية حرام و كذا تعلّم النجوم علي هذا الوجه، بل هذا الاعتقاد في نفسه كفر، نعوذ باللّه.» «2»

7- الشيخ البهائي: «ما زعمه المنجمون من ارتباط بعض الحوادث السفليّة بالأجرام العلوية: إن زعموا أنها هي العلّة المؤثرة في تلك الحوادث بالاستقلال أو انها شريكة في التأثير فهذا لا يحل للمسلم اعتقاده، و علم النجوم المبتني علي هذا كفر» «3».

8- المجلسي: «لا نزاع بين الأمة في أن من اعتقد أن الكواكب هي المدبّرة لهذا العالم و الخالقة لما فيه من الحوادث و الخير و الشر، فانّه يكون كافرا علي الاطلاق و قال في موضع آخر: إن القول بانّها علة فاعلية

بالارادة و الاختيار و ان توقف تأثيرها علي شرائط اخري كفر، و مخالفة لضرورة الدين.» «4»

9- قال الشيخ الحر العاملي: «قد صرح علماؤنا بتحريم علم النجوم و العمل به و صرّحوا بكفر من اعتقد تأثير النجوم أو مدخليتها في التأثير و ذكروا أن بطلان ذلك من ضروريات الدين و نقلوا الاجماع علي ذلك فمن صرح بما ذكرناه: الشيخ المفيد و المرتضي في الدرر و الغرر، و الشيخ الشهيد في قواعده و دروسه، و العلامة في التذكرة و المنتهي و القواعد و التحرير، و الشيخ علي في شرح القواعد و الشهيد الثاني في شرح الشرائع، و المحقق في المعتبر، و الكراجكي في كنز الفوائد و غيرهم، و لا يظهر منهم مخالف في ذلك علي ما يحضرني.» «5»

10- قال السيد الخوئي: «هل يجوز تعلّم علم النجوم في حد ذاته من غير اذعان بتأثير الكواكب أم لا؟ نسب الشهيد في محكي الدروس القول بالحرمة الي بعض

______________________________

(1). القواعد و الفوائد 2: 35.

(2). جامع المقاصد 4: 32.

(3). المكاسب (الطبعة الجديدة) 2: 305.

(4). بحار الأنوار 56: 291.

(5). وسائل الشيعة 12: 101.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 201

الاصحاب، و لكن الظاهر من بعض الأحاديث هو الجواز اذا كان ذلك لمجرد معرفة سير الكواكب و أوضاعها الخاصة وفاقا لجمع من الأعاظم رضوان اللّه عليهم، و امّا ما يوهم حرمة تعلّم النجوم من احاديث الشيعة و السنة، فمحمول علي غير هذه الصورة و اللّه العالم.» «1»

11- ابن أبي الحديد: «ان المعلوم ضرورة من الدين ابطال حكم النجوم و تحريم الاعتقاد بها، و النهي و الزجر عن تصديق المنجمين، و هذا معني قول أمير المؤمنين (ع):

فمن صدّقك بهذا فقد كذّب القرآن و استغني عن

الاستعانة باللّه.» «2»

أقول: لا كلام في حرمة التنجيم و لكن البحث في معناه و هل هو بمعني الاعتقاد بتأثير الأوضاع الفلكية في العالم السفلي، أو الاعتقاد بكون الكواكب علامة علي حوادث العالم، أو الاعتقاد بأن اللّه تعالي أودع في طبائع أوضاع الكواكب خصوصيات تقتضي حدوث بعض الحوادث، أو الاخبار بحدوث الأحكام عند الحركات الفلكية ظنا.. كما تري في كلمات الفقهاء. ثم لو تم سند هذه الرواية لدلت علي حرمة العمل بالنجوم و إنّ عقوبته التخليد في الحبس و المنع من العطاء و لم تدل علي حرمة تعلّمه، اما تعلّمه لأغراض مباحة فقد أفتي الفقهاء بإباحته.

______________________________

(1). مصباح الفقاهة 1: 248- انظر المكاسب المحرّمة 2: 279 و 369- كفاية الاحكام للسبزواري: 87.

(2). شرح نهج البلاغة 6: 212- انظر السنن الكبري 8: 138. البيان و التحصيل 17: 404.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 203

الباب السّابع حبس بعض أصحاب السلوك المنحرف و المحدودين: و فيه ستة فصول

اشارة

1- حبس شاهد الزور.

2- حبس العالم الفاسق و الطبيب الجاهل و المكري المفلس.

3- حبس السّكاري المتباعجين بالسكاكين.

4- حبس الاشرار و الفاسقين.

5- حبس من أقيم عليه حد القطع حتي يبرأ.

6- الحبس للاستتابة عن الذنب.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 205

الفصل الأوّل حبس شاهد الزور

اشارة

وردت من طرقنا رواية موثّقة عن أمير المؤمنين (ع) في حبس شاهد الزور، كما وردت من طرق السنة روايات عن فعل عمر بن الخطاب ذلك- في شاهد الزور- و ان كان في بعضها ضعف، أو معارض- كما صرح به ابن قدامة.

هذا: و اتفق علماؤنا علي تعزيره بما يراه الحاكم، و لم نقف علي من أفتي بحبسه إلّا الحر العاملي في بداية الهداية و اما العامة: فقد أفتي بعضهم بحبسه إن رأي الحاكم ذلك، و فيما يلي الروايات ثم كلمات الفقهاء في المقام:

الروايات من طرق الفريقين

1- التهذيب: «عن احمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن يحيي، عن غياث بن ابراهيم، عن جعفر، عن أبيه، إن عليا كان اذا اخذ شاهد زور، فان كان غريبا بعث به الي حيّه، و ان كان سوقيا بعث به الي سوقه، فطيف به، ثم يحبسه أيّاما ثم يخلّي سبيله.» «1»

______________________________

(1). التهذيب 6: 280 ح 175- و عنه الوسائل 18: 244 ح 3.- انظر كنز العمال 7: 29.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 206

قال المجلسي: «الحديث موثق» «1».

و رواه الصدوق في الفقيه مرسلا بتفاوت يسير «2».

قال في روضة المتقين: «رواه الشيخ في الموثق.. و التوقيت كان برأيه، أو ثلاثة ايام، لأنها أقلّ الجمع، و هذا أيضا أحد أنواع التعزير، و الظاهر أنّ في جميع المعاصي التي لم يرد فيها نص، التعزير برأي الامام، أو الحاكم.» «3»

2- المدونة: «قال ابن وهب و أخبرني رجال من أهل العلم، عن مكحول و الوليد بن أبي مالك: إنّ عمر بن الخطاب كتب الي عمّاله بالشام: اذا اخذتم شاهد زور، فاجلدوه اربعين و سخّموا وجهه، و طوفوا به حتي يعرفه الناس، و يطال حبسه، و يحلق رأسه.»

«4»

3- البيهقي: «اخبرنا الشريف ابو الفتح العمري، انبا عبد الرحمن بن ابي شريح انبا ابو القاسم البغوي، ثنا علي بن الجعد، انبا شريك، عن عاصم بن عبيد اللّه، عن عبد اللّه بن عامر قال: أتي عمر بشاهد الزور فوقفه للناس يوما الي الليل، يقول: هذا فلان يشهد بزور، فاعرفوه ثم حبسه.» «5»

و قال: و رواه ابو الربيع عن شريك، عن عاصم، و زاد فيه: فجلده و اقامه للناس. 6

4- و فيه: عن مكحول «ان عمر بن الخطاب كتب الي عماله في كور الشام في شاهد الزور ان يجلد اربعين و يحلق رأسه و يسخّم وجهه و يطاف به و يطال حبسه.» 7

5- و فيه: «عن مكحول و عطية بن قيس: ان عمر بن الخطاب ضرب شاهد الزور اربعين سوطا، و سخّم وجهه و طاف به بالمدينة.

______________________________

(1). ملاذ الاخيار 10: 166.

(2). الفقيه 3: 35 ح 3.

(3). روضة المتّقين 6: 163.

(4). المدوّنة الكبري 5: 203.

(5) 5 و 6 و 7. السنن الكبري 10: 140- انظر الخلاف 6: 241 مسألة 39- مصنّف ابن ابي شيبة 10: 41 ح 8692 و 58 ح 8762 و 8692- مصنّف عبد الرزّاق 8: 326 ح 15392- كنز العمال 7: 28.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 207

قال البيهقي: هاتان الروايتان ضعيفتان و منقطعتان، و الروايتان الأوليان موصولتان، إلّا أنّ في كل واحد منهما من لا يحتج به و اللّه أعلم» «1».

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 207

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «شاهد الزور يعزّر و يشهّر بلا

خلاف و كيفية الشهر أن ينادي عليه في قبيلته، أو مسجده، أو سوقه و ما أشبه ذلك بأنّ هذا شاهد زور- يتعاهد زورا- فاعرفوه، و لا يحلق رأسه و لا يركب و لا يطوف به، و لا ينادي هو علي نفسه، و به قال الشافعي..» «2».

2- و قال في النهاية: «و ينبغي للإمام ان يعزر شهود الزور، و يشهّرهم في اهل محلتهم، لكي يرتدع غيرهم عن مثله في مستقبل الاوقات.» «3»

3- ابو الصلاح الحلبي: «اذا انكشف أنّ الشاهد، شهد بالزور بإقراره، أو بينة، او علم، عزر و اشهر في المصر.» «4»

4- القاضي ابن البراج: «و شاهدا الزور يجب ان يؤدّبا في قومهما أو في قبيلتهما، و يغرّما ما اتلفاه بشهادتهما، إن كانا اتلفا شيئا بذلك.» «5»

و قال: و علي الامام تعزير الشهود بالزور، و يشهرهم في محالّهم ليرتدع غيرهم بذلك.» 6

5- ابن ادريس: «و ينبغي للإمام أن يعزر شهود الزور علي ما قدمناه و يشهرهم في أهل محلتهم و سوقهم لكي يرتدع غيرهم عن مثله في مستقبل الأوقات، و الاشهار: هو ان ينادي في محلتهم و مجتمعهم و سوقهم: فلان، و فلان شهدا زور، و لا يجوز ان يشهرا:

______________________________

(1). و السنن الكبري 10: 140- انظر: الخلاف 6: 241 مسألة 39- مصنّف ابن ابي شيبة 10: 41 ح 8692 و 58 ح 8762 و 8692 مصنّف عبد الرزّاق 8: 326 ح 15392.

(2). الخلاف 6: 240 مسألة 39.

(3). النهاية: 336.

(4). الكافي في الفقه: 440.

(5) 5 و 6. المهذب 2: 552 و 564.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 208

بأن يركبا حمارا و يحلق رءوسهما، و لا ان ينادياهما علي انفسهما، و ان يمثل بهما.» «1»

6- المحقق الحلّي:

«السادسة: تجب شهرة شاهد الزور و تعزيره بما يراه الامام حسما للجرأة.» «2»

7- العلامة الحلّي: «الرابعة و العشرون: يجب تعزير شاهدي الزور ليرتدع غيره في المستقبل و اشتهاره في قبيلته و محلته» «3».

8- و قال في التحرير: «و يجب تعزير شاهد الزور فيما يراه الامام رادعا له و لغيره في مستقبل الوقت، و اشتهاره بين قبيلة ليعرف حاله و كان علي.. يحبسه اياما.» «4»

9- الشهيد الأول: «و لو ثبت تزوّر الشهود نقض الحكم و استعيد المال، فان تعذر اغرموا و عزروا علي كل حال و شهروا» «5».

10- الحر العاملي: «و شاهد الزور يجلد حدا بقدر ما يراه الامام، و يحبس بعد ما يطاف به حتي يعرف و لا تقبل شهادته إلّا ان يتوب.» «6»

11- السيد الطباطبائي: «يجب أن يشهّر شاهد الزور في بلدهم و ما حولها لتجتنب شهادتهم و يرتدع غيرهم، و تعزيره بما يراه الامام و الحاكم حسما للجرأة، لرواية سماعة المروية في الفقيه و التهذيب و غيرهما بعدة طرق معتبرة، و فيها الموثق و القوي و غيرهما: إن شهود الزور يجلدون حدا، و ليس له وقت، ذلك الي الامام و يطاف بهم حتي يعرفوا، و زيد في بعضها: و لا يعودوا.» «7»

12- الفاضل الهندي: «يجب تعزير شاهدي الزور كغيره من الكبائر- ليرتدع غيره.. بأن ينادي عليه في محلته أو قبيلته أو سوقه أو مسجده: بأنّه شاهد زور فاعرفوه، و لا يحلق رأسه و لا يركب و لا يطاف به و لا ينادي هو علي نفسه و لا يمثّل به للأصل من غير

______________________________

(1). السرائر 2: 150.

(2). المختصر النافع: 291.

(3). قواعد الاحكام 2: 249.

(4). تحرير الاحكام 2: 219.

(5). الروضة البهية 3: 159.

(6). بداية الهداية 2:

441.

(7). رياض المسائل 15: 431.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 209

معارض..» «1».

13- الفاضل النراقي: «يجب تشهير شاهد الزور في بلده و ما حولها ليجتنب شهادتهم، و يرتدع غيرهم، و تعزيرهم بما يراه الحاكم، للمؤثقات الثلاث.» «2»

14- الشيخ محمد حسن النجفي: «المسألة العاشرة: يجب تعزير شاهد الزور بلا خلاف أجده فيه بما يراه الحاكم من الجلد و النداء في قبيلته و محلته، بأنه كذلك ليرتدع غيره بل هو فيما يأتي.» «3»

15- المامقاني: «و ينبغي إشهار شهود الزور في بلدهم و ما حولها حتي يجتنب شهادتهم و يرتدع غيرهم، و يعزرهم الحاكم بما يراه.» «4»

16- و قد بوّب النوري بابا و أورد فيه الحبس و ان لم يذكر في الباب حديثا يتضمن الحبس: قال: باب إنّ شاهد الزور يضرب حدا بقدر ما يراه الإمام و يحبس بعد ما يطاف به حتي يعرف و لا تقبل شهادته إلّا أن يتوب» «5».

17- السيد الخونساري: «و اما وجوب شهرة شاهد الزور و تعزيره فيدل عليه قول الصادق علي المحكي في موثّق سماعة و خبر عبد اللّه بن سنان.. و استفادة وجوب ما ذكر، لغير الإمام أو نائبه الخاص محل اشكال.» «6»

18- الامام الخميني: «يجب ان يشهر شهود الزور في بلدهم، أو حيّهم لتجتنب شهادتهم و يرتدع غيرهم، و يعزرهم الحاكم بما يراه، و لا تقبل شهادتهم إلّا ان يتوبوا و يصلحوا و تظهر العدالة منهم.» «7»

19- الشيخ الوالد: «يجب علي الحاكم الشرعي شهرة شاهد الزور، بأن يطاف في البلد و ما حوله من البلدان و يكون معه شخص يعرّفه الي الناس بأنّ هذا الذي شهد

______________________________

(1). كشف اللثام 2: 212.

(2). مستند الشيعة 2: 685.

(3). جواهر الكلام 41: 252/ الحدود.

(4). مناهج

المتّقين: 495.

(5). مستدرك الوسائل 17: 420 ب 12.

(6). جامع المدارك 6: 162.

(7). تحرير الوسيلة 2: 409 مسألة 15.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 210

كذبا و زورا، ليطّلعوا عليه، و تعزيره بما يراه الامام رادعا له و مانعا لغيره، أن لا يفعل بمثل ما فعله..» «1».

أقول: القول بثبوت الحبس في المقام مبني علي مطالب و مقدمات:

الأول: اشتمال الأدلة علي كلمة «التعزير»، مع ان الأدلة فاقدة لها بل في: موثّقة سماعة، يجلدون حدا «2»، و خبر عبد اللّه بن سنان 3: يجلدون جلدا.

الثاني: وجوب التعزير: مع ان الأدلة غير مشتملة علي الأمر و لذا أفتي في النهاية و السرائر، و مناهج المتقين، بعدم الوجوب، و عليه لا مجال لقول الجواهر و دعواه: عدم الخلاف، الّا أن يقال: إنّ الأدلة مشتملة علي الجمل الفعلية، و دلالة الجمل الفعلية التي تستعمل في مقام الإنشاء، علي الوجوب أقوي و اكد من دلالة الصيغة عليه، نظرا الي انّها تدل علي وقوع المطلوب في الخارج في مقام الطلب. «4»

الثالث: شمول التعزير للحبس كما عن العلامة في التذكرة و التحرير و القواعد، و سيجي ء في القسم الثاني من الكتاب. هذا و لم أعثر علي من أفتي بالحبس من فقهائنا الّا ما عن الحر العاملي في البداية، و ما يظهر من المحدّث النوري.

و خبر- أو موثقة- غياث لا يدل علي جواز الحبس لغير الإمام أو نائبه الخاص كما أشار اليه السيد الخونساري، و عليه فالأحوط هو الاكتفاء بالجلد دون الحد إن رأي الحاكم مصلحة فيه هذا و لكن بعض فقهاء السنة، يقول بالحبس.

آراء المذاهب الاخري

20- السرخسي: «ذكر عن شريح انه كان اذا اخذ شاهد الزور بعث به الي أهل سوقه، إن كان سوقيا، و

الي قومه ان كان غير سوقي بعد العصر أجمع ما كانوا، فيقول:

ان شريحا رحمه اللّه، يقرئكم السلام، و يقول: إنّا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه و حذّروه الناس.

______________________________

(1). ذخيرة الصالحين 8: 36 (مخطوط).

(2) 2 و 3. وسائل الشيعة 18: 244 ح 1 و 2 عن الفقيه.

(4). محاضرات في الاصول 2: 132.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 211

و بهذا اخذ ابو حنيفة، فقال: القاضي يكتفي في شهادة الزور بالتشهير و لا يعزره، و قال ابو يوسف و محمد: يعاقبه بالتعزير و الحبس علي قدر ما يري حتي يظهر توبته، و لا يبلغ بالتعزير خمسة و سبعين سوطا، فاما الكلام في التعزير في حق شاهد الزور، فهما استدلا بحديث عمر حيث قال في شاهد الزور: يضرب اربعين سوطا و يسخّم وجهه و يطاف به إلّا أنّ الدليل قد قام علي انتساخ حكم التسخيم للوجه، فانّ ذلك مثلة، و نهي رسول اللّه (ص) عن المثلة و لو بالكلب العقور.

و ما نقل عن عمر، محمول علي معني السياسة اذا علم الامام انه لا ينزجر إلّا به ألا تري أنّه ذكر تسخيم الوجه، و ذلك بالاتفاق بطريق السياسة اذا علم المصلحة فيه فكذلك التعزير» «1».

أقول: لو ثبت أنّ التسخيم مثلة، و قد نهي النبي (ص) عنها، فليس لأحد ارتكابها بحجة السياسة، و دفع المنكر بالمنكر بل خليفة الرسول أولي و أجدر باتباعه سنة الرسول (ص)، و ارتداعه عما نهاه.

21- ابن قدامة: «مسألة: و من شهد بشهادة زور ادّب و اقيم للناس في المواضع التي يشتهر أنّه شاهد زور اذا تحقق تعمّده لذلك.

قال: و اذا ثبت هذا: فان تأديبه غير مقدور و انما هو مفوّض الي رأي الحاكم، إن رأي

ذلك بالجلد جلده، و إن رآه يحبس او كشف رأسه و اهانته و توجيهه فعل ذلك، و لا يزيد في جلده علي عشر جلدات، و قال الشافعي: لا يزيد علي تسع و ثلاثين لئلا يبلغ به ادني الحدود، و قال ابن ابي ليلي: يجلد خمسة و سبعين سوطا و هو احد قولي أبي يوسف، و قال الأوزاعي في شاهدي الطلاق: يجلدان مائة مائة و يغرمان الصداق …

و ما روي عن عمر- بجلد اربعين و يسخّم و يطال حبسه- فقد روي عنه خلافه و انه حبسه يوما و خلّي سبيله.» «2»

______________________________

(1). المبسوط 16: 145.

(2). المغني 9: 260- انظر فقه السنة 14: 79.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 212

الفصل الثاني حبس العالم الفاسق، الطبيب الجاهل، المكري المفلس

اشارة

وردت رواية مرسلة من طرقنا بوجوب حبس الفسّاق من العلماء، و الجهال من الأطبّاء، و المفاليس من الاكرياء، و قد تعرّض فقهاؤنا لهذه الرواية و أوردها البعض الآخر في كتبه الفقهية و مال الي الفتوي بمضمونها مثل يحيي بن سعيد في الجامع للشرائع و المجلسي الأول، و من المعاصرين السيد الگلپايگاني.

الرواية

1- الفقيه: «و في رواية احمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن علي عليه السلام: قال:

يجب علي الامام أن يحبس الفساق من العلماء، و الجهال من الأطباء، و المفاليس من الاكرياء..» «1»

و رواه الشيخ الطوسي في التهذيب «2» عن احمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه عن علي (ع).

قال المجلسي الأول: «أرسل لعدم امكان رؤية البرقي عليا، و يدل علي الوجوب علي الامام و في تعدية الحكم الي الحكام إشكال و لا شك في لزومه لأنّ مدار الفساد في الدين و النفس و المال عليهم غالبا.» «3»

و قال المجلسي الثاني: «مرسل.» «4»

قال ابن الأثير: اكرينا في الحديث: أي أطلناه و اخّرناه، و اكري: من الأضداد:

يقال: اذا اطال و قصّر و زاد و نقص، الكري: الذي يكري دابته، يقال: اكري،

______________________________

(1). الفقيه 3: 20 ح 6.- الوافي 16: 1076 ح 3.

(2). التهذيب 6: 319 ح 85- و عنه الوسائل 18: 221 ح 3.

(3). روضة المتّقين 6: 90.

(4). ملاذ الاخيار 10: 245.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 213

و مكري، و كري «1». أفلس: اذا لم يبق له مال «2».

1- قال الطريحي: «الكروة و الكراء بالكسر: اجرة المستأجر، و المفاليس من الاكرياء: يعني الذين يدافعون ما عليهم من الحقوق.» «3»

أفلس الرجل: كأنّه صار الي حال ليس له فلوس بعد أن كان ذا دراهم، و حقيقته الانتقال

من حالة اليسر الي حالة العسر.» «4»

2- قال الفيض الكاشاني: «الاكرياء: الذين يدافعون ما عليهم من أموال الناس و يؤخّرونه، من اكري الأمر اذا اخّره» «5».

3- ولاية الفقيه: «الاكرياء، جمع المكري: يستعمل بمعني المكاري و بمعني المكتري معا، و لعله يشمل جميع الدلّالين و وسائط المعاملات «6» و قال: قيل: و هم المقاولون الذين يخدعون الناس و لا يفون بالتزامهم» «7».

آراء فقهائنا

1- قال يحيي بن سعيد: «و كان أمير المؤمنين (ع) يحبس جهّال الأطباء و مفاليس الاكرياء و فساق العلماء حراسة منه للأديان، و الأبدان، و الأموال» «8».

2- و قال السيد الگلپايگاني، في الجواب عن سؤال بيان موارد الحبس في الإسلام، قال: «يجب علي الإمام أن يحبس الفساق من العلماء و الجهال من الأطباء، و المفاليس من الأكرياء» «9».

______________________________

(1). النّهاية 4: 170.

(2). النّهاية 3: 470.

(3). مجمع البحرين 1: 358.

(4). مجمع البحرين 4: 93.

(5). الوافي 16: 1076 ح 3- كتاب القضاء- و عنه قضاء الكني: 210.

(6). ولاية الفقيه 2: 432.

(7). ولاية الفقيه 2: 483.

(8). الجامع للشرائع: 568.

(9). مجمع المسائل 3: 209 مسألة 80.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 214

آراء المذاهب الاخري

3- ابن رشد: «اما الطبيب و ما اشبهه اذا اخطأ في فعله، و كان من أهل المعرفة فلا شي ء عليه في النفس، و الدية علي العاقلة فيما فوق الثلث و في ماله فيما دون الثلث، و ان لم يكن من أهل المعرفة فعليه الضرب و السجن و الدية، قيل في ماله، و قيل علي العاقلة.» «1»

أقول: اما مسألة الضمان، فقد تعرض لها فقهاؤنا- رضوان اللّه عليهم- في ابواب الضمان، و الاجارة، و الديات، و فرقوا بين الطبيب المباشر للعلاج و ان كان حاذقا و بين ما اذا لم يكن مباشرا بل كان آمرا و بين ما اذا كان واصفا للدواء من دون ان يكون آمرا، فقالوا بالضمان في الصورة الأولي، و عدمه في الثانية، و الثالثة علي تأمّل، كما فرقوا بين ما اذا تبرّأ من الضمان، و قبل المريض أو وليّه و لم يقصّر في الاجتهاد و الاحتياط، و عدمه، فلا ضمان في الأول، دون الثاني. «2»

الفصل الثالث حبس السكاري المتباعجين بالسكاكين

الروايات

1- الفقيه: «و روي السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان قوم يشربون فيسكرون فتباعجوا بسكاكين كانت معهم فرفعوا الي أمير المؤمنين عليه السلام فسجنهم فمات منهم رجلان و بقي رجلان، فقال أهل المقتولين: يا أمير المؤمنين اقدهما بصاحبينا فقال علي عليه السلام للقوم: ما ترون؟ فقالوا: نري ان تقيدهما، فقال علي

______________________________

(1). بداية المجتهد 2: 233.

(2). انظر جواهر الكلام 27: 324- مفتاح الكرامة 7: 264 و 10: 271- مستند العروة الوثقي (الاجارة):

248.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 215

عليه السلام: لعل ذينك الذين ماتا قتل كل واحد منهما صاحبه؟ قالوا: لا ندري، فقال علي (ع): بل أنا أجعل دية المقتولين علي قبائل الأربعة، فأخذ دية جراحة

الباقين من دية المقتولين.» «1»

و رواه الشيخ في التهذيب و فيه زيادة: و ذكر اسماعيل بن الحجاج بن ارطاة عن سماك بن حرب عن عبد اللّه بن أبي الجعد، قال: كنت أنا رابعهم، فقضي علي (ع) هذه القضية فينا..» «2»

قواه المجلسي الأول «3»، و ضعفه المجلسي الثاني «4».

قال في الروضة: «و اعلم أن العالمين بالنصوص من قدماء اصحابنا عملوا بهما، و اما المتأخرون فلمخالفتهما للأصول و القواعد، قالوا: إن هذا حكم في واقعة و لا تتعدي، بل المناسب لها القرعة في إخراج القاتل، و الدية علي المقرع و العمل علي المنصوص مقدم علي العمل بالعمومات، و لمخالفة كل خبر للآخر، يعمل بخبر محمد بن قيس لصحته، و بعده عن مخالفته الأصول، لأنه لو لم يكن فعل السكران عمدا باعتبار ايجاد السبب باختياره، فلا أقلّ من كونه شبيها بالعمد، و اللّه تعالي يعلم» «5».

ابن فهد: «و هذا الاختلاف في حكاية الواقعة توجب توقفا في الحكم، و الأصل أنه حكم خاص في واقعة خاصة، فلعله عليه السلام اطلع في القضية علي ما أوجب الحكم المذكور» المهذب البارع 5: 283»

قال ابن منظور: «بعج بطنه بالسكين شقّه فزال ما فيه من موضعه و بدا متعلقا.» «6»

أقول: لعلّ الأمر بحبسهم، من جهة الاخلال بالنظم، و لمصلحة المجتمع لا من حيث السكر، و ذلك لان شرب الخمر لو ثبت، لكان الواجب عليهم الحد، أو لأجل ان يفيقوا ثم يجري الحد لكي يذوقوا ألم الحد.

هذا و قد ناقش الفقهاء الحكم المستفاد من الرواية و نكتفي بكلام صاحب الجواهر.

______________________________

(1). الفقيه 4: 87 ح 7- و عنه الوسائل 19: 173 ح 2- انظر الارشاد للمفيد: 106- المقنعة: 750- الجعفريات 125- دعائم الإسلام 2: 423

ح 1475- و عنهما المستدرك 18: 311 ح 1 و 2- البحار 101: 394 ح 34 نقلا عن الارشاد و البحار 40: 264 ح 33.

(2). التهذيب 10: 240 ح 5.

(3). روضة المتّقين 10: 351.

(4). ملاذ الأخيار 16: 508.

(5). روضة المتّقين 10: 351.

(6). لسان العرب 2: 214- و مثله في مجمع البحرين 4: 278- معيار اللغة 1: 203.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 216

قال الشيخ محمد حسن النجفي: «.. بل في كشف الرموز ان هذا الخبر أقرب الي الصواب لان القاتل غير معين و اشتراكهم في القتل أيضا مجهول لجواز أن يكون حصل القتل من احدهم فرجع الي الدية لأن لا يبطل دم امرئ مسلم و جعل علي قبائل الأربعة لأنّ لكل منهم تأثيرا في القتل، و ان كان فيه ان تغريم العاقلة علي خلاف الأصل خصوصا بعد الاتفاق ظاهرا علي ان عمد السكران موجب للقصاص او شبه عمد، موجب للدية من ماله و لا قائل بكونه خطأ محضا، علي أنه ان علم ان لكل منهم أثرا في القتل كان لأولياء المقتولين قتل الباقين، و ان لم يعلم فلم جعلت الدية علي قبائلهم.. نعم الذي يقتضيه الاصول في مثله جريان حكم اللوث فيها أو سقوط الدية و القصاص علي كل منهم لعدم العلم بالحال» «1».

الفصل الرابع حبس الاشرار- الفاسدين

اشارة

وردت روايات من طرق الفريقين: بأنّ أمير المؤمنين (ع) كان يحبس الاشرار، الفساق، الدّعار، علي اختلاف التعابير كما أفتي غاية المأمول و السرخسي في المبسوط بذلك و من فقهائنا تعرض الشيخ المفيد لأهل الزعارة- و حكم فيهم بما حكم في قطّاع الطرق و المحاربين.

الروايات

1- الجعفريات: «و بهذا الاسناد- اخبرنا محمد، حدثني موسي، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه- ان عليا عليه السلام، كان يخرج الفساق الي الجمعة، و كان يأمر بالتضييق عليهم.» «2»

2- مسند زيد: «زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي اللّه عنهم انه كان

______________________________

(1). جواهر الكلام 42: 92- انظر شرايع الإسلام 4: 253- مسالك الافهام 15: 358.

(2). الجعفريات: 44- و عنه المستدرك 6: 27 ح 2.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 217

يحبس في النفقة، و في الدّين، و في القصاص، و في الحدود، و في جميع الحقوق، و كان يقيّد الدعار بقيود لها اقفال، و يوكل بهم من يحلها لهم في أوقات الصلاة من احد الجانبين.» «1»

3- الخراج: «قال ابو يوسف: حدثني إسماعيل بن ابراهيم بن المهاجر، عن عبد الملك بن عمير، قال: كان علي بن أبي طالب اذا كان في القبيلة، أو القوم الرجل الداعر حبسه، فان كان له مال انفق عليه من ماله، و ان لم يكن له مال، انفق عليه من بيت مال المسلمين، و قال: يحبس عنهم شره، و ينفق عليه من بيت مالهم.» «2»

قال الطريحي: «الدعر بالتحريك: الفساد و الشر، رجل داعر: أي خبيث مفسد» «3».

و قال الشيرازي: «الدعر، كسبب: الفساد و الفسق و الخبث.. و بالذال المعجمة تصحيف» «4».

قال ابن منظور: «دعر الرجل، و دعر دعارة: فجر

و مجر و رجل دعر و دعرة: خائن يعيب اصحابه.. و قال ابن شميل: دعر الرجل دعرا: اذا كان يسرق و يزني و يؤذي الناس، و هو الداعر.

و الدّعار: المفسد، و الدعر: الفساد، و في حديث عمر: اللهم ارزقني الغلظة و الشدة علي اعدائك و أهل الدعارة و النفاق.. الدعارة: الفساد و الشر، و رجل داعر: خبيث مفسد.

و في حديث علي: فأين دعّار طي: و اراد بهم قطّاع الطريق، و الدعارة: الفسق و الفجور و الخبث» «5».

و يحتمل ان يكون في الأصل: الذاعر: و معناه الخبيث و المخيف. «6»

و يحتمل الداغر: و معناه أيضا الخبيث المفسد، المختلس، المهاجم 7.

______________________________

(1). مسند زيد: 265.

(2). الخراج: 150.

(3). مجمع البحرين: 3: 302.

(4). معيار اللغة 1: 412.

(5). لسان العرب 13: 286.

(6) 6 و 7. انظر معجم مقاييس اللغة 2: 283، 285، 355- مرآة العقول 23: 350- عيون الازهار: 485.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 218

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و اهل الدغارة اذا جرّدوا السلاح في دار الإسلام و أخذوا الأموال، كان الإمام مخيّرا فيهم ان شاء قتلهم بالسيف، و ان شاء صلبهم، حتي يموتوا، و ان شاء قطع ايديهم و ارجلهم من خلاف، و ان شاء نفاهم عن المصر الي غيره، و وكل بهم من ينفيهم عنه الي ما سواه حتي لا يستقرّ بهم مكان إلّا و هم منفيّون عنه مبعدون الي ان تظهر منهم التوبة و الصلاح، فان قتلوا النفوس مع إشهارهم السلاح، وجب قتلهم بالسيف و الصلب حتي يموتوا و لم يتركوا علي وجه الأرض احياء» «1».

آراء المذاهب الاخري

2- السرخسي: «و كذلك الذّعار يحبسون ابدا حتي يموتوا، و الذاعر: الذي يخوّف الناس و يقصد اخذ أموالهم، فكان في معني قطاع الطريق، قال اللّه تعالي: انّما جزاء الذين يحاربون اللّه و رسوله الآية «2»» «3».

3- ناصف علي: «.. ان علي الامام و نوّابه تأديب الأشرار بما يراه زاجرا لنفوسهم و عقوقا لأخلاقهم من ضرب و حبس و نفي و شهر و نحوها لكسر شوكتهم و لتأمين الناس علي حياتهم و اللّه أعلم..» «4».

اقول: لو كان الذعار بمعني قطاع الطريق، أو المحارب فحكمه كما في آية الحراب:

القتل أو الصلب او النفي أو القطع من خلاف ان لم يسفك دما و ليس الحبس منه، الّا ان يفسر النفي بالحبس و حينئذ لم يتعين الحبس، نعم ان رأي الحاكم المصلحة في اختيار الحبس عقوبة، فله، فيحبس الي ان تظهر منه التوبة.

4- الماوردي: «يجوز للأمير فيمن تكررت منه الجرائم و لم ينزجر عنها بالحدود أن يستديم حبسه إذا استضر الناس بجرائمه حتي يموت بعد أن يقوم بقوته و كسوته من بيت المال ليدفع ضرره

عن الناس، و إن لم يكن ذلك للقضاة 220.

______________________________

(1). المقنعة: 804.

(2). المائدة: 33.

(3). المبسوط 9: 91.

(4). غاية المأمول 3: 33.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 219

الفصل الخامس حبس من اقيم عليه حد القطع حتي يبرأ

الروايات

1- الكافي: «الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن علي بن مرداس، عن سعدان بن مسلم، عن بعض اصحابنا، عن الحارب بن حصيرة، قال: مررت بحبشي و هو يستسقي بالمدينة، و اذا هو أقطع، فقلت له: من قطعك؟ فقال: قطعني خير الناس، إنا أخذنا في سرقة و نحن ثمانية نفر، فذهب بنا الي علي بن أبي طالب عليه السلام، فأقررنا بالسرقة، فقال لنا تعرفون انها حرام؟ قلنا: نعم، فأمر بنا فقطعت اصابعنا من الراحة و خلّيت الإبهام، ثم امر بنا فحبسنا في بيت يطعمنا فيه السمن و العسل حتي برئت أيدينا، ثم أمر بنا، فاخرجنا و كسانا فأحسن كسوتنا ثم قال لنا: إن تتوبوا و تصلحوا فهو خير لكم يلحقكم اللّه بأيديكم في الجنة و ان لا تفعلوا يلحقكم اللّه بأيديكم في النار.» «1»

2- المستدرك: «عن أمير المؤمنين عليه السلام، انه أمر بقطع سرّاق، فلما قطعوا أمر بحبسهم فحبسوا ثم قال: يا قنبر خذهم إليك، فداو كلومهم و أحسن القيام عليهم، فاذا برؤوا فاعلمني، فلما برؤوا أتاه، فقال: يا أمير المؤمنين قد برئت جراحتهم، قال: اذهب فاكس كل رجل منهم ثوبين و ائتني بهم ففعل و أتاه بهم- فأتي بهم اليه- كأنهم قوم محرومون- محرمون- قد اتزر كل واحد منهم بثوب و ارتدي بآخر، فمثلوا بين يديه فأقبل علي الأرض ينكتها بإصبعه مليّا ثم رفع رأسه، فقال: اكشفوا ايديكم فكشفوها، فقال:

ارفعوها الي السماء، ثم قولوا: اللهم ان عليا قطعنا، ففعلوا، فقال: اللهم علي كتابك و سنة نبيك،

ثم قال لهم: يا هؤلاء ان أيديكم سبقتكم الي النار فان أنتم تبتم انتزعتم

______________________________

(1). الكافي 7: 264 ح 22- و عنه الوسائل 18: 528 ح 1 بتفاوت يسير.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 220

أيديكم من النار، و إلّا لحقتم بها.» «1»

أقول: حسم العرق: كواه لئلا يسيل دمه. كلومهم: جمع كلم، و هو الجرح «2».

3- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن عبد الملك بن ابجر عن سلمة بن كهيل، عن حجية ان عليا (ع) كان يقطع اللصوص و يحسمهم و يحبسهم و يداويهم، فاذا برؤوا، قال: ارفعوا أيديكم، فيرفعونها كأنها أيور الحمر فيقول: من قطعكم؟ فيقولون: علي، فيقول: و لم؟ فيقول: انا سرقنا، فيقول:

اللهم اشهد، اللهم اشهد، و اذهبوا.» «3»

أقول: و قد أفتي جمع من فقهائنا بوجوب الحسم، كما أفتي الآخر باستحبابه ثم ان هذا النوع من الحبس لا ينطبق عليه عناوين الحبس المتعارفة، و لا يبعد أن يكون هدفه حفظ كرامة المقطوعين أو منع استغلالهم، للإساءة الي الإسلام و دولتهم فيكون من الاقامة الجبرية و المعالجة لهم حتي يبرءوا، و اذا تمّ سند الرواية فهذا النوع من السجن لمن يقام عليه الحد في عصرنا و ظروفنا أحوط.

البيهقي: «قال الشيخ: و كأنّه كان يأمر بتعهدهم حتي يبرءوا لا انه كان يحبسهم تعزيرا.»

هذا كله، لو لم نقل انها قضية في واقعة و علمها عنده عليه السلام فلا يطّرد.

الفصل السادس الحبس للاستتابة عن الذنب

قال ابن حزم: «قال أبو محمد: فلما كانت التوبة من سبيل اللّه تعالي المفترض سلوكها و كانت من الخير و المعروف، كان فرضا علي كل مسلم أن يدعو اليها بالنصوص

______________________________

(1). مستدرك الوسائل 18: 146 ح 2- عن دعائم الإسلام 2: 470

ح 1678، و فيه امر بحسمهم فحسموا بدل:

امر بحبسهم.

(2). القاموس المحيط 4: 172.

(3). المصنّف 10: 31 ح 8655- السنن الكبري 8: 271 بتفاوت- و عنهما كنز العمّال 5: 552 ح 13926.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 221

التي ذكرنا، و استتابة المذنب قبل اقامة الحد عليه واجبة.. فان قال: لا أتوب فقد أتي منكرا فواجب أن يعزر علي ما نذكره في كتاب التعزير.. لقول رسول اللّه (ص): من رأي منكم منكرا فليغيّره بيده إن استطاع، فان لم يستطع فبقلبه، و ذلك أضعف الايمان «فيجب ان يضرب ابدا حتي يتوب، هذا ان صرح بان لا يتوب، فاذا ادّي ذلك الي منيّته فذلك عقيرة اللّه و قتيل الحق لا شي ء علي متولي ذلك لأنه احسن فيما فعل به و قد قال اللّه تعالي: ما علي المحسنين من سبيل. فان سكت و لم يقل أتوب، و لا أتوب، فواجب حبسه و اعادة الاستتابة عليه ابدا حتي ينطق بالتوبة فيطلق.» «1»

أقول: ان هذا الذنب اما انه يوجب حدا أو تعزيرا، فيقام عليه ان ثبت موجبه و لا وجه للاستتابة و الحبس، لأنّ الحبس اما انه بعد الحد فهو ظلم أو قبل الحد؛ فلا وجه له أضف الي ذلك انّه تأخير و تعطيل لحدود اللّه، اللهم إلّا أن يكون مقصوده المرتد الملي- عندنا- أو مطلق المرتد عندهم فيحبس للاستتابة ثم يطلق بعد التوبة.

______________________________

(1). المحلي 11: 140. و الآية في سورة التوبة: 91.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 223

الباب الثّامن حبس المرتد: و فيه ثلاثة فصول

اشارة

1- حبس المسلم الذي يرتد.

2- حبس المرأة المرتدة.

3- حبس من يؤلّه عليا عليه السلام.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 225

الفصل الأوّل حبس المسلم الذي يرتد

اشارة

اتفق فقهاؤنا علي أنّ المرتد يقتل ان كان فطريا، و ان كان مليا فيستتاب ثلاثة أيام و لم يتعرضوا الي حبسه؛ هذا اذا كان رجلا. و ان كان امرأة فتحبس الي ان تتوب و أوردوا في ذلك نصوصا و روايات.

و لكن وردت نصوص من طرق السنة بحبس المرتد و قد أفتي الموصلي و السمرقندي في الاختيار و تحفة الفقهاء بالحبس و عرض الإسلام عليه الي ثلاثة ايام، كما يري ابو حنيفة حبس المرتد في الثالثة.

الروايات من طرقنا

1- الكافي: «عدة من اصحابنا، عن سهل بن زياد و علي بن ابراهيم، عن أبيه و محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: سمعت أبا عبد اللّه (ع) يقول: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام و جحد محمدا (ص) نبوّته و كذّبه فان دمه مباح لكل من سمع ذلك منه، و امرأته باينة منه يوم ارتد فلا تقربه و يقسم ماله علي ورثته و تعتد امرأته (بعد) عدة

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 226

المتوفي عنها زوجها، و علي الإمام ان يقتله و لا يستتيبه.» «1»

2- و فيه: «محمد بن يحيي عن العمركي بن علي النيسابوري، عن علي بن جعفر، عن اخيه أبي الحسن (ع) قال سألته عن مسلم تنصر، قال: يقتل و لا يستتاب، قلت:

فنصراني، أسلم ثم ارتد عن الإسلام؟ قال: يستتاب فان رجع، و الا قتل» «2».

3- التهذيب: «الحسين بن سعيد قال: قرأت بخط رجل الي أبي الحسن الرضا (ع):

رجل ولد علي الإسلام ثم كفر و اشرك و خرج عن الإسلام، هل يستتاب أو يقتل و لا يستتاب؟ فكتب (ع) يقتل.» «3»

و الروايات كثيرة في

المقام.

الروايات من طرق السنة

1- ابن أبي شيبة: «حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن عبد الرحمن بن عبيد العامري، عن أبيه قال: كان أناس يأخذون العطاء و الرزق و يصلّون مع الناس، كانوا يعبدون الأصنام في السر، فأتي بهم علي بن أبي طالب فوضعهم في المسجد أو قال: في السجن، ثم قال: يا ايها الناس ما ترون في قوم كانوا يأخذون معكم العطاء و الرزق و يعبدون هذه الأصنام؟ قال الناس: اقتلهم قال: لا، و لكن اصنع بهم كما صنعوا بأبينا ابراهيم، فحرقهم بالنار.» «4»

2- المصنف: «اخبرنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن داود عن الشعبي، عن أنس رضي اللّه عنه قال: بعثني ابو موسي بفتح تستر الي عمر رضي اللّه عنه، فسألني عمر- و كان ستة نفر من بني بكر بن وائل قد ارتدوا عن الإسلام و لحقوا بالمشركين- فقال:

ما فعل النفر من بكر بن وائل؟ قال: فاخذت في حديث آخر لأشغله عنهم، قال:

______________________________

(1). الكافي 7: 257 ح 11- و عنه الوسائل 18: 545 ح 3 انظر: الفقيه 3: 89 ح 1- التهذيب 10: 136 ح 2- الاستبصار 4: 253 ح 2.

(2). الكافي 7: 257 ح 10- و عنه الوسائل 18: 545 ح 5.

(3). التهذيب 10: 138 ح 10.

(4). المصنّف 12: 270 ح 12791.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 227

ما فعل النفر من بكر بن وائل؟ قلت: يا أمير المؤمنين قوم ارتدوا عن الإسلام و لحقوا بالمشركين، ما سبيلهم إلّا القتل، فقال عمر: لإن أكون أخذتهم سلما أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس من صفراء أو بيضاء، قال: قلت: يا أمير المؤمنين و ما كنت صانعا بهم لو أخذتهم؟ قال: كنت عارضا عليهم الباب الذي خرجوا منه

أن يدخلوا فيه، فان فعلوا ذلك، قبلت منهم، و الّا استودعتهم السجن.» «1»

أورده البيهقي بسند آخر، عن محمد بن عبد اللّه الغفاري، بتفاوت في المتن «2».

و أورده ابن قدامة عن الموطّأ و فيه: انه قدم علي عمر رجل من قبل أبي موسي فقال له عمر: هل كان من معربة خبر «3»؟ قال نعم، رجل كفر بعد إسلامه، فقال ما فعلتم به؟ قال: قرّبناه فضربنا عنقه، فقال عمر: فهلّا حبستموه ثلاثا فاطعمتموه كل يوم رغيفا و استتبتموه لعله يتوب أو يراجع أمر اللّه؟ اللهم إني لم احضر و لم آمر و لم ارض اذ بلغني» «4».

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و عندنا ان المرتد علي ضربين: مرتد ولد علي فطرة الإسلام، فهذا لا يقبل اسلامه، و متي ارتد وجب قتله، و الآخر: كان كافرا، فأسلم، ثم ارتد، فهذا يستتاب، فان رجع، و الّا قتل» «5».

2- ابو الصلاح الحلبي: «و اذا ارتد المؤمن و كان ولد علي الفطرة، قتل علي ردته، و ان كان ذميّا أو كافرا غيره أسلم بعد كفر، عرضت عليه التوبة فان رجع الي الحق، و الّا قتل، فان أسلم هذا المرتد ثمّ ارتد ثانية قتل علي ردته.» «6»

______________________________

(1). مصنّف عبد الرزّاق 10: 165 ح 18696- ابن ابي شيبة 12: 266 ح 12783- سنن سعيد بن منصور 2:

165.- كنز العمال 1: 331 ح 1466 و 312 ح 1468.

(2). السنن الكبري 8: 207.

(3). و في الخراج: 180، هل من مغربة خبر؟ اي هل من خبر جديد غريب.

(4). المغني 8: 125- نيل الاوطار 7: 191 عن الشافعي.

(5). المبسوط 7: 282.

(6). الكافي في الفقه: 311.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 228

3- ابن البراج: «و اذا كان المرتد

مولودا علي فطرة الإسلام وجب قتله من غير استتابة، فان تاب لم يكن لأحد عليه سبيل، و ان لم يتب قتل علي كل حال.» «1»

4- ابن حمزة: «المرتد عن الإسلام ضربان: مولود علي فطرة الإسلام و غير مولود عليها، فالأول: لا يقبل منه الإسلام و يقتل اذا ظفر به، و تبين منه زوجته بنفس الارتداد، و تلزمها العدة ان دخلت، و يصير ماله ميراثا لورثته المسلمة، و الثاني تقبل منه التوبة، و يجب استتابته، فان تاب قبل منه.» «2»

5- المحقق الحلي: «القسم الثاني: من أسلم عن كفر ثم ارتد، فهذا يستتاب، فان امتنع قتل، و استتابته واجبة، و كم يستتاب؟ قيل: ثلاثة ايام، و قيل القدر الذي يمكن معه الرجوع، و الأول مروي و هو حسن لما فيه من التأنّي لإزالة عذره.» «3»

6- يحيي بن سعيد: «و المسلم و ولد «4» بين المسلمين، اذا ارتد فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه، و لا يستتاب، فان كان أسلم ثم ارتد، استتيب، فان لم يتب، قتل بالسيف، أو يلقي فيوطأ بالأرجل و لم تؤكل ذبيحته.» «5»

7- علاء الدين الحلبي: «و اما من أظهر الارتداد، و ان لم يدخل في حكم البغاة، فانه ان كان في الأصل كافرا فأسلم ثم ارتد بعد اظهاره الإسلام، يستتاب ثلاثا، فان تاب، و إلّا قتل.» «6»

8- الشهيد الاول: «و ان أسلم عن كفر، ثم ارتد لم يقتل بل يستتاب بما يؤمل معه عوده، و قيل ثلاثة ايام للرواية فان لم يتب قتل، و استتابته واجبة عندنا..» «7»

9- الشيخ مفلح الصيمري: «المرتد الذي يستتاب اذا رجع الي الإسلام ثم كفر، ثم رجع، ثم كفر، قتل في الرابعة و لا يستتاب، و قال

الشافعي: يستتاب ابدا غير انه

______________________________

(1). المهذب 2: 552.

(2). الوسيلة: 424.

(3). شرايع الإسلام 4: 184- انظر المختصر النافع: 464.

(4). الواو حالية بتقدير «قد».

(5). الجامع للشرائع: 567- انظر ص 241.

(6). اشارة السبق: 144.

(7). الدروس 2: 52- انظر كتاب الحدود … للمجلسي: 49.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 229

يعزر في الثانية و الثالثة، و هكذا، و قال أبو حنيفة: يحبس في الثالثة لان الحبس عنده تعزير. و قال ابو اسحاق بن راهويه: يقتل في الثالثة و هو قوي لقوله تعالي: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدٰادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللّٰهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ» «1» فبيّن انه لا يعفو لهم بعد الثالثة، و المعتمد قتله في الرابعة و استدلّ الشيخ باجماع الفرقة علي ان كلّ مرتكب كبيرة اذا فعل ما يستحقه قتل في الرابعة.» «2»

10- الشيخ محمد حسن النجفي، قال بعد كلام المحقق الحلي: «بلا خلاف معتد به أجده في شي ء من الأحكام المزبورة بل الإجماع بقسميه عليها، للنصوص..» «3»

أقول: لا خلاف عند فقهائنا الإمامية، في اجراء الحد علي المرتد عن فطرة فورا، دون أيّ استتابة، و الملّي بعد ثلاثة ايام أو أقلّ و أكثر، و لازم الإمهال و الاستتابة هو الحبس، و ان لم يصرح بالحبس احد من فقهائنا.

آراء المذاهب الاخري

11- القاضي ابو يوسف: «.. و احسن ما سمعناه في ذلك و اللّه اعلم: ان يستتابوا، فان تابوا، و الّا ضربت أعناقهم، علي ما جاء من الأحاديث المشهورة، و ما كان عليه من ادركناه من الفقهاء.» «4»

12- الموصلي: «و اذا ارتد المسلم و العياذ باللّه، يحبس و يعرض عليه الإسلام، و تكشف شبهته، فان أسلم، و الّا قتل» «5».

13- السمرقندي: «ان الرجل المرتد يقتل

لا محالة، اذا لم يسلم، و لا يسترق، و لكن المستحب ان يعرض عليه السلام أولا، فان أسلم و الّا فيقتل من ساعته، اذا لم يطلب التأجيل، فاما اذا طلب التأجيل الي ثلاثة ايام، لينظر في أمره- فانه يؤجل و لا يزاد

______________________________

(1). النساء: 137.

(2). تلخيص الخلاف 3: 270 مسألة 4.

(3). جواهر الكلام 41: 613 و 605- انظر 6: 293.

(4). الخراج: 180.

(5). الاختيار 4: 145.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 230

عليه، و لكن مشايخنا قالوا: الأولي أن يؤجل ثلاثة ايام، و يحبس و يعرض عليه الإسلام، فاذا وقع اليأس، فحينئذ يقتل فامّا الصبي العاقل اذا ارتد: فردته صحيحة عند أبي حنيفة و محمد، كإسلامه، و عند أبي يوسف: اسلامه صحيح، دون ارتداده، و عند الشافعي، لا يصح كلاهما، و المسألة معروفة، لكن لا يقتل و يعرض عليه الإسلام، و لكن لا يحبس، و لا يضرب، و اذا بلغ الآن، يعرض عليه الإسلام جبرا، و يضرب، و لكن لا يقتل، لأنه لا يجب القتل بهذه الردة» «1».

14- ابن قدامة: «قال الخرقي: و من ارتد عن الإسلام من الرجال و النساء و كان بالغا عاقلا دعي اليه ثلاثة ايام و ضيق عليه فان رجع و الّا قتل.» «2»

15- ابو دقيقة في التعليقة علي الاختيار: «اما حبسه و عرض الإسلام عليه، فليس بواجب لأنّه بلغته الدعوة، و الكافر اذا بلغته الدعوة لا تجب ان تعاد عليه، فهذا أولي، لكن يستحب ذلك.» «3»

16- الجزيري: «الحنفية قالوا: اذا ارتد المسلم عن الإسلام- و العياذ باللّه تعالي- عرض عليه الإسلام، فان كانت له شبهة ابداها كشف عنه، لأنّه عساه اعترضته شبهة في الدين فتزاح عنه، لان فيه دفع وقع شرّه بأحسن

الأمرين، و هما: القتل و الإسلام، إلّا أنّ عرض الإسلام عليه مستحب.. فاذا طلب الإمهال يستحب أن يؤجّله القاضي ثلاثة ايام، و يحبس ثلاثة ايام، فان أسلم بعدها و الّا قتل.

الشافعية: اذا ارتد المسلم.. فانه يجب علي الإمام ان يؤجله ثلاثة ايام، و لا يحل له ان يقتله قبل ذلك.

المالكية: يجب علي الإمام أن يمهل المرتد ثلاثة ايام بلياليها و ابتداء الثلاثة من يوم ثبوت الردة عليه لا من يوم الرفع الي الحاكم، و لا يلفّق الثلاثة ايام، فيلغي يوم الثبوت ان سبق بالفجر.

الحنابلة: في احدي روايتهم انه يجب الاستتابة ثلاثة ايام مثل المالكية، و الشافعية، و في رواية اخري: انه لا تجب الاستتابة، بل يعرض عليه الإسلام، فان

______________________________

(1). تحفة الفقهاء 3: 308.

(2). المغني 2: 123.

(3). الاختيار 4: 145.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 231

قبل ترك، و إلّا، يتحتم قتله حالا.» «1»

أقول: و لم يفرق السنة في المرتد- في امهاله ثلاثة- بين الفطري و الملي، بل لم يتعرض احد الي هذا التفصيل، نعم منهم من لم يعتبر الامهال، و لكنه يري اعتبار عرض الإسلام عليه، ثم القتل ان لم يقبله.

و لكن الامامية: تقول بالتفصيل بين الفطري و الملي: امّا الأول فيقتل من دون امهال و لا عرض الإسلام عليه- و ان قبلت توبته بينه و بين ربه- لأن الارتداد، سبب و موجب لتعلق الحد بذمته و لا تزول بالتوبة كما لو سرق في الرابعة، أو زني و هو محصن أو حارب مع سفكه الدم، ثم تاب، فلا تأثير لها في سقوط الحد، و اما بالنسبة الي الملّي، فيؤجل ثلاثة ايام، و لعل لازمه العرفي أو العادي- هو الحبس، فان لم يتب فيقتل، و الفارق

النص، و اما بالنسبة الي المرأة فيأتي حكمها.

الفصل الثاني حبس المرأة المرتدة

اشارة

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن غير واحد من اصحابنا، عن أبي جعفر و ابي عبد اللّه عليهما السلام في المرتد يستتاب فان تاب و الّا قتل، و المرأة اذا ارتدت عن الإسلام استتيبت فان تابت و رجعت و الّا خلّدت في السجن و ضيق عليها في حبسها.» «2»

2- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن بعض اصحابه، عن حماد، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: لا يخلّد في السجن الّا ثلاثة: الذي يمثل، و المرأة ترتد عن الإسلام، و السارق بعد قطع اليد و الرجل.» «3»

______________________________

(1). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 423.

(2). الكافي 7: 256 ح 3- انظر التهذيب 10: 137 ح 4 و الاستبصار 4: 253 ح 4.

(3). الكافي 7: 270 ح 45.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 232

أوردها الفقيه بتفاوت «1».

و أوردها الشيخ في التهذيب و القاضي «2» في الدعائم بتفاوت «3».

قال المجلسي صحيح، و الحصر اضافي، ملاذ الأخيار 16: 285.

3- الفقيه: «و في رواية غياث بن ابراهيم عن جعفر بن محمد عن أبيه، ان عليا عليه السلام قال: اذا ارتدت المرأة عن الإسلام لم تقتل و لكن تحبس ابدا.» «4»

و رواها الشيخ في التهذيب بسنده الي غياث بن ابراهيم «5».

قال المجلسي موثق ملاذ الاخيار 16: 284.

4- التهذيب: «عنه (الحسين بن سعيد) عن الحسن بن محبوب، عن عباد بن صهيب، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: المرتد يستتاب فان تاب، و الّا قتل، و قال: و المرأة تستتاب فان تابت و الّا حبست في السجن و أضرّ بها.» «6»

قال المجلسي: «حسن» «7». و قال في الملاذ: موثق

16: 286.

5- و فيه: «الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام، قال: قضي أمير المؤمنين (ع) في وليدة كانت نصرانية فاسلمت و ولدت لسيدها، ثم ان سيدها مات و أوصي بها عتاقة السرية علي عهد عمر فنكحت نصرانيا ديرانيا فتنصّرت فولدت منه ولدين و حبلت بالثالث، قال: قضي ان يعرض عليها الإسلام فعرض عليها، فأبت، فقال: ما ولدت من ولد نصراني فهم عبيد لأخيهم الذي ولدت لسيدها الأول، و انا احبسها حتي تضع ولدها الذي في بطنها فاذا ولدت قتلتها.» «8».

قال المجلسي: موثق. و عمل بمضمونه الشيخ في النهاية و رده ابن ادريس. ملاذ الاخيار.

6- التهذيب: «عنه عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمر عن حماد عن أبي عبد الله ع في المرتدة عن الإسلام قال: لا تفعل و تستخدم خدمة شديدة و تمنع الطعام و الشراب إلا ما يمسك نفسها و تلبس خشن الثياب و تضرب علي الصلوات» قال المجلسي صحيح، ملاذ الاخيار 16: 284.

______________________________

(1). الفقيه 3: 20 ح 4.

(2). التهذيب 10: 142 ح 29- الاستبصار 4: 255 ح 11.

(3). دعائم الإسلام 2: 539 ح 1917- و عنه المستدرك 18: 166 ح 3.

(4). الفقيه 3: 90 ح 4.

(5). التهذيب 10: 144 ح 25- الاستبصار 4: 255 ح 10.

(6). التهذيب 10: 144 ح 30- الاستبصار 4: 255 ح 12.

(7). مرآة العقول 23: 397.

(8). التهذيب 10: 143 ح 28- الاستبصار 4: 255 ح 13.

و مثله مع اختلاف السند في التهذيب 9: 374- يراجع ملاذ الاخيار 15: 406 ح 6.

قال: الداري: منسوب الي دارين قرية بالبحرين بها سوق يحمل المسك من الهند اليها

ملاذ الأخيار 15: 406.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 233

معني الرواية

أ- قال الشيخ الطوسي: «هذا الحكم مقصور علي القضية التي فصّلها أمير المؤمنين، و لا يتعدّي الي غيرها، لأنه لا يمتنع ان يكون هو (ع) رأي قتلها صلاحا لارتدادها و تزويجها، و لعلها كانت تزوجت بمسلم ثم ارتدت و تزوجت فاستحقت القتل لذلك، و لامتناعها من الرجوع الي الإسلام، فاما الحكم في المرتدة فهو ان تحبس ابدا اذا لم ترجع الي الإسلام..» «1» و قريب منه في الاستبصار «2».

ب- قال العلامة المجلسي: «فالظاهر انه تهديد لها لعلها تسلم، مثل قوله صلوات اللّه عليه في الخبر (خبر الثعلبية) لم أقبل منك رجوعا بعده، مع أنّه كان مليا، و مثل هذه التهديدات كثير في كلامه (ع) كما سيجي ء في اليمين من قوله (ع): و اللّه لأقتلن معاوية، تحريصا لأصحابه علي الجهاد، مع انه كان يعلم موته (ع) قبل معاوية باخبار النبي (ص)..» «3».

ج- قال السيد الخوئي: «هذه الرواية و ان كانت صحيحة إلّا انه لا بد من ردّ علمها الي أهله، فانه لا يظهر وجه لكون أولادها من النصراني المتزوج بها عبيدا لأخيهم المتولد من سيدها، كما لا يظهر وجه لقتلها بعد وضع حملها، و قال في جواب توجيه الشيخ الطوسي: مع بعده في نفسه ينافيه ان القتل في الرواية قد ترتب علي عدم التوبة، فلو كان القتل لما ذكره لم يكن يسقط بالتوبة.» «4»

د- قال في ولاية الفقيه: «و لعلها صارت معاندة للإسلام، و داعية ضده، فصارت بذلك مفسدة مستحقة للقتل.» «5»

6- الخصال: «حدثنا احمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي العسكري،

______________________________

(1). التهذيب 10: 143.

(2). الاستبصار 4: 256.

(3). روضة المتّقين 6: 387.

(4). مباني

تكملة المنهاج 1: 331.

(5). ولاية الفقيه 2: 492.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 234

قال: حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن زكريا البصري، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: سمع أبا جعفر محمد بن علي الباقر يقول: … و اذا ارتدت المرأة عن الإسلام، استتيبت، فان تابت، و الّا خلدت في السجن، و لا تقتل كما يقتل الرجل، اذا ارتد، و لكنها تستخدم خدمة شديدة، و تمنع من الطعام و الشراب، الّا ما تمسك به نفسها، و لا تطعم الّا جشب الطعام و لا تكسي الّا غليظ الثياب، و خشنها، و تضرب علي الصلاة و الصيام.» «1»

7- الدعائم: «عن علي (ع) انه قال: اذا ارتدت المرأة فالحكم فيها ان تحبس حتي تسلم أو تموت، و لا تقتل، و ان كانت أمة، فاحتاج مواليها الي خدمتها، استخدموها و ضيق عليها بأشد الضيق و لم تلبس الّا من خشن الثياب بمقدار ما يواري عورتها و يدفع عنها ما يخاف منه الموت من حر أو برد، و تطعم من خشن الطعام حسب ما يمسك رمقها.» «2»

8- و عنه: «فالمرتد و ان كانت امرأة حبست حتي تموت أو تتوب.» 3

9- و عنه: «روينا عنه- علي (ع)- و من ارتد من نسائهم حبست حتي تموت أو تتوب، و اذا بلغ اطفالهم عرض عليهم الإسلام، فان أسلموا، و الّا قتلت الرجال، و حبست النساء حتي يسلمن أو يمتن.» «4»

10- عبد الرزاق: «عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس، في المرأة ترتد عن الإسلام، تحبس و لا تقتل.» «5»

11- ابن ابي شيبة: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا أبو داود، عن أبي حرّة

عن الحسن في المرأة ترتد عن الإسلام، قال: لا تقتل، تحبس» «6».

______________________________

(1). الخصال 2: 585 ح 12. و عنه البحار 76: 220 ح 2- و ج 103: 255 ح 1- و الوسائل 14: 162 الباب 123 ح 1.

(2) 2 و 3. دعائم الإسلام 2: 480- و عنه المستدرك 18: 166 ح 2.

(4). دعائم الإسلام 2: 398.

(5). المصنّف 10: 177 ح 18731- سنن البيهقي 8: 203- الخراج: 181.

(6). المصنّف 12: 278 ح 12823- انظر 10: 140 ح 9046.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 235

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و ان كان المرتد امرأة حبست عندنا و تستتاب و لا تقتل، فان لحقت بدار الحرب سبيت و استرقت، و قال قوم: تقتل مثل الرجل سواء، لأن النبي (ص) لما فتحت مكة، أمر بقتل المغنيتين كانتا لأبي جهل تغنيان بسب النبي (ص)، فقتلتا.

و هذا ليس بصحيح لأنه عليه و آله السلام، ما أمر بقتلهما للارتداد، لأنهما ما أسلمتا، لكن لكفرهما و الغناء بسبه.» «1»

2- و قال أيضا: «فاما المرأة فمتي ارتدت فالحكم فيها كالرجل عندهم، تقتل بالردة، و عندنا لا تقتل بل تحبس ابدا حتي تموت، و فيه خلاف.» «2»

3- و قال في النهاية: «و المرتدة عن الإسلام لا يجب عليها القتل، بل ينبغي ان تحبس ابدا، و يضيّق عليها في المأكول و المشروب و الملبوس، و تضرب في اوقات الصلوات.» «3»

4- و قال في الخلاف: «المرأة اذا ارتدت لا تقتل بل تحبس و تجبر علي الإسلام حتي ترجع أو تموت في الحبس.» «4»

5- ابو الصلاح الحلبي: «و ان ارتددن النساء، عرضت عليهن التوبة، فان ابينها خلّدن الحبس و ضيق عليهن في المطعم و المشرب، حتي يؤمنّ أو

يهلكن.» «5»

6- القاضي ابن البراج: «و المرتدة عن الإسلام لا يجب عليها قتل، بل تستتاب، فان لم تتب تحبس ابدا، و تضرب في اوقات الصلاة، و يضيق عليها في المطعم

______________________________

(1). المبسوط 7: 282.

(2). المبسوط 8: 72.

(3). النهاية: 731- و مثله ابن ادريس في السرائر 3: 532 و المحقق الحلي في نكت النهاية 3: 353.

(4). الخلاف 5: 352 مسألة 1.

(5). الكافي في الفقه: 311.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 236

و المشرب.» «1»

7- علي بن حمزة: «و اما المرأة اذا ارتدت فلم يلزمها القتل، بل حبست حتي تتوب و ضربت في وقت كل صلاة، فان لحقت بدار الحرب، و ظفر بها سبيت و استرقت.» «2»

8- المحقق الحلي: «و لا تقتل المرأة بالرّدة بل تحبس و ان كانت مولودة علي الفطرة و تضرب أوقات الصلاة.» «3»

9- و قال في المختصر: «و المرأة لا تقتل، بل تحبس و تضرب أوقات الصلاة حتي تتوب، و لو كانت عن فطرة.» «4»

10- يحيي بن سعيد: «و المرتدة تحبس ابدا حتي تتوب في الحالين و تضرب اوقات الصلوات و تستخدم خدمة شديدة و تلبس خشن الثياب و لا تطعم و لا تسقي الّا قدر ما يمسك رمقها.» «5»

11- العلامة الحلي: «المرتدة عن الإسلام لا تقتل سواء ارتدت عن فطرة أو لا، بل تحبس دائما و تضرب اوقات الصلاة و لو تابت فالوجه قبول توبتها و سقوط ذلك منها و ان كانت عن فطرة» «6».

12- و قال في القواعد: «و المرأة تستتاب، و ان ارتدت عن فطرة فان تابت عفي عنها، و ان لم تتب، لم تقتل، و ان كانت عن فطرة، بل تحبس دائما و تضرب اوقات الصلوات، فان تابت عفي عنها،

و الّا فعل بها ذلك دائما.» «7»

13- الشهيد الأول: «و المرأة لا تقتل و ان كانت عن فطرة بل تحبس دائما و تضرب أوقات الصلوات و تستعمل في أسوأ الأعمال و تلبس اخشن الثياب و تطعم اجشب

______________________________

(1). المهذب 2: 552.

(2). الوسيلة: 425.

(3). شرايع الإسلام 4: 183.

(4). المختصر النافع: 264- و مثله السيّد الطباطبائي في الرياض 2: 339.

(5). الجامع للشرائع: 241- و مثله: نزهة الناظر: 121.

(6). تحرير الاحكام 2: 235.

(7). قواعد الاحكام 2: 275.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 237

الطعام- و هو ما غلظ منه و خشن.» «1»

14- و قال في الدروس: «و المرأة لا تقتل مطلقا، بل تضرب أوقات الصلوات و يدام عليها السجن حتي تتوب أو تموت، و لو لحقت بدار الحرب، قال الشيخ تسترق.» «2»

15- الشهيد الثاني: «و لا تقتل المرأة بالردة، انما تحبس المرتدة دائما علي تقدير امتناعها من التوبة، فلو تابت قبل منها، و ان كان ارتدادها عن فطرة عند الأصحاب … » «3»

16- المحقق الأردبيلي: «و المرأة المرتدة.. تدل علي حكم المرأة … الي ان قال:

و ليس استخدام الخدمة الشديدة في كلام الأصحاب و لعله برأي الامام، و الحاكم أيضا، إن رآه، زجرها عن الكفر..» «4»

و قال أيضا: «و أما الضرب حال الصلاة حتي تتوب أو تموت كما ذكره في الشرح و المشهور بين الطلبة فما رأيت دليله لعله من باب النهي عن المنكر، و المراد الضرب في الجملة لا إلي أن تتوب أو تموت بالضرب، و إلا فهو القتل بصعوبة» مجمع الفائدة 3: 220.

17- الشيخ البهائي: «اما الحبس المخلّد … فهو حد المرتدة..» «5»

18- العلامة المجلسي: «فالمشهور في المرأة هو ان تحبس و تضرب اوقات الصلاة، الي أن

تتوب، أو تموت في الحبس.» «6»

19- الحر العاملي: «و لا قتل علي المرأة بل تحبس و تضرب و يضيّق عليها» «7».

20- الفيض الكاشاني: «و اما المرأة فلا تقتل بالردة و ان كانت عن فطرة بلا خلاف، بل تستتاب، فان ابت تحبس دائما، و تضرب أوقات الصلوات، للصحاح المستفيضة.» «8»

21- الفاضل الهندي: «و المرأة لا تقتل اتفاقا و للنصوص بل تستتاب، و ان ارتدت

______________________________

(1). الروضة البهية 9: 343- و انظر 8: 30.

(2). الدروس 2: 52.

(3). المسالك 15: 26.

(4). مجمع البرهان 13: 336 آخر كتاب الحدود.

(5). جامع عباسي: 423.

(6). حدود، قصاص، ديات: 48.

(7). بداية الهداية 2: 473.

(8). مفاتيح الشرائع 2: 104.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 238

عن فطرة، فان تابت عفي عنها لزوال موجب العقوبة و لسقوط عقوبة الآخرة بالتوبة ففي الدنيا أولي، و لجبّ الإسلام ما قبله، و لسقوط العقوبة الآخرة بالتوبة ففي الدنيا أولي، و لجب الإسلام ما قبله و لسقوط العقوبة رأسا عن المرتد لا عن فطرة، و لقول الصادق (ع): المرأة اذا ارتدت استتيبت فان تابت و رجعت و إلّا خلّدت السجن و ضيّق عليها في حبسها» «1».

22- الشيخ محمد حسن النجفي: «قال بعد كلام المحقق الحلّي في المرأة المرتدة:

اجماعا بقسميه و نصوصا». «2»

23- ملّا محمد الأشرفي: «لو تابت المرتدة، قبل منها، و الّا فيحكم الحاكم بحبسها و ضربها و تأديبها أوقات الصلوات، و يضيق عليها في الطعام و اللباس الخشن، و الطعام غير المرغوب، حتي ترجع أو تموت.» «3»

24- الخونساري: «أما المرأة فلا تقتل بالارتداد و إن كانت عن فطرة بل تحبس و تضرب أوقات الصلاة حتي تتوب.» جامع المدارك 5: 290.

25- الإمام الخميني: «و لا تقتل المرأة المرتدة، و لو

عن فطرة، بل تحبس دائما، و تضرب في أوقات الصلوات، و يضيق عليها في المعيشة، و تقبل توبتها، فان تابت، اخرجت عن الحبس.» «4»

26- السيد الخوئي: «اذا ارتدت المرأة و لو عن فطرة لم تقتل، و تبين من زوجها، و تعتد عدة الطلاق، و تستتاب، فان تابت فهو، و الّا حبست دائما و ضربت في اوقات الصلاة و استخدمت خدمة شديدة، و منعت الطعام و الشراب، الّا ما يمسك نفسها و ألبست خشن الثياب.» «5»

27- و قال أيضا: لو ارتدت المرأة المسلمة بعد الهجرة من دار الكفر إلي دار الإسلام لم ترجع إلي دار الكفر و يجري عليها حكم المسلمة المرتدة في دار الإسلام ابتداء من الحبس و الضرب في أوقات الصلاة حتي تتوب او تموت ملحق منهاج الصالحين للخوئي ص 403 المسألة 1368.

28- السيد الگلپايگاني: «ما هو حكم المسلمة تزوجت بمسلم ثم تنصّرت، و ما هو حكم الزوج؟ الجواب: لو امكن فتحبس و تضرب اوقات الصلاة بما يصدق معه الضرب، ثم لو تابت و رجعت قبل انقضاء عدّتها فالعقد صحيح و الزوجية باقية، و إلّا

______________________________

(1). كشف اللثام 2: 256.

(2). جواهر الكلام 41: 608- انظر أيضا ج 30: ص 48، ج 13: 131- و ج 39 ص 34 انظر إيضاح الفوائد 1: 393 و مناهج المتّقين: 195.

(3). شعائر الإسلام 2: 835.

(4). تحرير الوسيلة 2: 445.

(5). مباني تكملة المنهاج 1: 332.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 239

فالعقد باطل، و يكشف ان العقد زال من حين الارتداد «1».

و قال في مسألة 6: في الاجابة علي موارد السجن في الإسلام: المرأة المرتدة لا تقتل، بل تحبس و يضاق عليها» 2.

29- الشيخ الوالد: «و اما المرأة اذا ارتدت،

حكمها انها تحبس و تضرب اوقات الصلاة، كما في المرسل، و خبر غياث، حتي تتوب، او تموت، و ان كانت عن فطرة» «3».

أقول: اذن القول بعدم قتل المرتدة، بل الحبس و الضرب اوقات الصلاة، مما اتفق عليه الامامية، و كاد أن يكون من ضروريات المذهب، نعم وقع خلاف في قبول توبتها و اطلاق سراحها من السجن بعد التوبة و عدمه و سيجي ء.

آراء المذاهب الاخري

30- قال ابو يوسف: «فاما المرأة اذا ارتدت عن الإسلام فحالها مخالف لحال الرجل، نأخذ في المرتدة بقول عبد اللّه بن عباس، فان ابا حنيفة، حدثني عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي رزين، عن ابن عباس رضي اللّه عنهم قال: لا تقتل النساء، اذا هن ارتددن عن الإسلام، و لكن يحبسن و يدعين الي الإسلام و يجبرن عليه» «4».

31- قال ابو عيسي: «.. و اختلفوا في المرأة اذا ارتدت عن الإسلام، فقالت طائفة من أهل العلم، تقتل و هو قول الأوزاعي و احمد و اسحاق، و قالت طائفة منهم: تحبس و لا تقتل و هو قول سفيان الثوري و غيره من أهل الكوفة» «5».

32- الموصلي: «و المرتدة لا تقتل و تحبس و تضرب في كل الايام حتي تسلم» «6».

33- ابن رشد: «و اختلفوا في قتل المرأة، و هل تستتاب قبل أن تقتل؟ فقال

______________________________

(1) 1 و 2. مجمع المسائل 3: 200 و 209.

(3). ذخيرة الصالحين 8: 29.- هذا و لكن نسب الي الفاضل التفرشي: ان المراد بالحبس هو التضييق علي المرأة المرتدة الفقيه 3: 150 ح 3548.

(4). الخراج: 180.

(5). سنن الترمذي 4: 58 ذيل ح 1456.

(6). الاختيار 4: 149.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 240

الجمهور: تقتل المرأة، و قال ابو حنيفة لا

تقتل و شبّهها بالكافرة الأصليّة، و شذّ قوم فقالوا: تقتل و إن راجعت الإسلام» «1».

34- السمرقندي: «فأمّا المرأة فلا تقتل عندنا، خلافا للشافعي و لكنها تحبس و تجبر علي الإسلام، و تضرب في كل ثلاثة ايام، الي ان تسلم و كذا الجواب في الأمة، إلّا ان الأمة تحبس في بيت المولي، لان ملكه قائم، بخلاف المرتدة المنكوحة، فان النكاح قد بطل بالردة.» «2»

35- ابن قدامة: «قال الخرقي: و من ارتد عن الإسلام من الرجال و النساء، و كان بالغا عاقلا دعي اليه ثلاثة ايام و ضيق عليه، فان رجع و الّا قتل.» «3»

… و روي عن علي و الحسن و قتادة انها تسترق لا تقتل، و قال ابو حنيفة: تجبر علي الإسلام بالحبس و الضرب، و لا تقتل» 4.

36- المرداوي: «قوله: فمن ارتد عن الإسلام من الرجال و النساء، و هو بالغ عاقل، مختار أيضا دعي اليه ثلاثة ايام- يعني وجوبا و ضيق عليه، فان لم يتب قتل.

هذا المذهب، و عليه جماهير الاصحاب، و جزم به في الوجيز، و غيره و صححه في الخلاصة و غيره، و قدمه في المغني، و الشرح و الفروع و غيرهم، قال في النظم: هذا اشهر الروايتين، قال الزركشي: هذا المذهب عند الاصحاب، و عنده لا تجب الاستتابة بل تستحب، و يجوز قتله في الحال.

قال في الفروع: و عنه لا تجب استتابته، و عنه: و لا تأجيله و اطلقهما في الهداية و المذهب و المحرر.» «5»

36- الجزيري: «الشافعية و المالكية و الحنابلة- قالوا: إنّ المرأة المرتدة، حكمها حكم المرتد من الرجال، فيجب ان تستتاب، قبل قتلها ثلاثة ايام، و يعرض عليها الإسلام، لان دمها كان محترما بالاسلام.

______________________________

(1). بداية المجتهد 2:

459.

(2). تحفة الفقهاء 3: 309.

(3) 3 و 4. المغني 8: 123.

(5). الانصاف 10: 328.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 241

المالكية: ان المرأة المرتدة اذا كانت مرضعا يؤخر قتلها لتمام رضاع طفلها.

الحنفية: ان المرأة المرتدة، لا يجب قتلها، بل تحبس و تضرب.

و ما قيل: ان رسول اللّه (ص) قتل مرتدة، فقد قيل: انه عليه الصلاة و السلام لم يقتلها بمجرد الردة، بل لأنها كانت ساحرة، شاعرة، تهجو رسول اللّه، و كان لها ثلاثون ابنا، و هي تحرضهم علي قتال رسول اللّه (ص) فأمر بقتلها لهذه الأسباب، و لكن يجب حبسها ابدا حتي تسلم، أو تموت و تضرب كل يوم تسعة و ثلاثين سوطا، و هذا قتل معني، لان موالات الضرب تفضي اليه و انما يجب حبسها، لأنها امتنعت عن ايفاء حق اللّه تعالي بعد الاقرار، فتجبر علي ايفاء بالحبس، كما في حقوق العباد» «1».

أقول: اذن وافقنا من السنة، الحنفية، حيث لم يوجبوا القتل عليها بل نقول بان القتل غير مشروع و غير جائز، حتي و لو لم ترجع الي الإسلام، فهي تحبس مؤبدا الي أن تموت.

هل تخلد المرتدة في السجن؟

يبدو من ابن ادريس في السرائر و العلامة في التحرير وجود خلاف في قبول توبة المرتدة عن فطرة، و الافراج عنها بعد التوبة.

1- قال ابن ادريس: «.. سواء كانت ارتدت عن فطرة الإسلام أو عن اسلام تعقبه كفر.» «2»

2- و قال العلامة الحلي: «و لو تابت فالوجه قبول توبتها و سقوط ذلك عنها و ان كانت عن فطرة» «3».

3- و قد صرح الشهيد الثاني بهذا الخلاف، فانه بعد ذكره لرواية عباد بن صهيب و صحيحة حماد- تضرب اوقات الصلاة- قال: «و ليس في هذه الاخبار ما يقتضي قبول

______________________________

(1). الفقه

علي المذاهب الاربعة 5: 426.

(2). السرائر 3: 532.

(3). تحرير الاحكام 2: 235.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 242

توبتها في الحالين، و الخبر الأول- صحيحة ابن محبوب- كما تضمن قبول توبتها، تضمن قبول توبة المرتد الذكر. و حمله علي الملّي يرد مثله فيها، فيمكن حمل الاخبار الدالة علي حبسها، دائما من غير تفصيل علي الفطرية بأن يجعل ذلك حدها من غير ان يقبل توبتها كما لا يقبل توبته» «1».

و في التحرير لو تابت فالوجه قبول توبتها و سقوط ذلك عنها و ان كانت عن فطرة.

و هو يشعر بخلاف في قبول توبتها اذا كانت فطرية، و هو المناسب لحال هذه النصوص 15: 26.

4- و أجاب عنه صاحب الجواهر: «و فيه ان الأنسب منه حملها علي عدم التوبة بقرينة الخبرين المزبورين المجبورين بالعمل، و لا ينافي اشتمالهما علي قبول توبة المرتد الذكر المحمول علي الملي كغيرهما من النصوص المعتضدة بالعمل أيضا.» «2»

5- و قال في ولاية الفقيه: «و لكن الأظهر ما ذكرناه و قوّيناه، و يمكن ان يستأنس لذلك بما ورد من الإضرار بها و التضييق عليها، و ضربها علي الصلوات، و يشهد له ما مرّ من الدعائم، هذا مضافا الي ان للحاكم العفو عن الحدود، ان ثبت بالاقرار، بل مطلقا علي قول المفيد، كما مرّ فتأمّل. و المراد بتخليدها في السجن كما مرّ، عدم كون حبسها محدودا بزمان معين، لا بقاءها في السجن و ان صلحت و تابت.» «3»

أقول: و ان كان ظاهر صحيحة حريز و خبر غياث، و روايات الدعائم، ذلك، أي الحبس مطلقا حتي مع التوبة، و لكن هذا الاطلاق يقيده اخبار عباد و ابن محبوب و جابر الجعفي، اذ فيها: فان تابت و

الّا خلدت في السجن، فالتخليد مقيد بعدم التوبة و لا يرد اشكال الشهيد الثاني من اختصاص الحكم بالمرتدة عن ملّة بقرينة الصدر، و الّا يلزم شمول الحكم للمرتد الفطري أيضا و ذلك: لأنّا نلتزم به لو لا الاجماع بقسميه و النصوص علي تحتم قتل الفطري و عدم قبول توبته.

اضف الي ذلك ان الحكم بالتخليد حتي مع التوبة، خلاف المشهور.

______________________________

(1). مسالك الافهام 15: 26.

(2). جواهر الكلام 41: 612.

(3). ولاية الفقيه 2: 522.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 243

الفصل الثالث حبس من يري الألوهية في علي (ع)

1- الكشي: «حدثني محمد بن قولويه القمي، قال حدثني سعيد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمي، قال: حدثني محمد بن عثمان العبدي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد اللّه بن سنان، قال، حدثني أبي، عن أبي جعفر (ع) ان عبد اللّه بن سبأ كان يدّعي النبوة و يزعم ان أمير المؤمنين (ع) هو اللّه (تعالي عن ذلك) فبلغ ذلك أمير المؤمنين (ع) فدعاه و سأله؟ فأقرّ بذلك، و قال: نعم انت هو و قد كان ألقي في روعي انك انت اللّه و اني نبي، فقال له أمير المؤمنين (ع) ويلك قد سخر منك الشيطان فارجع عن هذا ثكلتك امّك و تب فأبي فحبسه و استتابه ثلاثة ايام فلم يتب، فأحرقه بالنار و قال: إن الشيطان استهواه، فكان يأتيه و يلقي في روعه ذلك.» «1»

قوله: استهواه: أي ذهب بعقله و حيّره و زيّن له هواه.

أقول: لو قلنا بصحة السند، لوقوع من في اسناد كامل الزيارة فالمورد من مصاديق المرتد الملي، لأن ابن سبأ كان يهوديا فأسلم، ثم رجع الي الكفر «2»، فلا بد من استتابته ثلاثة ايام، أو لأجل دعواه النبوة، لأنّ «من ادعي انّه نبيّ،

حل دمه و وجب قتله» «3» أو ادعاء الألوهية لغير اللّه تعالي، و الرواية دليل علي جواز القتل بالحرق لهذا النوع من المرتدين، كما في عقوبة اللواط.

قال العلامة الحلي: «يقتل المرتد بالسيف، و لا يجب احراقه بالنار، و القتل الي الإمام.» «4»

______________________________

(1). رجال الكشي: 107، الرقم 170- و عنه الوسائل 18: 553 ح 4. و البحار 25: 286.

(2). انظر معجم رجال الحديث 10: 193، 194.

(3). انظر النهاية: 730.

(4). تحرير الاحكام 2: 236 و يوجد رأي بان ابن سبأ و قصصه اسطورة اختلقها سيف بن عمر الكذّاب، راجع كتاب «عبد اللّه بن سبأ»، و كتاب «مائة و خمسون صحابي مختلق» للعلامة العسكري.

و كتاب اسطورة عبد الله بن سبأ في الصحف السعودية قال السيد الخوئي: إن اسطورة عبد الله بن سبأ و قصص مشاغباته الهائلة موضوعة مختلقة اختلقها سيف بن عمر الوضاع الكذاب … معجم رجال الحديث 10: 194.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 245

الباب التاسع الحبس في الفحشاء: و فيه عشرة فصول

اشارة

1- الحبس لإقامة الحد.

2- الحبس للفصل بين حدين.

3- الحبس للمنع من الزني.

4- حبس الزاني بأخته.

5- حبس الزانية.

6- حبس الزاني غير المحصن.

7- حبس الممسك علي الزني.

8- حبس القوّاد.

9- هل يحبس في اللواط؟

10- حبس من يطأ جاريته المشتركة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 247

الفصل الأوّل الحبس لإقامة الحد

اشارة

وردت نصوص من الفريقين بحبس من يراد اجراء الحد عليه كالحامل حتي تضع، و المقر اربعا بالزني، أو القائل الي حين القصاص.

و بذلك أفتي الشيخ المفيد في المقنعة و ابن حمزة في الوسيلة، و السرخسي- من العامة- في المبسوط، و اما مدة حبس الحامل، فهو عندنا الي ان تضع، فلو تجاوز اكثر الحمل الذي هو تسعة أشهر و لم تضع فيكشف عن انها غير حامل.

اما عند السنة: فلا بد و ان يكون الحبس الي سنتين كما عليه- السرخسي- أو خمس سنوات كما هو المشهور عندهم و هو المبني الذي درج عليه القضاء عندهم، و هو باطل عندنا.

و إليك الروايات و كلمات الفقهاء.

الروايات

1- الفقيه: «روي يونس بن يعقوب، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (ع) قال: أتت امرأة أمير المؤمنين (ع) فقالت: إني قد فجرت، فاعرض بوجهه عنها، فتحولت حتي استقبلت وجهه فقالت: إني قد فجرت، فاعرض بوجهه عنها، ثم استقبلته، فقالت

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 248

إنّي قد فجرت، فأعرض عنها، ثم استقبلته فقالت: إنّي قد فجرت: فأمر بها فحبست و كانت حاملا، فتربص بها حتي وضعت، ثم أمر بها بعد ذلك فحفر لها حفيرة في الرحبة و خاط عليها ثوبا جديدا و ادخلها الحفرة الي الحقو و موضع الثديين و أغلق باب الرحبة و رماها بحجر و قال: (بسم اللّه اللهم علي تصديق كتابك و سنّة نبيك) ثم أمر قنبر فرماها بحجر، ثم دخل منزله، ثم قال: يا قنبر ائذن لأصحاب محمد (ص)، فدخلوا فرموها بحجر حجر ثم قاموا لا يدرون أ يعيدون حجارتهم أو يرمون بحجارة غيرها، و بها رمق، فقالوا: يا قنبر اخبره انّا قد رمينا بحجارتنا و بها رمق

فكيف نصنع؟ فقال: عودوا في حجارتكم فعادوا حتي قضت، فقالوا له: فقد ماتت فكيف نصنع بها؟ قال:

فادفعوها الي أوليائها و أمروهم ان يصنعوا بها كما يصنعون بموتاهم.» «1»

قد يقال: ان الرواية غير معتبرة لاشتراك أبي مريم بين ثقة و هو الأنصاري، و بين من لم تثبت وثاقته و هو بكر بن حبيب الكوفي لكن المعروف بين اصحاب الروايات هو الأول، فالاطلاق ينصرف اليه، اضف الي ان الراوي عنه هو يونس بن يعقوب و هو من رواة أبي مريم الأنصاري.

2- التهذيب: «الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد عن أبي جعفر (ع)، قال: قضي أمير المؤمنين (ع) في وليدة كانت نصرانية، فأسلمت و ولدت لسيدها، ثم ان سيدها مات و أوصي بها عتاقة السرية علي عهد عمر، فنكحت نصرانيا ديرانيا فتنصّرت فولدت منه ولدين و حبلت بالثالث، قال قضي فيها ان يعرض عليها الإسلام، فعرض عليها الإسلام فأبت، فقال: ما ولدت من ولد نصراني فهم عبيد لأخيهم الذي ولدت لسيدها الأول، و انا أحبسها حتي تضع ولدها الذي في بطنها فاذا ولدت قتلتها.» «2» - انظر ملاذ الاخيار 15: 406.

و قد تعرضنا لهذه الرواية سندا و دلالة في فصل ارتداد المرأة.

3- البحار: روي انه اعترف عنده رجل محصن انه قد زني مرة بعد مرة و هو يتجاهل حتي اعترف الرابعة فأمر بحبسه ثم نادي في الناس ثم اخرجه بالغلس البحار 38: 63 نقلا عن التهذيب.

4- البحار: «قال أبو عبد الله ع جاء رجل الي أمير المؤمنين فقال له يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني فقال أمير المؤمنين ع أ بك جنة؟ فقال: لا فقال: فتقرأ من القرآن شيئا؟ قال: نعم فقال له

ممن أنت؟

فقال: أنا من مزينة أو جهينة، قال: اذهب حتي أسأل عنك فسأل عنه فقالوا: يا أمير المؤمنين هذا رجل صحيح مسلم.

ثم رجع إليه فقال: يا أمير المؤمنين إني زنيت فطهرني! فقال ع ويحك أ لك زوجة؟ قال: نعم.

فقال: كنت حاضرها أو غائبها؟ قال: بل كنت حاضرها. قال: اذهب حتي ننظر في أمرك. فجاء الثالثة فذكر له ذلك فأعاد أمير المؤمنين فذهب. ثم رجع في الرابعة و قال: إني زنيت فطهرني فأمر أمير المؤمنين أن يحبس … البحار 76: 35 ح 7 عن القمي 5- الدعائم: «عن علي (ع): إنه أتي برجل قد أقر علي نفسه بالزني، فقال له:

احصنت؟ فقال نعم قال: اذا ترجم، فرفعه الي السجن، فلما كان من العشي جمع- الوافي 15: 274 ح 15044.

______________________________

(1). الفقيه 4: 20 ح 3- و عنه الوسائل 18: 380 ح 5.

(2). التهذيب 10: 143 ح 28- الاستبصار 4: 255 ح 13- و عنه الوسائل 18: 550 ح 5.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 249

الناس ليرجمه، فقال رجل منهم يا أمير المؤمنين، انه تزوج امرأة و لم يدخل بها بعد ففرح بذلك علي (ع) و ضربه الحد.» «1»

6- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر قال حدثنا ابو معاوية عن الأعمش، عن أبي سفيان عن اشياخه ان امرأة غاب عنها زوجها، ثم جاء و هي حامل فرفعها الي عمر، فأمر برجمها فقال معاذ: ان يكن لك عليها سبيل فلا سبيل علي ما في بطنها، فقال عمر:

احبسوها حتي تضع، فوضعت غلاما له ثنيتان فلما رآه أبوه، قال: ابني، فبلغ ذلك عمر فقال: عجزت النساء ان يلدن مثل معاذ، لو لا معاذ هلك عمر.» «2»

7- و فيه: «حدثنا أبو بكر،

قال حدثنا وكيع عن اسرائيل، عن جابر عن عامر عن ابن ابزي عن أبي بكر، قال: أتي ماعز بن مالك النبي صلّي اللّه عليه و سلّم، فأقرّ عنده ثلاث مرات فقلت: ان اقررت عنده الرابعة، فأمر به فحبس، يعني ترجم.» «3»

8- البيهقي: «عن الشعبي، قال: جي ء بشراحة الهمدانية الي علي (ع)، فقال لها:

ويلك لعل رجلا وقع عليك و انت نائمة؟ قالت: لا، قال: لعلّك استكرهك؟ قالت:

لا، قال: لعل زوجك من عدوّنا هذا أتاك فأنت تكرهين أن تدلي عليه، يلقنها لعلها تقول نعم، قال: فأمر بها فحبست، فلما وضعت ما في بطنها، أخرجها يوم الخميس فضربها مائة و حفر لها يوم الجمعة في الرحبة.» «4»

9- كنز العمال: «عن علي ان امرأة أتته فقالت: إني زنيت، فقال لعلك اتيت و انت نائمة في فراشك أو أكرهت؟ قالت: اتيت طائعة غير مكرهة، قال: لعلك غضبت علي نفسك؟ قالت: ما غضبت، فحبسها، فلما ولدت و شب ابنها جلدها.» «5»

______________________________

(1). دعائم الإسلام 2: 451 ح 1577- و عنه المستدرك 15: 56 ح 1 و 18: 44 ح 1. سنن سعيد بن منصور 1: 219 ح 6 85.

(2). المصنف 10: 88 ح 8861.

(3). المصنّف 10: 72 ح 8818- عبد الرزاق 7: 327 ح 13351 و 7: 326 ح 13350 و عنه كنز العمّال 5: 410 ح 13450- بتفاوت و زيادة. و مصنف ابن شيبة 6: 551 (دار الفكر)

(4). السنن الكبري 8: 220- و عنه كنز العمّال 5: 421 ح 13491، اورده مفصّلا.

(5). كنز العمّال 5: 457 ح 599 عن ابن راهويه.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 250

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «اذا زنت المرأة و هي حامل حبست حتي تضع حملها

و تخرج من مرض نفاسها ثم يقال عليها الحد بعد ذلك.» «1»

2- علي بن حمزة: «و ان لم يعف الولي علي مال، حبس القاتل الي وقت القصاص.» «2»

آراء المذاهب الاخري

3- قال الشافعي: «.. اذا قتلت المرأة من عليها في قتله القود فذكرت حملا أو ريبة من حمل، حبست حتي تضع حملها ثم اقيد منها حين تضعه.» «3»

4- السرخسي: «و ان كانت حبلي حبست حتي تلد.. و ليس للإمام ان يضيّع الحد بعد ما ثبت عنده ببيّنة، فيحبسها حتي تلد، ثم ان كان حدها الرجم رجمها لأن اتلافها مستحق و انما تؤخّر لحقّ الولد.» «4»

5- النووي: «.. و اختلف اصحابنا فيه فقال ابو سعيد الاصطخري: لا تحبس حتي يشهد اربع نسوة بالحمل لأن القصاص وجب فلا يؤخر بقولها، و قال أكثر اصحابنا:

تحبس بقولها؛ لأنّ الحمل و ما يدل عليه في الدم و غيره يتعذر اقامة البيّنة عليه فقبل قولها فيه.» «5»

6- الجزيري: «و اتفق الأئمة: علي ان المرأة الحامل اذا وجب عليها القصاص في النفس أو الأطراف اذا طلب المجني عليه حبسها، فانها تحبس حتي تضع حملها.» «6»

أقول: إنّ مقتضي هذه النصوص و الروايات هي جواز الحبس لإقامة الحد فيمن

______________________________

(1). المقنعة: 782.

(2). الوسيلة: 439.

(3). الام 6: 146.

(4). المبسوط 9: 73.

(5). المجموع 18: 450 و 453.

(6). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 364.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 251

يراد اهلاكه و اتلافه كالزاني المحصن، و القاتل عن عمد، و المحارب و الباغي، و المرتد الفطري، و لا يسري الحكم بالجواز الي موارد اخري كالزاني غير المحصن و.. ممن حده دون القتل. إلّا بتنقيح المناط القطعي، لو لم يقم دليل خاص كما في حبس علي (ع) للنجاشي ليلة لإقامة

الحد عليه..

اللهم الّا ان يقال: لو لا الحبس لأفلت أو يخشي فراره، فيحبس لاستيفاء الحد في حقوق الناس و حقوق اللّه.

اما قول السرخسي في جواز حبس الحامل: بدليل ان اتلافها مستحق، ففيه: ان الحمل لا يلازم احصانها اذ قد يحصل الحمل بوطي الشبهة أو بجذب الرحم للنطفة، او باكراهها علي الزني، أو بعقد فاسد و.. فلو زنت بعد ذلك و هي حامل بإحدي هذه الجهات لم يصدق عليها انها زانية محصنة، حتي يكون اتلافها مستحقا.

تنبيهان

الأول: في مدة حبس الحامل، و هي عندنا الي تسعة اشهر و قيل عشرة و غاية ما قيل عندنا سنة «1»، فهي اقصي مدة الحمل.

و اما عند السنة: فقيل تحبس الي سنتين، كما عن السرخسي، و علي رأي المالكية من إن اكثره خمس سنين فلا بد من مراعاة تلك المدة، و هو رأي باطل عندنا.

قال السرخسي: «.. و ما يشكل علي القاضي فانما يرجع فيه الي من له بصر في هذا الباب.. فان قلن هي حبلي حبسها الي سنتين، فان لم تلد رجمها للتيقن بكذبهن فان الولد لا يبقي اكثر من سنتين.» «2»

و قال الجزيري: «.. ثم ان المالكية قالوا: إنّ أقل مدة الحمل ستة أشهر و أكثرها خمس سنين، و هذا هو المشهور الذي درج عليه القضاء عندهم.» «3»

الثاني: حكم من تعدي علي المحبوس لإقامة الحد أو اجراء القصاص بايراد جرح أو

______________________________

(1). انظر الروضة البهية 5: 432. يراجع المعارف: 594.

(2). المبسوط 9: 73.

(3). الفقه علي المذاهب الاربعة 4: 523- انظر الاختيار 3: 179 و الانصاف 9: 274. انظر المعارف لابن قتيبة: 594.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 252

قتل عليه.

قال في المدونة: «قلت أ رأيت لو أنّ رجلا قتل

رجلا عمدا فحبس ليقتل فوثب عليه رجل في السجن ففقأ عينه عمدا أو خطأ، قال: قال مالك: هذا رجل من المسلمين يستقاد منه، و له، و تعقل جراحاته ما لم يقتل. قال ابن القاسم: فأري انه أولي بجراحات نفسه، كان عمدا أو خطأ، ان كان عمدا كان له القصاص، ان شاء اقتص و ان شاء عفا، و ان كان خطأ كان له الأرش و ليس لولاة المقتول في ذلك شي ء انما لهم نفسه، و هم أولي بمن قتله، و اما جرحه فليسوا بأولي منه.» «1»

أقول: قد تعرضنا لهذه المسألة في ملحقات بحث الحبس في تهمة الدم. فنقول: حتي و لو كان هذا المحبوس مهدور الدم، و لكنه معصوم بالنسبة الي غير ولي المقتول، كما انه لا يحل لولي الدم فقأ عينه و ايراد الجراحة عليه، و حينئذ لا يبعد القول بحق القصاص لو كان عمدا، و الدية لو كان خطأ فيما لو جرحه جارح عمدا أو خطأ، وليا كان الجارح أو غيره.

الفصل الثاني الحبس للفصل بين حدّين

اشارة

وردت رواية عن أمير المؤمنين (ع): بأنه حبس النجاشي بعد ان ضربه ثمانين جلده- حد الشرب- ثم ضربه عشرين سوطا.

و قد أفتي الشافعي بذلك في مطلق الفصل بين الحدين و ابو يوسف في مورد القذف، و السرخسي في السكران يقذف، و الكاساني في موارد الزنا و السرقة و..

و لم نجد من أفتي بذلك من فقهائنا الأبرار، الّا ما يستظهر من الشيخ الطوسي- رحمه اللّه- في المبسوط.

ثم إن الأصل في ذلك مرفوعة أبي مريم، و هي إن صحت، فتختص بالشرب نهار

______________________________

(1). المدوّنة الكبري 6: 432- انظر الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 81.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 253

الصيام، الّا بتنقيح المناط و عدم

خصوصية المورد، و هو كما تري سيما لو كان الحبس عقوبة، أو يقال: بأنّ الحبس للاحتياط من فراره.

الروايات

1- الكافي: «ابو علي الاشعري، عن محمد بن سالم، عن احمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، رفعه عن أبي مريم قال: اتي أمير المؤمنين (ع) بالنجاشي الشاعر، قد شرب الخمر في شهر رمضان، فضربه ثمانين ثم حبسه ليلة، ثم دعي به من الغد فضربه عشرين سوطا، فقال له: يا أمير المؤمنين فقد ضربتني ثمانين في شرب الخمر، و هذه العشرين ما هي؟ فقال: هذا لتجرّيك علي شرب الخمر في شهر رمضان.» «1»

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 253

و رواه الصدوق في الفقيه «2» عن عمرو بن شمر عن جابر، و طريقه اليه: محمد بن موسي بن المتوكل رضي اللّه عنه، عن علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن نصر الخزاز، و الطريق صحيح «3».

و رواه الشيخ في التهذيب «4»، عن أبي علي الأشعري و هو أحمد بن ادريس الأشعري و طريقه اليه صحيح في المشيخة و ان كان ضعيفا في الفهرست و اما عمرو بن شمر، فلم تثبت وثاقته، و ان وثّقه المحدث النوري معتمدا في ذلك علي رواية الاجلاء الخمسة من اصحاب الاجماع عنه، و علي اعتماد الشيخ المفيد عليه «5».

و رواه في الدعائم، مرسلا، و فيه: «فضربه تسعة و ثلاثين سوطا.» «6»

قال الطباطبائي: و ربما يستفاد من التعليل عموم الحكم لغير مورده كما فهمه الأصحاب و أيده

الاعتبار رياض المسائل 15: 533.

______________________________

(1). الكافي 7: 216 ح 15- و عنه الوسائل 18: 474 ح 1- و ليس في سنده محمّد بن سالم و فيه: هذه العشرون، بدل العشرين.

(2). الفقيه 4: 40 ح 2- و عنه روضة المتّقين 10: 135.

(3). الفقيه 4: 87 (المشيخة).

(4). التهذيب 10: 94 ح 19- و عنه ملاذ الاخيار 16: 184.

(5). انظر معجم رجال الحديث 2: 42 و 13: 107، 21: 246.

(6). دعائم الإسلام 2: 464 ح 1644- انظر 467 ح 1664- الغارات 2: 535- و عنهما المستدرك 18: 113 ح 1- الوافي 15: 394، عن الكافي و التهذيب- مصنّف ابن ابي شيبة 10: 36 ح 8673 عن عطاء بن-

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 254

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: فيما لو قذف زوجته بأن قال: يا زانية بنت زانية قال: «فاذا ثبت هذا، و وجب عليه الحدان معا فاقيم عليه حد الام، لا يوالي عليه الحد الآخر، بل ينتظر حتي يبرأ من الحد الأول، ثم يقام عليه الحد الآخر لأنه ربما أتلفه.» «1»

آراء المذاهب الاخري

2- الشافعي: «و لا يقام علي رجل حدان وجبا عليه في مقام واحد و لكنه يحد احدهما حتي يبرأ ثم يحد الآخر.» «2»

3- ابو يوسف: «.. و من رفع و قد قذف رجلا حرا مسلما.. فان كملت له الثمانون ثم قذف آخر ضرب لذلك ثمانين اخري بعد أن يحبس حتي يخف الضرب.» «3»

أقول: يشكل الحكم بالحبس في غير مورد النص لأنه عقوبة لم يثبت موجبها، و لذا لم أرمن أفتي به أحد من فقهائنا، اللهم الّا ان يخشي فراره.

4- السرخسي: «و اذا قذف السكران رجلا حبس حتي يصحو، ثم يحد للقذف و يحبس حتي يخف عنه الضرب، ثم يحد للسكر، لان حد القذف في معني حق العباد، و سكره لا يمنع وجوب الحد عليه بقذفه، لأنه مع سكره مخاطب» «4».

5- و قال: «و اذا شرب الخمر في نهار رمضان، حدّ حد الخمر حتي يخف عنه الضرب ثم يعزر لإفطاره في شهر رمضان، لأن شرب الخمر يلزم للحد، و مهتك حرمة الشهر و الصوم يستوجب التعزير، و لكن الحد أقوي من التعزير، فيبتدأ باقامة الحد عليه ثم لا يوالي بينه و بين التعزير لكي لا يؤدي الي الإتلاف.

______________________________

ابي مروان عن ابيه- و عنه فتح الباري 27: 326- و مصنّف عبد الرزّاق 7: 382 ح 13556 و 9: 231 ح 17042- السنن الكبري 8: 321- كنز العمّال 5: 484 ح

13688- المؤتلف و المختلف 3: 241.

(1). المبسوط 5: 196.

(2). الام 8: 154.

(3). الخراج: 166.

(4). المبسوط 24: 32.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 255

و الأصل فيه حديث علي رضي اللّه عنه: إنه اتي بالنجاشي الحارثي، قد شرب الخمر فحده ثم حبسه حتي اذا كان الغد اخرجه فضربه عشرين سوطا، و قال: هذا لجرأتك علي اللّه و افطارك في شهر رمضان.» «1»

6- علاء الدين الكاساني: «اذا اجتمع القذف و الشرب و السكر و الزني من غير احصان و السرقة بان قذف انسانا بالزني.. ثم اتي به الي الإمام، بدأ الإمام بحد القذف فيضربه لأنه حق اللّه عز شأنه من وجه و ما سواه حقوق العباد علي الخلوص فيقدم استيفاؤه ثم يستوفي حقوق اللّه تعالي لأنه يمكن استيفاؤها و ليس في اقامة شي ء منها اسقاط البواقي فلا يسقط، ثم اذا ضرب حد القذف يحبس حتي يبرأ من الضرب..» «2»

الفصل الثالث الحبس للمنع من الزّني

الروايات

1- الفقيه: «روي الحسن بن محبوب، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه (ع)، قال: جاء رجل الي رسول اللّه (ص) فقال: إنّ أمي لا تدفع يد لامس، قال:

فاحبسها، قال قد فعلت، قال: فامنع من يدخل عليها، قال: قد فعلت، قال: فقيّدها فانك لا تبرها بشي ء أفضل من ان تمنعها من محارم اللّه عز و جل.» «3»

أقول: و قد تفرد بنقلها الصدوق (قده) و الظاهر ان دلالتها تامة، فتكون من موارد الحبس للمنع من الحرام.

______________________________

(1). المبسوط 24: 32.

(2). بدائع الصنائع 7: 63.

(3). الفقيه 4: 51 ح 6- و عنه الوسائل 18: 414 ح 1- روضة المتّقين 10: 215- انظر تحفة الاشراف 13:

258، عن النسائي.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 256

2- النوادر: «صفوان بن يحيي، عن

ابن مسكان، قال حدثني عمار الساباطي، قال: سألت أبا عبد اللّه (ع) عن المرأة الفاجرة يتزوجها الرجل، فقال لي:

و ما يمنعه؟ و لكن اذا فعل فليحصّن بابه.» «1»

مر البحث عنها سندا و دلالة في فصل «الحبس للمنع عن المحرمات».

و من المذاهب الاخري

1- ابن تيمية: «في امرأة مزوجة بزوج كامل و لها أولاد، فتعلقت بشخص من الأطراف، اقامت معه علي الفجور فلما ظهر أمرها، سعت في مفارقة الزوج، فهل بقي حق علي أولادها بعد هذا الفعل، و هل عليهم إثم في قطعها، و هل يجوز لمن تحقق ذلك منها قتلها سرا، و ان فعل ذلك غيره، يأثم؟

الجواب: الحمد للّه، الواجب علي أولادها و عصبتها ان يمنعوها من المحرمات، فان لم تمتنع الّا بالحبس حبسوها، و ان احتاجت الي القيد قيّدوها، و ما ينبغي للولد أن يضرب امه، و أمّا برّها فليس لهم ان يمنعوها برّها، و لا يجوز لهم مقاطعتها بحيث تتمكن بذلك من السوء، بل يمنعوها بحسب قدرتهم، و ان احتاجت الي رزق و كسوة، رزقوها و كسوها، و لا يجوز لهم اقامة الحد عليها بقتل، و لا غيره، و عليهم الإثم في ذلك.» «2»

الفصل الرابع حبس الزاني باخته

اشارة

لا خلاف عندنا في قتل الزاني بالمحرم، لكن وردت روايتان في الكافي و الفقيه:

- في الزاني بالاخت- بانه يضرب بالسيف فان عاش خلّد في السجن، قد يقال بتخصيص إطلاقات وجوب القتل، بهما، لكن مع ضعفهما لا قائل بمضمونهما من فقهاء الامامية (رضوان اللّه عليهم) فهما معرضة عنهما، نعم قد يستظهر ذلك من بداية الهداية،

______________________________

(1). نوادر احمد بن عيسي: 133 ح 342- و عنه المستدرك 18: 73 ح 1.

(2). الفتاوي الكبري 4: 288 مسألة 415.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 257

و مجمع المسائل، و ان نص في الدرس علي خلافه علي ما في تقريراته و فيما يلي الروايتان، ثم كلمات الفقهاء:

الروايات

1- الكافي: «محمد بن يحيي، عن محمد بن أحمد، عن بعض اصحابه، عن محمد بن عبد اللّه بن مهران، عمن ذكره عن أبي عبد اللّه (ع) قال: سألته عن رجل وقع علي اخته؟ قال: يضرب ضربة بالسيف، قلت: فإنّه يخلص؟ قال: يحبس ابدا حتي يموت.» «1»

و رواه الشيخ في التهذيب «2» و الاستبصار 3.

قال المجلسي: «ضعيف، و لم أر قائلا بها بل المقطوع به في كلامهم القتل.» «4»

2- الفقيه: «روي صفوان بن مهران، عن عمرو بن السمط، عن علي بن الحسين عليهما السلام في الرجل يقع علي اخته، قال: يضرب ضربة بالسيف، بلغت منه ما بلغت، فإن عاش خلّد في الحبس حتي يموت.» «5»

قال المجلسي الاوّل بعد نقل الرواية: «في الحسن كالصحيح، و عامر بن السمط، مجهول» «6».

أقول: للصدوق طريقان الي صفوان:

الأول: محمد بن علي بن ماجيلويه، عن عمّه محمد بن أبي القاسم، عن احمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن صفوان.

الثاني: عن أبيه رضي اللّه عنه، عن محمد بن يحيي

العطار عن محمد بن احمد بن يحيي، عن موسي بن عمر، عن عبيد اللّه، عن الحجال، عن صفوان «7».

______________________________

(1). الكافي 7: 190 ح 3- و عنه الوسائل 18: 385 ح 4.

(2) 2 و 3. التهذيب 10: 23 ح 70- الاستبصار 4: 208 ح 5.

(4). مرآة العقول 23: 289.

(5). الفقيه 3: 19 ح 1- و عنه روضة المتّقين 6: 87 و الوسائل 18: 387 ح 10- و فيه عامر بن السمط.

(6). روضة المتّقين 6: 87- و فيه عامر بن السمط.

(7). الفقيه (المشيخة) 4: 25.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 258

قال السيد الخوئي- بعد نقل الطريقين-: «و الطريق صحيح، كطريق الشيخ اليه، و ان كان فيه: ابن أبي جيد، لأنه ثقة علي الأظهر.» «1»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «فاما من يجب عليه القتل علي كل حال، سواء كان محصنا، أو غير محصن، حرا كان أو عبدا، مسلما كان او كافرا، شيخا كان أو شابا، و علي كل حال، فهو كل من وطي ذات محرم له امّا أو بنتا، أو اختا أو بنتها أو بنت أخيه أو عمته، أو خالته، فانه يجب عليه القتل علي كل حال.» «2»

2- سلار بن عبد العزيز: «و كل من وطي احدي المحارم قتل، اذا كان قد علم بالتحريم سواء كان بعقد أو غير عقد.» «3»

3- القاضي بن البراج: «امّا ما يجب فيه القتل علي كل حال، فهو وطؤ من وطأ ذات محرم منه، من أم، أو بنت، أو اخت أو ابنتها، أو بنت أخ، أو عمة، أو خالة، حرا كان أو عبدا، مسلما كان أو كافرا، شيخا كان أو شابا، محصنا كان أو غير محصن، او كان ذميا فزني بمسلمة، فانه يقتل

علي كل حال، و ان أسلم» «4».

4- المحقق الحلّي: «اما القتل فيجب علي من زني بذات محرم كالأم و البنت و شبههما.. و لا يعتبر في هذه المواضع الإحصان بل يقتل علي كل حال، شيخا كان أو شابا و يتساوي فيه الحر و العبد و المسلم و الكافر.» «5»

5- يحيي بن سعيد: «فان زني باخته فضرب بالسيف ضربة فلم يمت، فروي: انه يحبس ابدا.» «6»

6- الشهيد الثاني: «لا خلاف في ثبوت القتل بالزنا بمن ذكر من ذوات المحرم

______________________________

(1). معجم رجال الحديث 9: 123 الرقم 5923.

(2). النهاية: 692.

(3). المراسم: 251.

(4). المهذب 2: 519.

(5). شرايع الإسلام 4: 154.

(6). الجامع للشرائع: 549.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 259

النسبيات.» «1»

7- الشيخ الحر العاملي: «و من زني بذات محرم يضرب ضربة بالسيف بالغة منه ما بلغت، فان عاش خلد في السجن حتي يموت.» «2»

8- السيد الطباطبائي: «.. يجب القتل علي الزاني بالمحرّمة عليه نسبا كالأم و البنت و الاخت.. بل ظاهر اكثرها الاكتفاء بالضربة الواحدة مطلقا أو في الرقبة، و هي لا تستلزم القتل كما في صريح بعضها، عن رجل وقع علي اخته، قال يضرب ضربة بالسيف، قلت: فانه يخلص، قال: يحبس حتي يموت، و بمعناه آخر، و هو شي ء لم يذكره احد ممن تقدم أو تأخر بل عبارتهم طافحة بذكر القتل الحاصل بضرب السيف و غيره» «3».

9- الشيخ محمد حسن النجفي: «قلت: بل قد سمعت معاقد الاجماعات المحكية، و في النبوي المنجبر بما عرفت (من وقع علي ذات محرم فاقتلوه) و قد سمعت ما في خبر جميل السابق- يضرب عنقه- القتل، بل لعله المراد أيضا من الضربة في الحسن الأول، و لو بقرينة ما تعرفه من النص و

الفتوي علي القتل في الزنا بغير ذات المحرم مع الاكراه، و ان ورد في بعض نصوصها الضربة أيضا بالسيف، فليس حينئذ الّا ما صرح به في ما سمعت من التخليد في السجن مع فرض الخلاص، و لا ريب في قصوره عن معارضة ما عرفت من وجوه، بل هو شاذ بالنسبة الي ذلك.» «4»

10- الامام الخميني: «للحد اقسام، الأول القتل، فيجب علي من زني بذات محرم للنسب كالأم و البنت و الاخت و شبهها..» «5»

11- السيد الخوئي: «من زني بذات محرم له كالأم و البنت و الاخت و ما شاكل ذلك، يقتل بالضرب بالسيف في رقبته.. و قال حول الروايتين التي فيهما الحبس: اما

______________________________

(1). مسالك الافهام 14: 360.

(2). بداية الهداية 2: 459.

(3). رياض المسائل 16: 473- انظر: تحرير الاحكام 2: 222 و كشف اللثام 2: 218.

(4). جواهر الكلام 41: 311.

(5). تحرير الوسيلة 2: 417.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 260

رواية محمد بن عبد اللّه بن مهران.. و رواية عامر بن السمط.. فلم نجد قائلا بمضمونهما، علي انّ الرواية الأولي مرسلة من جهتين، و محمد بن مهران غال كذّاب، و عامر بن السمط في الرواية الثانية لم تثبت وثاقته، علي ان في نسخة الفقيه المروي عنها الرواية:

عمرو بن السمط و هو مهمل، فالروايتان لا يمكن الاعتماد عليهما.» «1»

12- السيد الگلپايگاني في جواب من مسألة عن موارد الحبس في الإسلام: «عن علي بن الحسين عليهما السلام في الرجل يقع علي اخته، قال: يضرب بالسيف … » «2»

و قال في تقريراته: «.. و المستفاد من بعض هذه النصوص ان المراد من ضرب الرقبة عبارة عن قطعها كما هو المأمور به في قوله تعالي: «فضرب الرقاب» و هي معتبرة

سندا، بل ان ضرب الرقبة أو العنق ظاهر في القطع و القتل بهذه الكيفية، بل عن بعضهم: ان الضرب في العنق هو القتل عادة، بل قد صرح الامام عليه السلام بذلك، ففي خبر في حد اللواط: «ثم ضرب بالسيف ضربة أخذ السيف منه ما أخذ، فقلت له:

هو القتل؟ قال: هو ذاك.» و يؤيد ذلك النبوي: «من وقع علي ذات محرم فاقتلوه.»

و بالجملة: فالحكم هو القتل بهذه الكيفية الخاصة، و اما ما يدلّ علي خلاف ذلك من الأخبار هما: 1- محمد بن عبد اللّه بن مهران عمن ذكره، عن أبي عبد اللّه. 2- عامر بن السمط عن علي بن الحسين (ع) فلم يعمل بهما أحد من الأصحاب، كما في مرآة العقول، و بهذا يسقطان من الاعتبار لو تم سندهما» «3».

13- الشيخ الوالد: «كأنّ المسألة في ذات المحارم متفقة عليها، بأن الزاني بهن يقتل، انما البحث في إلحاق بعض المحارم مثل أمّ الزوجة و بنتها.» «4»

أقول: و الحاصل ان دليل القول بالقتل الشّهرة، أو الإجماع المحكي، و دليل القول بالضربة الواحدة بالسيف و الحبس بعدها ان لم تقتله، الروايتان و يساعد عليه ان صفوانا من اصحاب الاجماع، و الاحتياط في الحدود و درؤها بالشبهات، لكن لا قائل

______________________________

(1). مباني تكملة المنهاج 1: 189 مسألة 151.

(2). مجمع المسائل 3: 210.

(3). تقريرات ابحاث السيّد الگلپايگاني، بقلم السيّد علي الميلاني. و الآية في سورة محمد: 4.

(4). ذخيرة الصالحين 8: 39 (مخطوط).

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 261

به، مع ضعف الروايتين و وجود المعارض.

الفصل الخامس حبس الزانية

اشارة

كان- في بداية الإسلام- عقوبة الزانية- الثيب علي قول، و مطلقا علي قول آخر- هو الحبس و الي ذلك تشير الآية الكريمة- فامسكوهن في البيوت- ثم بعد

ذلك نسخت بآية الحدود المفصلة.

و هذا هو المشهور من كلمات المفسرين و الفقهاء.

و لكن بعض اعاظم العصر نفي نسخ الآية، و ان الظاهر من الآية ان امساك المرأة في البيت انما هو لتعجيزها عن ارتكاب الفاحشة مرة ثانية فهذا من قبيل دفع المنكر و قد ثبت وجوبه بلا إشكال في الامور المهمة بل في مطلق المنكرات علي رأي البعض و عليه فهذا الحكم لا زال ثابتا.

و إليك الآية الكريمة ثم كلمات المفسرين و آراء الفقهاء في ذلك.

الآيات و الروايات

قال تعالي: «وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ، فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتّٰي يَتَوَفّٰاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا.» «1»

1- الوسائل: «عن اسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه (ع) عن آبائه، عن أمير المؤمنين في حديث الناسخ و المنسوخ قال: فكان من شريعتهم في الجاهلية، أنّ المرأة اذا زنت حبست في بيت و اقيم بأودها حتي يأتيها الموت، و اذا زني الرجل نفوه عن مجالسهم و شتموه و آذوه و عيّروه و لم يكونوا يعرفون غير هذا، قال اللّه تعالي في أول الإسلام:

______________________________

(1). النساء: 15.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 262

«وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ مِنْ نِسٰائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتّٰي يَتَوَفّٰاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا وَ الَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ فَآذُوهُمٰا فَإِنْ تٰابٰا وَ أَصْلَحٰا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمٰا إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ تَوّٰاباً رَحِيماً» فلما كثر المسلمون و قوي الإسلام و استوحشوا أمور الجاهلية انزل اللّه تعالي: «الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وٰاحِدٍ مِنْهُمٰا مِائَةَ جَلْدَةٍ» «1» فنسخت هذه، آية الحبس و الأذي.» «2»

2- البيهقي: «اخبرنا ابو الحسن علي بن محمد المقري، حدثنا الحسن بن

محمد بن اسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا محمد بن منهال، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا يونس عن الحسن في هذه الآية: «وَ اللّٰاتِي..» قال: كان أول حدود النساء كنّ يحبسن في بيوت لهن حتي نزلت الآية التي في النور: الزّٰانِيَةُ «3» وَ الزّٰانِي..» «4».

آراء المفسرين

1- علي بن ابراهيم القمي: «.. فانه في الجاهلية كان اذا زني الرجل (يؤذي) و المرأة كانت تحبس في بيت الي ان تموت، ثم نسخ بقوله: الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي» «5».

2- محمد بن مسعود العياشي: «عن الصادق (ع)- في تفسير الآية- هي منسوخة، و السبيل هو الحدود، و عنه: انه سئل عن هذه الآية «وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ» قال:

هذه منسوخة، قيل كيف كانت؟ قال: كانت المرأة اذا فجرت فقام عليها اربعة شهود، ادخلت بيتا و لم تحدّث و لم تكلم و لم تجالس، و اوتيت بطعامها و شرابها حتي تموت، أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، قال: جعل السبيل، الجلد و الرجم و الإمساك في البيوت، قال: قوله: وَ الَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ؟ قال: يعني البكر اذا أتت الفاحشة التي أتتها هذه الثيب «فَآذُوهُمٰا» قال تحبس، فان تابا..» «6».

3- العلامة الطبرسي: «فَأَمْسِكُوهُنَّ: أي فاحبسوهن في البيوت حَتّٰي يَتَوَفّٰاهُنَّ

______________________________

(1). النور: 2.

(2). وسائل الشيعة 18: 351 ح 19- نقلا عن رسالة (المحكم و المتشابه): 8 بتفاوت- و تفسير القمي 1: 133. البحار 76: 59 ح 56.

(3). النور: 2.

(4). سنن البيهقي 8: 210.- المعجم الكبير 11: 87 ح 11134 عن ابن عباس.

(5). تفسير القمي 1: 133. مجمع الزوائد 6: 263.

(6). تفسير العياشي 1: 228 ح 61- و عنه تفسير الصافي 1: 339 و البرهان 1: 353.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 263

الْمَوْتُ: أي يدركهن

الموت، فيمتن في البيوت، و كان في مبدأ الإسلام، اذا فجرت المرأة، و قام عليها اربعة شهود، حبست في البيت ابدا حتي تموت، ثم نسخ ذلك بالرجم في المحصنين، و الجلد في البكرين.» «1»

4- الفاضل المقداد: «هنا فوائد تتبعها احكام:

1- قيل المراد بالفاحشة المساحقة، و الأكثر ان المراد الزنا، فعلي هذا قيل: المراد المحصنة و هي المراد بالثيب (بالنساء خ ل) لأنه اضافهنّ اضافة زوجية، اذ لو أراد غير الزوجات لقال: من النساء.

2- فامسكوهن في البيوت: قيل المراد صيانتهن عن مثل فعلهن، و الإمساك كناية عنه، و الأكثر أنه علي وجه الحد علي الزنا، و كان ذلك في أول الإسلام، ثم نسخ بآية الجلد. و قوله: «حتي يتوفهن الموت» أي: ملك الموت، حذف المضاف للعلم به، بقرينة استحالة استناد التوفي الي الموت لكونهما بمعني واحد.

3- «أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا» قيل: السبيل النكاح المغني من السفاح، و هذا لا يتم علي تقدير ارادة المحصنات، و قيل: السبيل الحكم الناسخ و لهذا لما نزلت آية الجلد، قال النبي (ص): قد جعل اللّه لهن سبيلا، و احتمال كونه التوبة لا دليل عليه، لكنه محتمل و الجعل حينئذ كناية عن التوفيق» «2».

5- الفيض الكاشاني: «فامسكوهن» فاحبسوهن.. هذه الآية و التي بعدها منسوختان بآية الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي.» «3»

6- السيد الطباطبائي: «و الفاحشة من الفحش و هو الشناعة فهي الطريقة الشنيعة و قد شاع استعمالها في الزنا، و قد اطلقت في القرآن علي اللواط، أو عليه و علي السحق معا في قوله تعالي: «انكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين» «4» و الظاهر ان المراد بها هاهنا الزنا علي ما ذكره جمهور المفسرين و رووا ان النبي

(ص) ذكر عند

______________________________

(1). مجمع البيان 3: 21.

(2). كنز العرفان 2: 338.

(3). تفسير الصافي 1: 398.

(4). العنكبوت: 28.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 264

نزول آية الجلد: ان الجلد هو السبيل الذي جعله اللّه لهن اذا زنين، و يشهد بذلك ظهور الآية في أن هذا الحكم سينسخ حيث يقول تعالي أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، و لم ينقل انه السحق نسخ حده بشي ء آخر و لا ان هذا الحد اجري علي أحد من اللاتي يأتينه.

قوله تعالي: «فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ»: رتب الامساك و هو الحبس المخلد علي الشهادة لا علي أصل تحقق الفاحشة، و إن علم به اذا لم يشهد عليه الشهود، و هو من منن اللّه سبحانه علي الامة من حيث السماحة و الاغماض.

و الحكم هو الحبس الدائم بقرينة الغاية المذكورة في الكلام، أعني قوله: «حَتّٰي يَتَوَفّٰاهُنَّ الْمَوْتُ» غير انه لم يعبر عنه بالحبس و السجن، بل بالامساك لهن في البيوت، و هذا أيضا من واضح التسهيل و السماحة بالاغماض.

و قوله: حتي يتوفاهن الموت، أو يجعل اللّه لهن سبيلا، أي طريقا الي التخلّص من الإمساك الدائم و النجاة منه.» «1» و قال: «و في الترديد إشعار بأن من المرجو ان ينسخ هذا الحكم و هكذا كان، فان حكم الجلد نسخه، فان من الضروري ان الحكم الجاري علي الزانيات في أواخر عهد النبي (ص) و المعمول به بعده بين المسلمين هو الجلد، دون الامساك في البيوت، فالآية علي تقدير دلالتها علي حكم الزانيات منسوخة بآية الجلد، و السبيل المذكور فيها هو الجلد بلا ريب.» «2»

7- السيد الخوئي: «.. و الحق انه لا نسخ في الآيتين جميعا و بيان ذلك: ان المراد من لفظ الفاحشة ما تزايد قبحه

و تفاحش، و ذلك قد يكون بين امرأتين فيكون مساحقة، و قد يكون بين ذكرين فيكون لواطا، و قد يكون بين ذكر و انثي فيكون زني، و لا ظهور للفظ الفاحشة في خصوص الزنا لا وضعا و لا انصرافا، ثم ان الالتزام بالنسخ في الآية الأولي يتوقف أولا: علي ان الإمساك في البيوت حد لارتكاب الفاحشة.

ثانيا: علي ان يكون المراد من جعل السبيل هو ثبوت الرجم و الجلد و كلا هذين الأمرين لا يمكن اثباته، فان الظاهر من الآية المباركة أن امساك المرأة في البيت انما هو لتعجيزها عن ارتكاب الفاحشة مرة ثانية و هذا من قبيل دفع المنكر، و قد ثبت وجوبه

______________________________

(1). تفسير الميزان 4: 248.

(2). تفسير الميزان 4: 250.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 265

بلا اشكال في الأمور المهمة كالأعراض و النفوس، و الامور الخطيرة، بل في مطلق المنكرات علي قول بعض، كما ان الظاهر من جعل السبيل للمرأة التي ارتكبت الفاحشة هو جعل طريق لها تتخلص به من العذاب، فكيف يكون منه الجلد و الرجم، و هل ترضي المرأة العاقلة الممسكة في البيت مرفهة الحال ان ترجم و تجلد و كيف يكون الجلد أو الرجم سبيلا لها و اذا كان ذلك سبيلا لها فما هو السبيل عليها؟.

و علي ما تقدم: فقد يكون المراد من الفاحشة خصوص المساحقة، كما ان المراد بها في الآية الثانية خصوص اللواط: - و سنبين ذلك..- و قد يكون المراد منها ما هو أعم من المساحقة و الزنا، و علي كلا هذين الاحتمالين يكون الحكم وجوب امساك المرأة التي ارتكبت الفاحشة في البيت حتي يفرج اللّه عنها، فيجيز لها الخروج اما للتوبة الصادقة التي يؤمن معها من

ارتكاب الفاحشة مرة ثانية و اما لسقوط المرأة عن قابلية ارتكاب الفاحشة لكبر سنها و نحوه و اما بميلها الي الزواج و تزوجها برجل يتحفظ عليها، و اما بغير ذلك من الأسباب التي يؤمن معها من ارتكاب الفاحشة، و هذا الحكم باق مستمر، و اما الجلد أو الرجم فهو حكم آخر شرع لتأديب مرتكبي الفاحشة، و هو أجنبي عن الحكم الأول، فلا معني لكونه ناسخا له، و بتعبير آخر: - إن الحكم الأول شرع للتحفظ عن الوقوع في الفاحشة مرة اخري، و الحكم الثاني شرع للتأديب علي الجريمة الأولي، و صونا لباقي النساء عن ارتكاب مثلها فلا تنافي بين الحكمين لينسخ الأول بالثاني نعم اذا ماتت المرأة بالرجم أو الجلد ارتفع وجوب الامساك في البيت لحصول غايته، و فيما سوي ذلك فالحكم باق ما لم يجعل اللّه لها سبيلا.

و جملة القول: ان المتأمل في معني الآية لا يجد فيها ما يوهم النسخ سواء في ذلك تأخر آية الجلد عنها و تقدمها عليها.» «1»

أقول: لا شك في ان عقوبة الزاني هو الجلد أو الرجم و أن العمل بالآية- الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي- و لكن البحث في انه هل للنسخ كما عليه الاكثر، أم لكون الحكم موقتا من الأول، أو انّ الامساك لأجل التحفظ عن الوقوع في الفاحشة مرة ثانية، و علي

______________________________

(1). البيان: 231.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 266

الثالث، فيكون من موارد الحبس للمنع عن المحرمات، و علي الثاني و الأول فيخرج عن كونه شاهدا و موردا للحبس في الإسلام، بل لا يكون دليلا علي مشروعية الحبس أيضا خلافا لما توهمه البعض.

آراء المذاهب الاخري

8- الفخر الرازي: «انه تعالي خص الحبس في البيت بالمرأة و خص الإيذاء بالرجل

و السبب فيه أن المرأة انّما تقع في الزنا عند الخروج و البروز فاذا حبست في البيت انقطعت مادة هذه المعصية، و امّا الرجل، فانه لا يمكن حبسه في البيت لأنه يحتاج الي الخروج في اصلاح معاشه و ترتيب مهماته و اكتساب قوت عياله، فلا جرم جعلت عقوبة المرأة الزانية الحبس في البيت و جعلت عقوبة الرجل الزاني ان يؤذي، فاذا تاب ترك ايذاءه و يحتمل أيضا ان يقال: ان الايذاء كان مشتركا بين الرجل و المرأة، و الحبس كان من خواص المرأة، فاذا تابا ازيل الايذاء عنهما و بقي الحبس علي المرأة، و هذا أحسن الوجوه المذكورة … » «1»

9- الصابوني: «كانت عقوبة الزني في صدر الإسلام عقوبة خفيفة مؤقّتة لأن الناس كانوا حديثي عهد بحياة الجاهلية، و من سنة اللّه جل و علا في تشريع الأحكام ان يسير بالأمة في طريق التدرج ليكون انجح في العلاج و احكم في التطبيق و أسهل علي النفوس لتقبل شريعة اللّه عن رضي و اطمينان- كما رأينا ذلك في تحريم الخمر و الربا و غيرهما من الأحكام الشرعية، و قد كانت العقوبة في صدر الإسلام هي ما قصّه اللّه علينا في سورة النساء في قوله جلّ شأنه «و اللاتي..» فكانت عقوبة المرأة الحبس في البيت و عدم الإذن لها بالخروج منه، و عقوبة الرجل- التأنيب و التوبيخ- بالقول و الكلام، ثم نسخ ذلك بقوله تعالي: الزّٰانِيَةُ.. و يظهر ان هذه العقوبة كانت اول الإسلام من قبيل التعزير لا من قبيل الحد بدليل التوقيت الذي اشارت اليه الآية الكريمة- حَتّٰي يَتَوَفّٰاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلًا- و قد استبدلت هذه العقوبة بعقوبة

______________________________

(1). التفسير الكبير 9: 232.

موارد السجن

في النصوص و الفتاوي، ص: 267

أشد هي الجلد للبكر و الرجم للزاني المحصن و انتهي ذلك الحكم الموقت الي تلك العقوبة الرادعة الزاجرة.» «1».

آراء فقهائنا

1- سعيد بن هبة الراوندي: «شرّع اللّه تعالي في بدو الإسلام اذا زنت الثيب ان تحبس حتي تموت، و البكر ان تؤذي و توبّخ حتي تتوب، ثم نسخ هذا الحكم فأوجب علي الثيب الرجم و علي البكر جلد مائة.» «2»

2- العلامة الحلي: «كان الحد في ابتداء الإسلام للثيب الحبس حتي تموت و للبكر أن يوبخ عليه و يؤذي بالكلام حتي يتوب ثم نسخ برجم الثيب و جلد البكر.» «3»

3- الشهيد الثاني: «و اعلم أنّ الزنا من المحرمات … و قد كان الواجب به في صدر الإسلام الحبس و الايذاء علي ما قال اللّه تعالي: وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ.. و ظاهر الآيات ان الحبس كان في حق النساء، و الإيذاء في حق الرجال ثم استقرّ الأمر علي الحدود المفصلة.» «4»

آراء المذاهب الاخري

4- السرخسي: «و انه- أي الحبس- عقوبة مشروعة، و لهذا كان حدا في الزنا في ابتداء الإسلام.» «5»

5- ابن حزم: «قوله فامسكوهن: منسوخ باجماع الأمة» «6».

6- البيهقي: «قال الشافعي: فكان هذا أول عقوبة الزانيين في الدنيا الحبس

______________________________

(1). روائع البيان 2: 20.

(2). فقه القرآن 2: 367.

(3). تحرير الاحكام 2: 222.

(4). مسالك الافهام 14: 325.

(5). المبسوط 20: 89.

(6). المحلي 11: 133.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 268

و الأذي ثم نسخ اللّه الحبس و الأذي في كتابه «الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي» «1».

الفصل السادس حبس الزاني غير المحصن

اشارة

لا كلام في ان الزاني غير المحصن يضرب مائة و يغرب سنة، و لكن هل يحبس بعد ذلك؟

فقد وردت رواية في مسند زيد: بحبسه، كما ان ابا حنيفة يري ذلك، ان شاء الامام و ان شاء غرّب.

هذا: و لم أجد من فقهائنا- رضوان اللّه عليهم- من أفتي بالحبس، و لكن يظهر من المدونة و التفريع: الجمع بين الحبس و التغريب.

الروايات

1- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي اللّه عنهم، قال: قال رسول اللّه (ص): الثيب بالثيب، جلد مائة و الرجم، و البكر بالبكر جلد مائة و الحبس سنة.» «2»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «البكر عبارة عن غير المحصن، فإذا زني البكر جلد مائة و غرّب عاما كل واحد منهما حد، ان كان ذكرا.. و قال ابو حنيفة: الحد هو الجلد فقط، و التغريب ليس بحد و انما هو تعزير الي اجتهاد الإمام و ليس بمقدر، فان رأي الحبس فعل و ان رأي التغريب الي بلد آخر فعل، من غير تقدير، و سواء كان ذكرا أو

______________________________

(1). السنن الكبري 8: 210.

(2). مسند زيد: 298.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 269

انثي» «1».

آراء المذاهب الاخري

2- المدونة: «قلت: أ رأيت: البكرين اذا زنيا هل ينفيان جميعا، الجارية و الفتي في قول مالك، أم لا نفي علي النساء في قول مالك؟ و هل يفرق بينهما في النفي في الموضع الذي ينفيان اليه في قول مالك أم لا؟ قال: قال مالك: لا نفي علي النساء و لا علي العبيد و لا تغريب، قلت: فهل يسجن الفتي في الموضع الذي ينفي اليه في قول مالك؟

قال: نعم يسجن و لو لا انه يسجن لذهب في البلاد، قال: و قال مالك: لا ينفي إلّا زان أو محارب و يسجنان جميعا في الموضع الذي ينفيان اليه، يحبس الزاني سنة و..

المحارب حتي تعرف له توبة.» «2»

3- ابن الجلاب: «وحد الزاني الحر البكر مائة جلدة و تغريب عام، و هو نفيه الي بلد غير بلده و حبسه فيه سنة، و لا تغريب علي عبد، و لا امرأة.» «3»

4- الشوكاني: «و ظاهر الأحاديث المذكورة في الباب، ان التغريب هو نفي الزاني عن محله سنة.. و حكي في البحر عن علي و زيد بن علي و الصادق و الناصر في احد قوليه: ان التغريب هو حبس سنة.» «4»

أقول: لم أجد

احدا من فقهائنا أفتي بحبس الزاني غير المحصن بعد جلده و تغريبه، الّا ان يكون الحبس من معاني التغريب و النفي كما عن السيد ابن زهرة في الغنية.

امّا السنة فكثير منهم يري الحبس كما أشرنا الي بعضهم.

______________________________

(1). الخلاف 5: 368 مسألة 3- انظر: شرايع الإسلام 42: 155- المختلف: 9: 150 المسألة 9- رياض المسائل 2: 467- جواهر الكلام 41: 323.

(2). المدوّنة الكبري 6: 237.

(3). التفريع 2: 222 فصل 924.

(4). نيل الاوطار 7: 90.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 270

الفصل السابع حبس الممسك علي الزني

قال الشافعي: «أ رأيتم رجلا حبس امرأة لرجل حتي زني أ يحدان جميعا أو يحد الذي فعل الفعل فان كانا محصنين أ يرجمان جميعا … الي ان قال: لا يحد الّا الفاعل، و لا يقتل الّا القاتل، و لكن علي الآخر التعزير و الحبس.» «1»

أقول: لم أجد من تعرض لهذا الفرع من فقهائنا، و لا من فقهاء السنة غير الشافعي، و لم أجد فيه رواية، و لعل وجهه عنده ان للحاكم الشرعي ان يعزر علي المحرمات مطلقا، و هو يشمل الحبس، و لكن قد يشكل ذلك بعطفه الحبس علي التعزير.

أو يقال بقياسه علي الممسك للقتل، و هو و ان كان صحيحا علي مبناهم، و لكنه مردود عندنا صغري و كبري.

الفصل الثامن حبس القواد

اشارة

وردت رواية مرسلة بحبس القواد، و لكن المشهور بين الإمامية- بل المجمع عليه عندهم- هو التعزير بخمس و سبعين سوطا و النفي من بلده- امّا في المرة الأولي أو الثانية علي الخلاف- و به نصوص، و لم أر من أفتي فيه بالحبس من فقهاء الامامية.

اما من السنة: فقال ابن تيمية في القوادة: الحبس أو النقل عن الحرائر أو غير ذلك مما يراه الحاكم مصلحة، و إليك النصوص و كلمات الفقهاء.

______________________________

(1). الام 7: 331.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 271

الروايات

1- فقه الرضا «1»: «و ان قامت بينة علي قواد جلد خمسة و سبعين، و نفي عن المصر الذي هو فيه، و روي ان النفي هو الحبس سنة أو يتوب.» «2»

2- الكافي: «علي، عن أبيه، عن محمد بن سليمان، عن عبد اللّه بن سنان، قال:

قلت لأبي عبد اللّه (ع): أخبرني عن القواد ما حده؟ قال: لا حدّ علي القواد أ ليس انّما يعطي الأجر علي أن يقود؟ قلت: جعلت فداك انما يجمع بين الذكر و الانثي حراما، قال: ذاك المؤلف بين الذّكر و الانثي حراما؟ فقلت: هو ذاك جعلت فداك، قال: يضرب ثلاثة ارباع حد الزاني- خمسة و سبعين سوطا- و ينفي من المصر الذي هو فيه..» «3»

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «من قامت عليه البينة بالجمع بين النساء و الرجال أو الرجال و الغلمان للفجور كان علي السلطان ان يجلده خمسا و سبعين جلدة و يحلق رأسه و يشهره في البلد الذي يفعل ذلك فيه.. فان عاد المجلود علي ذلك بعد العقاب عليه جلد كما جلد اوّل مرة

______________________________

(1). الآراء حول هذا الكتاب اربعة:

1- صحة انتسابه الي الامام الرضا (ع) و انّه من منشأه، و هو رأي المجلسي و والده و السيّد بحر العلوم و الفاضل الهندي و المحدث البحراني و صاحب الرياض و الوحيد البهبهاني.

2- ان مؤلّفه مجهول: و هو رأي الحر العاملي و تحفة الابرار و الفصول و روضات الجنات و السيّد الخوئي قال:

«ان الفقه الرضوي ضعيف جدا بل من المحتمل انه تأليف احد العلماء».

3- انه رسالة علي بن موسي بن بابويه القمي الي ولده، و ذهب اليه صاحب رياض العلماء، و ينقل هذا الرأي عن شيخه الاستاذ و السيّد حسين القزويني.

4- انّه كتاب-

التكليف- لمحمد بن علي الشلمغاني، و هو رأي السيّد حسن الصدر، و ألّف في ذلك رسالة سماها: «فصل القضاء في الكتاب المشتهر بفقه الرضا».

خاتمة مستدرك الوسائل 1: 230- المكاسب (ط الجديدة) 1: 51- المعتمد 2: 170.

(2). فقه الرضا (عليه السلام): 31 ب 57- و عنه المستدرك 18: 87 ح 1.- البحار 79: 116 ح 12.

(3). الكافي 7: 261 ح 10.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 272

و نفي عن المصر الذي هو فيه الي غيره.» «1»

2- السيد المرتضي: «و مما انفردت به الامامية القول بأن من قامت عليه البينة بالجمع بين النساء و الرجال أو الرجال و الغلمان للفجور، وجب ان يجلد خمسا و سبعين جلدة و يحلق رأسه و يشهر في البلد الذي يفعل ذلك فيه.» «2»

3- الشيخ الطوسي: «الجامع بين النساء و الرجال و الغلمان للفجور، اذا شهد عليه شاهدان، أو أقر علي نفسه بذلك، يجب عليه ثلاثة ارباع حد الزاني خمسة و سبعون جلدة، و يحلق رأسه و يشهر في البلد، ثم ينفي عن البلد الذي فعل ذلك الي غيره من الأمصار، و المرأة اذا فعلت ذلك، فعل بها ما يفعل بالرجل من الجلد، و لا تشهر و لا تحلق رأسها، و لا تنفي عن البلد الذي فعلت فيه ما فعلت كما يفعل ذلك بالرجال.» «3»

4- ابو الصلاح الحلبي: «.. فيه جلد خمسة و سبعين سوطا و يحلق رأس الرجل و يشهر في المصر.» «4»

5- سلار بن عبد العزيز: «.. يجلد القواد خمسا و سبعين سوطا، ثم هو علي ضربين رجل و امرأة، فالرجل يحلق رأسه مع الحد و يشهر و المرأة تجلد حسب، ثم لا يخلو: اما ان يعودوا أو لا

يعودوا، فان عادوا، نفوا من المصر بعد فعل ما استحقوه.» «5»

أقول: ان المجمع عليه عند الإمامية ان يجلد خمسة و سبعين جلدة مضافا الي رواية عبد اللّه بن سنان المتقدمة و المشهور: ان يشهر في البلد و ينفي عنه في المرة الأولي كما في النهاية أو الثانية كما عن المفيد، و لم اجد من أفتي بالحبس، لعله نظرا للإرسال، و الكلام في فقه الرضا، نعم لو قلنا بان المراد بالنفي هو الحبس، او انه يحبس في البلد المنفي، لكان للقول بالحبس مجال..

______________________________

(1). المقنعة: 791.

(2). الانتصار: 254.

(3). النهاية: 710.

(4). الكافي في الفقه: 410.

(5). المراسم: 257- انظر المهذب 2: 534- الوسيلة لابن حمزة: 414- غنية النزوع 426 شرايع الإسلام 4: 162- الجامع للشرائع: 557- رياض المسائل 16: 28- جواهر الكلام 41: 401- مباني تكملة المنهاج 1: 250- ذخيرة الصالحين 8: 47 (مخطوط)- مهذب الاحكام 27: 291.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 273

ثم لو لم يقم علي المسألة اجماع و شهرة، لكان للبحث فيه مجال، اذ في سند رواية ابن سنان، محمد بن سليمان البصري أو النصري أو المصري الديلمي و هو غال لا يعمل بما تفرد به و ان كان من رجال ابن قولويه و انه شهد علي توثيقه، و لكن هذه الشهادة معارضة بتضعيف النجاشي و الشيخ، المؤيد بتضعيف ابن الغضائري «1». و حينئذ قد يقال: بأن الإجماع حينئذ مدركي، كما ان الشهرة غير جابرة لضعف السند، لكن مع ذلك يعزر بما دون الحد، من باب الحبس و التعزير علي فعل المحرمات.

آراء المذاهب الاخري

6- ابن تيمية: «في امرأة قوادة تجمع الرجال و النساء و قد ضربت و حبست، ثم عادت تفعل ذلك و قد لحق الجيران

الضرر بها، فهل لولي الأمر نقلها من بينهم أم لا؟

الجواب: نعم لولي الأمر كصاحب الشرطة ان يصرف ضررها بما يراه مصلحة اما بحبسها، و امّا بنقلها عن الحرائر، و اما بغير ذلك مما يري فيه المصلحة و قد كان عمر بن الخطاب يأمر العزّاب أن تسكن بين المتأهلين، و ان لا يسكن المتأهل بين العزاب، و هكذا فعل المهاجرون لمّا قدموا المدينة علي عهد النبي (ص)، و نفوا شابا خافوا الفتنة به، من المدينة الي البصرة، و قد ثبت في الصحيحين ان النبي نفي المخنثين، و أمر بنفيهم من البيوت خشية ان يفسدوا النساء، فالقوادة شر من هؤلاء، و اللّه يعذّبها مع اصحابها.» «2»

مدة النفي

قال المحقق المحلي: «قوله: و يشهر القواد في البلد ثم ينفي عن البلد الذي فعل ذلك فيه الي غيره من الأمصار، و هل للنفي مدة أم لا؟

الجواب: ليس للنفي هنا مدة مقدّرة و لكن ذلك بحسب ما يراه الإمام لأن الشرع

______________________________

(1). انظر معجم رجال الحديث 16: 126.

(2). الفتاوي الكبري 4: 299 مسألة 433.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 274

خال من التقدير، فيكون موكولا الي نظر الامام لأنّه منصوب للمصلحة.» «1»

أقول: و سيأتي البحث عنه بالتفصيل في كتابنا «موارد النفي و التغريب» ان شاء اللّه.

الفصل التاسع هل يحبس في اللواط؟

اشارة

حد اللواط عند الامامية القتل للفاعل و المفعول به، و دليلهم عليه النصوص و الاجماعات، اما النصوص فسيأتي الاشارة اليها و اما الاجماع: فادعاه السيد ابو المكارم ابن زهرة في الغنية، و السيد المرتضي في الانتصار، لكن السنة: فيري بعضهم فيه التعزير و الحبس المؤبّد، كما عن القرشي في معالم القربة.

الروايات

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن مالك بن عطية، عن أبي عبد اللّه (ع) في حديث: ان أمير المؤمنين (ع) قال لرجل اقرّ عنده باللواط اربعا: يا هذا ان رسول اللّه (ص) حكم في مثلك بثلاثة احكام فاختر أيّهنّ شئت، قال: و ما هن يا أمير المؤمنين؟ قال: ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت، أو اهداء من جبل مشدود اليدين و الرجلين، أو احراق بالنار..» «2»

2- التهذيب: «محمد بن علي بن محبوب، عن بنان بن محمد، عن العباس غلام لأبي الحسن الرضا (ع) يعرف بغلام ابن شراعة عن الحسن بن الربيع، عن سيف التمار، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: اتي علي بن أبي طالب (ع) برجل معه غلام يأتيه، و قامت عليهما بذلك البينة، فقال: يا قنبر النطع و السيف ثم أمر بالرجل فوضع علي وجهه، و وضع الغلام علي وجهه ثم أمر بهما، فضربهما بالسيف حتي قدّهما بالسيف جميعا.» «3»

______________________________

(1). نكت النهاية 3: 314.

(2). الكافي 7: 201 ح 1- و عنه الوسائل 18: 419 ح 1.

(3). التهذيب 10: 54 ح 8- و عنه الوسائل 18: 419 ح 2 و قال: هذا محمول علي بلوغ الغلام- انظر المستدرك

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 275

آراء فقهائنا

1- الشيخ الصدوق: «و اعلم أن عقوبة من لاط بغلام، ان يحرق بالنار، أو يهدم عليه حائط، أو يضرب ضربة بالسيف» «1».

2- الشيخ المفيد: «و اللواط هو الفجور بالذكران و هو علي ضربين: احدهما ايقاع الفعل فيما سوي الدبر من الفخذين ففيه جلد مائة للفاعل و المفعول به اذا كانا عاقلين بالغين و لا يراعي في جلدهما عدم الإحصان، و

لا وجوده، كما يراعي ذلك في الزني، بل حدّهما الجلد علي هذا الفعل دون ما سواه، و الثاني: الايلاج في الدبر ففيه القتل سواء كان المتفاعلان علي الاحصان أو علي غير الاحصان.» «2»

3- الشيخ الطوسي: «و من ثبت عليه حكم اللواط بفعله الايقاب، كان حده إما ان يدهده من جبل أو حائط عال، أو يرمي عليه جدار، أو يضرب رقبته أو يرجمه الامام و الناس، أو يحرقه بالنار، و الامام مخير في ذلك، ايها رأي من ذلك صلاحا فعله. و اذا اقام عليه الحد بغير الاحراق، جاز له أيضا احراقه بعد ذلك تغليظا و تهييبا للعقوبة و تعظيما لها، و له الّا يفعل ذلك علي ما يراه من المصلحة في الحال.» «3»

4- القاضي ابن البراج: «و اذا ثبت علي اللائط حكم اللواط بالايقاب، كان حده أن يرمي من حائط عال، أو يرمي عليه جدار، أو يدهده من جبل، أو يضرب عنقه، أو يرجمه الامام و الناس أو يحرق بالنار، و الامام مخير في ذلك أي شي ء اذا اراد فعله منه، كان ذلك له بحسب ما يراه صلاحا، فان اقام عليه حدا بغير النار كان له احراقه بعد ذلك.» «4»

5- و قال يحيي بن سعيد: «و اللواط بالذكران بالايقاب يوجب الرجم، أو

______________________________

. 18: 80 ب 2.

(1). المقنع: 144.

(2). المقنعة: 785.

(3). النهاية: 704. المبسوط 8: 7.

(4). المهذب 2: 530.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 276

الاحراق بالنار، أو يلقي من عال، أو يلقي عليه جدار، أو يضرب عنقه، و له احراقه بالنار، ان لم يحرقه حيا» «1».

آراء المذاهب الاخري

وافقنا بعضهم، و فصّل بعضهم بين الفاعل و المفعول، و أفتي الحنفية منهم بالحبس فقط، أو التعزير.

1- ابن حزم: «فاذا

صح ذلك انه لا قتل عليه و لا حد، لان اللّه تعالي لم يوجب ذلك و لا رسوله عليه السلام فحكمه انه أتي منكرا فالواجب بأمر رسول اللّه (ص) تغيير المنكر باليد، فالواجب ان يضرب التعزير الذي حده رسول اللّه (ص) في ذلك لا اكثر و يكف ضرره عن الناس … اما السجن فلقوله تعالي «وَ تَعٰاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَ التَّقْويٰ وَ لٰا تَعٰاوَنُوا عَلَي الْإِثْمِ وَ الْعُدْوٰانِ» «2» و بيقين يدري كل ذي حس سليم انّ كف ضرره- فعلة قوم لوط الناكحين و المنكوحين- عن الناس، عون علي البر و التقوي، و ان اهمالهم عون علي الإثم و العدوان، فوجب كفهم بما لا يستباح به لهم دم، و لا بشرة و لا مال.» «3»

2- قال القرشي: «قال ابو حنيفة: لا حد فيه- أي اللواط- و لكن يعزر و يحبس حتي يموت، لان اللّه سماه فاحشة، و جعل حد الفاحشة الحبس الي الممات.» «4»

3- الجزيري: « … الحنفية قالوا: لا حد في اللواط و لكن يجب التعزير حسب ما يراه الامام رادعا للمجرم، فاذا تكرر منه الفعل و لم يرتدع أعدم بالسيف تعزيرا لا حدا، حيث لم يرد فيه نص صريح.» «5»

أقول: و في الاستدلال نظر و اشكال سيّما في الاستدلال بالآية الشريفة لأنها

______________________________

(1). الجامع للشرائع: 555- انظر الخلاف 5: 381 مسألة 22- الغنية (الجوامع الفقهيّة): 560- شرايع الإسلام 4: 160- جواهر الكلام 41: 381 (كتاب الحدود).

(2). المائدة: 2.

(3). المحلي 11: 385.

(4). معالم القرية: 281.

(5). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 141- انظر الخلاف 5: 381 مسألة 22- المحلي 11: 385- المغني 8:

188.- اللباب 3: 192 و فيه زيادة: و يودع في السجن.

موارد السجن في النصوص

و الفتاوي، ص: 277

منسوخة باجماع الفريقين، الّا علي رأي بعض المعاصرين.

الفصل العاشر حبس من يطأ جاريته المشتركة

اشارة

اذا كانت جارية ملكا مشتركا بين رجلين مسلمين أو مسلم و كافر فوطأها احدهما بدون اذن صاحبه، قال فقهاؤنا بسقوط الحد بمقدار حصته منها و يجلد للباقي و لم يقيدوا بالمسلم، و لكن يظهر من البعض تقييد الحكم بالاشتراك بين المسلم و اليهودي، و انه يحبس لذلك.

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و اذا اشترك نفسان في ملك جارية ثم وطئها احدهما جلد نصف الحد، و من وطئ جارية في المغنم قبل أن تقسم عزره الامام حسب ما يراه من تأديبه و قوّمها عليه و اسقط من قيمتها سهمه و قسم الباقي بين المسلمين.» «1»

2- المحقق الحلي: «العاشرة: اذا وطئ احد الشريكين مملوكة بينهما، سقط الحد مع الشبهة، و اثبت مع انتفائها، لكن يسقط منه بقدر نصيب الواطئ، و لا تقوّم عليه بنفس الوطء علي الأصح..» «2»

و قد تعرض صاحب الجواهر، لشرح هذه العبارة و أورد الأدلة في المقام فأفاد و اجاد، فراجع. «3»

آراء المذاهب الاخري

3- الكندي: «مسألة: و اذا كانت جارية بين رجلين يهودي و مسلم، فوطئها

______________________________

(1). المقنعة: 785.

(2). شرايع الإسلام 2: 60.

(3). جواهر الكلام 24: 246.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 278

اليهودي؟ قال: الحد يدرأ عنه، و لكن يعاقب بالحبس و التعزير و يجبر علي بيع حصته منها لأهل الصلاة.» «1»

______________________________

(1). المصنّف 229.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 279

الباب العاشر الحبس في الخمر و المسكرات: و فيه اربعة فصول

اشارة

1- حبس الشارب نهار الصيام.

2- حبس ساقي الخمر.

3- حبس السكران حتي يفيق.

4- حبس السكران اذا اقرّ بحق.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 281

الباب العاشر الحبس في الخمر و المسكرات عثرنا علي موارد للحبس يجمعها «الحبس في الخمر و المسكرات» كما في الشارب نهار الصيام و ساقي الخمر و السكران حتي يفيق، أو السكران لو أقرّ بشي ء.

و قد ورد في بعضها نصوص كما في المورد الأول و لكن لم يفت بالحبس فيه- علي ما نعلم- احد من فقهائنا الّا ما أشرنا اليه في البحث السابق، و في بعضها: الفتوي فقط من دون استناد الي نص و حديث و لعلهم استندوا الي قواعد و أصول مقبولة عندهم.

كما في ساقي الخمر حيث لم يرد فيه نص بل و لا قائل له الّا الشافعي.

و حبس السكران. كما في مصنف ابن أبي شيبة.

و السكران يقر بشي ء أو يقذف مسلما، كما في الفقه علي المذاهب، مع ان اقاريره مردودة لا اعتبار بها عندنا و فيما يلي تفصيل الموارد:

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 283

الفصل الاوّل حبس الشارب نهار الصيام

اشارة

1- الكافي: «ابو علي الأشعري، عن محمد بن سالم، عن احمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، رفعه، عن أبي مريم، قال: أتي أمير المؤمنين (ع) بالنجاشي الشاعر قد شرب الخمر في شهر رمضان فضربه ثمانين ثم حبسه ليلة، ثم دعي به من الغد، فضربه عشرين سوطا، فقال له: يا أمير المؤمنين! فقد ضربتني في شرب الخمر و هذه العشرين ما هي؟ فقال: هذا لتجرّيك علي شرب الخمر في شهر رمضان.» «1»

أوردناه مع مصادره و البحث عنه في «الحبس للفصل بين الحدين». انظر رياض المسائل 15: 533.

آراء فقهائنا

1- ابن البراج: «فان شرب المسكر في شهر رمضان، أو في مكان شريف مثل حرم اللّه تعالي، و حرم رسوله أو أحد الأئمة عليهم السلام، أقيم عليه الحد و ادّب زائدا علي ذلك، لانتهاكه حرمة الذي ذكرناه.» «2»

______________________________

(1). الكافي 7: 216 ح 15- و عنه الوسائل 18: 474 ح 1.- البحار 40: 296 ح 72- مصنف عبد الرزاق 7: 382 ح 13556.

(2). المهذب 2: 536- انظر الكافي في الفقه: 419.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 284

2- العلامة الحلي: «لو شرب المسكر في شهر رمضان أو موضع شريف أو زمان شريف اقيم عليه الحد و ادب بعد ذلك بما يراه الامام.» «1»

3- الشيخ عباس القمي: «و من شرب الخمر في شهر رمضان يجلد ثمانين جلدة، و يحبس ليلة، ثم يضرب عشرين لحرمة الشهر، كذا فعل علي بالنجاشي الشاعر.» «2»

أقول: لعل هذا الحبس، للفصل بين اقامة حدين (أو اقامة حد و تعزير) خوفا من الفرار، و ليس عقوبة مستقلة يستحقها الشارب نهار الصيام، خلافا لما يتراءي من لب الوسائل و ولاية الفقيه «3» فراجع.

4- الخونساري: «ادعي عدم

الخلاف في الحكم- يعني المعاقبة زيادة علي الحد بانتهاك حرمة المكان أو الزمان- علي نحو الوجوب كوجوب أصل الحد، فيه إشكال، لأن المرسل المذكور لو لم يكن فيه إشكال من جهة الارسال فهو حكاية للفعل، و لم يعلم وجهه من الوجوب و الاستحباب فلا دليل علي الوجوب و ما ذكر من العلة ليست علي نحو يستفاد منه الوجوب» جامع المدارك 7: 65.

الفصل الثاني حبس ساقي الخمر

الشافعي: «أ رأيتم رجلا سقي رجلا خمرا، أ يحدان جميعا حد الخمر، أم يحد الشارب، خاصة؟.. قال:.. هذا ليس بشي ء، لا يحد الّا الفاعل، و لا يقتل الّا القاتل، و لكن علي الآخر التعزير و الحبس.» «4»

أقول: و قد ورد في حديث المناهي: محمد بن علي بن الحسين باسناده عن شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق عن آبائه (ع): ان رسول اللّه (ص) نهي ان يشتري الخمر، و ان يسقي الخمر، و قال: لعن اللّه الخمر، و غارسها، و عاصرها و شاربها و ساقيها و بايعها و مشتريها، و آكل ثمنها، و حاملها و المحمولة اليه.» «5»

و رواه ابن أبي شيبة بتفاوت. «6»

فيمكن القول بحرمة السقي، نظرا الي هذه الرواية، و الي أن السقي اعانة علي الإثم،

______________________________

(1). تحرير الاحكام 2: 227.

(2). لب الوسائل (المطبوع مع بداية الهداية للحر العاملي) 2: 468.

(3). ولاية الفقيه 2: 451.

(4). الام 7: 331- انظر التفريع 2: 226.

(5). الوسائل 12: 165 ح 5- انظر مرآة العقول 22: 254.

(6). المصنّف 6: 447 ح 1666- انظر كنز العمّال 5: 348 ح 13177.- المعجم الكبير 12: 233 ح 12976.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 285

فيعزر، إن قلنا بشمول «التعزير علي المحرمات» للسجن.

لكن قد يقال بضعف سند رواية المناهي،

و منع كلية حرمة الاعانة، و قد مرّ فراجع، هذا و لم أر من تعرض لهذا الفرع من الفقهاء.

الفصل الثالث حبس السكران حتي يفيق

آراء المذاهب

ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا ابو الاحوص عن أبي الحارث التيمي عن أبي ماجد الحنفي، قال: كنت عند عبد اللّه بن مسعود قاعدا فجاءه رجل من المسلمين بابن اخ له، فقال؛ يا أبا عبد الرحمن، ان ابن أخي وجدته سكرانا، فقال عبد اللّه: ترتروه و مزمزوه و استنكهوه، فترتروه و استنكهوه فوجد سكرانا، فرفع الي السجن فلما كان الغد جئت و جي ء به.» «1»

البيهقي: «قال ابو عبيدة: و هذا الحديث، بعض اهل العلم ينكره، قال الشيخ: لضعف يحيي بن جابر، و جهالة أبي ما جد.» «2»

أقول: لا وجه لتأخير الحد، إلّا ان يقال: بأنّ السكران لا يحس ألم الحد و عذابه فيؤخر لذلك، أو بقيام نص في المقام- ان كان- و قد أفتي الشيخ الطوسي بذلك دون اشارة الي الحبس فيه، فقال: «و لا يقام الحد علي السكران في حال سكره، بل يمهل حتي يفيق ثم يقام عليه الحد.» «3»

البيهقي: «ثنا ابن ابي الزناد، عن أبيه، عن الفقهاء من أهل المدينة، كانوا

______________________________

(1). المصنف 10: 36 ح 8674- مصنف عبد الرزّاق 7: 370 ح 13519- كنز العمال 5: 401 ح 13426.

(2). السنن الكبري 8: 318.

(3). النهاية: 712- انظر المحلي 11: 371- الاختيار 4: 98.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 286

يقولون: لا يجلد السكران حتي يصحو.» «1»

الفصل الرابع حبس السكران اذا أقرّ بحق

اشارة

ان السكران لو أقرّ بشي ء من الحقوق فلا يقبل منه، اذ لم يجز عندنا اقاريره الّا ما خرج بالدليل كضمان المتلفات، نعم يري ابن جنيد الاسكافي- من فقهائنا- قبول اقاريره.

لكن عند السنة: يقبل اقراره في حقوق العباد كالإقرار بالقذف فيحبس حتي يصحو فيحد للقذف ثم يحبس فيحد للشرب.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و عندنا ان السكران يختلف حاله و فيما له و فيما عليه، فأمّا طلاقه و عتقه و عقوده كلها، فلا يصح عندنا بحال، و اما اذا زنا أو لاط أو جني أو قذف أو سرق فانه يتعلق به جميع احكامه كالصاحي، و اما الكفر، فينبغي ان نقول: يحكم عليه به.» «2»

2- المحقق الحلي: «و لا بد أن يكون- أي المقر- مكلفا حرا مختارا جائز التصرف..

و لو اقرّ المجنون لم يصح، و كذا المكره و السكران.» «3»

3- العلامة الحلي: «و المحجور عليه سبعة.. الثاني: المجنون و هو مسلوب القول مطلقا و في حكمه النائم و المغمي عليه و المبرسم و السكران و شارب المرقد، و ان تعمد لغير حاجة.» «4»

______________________________

(1). السنن الكبري 8: 318.

(2). المبسوط 7: 287.

(3). شرايع الإسلام 3: 152.

(4). قواعد الاحكام 1: 277.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 287

4- السيد العاملي: «و أمّا السكران ففي التذكرة: السكران الذي لا يحصل (لا يعقل ظ) أو لا يكون كامل العقل حال سكره لا يقبل اقراره عند علمائنا اجمع، و قال أيضا:

لا فرق عندنا بين أن يسكر قاصدا أو غيره و لم يلتفت الي خلاف أبي علي حيث قال:

انّ سكره إن كان من شرب محرّم اختار شربه، الزم باقراره كما يلزم بقضاء الصلاة.

و فيه: إن مؤاخذته بقضاء صلاته لا تقتضي الاعتداد بأقواله و أفعاله و

ربما فرق بين السكران قاصدا و غيره … » «1»

5- قال الشيخ محمد حسن النجفي: «كذا لا يصح الاقرار من السكران و لو بمحرم و ان وجب عليه قضاء الصلاة، خلافا للإسكافي فالزم من أسكر حراما باختياره باقراره..» «2»

آراء المذاهب الاخري

هذا و لكن الجزيري نقل عن السنة قبول اقاريره: «قال العلماء: إنّ السكران اذا اقرّ بحق من حقوق العباد فانه يقتص منه عقوبة له لأنه ادخل الآفة علي نفسه، فاذا اقرّ بقذف رجل أو امرأة من المسلمين و هو سكران، يحبس حتي يصحو فيحد حد القذف، ثم يحبس حتي يخف عنه ألم الضرب، فيحد مرة ثانية حد شرب الخمر.» «3»

الفصل الخامس: حبس المكثر للخمر

[آراء فقهائنا]

1- عبد الرزاق: «عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال: كان أبو محجن لا يزال يجلد في الخمر فلما أكثر عليهم سجنوه و أوثقوه … » «4»

أقول: أما عندنا فأصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة أو الرابعة بعد إقامة الحد مرتين «5» فلا مجال للحبس و القيد. و أما ابو محجن فهو عمرو بن حبيب الثقفي الصحابي، أسلم في السنة التاسعة، و كان منهمكا في الشرب لا يتركه خوف حد و لا لوم، و جلده عمر مرارا سبعا أو ثمانيا و نفاه إلي جزيرة في البحر … » «6»

______________________________

(1). مفتاح الكرامة 9: 228.

(2). جواهر الكلام 35: 104.

(3). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 28.

(4). المصنف 9: 243.

(5). الروضة البهية 9: 205 و 345.

(6). أسد الغابة 5: 290- أقول و لا غرابة في صحابي يشرب الخمر، و قد عقد عبد الرزاق في مصنفه بابا فيمن حد من اصحاب النبي ص 9: 240 مما يدل علي عدم نظرية عدالة الصحابة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 289

الباب الحادي عشر الحبس في مسائل الزوجيّة: و فيه ثمانية فصول

اشارة

1- حبس المولي الممتنع عن الفي ء أو الطلاق.

2- حبس المظاهر الممتنع عن الفي ء أو الطلاق.

3- حبس الممتنع عن تعيين زوجته أو زوجاته.

4- الحبس في امتناع احد الزوجين من الطلاق.

5- حبس الزوج و الولي لترك النفقة.

6- حبس الزوج الممتنع عن اللعان.

7- حبس الزوج في بعض موارد الطلاق.

8- حبس من يؤذي زوجته.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 291

الفصل الأوّل حبس المولي الممتنع من الفي ء أو الطلاق

اشارة

بلغت الروايات حد الاستفاضة بحبس المولي الممتنع عن الفي ء أو الطلاق و هو مما لا خلاف فيه عندنا، كما صرح بعدم الخلاف، في الرياض و الجواهر.

و يكفينا في ذلك قول الصدوق في المقنع و الشيخ الطوسي في المبسوط و الخلاف و النهاية، و الديلمي في المراسم و القاضي في المهذب و غيرهم، و ان لم يصرح البعض الآخر، كالحلبي- في الكافي- بالحبس و اكتفي بالتضييق عليه في المطعم و المشرب.

و عن العامة قول بالحبس، كما في الترمذي و الام، و إليك الروايات ثم كلمات الفقهاء:

معني الايلاء:

قال العلامة المجلسي: «الايلاء لغة: الحلف، و شرعا حلف الزوج الدائم علي ترك وطئ الزوجة المدخولة بها قبلا مطلقا أو زيادة علي اربعة أشهر للإضرار بها، و كان طلاقا في الجاهلية كالظهار فغيّر الشرع حكمه و جعل له احكاما خاصة إن جمع شرائطه

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 292

و الّا فهو يمين يعتبر فيه ما يعتبر في اليمين أو يلحقه حكمه.» «1»

الآيات و الروايات

«لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ فٰاؤُ فَإِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلٰاقَ فَإِنَّ اللّٰهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.» «2»

1- الكافي: «الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن الحسن بن علي، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه (ع) قال في المولي اذا أبي أن يطلق قال: كان أمير المؤمنين (ع) يجعل له حظيرة من قصب و يحبسه فيها و يمنعه من الطعام و الشراب حتي يطلق.» «3»

رواه الشيخ في التهذيب «4» و الاستبصار «5» عنه.

2- و فيه: «الحسين بن محمد، عن حمدان القلانسي، عن اسحاق بن بنان، عن ابن بقاح، عن غياث بن ابراهيم، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: كان أمير المؤمنين (ع) اذا أبي المولي ان يطلّق جعل له حظيرة من قصب و اعطاه ربع قوته حتي يطلق». «6»

3- تفسير القمي: «روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انه بني حظيرة من قصب و جعل فيها رجل (رجلا. وسائل) آلي من امرأته بعد اربعة أشهر، و قال له: اما ترجع الي المناكحة أو أن تطلّق و الّا احرقت عليك الحظيرة.» «7»

4- و فيه: «حدثني أبي عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (ع) قال: الإيلاء هو ان يحلف الرجل علي امرأته

ألّا يجامعها، فان صبرت عليه فلها ان تصبر، فان رفعته الي الامام، أنظره اربعة أشهر، ثم يقول له بعد ذلك: اما

______________________________

(1). مرآة العقول 21: 220.

(2). البقرة: 226.

(3). الكافي 6: 133 ح 10- و عنه الوسائل 15: 545 ح 1.

(4). التهذيب 8: 6 ح 13.

(5). الاستبصار 3: 257 ح 1.

(6). الكافي 6: 133 ح 13- و عنه الوسائل 15: 545 ح 3.

(7). تفسير القمي 1: 73- و عنه الوسائل 15: 546 ح 6 و البحار 101: 169 ح 1.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 293

ان ترجع الي المناكحة و اما ان تطلق و الّا حبستك ابدا.» «1»

5- الفقيه: «و روي انه ان فاء و هو ان يرجع الي الجماع و الّا حبس في حظيرة من قصب و شدّد عليه في المأكل و المشرب حتي يطلق.» «2»

6- التهذيب: «و عنه (محمد بن يعقوب) عن محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير قال: سمعت ابا عبد اللّه عليه السلام يقول: اذا آلي الرجل من امرأته، و هو أن يقول: و اللّه لا اجامعك كذا و كذا أو يقول و اللّه لأغيظنك ثم يغاضبها ثم يتربص بها اربعة اشهر فإن فاء و الإيفاء: ان يصالح أهله أو يطلق عند ذلك و لا يقع بينهما طلاق حتي يوقف و ان كان بعد الأربعة أشهر حبس حتي يفي ء أو يطلق.» «3»

7- فقه الرضا: «و اعلم- يرحمك اللّه- ان الإيلاء أن يحلف الرجل ان لا يجامع امرأته، فله الي أن يذهب اربعة أشهر، فإن فاء بعد ذلك و هو ان يرجع الي الجماع، فهي امرأته و عليه كفارة اليمين،

و ان أبي ان يجامع بعد اربعة اشهر، قيل له: طلق فان فعل و الّا حبس في حظيرة من قصب، و شدد عليه في المأكل و المشرب حتي يطلق.» «4»

8- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي- رضي اللّه عنهم- إنه كان يوقف المولي بعد الأربعة الاشهر، فيقول: اما ان تفي ء، و اما ان تعزم الطلاق فان عزم للطلاق كانت تطليقة واحدة.» «5»

9- المؤتلف: «حدثنا ابو بكر النيسابوري، حدثنا علي بن حرب، حدثنا سفيان بن عيينة عن الشيباني، عن الشعبي، عن عمرو بن سلمة بن حرب: ان عليا كان يوقف المولي بعد اربعة اشهر حتي يفي ء أو يطلق.» «6»

10- موضح الاوهام «أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الاصم، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي أخبرنا ابن عيينة، عن ابن إسحاق الشيباني، عن الشعبي، عن عمرو بن سلمة، قال: شهدت عليا أوقف المولي. موضح الاوهام 1: 332.

______________________________

(1). تفسير القمي: 1: 73- و عنه الوسائل 15: 541 ح 5 و البحار 101: 169 ح 2- جامع أحاديث الشيعة 22: 310 و 312.

(2). الفقيه 3: 339 ح 2- و عنه الوسائل 15: 545 ح 4.

(3). التهذيب 8: 2 ح 2- الاستبصار 3: 255 ح 2- نقلا عن الكافي 6: 131 ح 3 و ليس فيه: «حبس».

(4). فقه الرضا: 248 ب 35- و عنه البحار 101: 170 ح 5 و المستدرك 15: 403 ح 4.

(5). مسند زيد 296.

(6). المؤتلف و المختلف 2: 714- سنن الدارقطني 4: 61 ح 147- انظر البحار 101: 170- المستدرك 15:

403- السنن الكبري 7: 376- مسند الشافعي 8: 426- اختلاف العلماء: 183-

نيل الاوطار 6: 256- مصنف عبد الرزاق 6: 457.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 294

آراء فقهائنا

1- الشيخ الصدوق: «و الإيلاء أن يقول الرجل لامرأته: و اللّه لأغيظنك، و لا اجامعك الي كذا و كذا فيتربص اربعة اشهر، فان فاء- و هو أن يصالح أهله و يجامع- فان اللّه غفور رحيم، و ان أبي ان يجامع قيل له: طلّق، فان فعل و الّا حبس في حظيرة من قصب، و شدد عليه في المآكل و المشارب حتي يطلق.» «1»

2- الشيخ الطوسي: «الايلاء لغة عبارة عن اليمين عن كل شي ء، و قد انتقل في الشرع الي ما هو أخص منه و هو اذا حلف الّا يطأ امرأته- الي أن قال: فان طلق فلا كلام، و ان امتنع من الطلاق و ماطل و دافع، حبسه الحاكم عندنا، و ضيق عليه حتي يفي ء أو يطلق، و لا يطلق عليه، و قال قوم: يطلق عليه، و قال بعضهم: يقع الطلاق بانقضاء العدة» «2».

3- و قال في الخلاف: «اذا امتنع بعد الاربعة اشهر من الفئة و الطلاق و ماطل و دافع، لا يجوز ان يطلق عليه، لكن يضيق عليه و يحبس و يلزم اما ان يطلق أو يفي ء، و ليس للسلطان أن يطلق عليه.» «3»

4- و قال في النهاية: «اما الإيلاء فهو أن يحلف الرجل باللّه تعالي الّا يجامع زوجته، ثم اقام علي يمينه، فاذا فعل ذلك، كانت المرأة بالخيار ان شاءت صبرت عليه، و ان شاءت خاصمته الي الحاكم، فان كفّر عن يمينه و راجع زوجته، فلا حق لها عليه، و ان اقام علي عضلها و الامتناع من وطيها، خيّره الحاكم بين ان يكفّر و يعود الي زوجته أو يطلق،

فان أبي الرجوع و الطلاق جميعا، و اقام علي الاضرار بها، حبسه الحاكم في حظيرة من قصب، و ضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يفي ء الي أمر اللّه.» «4»

5- ابو الصلاح الحلبي: «.. فان امتنع ضيّق عليه في المطعم و المشرب حتي

______________________________

(1). المقنع: 351.

(2). المبسوط 133 و 123 و 114.

(3). الخلاف 4: 515 مسألة 8- انظر: 528 مسألة 7.

(4). النهاية: 529.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 295

يفي ء» «1».

6- سلار بن عبد العزيز: «.. فان اقام علي اليمين و أبي الرجوع الزمه الطلاق، فان لم يطلق و لم يرجع، حبسه و ضيّق عليه في المطاعم و المشارب حتي يفي ء أو يطلق.» «2»

7- ابن البراج: «فان امتنع من الرجوع اليها و الطلاق جميعا و ثبت علي الاضرار بها ضيّق الحاكم عليه في المطعم و المشرب و ذكر انه يحبسه في حظيرة من قصب حتي يفي ء إِليٰ أَمْرِ اللّٰهِ تعالي و يراجع زوجته أو يطلق.» «3»

8- علي بن حمزة: «انما يقع الإيلاء.. و ان امتنع عنهما حبسه الحاكم في حظيرة من قصب ليفي ء أو يطلق.» «4»

9- الراوندي: «فاذا حلف الرجل ان لا يجامع زوجته كانت المرأة بالخيار ان شاءت صبرت عليه ابدا و ان شاءت خاصمته الي الحاكم فان استعدت عليه انظره الحاكم بعد رفعها اليه اربعة اشهر ليرتأي في أمرها، فان كفّر و راجع، و الّا خيّره الحاكم بعد ذلك بين ان يكفّر و يعود أو يطلق، فان اقام علي الإضرار بها حبسه الحاكم و ضيّق عليه في المطعم و المشرب حتي يفي ء الي أمر اللّه فيكفّر و يرجع أو يطلق.» «5»

10- السيد ابن زهرة: « … في الإيلاء.. فان أبي ضيّق عليه في التصرف

و المطعم و المشرب حتي يفعل ايهما اختار..» «6»

11- المحقق الحلّي: «.. فان اصرّ علي الامتناع ثم رافعته بعد المدة، خيّره الحاكم بين الفيئة و الطلاق، فان امتنع حبسه و ضيّق عليه في المطعم و المشرب حتي يكفّر و يفي ء أو يطلق.» «7»

______________________________

(1). الكافي في الفقه: 302.

(2). المراسم: 159.

(3). المهذب 2: 302.

(4). الوسيلة: 336.

(5). فقه القرآن 2: 202.

(6). غنية النزوع: 365.

(7). المختصر النافع: 207.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 296

12- و قال في الشرائع: «.. و ان امتنع من الأمرين حبس و ضيّق عليه حتي يفي ء أو يطلق.» «1»

13- العلامة الحلي: «.. و لو امتنع من الأمرين حبس و ضيّق عليه في المطعم و المشرب حتي يطلق أو يفي ء» «2».

14- و قال ابنه فخر المحققين، معلقا علي قول والده في القواعد: «و هذا هو الذي استقر عليه رأي امام المجتهدين والدي (قدس سره) و به أفتي.» «3»

15- الفاضل المقداد: «اذا وقع الإيلاء علي الوجه المذكور، ان صبرت المرأة فلا كلام و ان رفعت امرها الي الحاكم أمره بالكفارة و العود، فان أبي انظره اربعة اشهر ثم الزمه اما بالطلاق أو الفئة و التكفير، فان امتنع منهما معا حبسه و ضيق عليه في المطعم و المشرب.» «4»

16- الشهيد الثاني: «و ان امتنع من الأمرين لم يطلق عنه الحاكم لان الطلاق بيد من اخذ بالساق، بل يحبسه و يعزره و يضيق عليه في المطعم و المشرب، بأن يطعمه في الحبس و يسقيه ما لا يصبر عليه مثله عادة..» «5».

17- السيد الطباطبائي، بعد نقل كلام النافع: «بلا خلاف فيه.» «6»

18- الشيخ محمد حسن النجفي، بعد نقل كلام الشرائع: «بلا خلاف فيه.» «7»

19- السيد الاصفهاني: «في الإيلاء …

فان فعل احدهما و إلّا ضيق عليه و حبسه حتي يختار أحدهما.» «8»

______________________________

(1). شرايع الإسلام 3: 86.

(2). قواعد الاحكام: 2: 88.

(3). إيضاح الفوائد: 3: 423.

(4). كنز العرفان 2: 292.

(5). مسالك الافهام 10: 143.

(6). رياض المسائل 12: 411 الايلاء.

(7). جواهر الكلام 33: 315.

(8). وسيلة النجاة (ط الحجريّة): 390- و مثله تحرير الوسيلة 2: 321- و الشيخ الوالد في تعاليقه علي الوسيلة:

390.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 297

20- السيد الخوئي: «و اذا رافعته انظره الحاكم الي اربعة أشهر من حين المرافعة فان رجع و كفّر بعد الوطء، و الّا الزمه بالطلاق أو الفئة و التكفير و يضيق عليه في المطعم و المشرب.» «1»

21- السيد الگلپايگاني: «ان المولي اذا أبي أن يطلق بعد المدة و لم يف، حبسه الامام و ضيق عليه.» «2»

آراء المذاهب الاخري

22- الشافعي: «فيها قولان.. و الثاني: يضيق عليه بالحبس حتي يفي ء أو يطلق.» «3»

23- قال أبو عيسي: «اختلف اهل العلم فيه اذا مضت اربعة أشهر، فقال بعض أهل العلم من اصحاب النبي (ص) و غيرهم: اذا مضت اربعة أشهر يوقف، فاما ان يفي ء و اما ان يطلق و هو قول مالك بن أنس و الشافعي و احمد و اسحاق، و ابو ثور و ابو عبيد، و قال بعض أهل العلم من اصحاب النبي (ص) و غيرهم: اذا مضت اربعة اشهر فهي تطليقة بائنة، و هو قول سفيان الثوري و أهل الكوفة» «4».

24- الفيروزآبادي: «فاذا انقضت المدة و طالبت بالفيئة وقف و طولب بالفيئة.» «5»

25- ابن رشد: «و هل يطلق القاضي اذا أبي الفي ء أو الطلاق؟ أو يحبس حتي يطلق؟ فان مالكا قال: يطلق القاضي عليه، و قال أهل الظاهر: يحبس حتي يطلقها بنفسه.» «6»

______________________________

(1).

منهاج الصالحين 2: 348.

(2). مجمع المسائل 3: 209.

(3). الام 8: 200.

(4). سنن الترمذي 3: 505 ب 21- اختلاف العلماء للمروزي: 183- انظر التفريع 2: 93- فيه تفاصيل و مسائل في الباب.

(5). التنبيه: 185.

(6). بداية المجتهد 2: 102.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 298

26- ابن قدامة: «و جملة ذلك: ان المولي يتربص اربعة اشهر كما أمر اللّه تعالي، و لا يطالب فيهن، فاذا مضت اربعة اشهر و رافعته امرأته الي الحاكم وقفه و امره بالفيئة، فان أبي امره بالطلاق و لا تطلق زوجته بنفس مضي المدة.» «1»

27- احمد بن يحيي: «.. فيحبس حتي يطلق أو يفي ء القادر بالوطء.» «2»

الفصل الثاني حبس المظاهر الممتنع عن الفي ء أو الطلاق

اشارة

أورد الشيخ الطوسي في التهذيب، عن أبي عبد اللّه (ع) بإيقاف المظاهر الممتنع عن الفي ء أو الطلاق.

و بذلك أفتي جمع من الفقهاء كالسيد في الرياض، و الفاضل الهندي في كشف اللثام، و الفاضل المقداد في كنز العرفان و الشيخ محمد حسن النجفي في الجواهر.

و من المعاصرين: السيد الاصفهاني في الوسيلة و السيد الامام رضوان اللّه عليه في التحرير و السيد الگلپايگاني في الوسيلة و الشيخ الوالد رحمه اللّه.

كما افتي البعض الآخر: بالتضييق عليه في المطعم و المشرب و لعل المتفاهم منه الحبس لأنه يلازمه.

و من العامة: ففي عيون الازهار، ذلك، و هو رأي الحنفية كما في الفقه علي المذاهب.

الروايات

1- التهذيب: «محمد بن احمد بن يحيي، عن محمد بن الحسن، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: سألت ابا عبد اللّه عليه السلام عن رجل ظاهر من امرأته؟ قال: ان أتاها فعليه عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو اطعام ستين

______________________________

(1). المغني 7: 318.

(2). عيون الازهار: 234.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 299

مسكينا و الّا ترك ثلاثة أشهر، فان فاء و الّا أوقف حتي يسأل أ لك حاجة في امرأتك أو تطلقها؟ فان فاء فليس عليه بشي ء و هي امرأته، فان طلق واحدة فهو أملك برجعتها.» «1»

أقول: ان السجن قد يعبر عنه بألفاظ مختلفة و لعلها مترادفة كالوقف و الايقاف و الحصر و الاثبات، و الاقرار و الامساك، و ان كان المصطلح و المشهور هو السجن و الحبس، و عليه فيكون قوله (ع) في الرواية «اوقف» من موارد السجن لأنه بمعني «حبس».

آراء فقهائنا المصرحين بالحبس

1- العلامة الحلي: «.. فان خرجت ثلاثة أشهر و لم يختر احدهما حبسه الحاكم و ضيّق عليه في مطعمه و مشربه حتي يتخيّر احدهما.» «2»

2- الفاضل المقداد: «اذا حصل الظهار بشرائطه فان صبرت المرأة فلا كلام و ان رفعت أمرها الي الحاكم، طلبه و خيّره بين الطلاق و الامساك فان اختار … و ان امتنع من الأمرين معا انظره ثلاثة أشهر ثم طلبه و أمره بما أمر به أولا، فان اصرّ ضيّق عليه في المطعم و المشرب و حبسه حتي يختار احدهما.» «3»

3- السيد الطباطبائي: «.. مع عدم اختياره احد الأمرين يحبس و يضيق عليه في المطعم و المشرب بان يمنع عما زاد علي سد الرمق حتي يفي ء أو يطلق أو يختار أحد الأمرين و لا يجبر علي أحدهما بل

يخير بينهما و لا خلاف في شي ء من ذلك بل ظاهر جماعة الاجماع عليه و هو الحجة.» «4»

4- الفاضل الهندي: «.. فان خرجت الأشهر و لم يختر احدهما، حبسه الحاكم و ضيق عليه في مطعمه و مشربه.» «5»

______________________________

(1). التهذيب 8: 24 ح 55.- انظر مصنف عبد الرزاق 6: 439.

(2). قواعد الاحكام 2: 186.

(3). كنز العرفان 2: 290.

(4). رياض المسائل 12: 401.

(5). كشف اللثام 1: 159- مثله المجلس الاول في الفقه: 160.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 300

5- الشيخ محمد حسن النجفي: «.. فان انقضت المدة و لم يختر احدهما حبسه و ضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يختار احدهما.» «1»

6- السيد الاصفهاني: «اذا صبرت المظاهرة علي ترك وطئها، فلا اعتراض، و ان لم تصبر، رفعت امرها الي الحاكم، فيحضره و يخيره بين الرجعة بعد التكفير و بين طلاقها، فإن اختار احدهما و الّا انظره ثلاث أشهر من حين المرافعة، فان انقضت المدة و لم يختر أحد الأمرين، حبسه و ضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يختار احدهما، و لا يجبره علي خصوص احدهما و لا يطلق عنه.» «2»

آراء فقهائنا ممن لم يصرّح بالحبس

1- ابو الصلاح الحلبي: «.. فان امتنع، انظره ثلاثة اشهر، فان فاء الي أمر اللّه تعالي، و الّا ضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يفي ء إِليٰ أَمْرِ اللّٰهِ سبحانه من الطلاق أو رجوع اليها و تكفير.» «3»

2- المحقق الحلي: «ان صبرت المظاهرة، فلا اعتراض، و ان رفعت أمرها الي الحاكم، خيّره بين التكفير و الرجعة، أو الطلاق و انظره ثلاثة اشهر من حين المرافعة، فان انقضت المدة و لم يختر احدهما، ضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يختار احدهما» «4».

أقول: لا شبهة

في وجوب حبسه بعد انقضاء المدة كما صرح به جماعة من فقهائنا و يدل عليه مضافا الي الرواية، ان المورد من حقوق الناس التي يتوقف تحصيلها علي الحبس و قد صرح الشهيد في القواعد و الفوائد بأنّ: «ضابط الحبس: توقف استخراج

______________________________

(1). جواهر الكلام 33: 164.

(2). وسيلة النجاة (الطبعة الحجريّة): 389- انظر تحرير الوسيلة 2: 318- وسيلة النجاة (مع تعاليق السيّد الگلپايگاني) 3: 269- منهاج الصالحين 2: 346.

(3). الكافي في الفقه: 303.

(4). شرايع الإسلام 3: 66- انظر النهاية: 526- الخلاف 2: 528- السرائر 2: 712- المهذب 2: 300- غنية النزوع: 365- المختصر النافع: 206- تحرير الاحكام 2: 62- كنز العرفان 2: 290- جواهر الكلام 33: 164- مناهج المتّقين: 389.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 301

الحق عليه.» «1»

و لعل مقصود من أفتي بالتضييق عليه، الحبس اذ لا يمكن عادة إلّا به.

آراء المذاهب الاخري

1- احمد بن يحيي: «و لها- أي الزوجة- طلب رفع التحريم، فيحبس له ان لم يطلق.» «2»

2- الجزيري: «.. ان الحنفية لهم رأيان في مثل هذه الحالة: فمنهم من يقول: ان قواعد المذهب و ان كانت بعدم اجباره علي الوطء، الّا في العمر مرة واحدة فلا يمكن اجبار المظاهر علي التكفير ليرفع الضرر علي امرأته بالوطء، و لكن من حيث ان الظهار معصية حرّمها اللّه تعالي و جعل لرفع هذه المعصية حدا في الدنيا، فانه يجب علي القاضي الزامه بالتكفير بالحبس أولا، فان لم يفعل يضربه الي ان يكفر أو يطلق..» «3»

أقول: و في القسم الأول من كلامه بحث، و نظر.

الفصل الثالث حبس الممتنع عن تعيين زوجته أو زوجاته

اشارة

و من موارد الحبس عندنا: هو ما لو أسلم المشرك علي أكثر من أربع نسوة و لم يختر منهن و لم يترك الباقي، فنظرا الي عدم جواز نكاح اكثر من اربع يجبره الحاكم عليه، فان امتنع، يحبسه الي ان يختار منهن، و قد أفتي بذلك- علي ما نعلم- الشيخ الطوسي في المبسوط و العلامة الحلي في التذكرة و الشهيد الأول في القواعد و الفاضل المقداد في نضد القواعد، و القرافي من العامة في الفروق، و لا نص خاص فيه، و لعل وجهه الحبس علي الممتنع من التصرف الواجب الذي لا تدخله النيابة كما صرح بذلك الشهيد في القواعد.

______________________________

(1). القواعد و الفوائد 2: 192.

(2). عيون الازهار: 231.

(3). الفقه علي المذاهب الاربعة 4: 505.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 302

آراء فقهائنا

عقد الشيخ الطوسي- قده- في المبسوط فصلا في تزويج المشركين من ص 220 الي 232 و إليك قسما مما أورده من المسائل و التفريعات:

1- «اذا أسلم و عنده ثماني نسوة أسلمن معه، كان اختيار اربع واجبا عليه، و مفارقة البواقي، فان فعل، و الّا أجبره السلطان عليه، لأن المسلم لا يجوز له أن ينكح أكثر من اربع، و لا أن يستديم أكثر من أربع، و للسلطان حبسه تعزيرا عليه في ترك الواجب، فان فعل، و الّا أخرجه و عزره بالضرب، فان فعل، و الّا ردّه الي الحبس و الضرب، حتي يختار، لأنه حق، لا يختار إلّا من جهته.» «1»

2- و قال في موضع آخر: «هذا اذا أسلم و هن كتابيات فاقمن علي الشرك أو أسلمن معه، أو كنّ وثنيات أو مجوسيات، فأسلمن معه، فامّا اذا اقمن علي الشرك فلا يجوز ان يختار منهن شيئا، لان المسلم

لا ينكح و ثنية و لا مجوسية، و فيه خلاف.» «2»

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 302

3- العلامة الحلي: «مسألة: اذا أسلم الكافر علي أكثر من اربع نسوة، و أسلمن معه أو بعده، قبل خروج العدة، أو أصررن و هن كتابيات، وقعت الفرقة بينه و بين ما زاد عن الأربع بالاسلام، و يجب عليه الاختيار و التعيين للأربع لقول النبي (ص) لغيلان بن سلمة الثقفي: اختر منهن اربعا، و فارق سايرهن، أمره بالاختيار، و الأمر للوجوب، و لأنه لو لم يختر اربعا كان متمسكا بنكاح بعد الإسلام، فلم يجز، فان المسلم كما لا يجوز له أن ينكح اكثر من اربع، كذا لا يجوز ان يستديم اكثر من اربع، فان اختار اربعا و الّا حبسه الحاكم تعزيرا عليه في ترك الواجب، فان اصرّ و لم يرتدع بالحبس، اخرجه و عزره و يحده بما يراه الحاكم، اما بالضرب أو غيره، فان فعل، و الّا ردّ الي الحبس و الضرب حتي يختار، لأنه حق لا يقضي الّا من جهته.» «3»

4- الشهيد الأول: «ضابط الحبس: توقف استخراج الحق عليه، و يثبت في

______________________________

(1). المبسوط 4: 231- انظر الجامع للشرائع: 433.

(2). المبسوط 4: 220.

(3). تذكرة الفقهاء 2: 656- مثله في التحرير 2: 19 انظر قواعد الاحكام 2: 21- انظر ترجمة غيلان في اسد الغابة 4: 172. اقضية رسول الله: 191.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 303

مواضع:.. و من امتنع من التصرف الواجب عليه الذي لا تدخله النيابة كتعيين المختارة، و المطلقة..» «1»

آراء المذاهب الاخري

5- القرافي

المالكي: «يحبس من امتنع من التصرف الواجب الذي لا تدخله النيابة كحبس من أسلم متزوجا باختين أو عشرة نسوة أو امرأة و ابنتها و امتنع من تعيين واحدة..» «2»

اقول: ليس في المقام دليل خاص، و انما هو من موارد التعزير علي ترك الواجب و فعل المحرم، و مبني علي شمول التعزير للحبس، كما هو رأي العلامة في التذكرة و التحرير و القواعد.

الفصل الرابع الحبس في امتناع احد الزوجين من الطلاق

تفرد العلامة الحلي في القواعد باحتمال الحبس فيما لو عقد كل من الوليين علي امرأة لزوج، فاشتبه السابق منهما- العقدان- و امتنع كل من الزوجين عن الطلاق فاحتمل العلامة الحبس حتي يطلقها، كما احتمل فسخ الحاكم أو المرأة، فقال:

1- العلامة الحلي: «في مسألة ما لو نسي السابق من العقد علي امرأة من الوليين لزوجين: لو امتنعا من الطلاق احتمل حبسهما عليه، و فسخ الحاكم، أو المرأة.» «3»

2- و قال ولده فخر المحققين في شرحه علي القواعد: «أقول: إذا امتنعا من الطلاق احتمل حبسهما عليه، لوجوبه عليهما، فقد امتنعا من حق لآدمي مضيّق مع مطالبة صاحب الحق، فيحبسان عليه كسائر الحقوق، و يحتمل فسخ الحاكم، لعدم جواز

______________________________

(1). القواعد و الفوائد 2: 193- و مثله الفاضل المقداد في نضد القواعد الفقهيّة: 499.

(2). الفروق 4: 80.

(3). قواعد الاحكام 2: 8.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 304

الاجبار علي الطلاق، و يحتمل فسخ المرأة، لأنه يجوز لها الفسخ بالعيب كجبّ الزوج، لمنع بعض حقوقها، و هذا فيه منع الكل.

أقول: يحتمل ان يكون لكل من الزوجين الفسخ، كما يفسخ الزوج ذات العيب برتق الزوجة، و بالعكس، و الأولي عندي: فسخ الحاكم لأنّه وليّ الممتنع، و لأنها مسألة اجتهادية، و فيها إشكال و التباس، فيحتاج الي نظر و اجتهاد.»

«1»

الفصل الخامس حبس الزوج و الولي لترك النفقة

اشارة

وردت روايات بحبس الزوج لتركه النفقة، و في روايات من غير طرقنا: مع اعساره أيضا، كما روي الحبس في ترك نفقة الولد، اما بالنسبة الي حبس الزوج الموسر، فقد أفتي بذلك الشيخ الطوسي في المبسوط و الخلاف، و المحقق في الشرائع و العلامة في التحرير لكنه توقف في المختلف.

اما المعاصرون فلم أجد من أفتي منهم بالحبس. نعم، عن بعضهم يجبره الحاكم أو عدول المؤمنين، و عن بعض آخر: يلزمه احد الأمرين الإنفاق أو الطلاق فان لم يفعل فيطلق الحاكم عنه. و الحبس فيه رأي كثير من العامة أيضا.

اما بالنسبة الي نفقة الاقارب و العبد:

فقد نص العلامة الحلي في القواعد و التحرير بحبسه مع الامتناع، اما السنة:

فالظاهر من المبسوط و عيون الازهار و شرح منتهي الارادات و سبل السلام و غيرها ذلك.

الروايات

1- الجعفريات: «اخبرنا عبد اللّه، اخبرنا محمد، حدثني موسي، قال: حدثنا أبي،

______________________________

(1). إيضاح الفوائد 3: 38.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 305

عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي (عليهم السلام): ان امرأة استعدت عليا (ع) علي زوجها، فأمر علي (ع) بحبسه، و ذلك الزوج لا ينفق عليها إضرارا بها، فقال الزوج: احبسها معي، فقال علي (ع): ذلك لك، انطلقي معه.» «1»

2- و فيه: «اخبرنا عبد اللّه، اخبرنا محمد، حدثني موسي، قال: حدثنا أبي عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي (ع) قال: يجبر الرجل علي النفقة علي امرأته، فان لم يفعل حبس..» «2»

3- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي اللّه عنهم، انه كان يحبس في النفقة، و في الدين، و في القصاص، و في

الحدود، و في جميع الحقوق» «3».

4- التهذيب: «محمد بن علي بن محبوب، عن بنان، عن أبيه، عن عبد اللّه، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن علي عليه السلام: ان امرأة استعدت علي زوجها انه لا ينفق عليها و كان زوجها معسرا فأبي علي عليه السلام ان يحبسه، فقال:

إنّ مع العسر يسرا.» «4»

و رواه في ج 7 أيضا: عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن احمد بن محمد بن عيسي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن المغيرة عن السكوني..» «5»

قال المجلسي الأول: «.. فمن ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد اللّه بن المغيرة عن السكوني.. ثم قال استعدت: أي استنصرت.» «6»

و قال المجلسي الثاني: «ضعيف علي المشهور، و قال الوالد العلامة تغمده اللّه بالغفران: يدل علي عدم الحبس مع الفقر و علي عدم الفسخ به.» «7»

______________________________

(1). الجعفريات: 108- و عنه المستدرك 13: 432 ح 3.

(2). الجعفريات: 109- و عنه المستدرك 15: 157 ح 3.

(3). مسند زيد: 265.

(4). التهذيب 6: 499 ح 44- و عنه الوسائل 13: 148 ح 2.- انظر: الكافي 5: 512 ح 7- الفقيه 3: 279.

(5). التهذيب 7: 454- و رواه في الجعفريات: 108- و عنه المستدرك 15: 218 ح 5.- جامع أحاديث الشيعة 21: 454.

(6). روضة المتّقين 6: 84.

(7). ملاذ الاخيار 10: 205.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 306

5- المحلي: «عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب: ان عمر حبس عصبة صبي أن ينفقوا عليه، الرجال دون النساء.» «1»

6- نيل الاوطار: «روي عبد اللّه بن الحسن العنبري: ان الزوج اذا أعسر عن النفقة، حبسه الحاكم حتي يجدها.» «2»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «فأمّا

اذا كان موسرا بالنفقة فمنعها مع القدرة، كلفه الحاكم الانفاق عليها، فان لم يفعل، اجبره علي ذلك، فان أبي حبسه ابدا حتي ينفق عليها.» «3»

2- و قال في الخلاف: «اذا وجبت النفقة علي الرجل، أما نفقة يوم بيوم، أو ما زاد عليه، للزوجة أو غيرها من ذوي النسب و امتنع من اعطائه الزمه الحاكم اعطاؤه، فان لم يفعل، حبسه، فان لم يفعل و وجد له من جنس ما عليه اعطاه، و ان كان من غير جنسه، باع عليه و انفق علي من تجب له نفقته، و به قال الشافعي، و قال أبو حنيفة: ان وجد له من جنس ما عليه اعطاه، و الّا حبسه..» «4»

3- المحقق الحلي: «اذا دافع بالنفقة الواجبة، اجبره الحاكم، فان امتنع، حبسه.» «5»

4- العلامة الحلي في بحث إعسار الرجل بنفقة الزوجة: «الواجد اذا ما طل بالنفقة و منعها اجبره الحاكم علي دفعها، فاذا امتنع حبس الي ان يدفع.» «6»

5- و قال أيضا: «نفقة الاقارب تجب علي طريق المواساة لسد الخلّة.. فلو امتنع الموسر من الانفاق جاز لمن يجب له النفقة منهم اخذ ما يحتاج اليه من ماله، إن لم يتمكن من الحاكم، و لو تمكن منه رفع امره اليه و ألزمه الانفاق، فان امتنع، حبسه

______________________________

(1). المحلي 10: 102.

(2). نيل الاوطار 5: 326.

(3). المبسوط 6: 22- انظر النهاية: 360.

(4). الخلاف 5: 129 مسألة 32.

(5). شرايع الإسلام 2: 353.

(6). تحرير الاحكام: 2: 49.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 307

ابدا حتي ينفق.» «1»

6- و قال أيضا: «لو امتنع السيد من الإنفاق، أجبر عليه أو علي البيع، سواء في ذلك القن و المدبّر و أمّ الولد، و لو امتنع حبسه الحاكم.» 2

7- و قال

في المختلف في مسألة خيار الزوجة للفسخ في مورد اعسار الزوج: «نحن لا نوجب الحبس، بل نقول بالخيار في الفسخ، و نحن في ذلك من المتوقفين.» «3»

8- و قال في القواعد: «و لو دافع الملي بالنفقة، اجبره الحاكم، فان امتنع حبسه.

و قال في نفقة الأقارب: و اذا دافع بالنفقة أجبره الحاكم عليها، فان امتنع حبسه.» «4»

9- الشهيد الأول: «و يجبر الحاكم، الممتنع عن الإنفاق، و ان كان له مال باعه الحاكم و انفق منه.» «5»

10- الشيخ يوسف البحراني: «قالوا: لو دافع من وجبت عليه النفقة أجبره الحاكم، فان امتنع حبسه، و قيل: يتخير بين حبسه و تأديبه لينفق بنفسه، و بين ان يدفع من ماله قدر النفقة ان كان له مال ظاهر، و ان توقف علي بيع شي ء من عقاره و ماله جاز، لأن حق النفقة واجب فكان كالدين..» «6»

11- الشيخ محمد حسن النجفي: «.. فان امتنع، حبسه اذا فرض توقف حصولها عليه لخفاء ماله مثلا.» «7»

اما المعاصرون، فليس في كلماتهم، الحبس بل مجرد الاجبار و أمر الحاكم.

12- السيد ابو الحسن الاصفهاني: «لو امتنع من وجبت عليه النفقة، عن الانفاق، اجبره الحاكم، و مع عدمه فعدول المؤمنين.» «8»

______________________________

(1) 1 و 2. تحرير الاحكام: 2: 50.

(3). المختلف 7: 327 المسألة 238.

(4). قواعد الاحكام: 2: 56- انظر كشف اللثام 1: 109.

(5). الروضة البهية 5: 481.

(6). الحدائق الناضرة: 25: 138.

(7). جواهر الكلام 31: 388.

(8). وسيلة النجاة 3: 365- و مثله تحرير الوسيلة 2: 289- نجاة العباد 2: 388- وسيلة النجاة (مع تعاليق

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 308

13- السيد الخوئي: «و اذا امتنع القادر علي النفقة عن الانفاق جاز لها ان ترفع أمرها الي الحاكم الشرعي، فيلزمه

بأحد الأمرين من الإنفاق و الطلاق، فان امتنع عن الأمرين و لم يمكن الانفاق عليها من ماله جاز للحاكم طلاقها، و لا فرق بين الحاضر و الغائب.» «1»

اقول: لو قلنا بثبوت الحبس في الممتنع عن حقوق الآخرين- كما هو المسلّم- فيكون المورد من افراده فيحبس مع الايسار و المماطلة، أضف الي ذلك وجود روايات خاصة في المقام فتكون دليلا و شاهدا- ان لم يتم السند- فلو امتنع، فلا يبعد ما قاله السيد الخوئي، دفعا للضرر، و ان توقف فيه العلامة الحلي في المختلف.

آراء المذاهب الاخري

14- السرخسي: «و يحبس الأبوان في نفقة الولد و لا تشتبه النفقة بالدين لأن الانفاق علي الولد انما شرّع صيانة للولد عن الهلاك، و الممتنع كالقاصد الهلاك، و من قصد اهلاك ولده يحبس.» «2»

و قال أيضا: «و ان كان القاضي لا يعلم من الزوج عسره، فسألت المرأة حبسه بالنفقة، لم يحبسه القاضي في أول مرة لأنّ الحبس عقوبة لا يستوجبها الّا الظالم، و لم يظهر حيفه و ظلمه في اول مرة فلا يحبسه، و لكن يأمره بأن ينفق عليها و يخبره انه يحبسه ان لم يفعل، فان عادت اليه مرتين أو ثلاثا حبسه لظهور ظلمه بالامتناع من ايفاء ما هو مستحق عليه، فان علم انه محتاج خلّي سبيله، لأنه مستحق للنظرة الي ميسرة، و ليس بظالم في الامتناع من الايفاء مع العجز، الي أن قال:

و ان كان غنيا لم يخرجه من السجن ابدا حتي يؤدي النفقة و الدين».

امّا مدة الحبس: فقال أيضا: «و ينبغي للقاضي اذا حبس الرجل شهرين أو ثلاثة في نفقة أو دين أن يسأل عنه، و في بعض المواضع ذكر اربعة اشهر، و في رواية

______________________________

السيّد الگلپايگاني) 3: 234- وسيلة

النجاة (مع تعاليق الشيخ الوالد): 365.

(1). منهاج الصالحين 2: 324.

(2). المبسوط 20: 90.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 309

الحسن عن أبي حنيفة: قدّر ذلك بستة اشهر. و ذكر الطحاوي عن أبي حنيفة: إن أدني المدة فيه شهر، و الحاصل انه ليس فيه تقدير لازم، لان الحبس للأضجار و ذلك مما يختلف فيه احوال الناس عادة، فالرأي فيه الي القاضي حتي اذا وقع في اكبر رأيه انه يضجر بهذه المدة و يظهر مالا» «1».

15- الكندي: «و من عجز من الاحرار عن كسوة زوجته و نفقتها فهذا لازم له يسجن حتي ينفق فلا عذر له، و ليس هذا مثل الدين فيه الأجل حتي يوسر و يقدر. «2»

و قال: فان لم ينفق عليها العبد و لا سيده، هل يحبس حتي ينفق عليها، أو يطلقها؟

فأقول: نعم يحبس المولي حتي ينفق عليها أو يطلقها.» «3»

16- الموصلي: «و لا يحبس والد في دين ولده الّا اذا امتنع من الانفاق عليه.» «4»

17- احمد بن يحيي: «و يحبس لنفقة طفله، لا دينه. «5» و قال في باب نفقة الزوجة:

و ينفق الحاكم من مال الغائب مكفلا، و المتمرد، و يحبسه للتكسب» 6.

18- البهوتي: «فان امتنع- أجبره الحاكم- عليه فان أبي الدفع حبسه أو دفعها- أي النفقة- لزوجته (منه) أي من ماله (يوما بيوم) حيث امكن، لقيام الحاكم مقامه عند امتناعه، مما وجب عليه كسائر الديون، فان لم يجد الّا عرضا أو عقارا باعه و انفق عليه منه (فان غيّب ماله و صبر علي الحبس) فلها الفسخ لتعذر النفقة عليها من جهته كالمعسر.» «7»

19- محمد بن اسماعيل الصنعاني: «و القول الثالث: انه يحبس الزوج اذا اعسر بالنفقة حتي يجد ما ينفق و هو قول

العنبري، و قالت الهادوية: يحبس للتكسب.

و القولان مشكلان، لان الواجب انما هو الغذاء في وقته و العشاء في وقته فهو واجب في وقته، فالحبس ان كان في خلال وجوب الواجب فهو مانع عنه، فيعود علي الغرض

______________________________

(1). المبسوط 5: 188.

(2). المصنّف 53.

(3). المصنّف 217.

(4). الاختيار 2: 90.

(5) 5 و 6. عيون الازهار 469 و 241.

(7). شرح منتهي الارادات 3: 253.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 310

المراد بالنقض، و ان كان قبله، فلا وجوب فكيف يحبس لغير واجب، و ان كان بعده صار كالدين، و لا يحبس له مع ظهور الاعسار اتفاقا.» «1»

20- قال الشوكاني بعد نقل رواية العنبري: «و هو في غاية الضعف لان تحصيل الرزق غير مقدور له، اذا كان ممن اعوزته المطالب و اكدت عليه جميع المكاسب، اللهم الّا ان يتقاعد عن طلب اسباب الرزق و السعي له مع تمكنه من ذلك، فلهذا القول وجه.» «2»

21- الجزيري: «الحنفية قالوا: ثم اذا كان- الزوج- موسرا، فان لها الحق في بيع ماله في نفقتها، فان لم تجد ماله تحبسه حتي ينفق، فاذا كان معسرا، و له ابن من غيرها موسرا أو عم، أو لها هي أخ موسرا و عمّ، فنفقتها علي زوجها، و لكن يؤمر ابنه الموسر أو أخوه الموسر أو عمّه أو أخوها أو عمّها هي بأداء النفقة، فان امتنع، حبس حتي ينفق، فاذا أيسر الزوج دفع اليه ما انفقه «3».

المالكية:.. فان ادعي انه موسر و لكنه امتنع عن الانفاق، فقيل: يحبس حتي ينفق، و قيل: يطلّق عليه.

الحنفية: - نفقة الأولاد- فاذا كان الأب موسرا، و امتنع عن النفقة علي اولاده، حبس في نفقتهم، و لا يحبس الوالد في دين ولده الّا دين النفقة.

و

قالوا: فاذا لم يكن لهم جد موسر و كان لهم عم او أخ موسر وجبت النفقة علي واحد منهما، فللأم ان تطالب احدهما بالانفاق بدون تقديم لأحدهما علي الآخر، فاذا طالبت احدهما فرض عليه الانفاق، و يحبس ان امتنع، و الّا وجب الانفاق علي الاقرب فالأقرب.» «4»

______________________________

(1). سبل السلام 3: 460.

(2). نيل الاوطار 6: 326.

(3). الفقه علي المذاهب الاربعة 4: 581 و 586.

(4). الفقه علي المذاهب الاربعة 4: 586.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 311

الفصل السادس حبس الزوج الممتنع عن اللعان

اشارة

ان الزوج لو قذف زوجته فلم يلاعن فقد ثبت عليه الحد- عندنا-، و ان لاعن و نكلت الزوجة عن ذلك، فقد ثبت عليها حد القذف، و لكن عن أبي حنيفة و اتباعه:

يحبس الزوج لو امتنع عن اللعان، و كذلك الزوجة لو نكلت، و به فسّر «العذاب» المذكور في الآية الشريفة.

الآية: «وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدٰاءُ إِلّٰا أَنْفُسُهُمْ فَشَهٰادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّٰادِقِينَ وَ الْخٰامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَيْهِ إِنْ كٰانَ مِنَ الْكٰاذِبِينَ، وَ يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذٰابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهٰادٰاتٍ بِاللّٰهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكٰاذِبِينَ وَ الْخٰامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللّٰهِ عَلَيْهٰا إِنْ كٰانَ مِنَ الصّٰادِقِينَ.» «1»

الآثار من غير طرقنا

1- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن محمد بن الزبير، عن مكحول، قال: اذا لاعن الرجل و ابت المرأة أن تلاعن رجمت، قال: حدثنا ابو بكر، قال حدثنا معاذ بن معاد، عن اشعث، عن الحسن، قال: تحبس» «2».

2- و فيه: «و قال عيسي: سمعت عند الشعبي يقول: يجبران علي اللعان و يحبسان حتي يتلاعنا.» 3

آراء المفسّرين

1- الشيخ الطوسي: «و الدرء: الدفع، و العذاب: الذي يدرأ عنهما بشهادتهما (الحد) لأنه بمنزلة من يشهد عليها اربعة شهود بالزنا و قال قوم هو الحبس لأنه لم تتم البيّنة

______________________________

(1). النور: 7.

(2) 2 و 3. المصنّف 9: 557 ح 8504 و 558 ح 8506.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 312

بأربعة شهود، و انّما التعان الرجل درأ عنه الحد في رميه.» «1»

2- العلامة الطبرسي: «و يدرأ العذاب: و يدفع عن المرأة حد الزنا.» «2»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و متي نكل الرجل عن اللعان قبل استكمال الشهادات كان عليها الحد و متي نكلت المرأة عن اللعان قبل استيفاء الشهادات كان عليها الرجم.» «3»

2- و قال في الخلاف: «اذا لاعن الرجل الحرة المسلمة، و امتنعت من اللعان وجب عليها الحد، و به قال الشافعي..» «4».

3- و قال في المبسوط: «اذا ادعت علي زوجها القذف، فانكر فشهد شاهدان عليه بالقذف، كان له أن يلاعن، و ليس ذلك تكذيبا لنفسه، لأنه يقول: انما انكرت ان أكون قذفت و البينة شهدت عليّ بأني قد قلت لها: يا زانية، و ليس هذا قذفا لأني صادق في قولي، فليس هذا بقذف فلا يكون تكذيبا الي أن قال: فاما اذا ادعت المرأة عليه انه قال لها: يا زانية، فقال: ما قلت يا زانية و ليست بزانية، ثم قامت البينة عليه بانه قال لها ذلك، فانه يكذّب نفسه، و لزمه الحد، لقيام البينة، و ليس له ان يلاعن، لأنه قد تقدم منه الاقرار بانها ليست بزانية، فليس له أن يحقق كونها زانية، بان يلتعن مع تقدم انكاره لها.» «5»

4- المحقق الحلي: «و لو اكذب نفسه في اثناء اللعان، أو نكل، ثبت عليه الحد، و

لم تثبت عليه الاحكام الباقية.. و لو نكلت هي أو أقرت، رجمت و سقط الحد عنه

______________________________

(1). التبيان 7: 366- انظر الخلاف 2: 286 مسألة 12.

(2). مجمع البيان 7: 129- انظر كنز العرفان 2: 297- تفسير الصافي 3: 419- تفسير الميزان 15: 89- الدر المنثور 5: 24- التفسير الكبير 23: 167- مختصر تفسير ابن كثير 2: 584- روح المعاني 18: 109- روائع البيان 2: 90.

(3). النهاية: 521.

(4). الخلاف 5: 14 مسألة 12.

(5). المبسوط 5: 193.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 313

و لم يزل الفراش، و لا يثبت التحريم.» «1»

5- السيد الاصفهاني: «.. فلو قذفها ثم لاعن و نكلت هي عن اللعان، تخلّص الرجل عن حد القذف، و تحد المرأة حد الزانية لأنّ لعان الرجل بمنزلة البينة في اثبات زنا الزوجة» «2».

آراء المذاهب الاخري

1- الام: «.. و اذا قذف الرجل امرأته و شهد عليه الشهود بذلك و هو يجحد، فانّ أبا حنيفة كان يقول: اذا رفع الي الامام خبره، حبسه حتي يلاعن و بهذا يأخذ.. «3»

و قال: قال أبو حنيفة: اذا نكلت وجب عليها الحبس حتي تلاعن.» «4»

2- ابن حزم: «و لم يبق في الحكم بالنكول الّا قول زفر الذي وافقه عليه ابو يوسف و محمد بن الحسن صاحباه فوجدناه من حجة من ذهب اليه أنه ذكر آية اللعان و قال:

انه لا خلاف في ان الزوج ان نكل عن الإيمان، أو نكلت هي، فانّ علي الناكل حكما ما يلزمه بنكول الناكل المذكور: اما السجن و اما الحد.» «5»

3- الموصلي: «باب اللعان: و يجب بقذف الزوجة بالزنا أو بنفي الولد، اذا كانا من أهل الشهادة و هي ممن يحد قاذفها و طالبته بذلك، فان امتنع منه حبس حتي

يلاعن أو يكذّب نفسه فيحد.. و تحبس حتي تلاعن أو تصدّقه» «6».

4- ابو يعلي الفرّاء: «فاذا التعن الزوج و لم تلتعن هي فلا حد عليها، و هل تحبس حتي تلاعن أو تقرّ؟ علي روايتين، احداهما تحبس، و الثانية لا تحبس.» «7»

______________________________

(1). شرايع الإسلام 3: 100- انظر جواهر الكلام 34: 67.

(2). وسيلة النجاة: 392- انظر وسيلة النجاة (مع تعاليق السيّد الگلپايگاني) 3: 274- تحرير الوسيلة 2:

325.

(3). الام 7: 154.

(4). الام 8: 212- بداية المجتهد 2: 120- الخلاف 5: 14 مسألة 12.

(5). المحلي 9: 375.

(6). الاختيار 3: 167.

(7). الاحكام السلطانيّة: 272.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 314

5- ابن الجلاب: «و اذا امتنع احد الزوجين عن الالتعان، فان القاضي يحبسه حتي يلتعن، و عند الشافعي: لا يحبس و لكن يحد حد القذف.» «1»

6- المرداوي: «قوله: و ان لاعن و نكلت الزوجة خلي سبيلها، و لحقه الولد- ذكره الخرقي- اذا لاعن الزوج و نكلت المرأة: فلا حد عليها علي الصحيح من المذهب، و عليه جماهير الاصحاب، و قطع به كثير منهم، حتي قال الزركشي: اما انتفاء الحد عنها، فلا نعلم فيه خلافا في مذهبنا.. و عن الامام احمد تحبس حتي تقر أو تلاعن، اختاره القاضي و ابن البناء و الشيرازي.» «2»

7- البهوتي: «اذا لاعن الرجل و نكلته حبست حتي تقر اربعا أو تلاعن» «3».

8- الجزيري: «الحنفية قالوا: اذا امتنع الرجل عن اللعان، حبس حتي يلاعن لأنه وجب عليه بنص القرآن الكريم، فيحبس فيه لقدرته عليه أو يكذب نفسه فيجلد..

و اذا لاعن الرجل، وجب علي المرأة اللعان بنص القرآن الكريم، فاذا امتنعت عن اللعان، و عن الاقرار، حبست حتي تلاعنه، أو تصدقه، فلا حاجة الي اللعان.» «4»

9- الصابوني: «اختلف

الفقهاء فيما اذا نكل احد الزوجين عن اللعان هل يجب عليه الحد؟ علي مذهبين أ- مذهب الجمهور (مالك و الشافعي و احمد): ان الزوج اذا نكل عن اللعان فعليه حد القذف، و اذا نكلت الزوجة عن اللعان فعليها حد الزني.

ب- و قال أبو حنيفة: اذا نكل الزوج عن اللعان حبس حتي يلاعن أو يكذب نفسه و اذا نكلت المرأة حبست حتي تلاعن أو تقر بالزني فيقام عليها حينئذ الحد.» «5»

______________________________

(1). تحفة الفقهاء: 1: 223.

(2). الانصاف 9: 249.

(3). شرح منتهي الارادات 3: 566.

(4). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 109.

(5). روائع البيان 2: 89.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 315

الفصل السابع حبس الزوج في بعض موارد الطلاق

اشارة

1- المدونة: «ان شهد احدهما علي رجل انه قال لامرأته: انت طالق ان دخلت الدار و انه دخل الدار و شهد الآخر انه قال لامرأته انت طالق إن كلمت فلانا، و انه كلّمه أ تطلّق عليه أم لا؟

قال مالك: لا تطلق عليه، و في قول مالك الآخر: يلزم الزوج اليمين انه لم يطلق و يكون بحال ما وصفت لك ان أبي اليمين سجن.» «1»

أقول: هذا النوع من الطلاق باطل عندنا لأنه طلاق بشرط، و إليك كلمات فقهائنا:

1- قال الشيخ الطوسي: «فان قال: إن بدأتك بالكلام فأنت طالق، لم تطلق،..

لأنه طلاق بشرط» «2».

2- قال الشهيد: «و لا يقع الطلاق.. و لا معلقا علي شرط، و هو ما أمكن وقوعه و عدمه كقدوم المسافر و دخولها الدار، أو صفة: و هو ما قطع بحصوله عادة كطلوع الشمس و زوالها، و هو موضع وفاق منّا.» «3»

فرع

الحبس فيما لو ادعت الزوجة الطلاق، أو شهد الشاهدان أو شاهد واحد ذلك..

فقد ادعي بعض السنة: يحبس حتي يحلف، فان طال حبسه يخلّي سبيله و يدين في ذلك كما في المدونة و التفريع.

1- المدونة: «أ رأيت الطلاق، أ يحلف فيه في قول مالك اذا ادعته المرأة علي

______________________________

(1). المدوّنة الكبري 3: 41 و 47.

(2). المبسوط 5: 13 و 39.

(3). الروضة البهية 6: 16.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 316

زوجها؟ قال: قال مالك: لا يحلف لها الّا أن تأتي بشاهد واحد، فيحلف لها، فان أبي؟

قال مالك آخر ما قال: يسجن حتي يحلف و ثبت علي هذا القول، و قال: قد كان مرة يقول لنا: يفرق بينهما اذا أبي أن يحلف، قال: ابن القاسم: و أنا أري إن أبي أن يحلف و طال حبسه

ان يخلّي سبيله و يدين في ذلك، قال: و قد بلغني ذلك عن مالك.» «1»

2- ابن الجلاب: «و اذا ادعت المرأة الطلاق علي زوجها لم يحلف بدعواها فان اقامت علي ذلك شاهدا واحدا، لم تحلف مع شاهدها، و لم يثبت الطلاق علي زوجها، لكن يحلف لها زوجها فان حلف برئ من دعواها، و ان نكل عن اليمين، ففيها روايتان: احداهما انها تطلق عليه بالشاهد و النكول لأنهما أقوي من الشاهد و اليمين لكونهما سببين من جهتين مختلفتين، و الرواية الاخري انه اذا نكل عن اليمين، حبس، فان طال حبسه ترك، و علي المرأة ان تمتنع منه، و لا تظهر له زينة و تمنعه نفسها، فلا يصحبها الّا مكرهة.» «2»

أقول: لا بد من ملاحظة ان المورد، هل يثبت بشاهدين أم يكفي شاهد واحد، أم مع اليمين أيضا، فمثل الطلاق الذي لا يثبت الّا بشاهدين فلا وجه لحبسه فيما لو اقامت الزوجة شاهدا واحدا، أضف الي ذلك ان انكار الزوج، يعد من الأقوال المفيدة للرجعة كما عليه المشهور «3» و امّا بالنسبة الي دعوي العتق، فكذلك اذ يتوقف علي اقامة شاهدين.

1- قال الشيخ الطوسي: «اذا ادعي عبد علي سيده انه اعتقه فأنكر، فأتي العبد بشاهدين فشهدا له عند الحاكم عدالتهما، فقال له العبد فرّق بيننا حتي نبحث عن العدالة، قال قوم يفرّق بينهما، و قال آخرون لا يفرق، و الأول أقوي.. هذا اذا أتي بشاهدين فان أتي بشاهد واحد، و قال: لي شاهد آخر قريب و انا آتيك به، قال قوم

______________________________

(1). المدوّنة الكبري 5: 136- انظر 178 و ج 3: 47 و المحلّي 9: 374.

(2). التفريع 2: 106 فصل 69- انظر 105 فصل 684.

(3). مسالك الافهام 9:

186.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 317

يفرق بينهما، و قال آخرون لا يفرق لأنه لم يأت بالبينة التامة و كذلك كل حق لا يثبت الّا بشاهدين كالنكاح و الطلاق و القصاص و نحو ذلك ان أتي بشاهدين حبس له خصمه، و ان أتي بشاهد واحد فهل يحبس خصمه حتي يأتي بآخر؟ علي القولين.. «1»

الي ان قال: و كل موضع حبسناه بشاهد واحد لم يحبس ابدا، و يقال للمشهود له ان جئت بعد ثلاث و الّا اطلقناه.» 2

2- و قال الشهيد الثاني: «قوله اذا ادعي العبد العتق.. و اما مع اقامة الشاهد الواحد قبل اليمين فعدم الكمال أوضح لأنه يتمكن من اثبات الحق بالحلف و لم يفعل فلا وجه للحبس قبل ثبوت الحق، و انما قيد المصنف الشاهد بالمال، ليتمكن اثباته معجّلا باليمين، فيكون في قوة البينة الكاملة، فلو كان الحق مما لا يثبت الّا بشاهدين كالطلاق لم يحبس لعدم كمال البينة حينئذ كذا نص عليه الشيخ و ذكر فيه احتمالا في الحبس أيضا، و ربّما قيل بجواز الحبس ان رآه الحاكم صلاحا و لا بأس به لأنها مسألة اجتهادية فيناط بنظر الحاكم.» «3»

الفصل الثامن حبس من يؤذي زوجته

قد يقال: بحبس الحاكم من يؤذي زوجته، بل عقوبته زائدا علي ذلك، و لكنه مبني علي إطلاق ولاية الحاكم و شمولها للمورد.

الكندي في المصنف: «قوله: قلت: فاذا صح عند الحاكم انه يؤذيها و يشتمها هل يجبره علي أن يطلقها، و اما ان يكفّ عنها يده و لسانه..؟ قال: يحبسه اذا صح معه اذيّته لها أو شتمه اياها، و يعاقبه بما يري من العقوبة من ضرب أو غيره.» «4»

______________________________

(1) 1 و 2. المبسوط 8: 254.

(3). مسالك الافهام 14: 320.

(4). المصنّف: 15.

موارد السجن

في النصوص و الفتاوي، ص: 319

الباب الثّاني عشر حبس أعداء الدولة و مناوئيه: و فيه أحد عشر فصلا

اشارة

1- هل يحبس الجاسوس.

آراء الفقهاء حول تجسس الذمي.

آراء الفقهاء حول خروج الجاسوس الي الجهاد.

آراء الفقهاء حول المعاهد و المستأمن اذا تجسس.

2- حبس الباغي.

3- حبس الأسري.

4- حبس رهائن الكفار مقابل أسري المسلمين و حبسهم.

5- حبس غير البالغ من المشركين.

6- حبس الممتنعين عن دفع الجزية.

7- حبس أهل الجزية اذا ارادوا الفرار الي دار الحرب.

8- حبس من اراد الخروج علي الإمام (ع).

9- حبس المحارب.

10- حبس العجزة و النساء و الأطفال من البغاة.

11- الحبس للنزول علي حكم الإمام (ع).

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 321

الفصل الأوّل هل يحبس الجاسوس؟

اشارة

مقتضي بعض الأحاديث و الشواهد التاريخية في كتب الفريقين هو قتل الجاسوس و للإمام العفو عنه لو كان مسلما أو أسلم كما روي عن الإمام الحسن (ع) انه قتل جاسوسين لمعاوية، و روي عن الصادق: قتل الجاسوس، هذا، و لكن فقهاؤنا- رضوان اللّه عليهم- أفتوا في المسلم بالتعزير إن شاء الامام و حرمانه من الغنيمة، كالشيخ في المبسوط، و العلامة الحلي في القواعد و المنتهي، مستدلين بقصة حاطب.. بل و لغير الإمام تعزيره من باب النهي عن المنكر كما يظهر من المحقق القمي في جامع الشتات.

امّا السنة: فعن أبي حنيفة و الأوزاعي و أبي يوسف: إنّ المسلم من الجواسيس يحبس، و به قال في الترغيب، و البستي في معالم السنن و غيره، و عن بعض آخر منهم:

انه يقتل كما عن ابن عقيل و الداوي، و ابن القاسم و احمد بن يحيي في عيون الازهار و فصّل آخرون بين المتكرر منه و غيره كما عن ابن تيمية و ابن الجوزي.

و لعل الأظهر هو التفصيل بين المسلم و الذمّي و الحربي اما الأخير فيقتل و ذلك لجواز قتله حتي و لو لم يتجسس، و امّا

الذمي: فان صدق عليه انه نقض العهد بذلك فيقتل أو يسترق و سيجي ء الخلاف فيه، و اما المسلم فيعزر علي فعله الحرام، و هذا هو

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 322

الذي يمكن أن يستخلص من مطاوي الأحاديث، و فتاوي الفقهاء.

ما ورد في الجاسوس

1- الشيخ المفيد: «فلما بلغ معاوية بن أبي سفيان وفاة أمير المؤمنين (ع) و بيعة الناس ابنه الحسن (ع) دسّ رجلا من حمير الي الكوفة و رجلا من بني القين الي البصرة ليكتبا اليه بالأخبار و يفسدا علي الحسن (ع) الأمور فعرف ذلك الحسن (ع) فأمر باستخراج الحميري من عند لحّام بالكوفة فاخرج و أمر بضرب عنقه و كتب الي البصرة باستخراج القيني من بني سليم فاخرج و ضربت عنقه، و كتب الحسن (ع) الي معاوية: اما بعد فانك دسست الرجال للاحتيال و الاغتيال و ارصدت العيون كأنك تحب اللقاء..» «1»

2- دعائم الإسلام: «روينا ذلك عن أبي جعفر محمد بن علي (ع).. و الجاسوس و العين اذا ظفر بهما قتلا، كذلك روينا عن أهل البيت.» «2»

3- علي بن ابراهيم القمي: «سورة الممتحنة: «بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ، يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيٰاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ» «3» نزلت في حاطب بن أبي بلتعة.. و كان سبب ذلك ان حاطب، كان قد أسلم، و هاجر الي المدينة، و كان عياله بمكة، و كانت قريش، تخاف ان يغزوهم رسول اللّه (ص) فصاروا الي عيال حاطب، و سألوهم: ان يكتبوا الي حاطب، يسألوه عن خبر محمد رسول اللّه (ص) و هل يريد ان يغزو مكة؟ فكتبوا الي حاطب يسألونه عن ذلك، فكتب اليهم حاطب، ان رسول اللّه (ص) يريد ذلك، و دفع الكتاب الي

امرأة تسمّي صفيّة، فوضعته في قرنها- أي الذوابة- و مرت، فنزل جبرئيل (ع) علي رسول اللّه (ص) فأخبره بذلك، فبعث رسول اللّه أمير المؤمنين (ع) و الزبير في طلبها، فلحقوها، فقال لها أمير المؤمنين (ع): اين الكتاب؟ فقالت: ما معي، ففتّشوها فلم يجدوا معها شيئا، فقال الزبير: ما نري معها شيئا، فقال أمير المؤمنين: و اللّه، ما كذّبنا رسول اللّه (ص) و لا كذب رسول اللّه (ص) علي جبرئيل (ع) و لا كذب جبرئيل علي اللّه جل ثناؤه، و اللّه، لتظهرنّ لي الكتاب، أو

______________________________

(1). الارشاد: 188- و عنه كشف الغمة 2: 164، و فيه: و يفسدا علي الحسن (ع) الامور و قلوب الناس.- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16: ص 31 الاغاني 21: ص 28.

(2). دعائم الإسلام 1: 398- و عنه المستدرك 11: 98 ح 2- و 18: 197 ح 1.

(3). الممتحنة (60) آية 1- 2

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 323

لأوردنّ رأسك الي رسول اللّه (ص)، فقالت تنحّيا حتي أخرجه، فأخرجت الكتاب من قرنها، فأخذه أمير المؤمنين (ع) و جاء به الي رسول اللّه (ص) فقال رسول اللّه (ص):

يا حاطب ما هذا؟ فقال حاطب: و اللّه يا رسول اللّه (ص) ما نافقت و لا غيّرت و لا بدّلت و إني أشهد أن لا إله إلّا اللّه، و أنك رسول اللّه (ص) حقا، و لكن أهلي و عيالي كتبوا إليّ بحسن صنيع قريش اليهم فأحببت أن أجازي قريشا بحسن معاشرتهم، فانزل اللّه جل ثناؤه علي رسول اللّه (ص) «يٰا أَيُّهَا «1» الَّذِينَ آمَنُوا» الآية. «2»

4- أمين الإسلام الطبرسي: «و كتب في الكتاب: من حاطب بن أبي بلتعة الي أهل مكة: ان رسول اللّه

يريدكم فخذوا حذركم.. فرجعوا بالكتاب الي رسول اللّه (ص)، فأرسل الي حاطب، فأتاه، فقال له: هل تعرف الكتاب؟ قال:

نعم، قال: فما حملك علي ما صنعت؟ قال: يا رسول اللّه، و اللّه ما كفرت منذ أسلمت، و لا غششتك منذ نصحتك، و لا احببتهم منذ فارقتهم، و لكن لم يكن أحد من المهاجرين الّا و له بمكة من يمنع عشيرته، و كنت عريرا فيهم- أي غريبا- و كان أهلي بين ظهرانيهم، فخشيت علي أهلي، فأردت أن اتخذ عندهم يدا، و قد علمت ان اللّه ينزل بهم بأسه، و ان كتابي لا يغني عنهم شيئا فصدّقه رسول اللّه (ص)..» «3»

5- فرات بن ابراهيم: معنعنا عن ابن عباس رضي اللّه عنه «.. فبعث رسول اللّه (ص) رجلين من اصحابه في أثرها- ساره-: أمير المؤمنين (ع) و الزبير بن العوام، و أخبرهما خبر الصحيفة، فقال (ص): ان اعطتكم الصحيفة فخلوا سبيلها و الّا فاضربوا عنقه،.. ثم رجعا الي النبي (ص) فأعطياه الصحيفة، فإذا فيها: من حاطب بن أبي بلتعة الي أهل مكة: ان محمدا قد نفر، فانّي لا أدري اياكم أراد، أو غيركم فعليكم بالحذر … » «4»

قال العلامة الطباطبائي: «و هذا المعني مروي في عدة من الروايات، عن نفر من

______________________________

(1). الممتحنة: 1.

(2). القمي 2: 361- و عنه نور الثقلين 5: 299 ح 3 و البرهان 4: 323 ح 1 و الصافي 5: 160.

(3). مجمع البيان 9: 270.

(4). تفسير فرات: 183- و عنه البحار 20: 136 ح 30.- المعجم الكبير 3: 205 ح 3066.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 324

الصحابة، كأنس و جابر و عمر، و ابن عباس، و جمع من التابعين كحسن و غيره، و الرواية من

حيث متنها لا تخلو من بحث: اما أولا فلأنّ ظاهرها، بل صريحها إن حاطب، كان يستحق بصنعه ما صنع، القتل، أو جزاء دون ذلك، و انما صرف عنه ذلك، كونه بدريا، فالبدري لا يؤاخذ بما أتي به من معصية، كما يصرح به قوله (ص) لعمر في هذه الرواية: «انه شهد بدرا» و في رواية الحسن: انهم أهل بدر، فاجتنب أهل بدر، انهم أهل بدر فاجتنب أهل بدر، انهم اهل بدر، فاجتنب اهل بدر، و يعارضه ما في قصة الإفك، ان النبي (ص) بعد ما نزلت براءة عائشة، حد مسطح بن اثاثة، و كان من الآفكين، و كان مسطح هذا من السابقين الأولين من المهاجرين، و ممن شهد بدرا، كما في صحيحي البخاري، و مسلم، و حدّه النبي (ص) كما نطقت به الروايات الكثيرة الواردة في تفسير آيات الإفك..» «1»

6- ابو داود: «عن سلمة بن الأكوع، قال: أتي النبيّ عين، من المشركين و هو في سفر فجلس عند اصحابه ثم انسلّ، فقال النبي (ص) اطلبوه فاقتلوه قال: فسبقتهم اليه فقتلته و أخذت سلبه، فنفلني إيّاه.» «2»

7- و فيه: «عن سلمة، قال: غزوت مع رسول اللّه (ص) هوازن، قال: فبينما نتضحّي و عامتنا مشاة و فينا ضعفة، اذ جاء رجل، علي جمل احمر فانتزع طلقا من حقو البعير فقيد به جمله ثم جاء يتغذي مع القوم، فلما رأي ضعفتهم، ورقة ظهرهم، خرج يعدو الي جمله، فأطلقه ثم اناخه فقعد عليه ثم خرج يركضه، و اتبعه رجل من أسلم علي ناقة ورقاء هي أمثل ظهر القوم قال: فخرجت أعدو، فادركته و رأس الناقة عند ورك الجمل، ثم تقدمت حتي كنت عند ورك الجمل، ثم تقدمت حتي اخذت بخطام

الجمل، فانخته، فلما وضع ركبته بالأرض اخترطت سيفي فاضرب رأسه، فندر، فجئت براحلته، و ما عليها أقودها، فاستقبلني رسول اللّه (ص)، قال: له سلبه أجمع.» «3»

قال البستي: «قوله نتضحي معناه: نتغذي، و الضحاء ممدود الغداء، و الطلق: سير

______________________________

(1). تفسير الميزان 19: 272.

(2). سنن ابي داود 3: 48 ح 2653. انظر البخاري الجهاد 1: 428- مسلم 2: 82- الاقضية: 77 المعجم الكبير 7: 29 ح 6272 و 6273.

(3). سنن ابي داود 3: 49 ح 2654.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 325

يقيد به البعير، و حقوه مؤخره، ندر: معناه بان منه و سقط.» «1»

أقول: و الظاهر انها قضية واحدة نقلت بتفاوت.

8- و فيه: «عن حارثة بن مضرب، عن فرات بن حيان، ان رسول اللّه (ص) امر بقتله و كان عينا لأبي سفيان، و كان حليفا لرجل من الأنصار، فمر بحلقة من الانصار، فقال: اني مسلم، فقال رجل من الانصار: يا رسول اللّه: انه يقول: اني مسلم، فقال رسول اللّه (ص) ان منكم رجالا نكلهم الي ايمانهم، منهم فرات بن حيان» «2».

و أضاف ابن الأثير في روايته: «.. منهم فرات بن حيان، و اطلقه و لم يزل يغزو مع رسول اللّه (ص) الي أن توفي رسول اللّه (ص) فانتقل الي مكة، فنزلها و كان عقبه بها، و لما أسلم، حسن اسلامه، و فقه في الدين و كرم علي النبي (ص)..» «3»

9- الواقدي: في غزوة المريسيع: «فلما نزل- أي النبي (ص)- ببقعاء «4» اصاب عينا للمشركين، فقالوا له: ما وراءك؟ اين الناس؟ قال: لا علم لي بهم، قال عمر:

لتصدقنّ، أو لأضربنّ عنقك، قال «فأنا رجل من بلمصطلق، تركت الحارث بن أبي ضرار، قد جمع لكم الجموع و تجلب

اليه ناس كثير، و بعثني إليكم لآتيه بخبركم و هل تحركتم من المدينة، فأتي عمر بذلك رسول اللّه (ص) فأخبره الخبر، فدعاه رسول اللّه (ص) الي الإسلام، فأبي، فقال عمر: يا رسول اللّه (ص) أضرب عنقه؟

فقدمه رسول اللّه (ص) فضرب عنقه.» «5»

10- و فيه: «حدثني عبد اللّه بن جعفر، عن يعقوب بن عتبة، قال: بعث رسول اللّه (ص) عليا في مائة رجل الي حي سعد، بفدك، و بلغ رسول اللّه (ص) ان لهم جمعا يريدون ان يمدّوا يهود خيبر، فسار الليل، و كمن النهار، حتي انتهي الي الهمج «6»، فأصاب عينا، فقال: ما انت؟ هل لك علم بما وراءك من جمع من بني سعد؟ قال:

______________________________

(1). معالم السنن 2: 276.

(2). سنن ابي داود 3: 48 ح 2652. عبد الرزاق 5: 208 ح 9396.

(3). اسد الغابة 4: 175- انظر المعجم الكبير 2: 192- طبقات ابن سعد 2: 36- الكامل لابن الاثير 2: 145.

(4). اسم قرية من قري اليمامة- انظر معجم البلدان 1: 471.

(5). المغازي 1: 406.

(6). ماء و عيون عليه نخل من المدينة من جهة وادي القري معجم البلدان 5: 410.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 326

لا علم لي به، فشدّوا عليه، فاقرّ انه عين لهم، بعثوه الي خيبر، يعرض علي يهود خيبر نصرهم، علي ان يجعلوا لهم من تمرهم كما جعلوا لغيرهم، و يقدمون عليهم، فقالوا له:

فأين القوم؟ قال: تركتهم، و قد تجمّع منهم مائتا رجل، و رأسهم وبر بن عليم، قالوا:

فسربنا حتي تدلّنا، قال: علي ان تؤمّنوني قالوا: ان دللتنا عليهم، و علي سرحهم امناك، و الّا فلا امان لك. قال: فذلك، فخرج بهم دليلا لهم حتي ساء ظنهم به، و أوفي بهم علي

فدافد و آكام، ثم أفضي بهم الي سهوله، فاذا نعم كثير و شاء، فقال:

هذا نعمهم و شاءهم، فأغاروا عليه فضموا النعم و الشاء، قال: ارسلوني: قالوا: لا، حتي نأمن الطلب و نذر بهم الراعي، رعاء الغنم و الشاء، فهربوا الي جمعهم، فحذروهم، فتفرقوا، و هربوا، فقال الدليل: علام تحبسني؟ فقد تفرقت الاعراب، و انذرهم الرعاء؟

قال علي (ع): لم نبلغ معسكرهم، فانتهي بهم اليه، فلم ير احدا، فأرسلوه، و ساقوا النعم و الشاء، النعم خمسمائة بعير، و الفا شاة.» «1»

أقول: تعرض الفقهاء لمسألة الاستعانة بالمشركين في الجهاد و لم أجد من تعرض لمسألة استخدام الجاسوس الكافر بخصوصها و قد يفهم منها جوازه مطلقا كما انها تدلّ، علي انه مهدور الدم بقرينة عفو أمير المؤمنين عنه.

آراء فقهائنا القائلين بالتعزير

1- الشيخ الطوسي: «و اذا تجسس مسلم لأهل الحرب و كتب اليهم، فأطلعهم علي اخبار المسلمين، لم يحل بذلك قتله، لان حاطب بن أبي بلتعة، كتب الي أهل مكة كتابا يخبرهم بخبر المسلمين، فلم يستحل النبي (ص) قتله.. و للإمام ان يعفو عنه، و له ان يعزّره، لان النبي (ص) عفي عن حاطب» «2»

2- ابن البراج الطرابلسي: «مسألة: اذا تجسس انسان لأهل الحرب، و حمل اليهم اخبار المسلمين، هل يجوز قتله بذلك أم لا؟

الجواب: لا يجوز قتله بذلك، لان حاطب ابن أبي بلتعة، كاتب أهل مكة بأخبار

______________________________

(1). المغازي 2: 562.

(2). المبسوط 2: 15.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 327

المسلمين، فلم ير رسول اللّه (ص) قتله بذلك، غير ان الامام يعزّره علي ذلك، و له العفو عنه» «1».

3- العلامة الحلي: «و لو تجسس مسلم لأهل الحرب و اطلعهم، علي عورات المسلمين، لم يحل قتله، بل يعزر، إن شاء الامام» «2».

4- و

قال في المنتهي: «اذا كتب بعض المسلمين الي المشركين، بخبر الإمام: ما عزم عليه من قصدهم، و يعرّفهم احواله، فانه لا يقتل ذلك، لما روي: ان حاطب بن أبي بلتعة.. اذا عرفت هذا، فان الإمام يعزّره بحسب حاله، و ما يقتضيه نظر الإمام، و لا يسهم من الغنيمة إلّا أن يتوب، فيحصل الغنيمة» «3».

5- المحقق القمي: «السؤال: هل يجوز للمسلم أن يتعاون مع الكفار في تسخير البلاد الاسلامية و نهبهم و قتلهم و أسرهم؟ و لو توقف الغلبة علي الكفار في هذه المعركة (حرب ايران مع الروس) علي تهجيرهم و عقوبة بعض المتمردين و تهجير الذين يؤون جاسوس المشركين و يذيعون اسرار المسلمين فهل ذلك جائز أم لا؟ الجواب: لا يجوز أسر المسلم و نهب أمواله، و اما قتله: فلو توقف الدفاع عن الإسلام و المسلمين علي قتله فيجوز ذلك، و امّا انّه هل يدخل ذلك تحت عنوان المحارب و قد يكون حده القتل، فنقول: لا يختص الحكم بكونه في حال القتال و المحاربة بل هو تابع للإسلام، ثم ان قتله يتوقف علي جواز اجراء الحدود في زمان الغيبة و علي فرضه فهو وظيفة المجتهد العادل، و إنّي في ذلك من المتوقفين، نعم علي الحاكم أن يعزّرهم بما يراه صلاحا، نعم لو لم يقدر الحاكم علي ذلك فيجوز ذلك لغير الحاكم من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بما يقتضيه، بل يجب، لكن مع مراعاة الأسهل فالأسهل.» «4»

6- ولاية الفقيه: «و يظهر من الآثار و الروايات الاسلامية ان الجزاء المناسب لهذا الذنب العظيم- أي التجسس- هو القتل و الإعدام، الّا ان يعفي عنه لجهات مبرّرة له،

______________________________

(1). جواهر الفقه: 51.

(2). قواعد الاحكام 1: 111.

(3). منتهي

المطلب 2: 959- و مثله في ص 939.

(4). جامع الشتات 1: 90- ترجمنا النص من الفارسيّة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 328

فان عظم الجناية و جزاؤها متناسبان للشرور و الخسارات المترتبة عليها … و بالجملة:

فالظاهر ان استحقاق الجواسيس للقتل، كان أمرا واضحا في عصر النبي (ص) و الأئمة عليهم السلام، و ان كان قد يعفي عنهم لجهات مبررة، هذا مضافا الي صدق عنوان المنافق و المفسد و المحارب، و الباغي، علي الجاسوس غالبا، فتدبر … و قال: و الحاصل ان حفظ النظام الذي هو من أهمّ الفرائض، يتوقف علي سياسة الحزم مع المنافقين، و جواسيس الأعداء … » «1».

أقول: حتي و لو صدق عليه المنافق، فان ذلك لا يسوّغ قتله، و لعله لذلك أمر بالتدبر.

ثمّ انّ الظاهر من الأحاديث و النصوص التاريخية، و فتاوي الفقهاء، هو التفصيل، بين المسلم، و الذمي، و الكافر، امّا المسلم فلا يقتل، بل يعزر- كما عليه الطوسي و الحلي و القمي- و لعل منه الحبس حتي يتوب.

و امّا الذمي: فحكمه تابع للاشتراط في عقد الذمة، علي قول البعض، أو ينحل عقد الذمة، حتي و لو لم يشترط، علي رأي آخر، و سيأتي التعرض للآراء.

و امّا الحربي: فهو مهدور الدم، حتي و لو لم يتجسس، و ذلك لحربه مع الإسلام.

و يؤيد عدم جواز قتل الجاسوس المسلم، مضافا الي الاحتياط في الدماء، و الأصل، فتواهم بكراهة خروجه مع المسلمين الي الجهاد، كما صرح به القاضي ابن البراج و العلامة الحلي، و كاشف الغطاء، و و.. اذ لو كان حكمه الإعدام فكيف يفتي بكراهة خروجه الي الجهاد، الّا أن يقال: بان كراهة اخراجه للجهاد- خروجه- انما هو في حالة عفو الامام عنه،

و هو لا ينافي ان يكون حكمه القتل، و يؤيد عدم قتله أيضا قصة ابن أبي بلتعة و الأزدي «2» الّا ان يقال: بان حكمهما كان القتل، و عفي النبي (ص) و الامام علي (ع) عنهما، و اما قتل الامام حسن (ع) جاسوس معاوية، فقد يكون من باب البغي و الافساد و ليس مجرد التجسس، و يشهد لذلك جوابه (ع) لمعاوية:

«دسست الرجال للاحتيال و الاغتيال، و أرصدت العيون، كأنك تحب اللقاء،

______________________________

(1). ولاية الفقيه 2: 740.

(2). انظر «حبس الاسير».

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 329

و ما أوشك ذلك» «1».

و اما ما عن الدعائم: «و الجاسوس و العين اذا ظفر بهما قتلا.» فهي مرسلة، أو يجمع بينها و بين غيرها بحملها علي الجاسوس الكافر.

آراء المذاهب الاخري القائلين بالحبس

1- أبو يوسف: «و سألت يا أمير المؤمنين عن الجواسيس يوجدون و هم من أهل الذمة، أو أهل الحرب أو من المسلمين، فان كانوا من أهل الحرب، أو من أهل الذمة ممن يؤدّي الجزية من اليهود و النصاري و المجوس فاضرب أعناقهم، و ان كانوا من أهل الإسلام معروفين، فأوجعهم عقوبة و أطل حبسهم حتي يحدثوا توبة.» «2»

2- البستي: «و فيه- أي قصة حاطب- دليل علي أنّ الجاسوس اذا كان مسلما لم يقتل، و اختلفوا فيما يفعل به من العقوبة فقال اصحاب الرأي في المسلم: اذا كتب الي العدو، و دلّه علي عورات المسلمين يوجع عقوبة و يطال حبسه.» «3»

3- العيني: «.. و عن أبي حنيفة و الأوزاعي: يوجع عقوبة و يطال حبسه.» «4»

آراء فقهائنا حول: تجسس الذمي

1- الشيخ الطوسي: «فأما ما فيه منافاة الأمان، فهو أن يجتمعوا علي قتال المسلمين، فمتي فعلوا ذلك، نقضوا العهد، و سواء شرط ذلك في عقد الذمة أو لم يشرط، لأن شرط الذمة، يقتضي ان يكونوا في أمان من المسلمين، و المسلمون في أمان منهم، و امّا ما فيه ضرر علي المسلمين، يذكر فيه ستة أشياء:.. و لا يقطع عليه- أي المسلم- الطريق، و لا يؤدي للمشركين عيبا، و لا يعين علي المسلمين بدلالة أو بكتبة كتاب الي أهل الحرب، بأخبار المسلمين، و يطلعهم علي عوراتهم، فان خالفوا شرطا من هذه

______________________________

(1). الارشاد: 188.

(2). الخراج: 190.

(3). معالم السنن 2: 274.

(4). عمدة القاري 14: 256.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 330

الشرائط، نظر، فان لم يكن مشروطا في عقد الذمة لم ينقض العهد، لكن ان كان ما فعله يوجب حدا أقيم عليه الحد، فان لم يوجبه عزر، و ان كان مشروطا عليه في عقد

الذمة كان نقضا للعهد، لأنّه فعل ما ينافي الأمان» «1».

2- علي بن حمزة: «.. الكفار ضربان: فضرب يجوز اقراره علي دينه، و هم اليهود و النصاري و المجوس، بشرطين: قبول الجزية و التزام احكام الإسلام عليهم، و هي:

ترك التظاهر بالمحرمات، و جميعا ثمانية عشر شيئا:.. و الاعانة علي المسلمين، اما باطلاع أهل الحرب علي أحوال المسلمين، أو بكتاب اليهم، بأخبار أهل الإسلام، أو بإيواء عين منهم.. فاذا التزموا ترك جميع ذلك، و هو الصغار، جاز عقد الذمة لهم، فان خالفوا شيئا من ذلك خرجوا من الذمة.» «2»

3- السيد ابن زهرة: «و شرائط الجزية: أن لا يجاهروا المسلمين بكفرهم..

و لا يعينوا علي أهل الإسلام.. و متي اخلّوا بشي ء منها صارت دماؤهم هدرا و أموالهم و أهاليهم فيئا للمسلمين، بدليل الاجماع المشار اليه.» «3»

4- ابن ادريس: «و شرائط الذمة: الامتناع من مجاهرة المسلمين بأكل لحم الخنزير.. و ان لا يأووا عينا علي المسلمين، و لا يعاونوا عليهم كافرا، و ان لا يستقروا علي مسلم، فمتي فعلوا شيئا من ذلك فقد خرجوا من الذمة، و جري عليهم احكام الكفار الحربيين الذين لا كتاب لهم.» «4»

5- المحقق الحلي: «في شرائط الذمة و هي ستة: - الثالث: ان لا يؤذوا المسلمين كالزني بنسائهم و.. و ايواء المشركين، و التجسس لهم، فان فعلوا شيئا من ذلك و كان تركه مشترطا في الهدنة، كان نقضا، و ان لم يكن مشترطا، كانوا علي عهدهم، و فعل بهم ما يقتضيه جنايتهم، من حد، أو تعزير.» «5»

______________________________

(1). المبسوط: 43.

(2). الوسيلة: 200.

(3). الغنية: 203.

(4). السرائر 2: ص 6.

(5). شرايع الإسلام 1: 329.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 331

6- العلامة الحلي: «و شرائط الذمة أحد عشر:..

السابع: ايواء عين المشركين، الثامن: المعاونة علي المسلمين بدلالة المشركين علي عوراتهم، أو مكاتبتهم، و هذه الستة، ان شرطت في عقد الذمة؛ انتقض العهد بمخالفة أحدها، و الّا فلا، نعم يحد، أو يعزر، بحسب الجناية، و لو أراد أحدهم فعل ذلك، منع منه، فان مانع بالقتال نقض عهده.» «1»

7- الشهيدان: «و الكتابي كذلك- يقاتل حتي يسلم أو يقتل- الّا ان يلتزم بشرط الذمة، و هي.. و ترك التعرض للمسلمين مطلقا، بالفتنة عن دينهم و قطع الطريق، و ايواء عين المشركين- و جاسوسهم- و الدلالة علي عورات المسلمين، قال في الشرح:

و الأولان لا بد منهما في عقد الذمة.. و اما باقي الشروط فظاهر العبارة انها كذلك، و به صرح في الدروس، و قيل: لا يخرجون بمخالفتها الّا مع اشتراطها عليهم، و هو الأظهر.» «2»

8- الشيخ جعفر كاشف الغطاء: «.. سادسها: ان كل من ظهرت منه خيانة للمسلمين، بأن كان عينا جاسوسا للكفار يوصل اليهم الأخبار، أو يسعي بفتنتهم ليفرق كلمتهم، و يوهن قولهم، انحل عقده.» «3»

- و قال أيضا: «السابع و العشرون: انه ينحل العاصم من جزية، و غيرها بإخلالهم بامور المسلمين، بان يكونوا جواسيس للمشركين، أو مخذلين للمسلمين، أو موقعي الفتنة بينهم، و نحو ذلك مما يقتضي و هن و هدّة الإسلام.» 4

9- الامام الخميني: «الخامس: ان لا يؤذوا المسلمين كالزني بنسائهم.. و ايواء عين المشركين، و التجسس لهم، و لا يبعد ان يكون الأخيران سيما الثاني منهما، من منافيات الأمان و لزوم تركهما من مقتضياته.» «5»

______________________________

(1). قواعد الاحكام 1: 102- انظر جامع المقاصد 3: 378- منتهي المطلب 2: 959- إيضاح الفوائد 1: 377.

(2). الروضة البهية 2: 388.

(3) 3 و 4. كشف الغطاء: 400- انظر

كتاب غنائم الايام للقمي: 592.

(5). تحرير الوسيلة 2: 452.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 332

آراء المذاهب الاخري

10- ابو يعلي الفرّاء: «و يلزم الذمي ترك ما فيه ضرر علي المسلمين و آحادهم، في مال، أو نفس و هي ثمانية أشياء:.. و لا يؤوي للمشركين عينا، أعني جاسوسا، و لا يعاون علي المسلمين بدلالة، أعني لا يكاتب بأخبار المسلمين … » «1»

11- الفيروزآبادي: «و ان زني احدهم بمسلمة أو آوي عينا … نظر فان لم يكن قد شرط ذلك في عقد الذمة لم ينتقض عهده، و ان شرط عليهم، فقد قيل ينتقض، و قيل لا ينتقض.» «2»

12- ابن تيمية: «في أهل الذمة، و من قطع الطريق علي المسلمين، أو تجسس عليهم، أو اعان أهل الحرب علي سبي المسلمين أو أسرهم، و ذهب بهم الي دار الحرب و نحو ذلك مما فيه نصرة علي المسلمين فهذا يقتل و لو أسلم.» «3»

13- العيني: «قال الأوزاعي في الجاسوس الكافر: فان كان كافرا يكون ناقضا للعهد.» «4»

آراء الفقهاء حول خروج الجاسوس الي الجهاد

و مما يؤيد بل يدل علي عدم قتل الجاسوس المسلم لتجسسه هو فتوي الفقهاء بجواز أو وجوب منعه عن الخروج الي الجهاد مع المسلمين- علي الاختلاف في الآراء- فلو كان حكمه الاعدام، لم يتأمل الامام أو الحاكم المبسوط اليد في اجراء الحد، و حينئذ لا يبقي مجال لهذه المسألة، اللهم الّا أن يكون هناك مانع من قتله فعلا بسبب عشيرته، أو يقال: بعفو الامام عنه، لكن ما هو وجه منعه عن الجهاد حينئذ؟ الّا أن يقال: الوجه عدم الاطمينان اليه.

______________________________

(1). الاحكام السلطانية: 158.

(2). التنبيه: 239.

(3). الفتاوي الكبري 4: 601.

(4). عمدة القاري 14: 256.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 333

1- القاضي ابن البراج: «و اذا عرف الإمام من رجل الإرجاف، و التحوين «1» و معاونة المشركين، كان له أن يمنعه

من الغزو.. و الاعانة: ان يري عينا منهم، يطلعهم علي عورات المسلمين، أو يكاتبهم بأخبارهم، و من كان علي واحد من هذه الصفات كان للإمام منعه من الخروج مع المسلمين، فان لم يمنعه و خرج، لم يعط من الغنيمة و لم يسهم له سهم، لأنه ليس من المجاهدين بل هو بفعله عاص.» «2»

2- العلامة الحلي: «و لا ينبغي أن يخرج الامام معه المخذل، كمن يزهّد في الخروج و يعتذر بالحر و شبهه، و لا المرجف، و هو من يقول: هلكت سرية المسلمين، و لا من يعين علي التجسس، و اطلاع الكفار علي عورات المسلمين.» «3»

3- المحقق الكركي بعد نقل كلام العلامة: «المراد: لا يجوز ذلك بدليل قوله و لا من يعين- و وجهه ان في ذلك ضررا للمسلمين.» «4»

آراء المذاهب الاخري القائلين بغير الحبس

1- البستي: «قال الأوزاعي: ان كان مسلما عاقبه الإمام عقوبة منكلة و غرّبه الي بعض الآفاق في وثاق، و ان كان ذميا فقد نقض عهده، و قال مالك: لم اسمع فيه شيئا و أري فيه اجتهاد الإمام، و قال الشافعي: اذا كان هذا من الرجل ذي الهيئة بجهالة كما كان من حاطب بجهالة و كان غير متهم احببت ان يتجافي عنه، و ان كان من غير ذي الهيئة كان للإمام تعزيره.» «5»

القرطبي: «قال سحنون: و إذا كاتب المسلم أهل الحرب قتل و لم يستتب و ماله لورثته و قال غيره: يجلد جلدا وجيعا و يطال حبسه و ينفي عن موضع يقرب للكفار.» الاقضية: 80 و قال أيضا: «و في المستخرجة: قال ابن القاسم في الجاسوس يقتل و لا يوف لهذا توبة و هو كالزنديق و في كتاب الله تعالي «وَ فِيكُمْ سَمّٰاعُونَ لَهُمْ» فهذا الجاسوس و

قول سحنون اصح … » الاقضية 80 2- ابن تيمية: «و يقتل الجاسوس الذي يكرر التجسس.» «6»

3- المرداوي: «و جوز ابن عقيل، قتل مسلم جاسوس للكفار، و زاد ابن الجوزي:

ان خيف دوامه.. و توقف فيه احمد، و قال ابن الجوزي في كشف المشكل: دلّ

______________________________

(1). او التحديل، او التخذيل: و المراد منه: صرف المسلمين عن الحرب.

(2). المهذب 1: 297.

(3). قواعد الاحكام 1: 103- و مثله التحرير 1: 134- منتهي المطلب 2: 906.

(4). جامع المقاصد 3: 389.

(5). معالم السنن 2: 274.

(6). الاختيارات العلميّة (الفتاوي الكبري) 4: 601.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 334

حديث حاطب علي ان الجاسوس المسلم لا يقتل، و رده في الفروع، و هو كما قال.» «1»

4- أحمد بن يحيي: «فصل في اقامة الحدود: و اليه وحده- يعني الإمام- اقامة الحدود و.. و قتل الجاسوس.» «2»

5- العيني: «قال الداوي: الجاسوس يقتل، و انما نفي القتل عن حاطب لما علم النبي (ص) منه، و لكن مذهب الشافعي و طائفة: ان الجاسوس المسلم يعزر، و لا يجوز قتله، و ان كان ذا هيئة عفي عنه لهذا الحديث- حاطب- و قال ابن وهب من المالكية:

- يقتل الّا أن يتوب، و عن بعضهم: انه يقتل اذا كانت عادته ذلك، و به قال ابن الماجشون، و قال ابن القاسم: يضرب عنقه، لأنه لا تعرف توبته، و به قال سحنون و من قال بقتله، فقد خالف الحديث، و أقوال المتقدمين.

و قال الأوزاعي: فان كان كافرا يكون ناقضا للعهد، و قال اصبغ: الجاسوس الحربي يقتل، و المسلم و الذمي يعاقبان، الّا ان يظاهرا علي الإسلام، فيقتلان، و فيه كما قال الطبري: اذا ظهر للإمام رجل من أهل الستر أنه قد كاتب

عدوا من المشركين، ينذره مما اسرّه المسلمون فيهم من عزم، و لم يكن معروفا بالغش للإسلام و أهله، و كان ذلك من فعله هفوة و زلّة، من غير ان يكون لها اخوات، يجوز العفو عنه، كما فعل رسول اللّه صلّي اللّه تعالي عليه و آله و سلم، بحاطب من عفوه عن جرمه، بعد ما اطلع عليه من فعله.

و قال العيني أيضا في ذكر ما يستفاد من قصة حاطب: فيه هتك الجاسوس رجلا كان أو امرأة، اذا كانت في ذلك مصلحة، أو كان في الستر مفسدة، و فيه: ان الجاسوس، لا يخرجه تجسسه من الإيمان.» «3»

6- محمد بن علي الشوكاني: «و يجوز استرقاق العرب و قتل الجاسوس..» اما قتل الجاسوس، فلحديث سلمة بن الاكوع عند البخاري و غيره.. و هو متفق علي قتل الجاسوس الحربي، اما المعاهد و الذمي: فقال مالك و الاوزاعي: ينتقض عهده بذلك،

______________________________

(1). الانصاف 10: 248.

(2). عيون الازهار: 521.

(3). عمدة القاري 14: 256.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 335

و اخرج احمد و أبو داود عن فرات بن حيان ان النبي (ص) امر بقتله، و كان عينا لأبي سفيان و حليفا لرجل من الأنصار … و لكنه قد روي الحديث المذكور عن سفيان بن بشر بن السري البصري و هو ممن اتفق علي الاحتجاج به البخاري و مسلم و رواه عن الثوري أيضا عباد بن الأزرق و هو ثقة.» «1»

آراء فقهائنا حول المعاهد و المستأمن اذا تجسس

1- الشيخ الطوسي: «فأما المستأمن و المعاهد، فهما عبارتان عن معني واحد، و هو من دخل إلينا بأمان لا للبقاء، فلا يجوز للإمام ان يقرّه في بلد الإسلام سنة بلا جزية و لكن يقره أقل من سنة علي ما يراه بعوض أو غير

عوض، فان خاف الامام منه الخيانة، نقض امانه و ردّه الي مأمنه.» «2»

و قال: «و اذا زال عقد الهدنة لخوف الامام، نظر فيما زال به، فان لم يتضمن وجوب حق عليه مثل ان آوي لهم عينا، أو عاون، ردّ الي مأمنه، و لا شي ء عليه.» 3

2- العلامة الحلي: «.. فاذا زال عقد الهدنة، نظر فيما زال به، فان لم يتضمن وجوب حق عليه، مثل ان يأوي لهم عينا، أو يخبرهم بخبر المسلمين و يطلعهم علي عوراتهم، رده الي مأمنه، و لا شي ء عليه..» «4»

3- كاشف الغطاء: «ثالث عشرها: اذا جاء الرسول منهم- أي المعاهدين- و علموا ان غرضه التطلع علي احوالهم، ليخبر الكفار، أو خافوا منه، جاز للمسلمين منعه عن الرجوع.» «5»

أقول: أوردنا حكم الجاسوس الذمي و المستأمن، لكي يعرف مذاق الشرع و نظره حول المرتكب لهذه الجريمة، و انه ليس هو القتل و الاعدام فكيف به لو كان مسلما، بل تقوّي جانب التفصيل في المسألة.

______________________________

(1). الدراري المضيئة 2: 292.

(2) 2 و 3. المبسوط 2: 43 و 59.

(4). تذكرة الفقهاء 9: 317.

(5). كشف الغطاء: 398.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 336

الفصل الثاني حبس الباغي

اشارة

ان الأسير من البغاة لا يقتل عندنا لو اسر و الحرب قائمة بل يحبس الي أن تنقضي الحرب، و به صرح الشيخ الطوسي في المبسوط و الخلاف، و العلامة الحلي في التحرير و التذكرة، و الشهيد الأول في الدروس، و وردت رواية تنص علي فعل أمير المؤمنين (ع) ذلك، و لكن يبدو من الجواهر خلافه استنادا الي بعض الأخبار الواردة في المقام.

اما السنة فيظهر من الخراج و عيون الازهار انه يقتل، كما يظهر من غيرهما انه يحبس.

و فيما يلي معني الباغي، و الرواية،

ثم آراء الفقهاء.

آراء فقهائنا في معني الباغي

1- الشيخ الطوسي: «كل من خرج علي امام عادل، و نكث بيعته و خالفه في احكامه، فهو باغ، و جاز للإمام قتاله، و مجاهدته.» «1»

2- علي بن حمزة: «الباغي كل من خرج علي امام عادل.» «2»

3- ابن ادريس: «لا يجب قتال اهل البغي، و لا يتعلق بهم احكامهم الّا بثلاثة شروط، احدها: ان يكونوا في منعة، و لا يمكن كفهم و تفريق جمعهم الّا بانفاق و تجهيز جيوش، و قتال.

الثاني: ان يخرجوا عن قبضة الامام منفردين عنه في بلد، أو بادية، فامّا ان كانوا معه، و في قبضته، فليسوا أهل بغي.

الثالث: ان يكونوا علي المباينة، بتأويل سائغ عندهم، فاما من باين و انفرد، بغير

______________________________

(1). النهاية: 296.

(2). الوسيلة: 205.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 337

تأويل، فهو قاطع طريق، و حكمهم حكم المحاربين لا حكم البغاة.» «1»

4- يحيي بن سعيد: «الباغي من لم يدخل فيما دخل فيه المسلمون من بيعة الامام، أو نكث بيعته.» «2»

5- العلامة الحلي: «كل من خرج علي امام عادل فهو باغ و يجب قتاله.» «3»

6- و قال في التحرير، بعد نقل مضمون كلام السرائر: «و عندي فيه نظر.» «4»

7- الشهيد الأول: «من خرج علي المعصوم من الأئمة فهو باغ و يجب قتاله.» «5»

آراء المذاهب الاخري

8- السمرقندي: «فقوم لهم شوكة و منعة، و خالفوا المسلمين في بعض الأحكام، بالتأويل، كالخوارج، و غيرهم، و ظهروا علي بلدة من البلاد، و كانوا في عسكر، و اجروا احكامهم.» «6»

و قال أيضا: «اذا خرج طائفة علي الإمام، علي التأويل، و خالفوا الجماعة.» 7

9- القرافي: «البغاة هم الذين يخرجون علي الإمام، يبغون خلعه، أو منع الدخول في طاعته، أو تبغي منع حق واجب، بتأويل في ذلك كله.» «8»

10- النيسابوري:

«الباغية- في اصطلاح الفقهاء- فرقة خالفت الامام بتأويل باطل «9» بطلانا بحسب الظن، لا القطع، فيخرج المرتد لأن تأويله باطل قطعا و كذا

______________________________

(1). السرائر 2: 15.

(2). الجامع للشرائع: 241.

(3). قواعد الاحكام 1: 118- و اضاف في المختلف باب الجهاد 4: 448، و منع تسليم الحق اليه …

(4). تحرير الاحكام 1: 155.

(5). الروضة البهية 2: 407.

(6) 6 و 7. تحفة الفقهاء 3: 157 و 3: 313.

(8). الفروق 4: 171.

(9). و اذا اغمضنا النظر عن سائر ما يدفع هذا الشرط، في الآية الشريفة و عدم استقامته في نفسه من حيث عدم معقولية المراد منه، و غير ذلك و يظهر: ان الغرض هو جعل معاوية باغيا، و الا لوجب اعتباره امّا كافرا، كما سيأتي التصريح به عن علي (ع)، او محاربا علي أقلّ تقدير، اننا اذا تغاضينا عن ذلك- فاننا نقول: ان هذا معناه: ان الخارجين علي امير المؤمنين (ع) في صفين، بل و في الجمل أيضا فضلا عن النهروان … ليسوا

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 338

الخوارج.. و يخرج مانع حق الشرع للّه، أو للعباد عنادا، لأنه لا تأويل له.» «1»

أقول: و بهذا يتضح ان الباغي يطلق علي المسلم الخارج علي الامام العادل، سواء كان محاربا، أم لا، و ان المحارب يطلق علي من يحارب الامام العادل، أو المسلمين، مسلما كان أم كافرا.

الروايات

1- المستدرك: «و في شرح الاخبار لصاحب الدعائم: عن موسي بن طلحة بن عبيد اللّه، و كان فيمن اسر يوم الجمل، و حبس مع من حبس من الأساري بالبصرة، فقال: كنت في سجن علي (عليه السلام) بالبصرة، حتي سمعت المنادي ينادي: اين موسي بن طلحة بن عبيد اللّه؟ قال: فاسترجعت، و استرجع اهل

السجن، و قالوا:

يقتلك، فاخرجني اليه، فلما وقفت بين يديه، قال لي: «يا موسي» قلت: لبيك

______________________________

بغاة بالمعني المصطلح لأنهم كانوا عارفين بالحق و بأمر اللّه تعالي فيه معاندين له … و لا سيّما بعد ان كان امير المؤمنين (ع) يقيم عليهم- قبل القتال- الحجج القاطعة و البراهين الساطعة التي لا تبقي عذرا لمعتذر، و لا حيلة لمتطلب حيلة، و لعل وضوح الحجة و سطوع البرهان هو السبب في انه (ع) و معه الخيرة من اصحابه، يلهجون بكفر المحاربين لهم في صفين حتي لنجده (ع) يقسم بانهم ما اسلموا، و لكن استسلموا و اسروا الكفر، فلمّا وجدوا عليه اعوانا رجعوا الي عداوتهم منا، الا انهم لا يدعوا الصلاة، و قيل لعلي (ع) حين اراد ان يكتب الكتاب بينه و بين معاوية و اهل الشام: أ تقر انهم مؤمنون مسلمون؟ فقال (ع): ما اقر لمعاوية، و لأصحابه: انّهم مؤمنون، و لا مسلمون (وقعة صفين: 215) كما انه (ع) اعتبر نفسه و من معه و معاوية و من معه مصداقا لقوله تعالي: منهم من آمن و منهم من كفر، و قال: فنحن الذين آمنوا و هم الذين كفروا (البقرة 253) و عنه انه قال يوم صفين: اقتلوا بقية الاحزاب و اولياء الشيطان اقتلوا من يقول:

كذب اللّه و رسوله و نقول: صدق اللّه و رسوله، ثم يظهرون غير ما يضمرون و يقولون: صدق اللّه و رسوله (الجمل: 30- جواهر الكلام 21: 338- دعائم الإسلام 1: 388).

و لا بد ان يكون المقصود هو ان كفرهم، كفر ملّة، لأنه عن طريق التأويل، لا كفر ردة عن الشرع، مع اقامتهم علي الجملة منه، و لأجل ذلك لم يخرجوهم عن حكم ملّة الإسلام (الإسلام

و مبدأ المقابلة بالمثل:

64- انظر معالم المدرستين 2: 68).

و قد اعتبر محاربو علي (ع) اعظم جرما من محاربي رسول اللّه (ص) لأنّهم قد قرأوا القرآن و عرفوا فضل اهل الفضل، فاتوا ما اتوا بعد البصيرة.

(1). غرائب القرآن (بهامش الطبري) 26: 84.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 339

يا أمير المؤمنين، قال «قل استغفر اللّه» قلت: استغفر اللّه و أتوب اليه، ثلاث مرات، فقال لمن كان معي من رسله: «خلوا عنه» و قال لي: اذهب حيث شئت، و ما وجدت لك في عسكرنا من سلاح، أو كراع فخذه، و اتق اللّه، فيما تستقبله من أمرك، و اجلس في بيتك فشكرت و انصرفت.

و كان علي (ع) قد اغنم اصحابه ما أجلب به أهل البصرة الي قتاله- أي أتوا به في عسكرهم- و لم يعرض لشي ء غير ذلك لورثتهم، و خمس ما اغنمه مما اجلبوا به عليه، فجرت أيضا بذلك السنة.» «1»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «اذا وقع اسير من أهل البغي في ايدي أهل العدل فان كان من أهل القتال، و هو الشاب و الجلد «2» الذي يقاتل، كان له حبسه، و لم يكن له قتله، و قال بعضهم: له قتله، و الأول مذهبنا، فاذا ثبت انه لا يقتل فانه يحبس، و تعرض عليه المبايعة، فان بايع علي الطاعة، و الحرب قائمة، قبل ذلك منه، و أطلق، و ان لم يبايع، ترك في الحبس فاذا انقضت الحرب، فان أتوا تائبين، أو طرحوا السلاح، و تركوا القتال، أو ولّوا مدبرين الي غير فئة اطلقناه، و ان ولّوا مدبرين الي فئة، لا يطلق عندنا في هذه الحالة، و قال بعضهم: يطلق لأنه لا يتبع مدبرهم، و قد بيّنا انه يتبع

مدبرهم اذا ولّوا منهزمين الي فئة.» «3»

2- و قال في الخلاف: «اذا وقع أسير من أهل البغي، من المقاتلة، كان للإمام حبسه، و لم يكن له قتله، و به قال الشافعي، و قال أبو حنيفة: له قتله.» «4»

3- العلامة الحلي: «لو وقع أسير من أهل البغي، في أيدي أهل العدل، و كان شابا

______________________________

(1). مستدرك الوسائل 11: 57 ح 5- و عنه جامع احاديث الشيعة 13: 105 ح 227.- شرح الاخبار 1: 389 الرقم 331 تهذيب الكمال 18: 476 الرقم 6863 سير اعلام النبلاء 4: 364 مستدركات علم الرجال 8: 15 بحار 41: ص 50.

(2). الجلد: القوي الشديد (مجمع البحرين 3: 26).

(3). المبسوط 7: 271.

(4). الخلاف 5: 340 مسألة 6.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 340

قويا، حبس، حتي يبايع، أو ينهزم اصحابه، الي غير فئة، و يرموا سلاحهم.» «1»

4- و قال في التذكرة: «لو وقع من أهل البغي في يد أهل العدل و كان شابا من أهل القتال، و عرض عليه المبايعة، فان بايع علي الطاعة و الحرب قائمة، قبل منه، و أطلق، و ان لم يبايع، ترك في الحبس، فاذا انقضت الحرب، فان تابوا و طرحوا السلاح و تركوا القتال، أو ولّوا مدبرين الي غير فئة، أطلق و ان ولّوا مدبرين الي فئة، لم يطلق عندنا في الحال، و قال بعضهم: يطلق، لأنه لا يتبع مدبرهم، و قد بيّنا خلافه.» «2»

5- الشهيد الاوّل: «و اذا استؤسر منهم مقاتل، حبس حتي ينقضي الحرب.» «3»

6- الشيخ محمد حسن النجفي: «و اذا استؤسر منهم مقاتل، ففي الدروس: حبس حتي تنقضي الحرب، لكن في بعض الاخبار: «4» ان عمارا جاء لأمير المؤمنين (ع) بأسير منهم فقتله، و اللّه

العالم.» «5»

آراء المذاهب الاخري

7- ابو يوسف: «و قال بعض اصحابنا: إنّ عسكر أهل البغي اذا كان مقيما، قتل اسراهم و اتبع مدبرهم، و ذفف علي جريحهم، و ان لم يكن لهم عسكر و لا فئة يلجئون اليها لم يتبع مدبر و لم يذفف علي جريح و لم يقتل اسير، فان خيف من الأساري ان يكون لهم جمع يلجئون اليه اذا عفي عنهم، استودعهم السجن حتي تعرف توبتهم.» «6»

8- الفيروزآبادي: «أهل البغي: و ان اسر منهم رجلا حبسه الي ان تنقضي الحرب ثم خلّاه و يأخذ عليه ان لا يعود الي قتاله، و ان اسر صبيا أو امرأة خلّاه علي

______________________________

(1). تحرير الاحكام 1: 156.

(2). تذكرة الفقهاء 9: 423.

(3). الدروس: 164 ج 1: 42.

(4). انظر مستدرك الوسائل 11: 50 ح 2.

(5). جواهر الكلام 21: 342.

(6). الخراج: 214.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 341

المنصوص، و قيل: يحبسهم.» «1»

9- ابو يعلي الفراء: «و يعتبر احوال من في الأسر منهم، فمن أمنت رجعته الي القتال أطلق، و من لم يؤمن منه الرجعة، حبس حتي ينجلي الحرب، ثم يطلق، و لا يحبس بعدها.» «2»

و قال: و من لم يكن منهم ذا رأي و لا بطش، عزره و حبسه.» 3

10- السمرقندي: «و ان لم يكن لهم منعة ينحازون اليها، فليس للإمام أن يقتل اسراهم و لا مدبريهم، و لكن يحبسهم حتي يحدثوا توبة ثم يخلّي سبيلهم، ثم بعد التوبة؛ ما أخذ الامام من أموالهم و سلاحهم و هو قائم- يرد اليهم- و ما استهلكوه فلا ضمان عليهم.» «4»

11- ابن قدامة: «ان أهل البغي اذا تركوا القتال، اما بالرجوع الي الطاعة، و اما بإلقاء السلاح، و اما بالهزيمة الي فئة، أو الي غير

فئة، و اما بالعجز، لجراح، أو مرض، أو أسر، فانه يحرم قتلهم، و اتباع مدبرهم، و بهذا قال الشافعي و قال ابو حنيفة: اذا هزموا، و لا فئة لهم، كقولنا، و ان كانت لهم فئة يلجئون اليها، جاز قتل مدبرهم، و اسرهم، و الإجازة علي جريحهم، و ان لم يكن لهم فئة لم يقتلوا، لكن يضربون ضربا وجيعا و يحبسون حتي يقلعوا عمّا هم عليه، و يحدثوا توبة، ذكروا هذا في الخوارج، و يروي عن ابن عباس، نحو هذا و اختاره بعض اصحاب الشافعي، لأنه متي لم يقتلهم، اجتمعوا ثم عادوا الي المحاربة.» «5»

12- احمد بن يحيي: «فصل في الحدود:.. و اليه أي الامام- وحده اقامة الحدود و.. قتل الجاسوس، و اسير كافرين أو باغيين، قتلا بسببهما و الحرب قائمة، و الّا حبس الباغي، و قيد.» «6»

______________________________

(1). التنبيه: 229.

(2) 2 و 3. الاحكام السلطانية: 62 و 55.

(4). تحفة الفقهاء 3: 313.

(5). المغني 8: 114.

(6). عيون الازهار: 521.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 342

13- المرداوي: «قوله: و من اسر من رجالهم: حبس، حتي تنقضي الحرب ثم يرسل، هذا المذهب و عليه جماهير الاصحاب، و جزم به في الهداية، و المذهب، و مسبوك الذهب، و المستوعب، و الخلاصة، و الهادي، و البلغة، و المحرر، و النظم، و الوجيز و غيرهم. و قدمه في الرعايتين، و الفروع، و غيرهما، و قيل: يخلّي إن أمن عوده، و قال في الترغيب: لا يرسل مع بقاء شوكتهم، قلت: و هو الصواب و لعله مراد من أطلق، فعلي هذا: لو بطلت شوكتهم، لكن يتوقع اجتماعهم في الحال، ففي ارساله و جهان: و اطلقهما في الرعايتين و الحاوي الصغير، و الفروع. قلت:

الصواب عدم ارساله.» «1»

14- الجزيري: «الحنفية: و لا يبدأ الامام بقتال البغاة.. و اذا بلغه أنهم يشترون السلاح، و يتأهبون للقتال، ينبغي له أن يأخذهم و يحبسهم، حتي يقلعوا عن ذلك، و يحدثوا توبة، دفعا للشر بقدر الامكان.

الحنفية و المالكية: و اما الأسير، فللإمام الخيار فيه، فيحكم نظره فيما هو أحسن الأمرين في كسر الشوكة: من قتله و حبسه، و يختلف ذلك بحسب الحال، لا بهوي النفس، و التشفّي.» «2»

الفصل الثالث حبس الاسري

اشارة

ان الأسر عنوان مستقل، في مقابل الحبس، و لكن أوردناه هنا لأنه يشمله بمعني، و تبعنا في ذلك بعض المعاصرين اذ أورده ضمن موارد السجن.

الروايات و النصوص

1- نصر بن مزاحم المنقري: «عن عمر، في اسناده قال: و كان من أهل الشام بصفين

______________________________

(1). الانصاف 10: 315- انظر شرح منتهي الارادات 3: 383.

(2). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 421.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 343

رجل يقال له الاصبغ بن ضرار الأزدي و كان يكون طليعة و مسلحة لمعاوية، فندب علي له الاشتر، فاخذه اسيرا من غير ان يقاتل و كان علي ينهي عن قتل الاسير الكاف، فجاء به ليلا، و شدّ وثاقه و ألقاه عند اصحابه- مع اضيافه- ينتظر به الصباح و كان الاصبغ شاعرا مفوها، و نام اصحابه فرفع صوته، فاسمع الاشتر فقال:

ألا ليت هذا الليل طبق سرمدا علي الناس لا يأتيهم بنهار

فغدا به الاشتر علي علي، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا رجل من المسلحة لقيته بالأمس، فو اللّه لو علمت ان قتله الحق، قتلته، و قد بات عندنا الليلة و حرّكنا (بشعره) فان كان فيه القتل، فاقتله و إن اغضبنا فيه، و ان ساغ لك العفو عنه (و إن كنت فيه بالخيار خ ل) فهبه لنا.

قال (ع): هو لك يا مالك، فاذا اصبت- منهم- اسيرا فلا تقتله، فان اسير أهل القبلة لا يفادي و لا يقتل فرجع به الاشتر الي منزله، و قال: لك ما اخذنا منك، ليس لك عندنا غيره.» «1»

قال الطريحي: «المسلحة، بفتح الميم، و هي الحدود و الأطراف من البلاد يرتب فيها اصحاب السلاح كالثغور يوقون الحدود.» «2»

و قال ابن الأثير: «المسلحة: القوم الذين يحفظون الثغور من العدو، و سموا مسلحة لأنهم

يكونون ذوي سلاح، أو لأنهم يسكنون المسلحة و هي كالثغر و المرقب يكون فيه اقوام يرقبون العدو لئلا يطرقهم علي غفلة، فاذا رأوه اعلموا اصحابهم ليتأهبوا له.» «3»

و قال أيضا: «طلائع: هم القوم الذين يبعثون ليطلعوا طلع العدو كالجواسيس، واحدهم طليعة، و قد تطلق علي الجماعة.» «4»

2- الشيخ المفيد: «و لما جي ء بالأساري- بني قريظة- الي المدينة حبسوا في دار من

______________________________

(1). وقعة صفين: 466- و عنه المستدرك 11: 55 ح 9 و جامع احاديث الشيعة 13: 99 ح 12.

(2). مجمع البحرين 2: 374.

(3). النهاية 2: 388.

(4). النهاية 3: 133.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 344

دور بني النجار..» «1»

3- ابن شبّة: «حدثنا محمد بن حاتم، قال: حدثنا علي بن ثابت قال: اخبرنا عكرمة بن عمار قال: حدثني عبد اللّه بن عبيد بن عمير و ابو زميل: ان اصحاب النبي (ص) اخذوا ثمامة و هو طليق و اخذوه و هو يريد ان يغزو بني قشير، فجاءوا به أسيرا الي النبي (ص) و هو موثّق، فأمر به فسجن، فحبسه ثلاثة ايام في السجن ثم اخرجه، فقال: يا ثمامة اني فاعل بك احدي ثلاث: اني قاتلك أو تفدي نفسك أو نعتقك، قال ان تقتلني تقتل سيّد قومه و ان تفادي فلك ما شئت و ان تعتقني (تعتق) شاكرا، قال: فاني قد اعتقتك.» «2»

و أوردها بألفاظ اخري فراجع.

4- ابو داود: «حدثنا عيسي بن حماد المصري و قتيبة، قال قتيبة: ثنا الليث (ابن سعد) عن سعيد بن أبي سعيد، انه سمع ابا هريرة، يقول: بعث رسول اللّه (ص) خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له: ثمامة بن أثال سيّد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج

اليه رسول اللّه (ص) فقال: «ما ذا عندك يا ثمامة»؟ قال: عندي يا محمد خير، ان تقتل تقتل ذا دم، و ان تنعم تنعم علي شاكر، و ان كنت تريد المال: فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول اللّه (ص) حتي (اذا) كان الغد، ثم قال (له): «ما عندك يا ثمامة»؟ فأعاد مثل هذا الكلام، فتركه حتي كان بعد الغد فذكر مثل هذا، فقال رسول اللّه (ص): «اطلقوا ثمامة» فانطلق الي نخل قريب من المسجد، فاغتسل (فيه) ثم دخل المسجد، فقال: اشهد ان لا إله الّا اللّه، و أشهد انّ محمدا عبده و رسوله.» «3»

قال العيني: «قال المهلب: السّنة في مثل قضية ثمامة ان يقتل أو يستعبد، أو يفادي به أو يمن عليه، فحبسه النبي (ص) حتي يري الوجوه اصلح للمسلمين في امره.» «4»

______________________________

(1). الارشاد: 58- انظر مناقب ابن شهرآشوب 1: 200.- البحار 20: 262- انظر سيرة ابن اسحاق

(2). تاريخ المدينة 1: 436.

(3). سنن ابي داود 3: 57 ح 2679.

(4). عمدة القاري 12: 261، له بيان فراجع.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 345

5- و عنه: «حدثنا محمد بن عمرو الرازي، قال: ثنا سلمة- يعني ابن الفضل- عن ابن اسحاق، قال: حدثني عبد اللّه بن أبي بكر، عن يحيي بن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، قال: قدم بالاساري حين قدم بهم، و سودة بنت زمعة عند آل عفراء، في مناخهم علي عوف و معوذ ابني عفراء، قال: و ذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب، قال: تقول سودة: و اللّه انّي لعندهم اذ اتيت فقيل: هؤلاء الاساري قد اتي بهم، فرجعت الي بيتي، و رسول اللّه (ص) فيه، و اذا أبو يزيد

سهيل بن عمرو، في ناحية الحجرة، مجموعة يداه الي عنقه بحبل..» «1»

6- ابن هشام: «اما عدي بن حاتم، فكان يقول:.. و تخالفني خيل لرسول اللّه (ص) فتصيب ابنة «2» حاتم، فيمن اصابت، فقدم بها علي رسول اللّه (ص) في سبايا طيّئ، و قد بلغ رسول اللّه (ص) هربي الي الشام، قال: فجعلت بنت حاتم في حظيرة بباب المسجد، كانت السبايا يحبسن فيها.» «3»

7- البيهقي: «لما أمسي رسول اللّه (ص) يوم بدر و الاساري محبوسون بالوثاق» «4» «فيهم العباس فسهر نبي اللّه (ص) ليلته، فقال له بعض اصحابه: ما يسهرك يا نبي اللّه؟

قال: أنين العباس، فقام رجل من القوم، فأرخي من وثاقه، فقال رسول اللّه (ص):

ما لي لا اسمع أنين العباس؟ فقال رجل من القوم، انّي ارخيت من وثاقه شيئا، قال:

فأفعل ذلك بالاساري كلهم.» «5»

8- الدارقطني: «حدثنا القاضي ابو جعفر، احمد بن اسحاق بن البهلول، املاء، حدثنا سعيد بن يحيي الأموي، حدثني أبي، عن ابن اسحاق، عن ابن أبي عبلة، عن ابن بديل بن ورقاء، عن أبيه: ان رسول اللّه (ص) أمر بديلا ان يحبس السبايا و الأموال

______________________________

(1). سنن ابي داود 3: 57 ح 2680.

(2). و كان اسمها سفانة، انظر اسد الغابة 5: 475- بحار الأنوار 20: 234 و 21: 366.

(3). السيرة النبوية 4: 225- التراتيب الادارية 1: 300 و فيه «فجعلت في حصيرة».

(4). السنن الكبري 9: 89- تهذيب ابن عساكر 7: 230- تاريخ دمشق: 119.

(5). صفة الصفوة 1: 510.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 346

بالجعرانة «1» حتي يقدم عليه، فحبسه.» «2»

أقول أخرجه البخاري في التاريخ، عن سعيد الأموي، عن أبيه، عن ابن اسحاق، قال: حدثني ابراهيم بن أبي عبلة «3» كما أورده في الاصابة.

«4»

و أورده الطبراني: «حدثنا محمد بن راشد الاصبهاني، ثنا ابراهيم بن سعد الجوهري، ثنا يحيي بن سعيد الاموي، عن محمد بن اسحاق، ثنا ابن أبي عبلة، عن ابن بديل بن ورقاء..» «5»

الفصل الرابع اخذ الرهائن و حبس الكفار و البغاة مقابل اسر المسلمين و حبسهم

اشارة

أفتي فقهاؤنا بجواز حبس اسري البغاة مقابل حبسهم لأهل العدل و ذلك للتوصل الي تخليصهم، و لم يتعرضوا لحبس الكفار كذلك، و ان وردت بذلك ما يدل علي فعل النبي (ص)- علي فرض تسليم السند- و لعل الحكم فيها واحد لوحدة المناط و هو التوصل الي التخليص..

1- مصنف عبد الرزاق: «عن عمران بن حصين، قال: كانت بنو عامر، اسروا رجلين من اصحاب النبي (ص)، فأسر النبي (ص) رجلا من ثقيف، و اخذوا ناقة كانت تسبق عليها الحاج، فمر به النبي (ص) و هو موثق، فقال: يا محمد! يا محمد! فعطف عليه، فقال: علي ما احبس، و تؤخذ سابقة الحاج؟ قال: بجريرة حلفائك من بني عامر، و كانت بنو عامر من حلفاء ثقيف، ثم أجاز النبي (ص) فدعاه أيضا يا محمد! فأجابه، فقال: إني مسلم، فقال: لو قلت ذلك و انت تملك امرك، افلحت كل

______________________________

(1). و هي ماء بين الطائف و مكّة، و هي الي مكّة اقرب/ معجم البلدان 2: 142.

(2). المؤتلف و المختلف 1: 164.

(3). التاريخ الكبير 2: 141، الرقم: 1979.

(4). الاصابة 1: 276.

(5). المعجم الكبير 2: 16 ح 1189- انظر 2: 118.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 347

الفلاح قال: ثم اجاز النبي (ص) فناداه أيضا، فرجع اليه، فقال: اطعمني، فإني جائع، فقال النبي (ص): هذه حاجتك، فأمر له بطعام، ثم ان النبي (ص) فادي الرجل بالرجلين اللذين اسرا من اصحابه» «1».

القرطبي: في قصة سرية عبد الله بن جحش: «و قبض رسول

الله ص العير و الاسيرين و بعثت اليه قريش في فداء عثمان بن عبد الله و الحكم بن كيسان، فقال رسول الله: لا تفديكموهما حتي يقدم صاحباهما- يعني سعد بن ابي وقاص و عتبة بن غزوان- فانا نخشاكم عليها فان تقتلوهما نقتل صاحبيكم، فقدم سعد و عتبة فافداهما رسول الله ص منهم.» الاقضية 76 و في الواقدي: و حبس الاسيرين 1: 16.

آراء الفقهاء

1- العلامة الحلّي: «.. و لو أسر كل من الفريقين اساري من الاخري جاز فداء اساري أهل العدل بأساري أهل البغي، و لو امتنع أهل البغي من المفاداة، و حبسوهم، جاز لأهل العدل حبس من معهم، توصلا الي تخليص اساراهم، و قال بعض العامة:

لا يجوز، لأن الذنب في حبس اساري أهل العدل لغيرهم، و لو قتل أهل البغي، اساري أهل العدل، لم يجز لأهل العدل قتل اساراهم، اذا لم تكن لهم فئة، لأنهم لا يقتلون بجناية غيرهم.» «2»

2- ابن قدامة: «و ان أسر كل واحد من الفريقين اساري من الفريق الآخر، جاز فداء اساري أهل العدل باساري أهل البغي، و ان قتل أهل البغي اساري أهل العدل، لم يجز لأهل العدل قتل اساراهم، لأنهم لا يقتلون بجناية غيرهم، و لا يزرون وزر غيرهم، و ان أبي البغاة مفاداة الأسري الذين معهم و حبسوهم، احتمل ان يجوز لأهل العدل، حبس من معهم ليتوصلوا الي تخليص اساراهم بحبس من معهم، و يحتمل أن لا يجوز حبسهم و يطلقون، لان الذنب في حبس اساري أهل العدل لغيرهم.» «3»

3- المرداوي: «في البغاة:.. و قيل يجوز حبسه ليخلّي أسيرنا.» «4»

أقول: و قد خص العلامة الحلي فتواه بالبغاة و كذلك ابن قدامة مع ان موضوع الرواية الكفار، و لكن

يحتمل شمولها للبغاة، كما يحتمل اختصاصها بأخذ الرهائن من حلفاء المحاربين، لقوله (ص) في الرواية «بجريرة حلفائك من بني عامر» الّا أن يقال:

______________________________

(1). مصنف عبد الرزاق 5: 206 ح 9395- تاريخ المدينة 1: 440.- المعجم الكبير 18، 190 ح 453 و ح 456.

(2). تذكرة الفقهاء 9: 424- و مثله في تحرير الاحكام 1: 156.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 347

(3). المغني 8: 115.

(4). الانصاف 10: 315.- انظر ابن عابدين 3: 331.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 348

بأنه لا خصوصية قطعا للكفار من حلفائهم، أو أهل بلدهم، بل الملاك ما ينفع في فك اسري المسلمين، و مبادلة الرهائن بهم.

الفصل الخامس حبس غير البالغ من المشركين

اشارة

احتمل العلامة الحلي حبس الغلام من المشركين لو اسر و ادعي انه غير بالغ- كي يتخلص من القتل- و انّه استنبت الشعر و عالجه بالدواء، فيحبس الي ان يبلغ، و لكن غيره من الفقهاء؛ فقد أفتي بعضهم بقبول قوله من غير يمين كالعلامة في التحرير و الشهيد الأول في الدروس و الكني في القضاء، و بعض لم يقبل قوله الّا مع اليمين، فان نكل، يجري عليه حكم البالغين، و بعض يحكم عليه بالبلوغ بلا يمين كالشيخ الطوسي في المبسوط، اما السيد العاملي- في مفتاح الكرامة- كأنه ارتضي أو استحسن قول العلامة بالحبس و حاول توجيهه و تقويته بالبراهين و الأدلة، و إليك كلمات الفقهاء:

آراء القائلين بالحبس

1- العلامة الحلي: «.. نعم لو ادعي الصبي المشرك انه استنبت الشعر بالعلاج حلف و الّا قتل، و يحتمل ان يحبس حتي يبلغ ثم يحلف فان نكل قتل.» «1»

2- السيد جواد العاملي: «لعل الوجه في الحبس، ان يمينه لما كانت غير معتبرة و لا وسيلة الي اطلاقه، كان في الحبس جمع بين الحقين.» «2»

آراء القائلين بعدم قبول قوله

1- الشيخ الطوسي: «اذا وقع غلام من المشركين في الأسر فوجد و قد انبت،

______________________________

(1). قواعد الاحكام 2: 211- انظر إيضاح الفوائد 4: 339.

(2). مفتاح الكرامة 10: 106.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 349

و ادعي انه عالج نفسه، حتي انبت، و انه لم يبلغ، فالقول قوله، فان حلف، حكم انه لم يبلغ، و يكون في الذراري، و ان نكل حكمنا بنكوله و انه بالغ، فيجعل في المقاتلة، و عندنا ان الذي يقتضيه مذهبنا، ان يحكم فيه بالبلوغ بلا يمين، لان عموم الاخبار، أن الانبات بلوغ يقتضي ذلك و ما ذكروه قوي.» «1»

2- المحقق الحلي: «و اما لو ادعي الصغير الحربي الانبات بعلاج لا بسن، ليتخلص عن القتل، فيه تردد، و لعل الاقرب لا يقبل الّا مع البينة.» «2»

آراء القائلين بالقبول بلا يمين

1- العلامة الحلي: «و لو ادعي الصبي انه استنبت الشعر بالعلاج مع الاحتمال صدق.» «3»

2- الشهيد الأول: «و من لم ينبت فهو صبي، فلو ادعي استعجاله بالدواء، قبل منه بغير يمين.» «4»

3- الشيخ الكني: «و الأظهر ما عليه الأكثر من القبول بلا يمين، لجملة من الأصول العدمية، كأصالة البراءة عن وجوب قتله، و اصالة عدم جوازه المستفادة من العمومات، و لو ما دل علي قبح الظلم و حرمته، بل اصالة المنع، لاختصاص دليل اصالة الاباحة بغير امثاله، و لو من جهة استقلال العقل بقبح الظلم و الأذي، بل استصحابه الثابت، قبل عروض الانبات، أي في حال صغره، و لما اشار اليه في المجمع و غيره، من ان القتل حق من حقوق اللّه تعالي، و لا يعلم انتفاءه الّا من قبل العبد و … » «5»

أقول: اضف الي تعارض اصلي عدم البلوغ و عدم التداوي، و ترجيح الأول

لأنه

______________________________

(1). المبسوط 8: 213.

(2). شرايع الإسلام 4: 91.

(3). تحرير الاحكام 2: 191.

(4). الدروس 2: 33.

(5). القضاء: 93.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 350

شبهة يدرأ بها القتل، و عليه فلا وجه للحبس سيما علي القول بقبول قوله من دون اليمين، كما صرح به الشهيد في الدروس و.. ثم: انا لم نجد من أفتي بالحبس، نعم احتمله العلامة في القواعد، بعد فتواه بخلافه، و كثير مما أوردناه من الفتاوي ليس فيه الحبس، الّا ان يقال: انه في فترة الاختبار يكون موقوفا.

الفصل السادس حبس الممتنعين عن دفع الجزية

أبو يوسف: «و لا يضرب احد من أهل الذمة، في استيدائهم الجزية و لا يقاموا في الشمس، و لا غيرها، و لا يجعل عليهم في ابدانهم شي ء من المكاره، و لكن يرفق بهم، و يحبسون حتي يؤدوا ما عليهم، و لا يخرجون من الحبس حتي تستوفي منهم الجزية.» «1»

أقول: و يوجد في مقابله قول آخر و هو: أن عدم دفعهم الجزية يخرجهم من عهد الذمة الي المحاربين، خاصة فيما اشترط الجزية في العقد، بل صرح بعض الفقهاء «2» بعدم الخلاف فيه عند الامامية.

1- ابن ادريس الحلي: «و متي امتنع اهل الكتاب و من له شبهة كتاب، من بذل الجزية، كان حكمهم حكم غيرهم من الكفار، في وجوب قتالهم، و سبي ذراريهم و نسائهم، و اخذ أموالهم، و يكون فيئا.» «3»

2- المحقق الحلي: «الثالث في شرائط الذمة، و هي ستة: الأول: قبول الجزية.

الثاني: ان لا يفعلوا ما ينافي الأمان مثل العزم علي حرب المسلمين، أو امداد المشركين، و يخرجون عن الذمة، بمخالفة هذين الشرطين.» «4»

3- السيد الطباطبائي: «و لو امتنع الرجال ان يؤدّوا الجزية، كانوا ناقضين للعهد،

______________________________

(1). اخراج: 123- انظر المجموع 19: 402.

(2). جواهر الكلام 21:

267.

(3). السرائر 2: 6.

(4). شرايع الإسلام: 1: 329.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 351

و حلّت دماؤهم و قتلهم.» «1»

4- الشيخ محمد حسن النجفي بعد نقل كلام المحقق الحلي: «بلا خلاف اجده فيهما.» «2»

أقول: نعم الظاهر من كلام العلامة في القواعد، انه تابع للشرط في عقد الذمة حيث قال: «و شرائط الذمة احد عشر: الأول: بذل الجزية و.. و هذه الستة ان شرطت في عقد الذمة، انتقض العهد بمخالفة احدها، و الّا فلا، نعم يحد أو يعزر بحسب الجناية.» «3»

الفصل السابع حبس اهل الجزية اذا ارادوا الفرار الي دار الحرب

قال ابن البراج الطرابلسي: «.. و اذا طلب صاحب جيش المشركين الأمان، علي ان يدخل في جملة الذمة، ببلدان الإسلام علي الجزية، جاز، و لم يكن له الرجوع الي دار الحرب، فان أراد ذلك، أو همّ به، لم يكن بحبسه بأس، و لا يقتل، الّا أن يحارب.» «4»

أقول: و لعله من باب التعزير علي ارتكاب المحرم، أو للمنع عنه.

الفصل الثامن حبس من اراد الخروج علي الإمام (ع)

1- الثقفي: في قصة خروج الخريت بن راشد من بني ناجية علي أمير المؤمنين (ع)

______________________________

(1). رياض المسائل 7: 471.

(2). جواهر الكلام 21: 267.

(3). قواعد الاحكام 1: 102.

(4). المهذب 1: 308/ باب الجهاد.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 352

و اعتراض عبد اللّه بن قعين عليه بعدم استيثاقه، قال: «فقلت يا أمير المؤمنين فلم لا تأخذه الآن فتستوثق منه؟ فقال: انا لو فعلنا هذا لكل من نتهمه من الناس ملأنا السجون منهم، و لا أراني يسعني الوثوب علي الناس و الحبس لهم و عقوبتهم، حتي يظهروا لنا الخلاف.» «1»

2- الطبري: «قال ابو مخنف، عن مجاهد، عن المحل بن خليفة: ان رجلا منهم من بني سدوس يقال له العيزار بن الأخنس كان يري رأي الخوارج خرج اليهم، فاستقبل وراء المدائن عدي بن حاتم و معه الأسود بن قيس و الأسود بن يزيد المراديان فقال له العيزار حين استقبله: أ سالم غانم أم ظالم آثم؟ فقال عدي: لا، بل سالم غانم، فقال له المراديان: ما قلت هذا الّا لشرّ في نفسك، و انك لنعرفك يا عيزار برأي القوم، فلا تفارقنا حتي نذهب الي أمير المؤمنين (ع) فنخبره خبرك، فلم يكن بأوشك أن جاء علي (ع) فاخبراه خبره، و قالا: يا أمير المؤمنين انه يري رأي القوم قد عرفناه بذلك،

فقال: ما يحل لنا دمه، و لكنا نحبسه، فقال عدي بن حاتم: يا أمير المؤمنين ادفعه إليّ و أنا أضمن أن لا يأتيك من قبله مكروه، فدفعه اليه» «2».

قد يقال: ان الخبرين المذكورين موردهما النشاط السياسي، أو البغي، و لكن لم تثبت حجيّتهما، و يمكن أن يقال: ان حفظ نظام الإسلام، و كيانه. و حفظ أموال المسلمين و حقوقهم أمران مهمان عند الشرع، و هما يتوقفان كثيرا علي القبض علي المتهمين و حبسهم بداعي الكشف و التحقيق لو كانوا في معرض الفرار.

فالظاهر هو الجواز اذا كان الأمر مهما معتني به عرفا و احتماله منجزا عند العقلاء لكن مع مراعاة الدقة و الاحتياط في مقام العمل و حفظ حيثيات الأشخاص فالمقام من موارد التزاحم بين الأمرين فيؤخذ بأهمهما ملاكا. و مع ذلك لم يكن الحبس حدا و لا تعزيرا بل احتياطا و استظهارا.

- السرخسي: «عن كثير الحضرمي: دخلت مسجد الكوفة من قبل ابواب كنده، فاذا نفر خمسة يشتمون عليا رضي اللّه عنه، و فيهم رجل عليه برنس يقول: اعاهد اللّه

______________________________

(1). الغارات 1: 334- شرح ابن ابي الحديد 3: 129.

(2). تاريخ الطبري 6: 3384.- لكن المنقول في تاريخ بغداد يختلف مع هذا النص إذ فيه:

قال (ع) فما اصنع به؟ قالا: تقتله. قال: أقتل من لا يخرج عليّ! قالا: فتحبسه؟ قال:

و ليست له جناية أحبسه عليها. خليا سبيل الرجل.» تاريخ بغداد 14: 366.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 353

لأقتله، فتعلقت به و تفرق اصحابه، فاتيت به عليا (رضي اللّه عنه) فقلت انّي سمعت هذا، يعاهد اللّه ليقتلنك، قال: ادن ويحك من أنت؟ قال: أنا سوار المنقري، فقال علي (ع): خلّ عنه، فقلت: اخلي عنه، و قد عاهد

اللّه ليقتلنك!! فقال: أ فأقتله و لم يقتلني؟!!

قلت: و إنه قد شتمك، قال: فاشتمه ان شئت أو دعه.. و في هذا دليل علي أن من لم يظهر منه خروج فليس للإمام أن يقتله، و هو رواية الحسن عن أبي حنيفة.

قال: ما لم يعزموا علي الخروج، فالإمام لا يتعرض لهم، فاذا بلغه عزمهم علي الخروج، فحينئذ ينبغي له أن يأخذهم فيحبسهم قبل أن يتفاقم الأمر، لعزمهم علي المعصية و تهييج الفتنة.» «1»

أقول: مقتضي الأصل و القاعدة هو عدم جواز الحبس، و ذلك لعدم صدور ذنب يوجب العقوبة عليه، نعم لو همّ للخروج علي الإمام و إظهار المخالفة للنظام الاسلامي، فللإمام حبسه من باب (الحبس للردع عن المعصية) و قد أشرنا اليه في موارد من كتابنا، منه حبس الام للمنع من الزني، و منه الحبس للمنع عن المحرمات، و ذكرنا الأدلة فراجع.

الفصل التاسع حبس المحارب

اشارة

اختلف الفقهاء في حكم المحارب لو لم يقتل و لم يأخذ مالا، فعن أبي الصلاح الحلبي في الكافي، و الشيخ الطوسي في المبسوط و السيد ابن زهرة في الغنية، و علاء الدين الحلبي في اشارة السبق و يحيي بن سعيد في الجامع و السيد الطباطبائي في الشرح الكبير و الصغير: انه يودع السجن الي أن يتوب أو يموت، مفسّرين النفي الوارد في الآية الشريفة بذلك، و به قال أبو حنيفة و مالك و عمر بن عبد العزيز كما اشار اليه كثير من

______________________________

(1). المبسوط 10: 125.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 354

السنة كالبصري في التفريع و أبي يعلي و الماوردي في الأحكام السلطانية و ابن رشد في البداية و القرافي في الفروق و المرداوي في الانصاف و الصنعاني في سبل السلام و غيرهم و اختاره

بعضهم، لكن اكثر فقهائنا- رضوان اللّه عليهم- علي ان حكمه النفي لا الحبس و فيما يلي الآية الشريفة و تفسيرها ثم آراء الفقهاء.

الآية الشريفة و تفسيرها

«إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً، أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا، أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلٰافٍ، أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيٰا، وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذٰابٌ عَظِيمٌ.» «1»

1- الشيخ الطوسي: «المحارب عندنا هو الذي اشهر السلاح، و اخاف السبيل، سواء كان في المصر، أو خارج المصر، فان اللص المحارب في المصر و غير المصر سواء، و به قال الأوزاعي، و مالك، و الليث بن سعد و ابن لهيعة، و الشافعي و الطبري.

و قال قوم: هو قاطع الطريق في غير المصر، ذهب اليه ابو حنيفة و اصحابه، و هو المروي عن عطاء الخراساني.

«وَ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسٰاداً»، و هو ما ذكرناه من اشهار السيف، و اخافة السبيل، و جزاءهم علي قدر الاستحقاق ان قتل، قتل، و ان اخذ المال و قتل، قتل و صلب، و ان اخذ المال و لم يقتل، قطعت يده و رجله من خلاف، و إن أخاف السبيل فقط، فانما عليه النفي، لا غير، هذا مذهبنا، و هو المروي عن أبي جعفر (ع) و أبي عبد اللّه (ع)، و هو قول ابن عباس و ابن مجلز، و سعيد بن جبير، و السدي، و قتادة، و الربيع، و ابراهيم- علي خلاف عنه- و به قال أبو علي الجبائي، و الطبري، و حكي عن الشافعي: انه ان اخذ المال جهرا كان للإمام صلبه حيا، و ان لم يقتل.» «2»

2- و قال في المبسوط: «اختلف الناس في المراد بهذه الآية، فقال قوم:

المراد بها أهل الذمة اذا نقضوا العهد، و لحقوا بدار الحرب، و حاربوا المسلمين؛ فهؤلاء المحاربون

______________________________

(1). المائدة: 33.

(2). تفسير التبيان 3: 502- مثله في مجمع البيان 3: 188.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 355

الذين ذكرهم اللّه في هذه الآية..

و قال قوم: المراد بها المرتدون عن الإسلام اذا ظفر بهم الامام، عاقبهم بهذه العقوبة.

و قال جميع الفقهاء: ان المراد بها قطّاع الطريق، و هو من شهر السلاح، و أخاف السبيل، لقطع الطريق، و الذي رواه اصحابنا: أن المراد بها كلّ من شهر السلاح و أخاف الناس في بر أو في بحر، و في البنيان أو في الصحراء، و رووا أن اللص، أيضا محارب، و في بعض رواياتنا أن المراد بها قطّاع الطريق كما قال الفقهاء» «1».

3- الشيخ الطبرسي: «و علي هذا فان- أو- ليست للإباحة هنا و انما هي مرتبة الحكم باختلاف الجناية.

و قال الشافعي: إن أخذ المال جهرا كان للإمام صلبه حيا و لم يقتل.

قال: و يحد كل واحد بقدر فعله، فمن وجب عليه القتل و الصلب، قتل قبل صلبه كراهية تعذيبه، و يصلب ثلاثا، ثم ينزل، قال ابو عبيد: سألت محمد بن الحسن، عن قوله: و يصلبوا، فقال: هو أن يصلب حيا، ثم يطعن بالرماح حتي يقتل، و هو رأي أبي حنيفة، فقيل له: هذا مثلة به؟ قال: المثلة يراد به، و قيل: - او- هاهنا للإباحة و التخيير، أي: ان شاء الامام قتل، و ان شاء صلب، و ان شاء نفي- عن الحسن و سعيد و مجاهد و قد روي ذلك عن أبي عبد اللّه (ع) «2».

و فيه أيضا: في معني النفي «قيل فيه أقوال: و الذي يذهب اليه أصحابنا الامامية: أن

ينفي من بلد الي بلد، حتي يتوب، و يرجع، و به قال ابن عباس، و الحسن، و السدي، و سعيد بن جبير و غيرهم، و اليه ذهب الشافعي، قال اصحابنا:

و لا يمكّن من الدخول الي بلاد الشرك، و يقاتل المشركون علي تمكينهم من الدخول الي بلادهم حتي يتوبوا.

و قيل: هو أن ينفي من بلده الي بلد غيره، عن عمر بن عبد العزيز، و عن سعيد بن جبير في رواية اخري.

______________________________

(1). المبسوط 8: 47.

(2). مجمع البيان 3: 188.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 356

و قال أبو حنيفة و اصحابه: ان النفي هو الحبس و السجن و احتجوا: بأن المسجون يكون بمنزلة المخرج من الدنيا، اذا كان ممنوعا من التصرف، محولا بينه و بين أهله مع مقاساته الشدائد في الحبس.» «1»

4- الفاضل المقداد: «محاربة اللّه و رسوله، محاربة المسلمين، جعل محاربتهم محاربة اللّه و رسوله، تعظيما للفعل، و أصل الحرب، السلب، و منه: حرب الرجل ماله، أي سلبه، فهو محروب و حريب، و عند الفقهاء: كل من جرّد السلاح لإخافة الناس، في بر أو بحر، ليلا أو نهارا ضعيفا كان أو قويا، من أهل الريبة كان أو لم يكن، ذكرا كان أو انثي، فهو محارب، و يدخل في ذلك، قاطع الطريق، و المكابر علي المال أو البضع» «2».

آراء فقهائنا القائلين بالحبس

1- الشيخ الطوسي: «.. و حكمه متي ظفر به الامام التعزير و هو أن ينفي عن بلده و يحبس في غيره، و فيهم من قال: يحبس في غيره، و هذا مذهبنا غير أن اصحابنا رووا أنه لا يقرّ في بلده» «3».

2- أبو الصلاح الحلبي: «.. إن كانوا في محاربتهم قتلوا و لم يأخذوا مالا، أن يقتلهم.. و ان

لم يقتلوا و لم يأخذوا مالا، أن ينفيهم من الأرض بالحبس، أو النفي من مصر الي مصر؛ حتي يؤمنوا، أو يري الصفح عنهم.» «4».

3- السيد ابن زهرة: «و أسري من عدا من ذكرناه من المحاربين علي أخذ المال، و ان كانوا قتلوا و لم يأخذوا مالا قتلوا، و ان اخذوا مع القتل مالا صلبوا بعد القتل و إن تفردوا بأخذ المال قطعوا من خلاف فان لم يقتلوا و لم يأخذوا مالا … نفوا من الأرض بالحبس أو النفي من مصر الي مصر،

______________________________

(1). مجمع البيان 3: 188.

(2). كنز العرفان 2: 352.

(3). المبسوط 8: 47- و في الجواهر عن المبسوط: لا يحبس في غيره و هذا هو مذهبنا، 41: 593.

(4). الكافي في الفقه: 252.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 357

كل ذلك بالإجماع من الطائفة عليه» «1».

4- يحيي بن سعيد: «و المسلم المحارب.. فإن أخاف و لم يجن نفي من الأرض، بأن يغرق- علي قول- أو بحبس علي آخر، أو ينفي من بلاد الإسلام سنة، حتي يتوب، و كوتبوا أنه منفي محارب فلا تؤووه و لا تعاملوه، فان آووه قوتلوا.» «2»

5- علاء الدين الحلبي: «و المفسدون في الأرض كقطّاع الطرق و الواثبين علي نهب الأموال، يقتلون إن قتلوا، فان زادوا علي قتل، بأخذ المال صلبوا بعد قتلهم، و يقطعون من خلاف ان انفردوا بالأخذ، دون القتل، و ان لم يحدث منهم سوي الاخافة، و الارجاف، نفوا من بلد الي بلد و أودعوا السجن الي أن يتوبوا، أو يموتوا.» «3»

6- الحلي: «و لا يثبت هذا الحكم للطليع و لا للردء، و انما يثبت لمن باشر الفعل فأما من كثر اوهيت [كذا] او كان ردءا و معاونا فانما يعزر

و يحبس و لا يكون محاربا تحرير الاحكام 2: 332.

7- السيد الطباطبائي- في حد المحارب: «فان لم يتب استمر النفي الي أن يموت، و نفيه عن الأرض كناية عن ذلك، و في رواية: أن معناه ايداعه الحبس كما عليه بعض العامة و ادّعي عليه الاجماع في الغنية لكن علي التخيير بينه و بين المعني المتقدم.» «4»

8- الشيخ محمد حسن النجفي: «و علي كل حال فالنفي من الأرض هو ما عرفت بل لعله المنساق منه عرفا،.. نعم عن الجامع: «نفي من الأرض بأن يغرق علي قول، أو يحبس..» لعله للعامة كالقول بالحبس الموجود في بعض نصوصنا المحمول عليه». «5»

آراء فقهائنا القائلين بالتغريب

1- الشيخ الطوسي: «المحارب هو الذي يجرّد السلاح و يكون من أهل الريبة، في مصر كان أو غير مصر، في بلاد الشرك كان، أو في بلاد الإسلام، ليلا كان أو نهارا، فمتي فعل ذلك، كان محاربا، و يجب عليه إن قتل، و لم يأخذ المال، أن يقتل علي كل حال، و ليس لأولياء المقتول العفو، فان عفوا عنه، وجب علي الإمام قتله، لأنه محارب.

______________________________

(1). غنية النزوع: 201.

(2). الجامع للشرائع: 242.

(3). اشارة السبق: 142.

(4). رياض المسائل 16: 160- مثله في الشرح الصغير 3: 391.

(5). جواهر الكلام 41: 593.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 358

و ان قتل، و اخذ المال، وجب عليه اولا أن يردّ المال، ثم يقطع بالسرقة، ثم يقتل بعد ذلك، و يصلب، و ان اخذ المال و لم يقتل، و لم يجرح قطع، ثم نفي عن البلد، و ان جرح و لم يأخذ المال، و لم يقتل، وجب عليه أن يقتص منه، ثم ينفي بعد ذلك من البلد الذي فعل ذلك فيه الي غيره، و

كذلك إن لم يجرح، و لم يأخذ المال، وجب عليه أن ينفي من البلد الذي فعل فيه ذلك الفعل الي غيره، ثم يكتب الي أهل ذلك المصر بأنه منفي محارب، فلا تواكلوه و لا تشاربوه، و لا تبايعوه، و لا تجالسوه، فان انتقل الي غير ذلك من البلدان، كوتب أيضا أهلها بمثل ذلك، فلا يزال يفعل به ذلك، حتي يتوب، فان قصد بلاد الشرك، لم يمكّن من الدخول فيها، و قوتلوا هم علي تمكينهم من دخولها.» «1»

أقول: ورد في بعض رواياتنا القول بالحبس كرواية العياشي، عن أبي جعفر الثاني (ع) و رواية زيد، عن علي (ع) كما ذكرناه في بحث (قطاع الطريق) و لكن تعارضها الروايات الواردة تفسير الآية بالنفي من مصر الي مصر. «2»

و علي فرض صحة سند كلتا الطائفتين من الروايات يقدم الطائفة الثانية، و ذلك لمخالفتها للعامة، فتحمل الموافقة، علي عدم الارادة الجدية.

الّا ان يقال: بعدم صدق المعارضة، و ذلك لأنهما مثبتان للحكم، اذ احدي الطائفتين تثبت النفي و التغريب، و الطائفة الثانية تثبت الحبس، من دون تعرض للتغريب- نفيا و اثباتا- و لا يبعد هذا المعني سيما انه فتوي جمع من فقهائنا كأبي الصلاح الحلبي، و علاء الدين الحلبي، و ابن زهرة علي ما نعلم، الّا أن يقال: بأن في رواية أبي جعفر الثاني (ع) تصريح بان المراد بالنفي الحبس، أو يقال بأن ثبوت الحد علي المحارب بهذا المقدار- و هو التغريب- مسلّم و اما الزائد عليه فهو مشكوك، و مقتضي الأصل عدمه، لدورانه بين الأقل و الأكثر لكن هذا فيما لو ثبت كونه من الأقل و الأكثر، و أمّا لو كان من الدوران بين المتباينين، فلا بد من الاحتياط، ان

أمكن، و لم يلزم مخالفة اجماع

______________________________

(1). النهاية: 720- انظر نكت النهاية 3: 333- الوسيلة لابن حمزة: 206- المقنعة: 804- شرايع الإسلام 4: 180- المختصر النافع: 226- الدروس 2: 59- المختلف 9: 256 المسالة 110- قواعد الاحكام 2: 272- كنز العرفان 2: 352 جواهر الكلام 41: 564.

(2). انظر تفسير البرهان 1: 465.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 359

أو شهرة.

ثم لو قلنا بالسجن، فمدته سنة كما استظهره البعض، مستدلا: بأنه بدل من النفي الذي مدته كذلك كما هو مقتضي رواية سورة بن كليب، و أبي اسحاق المدائني.

أقول: و هو ممنوع صغري و كبري، اما الأولي: فلا دليل علي بدليته عن التغريب، لان المراد بالنفي اما خصوص الحبس، أو هو مع التغريب، اما الكبري: فلا دليل علي مساواة البدل للمبدل منه في الأحكام، فالأولي: ان يجعل الغاية: التوبة، أو العفو أو الموت، كما عن الحلبي.

آراء المذاهب الاخري

1- المدونة الكبري: «لا ينفي إلّا زان، أو محارب، و يسجنان جميعا في الموضع الذي ينفيان اليه، يحبس الزاني سنة، و المحارب، حتي تعرف له توبة.» «1»

و قال في كتاب المحاربين: «أيسره و اخفّه ان يجلد، و ينفي، و يسجن في الموضع الذي نفي اليه.. و قد نفي عمر بن عبد العزيز من مصر الي شعب و لم اسمع من مالك فيه شيئا، الّا انه قال: قد كان ينفي عندنا الي فدك أو خيبر، و قد كان لهم سجن يسجنون فيه، قلت: و كم يسجن حيث ينفي؟ قال مالك: يسجن حتي تعرف له توبة.» «2»

2- المصنف: «عن الثوري، عن عيسي بن المغيرة، قال: خرج خارجي بالسيف بخراسان، فكتب فيه الي عمر بن عبد العزيز فكتب فيه: إن كان جرح احدا فاجرحوه، و

إن قتل احدا فاقتلوه و إلّا فاستودعوه السجن و اجعلوا اهله قريبا منه حتي يتوب من رأي السوء.» «3»

3- ابو القاسم البصري: «و من حارب بالبلد، أو خارجه، فاخذ قبل توبته، اقيم عليه حد المحاربة، وحدها القتل، أو الصلب، أو قطع اليد و الرجل من خلاف، أو

______________________________

(1). المدونة الكبري 6: 237.

(2). المدونة الكبري 6: 298.

(3). مصنف عبد الرزاق 10: 118 ح 18576.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 360

الضرب و النفي و الحبس، و حد المحارب موكل الي اجتهاد الحاكم، فإن رأي قتله، قتله، و إن رأي قطعه (من خلاف، قطع) يده اليمني و رجله اليسري، و إن رأي ضربه، و حبسه، فعل ذلك به، و نفاه الي بلد غير بلده، يحبسه فيه حتي تظهر توبته، و له قتله، و ان لم يقتل احدا في حرابته، اذا ادّاه اجتهاده الي قتله.» «1»

4- ابو يعلي الحنفي: «و اما قتال المحاربين. و قتالهم مخالف لقتال أهل البغي من خمسة أوجه … الرابع: يجوز حبس من اسر منهم، لاستبراء حاله، و ان لم يجز حبس احد من أهل البغي.» «2»

5- القرافي: «و يمتاز قتالهم عن قتال المحاربين بخمسة: و يجوز حبس أسراهم لاستبراء أحوالهم.» «3»

القائلون بغير الحبس

1- الماوردي: «أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ، فقد اختلف أهل التأويل فيه علي اربعة أقاويل: احدها: انه ابعادهم من بلاد الإسلام الي بلاد الشرك، و هذا قول مالك بن أنس و الحسن و قتادة و الزهري، و الثاني: انه اخراجهم من مدينة الي اخري، و هذا قول عمر بن عبد العزيز و سعيد بن جبير، و الثالث: انه الحبس، و هو قول أبي حنيفة و مالك، و الرابع: و هو ان يطلبوا لإقامة الحدود

عليهم فيبعدوا، و هذا قول ابن عباس و الشافعي» «4».

2- ابن رشد: «و اختلف أيضا في قوله: أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ فقيل ان النفي هو السجن، و قيل ان النفي هو ان ينفي من بلد الي بلد فيسجن فيه الي أن تظهر توبته، و هو قول أبي القاسم، عن مالك، و يكون بين البلدين، أقلّ ما تقصر فيه الصلاة و القولان عن مالك و بالأول قال أبو حنيفة. و قال الشافعي: اما النفي فغير مقصود،

______________________________

(1). التفريع 2: 232.

(2). الاحكام السلطانية: 58.

(3). الفروق 4: 171.

(4). الاحكام السلطانية: 62- انظر تحفة الفقهاء 3: 156.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 361

و لكن إن هربوا شردناهم في البلاد بالإتباع، و قيل هي عقوبة مقصودة، فقيل علي هذا ينفي و يسجن دائما، و كلّها عن الشافعي.» «1»

3- المرداوي: «قوله: و من لم يقتل، و لا أخذ المال نفي و شرّد فلا يترك يأتي الي بلد- و هذا المذهب، و عليه جماهير الاصحاب، و جزم به في الوجيز و غيره، قال الزركشي: هذا المذهب المجزوم به عند القاضي و غيره، و قدّمه في الهداية و المذهب، و مسبوك الذهب، و المستوعب، و الخلاصة و الهادي، و البلغة و المحرر و النظم و الرعايتين، و الحاوي الصغير، و الفروع و غيرهم، و هو من مفردات المذهب، و عنه: ان نفيه: تعزيره بما يردعه، و قال في التبصرة: يعزر، ثم ينفي و يشرد.

و عنه: إنّ نفيه حبسه، و في الواضح و غيره، رواية نفيه طلبه.» «2»

4- محمد بن اسماعيل الصنعاني: «و ظاهر الحديث و الآية أيضا: ان الامام مخير بين هذه العقوبات في كل محارب مسلما أو كافرا.» «3»

5- عبد القادر عودة:

«الحرابة: هي قطع الطريق، أو هي السرقة الكبري، و اطلاق السرقة علي قطع الطريق، مجاز لا حقيقة، لأن السرقة هي أخذ المال خفية و في قطع الطريق يأخذ المال مجاهرة، و لكن في قطع الطريق ضرب من الخفية، و هو اختفاء القاطع عن الامام، و من أقامه لحفظ الأمن، و لذا لا يطلق السرقة علي قطع الطريق إلّا بقيود. فيقال السرقة الكبري، و لو قيل السرقة فقط، لم يفهم منها قطع الطريق، و لزوم التقيد من علامات المجاز … » «4»

______________________________

(1). بداية المجتهد 2: 456.

(2). الانصاف 10: 298.

(3). سبل السلام 3: 473- انظر نيل الاوطار 7: 155- التشريع الجنائي الاسلامي 2: 639.

(4). التشريع الجنائي الاسلامي 2: 639.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 362

الفصل العاشر حبس العجزة و النساء و الأطفال من البغاة

اشارة

أفتي الشيخ الطوسي رضوان اللّه عليه في احد قوليه: بحبس الأطفال و النساء و العجزة من البغاة و ذلك لكسر قلوبهم و فلّ جمعهم و لم اجد من وافقه علي ذلك من فقهائنا.

و اما السنة: فقد افتي بعضهم بذلك كما نسب الي الحنفية و المالكية، و إليك آراء فقهائنا في المقام، ثم آراء السنة:

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و ان كان الأسير- أي من البغاة- من غير أهل القتال، كالنساء و الصبيان، و المراهقين، و العبيد، قال قوم: لا يحبسون، بل يطلقون، لأنهم ليسوا من أهل المبايعة، و قال بعضهم: يحبسون كالرجال الشباب سواء، و هو الاقوي عندي، لأن في ذلك كسرا لقلوبهم، و فلّا لجمعهم، و هكذا الحكم فيمن لا يقاتل، كالزمن، و الشيخ الفاني، الحكم فيه كالحكم في النساء و الصبيان سواء» «1».

2- و قال في الخلاف: «اذا اسر من أهل البغي من ليس من أهل القتال مثل النساء و الصبيان و الزمني، و الشيوخ الهرمي، لا يحبسون، و للشافعي فيه قولان نصّ في الام علي مثل ما قلناه، و من اصحابه من قال: يحبسون كالرجال الشباب المقاتلين دليلنا: ان الأصل براءة الذمة، و ايجاب الحبس عليهم يحتاج الي دليل.» «2»

3- العلامة الحلي: «و لو كان الأسير صبيا أو عبدا، أو امرأة، اطلقوا لأنهم لا يطالبون بالبيعة، لأنهم ليسوا من أهل الجهاد، و انّما يبايعون علي الإسلام خاصة، و قال

______________________________

(1). المبسوط 7: 271.

(2). الخلاف 5: 341 مسألة 7.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 363

بعضهم: يحبسون كالرجال، لأن فيه كسر قلوبهم، و كذا الزمن و الشيخ الفاني.» «1»

4- و قال في المختلف: «اذا اسّر من أهل البغي، من ليس من أهل القتال كالنساء و

الصبيان، و الزمني، و الشيوخ، قال الشيخ في الخلاف: لا يحبسون، و قال: و في اصحابنا من قال: يحبسون كالرجال الشباب المقاتلين، و قال ابن جنيد: و لو كان الأسير من أهل البغي، امرأة، و من لا يقتل، اعتقل، ما كانت الحرب قائمة، و الأقرب ما قاله الشيخ. لنا الأصل براءة الذمة.» «2»

5- الدروس: «و اذا استؤسر منهم مقاتل حبس حتي ينقضي الحرب، و لو كان غير مقاتل كالنساء و الزمني و الشيوخ و الصبيان اطلقوا.» «3»

أقول: و ان كان الحكم كما قاله الشيخ الطوسي في الخلاف و أيّده العلامة في التذكرة، و ذلك للأصل و عدم الدليل، و لكن لو سبّب الحبس فلّ الجمع و كسر القلب فلا يبعد القول بالجواز، ان لم نقل بالوجوب سيما ان هذا القول له قائل كابن جنيد، و الشيخ في المبسوط، و بعض الأصحاب علي ما في عبارة العلامة الحلي عن الشيخ الطوسي.

آراء المذاهب الاخري

1- الفيروزآبادي: «اهل البغي:.. و ان أسر صبيا أو امرأة خلاه علي المنصوص، و قيل يحبسهم.» «4»

2- ابن قدامة: «.. و ان لم يكن الأسير من أهل القتال كالنساء و الصبيان و الشيوخ الفانين خلّي سبيلهم و لم يحبسوا في احد الوجهين، و في الآخر: يحبسون، لأن فيه كسرا لقلوب البغاة.» «5»

______________________________

(1). تذكرة الفقهاء 9: 423.

(2). المختلف 4: 454.

(3). الدروس 2: 42.

(4). التنبيه: 229.

(5). المغني 8: 115.- انظر الا؟؟؟ 4: 219- مختصر المزني: 257- المجموع 19: 206 حلية العلماء 7: 617- الوجيز 2: 165.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 364

3- الجزيري: «الحنفية و المالكية قالوا: و اذا اخذت المرأة من أهل البغي و كانت تقاتل، حبست و لا تقتل الّا في حال مقاتلتها دفعا

عن النفس، و انما تحبس للمعصية و لمنعها من الشر و الفتنة، لما روي عن سيدنا علي رضي اللّه عنه: انه قال يوم الجمل:

و اياكم و النساء.» «1»

الفصل الحادي عشر الحبس للنزول علي حكم الامام

السرخسي: «عن الكلبي و محمد بن اسحاق: ان رسول اللّه (ص) حبس بني قريظة، حتي نزلوا في حكم سعد (رض) في دار بنت الحارث حتي ضرب رقابهم.» «2»

[الفصل الثاني عشر] حبس من يؤذي النبي ص:

عن ابن عمر قال هاجرت الي النبي ص فجاء ابو الحسن فقال له النبي ص ادن مني يا أبا الحسن فلم يزل يدنيه حتي التقم أذنه فأتي النبي ص ليساره حتي رفع رسول الله ص رأسه كالفزع، فقال: قرع الخبيث بسمعه الباب فقال: انطلق يا ابا الحسن فقيده كما تقاد الشاة الي حالبها فإذا أنا بعلي قد جاء بالحكم آخذا باذنه و لهازمه جميعا حتي وقف بين يدي النبي ص فلعنه نبي الله ص ثلاثا، فقال نبي الله ص لعلي احبسه ناحية حتي راح الي النبي ص ناس من المهاجرين و الانصار ثم دعا به النبي ص فقال:ها ان هذا شيخا لف كتاب الله و سنة نبيه و يخرج من صلبه من فتنته يبلغ دخانها السماء، فقال رجل من المسلمين صدق الله و رسوله، هو أقلّ و أذل من أن يكون منه ذلك قال بلي و بعضكم يومئذ مجمع الزوائد 5: 243.

______________________________

(1). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 422.

(2). المبسوط 20: 896. انظر بحار الأنوار 20: 262.- انظر الطبراني 6: ص 7 ح 5327.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 365

الباب الثّالث عشر حبس العمّال و الموظّفين: و فيه ثلاثة فصول

اشارة

1- حبس العامل الخائن.

أ- ابن هرمة.

ب- المنذر بن جارود.

ج- يزيد بن حجية.

د- مصقلة بن هبيرة.

2- حبس ملقن العامل الخائن.

3- حبس الأمير المداهن.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 367

الفصل الاوّل حبس العامل الخائن

اشارة

وردت روايات و نصوص تاريخية عن حبس أمير المؤمنين (ع) للعامل الخائن و المختلس من بيت المال، كما ورد في نص آخر: بأنه (ع) أمر بحبس العامل و عقوبته زائدا علي الحبس، بل و عقوبة من يلقنه رجاء لخلاصه.

و هي و ان كانت محل تأمل من حيث السند- عند البعض- و لكن قوة متنها و مضمونها مما تؤيد بل تثبت صدورها مضافا الي ذلك تأييدها بروايات دلت علي حبس الغاصب و المديون الذي لم يثبت اعساره، أو الملتوي عن أداء الدين فلعل الحبس من هذه الجهات أو جهات اخري لا نعلمها. امّا النصوص:

الروايات

1- الدعائم: «و عن علي (ع): أنه استدرك علي ابن هرمة خيانة و كان علي سوق الأهواز «1»، فكتب الي رفاعة: اذا قرأت كتابي، فنحّ ابن هرمة عن السوق، و أوقفه

______________________________

(1). سوق الاهواز: اسم مدينة الاهواز الحالية، قال الحموي في معجم البلدان ج 1، 285: الاهواز كورة بين البصرة و فارس، و سوق الاهواز من مدنها.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 368

للناس، و أسجنه و ناد عليه و اكتب الي أهل عملك، تعلمهم رأيي فيه، و لا تأخذك فيه غفلة و لا تفريط، فتهلك عند اللّه، و اعزلك اخبث عزلة، و اعيذك باللّه من ذلك، فاذا كان يوم الجمعة فاخرجه من السجن و اضربه خمسة و ثلاثين سوطا و طف به الي الأسواق، فمن أتي عليه بشاهد فحلّفه مع شاهده، و ادفع اليه من مكسبه ما شهد به عليه، و مر به الي السجن مهانا مقبوحا منبوحا- و احزم رجليه بحزام و اخرجه وقت الصلاة، و لا تحل بينه و بين من يأتيه بمطعم أو مشرب أو ملبس أو مفرش، و

لا تدع أحدا يدخل اليه ممن يلقنه اللدد و يرجّيه الخلوص، فان صحّ عندك أن أحدا لقّنه ما يضرّ به مسلما، فاضربه بالدرّة، فاحبسه حتي يتوب، و مر باخراج أهل السّجن في الليل الي الصحن، ليتفرجوا، غير ابن هرمة إلّا أن تخاف موته فتخرجه مع أهل السجن الي الصحن، فان رأيت به طاقة أو استطاعة فاضربه بعد ثلاثين يوما خمسة و ثلاثين سوطا بعد الخمسة و الثلاثين الأولي، و اكتب إليّ بما فعلت في السوق، و من اخترت بعد الخائن، و اقطع عن الخائن رزقه.» «1»

أقول: و أورد المحمودي، قبل هذه قوله (ع): «و اعلم يا رفاعة، ان هذه الامارة أمانة فمن جعلها خيانة فعليه لعنة اللّه الي يوم القيامة، و من استعمل خائنا، فان محمدا (صلّي اللّه عليه و آله) بري ء منه في الدنيا و الآخرة.. و مر به الي السجن مهانا، مقبوحا منبوحا.

المقبوح: المبعد عن الخير، و المنبوح: المشتوم: أي يا خائن يا عاصي.

ثم اني: راجعت كثيرا من المصادر فلم اجد ترجمة ابن هرمة، و لم أعرف نوع خيانته، و لا شك أن خيانة العمال و الموظفين تشمل كل أنواع التعدّي علي حقوق الناس، سواء التعدّي علي بيت مالهم، أو ظلمهم بأنواع الظلم الكثيرة، و لا شك أن منها تعدّي المسؤولين في ادارات الدولة علي المراجعين و معاملتهم السيئة و تأخير اعمالهم الي غد و بعد غد عمدا و من دون علة و وجه شرعي، مما يوجب جوّ عدم الثقة بالحكومة

______________________________

فيكون معني قوله (ع): «و كان علي سوق الاهواز» كان عاملا عليها. و قد جعله في كتاب «ولاية الفقيه 2، 499» تحت عنوان «امين السوق».

(1). دعائم الإسلام 2: 532 ح 1892- و عنه

المستدرك 17: 403 ح 5- نهج السعادة 4: 34.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 369

و يخلق روح البغض و العداء لها في قلوب الناس. بل لعل ذلك من أكبر أنواع الخيانة، و لذا نري أن الأئمة سيما أمير المؤمنين (ع) كان شديدا علي العمال.

كما ان الحجة (ع) حينما يظهر و يقيم الدولة الاسلامية الحقة يكون أيضا شديدا علي العمّال، كما ورد في الروايات «1» و قد ورد في الشدة علي العمال و عقوبتهم و تأديبهم روايات مستفيضة، اما هذه الرواية فهي مرسلة و تفرد بها القاضي نعمان المصري، و لم نعثر عليها في كتاب آخر غيره و لكن لا اشكال في انه يجب علي الامام معاقبة العامل بما يتناسب مع خيانته: من التعزير و الحبس، و الفصل من منصبه و تعزيره المالي علي قول.. و سنذكر فيما يلي بعض الموارد من كتب التاريخ و الحديث.

2- الغارات: «كان علي (ع) وليّ المنذر بن الجارود فارسا «2» فاحتاز مالا من الخراج، قال: كان المال أربع مائة ألف درهم، فحبسه علي (ع) فشفع فيه صعصعة بن صوحان «3» الي علي (ع) و قام بأمره و خلصه.» «4»

3- و فيه: «كان يزيد بن حجية قد استعمله عليّ علي الرّيّ «5» و دستبي «6» فكسر الخراج و احتجن المال لنفسه، فحبسه علي (ع) و جعل معه مولي يقال له سعد.» «7»

4- و فيه: «في سياق قصة مصقلة بن هبيرة- عامل علي عليه السلام علي اردشير

______________________________

(1). عن طاوس: علامة المهدي ان يكون شديدا علي العمال. عقد الدرر: 167- عرف السيوطي 2: 75 انظر مصادره في معجم احاديث الامام المهدي «ع» الذي وفقني اللّه لانجازه بعد سنين طوال: مع جمع من

افاضل الحوزة العلمية بقم المقدسة.

(2). ولاية واسعة، اوّل حدودها من جهة العراق ارجان، و من جهة كرمان السيرجان، و من جهة ساحل الهند سيراف، و من جهة السند مكران. معجم البلدان 4: 226.

(3). انه عظيم القدر من اصحاب امير المؤمنين (ع) وعده البعض من اصحاب النبي (ص) روي عهد مالك الاشتر، و قد روي عن الصادق (ع): ما كان مع أمير المؤمنين (ع) من يعرف حقه الا صعصعة. تنقيح المقال 2: 98..

(4). الغارات 2: 522- شرح الحديدي 18: 54.

(5). انها من امهات البلاد و اعلام المدن و بينها و قزوين سبعة و عشرون فرسخا/ معجم البلدان 3: 116- انظر اعلام المنجد: 247.

(6). كورة كبيرة كانت مقسومة بين الري و همدان/ معجم البلدان 2: 455.

(7). الغارات 2: 257- حديدي 4: 83. شرح الاخبار 2: 96 و فيه يزيد بن حجبة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 370

خرّة «1» و صرفه مال الخراج في شراء اساري نصاري بني ناجية و عتقهم- و فراره الي معاوية. عن ذهل بن الحارث، قال علي (ع): ما له؟ ترحه «2» اللّه، فعل فعل السيد، و فرّ فرار العبد، و خان خيانة الفاجر، أما أنه لو أقام فعجز، ما زدنا علي حبسه، فان وجدنا له شيئا أخذناه، و ان لم نقدر له علي مال تركناه، ثم سار الي داره فهدمها.» «3»

و إليك القصة كما في نهج السعادة: «انّ معقلا أقبل بالأساري- في قصة خريت بن راشد- حتي مرّ علي مصقلة بن هبيرة الشيباني، و هو عامل علي (ع) علي «اردشير خرّة» فبكي اليه الاساري، و هم خمسمائة انسان، و تصايح الرجال:

يا أبا الفضل، يا حامل الثقل، يا مأوي الضعيف و فكاك العناة،

امنن علينا فاشترنا و أعتقنا. فقال مصقلة: أقسم باللّه لأتصدقن عليهم، إِنَّ اللّٰهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ، ثم بعث ذهل بن الحارث الي معقل، فقال له: بعني نصاري بني ناجية، فقال: أبيعكم بألف ألف درهم، فلم يزل يراوده ذهل حتي باعه إياهم بخمس مائة الف درهم، و قال له عجل بالمال الي أمير المؤمنين (ع) فقال مصقلة: أنا باعث الآن بصدر منه، ثم أتبعك بصدر آخر، ثم كذلك حتي لا يبقي منه شي ء، فأقبل معقل الي أمير المؤمنين (ع) فأخبره بما كان من الأمر، فقال له: احسنت و أصبت و وفقت، و انتظر أمير المؤمنين (ع) مصقلة أن يبعث بالمال، فأبطأ به و بلغه أن مصقلة خلي سبيل الأساري، و لم يسألهم أن يعينوه في فكاك أنفسهم بشي ء فقال (ع): ما أري مصقلة الّا قد حمل حمالة، و لا أراكم الّا سترونه عن قريب مبلدحا «4» ثم أنه (ع) كتب اليه:

امّا بعد: فان من اعظم الخيانة خيانة الامة، و اعظم الغش علي أهل المصر، غش الامام، و عندك من حق المسلمين خمس مائة ألف درهم، فابعث بها إليّ حين يأتيك رسولي، و إلّا فاقبل إليّ حين تنظر في كتابي، فانّي قد تقدمت الي رسولي ألّا يدعك

______________________________

(1). من اجلّ كور فارس، و منها مدينة شيراز و جور و خبر و ميمند و الصيمكان و البرجان و الخوار و سيراف و كأم و فيروز و كازرون، و غير ذلك من أعيان مدن فارس./ معجم البلدان 1: 146- انظر برهان قاطع 1:

58.

(2). احزنه، اغمّه، افقره/ لسان العرب 2: 417.

(3). الغارات 1: 366- و عنه المستدرك 17: 404- شرح ابن ابي الحديد 4: 145.- انظر الانساب للسمعاني 3: 486.

(4). وعد و

لم ينجز عدته/ لسان العرب 2: 415.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 371

ساعة واحدة تقيم بعد قدومه عليك الا أن تبعث بالمال، و السلام.

فلما قرأ مصقلة الكتاب، أقبل حتي نزل البصرة، ثم أقبل منها حتي أتي عليا بالكوفة، فأقرّه أياما لم يذكر له شيئا، ثم سأله المال، فأدّي مأتي ألف درهم، و عجز عن الباقي.

روي ابن أبي سيف، عن أبي الصلت، عن ذهل بن الحارث، قال: دعاني مصقلة الي رحله، فقدّم عشاء، فطعمنا منه، ثم قال: و اللّه ان أمير المؤمنين (ع) يسألني هذا المال، و لا أقدر عليه، فقلت: لو شئت لم يمض عليك جمعة حتي تجمع هذا المال. فقال:

ما كنت لأحملها قومي و لا أطلب فيها الي أحد، ثم قال: و اللّه لو أن ابن هند مطالبي بها، أو ابن عفان لتركها لي الم تر الي عثمان كيف أعطي الأشعث في كل سنة مائة ألف درهم من خراج آذربيجان، فقلت: ان هذا لا يري ذلك الرأي و ما هو بتارك لك شيئا.

فسكت ساعة، و سكت عنه، فما مكث ليلة واحدة بعد هذا الكلام، حتي لحق بمعاوية، فبلغ ذلك عليا (ع) فقال: ماله ترحه … » «1»

أقول: و يكون هذا أيضا من موارد حبس المديون الي أن يتبين حاله، راجع قسم الحقوق المالية.

الفصل الثاني حبس ملقن العامل الخائن

من كتاب أمير المؤمنين (ع) الي رفاعة- قاضي الأهواز- حول ابن هزمة: «..

و لا تدع احدا يدخل اليه- أي الي ابن هرمة- ممن يلقنه اللدد «2» و يرجيه الخلوص

______________________________

(1). نهج السعادة 5: 189- انظر 2: 487- الكامل لابن الاثير 3: 186- انساب الاشراف: 411- تاريخ الطبري 4: 100. شرح الحديدي 4: 144- بحار الأنوار 87: 618- منهاج البراعة 4: 240-

مستدرك الوسائل 17: 404.

(2). اللدد: الخصومة و الجدال./ لسان العرب 3: 391.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 372

- الخلاص خ ل- فان صحّ عندك أنّ احدا لقّنه ما يضرّ به مسلما، فاضربه بالدرّة، فاحبسه حتي يتوب..» «1»

و قد أورده البعض «2» بعنوان احد موارد السجن في الإسلام و هو مبني علي التوسع في مفهوم التعزير و شموله للسجن.

الفصل الثالث حبس الأمير المداهن

1- نهج السعادة: عن علي (ع) حول المسيب: «قال (ع) له: نابيت قومك و داهنت وضيعت؟! فاعتذر اليه و كلمه وجوه أهل الكوفة بالرضا عنه فلم يجبهم و ربطه الي سارية من سواري المسجد و يقال: انه حبسه، ثم دعا به.» «3»

2- قال البلاذري: قالوا: و دعا معاوية عبد اللّه بن مسعدة بن حكمة بن مالك بن حذيفة الفزاري فبعثه الي تيماء «4» و ضم اليه الفا (الفين) و سبعمائة و امره ان يصدق من مر به من العرب و يأخذ البيعة له علي من اطاعه، و يضع السيف علي من عصاه، ثم يصير الي المدينة و مكة و ارض الحجاز، و ان يكتب اليه في كل يوم بما يعمل به و يكون منه، فانتهي ابن مسعدة الي امره و بلغ خبره عليا، فندب المسيب بن نجبة الفزاري في كنف «5» من الناس في طلبه فقال له: إنك يا مسيب من أثق بصلاحه و بأسه (فسر الي ابن مسعدة حتي تخرجه من ارضنا أو تقتله) فسار (المسيب) حتي أتي الجناب «6»، ثم أتي تيماء، و انضم الي ابن نجبة قوم من رهطه أيضا، فالتقي هو و ابن مسعدة فاقتتلوا قتالا

______________________________

(1). دعائم الإسلام 2: 532 ح 1892- و عنه المستدرك 17: 404 ح 5.

(2). انظر ولاية الفقيه

2: 499.

(3). نهج السعادة: 2: 577.

(4). بالفتح و المد: بليد في اطراف الشام، بين الشام و وادي القري، علي طريق حاج الشام و دمشق/ معجم البلدان 2: 67.

(5). كنفه: حفظه و اعانه/ لسان العرب 9: 308- النهاية لابن الأثير 4: 206.

(6). قيل: هو موضع في ارض كلب في السماوة بين العراق و الشام/ معجم البلدان 2: 164.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 373

شديدا و اصابت ابن مسعدة جراحات و مضي قوم من اصحابه الي الشام منهزمين لا يلوون عليه، و بقي معه قوم منهم فلجأ (ابن مسعدة) و لجأوا (معه) الي حائط حول حصن تيماء محيط به قديم، فجمع المسيب حوله الحطب و اشعل فيه النار، فناشدوه أن لا يحرقهم و كلّم فيهم، فأمر (المسيب) بإطفاء تلك النار و كان علي الثلمة التي يخرج منها الي طريق الشام، عبد الرحمن بن اسماء الفزاري و هو الذي يقاتل يومئذ و يقول:

انا ابن اسماء و هذا مصدقي اضربهم بصارم ذي رونق

فلما جن عليه الليل خلي سبيلهم فمضوا حتي لحقوا بمعاوية، و أصبح المسيب فلم يجد في الحصن احدا، فسأله بعض اصحابه أن يأذن له في اتباع القوم فأبي ذلك، و قدم المسيب علي علي و قد بلغه الخبر، فحجبه اياما ثم دعا به فوبّخه و قال (له): نابيت «1» قومك و داهنت «2» وضيعت؟ فاعتذر اليه و كلمه وجوه أهل الكوفة بالرضا عنه، فلم يجبهم و ربطه الي سارية من سواري المسجد، و يقال: انه حبسه ثم دعا به فقال له:

انه قد كلمني فيك من أنت أرجي عندي منه، فكرهت ان يكون لأحد منهم عندك يد دوني، فأظهر الرضاء عنه، و ولّاه قبض الصدقة بالكوفة، فاشرك

في ذلك بينه و بين عبد الرحمن بن محمد الكندي، ثم أنه حاسبهما فلم يجد عليهما شيئا، فوجههما بعد ذلك في عمل و لا هما اياه فلم يجد عليهما سبيلا فقال: لو كان الناس كلهم مثل هذين الرجلين الصالحين ما ضرّ صاحب غنم لو خلّاها بلا راع، و ما ضر المسلمات لا تغلق عليهن الأبواب، و ما ضرّ تاجر ألقي تجارته بالعراء «3»» «4».

______________________________

(1). تجافي و لم ينظر اليه/ النهاية لابن الأثير 5: 11.

(2). المداراة و الملاينة و ترك الجد/ مفردات الراغب: 175.

(3). الفضاء من الأرض/ النهاية لابن الأثير 3: 226.

(4). نهج السعادة 2: 577- نقلا عن انساب الاشراف 3: 1136.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 375

الباب الرّابع عشر الحبس في الحقوق المالية: و فيه ثمانية عشر فصلا

اشارة

1- حبس الممتنع عن أداء دينه.

2- حبس المديون الذي يدّعي العسر.

3- حبس المديون المعسر لو صرف المال في الحرام، أو كان مخالفا للحق.

4- حبس المفلس.

5- حبس الغاصب، و آكل مال اليتيم، و خائن الامانة.

6- حبس الراهن.

7- حبس الكفيل.

8- حبس المدعي عليه الممتنع عن الكلام.

9- حبس الملتوي في المحكمة، و الذي اغلظ للحاكم في القول.

10- حبس المدعي عليه الممتنع عن الحضور في المحكمة.

11- حبس المدعي عليه حتي يحضر المدعي الشهود.

12- حبس المدعي عليه حتي يعدّل الشهود.

13- الحبس في النكول.

14- حبس الشهود الي وقت صلاة العصر.

15- حبس العبد الذي يخاف اباقه.

16- حبس العبد الآبق.

17- حبس المولي الشريك اذا أبي عن دفع حصة شريكه.

18- هل يحبس صاحب الماشية، اذا أفسدت الحرث و الزرع؟

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 377

الفصل الأوّل حبس الممتنع عن اداء دينه

اشارة

وردت روايات من الفريقين بحبس الملتوي عن اداء دينه و في بعضها: ثم يأمر به فيقسم ماله بين غرمائه.

و قد أفتي فقهاؤنا فيه بالحبس- القدماء و المتأخرون و المعاصرون- و كذلك السنة.

و الكلام في مدة الحبس، فقد قيل: شهر و قيل شهران أو ثلاثة أو اربعة، و قيل شهرا و يبيع ماله خلاله، و إلّا باع الحاكم عنه، و عن الشيخ الطوسي في المبسوط يكرر الحبس و التعزير الي أن يؤدّي الدين و يخرج مما عليه و في المقام فروع تعرضنا لها:

1- هل يتعين علي الملتوي الحبس أم يتخير الحاكم بينه و بين بيع ماله؟

2- هل يحبس الوالد في دين ولده؟ فقد قيل بعدمه مطلقا و قيل يحبس كما في القواعد.

3- هل يحبس المديون لو كان مريضا أو أجيرا؟ فالأكثرون علي عدم جواز حبسه.

4- هل يحبس العاقلة لو امتنع من أداء الدية؟ فقد ادعاه بعض العامة.

5- هل يحبس

المديون للدولة، كما في المديون لغير الدولة، مع الالتواء؟ فقد ادعاه في الأحكام السلطانية.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 378

6- هل يحبس المسلم في دين الذمي أو بالعكس، أو الحربي المستأمن، و العبيد و النساء و السيد في دين المكاتب؟ فقد ادعاه البعض.

7- هل تحبس المرأة التي باعت دار زوجها؟ فقد ورد ذلك عن بعض العامة.

8- هل يحبس التاجر الصبي، و المتلف مال الغير و الشفيع الذي لم يسلم الثمن في الحال؛ كما عن السرخسي؟

و هذه المسائل نتعرض لها مستقصي مع ايراد الكلمات:

الروايات

1- الكافي: «محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عمار، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، يحبس الرجل اذا التوي علي غرمائه، ثم يأمر فيقسم ماله بينهم بالحصص فان أبي باعه فيقسم- يعني ماله.» «1»

رواه الصدوق عن الأصبغ بن نباتة. «2»

و رواه الشيخ الطوسي عن الأصبغ. «3»

رواه الشيخ عن غياث، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام و فيه: كان يفلّس بدل: كان يحبس «4».

قال المجلسي الأول: «يلتوي: أي يتثاقل و يدافع.. مع حلول الدين. يحبس: أي في السجن، أو عن التصرف في ماله و هو اظهر.» «5»

و قال المجلسي الثاني: «يأمر: أي الرجل امّا بالبيع أو بإرضاء الغرماء بالجنس و العروض، فإن أبي باع ماله و قسمه بينهم.» «6»

______________________________

(1). الكافي 5: 102 ح 1- انظر التهذيب 6: 191 ح 37/ النهاية: 352.

(2). الفقيه 3: 19 ح 1.

(3). التهذيب 6: 232 ح 19.

(4). التهذيب 6: 299 ح 42.

(5). روضة المتقين 6: 84.

(6). مرآة العقول 19: 55.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 379

و قال المحدث البحراني: «يلتوي: أي ماطل بالوفاء» «1».

و قال

الفيض: «المراد بالتفليس: الحكم بالإفلاس، يقال: فلّسه القاضي تفليسا: أي حكم بإفلاسه.» «2»

و قال الشيخ محمد حسن النجفي: «لعل المراد من قوله يحبس: المنع من التصرف.» «3»

2- امالي الطوسي: «اخبرنا جماعة عن أبي المفضل قال: حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب البيهقي قال: حدثنا هارون بن عمرو المجاشعي و حدثناه الرضا علي بن موسي، عن أبيه موسي، عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عن آبائه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): ليّ الواجد بالدين يحل عرضه و عقوبته ما لم يكن دينه فيما يكره اللّه عز و جلّ.» «4»

3- الدعائم: «عن جعفر بن محمد عليهما السلام، انه قال: من امتنع من دفع الحق، و كان موسرا حاضرا عنده ما وجب عليه، فامتنع من أدائه و أبي خصمه إلّا أن يدفع اليه حقه، فانه يضرب حتي يقضيه، و ان كان الذي عليه لا يحضره الّا في عروض، فانه يعطيه كفيلا أو يحبس له ان لم يجد الكفيل الي مقدار ما يبيع و يقضي.» «5»

الدعائم: و عن أمير المؤمنين ع انه قال: إذا ادي المكاتب بعض نجومه و مطل بالباقي و عنده ما يؤدي، حبس في السجن، و ان تبين عدمه اطرح يستسعي في الدين الذي عليه.» الدعائم 2: 314 مستدرك الوسائل 16: 26.

4- ابو داود: «حدثنا عبد اللّه بن محمد النفيلي، حدثنا عبد اللّه بن المبارك عن وبر بن أبي ذليلة، عن محمد بن ميمون، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، عن رسول اللّه (ص):

ليّ الواجد يحل عرضه و عقوبته» «6».

قال ابن المبارك: يحل عرضه: أي يغلظ عليه، و عقوبته: حبسه» 7.

______________________________

(1). الحدائق الناضرة 20: 412.

(2). الوافي 16:

1072 ح 16711 ابواب القضاء و الشهادات.

(3). جواهر الكلام 25: 281.

(4). الامالي 2: 134- و عنه الوسائل 13: 90- و رواه النوري في المستدرك 13: 397 ح 5، عن غوالي اللئالي، 4: 72 ح 44 انظر امالي الصدوق: 432- بحار الأنوار 100: 146 ح 4.

(5). دعائم الإسلام 2: 540 ح 1923 و عنه المستدرك 17: 37 ح 1.

(6) 6 و 7. سنن ابي داود 3: 313 ح 3628- البخاري 2: 58- ابن ماجة 2: 811- احمد 4: 222- الحاكم 4:

102- سنن البيهقي 6: 51، عن سفيان.- المعجم الكبير 7: 380 ح 7249- و 7250.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 380

قال وكيع: عرضه: شكايته، و عقوبته: حبسه» «1».

قال النراقي: «الالتواء من اللي و هو سوء الأداء و المطل.» «2»

قال السيد جواد العاملي: «و في نقل آخر: و حبسه، بدل عقوبته، و لا تفاوت اذ العقوبة بعض انواعها الحبس.» «3»

5- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي- رضي اللّه عنهم- أنه كان يحبس في النفقة، و الدين، و في القصاص، و في الحدود، و في جميع الحقوق..» «4»

6- اقضية رسول الله: «أتيت النبي ص بغريم لي، فقال لي: الزمه ثم قال: يا أخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك؟» اقضية رسول الله ص 11.

7- ابن أبي شيبة: «حدثنا أبو بكر، قال حدثنا جرير، عن طلق بن معاوية، قال:

كان لي علي رجل ثلاثمائة درهم فخاصمته الي شريح، فقال الرجل: انهم وعدوني أن يحسنوا إليّ فقال شريح: إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِليٰ أَهْلِهٰا «5» و أمر بحبسه.

و ما طلبت اليه أن يحبسه حتي صالحني علي مائة و خمسين درهما.» «6»

8-

و فيه: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا وكيع، عن علي بن صالح، عن عبد الأعلي، قال: شهدت شريحا حبس رستم الضرير في دين قال وكيع: ما أدركنا أحدا من قضاتنا، ابن أبي ليلي و غيره الّا و هو يحبس في الدين.» «7»

9- و فيه: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا وكيع عن أبي هلال، عن ابن سيرين عن شريح أنه كان يحبس في الدين.» «8»

10- و فيه: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا وكيع، عن مالك بن مقول، عن سرية

______________________________

(1). مصنف ابن ابي شيبة 7: 79 ذيل ح 2444.

(2). مستند الشيعه 2: 547.

(3). مفتاح الكرامة 10: 86.

(4). مسند زيد: 265- انظر وسائل الشيعة 13: 148.- انظر مصنف عبد الرزاق 8: 306 ح 15312.

(5). النساء: 58.

(6). المصنف 6: 248 ح 964، و رواه عبد الرزاق 8: 305 ح 15309.

(7). المصنف 6: 250 ح 969.

(8). المصنف 6: 248 ح 965 و رواه عبد الرزاق 8: 305 ح 15310.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 381

الشعبي، يقال لها أم جعفر عن الشعبي قال: اذا أنا لم أحبس في الدين فأنا أتويت حقه.» «1»

11- عبد الرزاق: «عن ابن سيرين قال: كان شريح اذا قضي علي رجل بحق يحبسه في المسجد الي أن يقوم، فان اعطاه حقه و الّا يأمر به إلي السجن.» «2»

أقول: الرواية الثانية اكثر دلالة علي المدعي (حبس الملتوي) لأنها تدل علي الدوام و الاستمرار- كان يحبس- لكن علي النقل الثاني الذي رواه الشيخ الطوسي- يفلس بدل يحبس- تخرج الرواية عن مورد السجن، و كذلك علي الاحتمال الذي استظهره العلامة المجلسي الأول و صاحب الجواهر، من أن المراد بالحبس هو المنع من التصرف لا اكثر.

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و

ان اعترف المنكر بعد يمينه باللّه بدعوي خصمه عليه، و ندم علي انكاره، لزمه الحق و الخروج منه الي خصمه، فان لم يخرج اليه منه، كان له حبسه.» «3»

2- الشيخ الطوسي: «و هكذا من وجب عليه دين حال و عرف له مال يستره و لم يكن له مال سواه، فان السلطان يجبره علي قضاء الدين، فان فعل و الّا حبسه تعزيرا، فان فعل و الّا أخرجه و عزره و لا يزال يحبسه و يعزره حتي يظهر المال و يقضي الدين، مثل الاختيار سواء. فان جنّ في الحبس أطلقه لأن المجنون لا اختيار له، فاذا أفاق أجبره علي الاختيار، فان فعل و الّا حبسه و عاد الي ما كان عليه من تكرير الحبس و التعزير و لا يزال أبدا كذلك حتي يفعل.» «4»

3- و قال في النهاية: «و ان توجه عليها «5» الحق ألزمها الخروج منه علي ما يقتضيه شرع

______________________________

(1). المصنف 6: 249 ح 966- و رواه عبد الرزاق 5: 306 ح 15311.

(2). المصنف 8: 306 ح 1512- و عنه عمدة القاري 12: 261.

(3). المقنعة: 733.

(4). المبسوط 4: 232.

(5). اي المرأة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 382

الإسلام فان امتنعت من ذلك كان له حبسها كما ان له حبس الرجال.» «1»

4- و قال أيضا كما عن المفيد. 2

5- ابو الصلاح الحلبي: «فان تجلد الغريم علي الحبس و أصرّ علي الامتناع من الخروج الي خصمه من الحق و له ذمة، يضيق عليه أصر (كذا) اخذ من ماله باليد و في غريمه، و ان لم يكن له مال باع عليه العقار و الرقيق و الانعام و الدواب و غير ذلك حتي يستوفي غريمه ما ثبت له في الحكم.»

«3»

6- علي بن حمزة: «و اذا ثبت المال علي غير معسر و طالبه به فتقاعد و التمس صاحب الحق، حبسه الحاكم حتي يبرأ من حقه» «4».

و قال أيضا: فان كان المستدين حاضرا موسرا و طالبه المدين و قد حل أداؤه و لم يكن له عذر لزمه الايفاء، فان كان له عذر أمهل حتي يزول فان لم يكن له عذر، أمر بالقضاء فان لم يقض، حبسه الحاكم ان التمس من له الدين، فان ماطل في الحبس عزر.» «5»

7- المحقق الحلي: «و لو امتنع المقر من التسليم، أمر الحاكم خصمه بالملازمة و لو التمس حبسه حبس.» «6»

8- و قال في الشرائع: «.. فان تناكرا (أي الغريم و صاحب الحق) و كان له مال ظاهر امر بالتسليم، فان امتنع فالحاكم بالخيار بين حبسه حتي يوفّي و بيع أمواله و قسمتها بين غرمائه.» «7»

9- يحيي بن سعيد: «فان مطله لغير عذر، فله اثبات دينه عند الحاكم و للحاكم حبسه و جبره علي أداء الحق، فان كان معه من جنس دينه و الّا اجبره علي البيع

______________________________

(1) 1 و 2. النهاية: 348 و 340.

(3). الكافي في الفقه: 448.

(4). الوسيلة: 213.

(5). الوسيلة: 273.

(6). المختصر النافع: 281.

(7). شرايع الإسلام 2: 95.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 383

و الإيفاء أو فعل الحاكم ذلك.» «1»

و قال في باب الحجر: و ان لم يكن له مال ظاهر و ادّعي العسر و كذّبه الغريم و الدين ثابت عن أصل مال أو عن اتلاف، و علم له اصل مال و ادّعي تلفه و لا بيّنة له حلف الغرماء و حبس» «2».

و قال أيضا: فكل من ثبت عليه حق، فان لم يفعلوا، فله قهرهم علي بيع متاعهم و

ان يبيع عليهم، و له الحبس و التأديب.» «3»

10- العلامة الحلّي: «و كذا من وجب عليه دين حال و كان له مال يعرف الحاكم به و كان يسرّه و لا يظهره و لا مال له سواه، فان السلطان يجبره علي قضاء الدين، فان فعل و الّا اخرجه و عزره و لا يزال يحبسه و يعزره حتي يظهر المال و يقضي الدين.. و اذا عرفت هذا، فان جنّ أو اغمي عليه في الحبس خلاه الحاكم الي ان يفيق، قال بعض الشافعية: اذا حبس لا يعزر علي الفور، فلعلّ عليه في التعيين نكرا، و أقرب معسر فيه مدة الاستتابة، و اعتبر بعضهم في الامهال: الاستنظار فقال:

و لو استنظر، انظره الحاكم الي ثلاثة ايام و لا يزيد.» «4»

11- و قال في القواعد: «.. و ان عرف كذبه حبس حتي يخرج من الحق..» «5».

12- الشهيد الأول: «ضابط الحبس، توقف استخراج الحق عليه، و يثبت في مواضع:.. و الممتنع من اداء الحق مع قدرته عليه.. فان قلت: القواعد تقتضي ان العقوبة بقدر الجناية و من امتنع عن اداء درهم، حبس حتي يؤدّيه فربّما طال الحبس، و هذه عقوبة عظيمة في مقابلة جناية حقيرة، قلت: لما استمر امتناعه قوبل بكل ساعة من ساعات الامتناع بساعة من ساعات الحبس فهي جنايات متكررة و عقوبات

______________________________

(1). الجامع للشرائع: 284.

(2). الجامع للشرائع: 363.

(3). الجامع للشرائع: 525.

(4). تذكرة الفقهاء ج 13 ص 13.

(5). قواعد الاحكام 2: 209.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 384

متكررة.» «1»

13- المحقق القمي: «ثم اذا كان واجدا للمال، فيلزم بإعطائه، و لو بحبس الحاكم و اغلاظ القول، أو بأن يبيع ماله في أداء دينه لو لم يكن بالاستيفاء الّا بذلك.» «2»

14- الفاضل

النراقي: «الرابعة: و اذا حكم الحاكم عليه، فان ادعي المحكوم عليه الحق بنفسه فهو، و الّا فان كان ذا مال فيكلف بالأداء، فان امتنع و مطل بلا عذر مقبول كان للمدعي اخذه منه قهرا و لو بالملازمة له، و ان لم يقدر كفاية فان احتاج الايصال الي عقوبة له من حبس أو اغلاظ في القول و نحوهما فيجب علي الحاكم، و الظاهر عدم جوازه للغير و لو نفس المدعي، اما جوازه للحاكم فلتوقف ايصال الحق عليه و هو واجب و للخبر.. المشهور «ليّ الواجد» و قال: العقوبة المجوزة للحاكم في حق المماطل لا يختص بالحبس و الاغلاظ، بل قد ينتهي الي الأكثر منه من ضرب فيجوز أيضا، لإطلاق العقوبة، و قوله: صكوا جباههم، و قوله: لا يؤذونه، و يجب الاقتصار علي الأقل، ثم قال: و لو لم يفد العقوبة في أدائه و لم يكن بيع ماله، يحبس حتي يؤدي، أو يموت، أو يبرئه الغريم.» «3»

15- الشيخ محمد حسن النجفي، فانه استشكل علي المحقق في فتواه بالتخيير بينهما حيث قال: «و المحكي في النصوص هنا من فعل أمير المؤمنين (ع): انه كان يحبسه..

بل و في خبر السكوني منها «انه كان يحبس في الدين» و علي كل حال هو غير التخيير المزبور، اللهم الّا أن يقال: انه لا دلالة في فعله (ع) علي عدم جواز غير هذا الفرد، و فيه: ان نقل الأئمة (ع) لهم بهذا اللفظ، ظاهر في ان الحكم ذلك فتأمل جيدا و الأمر سهل، و قال أيضا:.. بل مماطلته فيه تحل عقوبته بالحبس لقوله (ص): ليّ الواجد..، المعمول باطلاقه بين الأصحاب من غير ملاحظة مراتب الأمر بالمعروف

______________________________

(1). القواعد و الفوائد 2: 192، القاعدة 217-

انظر نضد القواعد الفقهية للمقداد: 499 و الفروق للقرافي 4:

79.

(2). غنائم الايام: 279.

(3). مستند الشيعة 2: 547.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 385

و النهي عن المنكر.. نعم لا إشكال في حلّيته للغريم بأن يقول له: يا ظالم و نحو ذلك.» «1»

16- السيد اليزدي: «اذا كان المقر المحكوم عليه واجدا للمال الزم به و ان امتنع اجبر عليه، و إن ماطل و اصرّ علي الامتناع جازت عقوبته بالتغليظ في القول، و رفع الصوت عليه و الشتم بمثل قوله: يا ظالم، يا فاسق بل بالحبس و الضرب حسب مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، الأهون فالأهون لقوله (ص) (ليّ الواجد يحل عقوبته..).

و ظاهر الخبر الاول: جواز ذلك كله للمحكوم له كما يجوز للحاكم، و قد يقال:

بجواز ما عدي الحبس منها و اختصاصه بالحاكم لأنه كالتعزير من وظائفه دون غيره..

بل يمكن ان يقال: بجواز الحبس أيضا لغير الحاكم و لا يضر كون مورد الأخبار حبس الإمام (ع) لأن ظاهر نقل فعل الأمير (ع) يدل علي ان الحكم الشرعي فيه ذلك، لكن الأحوط اختصاصه بالحكم..» «2»

أقول: لو كان كذلك لاختل النظام، و لما استقر حجر علي حجر، فالقدر المتيقن ممن يجوز له الحبس انما هو الحاكم الشرعي، و لا دليل علي جوازه للغير، و النبوي علي فرض صحة سنده مجمل لا يدل علي الحبس، و ان فرض دلالته علي الحبس و اطلاقه الشامل للمحكوم له، لكن لا بد من تقييده بالروايات التي فيها: كان أمير المؤمنين (ع) يحبس.. فالحبس من شئون الحاكم و وليّ الأمر لا كل احد.

17- المحقق العراقي: «ثم انه بعد ما حكم الحاكم فان امتنع المحكوم عليه عن أداء الحق (حبسه) الحاكم (مع التماس

خصمه) لرجوع مثل ذلك اليه بملاحظة كونه من مقدمات استيفائه، و لا أقل من الشك في استقلال الحاكم في السلطنة علي الحبس، فالأصل عدمه، و لكن ذلك فيما احرز كونه واجدا أو بالأصل كي يشمله عموم (ليّ الواجد..) و اما لو لم يحرز هذا العنوان ففي جواز الحبس إشكال، لأصالة عدم سلطنة احد علي حبسه بل ربّما يقتضي الأصل عدم كونه واجدا الذي لازمه عدم حليّة عقوبته، نعم قد يتوهم من اطلاق رواية حبس الأمير جوازه، و لكن في اطلاقها من

______________________________

(1). جواهر الكلام 25: 353.

(2). ملحقات العروة الوثقي 3: 50- 52 مسألة 5.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 386

هذه الجهة نظر و تأمّل.» «1»

18- السيد الخميني: «لو كان المقر واجدا الزم بالتأدية و لو امتنع اجبره الحاكم، و ان ماطل و اصرّ علي المماطلة جازت عقوبته بالتغليظ بالقول حسب مراتب الأمر بالمعروف بل مثل ذلك جائز لسائر الناس، و لو ماطل حبسه الحاكم حتي يؤدّي ما عليه.» «2»

19- السيد الخوئي: «اذا حكم الحاكم بثبوت دين علي شخص، و امتنع المحكوم عليه عن الوفاء، جاز للحاكم حبسه و اجباره علي الأداء، نعم اذا كان المحكوم عليه معسرا، لم يجز حبسه، بل ينتظره الحاكم حتي يتمكن من الأداء و تدل عليه معتبرة غياث و معتبرة السكوني..» «3»

20- السيد الگلپايگاني: «التاسع اذا حكم الحاكم بثبوت دين علي الواجد لأدائه و امتنع عن الأداء جاز للحاكم حبسه» «4».

21- و قال في القضاء علي ما في تقريراته: «و في هذا الحبس احتمالات: فيحتمل أن يكون عقوبة للمماطلة السابقة منه، و ان يكون تحذيرا له عن المماطلة فيما يستقبل، و ان يكون لغرض حمله علي الاعتراف بما يملكه من الأموال.»

«5»

22- الشيخ الوالد: «في آخر فرع من كتاب الديون: الخامس: يجب علي المديون دفع جميع ما يملكه في أداء دينه عند الحلول و المطالبة و عدم جواز تأخيره، و معه كان عاصيا و للحاكم حبسه، نعم يستثني مما يملكه داره التي يسكن فيها و عبد يحتاج الي الخدمة، و فرس الركوب ان كان من أهلهما و قوت يوم و ليلة له و لعياله و ثياب تجمّله و ثياب عياله بل و الكتب العلمية اللائقة بحاله، اما الأول: لأدلة وجوب أداء الدين و اما الثاني فللإجماع كما عن التذكرة، مضافا الي عدة روايات منها رواية عثمان بن

______________________________

(1). شرح التبصرة: 76 كتاب القضاء.

(2). تحرير الوسيلة 2: 375 مسألة 5.

(3). مباني تكملة المنهاج 1: 24.

(4). مجمع المسائل 3: 210.

(5). القضاء 1: 292.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 387

زياد «1»، قال: قلت لأبي عبد اللّه (ع): ان لي علي رجل دينا، و قد أراد أن يبيع داره فيقضيني، فقال أبو عبد اللّه (ع): اعيذك باللّه ان تخرجه من ظل رأسه.» «2»

23- السيد السبزواري: «.. و يحبسه الحاكم مع تحقق المماطلة الي أن يؤدي ما عليه، اجماعا و نصا.» «3»

آراء المذاهب الاخري

24- المدونة: «قلت: أ رأيت الدين هل يحبس فيه مالك؟ قال: قال مالك بن أنس: اذا تبين للقاضي الإلداد من الغريم حبسه، قلت: فما قول مالك في الإلداد؟

قال: قال مالك: اذا كان له مال فاتّهمه السلطان أن يكون قد غيّبه، قال مالك: أو مثل هؤلاء التجار الذين يأخذون أموال الناس فيقعدون عليها فيقولون قد ذهبت منّا، و لا يعرف ذلك الّا بقولهم، و هم في مواضعهم؛ لا يعلم انه سرق مالهم و لا احترق بيتهم و لا مصيبة دخلت

عليهم، و لكنهم يقعدون علي أموال الناس؛ فهؤلاء الذين يحبسون حتي يوفوا الناس حقوقهم، قلت: هل لحبس هؤلاء عند مالك حد؟ قال: لا ليس لحبس هؤلاء عند مالك حد و لكنه يحبسهم ابدا حتي يوفوا الناس حقوقهم أو يتبين للقاضي انه لا مال لهم، فاذا تبين انه لا مال لهم اخرجهم و لم يحبسهم.» «4»

25- المجموع: «قال ابو حنيفة: لا يحجر عليه و لا يبيع عليه ماله، بل يحبسه حتي يقضي ما عليه.» «5»

26- الماوردي: «امّا الممتنع من حقوق الآدميين من ديون و غيرها، فتؤخذ جبرا اذا امكنت، و يحبس بها اذا تعذرت، الّا ان يكون بها معسرا فينظر الي ميسرته فهذا

______________________________

(1). وسائل الشيعة 13: 94 ح 3.

(2). ذخيرة الصالحين (مخطوط) 5: 131.

(3). مهذب الاحكام 27: 86.

(4). المدونة الكبري 5: 205.

(5). انظر: المجموع 13: 279 الخلاف 3: 268 مسألة 9- انظر نيل الأوطار 5: 241 و 245. المبسوط 24: 164 فتح الغدير 10: 196 المغني 4: 529.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 388

حكم ما وجب بترك الأمر.» «1»

27- ابن حزم: «.. و ان صحّ ان له مالا غيّبه، ادّب و ضرب حتي يحضره أو يموت.» «2»

و قال أيضا: «من بلع درهما أو دينارا أو لؤلؤة و هو حي، حبس حتي يرميه، فان رماه ناقصا، ضمن ما نقص، فان لم يرمه ضمن ما بلع.» «3»

28- الموصلي: «و اذا ثبت الحق للمدعي و سأله حبس غريمه لم يحبسه و أمره بدفع ما عليه، فان امتنع، حبسه، فان اقرّ أنه معسر خلّي سبيله «4». و قال في كتاب الحجر:

و لا يحجر علي الفاسق و لا علي المديون، فان طلب غرماؤه حبسه، حبسه حتي يبيع و يوفي الدين.»

«5»

29- ابن رشد: «و هذا الخلاف- أي التحجير أو الحبس- بعينه يتصور فيمن كان له مال يفي بدينه، فأبي ان ينصف غرماءه، هل يبيع عليه الحاكم فيقسمه عليهم أم يحبسه حتي يعطيهم بيده ما عليه؟.. و اما حجج الفريق الثاني الذين قالوا بالحبس حتي يعطي ما عليه أو يموت محبوسا فيبيع القاضي حينئذ ماله و يقسمه علي الغرماء.. قالوا:

يدل علي حبسه قوله (ص): ليّ الواجد يحل عرضه و عقوبته قالوا: العقوبة هي حبسه.» «6»

30- ابن قدامة: «اذا امتنع الموسر من قضاء الدين فلغريمه ملازمته و مطالبته و الاغلاظ له بالقول، فيقول: يا ظالم، يا معتدي و نحو ذلك لقول رسول اللّه (ص) «ليّ الواجد … » فعقوبته حبسه و عرضه: أي يحل القول في عرضه بالأغلاظ، و قال النبي (ص): «مطل الغنيّ ظلم، و قال: ان لصاحب الحق مقالا» «7».

______________________________

(1). الاحكام السلطانية: 263.

(2). المحلي 8: 172 مسألة 1276.

(3). المحلي 5: 166 مسألة 606.

(4). الاختيار 2: 89.

(5). الاختيار 2: 98.

(6). بداية المجتهد 2: 285.

(7). المغني 4: 501.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 389

31- القرافي: «يحبس الممتنع عن دفع الحق إلجاء اليه.» «1»

32- ابن تيمية: «و من كان قادرا علي وفاء دينه و امتنع، اجبر علي وفائه بالضرب و الحبس، و نص علي ذلك الأئمة من اصحاب مالك و الشافعي و احمد و غيرهم.» «2»

33- بدر الدين العيني، ذيل النبوي الشريف: «.. و عقوبته ان يسجن، و قال اسحاق: فسّر سفيان عرضه: اذاه بلسانه.. و استدل به علي مشروعية حبس المديون اذا كان قادرا علي الوفاء تأديبا له لأنه ظالم حينئذ و الظلم محرم و ان قل، و ان ثبت اعساره وجب انظاره و حرم حبسه.»

«3»

34- الشوكاني: «.. و استدل بالحديث علي جواز حبس من عليه الدين حتي يقضيه اذا كان قادرا علي القضاء تأديبا له و تشديدا عليه لا اذا لم يكن قادرا، و الي جواز الحبس للواجد: ذهبت الحنفية، و زيد بن علي، و قال الجمهور: يبيع عليه الحاكم، و اما غير الواجد: فقال الجمهور لا يحبس لكن قال ابو حنيفة: يلازمه من له الدين، و قال شريح: يحبس، و الظاهر قول الجمهور.» «4»

و قال أيضا: «و حكي في البحر أيضا عن زيد بن علي و الناصر و أبي حنيفة انه لا يجوز الحجر علي المديون و لا بيع ماله بل يحبسه الحاكم حتي يقضي.» 5

مدة الحبس

1- ابو دقيقة: «و اختلفوا في مدة الحبس: قيل شهرين أو ثلاثة، و بعضهم قدّره بشهر و بعضهم بأربعة، و بعضهم بسنة، و الصحيح ما ذكرت لك أوّلا لأن الناس يختلفون في احتمال الحبس، و يتفاوتون تفاوتا كثيرا، فيفوّض الي رأي القاضي.» «6»

2- النزوي: «و ان قعد في السجن فتمادي فقول: اذا تماجن في السجن و لم يعط

______________________________

(1). الفروق 4: 79.

(2). الفتاوي الكبري 4: 480.

(3). عمدة القاري 12: 236.

(4) 4 و 5. نيل الاوطار 5: 241 و 245.

(6). الاختيار (الهامش) 2: 90.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 390

القوم باع الحاكم ماله و أعطي الناس حقوقهم و هو قول سليمان بن عثمان، و قول:

يحبس حتي يبيع ماله و يعطيهم، ذكر ذلك محمد بن محبوب عن امام حضر موت سليمان بن عبد العزيز، قول: ثلاثة اشهر و قول أبي عثمان: ان الحاكم يحبسه شهرا فان باع و الّا باع الحاكم، و في ايصاء: ان محمد بن محبوب قال: اذا تماجن في السجن باع

الحاكم ماله و قضي عنه و اشهد للمشتري و شرط له الدرك علي رب المال، و اما داود بن علي فقال: يضرب الغني اذا لم يدفع الحق و هو قادر علي دفعه الي أن يقضي غريمه.» «1»

فروع
الفرع الأول: هل يتعين علي الموسر المماطل الحبس، أو ان الحاكم مخير بينه و بين بيع ماله؟

و الذي يظهر من كلام المحقق هو الثاني، كما ان الأول هو رأي جمع كثير منهم صاحب الجواهر و النراقي، قال النراقي: «قال بعض الفضلاء المعاصرين: ثم ان كان المقر واجدا للمال فيلزم بإعطائه و لو بحبس الحاكم و غلاظ القول، أو بأن يبيع ماله في أداء دينه، لو لم يمكن الاستيفاء الّا بذلك، قال النراقي: فان كان قوله بذلك اشارة الي الحبس و البيع معا يكون قولا بالتخيير و ان كان اشارة الي البيع يكون قولا بتأخير البيع عن الحبس، و قال في مقام الاستدلال علي رأيه: كما ان العقوبة مخالفة للأصل لا يرتكب الّا مع الدليل فكذلك اعطاء ماله أو بيعه، لان تميّز ما في ذمة شخص من بين أمواله بيده و بيع غير المالك لا يجوز، و الدليل علي حلية العقوبة موجود كما مر، و لا دليل علي الإعطاء، و البيع الّا كونه مما يتوقف عليه ايصال الحق الواجب، و هو قبل اليأس بالعقوبة المنصوصة جوازها ممنوع الّا بعد عدم تأثير العقوبة … » «2».

الفرع الثاني: هل يحبس الوالد في دين ولده؟
اشارة

يظهر من العلامة في التذكرة: انّه لا يحبس، و في القواعد: انه يحبس، و الأول هو الظاهر من خبر الحسين بن علاء و قد أفتي به السيد اليزدي و هو احد قولي الشافعية و بعض المذاهب الاخري:

______________________________

(1). المصنف: 187.

(2). مستند الشيعة 17: 181.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 391

1- قال العلامة الحلي: «لو ثبت للولد علي والده مال و كان الأب معسرا لم تحل مطالبته و ان كان موسرا كان له مطالبته اجماعا فان امتنع من الأداء فالأقرب عندي انه لا يحبس لأجل ولده لأن الحبس نوع عقوبة و لا يعاقب الوالد بالولد، و لان اللّه

تعالي قد بالغ في الوصية في الأبوين.. و هو احد قولي الشافعي، و له قول آخر: انه يحبس، و الّا لعجز الابن عن الاستيفاء و يضيع حقه و هو ممنوع، بل اذا اثبت الابن الدين عند القاضي، اخذه القاضي منه قهرا من غير حبس و صرفه الي دينه و لأنه قد يتمكن من اخذه غيلة، فلا يكون عاجزا، و لا فرق بين دين النفقة و غيرها، و لا بين ان يكون الولد صغيرا أو كبيرا، و به قال الشافعي، و قال ابو حنيفة: انه لا يحبس الّا في نفقة الولد اذا كان صغيرا أو زمنا» «1».

2- و في القواعد: «و يجوز الحبس في دين الولد» «2».

3- السيد اليزدي: «يظهر من خبر الحسين بن أبي العلاء عدم جواز حبس الوالد، لدين الولد كما عن التذكرة و جامع المقاصد و قوّاه في الجواهر: «قال: قلت لأبي عبد اللّه (ع): ما يحل للرجل من مال ولده؟ قال (ع): قوته بغير سرف اذا اضطر اليه، قال: فقلت له: فقول رسول اللّه (ص) للرجل الذي اتاه فقدم اباه، فقال له: انت و مالك لأبيك، فقال (ع): انّما جاء بأبيه الي النبي (ص) فقال: يا رسول اللّه (ص) هذا أبي ظلمني ميراثي من امّي فأخبره الأب انه قد انفقه عليه و علي نفسه، فقال النبي (ص): انت و مالك لأبيك و لم يكن عند الرجل، أو كان رسول اللّه (ص) يحبس الأب للابن» «3» و يؤيده سائر الاخبار الدالة علي ان الولد و ماله لأبيه، لكن عن القواعد جواز حبسه لدين ولده و لعله لضعف الخبر سندا و دلالة.» «4»

أقول: و ضعفها بالحسين بن أبي العلاء و قد انكر صاحب المدارك

و الذخيرة توثيقه

______________________________

(1). تذكرة الفقهاء 14: 77 المسألة 324.

(2). قواعد الاحكام 1: 176.

(3). الكافي 5: 136 ح 6- الفقيه 3: 109 ح 2- التهذيب 6: 344 ح 87- الاستبصار 3: 49 ح 5.

(4). العروة الوثقي 3: 56 مسألة 11.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 392

كما توقف ابن داود فيه «1» و ان وثقه السيد الخوئي كما صحح طريق الشيخ اليه «2» و اما الدلالة: فهي مشتملة علي حكم اخلاقي لا تكليفي، و الدليل عليه: ان أموال الابن لم يعد من جملة تركة الأب لو مات الوالد.

و اما سائر الأدلة التي أوردها العلامة في التذكرة فهي مورد للنقاش، اما دليله بان الوالد لا يعاقب بالولد، فنقول: ان كانت هذه قاعدة كلية قام عليها الدليل، او انها قاعدة اصطيادية من تتبع موارد منها: عدم قطع اليد في سرقة الوالد و عدم الاقتصاص منه في قتل ابنه فبها، و الّا فالعمل بالإطلاقات- الحبس في الدين عقوبة- و الوقوف علي مورد النص- سرقة، قصاص..- متعين.

4- المدونة: «قلت: أ رأيت الوالد هل يحبس في دين الولد، أو المرأة هل تحبس في دين الزوج، أو الزوج في دين المرأة أو الولد في دين الوالد أو في دين الجد أو الجدة، أو الجد في دين ولد الولد، أو العبد هل يحبس في الدين؟ قال مالك: الحر و العبد في الحبس في الدين سواء اذا تبين للقاضي الالداء فالولد اراه يحبس في دين الوالد لا اشك فيه و لا اقوم علي حفظ قول مالك فيه، و اما الوالد فلا أري ان يحبس في دين الولد، و اما الزوج و المرأة فانهما يحبسان بعضهما لبعض في الدين، و كذلك من سوي الولد و

الوالدة فانه يحبس بعضهم لبعض في الدين اذا تبين الإلداد للسلطان من المطلوب، قال ابن القاسم: و لا ينبغي للسلطان و ان لم يحبس الوالد و الوالدة في دين الولد ان يظلم الولد لهما، و انما رأيت ان لا يسجنا له لأن مالكا قال فيما بلغني في الابن يريد ان يستحلف اباه في شي ء قال: لا أري أن يحلف له، فاذا لم يحلف له، فالحلف أيسر من السجن.» «3»

5- الكندي: «و من كان عليه حق لولده فاما البالغ يحكم له علي والده و لا يحبس له الوالد و لكن يأمره الحاكم أن يدفع الحق الي الولد و اما الصغير فلا يحكم له بشي ء، و كان محمد بن محبوب لا يحكم للابن علي ابيه و لا يحبسه و لا يشركه في ماله مع

______________________________

(1). كتاب الرجال 79 الرقم 468- انظر تنقيح المقال 1: 217.

(2). انظر معجم رجال الحديث 5: 184.

(3). المدونة الكبري 5: 205.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 393

الغرماء.» «1»

و مما يلحق به: حبس الوالد ببيع مال ابنته، أو يأخذ مهرها:

1- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا ابن ادريس عن عمه، عن الشعبي عن شريح انه حبس رجلا في خادم باعه لابنته، قال ابن ادريس: و رأيت ابن ابي ليلي حبس رجلا في خادم باعه لابنته.» «2»

2- و فيه: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا اسرائيل عن جابر عن عامر، عن شريح و أبي عبد اللّه الجدلي انهما حبسا رجلا في السجن، اخذ مهر ابنته.» «3»

أقول: ان قلنا بأن الوالد لا يحبس لأجل ولده لان الحبس نوع عقوبة و لا يعاقب الوالد بالولد، فلا مجال للحبس في هذين الموردين.

الفرع الثالث: هل يحبس المديون لو كان مريضا أو اجيرا للغير
اشارة

، فقد استشكل بعض الفقهاء فيه كالعلامة الحلي و السيد اليزدي و الامام الخميني.

آراء فقهائنا

1- العلامة الحلي: «مسألة: لو استؤجر المديون اجارة متعلقة بعينه و وجب حبسه، ففي منع الاجارة المتعلقة بعينه نظر، ينشأ من جواز الحبس مطلقا عملا باطلاق الأمر، و من كون عينه مستحقة المنافع للغير، فلا يجوز حبسه لئلا يتعطل شغل الغير، و الأقرب الأول، هذا فيما اذا لم يمكن الجمع بين الحبس و استيفاء المنافع، و اما لو لم يمتنع الجمع فانه يجوز حبسه قطعا.» «4»

2- السيد اليزدي: «اذا كان المديون مريضا يضره الحبس؛ يشكل جواز حبسه، كما انه لو كان له مانع آخر: كما اذا كان أجيرا للغير أو كان عليه واجب يكون الحبس

______________________________

(1). المصنف: 108.

(2). المصنف 7: 60 ح 2376.

(3). المصنف 7: 61 ح 2377- و رواه عبد الرزاق 6: 221.

(4). تذكرة الفقهاء 14: 78 المسألة 325.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 394

منافيا له» «1».

3- الامام الخميني: «لو كان المديون مريضا يضرّه الحبس، أو كان اجيرا للغير قبل حكم الحبس عليه، فالظاهر عدم جواز حبسه.» «2»

أقول: و الظاهر قوة كلام العلامة و ترجيحه علي الأقوال، و ذلك لا طلاق ادلة الحبس و لا مخصص لها الّا القول بتضرر المؤجر بحبس الأجير و هو لا ينهض دليلا علي التخصيص، إلّا ان يتمسك بقاعدة لا ضرر في دفع الضرر عن المؤجر، لكنه معارض بدفعه عن الغريم الدائن، و بأن الأجير هو المسبب للضررين و عليه جبرانهما.

الفرع الرابع: هل يحبس العاقلة اذا امتنعوا من أداء الدية؟

قال به السرخسي من السنة، و لعله لشمول اطلاقات الأدلة سيما النبوي الشريف للمورد، و لأنّهم تركوا الواجب فالحبس لذلك.

السرخسي: «و لا يحبس العاقلة في الدية و لا في شي ء منها من الأرش بقضائه عليهم، و لكنه يؤخذ من الأعطية و ان كرهوا ذلك، لان الدية انّما تعطي

من عطائهم لا مما في أيديهم من الأموال حتي يتحقق المنع من قبلهم حتي لو كانوا من أهل التأدية و ليس لهم عطاء يفرض ذلك عليهم في أموالهم فاذا امتنعوا من أدائه حبسوا.» «3»

الفرع الخامس: هل يحبس المديون للدولة؟

قد يقال: بحبس المماطل بالخراج مع يساره اذا لم يوجد له مال يباع، و لعله أيضا لشمول الاطلاقات لهذا المورد، لأنه كسائر الديون و قد تعرض الموصلي لهذا الفرع فقال:

«و من اعسر بخراجه انظر به الي يساره و لم يسقط بالاعسار و اذا مطل بالخراج مع يساره حبس، الّا أن يوجد له مال فيباع عليه في خراجه كالديون، فان لم يوجد له غير أرض الخراج فان كان السلطان يري جواز بيعها باع منها بقدر خراجه، و ان كان لا يراه، آجرها عليه و استوفي الخراج من مستأجرها فان زادت الاجرة كان له زيادتها،

______________________________

(1). العروة الوثقي 3: 56 مسألة 12.

(2). تحرير الوسيلة 2: 375 مسألة 9.

(3). المبسوط 20: 91.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 395

و ان نقصت كان عليه نقصانها.» «1»

الفرع السادس: لا نري منعا في شمول الأدلة لحبس المسلم للذمي، و الذمي للمسلم، و الحربي المستأمن، و العبيد و النساء، و السيد في دين المكاتب

اذا ألدّ و ماطل عن أداء الدين الّا انه في المكاتب بحث «2» فليراجع الكتب المفصلة.

1- المدونة: «قلت: أ رأيت اهل الذمة في الدين و التفليس مثل المسلمين سواء في الحبس؟ قال: قال مالك في الحر و العبد سواء، و النصراني عندي بتلك المنزلة،..

قلت: أ رأيت النساء و الرجال في ذلك سواء في قول مالك، و العبيد و الاماء و المكاتبين و المدبرين و امهات الأولاد؟ قال: نعم كلهم سواء عندنا مثل الأحرار و هو قول مالك في العبيد، قلت: أ رأيت النساء، هل يحبسن في القصاص و الحدود في قول مالك؟

قال: نعم، قلت: أ رأيت المكاتب اذا كان له علي سيده دين أ يحبس له السيد في دينه؟ قال: قال مالك: دين المكاتب اذا كان له علي سيده دين من الديون، قال عبد الرحمن بن القاسم: فالمكاتب و غيره في هذا سواء …

قال: و أري ان يحبس إن ألدّ به.» «3»

2- السرخسي: «و يحبس المسلم للذمي بدينه، و الذمي للمسلم، و يحبس الحربي المستأمن و يحبس له، لأن معني الظلم يتحقق في حق الكل.» «4»

الفرع السابع: قد يقال تحبس المرأة التي تبيع دار زوجها بغير رضاه الي أن يجيز ذلك

. ابن أبي شيبة: «نا اسماعيل بن عليّه، عن أيوب: ان امرأة باعت دارا لزوجها و هو غائب، فلما قدم، أبي ان يجيز البيع فخاصمته فيها الي اياس بن معاوية، فجعل المشتري يقول: اصلحك اللّه، انفقت فيها ألفي درهم، فلما: الفال علي الفال (كذا)

______________________________

(1). الاحكام السلطانية: 172.

(2). شرايع الإسلام 3: 133.

(3). المدونة الكبري 5: 205.

(4). المبسوط 20: 91.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 396

قال: فقضي للرجل بداره و امر امرأته الي السجن، فلما رأي ذلك جوّز البيع.» «1»

أقول: لو لم تكن المرأة وكيلة عن زوجها، فقد وقع البيع فضوليا، فإن اجاز لزم، و الّا فيبطل، فلا وجه للحبس، الّا ان يكون لأجل استنقاذ ما صرفه المشتري في الدار، و هذا انّما يكون فيما لو كان جاهلا بعدم ملكية المرأة لهذه الدار و الّا فليس له لأنه أقدم علي الضرر، أو يقال: بان الحبس عقوبة علي المرأة في بيعها ما لا تملك، لكنه متوقف علي القول بحرمة البيع الفضولي «2»، أو يقال: بأنّ الحبس لأجل انها غرّته لكن الكلام الكلام، هذا كله علي فرض صحة السند، و اهلية اياس للفتوي، و الحكم علي كتاب اللّه و سنة الرسول (ص).

الفرع الثامن: قيل يحبس الصبي التاجر، و المتلف متاع الغير تأديبا

. السرخسي: «و الصبي التاجر في السجن مثل الرجل، يعني يحبس، لأنه يؤاخذ بحقوق العباد، فيتحقق ظلمه، و الغلام الذي يستهلك المتاع، فيضمن قيمته، و له اب أو وصي و ليس بناجز- تاجر- مثل ذلك يريد به في حق الحبس.

و لم يذكر انه يحبس الصبي أو أبوه أو وصيه، و الصحيح انه يحبس وليه و في الكتاب ما يدل عليه حيث قيده بهذا اللفظ، و هذا لان الظلم انما يتحقق ممن يخاطب بأداء المال، و وليه

هو الذي يخاطب بذلك لا هو، و بعضهم قال: الحبس للصبي بطريق التأديب حتي لا يتجاسر علي مثله، و لكن هذا انما يكون فيما يباشر من اسباب التعدي قصدا اما ما وقع خطا منه فلا، و لو انّ غلاما استهلك لرجل ما لا، و له دار و رقيق و عروض، و ليس له أب و لا وصي لم يحبس، و لكن القاضي يري رأيه فيه ان شاء جعله وكيلا ببيع بعض ماله فيوفي الطالب حقه، و ان كان له أب أو وصي يجوز بيعه فانه لا يحبس، و الصحيح: انه يحبس من يخاطب بقضاء دينه لما مرّ و لا يحبس الصبي الّا بطريق التأديب.» «3»

______________________________

(1). المصنف 6: 76 ح 320.

(2). و قد تعرض الشيخ الانصاري في المكاسب- للقول بحرمة البيع الفضولي المتضمن للتصرف، في الدليل الرابع من ادلة بطلان العقد الفضولي، فراجع 8: 214.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 396

(3). المبسوط 20: 91.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 397

اقول: عموم من اتلف يشمل الصبي فهو المخاطب و لكن يجب عليه الأداء بعد بلوغه، و لا وجه لحبس الولي اذ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ.. كما ان حبس الصبي تأديبا متوقف علي شمول التأديب للحبس، و ان تعزير الصبي لم ينحصر في موارد خاصة كالسرقة و..

الفرع التاسع: قد يقال بحبس الشفيع الذي لم يسلم الثمن في الحال

كما نقل ذلك عن أبي حنيفة و أبي يوسف.

قال السمرقندي: «ثم القاضي يقضي بالشفعة سواء احضر الثمن أم لا، في المشهور من الرواية عن أبي حنيفة و أبي يوسف و يأمر الشفيع بتسليم

الثمن اليه للحال. فان لم يسلم يحبسه و لا ينقض الأخذ بالشفعة، لأنه بمنزلة الشراء، فان طلب منه حتي يذهب و يحضر الثمن: فالقاضي لا يحبسه، لأنه لم يوجد منه المطل، و ان طلب الأجل يوما أو يومين: فالقاضي يؤجله إن رضي الخصم و الّا فيحبسه، و قال محمد: لا ينبغي للقاضي أن يقضي بالشفعة حتي يحضر الثمن، فاذا احضر الثمن يقضي بالشفعة و يأمر الشفيع بتسليم الثمن الي المشتري. فان قضي القاضي له بالشفعة قبل احضاره الثمن و أمر الشفيع بدفع الثمن اليه من ساعته فقال: لا انقده الي يوم أو يومين، أو الي شهر و أبي المشتري ان يقبل ذلك، لا يفسخ قضاؤه و لا ينقض الأخذ بالشفعة و لكن يحبسه.» «1»

أقول: ان الشفيع لو عجز عن تسليم الثمن أو ماطل أو هرب يبطل حقه و معه لا معني لحبسه حتي يسلم، و كذا حبس المشتري..

قال المحقق الحلي: «و تبطل الشفعة: بعجز الشفيع عن الثمن، و بالمماطلة و كذا لو هرب، و لو ادعي غيبة الثمن، اجّل ثلاثة ايام، فان لم يحضره، بطلت شفعته، فان ذكر ان المال في بلد آخر، اجّل بمقدار وصوله اليه و زيادة ثلاثة ايام ما لم يتضرر المشتري.» «2»

______________________________

(1). تحفة الفقهاء 3: 54.

(2). شرايع الإسلام 3: 255- انظر جواهر الكلام 37: 281.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 398

الفصل الثاني حبس المديون الذي يدعي العسر

اشارة

أفتي الفقهاء: بحبس المديون الذي يدعي الاعسار- بعد التماس صاحب الحق من الحاكم- فان ظهر فقره خلّي سبيله و هو رأي الشيخ المفيد في المقنعة، و ابو الصلاح الحلبي في الكافي و سلار في المراسم، و المحقق، و يحيي بن سعيد في الجامع و.. و من المعاصرين الامام الخميني

و السيد الخوئي و السيد الخونساري و.. كما هو رأي كثير من السنة كابن الجلاب في التفريع و الموصلي في الاختيار و ابن قدامة في المغني و..

و بذلك وردت روايات عن أمير المؤمنين (ع)، كما في التهذيبين و مسند زيد و …

الروايات و الآثار

1- الفقيه: «روي الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام.. و قضي علي (ع) في الدين: انه يحبس صاحبه فاذا تبيين افلاسه و الحاجة فيخلّي سبيله حتي يستفيد مالا.» «1»

قال المجلسي الثاني: «الظاهر انه بفتح الدال، و ذكره لأنه الغالب في الحبس و يحتمل الاختصاص أيضا لكون ما سواه أشدّ، أو بكسر الدال، فيشتمل الجميع.» «2»

2- التهذيب: «عنه (محمد بن الحسن الصفار) عن محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيي، عن غياث، عن أبيه: ان عليا عليه السلام كان يحبس في الدين فاذا تبين له افلاس و حاجة خلي سبيله حتي يستفيد مالا.» «3»

قال المجلسي: «موثق.. قال الوالد: الظاهر ان الحبس: اذا كان الدعوي مالا أو كان له مال كالمهر.» «4»

______________________________

(1). الفقيه 3: 19 ح 1- التهذيب 6: 232 ح 19.

(2). ملاذ الاخيار 5: 543.

(3). التهذيب 6: 196 ح 57- الاستبصار 3: 47 ح 3- النهاية: 354.

(4). ملاذ الاخيار 10: 166.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 399

3- و فيه: «محمد بن علي بن محبوب، عن ابراهيم بن هاشم، عن النوفلي عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام: ان عليا عليه السلام كان يحبس في الدين ثم ينظر، فان كان له مال اعطي الغرماء و ان لم يكن له مال دفعه الي الغرماء فيقول لهم اصنعوا به ما شئتم، ان شئتم آجروه و ان شئتم استعملوه و ذكر الحديث.» «1»

كلمات الاعلام حول الرواية

أ- قال الشيخ الطوسي: هذا الخبر و خبر طلحة بن زيد «2» لا ينافيان خبر زرارة الذي ذكر فيه: انه ما كان يحبس الّا الثلاثة الذين ذكرهم، لأن ذلك الخبر يحتمل شيئين:

احدهما: انه ما كان يحبس علي جهة العقوبة الّا الذين ذكرهم، الوجه

الثاني: انه ما كان يحبسهم حبسا طويلا الّا الذين استثناهم، لان الحبس في الدين انما يكون بمقدار ما يبين حاله، فان كان معدما و علم ذلك منه خلاه و ان لم يكن معدما الزمه الخروج منه علي ما بيناه فيما تقدم.» «3»

ب- و قال ابن ادريس: «هذا الخبر غير صحيح و لا مستقيم، لأنه مخالف لأصول مذهبنا و مضاد لتنزيل الكتاب، قال تعالي: «وَ إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِليٰ مَيْسَرَةٍ» «4» و لم يذكر استعلموه و لا آجروه، و انما أورده شيخنا ابو جعفر في نهايته ايرادا لا اعتقادا و قد رجع في مسائل الخلاف فقال … » «5».

ج- و قال الحر العاملي: «يمكن ان يحمل هذا علي ما يعتاد اجارة نفسه و العمل بيده، لما تقدم هنا و في الدين و غيره من وجوب انظار المعسر، ذكره بعض علمائنا.» «6»

د- و قال السيد العاملي: «و هذه الرواية مع ضعف سندها كما تري مخالفة للعقل

______________________________

(1). التهذيب 6: 300 ح 45.

(2). قال المجلسي: «كأنه من سهو القلم، و الصواب خبر غياث بن ابراهيم» - ملاذ الاخيار 10: 207.

(3). التهذيب 6: 300 ذيل ح 45.

(4). البقرة: 280.

(5). السرائر 2: 196.

(6). وسائل الشيعة 13: 148 ذيل ح 3.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 400

و النقل، فان حبس شخص قبل موجبه غير معقول، و ان تسليط شخص علي آخر ليفعل به كيف شاء مع عجزه مما يمنعه العقل و النقل من كتاب و سنة كقوله جل ذكره، فنظرة الي مسيرة، و غيره من السنة كما عرفت.» «1»

ه- قال العلامة المجلسي الأول: «فيمكن ان يكون علي سبيل التعزير، بان كان يعلم (ع) ان له مالا و يدافع، لئلا

ينافي ظاهر الآية و الاخبار.» «2»

و- و قال المجلسي الثاني: «قال الوالد العلامة روّح اللّه روحه: يمكن أن يكون دفعه الي الغرماء تعزيرا لا تلاف الأموال و صرفها في غير المشروع، او كان عليه السلام، يعلم ان له مالا و بالدفع يعطي، انتهي كلامه. و قال: ضعيف علي المشهور.» «3»

4- مسند زيد: «عن علي (ع) اذا حبس القاضي رجلا في دين، ثم تبين له افلاسه و حاجته، اخرجه حتي يستفيد مالا.» «4»

5- حاشية مسند زيد: «روي عن الحكم، عن علي رضي اللّه عنهم، انه اتي في امرأة باعت هي و ابنها خادما لزوجها، فقدم الزوج و قد ولدت الجارية، فقضي للزوج بالجارية و ولدها، و حبس المرأة و ابنها، يعني بدين المشتري.» «5»

6- المدونة: «ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن عبيد اللّه بن أبي جعفر: ان عمر بن عبد العزيز كان لا يسجن الحر في الدين، يقول: يذهب فيسعي في دينه خير من أن يحبس و انما حقوقهم في مواضعها التي وضعوها فيها صادفت عدما أو ملاء» «6».

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «فان التمس الخصم حبسه علي الامتناع من أداء ما أقرّ به حبسه

______________________________

(1). مفتاح الكرامة 10: 73.

(2). روضة المتقين 6: 84.

(3). ملاذ الاخيار 10: 206.

(4). مسند زيد: 262.

(5). مسند زيد (الهامش): 265، عن الجامع الكافي.

(6). المدونة الكبري 5: 205.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 401

له، فان ظهر بعد حبسه إيّاه انه معدم فقير، لا يرجع الي شي ء و لا يستطيع الخروج مما أقرّ به، خلي سبيله، و امره ان يتحمل حق خصمه و يسعي في الخروج مما عليه..» «1».

و قال أيضا: «و ان اعترف المنكر بعد يمينه بالدعوي و ندم علي انكاره لزمه الحق

و الخروج منه الي خصمه، فان لم يخرج اليه منه، كان له حبسه عليه، فان ذكر اعسارا أو ضرورة، و انه حلف خوفا من الحبس ثم خاف اللّه عز و جلّ من بعد كشف الحاكم عنه، و ان كان علي ما ادعاه، لم يحبسه و انظره، و ان لم يعلم صحة دعواه في الاعسار، كان له حبسه حتي يرضي خصمه.» «2»

2- ابو الصلاح الحلبي: «.. و ان ادعي اعسارا، و انكر المدين، و فقد البيّنة في الحال، توقف الحاكم حتي ثبت له ما يحكم بمقتضاه، فان ثبت له اعساره بعد ما حبسه أطلقه.» «3»

و قال: و لا يحل لمن علم غريمه معسرا أن يحبسه مقرا و لا يستحلفه منكرا.» «4»

و قال أيضا: «و ان ادعي المقر أو الشهود عليه اعسارا يعلمه الحاكم أو تقوم به بينة في الحال، لم يحبسه و لكن يقرر عليه ما يفضل من مكسبه عن قوته و عياله لغريمه، و ان لم يعلم ذلك من حاله، و لا قامت به البينة، حبسه و كشف عن أمره، فان وضح له اعساره، أخرجه من الحبس، و صنع فيما عليه من الحق ما تقدم.» «5»

3- سلار بن عبد العزيز: «و من الواجب سماع الدعوي و سؤال المدعي عليه عما عنده فيها، فان اقرّ و لم يرتب بفعله و اختياره، الزمه الخروج مما أقرّ به، فان لم يخرج، امر خصمه بملازمته حتي يرضيه فان التمس الخصم حبسه علي ذلك، حبسه، فان ظهر له انه معدم خلّي سبيله.» «6»

4- المحقق الحلي: «.. و ان لم يكن له مال ظاهر و ادعي الاعسار، فان وجد البينة،

______________________________

(1). المقنعة: 723.

(2). المقنعة: 733.

(3). الكافي في الفقه: 341.

(4). الكافي في الفقه:

443.

(5). الكافي في الفقه: 447.

(6). المراسم: 230.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 402

قضي بها، و ان عدمها و كان له اصل مال، أو كان اصل الدعوي مالا، حبس حتي يثبت اعساره..» «1»

5- يحيي بن سعيد: «فان لم يعلم الحاكم حاله حبسه حتي يبين امره، فاذا بان عسره خلّاه و أمره بالتكسب لنفسه و عياله لا سرف و لا تقتير و ما فضل لدينه. «2»

و قال أيضا: و اذا سمع دعواه، سأل المدعي عليه، فان اعترف الزمه الأداء ان عرفه موسرا أو كان الأصل مالا، قبضه، فان لم يؤدّه و طلب الخصم حبسه، حبسه..

و ان جهل حاله حبسه، حتّي يتبين امره.» «3».

6- العلامة الحلي: «لو ثبت الاعسار خلّاه الحاكم علي ما تقدم، فان عاد الغرماء، بعد أوقات، و ادّعوا انه استفاد مالا و انكر، قدم قوله مع اليمين و عدم البيّنة، و عليهم اقامة البينة، فان جاءوا بشاهدين شهدا بأنهما رأيا في يده مالا يتصرف فيه اخذه الغرماء، فان قال: اخذته من فلان وديعة أو مضاربة و صدّقه المقرّ له، حكم عليه بذلك و ليس للغرماء فيه حق، و هل للغرماء احلافه علي عدم المواطاة مع المقر له، و انه أقرّ عن تحقيق؟ الاقرب المنع لأنه لو رجع عن اقراره لم يقبل، فلا معني لتحليفه، و يحتمل احلافه لجواز المواطاة، فاذا امتنع من اليمين حبس حتي يسلم المال، أو يحلف، و لأنه لو اقرّ بالمواطاة حبس علي المال مع تصديق الغير.» «4»

7- و قال في القواعد: «فان ادعي الاعسار و ثبت صدقه، اما بالبينة المطلعة علي حاله، أو بتصديق الخصم، لم يحل حبسه، و انظر الي أن يوسر، فان مات فقيرا سقط، و ان عرف

كذبه، حبس حتي يخرج من الحق، و ان جهل، بحث الحاكم فان ثبت اعساره انظر، و لم يجب دفعه الي غرمائه ليستعملوه، و ان اشتبه، فان عرف ذا مال، أو كان أصل الدعوي مالا؛ حبس حتي يثبت اعساره، و إلّا حلف علي الفقر، فان نكل

______________________________

(1). شرايع الإسلام 2: 95.

(2). الجامع للشرائع: 284.

(3). الجامع للشرائع: 524.

(4). تذكرة الفقهاء 14: 75 المسألة 322.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 403

حلف المدعي علي القدرة، و حبس.» «1»

و قال في باب الحجر: «و ان لم يظهر له مال و لا بينة علي دعوي الاعسار، حبس حتي يظهر اعساره، ان عرف له أصل مال، أو كان اصل الدعوي مالا، و إلّا قبل قوله، و لا يكلف البينة بعد اليمين.» «2»

8- الشهيد الأول: «و ضابط الحبس توقف استخراج الحق عليه و يثبت في مواضع … و المشكل امره في العسر و اليسر اذا كانت الدعوي مالا، أو علم له أصل مال و لم يثبت اعساره فيحبس ليعلم احد الأمرين.» «3»

و قال في اللمعة: «و يحبس لو ادعي الاعسار حتي يثبته فاذا ثبت خلّي سبيله.» «4»

9- الشهيد الثاني: «و انما يحبس مع دعوي الاعسار قبل اثباته لو كان اصل الدين مالا كالقرض، أو عوضا عن مال، كثمن المبيع، فلو انتفي الأمران، كالجناية و الاتلاف، قبل قوله في الاعسار بيمينه، لأصالة عدم المال، و انما اطلقه المصنف اتكالا علي مقام الدين في الكتاب.» «5»

10- الشيخ البهائي: «لو اقر بالطلب و لكنه ادعي الاعسار.. فلو لم يثبت ذلك، حبسه الحاكم الي ان يعلم حاله.» «6»

11- السيد العاملي: «و بقي الكلام في الجمع بين الاخبار، فخبر الاصبغ و ابراهيم «7» (المتقدمان) قد تضمن صدرهما: انه

(ع) كان يحبس في الدين، فيحملان علي ما اذا قامت البينة علي انه موسر، أو عرف انه ذو مال، أو كان اصل الدعوي مالا، فاذا تبين افلاسه بقيام البينة المطلعة علي باطن امره خلّي سبيله أو يراد بالحبس معني مجازي و هو المراقبة و عدم تخلية السرب به، ان جهل حاله حتي يكون بحث الحاكم عن

______________________________

(1). قواعد الاحكام 2: 209.

(2). قواعد الاحكام 1: 176.

(3). القواعد و الفوائد 2: 192، و مثله الفاضل المقداد في نضد القواعد الفقهية: 499.

(4). الروضة البهية 4: 39.

(5). الروضة البهية 4: 39.

(6). جامع عباسي: 359- انظر 354.

(7). اوردناهما في حبس الملتوي عن اداء الدين.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 404

احواله، و الّا فالحبس عقوبة لا وجه قبل الاستحقاق، كما يدل عليه رواية السكوني في الامرأة: انه لما علم اعسار الزوج لم يحبسه.» «1»

و قال: «حبس حتي يثبت اعساره» قال: و ذلك يكون بالبينة المطلعة علي باطن امره، فان الأصل بقاء المال و الأصل عدم تلفه و الظاهر لا يقاوم الاستصحاب، و أصل العدم، مضافا الي ان المسألة مجمع عليها كما هو الظاهر، قال في التذكرة: فاذا حبسه فلا يغفل عنه بالكلية، فلو كان غريبا لا يتمكن من اقامة البينة، وكّل به القاضي من يبحث عن منشأه و منتقله، و يتفحص عن احواله بقدر الطاقة فاذا غلب ظنه افلاسه شهد به عند القاضي لئلا تتخلد عليه عقوبة السجن.

و بهذا الذي ذكره في التذكرة يسقط ما اعترض به المولي الأردبيلي علي الاصحاب:

من أنّه كيف يحبس اذ قد لا يكون له بينة و يكون معسرا و المال تالفا، و الحبس عقوبة عاجلة من غير ظهور وجهها، و الحبس بعيد بل يحلف علي عدم

بقائه عنده ثم احتمل عدم الحلف، ثم قال: لا بد من الحلف لمكان دعوي المال، انتهي. قلت: قوله: من غير ظهور وجهها، لا وجه له لان الوجه في ذلك استصحاب بقاء الموضوع الذي لم يخالف فيه احد و به استقام النظام مضافا الي أصل العدم، و اين يقع ظهور الاتلاف من هذين الأصلين، مع ان الظهور هنا ليس عن مدرك شرعي.» «2»

12- السيد الطباطبائي: «و ان ادعي الاعسار و هو عندنا كما في كنز العرفان عجزه عن أداء الحق لعدم ملكه لما زاد عن داره و ثيابه اللائقة بحاله و دابته و خادمه كذلك و قوت يوم و ليلة له و لعياله الواجبي النفقة، فان كان له اصل مال قبل ذلك، او كان اصل الدعوي مالا كلّف البينة علي تلفه فان لم يقمها حبس الي أن يبين الاعسار علي المشهور للنصوص، ففي الموثق و غيره: ان عليا كان يحبس.. و اما الصحيح كان علي (ع) لا يحبس الّا ثلاثة.. انتهي. و في الوجهين بعد، و لا سيما الثاني، إلّا انه لا بأس بهما لرجحان الاخبار الاولة علي الصحيحة من وجوه عديدة اظهرها كونها مفتي بها دون

______________________________

(1). مفتاح الكرامة 10: 74.

(2). مفتاح الكرامة 10: 74.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 405

هذه لمخالفة الحصر فيها للإجماع جدا.» «1»

13- السيد الخونساري: «قد يقال: مقتضي الآية الشريفة «وَ إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ..» «2»

و الاخبار الدالة علي الحبس، ان الاعسار شرط في وجوب الانظار لا ان يكون الايسار شرطا في جواز الاجبار و الحبس، فاذا لم يتبين كونه معسرا يجوز اجباره و حبسه و ان لم يثبت كونه موسرا، و مع قطع النظر عن الآية الشريفة و الاخبار نقول:

ان العجز مانع عن وجوب الأداء و جواز المطالبة لا ان يكون القدرة شرطا فيهما، و يمكن ان يقال: مقتضي الموثق المذكور- ليّ الواجد … - بعد تفسير العقوبة بالحبس، شرطية الايسار في جواز الحبس، و مع التسليم ما الدليل علي جواز الحبس مع عدم احراز عدم المانع؟ إلّا ان يتمسك بالعموم أو الاطلاق في الشبهة المصداقية، لكن يستفاد من بعض الاخبار جواز الحبس حتي يتبين الاعسار، و لعله للاحتياط في مال المسلم.» «3»

14- المحقق العراقي: «و لو ادعي الاعسار، قال: و لكن اشهر الروايتين عملا هو الانظار بل هو موافق للكتاب الذي هو من المرجحات كمخالفة العامة، و ذلك أيضا لو لا دعوي ضعف سنده- خبر السكوني- مع عدم جبره بهذا المقدار من العمل و حينئذ فيخلّي سبيله الي ميسرة.» «4»

أقول: ان الحبس عقوبة، فلما لم يثبت كونه واجدا للمال فلم يتحقق الموضوع للعقوبة، «ليّ الواجد يحل عقوبته» و اما الاخبار الدالة علي الحبس حتي يثبت الاعسار ففي سندها كلام الّا ان يحمل الحبس علي المراقبة و عدم تخلية السرب، و الّا فعدم الحبس اقرب و احوط أو يقال: انه مقتضي الاحتياط في المال، نعم لو اقام المدعي بينة أو حلف علي الايسار، فيحبس الي أن يثبت الاعسار، و لا فائدة لاستصحاب بقاء المال- لو كان الدعوي مالا- لان استصحاب بقاء المال لا يجعله ذا مال و واجدا واقعا كي يحل عقوبته، الّا ان يقال: بأنه واجد تعبدا.

______________________________

(1). رياض المسائل 15: 66.

(2). البقرة: 280.

(3). جامع المدارك 6: 25.

(4). شرح التبصرة القضاء: 78- انظر مهذب الاحكام 27: 89 للسبزواري و تحرير الوسيلة 2: 275.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 406

آراء المذاهب الاخري

15- البستي: «قال الشيخ

في الحديث (ليّ الواجد) دليل علي ان المعسر لا حبس عليه لأنه انما اباح حبسه اذا كان واجدا و المعدم غير واجد فلا حبس عليه، و قد اختلف الناس في هذا فكان شريح يري حبس المليّ و المعدم و الي هذا ذهب اصحاب الرأي. و قال مالك: لا حبس علي معسر حظّه الانظار، و مذهب الشافعي إن من كان ظاهر حاله العسر فلا يحبس، و من كان ظاهر حاله اليسار حبس اذا امتنع من اداء الحق، و من اصحابه من يدعي فيه زيادة شرط و قد بينه.» «1»

16- ابن الجلاب: «في الحبس في الحقوق: و للحاكم ان يحبس كل من وجب عليه الحق، و الحبس واجب في الحقوق كلها ما كان منها علي معاوضة مال أو غير مال (و لا حبس علي معسر) و من ثبتت عسرته وجبت نظرته و ليس للحبس حد محدود.» «2»

17- ابن حزم: «فان لم يوجد له مال، فان كانت الحقوق من بيع أو قرض الزم الغرم، و سجن حتي يثبت العدم و لا يمنع من الخروج في طلب شهود له بذلك و لا يمنع خصمه من لزومه و المشي معه أو وكيله فان اثبت عدمه، سرّح بعد ان يحلف: ماله مال باطن و منع خصمه من لزومه و اوجر لخصومه، و متي ظهر له مال انصف منه.» «3»

18- الموصلي: «و اذا ثبت الحق للمدعي و سأله حبس غريمه لم يحبسه و امره بدفع ما عليه فان امتنع حبسه، فان اقرّ انه معسر خلي سبيله و ان قال المدعي: هو موسر، و هو يقول: انا معسر، فان القاضي يعرف يساره، او كان الدين بدل مال كالثمن و القرض أو التزمه كالمهر

و الكفالة و بدل الخلع و نحوه، حبسه و لا يحبسه فيما سوي ذلك اذا ادعي الفقر، الّا ان تقوم البينة ان له مالا فيحبسه، فاذا حبسه مدة يغلب علي ظنه انه لو كان له مال اظهره و سأل عن حاله فلم يظهر له مال، خلي سبيله و ان قامت البينة علي

______________________________

(1). معالم السنن 4: 179.

(2). التفريع 2: 247.

(3). المحلي 8: 172 مسألة 1275.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 407

يساره، ابّد حبسه.» «1»

19- ابن قدامة: «و من وجب عليه حق فذكر انه معسر به حبس الي أن يأتي ببينة تشهد بعسرته، و جملته ان من وجب عليه دين حال، فطولب به و لم يؤده، نظر الحاكم، فان كان في يده مال ظاهر، امره بالقضاء فان ذكر انه لغيره فقد ذكرنا حكمه في الفصل الذي قبل هذا و ان لم يجد له مالا ظاهرا فادّعي الاعسار فصدقه غريمه لم يحبس.. و ان كذبه غريمه فلا يخلو: اما أن يكون عرف له مال أو لم يعرف، فان عرف له مال لكون الدين ثبت عن معاوضة كالقرض و البيع أو عرف له أصل مال سوي هذا فالقول قول غريمه مع يمينه فاذا حلف انه ذو مال حبس حتي تشهد البينة باعساره، قال ابن المنذر: اكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار و قضاتهم يرون الحبس في الدين..» «2».

20- القرافي: «و يشرع الحبس في ثمانية مواضع: … الرابع: يحبس من اشكل امره في العسر و اليسر اختبارا لحاله، فاذا ظهر حاله، حكم بموجبه عسرا أو يسرا.» «3»

21- احمد بن يحيي: «المعسر: من لا يملك شيئا غير ما استثني، و المفلس: من لا يفي ماله بدينه، و يقبل قول

من ظهر من حاله و يحلف كلما ادعي اعساره و امكن، و يحال بينه و بين الغرماء و لا يوجر الحر، و لا يلزمه قبول الهبة، و لا اخذ ارش العمد و لا المرأة التزويج و لا بمهر المثل، فان لم يظهر، بيّن و حلف و انما يسمعان بعد حبسه حتي غلب الظن بافلاسه، و له تحليف خصمه ما يعلمه.» «4»

22- النزوي الكندي: «و اذا حضر اجل الفريضة فاجتمع عليه و لم يؤدّه و احتج انه لم يقدر، فقد قيل: انه لا يحبس أيضا الّا أن يكون له صناعة فكره ان يعمل، فانه يحبس حتي يعمل أو يعرف عذره.» «5»

______________________________

(1). الاختيار 2: 89.

(2). المغني 4: 499.

(3). الفروق 4: 79- و عنه الفقه الاسلامي و ادلته 6: 199.

(4). عيون الازهار: 459.

(5). المصنف: 210.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 408

فروع
الفرع الأول: هل يحبس مدعي الاعسار من دون حلف مدعي اليسار؟

فعن القواعد و التذكرة: «يحلف مدعي اليسار فيحكم بيساره و يعمل معه كما لو كان واجدا: بأن يحبس، و عن البعض الآخر: انه يعمل به عمل الواجد فيحبس من غير ذكر المدعي.

قال النراقي: «و لعله مبني علي الخلاف في ان مع نكول المنكر، هل يثبت حق المدعي لو يردّ الحاكم اليمين علي المدعي.» «1»

الفرع الثاني: مدة الحبس:
اشارة

الذهبي: «ففي الحديث عن سلمة بن سليمان رفعه: لا يحبس الانسان في الدين اكثر من اربعين يوما» «2».

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «إذا قامت البينة علي الاعسار وجب سماعها في الحال و به قال الشافعي و قال أبو حنيفة: يحبس المفلس شهرين، و قال الطحاوي: يحبس شهرا و روي أربعة أشهر ثم يسمع البينة، دليلنا اجماع الفرقة و اخبارهم … » الخلاف 3 276.

2- العلامة الحلي: «يسمع بينة الاعسار في الحال و به قال الشافعي و احمد، لان كل بينة جاز سماعها بعد مدة، جاز سماعها في الحال كسائر البينات، و قال ابو حنيفة: لا يسمع في الحال، و يحبس المفلس، و اختلف اصحابه في الضابط لمدة الحبس، فقال بعضهم: يحبس المفلس شهرين، ثم يسمع البينة، و قال الطحاوي:

يحبس شهرا، و روي ثلاثة اشهر، و روي اربعة اشهر، حتي يغلب علي ظن الحاكم انه لو كان له مال لأظهره، و ليس بصحيح، و إلّا لاستغني بذلك عن البينة.» «3»

3- السيد العاملي: «فان ثبت الاعسار لم يحل حبسه قال: باتفاق اصحابنا- رض- و خالفت الحنفية: فقال بعض: يحبسه بعد البينة شهرا و بعض شهرين، و بعض ثلاثة و بعض اربعة، حتي يغلب علي الظن انه لو كان له مال لم يصبر علي حبس تلك

______________________________

(1). مستند الشيعة 2: 548- قواعد الاحكام 2: 209.

(2). ميزان الاعتدال 4: 482.

(3). تذكرة الفقهاء 14: 71 المسألة 317.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 409

المدة.» «1»

4- الشيخ الكني: «ثم ان المستفاد من عموم اعتبار البينة خصوصا للحاكم في المرافعات و خصوص خبري الاصبغ انه لا حبس ابتداء و لا استدامة، بعد قيام البينة علي اعسار من عليه الحق أو تلف ماله علي ما

فصّل، فان التّبين في الخبرين يشمل التبين بالبينة، و لذا سميت بيّنة و هو مما لا خلاف فيه عندنا، بل الاجماع عليه محقق و منقول، و انما الخلاف من اهل الخلاف: فقد اسند في جملة من الكتب الي الحنفية، و انّ منهم من يحبسه بعد ذلك شهرا و منهم شهرين و منهم اربعة حتي يغلب الظن علي انه لو كان له مال لم يصبر علي حبس تلك المدة، و يرد عليهم بعد ما مرّ ان كان علي غلبة الظن، فلا اختصاص له بالحبس و لا اقامة البينة، فيحبس حتي يغلب.» «2»

آراء المذاهب الاخري

4- ابن قدامة: «و تسمع البينة في الحال و بهذا قال الشافعي، و قال ابو حنيفة:

لا تسمع في الحال و يحبس شهرا، و روي ثلاثة اشهر، و روي اربعة اشهر، حتي يغلب علي ظن الحاكم انه لو كان له مال لأظهره، و لنا: ان كلّ بينة جاز سماعها بعد مدة جاز سماعها في الحال، كسائر البينات، و ما ذكروه لو كان صحيحا لأغني عن البينة.» «3»

5- ابو دقيقة: «و اختلفوا في مدة الحبس، قيل شهرين، أو ثلاثة، و بعضهم قدّره بشهر و بعضهم باربعة و بعضهم بستة، و الصحيح ما ذكرت لك أولا، لأن الناس يختلفون في احتمال الحبس و يتفاوتون تفاوتا كثيرا، فيفوض الي رأي القاضي.» «4»

الفرع الثالث: هل يجبر علي التكسب:

قال الشيخ الوالد في شرح قول العلامة: «لا يحل الزامه- أي المعسر- بالتكسب،

______________________________

(1). مفتاح الكرامة 10: 72.

(2). القضاء: 212.

(3). المغني 4: 500.

(4). الاختيار (في الهامش) 2: 90.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 410

قال: لرواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (ع): ان امرأة استعدت علي زوجها، انه لا ينفق عليها، و كان زوجها معسرا، فأبي ان يحبسه و قال: إنّ مع العسر يسرا، بتقريب: انه كان في مقام البيان، فلو كان التكسب عليه واجبا لأجل النفقة، لأمر به، و ان كان يمكن ان يقال: بان هذه الرواية ربما تكون محمولة علي صورة عدم القدرة علي التكسب و لذا لو كان قادرا عليه حرم اخذ الزكاة، مضافا الي رواية اخري عن السكوني، عن علي (ع) انه كان يحبس بالدين ثم ينظر.. إن شئتم فآجروه و ان شئتم فاستعملوه، فما في المتن انه لا يلزم بالتكسب مطلقا، محل نظر، بل منع، خصوصا لبعض الاشخاص الذين حرفتهم ذلك.»

«1»

أقول: و لكنه أعلي اللّه مقامه: قال في الحاشية علي كلام استاذه السيد الاصفهاني:

«و هل يجب عليه التكسب اللائق بحاله من حيث الشرف و القدرة، و جهان، بل قولان، احوطهما ذلك.» قال الوالد: «لا يخلو عن نظر و تأمل.» «2»

أقول: و هذا يناقض كلامه رحمه اللّه في الذخيرة، لكن يحتمل أن يكون رجوعا عن رأيه هناك، أو يكون المورد الأول: المعسر الفاقد للدار و محل الكسب، و الثاني: المعسر الواجد لمحل الكسب و الدار و.. و اللّه العالم.

الفرع الرابع: هل يسلّم المديون المعسر الي الغرماء ليستعملوه؟:
فيه أقوال ثلاثة
القول الأوّل: ما أورده العلامة في القواعد:

«فان ثبت اعساره انظر و لم يجب دفعه الي غرمائه ليستعملوه.» «3» و قال المحقق في النافع: «و في تسليمه الي الغرماء رواية، و اشهر منها: تخليته.» «4» و هو القول المشهور كما في المسالك و الروضة و مجمع الفائدة و الكفاية و قد نقل ابن زهرة اجماع الطائفة، و ظاهر السرائر أيضا ذلك اضافة الي

______________________________

(1). ذخيرة الصالحين (مخطوط) 5: 163.

(2). وسيلة النجاة 2: 118- مع تعاليق الشيخ الوالد.

(3). قواعد الاحكام 2: 209.

(4). المختصر النافع: 281.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 411

الكتاب المجيد و الاخبار.

القول الثاني: ان يدفع الي الغرماء ليستعملوه أو يؤاجروه

؛ ذا حرفة كان أم لا، قال السيد العاملي: «و هذا القول لم أجد به قائلا بعد فضل تتبع، و لقد وجدت الشهيد الثاني و الصيمري ينسبانه الي الشيخ في النهاية، و الأردبيلي و الخراساني نقلا حكايته عنه فيها. و قد تتبعت النهاية فرأيت الشيخ في كتاب الدين موافقا للمشهور، و في آخر باب القضاء أورد اخبارا كثيرة منها خبر السكوني عن الصادق (ع): ان عليا كان يحبس في الدين.. و هذه الرواية مع ضعف سندها كما تري مخالفة للعقل و النقل، فان حبس شخص قبل موجبه غير معقول، و ان تسليط شخص علي آخر ليفعل به كيف يشاء مع عجزه، مما يمنعه العقل و النقل من كتاب و سنّة، كقوله جل ذكره:

فنظرة الي ميسرة.» «1»

أقول: لعل البعض التبس عليه الأمر، فزعم انه رأي الشيخ الطوسي، و ذلك بمجرد ايراده و ذكره في النهاية، و لذا دافع ابن ادريس عنه فقال «2»: «و انما اورده شيخنا ابو جعفر في نهايته ايرادا لا اعتقادا و قد رجع في مسائل الخلاف فقال: اذا افلس من عليه الدين و كان ما في

يده لا يفي بقضاء ديونه فانه لا يؤاجر ليكتسب و يدفع الي الغرماء.» «3»

القول الثالث: ما اختاره ابن حمزة في الوسيلة:

«فان ثبت اعساره خلّي سبيله ان لم يكن ذا حرفة يكتسب لها، و امره بالتمحل- أي الصبر-، و ان كان ذا حرفة دفعه اليه ليستعمله فيما فضل عن قوته و قوت عياله بالمعروف، اخذه بحقّه.» «4»

قال السيد الخونساري: «و المعروف الأخذ بما دلّ علي التخلية و عدم الإلزام بشي ء للأشهرية عملا، و الأصحّيّة سندا و الأوفقية بالأصل و الكتاب، و يمكن ان يقال: لا مانع من الجمع بين الطرفين و لعل ما في خبر السكوني من الدفع الي الغرماء

______________________________

(1). مفتاح الكرامة 10: 73- انظر مستند الشيعة للنراقي ج 2: 458 له بحث مهم في المقام.

(2). السرائر 2: 169.

(3). الخلاف 3: 272 المسألة 15.

(4). الوسيلة: 274- انظر مفتاح الكرامة 10: 73.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 412

ليس لخصوصية بل يمكن أن يكون في مقام تحصيل المال و تأدية الدين الّا أن يكون العمل حرجيا، و لو من جهة عدم المناسبة و مخالفة شأنه، و مع كون العمل غير حرجي لعله داخل في الميسرة في الآية الشريفة» «1».

قال السيد الگلپايگاني- علي ما في تقريراته-: «اقول: ان كان لفظ المعسر ظاهرا فيمن ليس واجدا للمال فعلا سواء تمكن من تحصيله بسهولة اولا، وافقت الرواية الأولي- أي رواية الانظار- لظاهر الكتاب و ان كان ظاهرا فيمن ليس واجدا للمال و لو بالقوة، لم توافقه، و الظاهر ان «المعسر» هو الذي ليس عنده مال و لا يمكنه تحصيله، لان اكثر الناس يحصلون مؤنتهم عن طريق العمل و اجارة أنفسهم في مختلف الصنائع و الحرف و الاشغال.. لكن رواية السكوني- استعملوه..- تخالف الكتاب من جهة اخري

و ذلك انها تدل علي تسليمه الي الغرماء و ليس في الكتاب دلالة علي ذلك.

و يحتمل ان تكون رواية السكوني موافقة للأصل، فانه اذا كان مال المدين أقل من حقوق الغرماء أو مساويا لها منعه الحاكم عن التصرف في ماله مع مطابته الغرماء لحقوقهم، لأن تصرفه في ماله يوجب الضرر في حقوق أولئك، الّا ان يأذنوا بذلك، فلو كان المدين ذا صنعة و حرفة لها مالية يبذل بإزائها المال، و الغرماء يطالبون بحقوقهم، كان علي الحاكم أن يمنعه من العمل لنفسه و تسليمه الي الغرماء ليستعملوه حتي يستوفوا حقوقهم عن طريق استعماله و تشغيله- كما يمنعه و يحجره عن التصرف في اعيان أمواله- لأن المفروض مالية عمله، فتكون رواية السكوني غير مخالفة للأصل، اذا الأصل وجوب حفظ حق الناس كيفما أمكن و المنع عن تضييعه و السعي وراء ادائه، نعم لا يجوز حمل المدين علي عمل حرجي أو اجباره علي تحصيل المال عن طريق غير متعارف كأن تؤمر الامرأة بالتزويج لتأخذ المهر و تقضي الديون، أو يؤمر الرجل بخلع زوجته فيأخذ عوضه و نحو ذلك.» «2»

أقول: ان ما افاده دام ظله هو مضمون ما افاده السيد الخونساري رحمه اللّه، و قد يرد عليهما: أولا: ان التوسعة في معني العسر و اليسر تحتاج الي دليل. ثانيا: انه مخالف

______________________________

(1). جامع المدارك 6: 27.

(2). القضاء 1: 295.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 413

للمشهور من التسليم الي الغرماء.

الفرع الخامس: هل يحبس المكاتب اذا عجز عن نجم من نجومه؟

«عن أمير المؤمنين ع انه قال: إذا ادي المكاتب بعض نجومه و مطل بالباقي و عنده ما يؤدي، حبس في السجن، و إن تبين عدمه أخرج يستسعي في الدين الذي عليه.» مستدرك الوسائل 16: 26 ح 4 دعائم الإسلام 2:

314 ح 1183 فقد اشار البعض لهذا الفرع و نفي فيه القول بالحبس:

المدونة: «قلت: أ رأيت المكاتب اذا عجز عن نجم من نجومه أ يحبسه السلطان لمولاه في السجن في قول مالك؟ قال: انما قال مالك في المكاتب: يتلوّم له و لم يقل يسجن، قال ابن القاسم: و لا أري ان يحبس، قال سحنون: لان الكتابة ليست بدين في ذمته انما الكتابة جنس من الغلة.» «1»

أقول: لو عجز كان للمولي الفسخ و معه لا يصل الدور الي الحبس و ان كان يستحب الصبر عليه.

قال المحقق الحلي: «و الكتابة قسمان مشروطة و مطلقة … و المشروطة: ان يقول مع ذلك، فان عجزت فانت رد في الرق، فمتي عجز، كان للمولي ردّه رقا و لا يعيد عليه ما أخذه، و حد العجز ان يؤخّر نجما الي نجم، أو يعلم من حاله العجز عن فك نفسه …

و يستحب للمولي مع العجز الصبر عليه.» «2»

الفصل الثالث حبس المديون المعسر، لو صرف المال في الحرام أو كان مخالفا للحق

اشارة

مما تفرد به تقي الدين الحلبي- من فقهاء الامامية- القول بحبس المعسر لو صرف المال في الحرام، أو كان مخالفا للحق، اذ لم يرد فيه دليل بخصوصه، فلا مقيد و لا مخصص للإطلاقات و العمومات، و ان صرح الفقهاء بعدم جواز اعطائه من الزكاة و به رواية، و لكن هذا أمر آخر غير القول بجواز حبسه مع الاعسار، و فيما يلي كلام الحلبي ثم التحقيق حول الفرع:

قال الحلبي: «و يكره للمدين المطالبة بالدين مع الغناء عنه، و ظن حاجة الغريم الي

______________________________

(1). المدونة الكبري 5: 206.

(2). انظر شرايع الإسلام 3: 125.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 414

التوسع به، و لا يحل له ذلك مع العلم أو الظن بعجز الغريم عن ادائه، و يلزم النظرة

الي حين التمكن منه، و له الاحتساب به من الزكاة اذا كان الغريم من أهلها، و ان كان مخالفا للحق، أو منفقا ما استدانه في حرام فله حبسه.» «1»

أقول: و في بعض النسخ: «فله حسابه» و عليه فيخرج عن مورد البحث.

ثم ان الاطلاقات محكّمة و شاملة للمورد و لا مخصص في المقام و قد تفرد ابو الصلاح الحلبي رحمه اللّه في هذا الفرع- لو كانت النسخة حبسه- الا ان يكون قد عثر علي دليل أو رواية لم تصل إلينا، أو يقال بانصراف الاطلاقات عن مورد الاستدانة و الصرف في الحرام، نعم قد يأتي هذا التفصيل في صرف الزكاة الي الغارمين بمعني لو كان قد صرفه في المعصية، فليس للإمام تأدية دينه، و لا يستحق الزكاة كما في الرواية الشريفة عن الرضا (ع) و عليه الفتوي.

الكافي: «محمد بن يحيي عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سليمان، عن رجل من أهل الجزيرة يكنّي أبا محمد، قال: سأل الرضا (ع) رجل و أنا أسمع فقال له:

جعلت فداك ان اللّه عزّ و جلّ يقول: «و ان كان ذو عسرة فنظرة الي مسيرة» «2» أخبرني عن هذه النظرة التي ذكرها اللّه عزّ و جلّ في كتابه، لها حدّ يعرف اذا صار هذا المعسر اليه لا بدّ له من أن ينتظر، و قد اخذ مال هذا الرجل و أنفقه علي عياله و ليس له غلة ينتظر إدراكها و لا دين ينتظر محلّه و لا مال غائب ينتظر قدومه؟ قال: نعم ينتظر بقدر ما ينتهي خبره الي الامام فيقضي عنه ما عليه من الدين من سهم الغارمين اذا كان أنفقه في طاعة اللّه عزّ و جلّ، فان كان قد أنفقه في

معصية اللّه فلا شي ء له علي الإمام، قلت: فما لهذا الرجل الذي ائتمنه و هو لا يعلم فيما أنفقه في طاعة اللّه أم في معصيته؟ قال: يسعي له في ماله فيردّه عليه و هو صاغر.» «3»

قال المجلسي: مجهول، و قال السيد في المدارك: هذه الرواية ضعيفة جدا لا يمكن التعويل عليها في اثبات حكم مخالف للأصل، و الأصحّ جواز اعطاء الزكاة من سهم الغارمين لمن لا يعلم فيما انفقه، كما اختاره ابن ادريس و المحقق و جماعة. مرآة العقول 19: 44.

______________________________

(1). الكافي في الفقه: 331.

(2). البقرة: 281.

(3). الكافي 5: 93 ح 5- و عنه التهذيب 6: 185 ح 10 و الوسائل 13: 91 ح 3- انظر العياشي 1: 155- البحار 23: 37- البرهان 1: 262- الصافي 1: 33. الوافي 18: 789.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 415

آراء فقهائنا

1- المحقق الحلي: «و الغارمون: و هم الذين علتهم الديون في غير معصية، فلو كان في معصية لم يقض عنه.» «1»

2- السيد الميلاني: «مقتضي هذه النصوص أن يقيّد قضاء دين الغارم من الزكاة بما اذا لم يكن في معصية، و قد ذكر المحقق في المعتبر و صاحب المدارك و العلامة: ان الحكمة في ذلك أنه: لو سدد الدين المصروف في المعصية من الزكاة كان اغراء بالقبيح و اعانة علي الإثم، و من هنا ذهب بعضهم الي عدم اعطائه من الزكاة حتي لو تاب، و هذا ينسجم مع مذاق القدماء الذي عبّر عنه السيد بحر العلوم: بأن مبني اغلب الفقه علي الظن. ثم قال:

تذييل: تضمنت الروايات عدم الصرف في المعصية و لم تتعرض لما اذا كان الدين نفسه حاصلا من معصية، كما لو سرق مالا و صرفه في

معيشته، فأصبح مدينا لمالكه، و الحق أن عدم اعطائه الزكاة هنا من باب أولي.» «2»

3- السيد الاصفهاني: «قد عرفت اعتبار كون الدين في غير معصية، و المدار علي صرفه فيها لا علي كون الاستدانة لأجلها، فلو استدان لا للمعصية فصرفه فيها لم يعط من هذا السهم، بخلاف العكس.» «3»

الفصل الرابع حبس المفلس حتي يبيع أمواله

اشرة

معني المفلس لغة: من ذهب جيد ماله و بقي رديه و صار ماله فلوسا و زيوفا.

______________________________

(1). شرايع الإسلام 1: 61.

(2). محاضرات في الزكاة/ القسم الثاني: 116.

(3). وسيلة النجاة 1: 199- انظر تحرير الوسيلة 1: 309- وسيلة النجاة مع تعاليق السيّد الگلپايگاني 1:

295.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 416

و شرعا: من عليه ديون و لا مال له يفي بها، و هو شامل لمن قصر ماله، و من لا مال له، فيحجر عليه في المتجدد باحتطاب و شبهه.» «1»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «فان كان ماله يفي بديونه فلا يخلو من أحد أمرين: اما أن لا يظهر عليه امارات الفلس أو يظهر، فان لم يظهر فيكون رأس ماله مبقي و دخله مثل خرجه، فلا يحجر عليه الحاكم، لكنه يأمره ببيع ماله و قسمته بين غرمائه، فان فعل، و الّا حبسه، فان فعل، و الّا باع عليه ماله.» «2»

2- و قال أيضا: «.. فان الانسان اذا ارتكبه الديون لا يخلو من احد أمرين: اما ان يكون في يده مال ظاهر، أو لا يكون له في يده مال ظاهر، فان كان في يده مال ظاهر وجب عليه أن يبيعه و يقضي به ديونه من ثمنه فان امتنع من ذلك فالحاكم فيه بالخيار ان شاء حبسه علي ذلك و عزر (ه) الي أن يبيعه و ان شاء باعه بنفسه عليه من غير استيذانه.» «3»

3- و قال في الخلاف: «يجوز للحاكم ان يبيع مال المفلس و يقسمه بين الغرماء و به قال الشافعي، و قال أبو حنيفة: ليس له بيعه، و انما يجبره علي بيعه، فان باعه و الّا حبسه الي أن يبيعه، و لا يتولاه بنفسه من غير اختياره.» «4»

4-

ابو الصلاح الحلبي: «و ان كان له ملك يزيد علي بيت سكناه و ستر عورته و خادمه و دابّة جهاده، اخذ الحاكم بيعه في حقوق الغرماء، فان امتنع باع عليه الحاكم و قسم الثمن بين غرمائه علي قدر حقوقهم.» «5»

5- العلامة الحلي: «اذا كان ماله يفي بديونه لم يحجر عليه اجماعا بل يطالب

______________________________

(1). قواعد الاحكام 1: 171، انظر الصحاح للجوهري 2: 246.

(2). المبسوط 2: 272.

(3). المبسوط 2: 277.

(4). الخلاف 3: 268 المسألة 10.

(5). الكافي في الفقه: 342.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 417

بالديون، فان قضاها و الّا تخير الحاكم مع طلب اربابها منها بين حبسه الي ان يقضي المال و بين أن يبيع متاعه عليه و يقضي به الدين، و به قال الشافعي، خلافا لأبي حنيفة، حيث أوجب الحبس و منع من البيع.» «1»

6- و قال في القواعد: «و لو ساوي المال الديون، و المديون كسوب ينفق من كسبه فلا حجر، بل يكلف القضاء فان امتنع حبسه الحاكم أو باع عليه، و كذا غير الكسوب الي ان يقصر المال و ان قلّ..» «2»

7- الشهيدان: «و انما يحجر علي المديون اذا قصرت أمواله عن ديونه، فلو ساوته او زادت لم يحجر اجماعا، و ان ظهرت عليه امارات الفلس، لكن لو طولب بالدين فامتنع تخير الحاكم بين حبسه الي أن يقضي بنفسه، و بين أن يقضي عنه من ماله، و لو ببيع ما خالف الحق.» «3»

8- المحقق الكركي بعد كلام القواعد: «مخيرا في الأمرين، خلافا لأبي حنيفة في البيع.» «4»

9- الشيخ البهائي: «لا يجوز حبس المفلس بعد قسمة أمواله، بل يجب امهاله الي أن يغنيه اللّه- سبحانه- و قال: لو ادعي الافلاس و لم يكن له

مال ظاهر أو لم يكن أصل الدعوي مالا يستحلف، و اما لو لم يكن كذلك فيحبس الي أن يثبت افلاسه بشهادة مطّلعة علي ظاهره و باطنه، أو يصدقه الخصم، ثم لو كان له مال ظاهر، يأمره الحاكم ببيعه، فلو امتنع من ذلك فيجبره الحاكم عليه أو يبيعه عنه.» «5»

آراء المذاهب الاخري

10- الخلاف: «قال ابو حنيفة: ليس له- أي الحاكم- بيعه و انما يجبره علي بيعه

______________________________

(1). تذكرة الفقهاء 2: 58 و 51.

(2). قواعد الاحكام 1: 172.

(3). الروضة البهية 4: 41.

(4). جامع المقاصد 5: 225.

(5). جامع عباسي: 354 و 224.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 418

فان باعه و الّا حبسه الي أن يبيعه و لا يتولاه بنفسه من غير اختياره.» «1»

11- المدونة: «أ رأيت اذا سجنه السلطان، فأقرّ في السجن بدين لرجل أ يجوز اقراره في قول مالك؟ (قال): اذا صنع به هذا غرماؤه و رفعوه الي السلطان و قاموا عليه حتي سجنوه، فهذا وجه التفليس و لا يجوز اقراره بالدين، لان مالكا قال: اذا فلس لم يجز اقراره بالدين و كذلك قال مالك: اذا قام غرماؤه عليه علي وجه التفليس فلا يجوز اقراره بالدين الّا ان تقوم بيّنة لمن اقرّ له بالدين. (قلت): و يبيع السلطان ما ظهر له من مال اذا رفعوا امره الي السلطان، فيتوزعه الغرماء فيما بينهم بالحصص، و يسجنه في الذي بقي عليه من أموالهم اذا عرف منه وجه الإلداد الذي وصفت لي في قول مالك.» «2»

12- ابن حزم: «و من ثبت للناس عليه حقوق من مال أو مما يوجب غرم مال ببيّنة عدل، أو باقرار منه صحيح، بيع عليه كل ما يوجد له، و انصف الغرماء، و لا يحل أن يسجن

اصلا الّا ان يوجد له من نوع ما عليه فينصف الناس منه بغير بيع، فسجنه مع القدرة علي انصاف غرمائه؛ ظلم له و لهم معا، و حكم بما لم يوجبه اللّه تعالي قط و لا رسوله، و ما كان لرسول اللّه (ص) سجن قط» «3».

13- ابن قدامة: «متي لزم الانسان ديون حالة لا يفي ماله بها، فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه لزمه اجابتهم «4»، فقال: و لا يجبهم حتي تثبت ديونهم باعترافه أو ببينة، فاذا ثبتت نظر في ماله، فان كان وافيا بديونه المستحقة الحالة- و لا عبرة بالمؤجل منها- لم يحجر عليه، و امره بقضاء دينه، فان أبي، حبسه فان لم يقض و صبر علي الحبس، قضي الحاكم دينه من ماله.» «5»

______________________________

(1). الخلاف 3: 268 مسألة 10.

(2). المدونة الكبري 5: 229- انظر 254 أيضا.

(3). المحلي 8: 169.

(4). المغني 4: 493.

(5). المغني 4: 529.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 419

الفصل الخامس حبس الغاصب، و آكل مال اليتيم، و خائن الامانة

اشارة

و من موارد الحبس في الحقوق المالية هو حبس الغاصب و.. و به رواية نقلها الكليني و الطوسي و لا بأس بسندها سيما علي مبني اعتبار مرويات و مراسيل ابن أبي عمير.

و لم يتعرض لها بخصوصها احد من فقهائنا، لكنها من مصاديق الحبس في الديون، مع انهم قديما و حديثا أوردوها و تعرضوا لتوجيهها، كالشيخ في التهذيب و المجلسي الأول و الثاني في الروضة و الملاذ، و السيد العاملي في مفتاح الكرامة و الميرزا القمي في الغنائم و الكني في قضائه و غيرهم، و فيما يلي: الروايات ثم كلمات الاعلام في توجيهها.

الروايات

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، رفعه: ان أمير المؤمنين (ع) كان لا يري الحبس الّا في ثلاث: رجل أكل مال اليتيم أو غصبه أو رجل اؤتمن علي امانة فذهب بها.» «1»

قال المجلسي: «مرفوع، قوله: الّا في ثلاث، لعل الحصر اضافي» «2».

أقول: فالرواية ضعيفة الّا علي القول باعتبار مراسيل ابن ابي عمير.

2- التهذيب: «ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد اللّه، عن احمد بن محمد بن عيسي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كان علي عليه السلام، لا يحبس في السجن الّا ثلاثة: الغاصب، و من أكل مال اليتيم ظلما، و من ائتمن علي امانة فذهب بها، و ان

______________________________

(1). الكافي 7: 263 ح 21.

(2). مرآة العقول 23: 410.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 420

وجد له شيئا باعه غائبا كان أو شاهدا.» «1»

آراء فقهائنا

1- قال الشيخ الطوسي: «.. الخبر (المتقدم) يحتمل شيئين احدهما: انه ما كان يحبس علي جهة العقوبة الّا الذين ذكرهم. و الوجه الثاني: انه ما كان يحبسهم حبسا طويلا، الّا الذين استثناهم، لان الحبس في الدين انما يكون بمقدار ما يبين حاله، فان كان معدما، و علم ذلك منه، خلّاه، و ان لم يكن معدما ألزمه الخروج منه علي ما بيّناه فيما تقدم.» «2»

2- و قال المجلسي الأول: «بعد تصحيح الرواية و الحصر اضافي بالنسبة الي الأموال.» «3»

3- و قال المجلسي الثاني: «صحيح، أي لأجل حقوق الناس، قال: و قال الوالد العلامة، قدس سرّه: يدل علي ان الحبس لا يكون الّا في هذه الثلاثة، و حمل

علي الغالب أو الاضافي، و علي القضاء علي الغائب و يحمل علي الأداء بالكفيل، او الكفلاء، جمعا بين الاخبار.» «4»

4- المحقق القمي: «و اما صحيحة زرارة عن الباقر (ع) «كان لا يحبس..»

فلا دلالة فيها علي المطلوب الّا من جهة اطلاق الجزء المنفي من الحصر فيكون معني الرواية: انه لا يحبس احد في حال القدرة، و لا في حال العجز الّا هذه الثلاثة، فيحبسها في الحالتين، و المطلوب اثبات عدم جواز الحبس في حال العجز مطلقا سواء كان من الثلاثة أو غيرها، فان خصص بصورة العجز في العجز المنفي و صورة القدرة في الجزء المثبت بالدليل لزم التفكيك في جزئي الحصر، و هو كما تري، و القول بجواز

______________________________

(1). التهذيب 6: 299 ح 43- الاستبصار 3: 47 ح 1، و رواه الحرّ في الوسائل 18: 181 ح 2 عن التهذيب و فيه «لا يحبس في الدين».

(2). التهذيب 6: 300 ح 45- الاستبصار 3: 48 ح 3.

(3). روضة المتّقين 6: 89.

(4). ملاذ الاخيار 10: 166.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 421

الحبس في حال العجز لهذه الثلاثة أيضا دون غيرها قول بالفصل، و لا اعرف قائله، و الذي افهمه من الرواية: ان الكلام فيمن يثبت عجزه سواء ثبت له أم لا، لا فيمن ثبت عجزه، فحينئذ يمكن ان يكون التخصيص بالنظر الي الحبس في السجن، فان الحبس اعم منه..» «1»

5- السيد جواد العاملي: «اما خبر زرارة فمعناه انه (ع) كان لا يحبس مع العجز و عدم القدرة الّا هؤلاء الثلاثة عقوبة لهم و هذا احسن جمع.» «2»

6- الشيخ الكني: «فالأوجه في وجه الجمع بينه و بين ما مرّ انّه عام في عدم حبس غير الثلاثة و غيره خاص

يخصصه، و منه يظهر ان تقديم غيره عليه ليس من جهة الترجيح بين الاخبار المتعارضة حتي يقال ان الرجحان له من جهة السند، و مع التسليم فالشهرة أقوي المرجحات، و هي مع غيره كموافقة الكتاب علي ما عرفت من كون الحبس من طرق الأمر بالمعروف.. و قال بعد نقل كلام الشيخ الطوسي، قلت:

كثيرا ما يكون من عليه الحق الثابت باقراره أو غيره داخلا في احد الثلاثة، فهو دال علي المدعي في الجملة، و يتم الكلام فيمن عداه بعدم القول بالفصل و دلالته علي العدم في بعضه و تتميمه بما ذكر، و ان صح في نفسه الّا ان المرجحات الخارجية مع الأول، و حينئذ فهو من ادلة الحبس، علي انه يمكن الجمع بوجه آخر و هو: ان المنفي الحبس في السجن، و المثبت الأعم، فيختص بغيره، الّا انه فرع التكافؤ المفقود و عدم امكان الجمع بوجه آخر اقرب و لو بالخارج، مضافا الي ظهور الحبس عند الاطلاق في الحبس في السجن.. و منه يظهر انه يحبس في السجن ان لم ينجع بمطلقه، بل بالحديد و نحوه كذلك، بل للفقيه..» «3»

قوله ان لم ينجع: أي لو لم يؤثّر فيه مجرد الحبس من دون تقييده بالحبل و الغل، فيقيد بالحديد.

7- السيد الخونساري: «و في قبال ما ذكر، خبر زرارة أو صحيحه: كان علي

______________________________

(1). غنائم الايام: 679- انظر مستند الشيعة 2: 547.

(2). مفتاح الكرامة 10: 74.

(3). القضاء: 311.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 422

لا يحبس.. و المشهور لم يعلموا بمضمونه من الحصر فيما ذكر.» «1»

8- ولاية الفقيه: «يظهر من هاتين الروايتين ان للموارد الثلاثة خصوصية من بين جميع موارد الدين، و هو كذلك كما لا يخفي و لعل

الحصر في الدين اضافي في قبال بعض الأمور غير المهمة التي كانوا يحبسون الناس لها، و كان هو- عليه السلام- مخالفا لمزاحمة الناس فيها، و الّا فموارد حبسه (ع) اكثر من هذا، كما سيأتي أو لعل الحبس في الموارد الثلاثة يكون علي وجه العقوبة دون غيرها، كما ذكره الشيخ» «2».

أقول: يحتمل قويا وحدة الروايتين، أو يحمل مطلق الغاصب- في الرواية الثانية- علي خصوص غاصب مال اليتيم علي فرض تعددهما و تمامية سندهما.

ثم كما انه يحتمل كون الحبس لاستنقاذ الحق، كذلك يحتمل أن يكون للتأديب و العقوبة حتي و لو ردّ المال المغصوب، و ذلك حسما لجرأته و تعزيرا له في تعدّيه، و لجرأة الغير، هذا و لكني لم أجد من أفتي بمضمون الرواية سيما علي الاحتمال الثاني الذي ذكرناه، و ان أفتوا بالحبس في مطلق الديون، و توقف استخراج الحق عليه.

آراء المذاهب الاخري

9- قال الموصلي الحنفي: «و من غصب شيئا فعليه رده.. و ان ادعي الهلاك، حبسه الحاكم مدّة يعلم انها لو كانت باقية اظهرها، ثم يقضي عليه ببدلها..» «3»

10- قال علاء الدين الكاساني: «اذا قال الغاصب هلك المغصوب في يدي و لم يصدقه المغصوب منه و لا بيّنة فان القاضي يحبس الغاصب مدة لو كان قائما لأظهره في تلك المدة ثم يقضي عليه بالضمان.» «4»

______________________________

(1). جامع المدارك 6: 25.

(2). ولاية الفقيه 2: 484.

(3). الاختيار 3: 59.

(4). بدائع الصنائع 7: 163.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 423

الفصل السادس حبس الراهن

اشارة

و مما نص عليه الفقهاء هو حبس الراهن فيما لو حلّ الحق و امتنع من أدائه و فك الرهن، فيرفع امره الي الحاكم فيجبره علي البيع أو يبيع عليه أو يحبسه علي الخلاف، كما هو رأي جماعة من السنة و لا نص بخصوصه الّا انه دين و قد التوي عن أدائه مع يساره فيشمله ادلة الحبس فيه و سيأتي.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «اذا حل الحق فان الراهن يطالب بقضاء الدين، فان قضي من غيره انفك الرهن و ان امتنع من بيعه فان رأي الحاكم حبسه و تعزيره، حتي يبيعه فعل، و ان رأي ان يبيعه بنفسه فعل و حل له ذلك.» «1»

2- و قال في النهاية: و ان كان شرط المرتهن علي الراهن انه اذا حلّ أجل ما له عليه كان وكيلا له في بيع الرهن و اخذ ماله من جملته كان ذلك جائزا، فاذا حل الأجل و لم يوفّه المال باع الرهن.» «2»

3- المحقق الحلي: «و اذا حلّ الأجل و تعذّر الأداء كان للمرتهن البيع ان كان وكيلا و الّا رفع امره الي الحاكم ليلزمه بالبيع فان امتنع كان له حبسه و له ان يبيع عليه.» «3»

4- العلامة الحلي: «اذا حل الحق وجب علي الراهن ايفاء الدين مع المطالبة، فان قضاه من غيره، انفك و الّا طولب ببيعه، فان امتنع كان للمرتهن بيعه، ان كان وكيلا،

______________________________

(1). المبسوط 2: 224.

(2). النهاية: 433.

(3). شرايع الإسلام 2: 82.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 424

و الّا رفع امره الي الحاكم، و للحاكم حبسه و تعزيره حتي يبيع، و بيعه بنفسه.» «1»

5- و قال في القواعد: «و اذا امتنع الراهن من الأداء وقت الحلول، باع المرتهن، ان كان

وكيلا و الّا فالحاكم، و له حبسه حتي يبيعه بنفسه.» «2»

6- المحقق الكركي بعد كلام العلامة: «لان ذلك حق عليه و كذا تعزيره.» «3»

7- السيد جواد العاملي بعد كلام العلامة: «أي و ان لم يكن وكيلا، طلب من الراهن البيع أو الإذن فيه، فان فعل و الّا رفع امره الي الحاكم، و المصنف طوي ذلك لظهوره، فيلزمه الحاكم بالبيع أو يبيع عليه، لأنه ولي الممتنع و له حبسه، لأن ذلك حق عليه، و يدل عليه الخبر المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام، و كذا له تعزيره، و الظاهر عدم الخلاف في جواز ذلك للحاكم بل يمكن ان يقال: انه يجب عليه ذلك كما هو صريح السرائر، و قد يفهم ذلك من التذكرة و غيرها، و قد تقدم مثله، و قد يحمل موثق اسحاق بن عمار.. علي ما اذا اذن الحاكم و قد اختلفت عباراتهم في المقام اختلافا لا تؤدي الي اختلاف في الحكم.» «4»

8- الفيض الكاشاني: «اذا حل الدين فان كان المرتهن وكيلا جاز له البيع، سواء من غيره، و من نفسه، خلافا للإسكافي في الثاني لتطرق التهمة، و هو ضعيف، و الّا طلب منه البيع أو الإذن فيه، فان فعل و الّا رفع أمره الي الحاكم ليلزمه البيع، فان امتنع كان له حبسه و له أن يبيع عليه لأنه ولي الممتنع» «5».

9- الشيخ محمد حسن النجفي: «.. و مقتضاه التخيير بين الأمرين و ان ولاية الحاكم تثبت في أول مراتب الامتناع عليه و هو لا يخلو من اشكال خصوصا بعد مراعاة الاقتصار في ولاية الحاكم علي المتيقن الذي هو حال انتهاء مراتب الاجبار علي الحق» «6».

______________________________

(1). تحرير الاحكام 1: 208.

(2). قواعد الاحكام 1: 161.

(3).

جامع المقاصد 5: 87.

(4). مفتاح الكرامة 5: 130.

(5). مفاتيح الشرائع 3: 140.

(6). جواهر الكلام 25: 217.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 425

10- السيد الاصفهاني: «اذا كان الدين حالا أو حلّ و أراد المرتهن استيفاء حقه فان كان وكيلا عن الراهن في بيع الرهن و استيفاء دينه منه، له ذلك من دون مراجعة اليه و ان لم يكن وكيلا عنه في ذلك ليس له ان يبيعه بل يراجع الراهن و يطالبه بالوفاء و لو ببيع الرهن أو توكيله في بيعه، فان امتنع من ذلك رفع امره الي الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع فان لم يتمكن الحاكم من الزامه، باعه عليه بنفسه أو بتوكيل الغير و لو كان هو المرتهن» «1».

11- السيد الخوئي: و قد صرح بعدم الاحتياج الي الإذن فقال: «كما انه لو لم يأذن في البيع حينئذ، و امتنع من وفاء الدين، جاز للمرتهن البيع و الاستيفاء بلا اذن، و الاحوط استحبابا مراجعة الحاكم الشرعي.» «2»

أقول: لو قلنا بجواز بيع الرهن و عدم الاحتياج الي مراجعة الحاكم كما صرح به السيد الخوئي و مال اليه الشيخ الوالد، فيخرج من موارد الحبس سيما و لم يرد فيه نص بالخصوص نعم ورد في مطلق الديون كما سيأتي الّا ان يقال: مقتضي الاحتياط في الأموال هو عدم الإقدام في البيع رأسا فيرفع الي الحاكم فيبيعه أو يحبسه لأنه من موارد توقف الحق عليه، لكن قد يقال: ليس المورد من توقف استخراج الحق علي الحبس لأن المرتهن يمكنه استنقاذ الحق بالتقاص، فتأمل.

آراء المذاهب الاخري

12- ابن رشد: «اما حق المرتهن في الرهن فهو ان يمسكه حتي يؤدي الراهن ما عليه فان لم يأت به عند الأجل كان له أن يرفعه

الي السلطان، فيبيع عليه الرهن و ينصفه منه، ان لم يجبه الراهن الي البيع و كذلك ان كان غائبا.» «3»

13- ابن الجلاب: «و لا يجوز للحاكم أن يبيع الرهن بدينه، بعد حلول الأجل، اذا

______________________________

(1). وسيلة النجاة 2: 128 و مثله تحرير الوسيلة 2: 8 مسألة 23- وسيلة النجاة (مع تعاليق السيد الگلپايگاني) 2: 186- وسيلة النجاة (مع تعاليق الشيخ الوالد): 128.

(2). منهاج الصالحين 2: 211.

(3). بداية المجتهد 2: 275.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 426

كان مفلسا عن أبي حنيفة: و لكن يحبس الراهن حتي يبيعه، و عند أبي يوسف و محمد، يبيعه» «1».

14- ابن قدامة: «فصل: اذا حل الحق الزم الراهن الايفاء لأنه دين حال فلزم ايفاءه كالذي لا رهن به، فان لم يوف و كان قد اذن للمرتهن أو للعدل في بيع الرهن باعه و وفّي الحق من ثمنه، و ما فضل من ثمنه فلمالكه، و ان فضل من الدين شي ء فعلي الراهن، و ان لم يكن اذن لهما في بيعه، أو كان قد اذن لهما ثم عزلهما طولب بالوفاء و بيع الرهن، فان فعل و الّا فعل الحاكم ما يري من حبسه و تعزيره لبيعه او يبيعه بنفسه أو أمينه، و بهذا قال الشافعي.» «2»

15- ابن تيمية: «و اذا لم يكن للمديون وفاء غير الرهن وجب علي رب الدين امهاله حتي يبيعه، فمتي لم يكن بيعه الّا بخروجه من الحبس، أو كان في بيعه و هو في الحبس ضرر عليه، وجب اخراجه و يضمن عليه أو يمشي معه هو أو وكيله.» «3»

الفصل السابع حبس الكفيل

اشارة

و من الموارد هو حبس الكفيل الي أن يأتي بالمكفول؛ و به وردت روايات و بعضها صحيحة.

كما أفتي بذلك فقهاؤنا

كالصدوق في المقنع و الشيخ الطوسي في كتبه، و سلار، و المحقق الحلي و يحيي بن سعيد و الشهيدان و العلامة في التذكرة و التحرير و القواعد بل هو رأي كل من تعرض لهذه المسألة، و كذلك رأي كثير من العامة، لكن البحث في لزوم تسليمه ان كان محبوسا و قد فصل فقهاؤنا بين كون المكفول محبوسا في سجن الحاكم الشرعي فيجب تسليمه، و بين كونه في حبس الظالم فلا يجب تسليمه.

______________________________

(1). تحفة الفقهاء 3: 43.

(2). المغني 4: 447.

(3). الفتاوي الكبري 4: 478.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 427

الروايات

1- الكافي: «محمد بن يحيي، عن احمد بن محمد، عن ابن فضال، عن عمّار، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: أتي أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه برجل تكفل بنفس رجل فحبسه، فقال: اطلب صاحبك.» «1»

قال المجلسي في الملاذ «2»: موثق كالصحيح.

و قال المرآة: «موثق» «3».

و رواه الشيخ الصدوق في الفقيه بسنده عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباته «4».

2- التهذيب: «عنه عن الحسن بن موسي الخشاب، عن غياث بن كلوب بن فيهس البجلي عن اسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه عليهما السلام إن عليا عليه السلام اتي برجل كفل برجل بعينه، فاخذ بالمكفول فقال: احبسوه حتي يأتي بصاحبه» «5».

قال العلامة المجلسي: «حسن أو موثق، قوله: بعينه: قال الوالد العلامة- قدس اللّه روحه-: أي ببدنه، و يمكن ان يقرأ «بعينة» بكسر العين أي بسبب سلف أو نسية انتهي. و الباء في قوله: بالمكفول، سببية: أي اخذ الكفيل بسبب المكفول، قوله حتي يأتي بصاحبه: قال الوالد نور اللّه ضريحه: لا ينافي الحبس فان الحبس ان لا يدعه يذهب بان يكون معه ملازم من الحاكم، أو

يبعث غيره ليأخذه، أو يؤدي المال الذي عليه.» «6»

3- الدعائم: «و عنه (جعفر بن محمد عليهما السلام) انه قال: اذا تحمل الرجل بوجه الرجل الي اجل فجاء الأجل من قبل ان يأتي به و طلب الحمالة، حبس، إلّا ان

______________________________

(1). الكافي 5: 105 ح 6- انظر التهذيب 6: 209 ح 4 و الوسائل 13: 256 ح 1.

(2). ملاذ الاخيار 9: 555.

(3). مرآة العقول 19: 60.

(4). الفقيه 3: 54 ح 1- و عنه الوسائل 13: 156 ح 2 و الوافي 18: 834 ح 5 أبواب الديون و الضمانات.

(5). التهذيب 6: 209 ح 3- و عنه الوسائل 13: 156 ح 3.- الوافي 18: 835 ح 7.

(6). ملاذ الاخيار 9: 555.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 428

يؤدي عنه ما وجب عليه، ان كان الذي يطلب به معلوما، و له أن يرجع به عليه، و ان كان الذي قد طلب به مجهولا، ما لا بدّ فيه من احضار الوجه كان عليه احضاره الّا أن يموت، و إن مات فلا شي ء عليه.» «1»

4- فقه الرضا: «روي اذا كفل الرجل بالرجل حبس الي أن يأتي صاحبه.» «2»

5- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي- رضي اللّه عنهم- ان رجلا كفل لرجل بنفس رجل، فحبسه حتي جاء به.» «3»

- الآثار-

6- ابن أبي شيبة: «حدثنا ابو بكر، قال: حدثنا علي بن مسهر، عن الشيباني قال:

اخبرني حبيب الذي كان يقوم علي رأس شريح انه حبس ابنه عبد اللّه في كفالة لرجل كفل له بنفسه» «4».

و رواه البيهقي فقال: عن سليمان الشيباني: قال: سمعت حبيبا، و هو حبيب بن سليم الذي كان يقدم الخصوم الي شريح، قال: خاصم رجل ابنا

لشريح، الي شريح، كفل له برجل عليه دين فحبسه شريح، فلما كان الليل، قال: اذهب الي عبد اللّه بفراش و طعام، و كان ابنه يسمّي عبد اللّه.» «5»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الصدوق: «و اذا كان لرجل علي صاحبه حق فضمنته بالنفس فعليك تسليمه، و علي الإمام أن يحبسك حتي تسلمه.» «6»

2- الشيخ الطوسي: «و من ضمن لغيره نفس الانسان الي أجل معلوم بشرط

______________________________

(1). دعائم الإسلام 2: 64 ح 179- و عنه المستدرك 13: 438 ح 3.

(2). فقه الرضا 34 باب 38- و عنه المستدرك 13: 438 ح 1 و البحار 100: 177 ح 2.

(3). مسند زيد: 257.

(4). المصنّف 6: 522 ح 1904.

(5). سنن البيهقي 6: 77- انظر المبسوط للسرخسي 20: 88.

(6). المقنع (الطبعة الجديدة): 127- و عنه المستدرك 13: 438 ح 2.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 429

ضمان النفوس، ثم لم يأت به عند الأجل، كان للمضمون له حبسه حتي يحضر المضمون، أو يخرج اليه مما عليه.» «1»

3- و قال في المبسوط: «اذا تكفل رجل ببدن رجل لرجل عليه مال أو يدّعي عليه مالا ففي الناس من قال: يصحّ ضمانه، و منهم من قال: لا يصح، و الأول أقوي.. فاذا ثبت هذا، كان للمكفول له مطالبته بتسليمه في الحال، فان سلمه برئ و ان امتنع من تسليمه حبس حتي يسلم.» «2»

4- و قال في الخلاف: «اذا تكفل ببدن رجل فغاب المكفول به غيبة يعرف موضعه الزم الكفيل احضاره و يمهل مقدار زمان ذهابه و مجيئه لإحضاره، فان لم يحضره بعد انقضاء هذه المدة المذكورة، حبس ابدا حتي يحضره أو يموت، و به قال جميع من اجاز الكفالة بالبدن، و قال ابن شبرمة: يحبس في الحال

و لا يمهل لأن الحق قد حلّ عليه..» «3»

5- سلار بن عبد العزيز: «اما الكفالة فعلي ضربين: احدهما كفالة اقتضاها عقد، و كفالة قهر، فاما التي بالعقد، فان يتكفل رجل بوجهه الي أجل معلوم و ان جاء الأجل و لم يأت به بنفسه، حبسه ليجي ء به أو يخرج مما عليه» «4».

6- المحقق الحلي: «و للمكفول له، مطالبة الكفيل بالمكفول عنه عاجلا، ان كانت مطلقة، أو معجلة، و بعد الأجل ان كانت مؤجّلة فان سلّمه تاما فقد برئ، و ان امتنع كان له حبسه حتي يحضره، أو يؤدي ما عليه.» «5»

7- يحيي بن سعيد: «و ان قال- أي الضامن- عليّ احضاره فان لم احضره فعليّ دينه المعلوم؛ فليس عليه الّا احضاره، فان لم يحضر حبس حتي يحضره.» «6»

8- العلامة الحلي: «اذا كانت الكفالة حالة، أو مؤجلة، و حلّ اجلها، فان كان

______________________________

(1). النهاية: 315 و مثله السرائر 2: 75.

(2). المبسوط 2: 337.

(3). الخلاف 3: 323 مسألة 17.- انظر اللباب 2: 101- الفتاوي الهندية 3: 258- المجموع 14: 52 السراج الوهاج 242- مغني المحتاج 2: 205- فتح العزيز 10: 377- البحر الزخار 6: 74 الاقناع 2: 158.

(4). المراسم: 200.

(5). شرايع الإسلام 2: 115 و مثله في المختصر النافع: 143.

(6). الجامع للشرائع: 303.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 430

المكفول به حاضرا، وجب علي الكفيل احضاره اذا طلبه المكفول له، فان احضره و الّا حبس. و ان كان غائبا: فان كان موضعه معلوما يمكنه ردّه منه؛ امهل الكفيل بقدر ذهابه و مجيئه، فاذا مضي قدر ذلك و لم يأت به من غير عذر، حبس و لا يحبس في الحال، و به قال عامة أهل العلم، و قال ابن شبرمة:

يحبس في الحال لأن الحق و إن كان قد حلّ فانه يعتبر فيه إمكان التسليم، و انما يجب عليه احضار الغائب عند امكان ذلك، و ان كان غائبا غيبة منقطعة، و المراد منها: ان لا يعرف موضعه و ينقطع خبره، لم يكلف الكفيل احضاره لعدم الامكان و لا شي ء عليه لأنه لم يكفل المال، و به قال الشافعي، و قال احمد: يجب عليه المال مع انه قال: اذا مات المكفول بري ء الكفيل و لا شي ء عليه.» «1»

9- و قال في التحرير: «اذا امتنع الكفيل من احضار المكفول حبس عليه، أو علي اداء ما عليه ابدا، إلّا ان يحضره، أو يموت المكفول به» «2».

10- و قال في القواعد: «و تصح- الكفالة- حالّة و مؤجلة علي كل من يجب عليه حضور مجلس الحكم من زوجة يدعي الغريم زوجيتها، أو كفيل يدعي عليه الكفالة، أو صبيّ، أو مجنون، اذ قد يجب.. و لو امتنع الكفيل من احضاره، حبس حتي يحضره، أو يؤدّي ما عليه.» «3»

11- الشهيدان: «و لو امتنع الكفيل من تسليمه الزمه الحاكم به فان أبي فللمستحق طلب حبسه من الحاكم حتي يحضره أو يؤدّي ما عليه.» «4»

12- الشيخ البهائي: «.. فان امتنع الكفيل من احضار المكفول حبسه الحاكم الي ان يحضره أو يؤدّي ما عليه..» «5»

13- المحدّث البحراني: «للمكفول له مطالبة الكفيل بإحضار المكفول عاجلا؛ ان

______________________________

(1). تذكرة الفقهاء 14: 409 المسألة 576.

(2). تحرير الاحكام 1: 224.

(3). قواعد الاحكام 1: 182.

(4). الروضة البهيّة 4: 152.

(5). جامع عباسي: 225.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 431

كانت الكفالة مطلقة أو معجلة، و بعد الأجل ان كانت مؤجّلة، فان احضره و سلّمه فقد برئ، و الّا وجب حبسه حتي يحضره

أو يؤدي ما عليه، كذا ذكره بعض الاصحاب.. اما لو امتنع التسليم فقد عرفت من الاخبار المتقدمة ان للحاكم حبسه حتي يحضره، و الاصحاب قد ذكروا هنا: أنّ للحاكم حبسه حتي يحضره، و له عقوبته عليه كما في كل ممتنع عن أداء الحق، و فيه أن غاية ما دلت عليه الاخبار المتقدمة هو الحبس حتي يحضره؛ و هذا كاف في عقوبته، فلا معني لعقوبته زيادة علي ذلك، لعدم الإذن فيه شرعا.» «1»

14- السيد الطباطبائي: «ثم انه لو امتنع من تسليمه، الزمه الحاكم به، فان أبي و امتنع، كان للمكفول له طلب حبسه من الحاكم حتي يحضر الغريم، أو يؤدي ما عليه، ان امكنه أداؤه عنه مثل الدين، فلو لم يمكن كالقصاص و الزوجية و الدعوي لعقوبة توجب حدا، أو تعزيرا، الزم باحضاره حتما مع الإمكان، و له- أي الحاكم- عقوبته عليه كما في كل ممتنع من أداء الحق مع قدرته، فان لم يمكنه الاحضار و كان له بدل، كالدية في القتل و ان كان عمدا، و مهر مثل الزوجة، وجب عليه الاحضار، و لا خلاف في ذلك في الظاهر، حتي في جواز الاكتفاء عن الاحضار بأداء ما عليه اذا رضي به المكفول له..» «2»

15- السيد محمد جواد العاملي، بعد نقل كلام القواعد «كما في النهاية و السرائر و الشرائع و النافع و التحرير و الارشاد و اللمعة و الروضة، و ظاهر هذه الكتب انه اذا ادّي ما عليه وجب علي المكفول له القبول و يبرأ الكفيل بذلك، و في التذكرة و جامع المقاصد: انه اذا لم يرض بدفع المال و طلب احضاره الزمه الحاكم باحضاره..» «3»

و قال في توضيح كلام العلامة الحلي في القواعد: «أي

فيجب بالكفالة السعي في احضارها، فلو لم يحضرها حبس لا غير، قوله: أو صبي أو مجنون: أي لإقامة الشهادة علي صورتهما في الاتلاف.. و لو لم يحضرهما، حبس لا غير علي الظاهر لعدم ثبوت الحق

______________________________

(1). الحدائق الناضرة 21: 65.

(2). رياض المسائل 9: 292.

(3). مفتاح الكرامة 5: 434.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 432

حينئذ.» «1»

16- الشيخ محمد حسن النجفي، له كلام ذيل قول المحقق الحلي، فراجع «2».

17- السيد الاصفهاني: «اذا تحققت الكفالة جامعة للشرائط جازت مطالبة المكفول له الكفيل بالمكفول عاجلا اذا كانت الكفالة مطلقة أو معجلة، و بعد الأجل ان كانت مؤجّلة، فان احضره و سلّمه تسليما تاما بحيث يتمكن المكفول له منه فقد برئ مما عليه، و ان امتنع عن ذلك كان له حبسه عند الحاكم حتي يحضره أو يؤدي ما عليه، و ان كان غائبا، فان كان موضعه معلوما يمكن الكفيل ردّه منه، امهل بقدر ردّها به و مجيئه، فاذا مضي قدر ذلك، و لم يأت به من غير عذر حبس كما مر..» «3»

18- الشيخ الوالد: «ثم انه لو امتنع الكفيل من تسليمه الزمه- أي الحاكم- به، فان أبي و امتنع، للمكفول له طلب حبسه من الحاكم حتي يحضر الغريم أو يؤدي ما عليه اذا امكنه أداؤه مثل الدين.» «4»

أقول: و ما يقال ان التخيير بين الاحضار و الأداء ليس فيما تقدم من الاخبار الّا خبر الدعائم اذ قد يكون للمكفول له غرض لا يتعلق بالأداء، أو لا يريده من غير المكفول، انما يرد فيما لو كانت الكفالة في غير المال، و الّا بأن كان مالا فلا شك في انحلال عقد الكفالة بأداء الكفيل الدين، كما ينحل بتسليم المكفول أو بإبراء المكفول

له أو بموت المكفول أو برفع المكفول له يده عن الكفالة، و معه لا يبقي مجال لهذا الاشكال، اضف الي ذلك احتمال ورود الرواية مورد الغالب من عدم بذل الكفيل المال، كما احتمله في مفتاح الكرامة «5».

______________________________

(1). مفتاح الكرامة 5: 429.

(2). جواهر الكلام 26: 189.

(3). وسيلة النجاة 2: 146- و مثله تحرير الوسيلة 2: 31- وسيلة النجاة (مع تعاليق السيد الگلپايگاني) 2:

215.

(4). ذخيرة الصالحين (مخطوط) للشيخ الوالد 5: 184.

(5). مفتاح الكرامة 5: 434.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 433

آراء المذاهب الاخري

19- السرخسي: «و اذا حبس الكفيل بالدين فللكفيل ان يحبس المكفول عنه حتي يخلصه اذا كان بأمره.» «1»

20- الموصلي الحنفي: «.. و الواجب احضاره و تسليمه في مكان يقدر علي محاكمته.. فان احضره و الّا حبسه الحاكم فاذا مضت المدة و لم يحضره حبسه، و اذا حبسه و ثبت عند القاضي عجزه عن احضاره خلي سبيله.» «2»

21- السمرقندي: «.. ثم الكفيل بالنفس يؤخذ باحضار المكفول عنه ما دام احضاره ممكنا مقدورا فان صار بحال لا يقدر علي احضاره فامّا اذا كان يرجي حضور المكفول عنه بان غاب: فانه يتأخر المطالبة بالاحضار عن الكفيل للحال، و يؤجل الي مدة يمكنه الاحضار في تلك المدة، فان لم يحضره و ظهرت مماطلته، فانه يحبس الكفيل، فاذا ظهر للقاضي انه لا يقدر علي الاحضار بدلالة الحال أو شهد الشهود بذلك فانه يخرج من الحبس فينظر الي وقت القدرة كما في الاعسار في حق الدين، و اذا اخرجه القاضي فان الغرماء يلازمونه و لا يحول القاضي بينه و بين الغرماء و لكن ليس للغرماء ان يمنعوه من اشتغاله، كما في الافلاس سواء.» «3»

22- ابن رشد: «و اختلفوا اذا غاب المتحمل

عنه ما حكم الحميل بالوجه علي ثلاثة أقوال:.. القول الثاني: انه يحبس الحميل الي أن يأتي به أو يعلم موته..

و الدليل: فإنما عليه ان يحضره، أو يحبس فيه، فكما انه اذا ضمن المال فانما عليه ان يحضر المال أو يحبس فيه كذلك الأمر في ضمان الوجه القول الثالث: انما يلزمه احضاره اذا كان احضاره له مما يمكن حينئذ يحبس اذا لم يحضره.» «4»

23- الكندي: «من كفل علي رجل بجميع احداثه و ان لم يحضره فما احدث فهو

______________________________

(1). المبسوط 20: 89- انظر 19: 164.

(2). الاختيار 2: 167.

(3). تحفة الفقهاء 2: 243.

(4). بداية المجتهد 2: 295.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 434

عليه، فان احدث حدثا ثم هرب فلم يقدر عليه فان علي الكفيل ما احدث المكفول كما ضمن علي نفسه، فان كفل عنه انه يحضره اذا طلب فلما طلب لم يقدر عليه الكفيل فعليه الحبس حتي يحضره.» «1»

24- احمد بن يحيي: «في الكفيل: و يحبس حتي يفي أو يغرم و لا يرجع كفيل الوجه بما غرم لكن له طلب التسليم و الّا حبس ان تعذر، قيل: و ان يسترد العين ان سلم الاصل.» «2»

25- النووي: «اذا غاب المكفول به نظرت فان كانت غيبته الي موضع معلوم فعلي الكفيل أن يحضره فاذا مضت مدة يمكنه فيها الذهاب اليه و المجي ء و لم يأت به حبسه الحاكم، هذا قولنا.

و قال ابن شبرمة: يحبس في الحال، لأن حقه قد توجه عليه.» «3»

فرع: حكم المكفول لو كان محبوسا
آراء فقهائنا

1- المحقق الحلي: «و لو كان محبوسا في حبس الحاكم وجب تسلمه، لأنه متمكن من استيفاء حقه و ليس كذلك لو كان في حبس الظالم.» «4»

2- العلامة الحلي: «لو كان المكفول محبوسا، فان كان في حبس الحاكم

وجب تسليمه لإمكانه بأمر الحاكم أو بأمر الحابس، ثم يرد الي السجن، و يحبس علي الحقين معا، و ان كان في حبس الظالم لم يجب قبوله.» «5»

3- المحدّث البحراني: «.. و لو كان في حبس الحاكم الشرعي لم يمنع ذلك تسليمه

______________________________

(1). المصنّف 2: 93- انظر: 176.

(2). عيون الازهار: 455- انظر المحلي 8: 120.

(3). المجموع 14: 53.

(4). شرايع الإسلام 2: 116.

(5). تحرير الاحكام 1: 225.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 435

للتمكن من استيفاء الحق، بخلاف ما اذا كان في حبس الجائر.. ثم انه لو كان في حبس الحاكم الشرعي فطلبه الكفيل من الحاكم، أمر الحاكم بإحضاره و حكم بينهما، فان انفصلت الحكومة بينهما رده الي الحبس بالحق الأول، و لو توجّه عليه حق يوجب الحبس حبسه أيضا بالحقين معا و توقف فكّه علي خلاصه من الحقين معا.» «1»

4- الشيخ محمد حسن النجفي: «و لو كان المكفول محبوسا في حبس الحاكم العادل وجب تسلمه لأنه متمكن من استيفاء حقه منه ضرورة انه برفع امره اليه يخرجه من الحبس أو يطالبه و هو فيه و ينهي امره معه و لو بأن يحبسه علي الحقين معا.» «2»

الفصل الثامن حبس المدعي عليه الممتنع عن الكلام

اشارة

أفتي الكثير من فقهائنا- رضوان اللّه عليهم-: ان المدعي عليه الساكت عن الجواب عند سؤال القاضي يحبس حتي يقر أو ينكر أو يعفو الخصم حقه عليه.

و هو رأي المفيد، و ابن الجنيد، و الشيخ الطوسي في الخلاف و النهاية، و سلار، و ابن حمزة، و المحقق في النافع و الشرائع، و يحيي بن سعيد، و العلامة في المختلف و القواعد، و الشهيدان، و الشيخ البهائي، و السيد في الرياض، و السيد العاملي في المفتاح و النراقي في المستند، و الشيخ الكني

في القضاء، و هو رأي أبي حنيفة، و ابن قدامة، و ابن يحيي في عيون الازهار.

و عن بعض آخر: يجعله القاضي ناكلا و رده اليمين علي المدعي كما عن الشيخ الطوسي في المبسوط و ابن البراج و ابن ادريس في السرائر و الفاضل الهندي في كشف اللثام، و الامام الخميني في التحرير.

و عن ثالث: التخيير فيه بين الحبس و الرد، كما اشار اليه السيد الخونساري في جامع المدارك، و هو رأي الشهيدين في اللمعة و الروضة.

______________________________

(1). الحدائق الناضرة 21: 76.

(2). جواهر الكلام 26: 201.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 436

آراء فقهائنا القائلين بالحبس

1- الشيخ المفيد: «اذا ادعي الخصم علي خصمه شيئا و هو ساكت، فسأله القاضي عما ادعاه الخصم عليه، فلم يجب عن ذلك بشي ء، استبرأ حاله، فان كان أصم أو أخرس، عذره في السكوت و توصل الي إلهامه الدعوي.. و ان كان صحيحا و انما يتجاهل و يعاند بالسكوت، أمر بحبسه حتي يقر أو ينكر، إلّا ان يعفو الخصم حقه عليه.» «1»

2- ابن جنيد، علي ما في المختلف: «لو سكت المدعي عليه عند سؤاله و لم يكن القاضي يعرفه بالنطق امهله قليلا ثم اعاد السؤال له عما ادعي عليه، فان امسك، فقال المدعي: انه يتمرّد بسكوته استحلفه علي ذلك و أمر من ينادي في اذن المدعي عليه بصوت عال، بأمر موجود يجري عليه ثم وصف ما يقضي به عليه و ان أنكر و ما يفعله ان جرح بيّنة خصمه، فان اقام علي ذلك امهله قليلا، ثم فعل به مثل ذلك، فان اقام علي امره، سأل الحاكم المدعي عن بينته، ان كانت و سمعها و استحلفه علي ان شهوده شهدوا بحق فان حلف حكم له، و

جعل المحكوم عليه علي حجته، إن ادعاها، أو من يجوز له دعواها.» «2»

3- الشيخ الطوسي: «اذا ادعي علي غيره دعوي فسكت المدعي عليه، أو قال:

لا اقر و لا انكر، فان الإمام يحبسه حتي يجيبه باقرار أو بانكار، و لا يجعله ناكلا، و به قال ابو حنيفة.» «3»

4- و قال في النهاية: «و ان كان يتساكت عن خصمه و هو صحيح قادر علي الكلام و انما يعاند بالسكوت، أمر بحبسه حتي يقر أو ينكر، الّا ان يعفو الخصم عن حقه عليه.» «4»

______________________________

(1). المقنعة: 725.

(2). المختلف: 8: 380.

(3). الخلاف 6: 238 مسألة 37.

(4). النهاية: 342.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 437

5- سلار بن عبد العزيز: «المدعي عليه علي ثلاثة اضرب: صحيح اللسان أو من به آفة أو من يظهر ذلك و ليس عليه.. و الثاني: يأمر بحبسه حتي يقر أو ينكر أو يعفو خصمه عنه.» «1»

6- ابن حمزة الطوسي: «و لم يخل المدعي عليه من ثلاثة أوجه: اما يكون أخرس أو سكت عن الجواب تعنتا أو اجاب فالأول.. و و.. و الثاني: يحبسه حتي يقر أو ينكر، الّا ان يعفو الخصم، و قال أيضا فاذا حررت الدعوي و التمس الجواب طالبه به الحاكم، فان سكت، حبسه حتي يجيب.» «2»

7- المحقق الحلي: «و اما السكوت: فان كان لآفة.. و لو كان عنادا حبسه حتي يجيب.» «3»

8- و قال في الشرائع: «و اما السكوت، فان اعتمده، الزم الجواب، فان عاند، حبس حتي يبين.» «4»

9- يحيي بن سعيد: «و ان لم يجب و هو صحيح حبس حتي يجيب.» «5»

10- قال العلامة بعد كلام ابن ادريس: و عني بالمسألتين: لو سكت عنادا أو اقر بشي ء و لم يبينه، و المعتمد

ما قاله الشيخ في النهاية. لنا ان الواجب عليه الجواب، و هو كما يحتمل الاقرار يحتمل الانكار، فيجب الحبس عليه، لأن غيره ليس بواجب عليه، و لان الأصل براءة الذمة و ردّ اليمين في هذا الموضع و جعله ناكلا يحتاج الي دليل، و لا دليل في الشرع عليه. و احتجوا بأن السكوت عنادا كالنكول، و الجواب المنع.» «6»

11- و قال في القواعد: «السكوت: فان كان لآفة من طرش أو خرس، توصل الحاكم الي معرفة جوابه بالاشارة المفيدة لليقين، فان افتقر الي المترجم لن يكف بالواحد بل لا بد من عدلين، و ان كان عنادا، الزمه الجواب فان امتنع، حبس حتي

______________________________

(1). المراسم: 231.

(2). الوسيلة: 211.

(3). المختصر النافع: 282.

(4). شرايع الإسلام 4: 85.

(5). الجامع للشرائع: 524.

(6). المختلف 8: 381 المسألة 6.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 438

يبين، و قيل يجبر عليه، و قيل يقول له الحاكم: ان اجبت، و الّا جعلتك ناكلا و رددت اليمين علي المدعي، فان اصر، ردّ اليمين علي المدعي.» «1»

12- الشهيدان: «و ان كان السكوت عنادا حبس حتي يجيب، علي قول الشيخ في النهاية لأن الجواب حق واجب عليه، فاذا امتنع منه حبس حتي يؤديه، (أو يحكم عليه بالنكول بعد عرض الجواب عليه) بأن يقول: ان اجبت و الّا جعلتك ناكلا فان اصرّ، حكم بنكوله علي قول من يقضي بمجرد النكول و لو اشترطنا معه احلاف المدعي احلف بعده.

و يظهر من المصنف التخيير بين الأمرين، و الأولي جعلهما اشارة الي القولين، و في الدروس اقتصر علي حكايتهما قولين، و لم يرجح شيئا، و الأول أقوي.» «2»

13- الشيخ البهائي: «.. فان كان سبب سكوته العناد و العداوة، فيحبس الي ان يجيب او يحكم

الحاكم بنكوله.» «3»

14- الشيخ مفلح الصيمري، قال، بعد كلام الشيخ في النهاية: «و المعتمد قول الشيخ- الأمر بالحبس- هنا لأن الواجب عليه هو الجواب، و هو اختيار المفيد، و نجم الدين، و العلامة، و فخر المحققين.» «4»

15- النراقي: «و ان كان سكوته تعنتا و لجاجا الزمه الجواب أولا باللطف و الرفق، ثم الغلظة و الشدة متدرجا من الأدني الي الأعلي علي حسب مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فان اجاب و الّا حبس حتي يجيب إن سأله الي أن يجيب أو يعفو الخصم أو يموت.» «5»

16- السيد الطباطبائي: «الزمه الجواب أولا باللطافة و الرفق ثم بالايذاء و الشدة متدرجا من الأدني الي الأعلي علي حسب مراتب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،

______________________________

(1). قواعد الاحكام 2: 209.

(2). الروضة البهية 3: 93.

(3). جامع عباسي: 362.

(4). تلخيص الخلاف 3: 366.

(5). مستند الشيعة 2: 567.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 439

فان أجاب و الّا حبسه حتي يجيب وفاقا لمن عرفت.. و قيل: يجبر حتي يجيب من غير حبس، بل يضرب و يبالغ في الاهانة الي ان يجيب و مستنده غير واضح، عدا ما استدل له من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؛ و فيه نظر، فانهما يحصلان أيضا بالأول، فلا وجه للتخصيص» «1».

17- السيد العاملي: «فان امتنع حبس حتي يبين،.. قلت: قد تتبعت الوسائل في الباب فما وجدت ما يصلح دليلا في المقام سوي الخبر المشهور و هو قوله (ص): ليّ الواجد يحل عرضه و عقوبته، و في نقل آخر، حبسه، بدل عقوبته، و لا تفاوت اذ العقوبة بعض انواعها الحبس. وجه الدلالة: ان الواجب عليه الجواب، و هو حق امتنع مع قدرته، و يمكن ان يقال

علي تقدير تسليم حجيتها، لأن كانت مشهورة بين الفريقين، انها ظاهرة في الحق المالي الثابت و نحوه لا في مثل الجواب و نحوه، فتأمّل.» «2»

18- الشيخ الكني: «.. اذا كان عنادا الزم بالجواب لوجوبه عليه؛ كما تعرفه، فاذا كان مصرا به ممتنعا عنه بعد اصرار الحاكم في امره به فلم يزل عنه (فأقوي الأقوال حبسه حتي يجيب).. مضافا الي انه امتنع عن اداء الواجب عليه، و هو الواجب كما هو ظاهر الاصحاب، فقد أوجبوا حضور المجلس و نحوه له، و الجميع لقطع الدعوي و رفع النزاع، بل الظاهر انه مما لا خلاف فيه بينهم، بل مجمع عليه، و في وجوب سؤال الحاكم عنه كما انه أيضا مجمع عليه بينهم علي الظاهر دلالة أو اشارة اليه نحو وجوب الجواب بعد السؤال عن الفتوي، و كذا في قوله عليه السلام فيما مرّ من الاخبار انه لو كان المدعي عليه حيا لألزم اليمين أو الحق، أو يرد اليمين، فاذا امتنع جاز للحاكم تعزيره بما يراه و نهيه عن المنكر و امره بالمعروف و الحبس من ذلك، و اما تعيينه مع عدم اقتضاء ما ذكر له، فالشهرة لكفايتها في تعيين بعض افراد المطلقات كما حقق في محله، فمطلقات التعزير و الأمر بالمعروف في خصوص المقام يراد بها خصوص الحبس خصوصا بعد تأيّد التعين بثبوت الحبس في مماطلة الغريم و تهمة الدم علي ما يجي ء مع جملة من

______________________________

(1). رياض المسائل 15: 99/ انظر الجواهر 40: 208.

(2). مفتاح الكرامة 10: 86.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 440

احكام الحبس و فروعاته في احكام الحكم..» «1»

19- المحقق العراقي: «و ان كان سكوته (عنادا حبس حتي يجيب) بناء علي وجوب جوابه كي ينتهي

الأمر الي ميزان، من يمينه أو اقراره، بعد عدم تمامية دليل النكول و الرد الذي كان المورد من مصاديقه أيضا، لو لم نقل ان المتبادر منها في بادي النظر غيره و لا أقلّ كونه قدر متيقن في مقام التخاطب كي يصدق عليه نكول المنكر.» «2»

20- السيد الخونساري: «و ان اصرّ علي السكوت عنادا و لجاجا، فعن جماعة انه يحبس حتي يجيب، و قيل يجبر عليه بالضرب و الاهانة، و قيل ان الحاكم يقول له ثلاثا ان اجبت، و الّا جعلتك ناكلا، و رددت اليمين علي المدعي، فان اصر ردّ اليمين علي المدعي، و عن بعض التخيير بين الحبس و الردّ» «3»

أقول: و قد يرجح القول بالحبس، بما افاده العلامة الحلي في المختلف، و بقوله (ع) في خبر عبد الرحمن: لو كان حيا لألزم اليمين أو الحق أو يرد اليمين عليه، و طرق الإلزام كثيرة لكن يرجح الحبس بالمرسل- النبوي- المنجبر، إلّا ان يقال: بانه ظاهر في الحق المالي كما استظهره الجواهر «4» و مفتاح الكرامة، و يستدل أيضا: بانه امتنع عن اداء الواجب فيحبس عليه، أو من باب توقف استخراج الحق عليه.

آراء المذاهب الاخري

21- ابن قدامة: «.. فان سكت عن جواب الدعوي فلم يقر و لم ينكر حبسه الحاكم حتي يجيب و لا يجعله بذلك ناكلا، ذكره القاضي في المجرّد.» «5»

22- احمد بن يحيي: «و يجب الحق بالنكول مطلقا الّا في الحد و النسب، قيل: و مع

______________________________

(1). القضاء: 193.

(2). شرح تبصرة المتعلمين/ كتاب القضاء: 96.

(3). جامع المدارك 6: 39.

(4). جواهر الكلام 40: 210.

(5). المغني 9: 90.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 441

سكوته يحبس حتي يقر أو ينكر.» «1»

آراء فقهائنا القائلين برد اليمين

1- الشيخ الطوسي: «فاما القسم الثالث: و هو اذا سكت أو قال: لا اقرّ و لا انكر، قال له الحاكم ثلاثا: اما اجبت عن الدعوي، و الّا جعلناك ناكلا، و رددنا اليمين علي خصمك، و قال قوم: بحبسه حتي يجيبه باقرار أو بانكار و لا يجعله ناكلا فيقضي بالنكول و السكوت، و قوله: لا اقر ليس بنكول، و الاول يقتضيه مذهبنا، و الثاني أيضا قوي.» «2»

2- ابن البراج: « … فان سكت أو قال: لا اقر و لا انكر قال الحاكم له: ان اجبت عن الدعوي و الّا جعلتك ناكلا و رددت اليمين علي خصمك و ذكر انه يحبسه حتي يجيب اما باقرار أو بإنكار و يجعله ناكلا، و ما ذكرناه أوّلا هو الظاهر من مذهبنا و لا بأس بالعمل بالثاني.» «3»

3- ابن ادريس: «الصحيح من مذهبنا و أقوال اصحابنا و ما يقتضيه المذهب: ان في المسألتين معا يجعله الحاكم ناكلا و يرد اليمين علي خصمه.» «4»

4- الفاضل الهندي بعد قول العلامة: «و يؤيد الردّ: ان في الحبس اضرارا بالمدعي بالتأخير و ربما ادّي الي ضياع حقه، و ان فيه و في الاجبار اضرار بالمدعي عليه بلا دليل، و

ما مرّ من الدليل عليها مندفع بأن الرد الي المدعي اردع له عن السكوت و أسهل و أفيد للمدعي» «5».

5- الامام الخميني: «و ان كان السكوت لا لعذر بل سكت تعنتا و لجاجا، امره الحاكم بالجواب باللطف و الرفق ثم بالغلظة و الشدة، فان اصرّ عليه فالأحوط أن يقول

______________________________

(1). عيون الازهار: 424.

(2). المبسوط 8: 160.

(3). المهذب 2: 586.

(4). السرائر 2: 163.

(5). كشف اللثام 2: 158.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 442

الحاكم له: اجب و الّا جعلتك ناكلا، و الأولي التكرار ثلاثا، فان اصرّ ردّ الحاكم اليمين علي المدعي، فان حلف ثبت حقه.» «1»

الفصل التاسع حبس الملتوي في المحكمة، و الذي اغلظ للحاكم في القول

اشارة

اذا ظهر للحاكم التواء و عنت من احد الخصمين، بأن يقطع اليمين علي خصمه بعد ان طلب من الحاكم استحلافه، مدعيا ان له البينة، أو أغلظ في القول بان قال:

حكمت عليّ بغير حق، فللحاكم تعزيره و حبسه بعد نهيه و زبره مرتين.

و قد أفتي بذلك جمع من فقهائنا- رضوان اللّه عليهم- كالشيخ الطوسي في المبسوط و القاضي ابن البراج في المهذب، و من المذاهب الاخري: الماوردي في «ادب القاضي» و ابن قدامة في المغني.

كما تعرض بعض آخر من فقهائنا لهذه المسألة و اكتفي بتأديبه بما يقتضيه اجتهاد الحاكم، و لم يرد فيه نص إلّا ما نقله الماوردي، و سيأتي الكلام فيه.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «اللدد و الالتواء، مصدران يقال: فلان يتلدد، اذا كان يلتفت يمينا و شمالا، و يلتوي، و منه قيل لديد الوادي لجانبيه، لأنها مائلة و منه قيل:

اللدود و هو الوجور لأنه في احد شدقيه، و خصم الدّ: اذا كان شديد الخصام، و جمعه لدّ، قال تعالي: وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصٰامِ «2»، وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا، «3» فاذا تقرر هذا و بان للقاضي من احد الخصمين لدد أي التواء و عنت، و قد يكون هذا من وجوه: احدها: ان يتقدم خصمه الي الحاكم فيدعي عليه و يتوجه اليمين و يسأل الحاكم ان يستحلفه له فاذا بدأ

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 442

______________________________

(1). تحرير الوسيلة 2: 383- انظر القضاء للآشتياني: 150 و العروة الوثقي 3: 103.

(2). البقرة: 204.

(3). مريم: 97.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 443

باليمين

قطعها عليه و قال: عليه بينة، فاذا فعل هذا اول مرة نهاه عنه و منعه منه و عرّفه ان هذا لا يحل إن لم يكن لك بينة، فان عاد كذلك زبره، و اغلظ له في النهي عنه و صاح عليه، و لا يعجّل عليه بالتعزير لئلا يكون جاهلا بذلك، فان عاد ثالثا الي مثلها، فقد فعل ما يستحق به التأديب و التعزير، فينظر الحاكم فيه باجتهاد، فان كان قويا لا يكفّه عنه الّا التعزير عزره، و ان كان ضعيفا لا يطيق الضرب حبسه و ادبه بالحبس لا بالضرب و ان كان المصلحة في ترك ذلك كله فعل. و هكذا اذا اغلظ للحاكم في القول، فقال: حكمت عليّ بغير حق، نهاه فان عاد زبره، فان عاد، فقد استوجب التعزير بالضرب أو الحبس أو بالعفو؛ و جملته انه إليه، ففعله بحسب ما تقتضيه المصلحة.» «1»

2- القاضي ابن البراج: «اذا حضر عند الحاكم خصمان ان يكون احدهما اكبر من الآخر، و قد تعلم اللدد و هي الالتواء و العنت من وجوه منها ان يقدّم الانسان خصمه الي الحاكم فيتحاكمه، فتوجّه اليمين فاذا بدأ باليمين قطعها عليه، و قال: لي عليه بيّنة، فاذا فعل ذلك اوّل مرة، نهاه عن ذلك و منعه منه و أعلمه «ان ذلك لا يحل، ان لم يكن لك بينة» فان عاد الي ذلك، زبره و اغلظ له في النهي و صاح عليه و لا يعجل عليه بالتعزير، لئلا يكون جاهلا بذلك، فان عاد ثالثا فقد فعل ما يستحق به التأديب و التعزير، فان كان قويا لا يكفه (الّا) التعزير، عزره، و ان كان ضعيفا لا يحتمل الضرب، حبسه، و ادّبه بالحبس دون الضرب، و

أن رأي ان المصلحة في ترك ذلك كلّه، فعل». «2»

3- العلامة الحلي: «و لا يعزر من اساء ادبه في مجلسه الّا بعد الزجر باللسان و الاحتراز.» «3»

4- الشيخ محمد حسن النجفي: «و ان أساء الأدب مع الخصم أو القاضي، أو غيرهما، أو استعمل اللدد، أي طلب اليمين من الخصم، ثم قطعها عليه و قال: لي بيّنة سأحضرها ثم يعود الي الأول، و هكذا ايذاء و تعنتا، عرّفه أيضا طريق الأدب اللائق بمثل ذلك المقام برفق و بيّن له فساد ما ارتكبه، بل في المسالك: فان تنجع، و الّا اغلظ

______________________________

(1). المبسوط 8: 97.

(2). المهذب 2: 596.

(3). قواعد الاحكام 2: 204.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 444

له، فان أفاد و الّا جاز تأديبه بما يقتضيه اجتهاده من التوبيخ و اغلاظ القول و نحو ذلك، و اللّه العالم» «1».

آراء المذاهب الاخري

5- الماوردي: «في اللدد: فان لم يكفّ بالزجر و الزبر بعد الثانية حتي عاد اليه ثالثة جاز أن يتجاوز زواجر الكلام الي الضرب و الحبس تعزيرا و أدبا، يجتهد رأيه فيه بحسب اللدود، و علي قدر المنزلة.

و ان كان لدوده تمانعا من الحق و خروجا عن الواجب و كان ساكتا حبسه، فان جمع في لدده بين الأمرين جاز أن يجمع في تعزيره بين الضرب و الحبس. قد تحاكم الي رسول اللّه (ص) الزبير مع رجل من الأنصار فلمّا قال الأنصاري بعد حكمه عليه للزبير في شرب أرضه: انه ابن عمّتك. قال النبي (ص) للزبير: أمرّ الماء علي بطنه و احبسه حتي يبلغ اصول الجدر- فكان قوله: أمر الماء علي بطنه تعزيرا، و فيه نزل قوله:

فَلٰا وَ رَبِّكَ لٰا يُؤْمِنُونَ حَتّٰي يُحَكِّمُوكَ فِيمٰا شَجَرَ بَيْنَهُمْ. «2»

أقول: لم يذكر احد

من مفسري الامامية نزول الآية في هذا المورد، الّا أمين الإسلام الطبرسي بما يشعر ضعفه، أضف الي ذلك ان نقله يتفاوت مع ما نقله الماوردي اذ فيه:

«فقال النبي (ص) للزبير: اسق ثم ارسل الي جارك فغضب الانصاري و قال:

يا رسول اللّه (ص) لئن كان ابن عمّتك، فتلوّن وجه رسول اللّه (ص) ثم قال للزبير:

اسق يا زبير ثم احبس الماء حتي يرجع الي الجدر و استوف حقك ثم ارسل الي جارك.» «3»

6- ابن قدامة: «و له أن ينتهر الخصم اذا التوي و يصيح عليه، و ان استحق التعزير، عزره بما يري من أدب أو حبس، و ان افتات عليه، بأن يقول: حكمت عليّ

______________________________

(1). جواهر الكلام 40: 79.

(2). ادب القاضي 1: 352- انظر 247 و 124- و الاية في سورة النساء: 65.

(3). مجمع البيان 2: 69.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 445

بغير الحق، أو ارتشيت؛ فله تأديبه و له أن يعفو..» «1»

الفصل العاشر حبس المدعي عليه الممتنع عن الحضور في المحكمة

اشارة

لا كلام في وجوب حضور المدعي عليه أو وكيله فيما لو طلب الحاكم ذلك، و لو امتنع لا لعذر لكان عاصيا، و يعزره الحاكم بما يراه؛ ان لم نقل بجواز الحكم علي الغائب.

و قد تناول فقهاؤنا كابن البراج و العلامة الحلي و الفاضل الهندي و السيد اليزدي، و المرداوي من العامة لهذا الفرع، من دون اشارة الي الحبس فيه. و عن البعض انه يحبس لو امتنع من الحضور.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «.. جملته أنه ينبغي أن يكون عند القاضي في ديوان حكمه ختوم من طين قد طبعها بخاتمه يبعث مع الخصم اليه، فان حضر و الّا بعث بعض أعوانه ليحضر، فان حضر و الّا بعث بشاهدين يشهدان علي امتناعه، فان حضر و الّا استعان بصاحب الحرب و هو صاحب الشرطة» «2».

2- القاضي ابن البراج: «فاذا كان احضار من ذكرناه صحيحا جائزا، فينبغي أن يكون عند الحاكم في ديوان حكمه ختوم من طين مطبوخة بخاتمه ينفذ منها شيئا مع الخصم اليه، فان حضر، و الّا بعث بعض اعوانه اليه، فان حضر و الّا انفذ شاهدين يشهدان علي امتناعه، فان حضر و الّا استعان بصاحب الحرب، و هو صاحب الشرطة.» «3»

______________________________

(1). المغني 9: 42.

(2). المبسوط 8: 155.

(3). المهذّب 2: 583.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 446

3- العلامة الحلي: « … و للحاكم تعزير من يمتنع من الحضور و التوكيل..» «1»

4- الفاضل الهندي: بعد كلام العلامة: «لا لعذر فانه معصية» «2».

5- المحقق الكني: «قال بعد كلام الشيخ الطوسي: و انت خبير بأن جملة مما افاده بكلمات العامة أقرب، و بمذاهبهم و مبانيهم أليق و أنسب، بل الظاهر أن أصل صدورها منهم، و تبعهم فيها من تبعهم، و

الّا فأي وجه لبعث الطين المختوم و للترتيب بينه و بين بعث اعوانه و بين أحدهما و بعث الشهود، و للنداء علي باب داره ثم سمرها و الختم عليها، نعم ان اراد المثالية بعد اسقاط الترتيب و كون السمر و الختم كما هو الظاهر من احد طرق التعزير اذا رآه الحاكم فلا بأس به في مورد وجوب الحضور.» «3»

6- السيد اليزدي: «ذكروا أنه لو طلب الخصم من الحاكم احضار خصمه للمرافعة معه، وجب عليه اجابته و احضاره امّا بختم يكتب فيه: اجب الحاكم، و اما بإرسال من يأتي به، و أنه يجب عليه الحضور، و لو امتنع استعان عليه بأعوان السلطان، و ادعي بعضهم عدم الخلاف فيه، بل عن الكفاية نسبته الي مذهب الاصحاب.. الي أن قال: هذا و لا دليل علي شي ء مما ذكروه الّا دعوي توقف الحكم بينهما علي ذلك، أو أن الحاكم منصوب لاستيفاء الحقوق، و ترك الاحضار تضييع لها، و هما كما تري خصوصا اذا كان قبل تحرير الدعوي و تحقق كونها مسموعة فانه ايذاء للمدعي عليه، لا سيما اذا كان من أرباب الشرف، بل ما ذكروه مناف لما هو المشهور بينهم من جواز الحكم علي الغائب عن البلد، أو عن مجلس الحكم، و ان كان في البلد، و لذا استشكل في الحكم المذكور جماعة، و استقرب بعضهم كصاحب المستند: تخيير الحاكم بين الاحضار، أو الحكم عليه غائبا، و الأقوي عدم وجوب احضاره حتي بعد التحرير، و عدم وجوب حضوره بناء علي جواز الحكم علي الغائب عن البلد، بل الحاضر فيه، اذا اسقط حق حضوره.» «4»

______________________________

(1). قواعد الاحكام 2: 207.

(2). كشف اللثام 2: 154.

(3). القضاء: 72.

(4). العروة الوثقي 2: 30 مسألة

41.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 447

أقول: لو قلنا بجواز الحكم علي من غاب عن مجلس القضاء مطلقا، مسافرا أو حاضرا و لم يتعذر عليه الحضور، فلا وجه للحبس و التعزير أو الهجوم عليه في داره كما عن بعض العامة. بل يقضي عليه بمجرد قيام البينة الشرعية عليه- في حقوق الناس. «1»

آراء المذاهب الاخري

7- المرداوي: «الخرقي: قوله: فان امتنع من الحضور، سمعت البينة، و حكم بها في احدي الروايتين- قال: و هو المذهب، اختاره ابو الخطاب و الشريف أبو جعفر و قدمه في الفروع، و هو ظاهر ما جزم به في الرعاية الصغري و الحاوي الصغير.

و الاخري: لا تسمع حتي يحضر، صححه في التصحيح، و جزم به في الوجيز و المنور، و أطلقهما ابن منجا في شرحه، فعلي الرواية الثانية: ان أبي من الحضور، بعث الي صاحب الشرطة ليحضره، فان تكرر منه الاستتار، اقعد علي بابه من يضيق عليه في دخوله و خروجه حتي يحضر.. و قال في التبصرة: ان صحّ عند الحاكم أنه في منزله، أمر بالهجوم عليه و اخراجه.» «2»

8- ابو دقيقة: «و اذا امتنع الخصم من الحضور عزره القاضي بما يري من ضرب أو صفع أو حبس أو تعبيس وجه ما يراه.» «3»

الفصل الحادي عشر حبس المدعي عليه حتي يحضر المدعي الشهود

اشارة

أفتي الشيخ الطوسي في المبسوط بحبس المدعي عليه حتي يحضر الشهود، و كذلك من العامة: الفيروزآبادي في التنبيه و مالك- علي ما في المدونة- و السرخسي في المبسوط، و ابن قدامة في المغني و المرداوي في الانصاف.

______________________________

(1). انظر جواهر الكلام 40: 221.

(2). الانصاف 11: 302.

(3). الاختيار (الهامش) 2: 91.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 448

هذا، و لكن باقي فقهائنا كابن الجنيد، و الشيخ المفيد، و الشيخ في النهاية و الخلاف و و.. اكتفوا بطلب الكفيل منه فلا حاجة الي حبسه، و إليك كلماتهم:

آراء فقهائنا المثبتين للحبس

1- قال الشيخ الطوسي: «فاما ان كان مما يثبت بشاهد و امرأتين و بشاهد و يمين، نظرت، فان أتي بشاهدين و لم يعرف عدالتهما و قال: احبسه لي حتي يعدّلا، حبسناه فان أتي بشاهد واحد، و قال: احبسه لي حتي آتي بآخر، منهم من قال: علي قولين كالقصاص و النكاح، و منهم من قال: يحبس لا محالة. و هو الأقوي عندي، لان الشاهد مع اليمين حجة في الأموال، لأنه يحلف و يستحق؛ فلهذا حبسناه، و ليس كذلك في العتق و القصاص، لأن الشاهد الواحد ليس بحجة؛ فلهذا لم نحبسه.» «1»

آراء فقهائنا النافين للحبس

1- ابن الجنيد علي ما في المختلف: «و لو سأل المدعي القاضي مطالبة المدعي عليه بكفيل، قبل ثبوت حقه عليه، لم يكن ذلك واجبا عليه، و لا للقاضي تكليفه بذلك، و لكن يقول له: لا آمرك بتخليته، و لا آمره بالاحتباس لك.» «2»

2- الشيخ المفيد: «و اذا بعدت بينة المدعي، كان له تكفيل المدعي عليه الي أن يحضر بيّنته و لم يكن له حبسه و لا ملازمته و ليس له تكفيل المدعي عليه ما لم يجعل لحضور بيّنته اجلا معلوما و لا تكون الكفالة الّا بأجل معلوم.» «3»

3- الشيخ الطوسي: «و ان انكر المدعي عليه ما ادعاه المدعي سأله: أ لك بيّنة علي ذلك؟.. و ان قال: نعم غير أنها ليست حاضرة، قال له: احضرها، فان قال: نعم، أقامه و نظر في حكم غيره الي أن يحضر الأول بيّنته، و ان قال المدعي: لست أتمكن من احضارها، جعل معه مدّة من الزمان ليحضر فيه بيّنته و يكفّل بخصمه، فان

______________________________

(1). المبسوط 8: 255.

(2). المختلف 8: 376 المسألة 4.

(3). المقنعة: 733.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص:

449

احضرها، نظر فيها، و ان لم يحضرها عند انقضاء الأجل، خرج خصمه عن حد الكفالة.» «1»

4- و قال في الخلاف: «اذا ادعي علي غيره حقا فأنكر المدعي عليه، فقال المدعي: لي بينة غير انها غائبة، لم يجب له ملازمة المدعي عليه، و لا مطالبته له بكفيل الي أن تحضر البيّنة، و به قال الشافعي، و قال أبو حنيفة: له المطالبة بذلك و ملازمته.» «2»

5- ابن البراج: «هذا اذا كانت البينة حاضرة، فان كانت غائبة، قال الحاكم له: ليس لك ملازمته و لا مطالبته بكفيل و لك يمينه أو تتركه حتي تحضر البينة، و ذكر:

ان له ملازمته و مطالبته بكفيل حتي تحضر البينة، و ما ذكرناه أولا هو الأظهر و الأصحّ، و الثاني أحوط لصاحب الحق و لا بأس به.» «3»

و اما في الكامل علي ما في المختلف- فقد وافق الشيخ في النهاية «4».

6- ابن حمزة: «و ان ادعي غيبة بيّنته، اخذ منه كفيل حتي يحضر البينة، ما لم تزد المدة علي ثلاثة ايام، فان زادت لم يلزمه الكفيل، فان احضرها قبل انقضاء المدة فذاك، و ان لم يحضرها برئت ذمة الكفيل.» «5»

7- ابن زهرة: «فان قال: لي بينة، أمر باحضارها، فان ادّعي انها غائبة، ضرب لها اجلا في الاحضار، و فرّق بينه و بين خصمه، و له أن يطلب كفيلا باحضاره، اذا احضر بيّنته و تبرّأ الكفيل من الضمان اذا انقضت المدة و لم يحضرها» «6».

8- المحقق الحلي: «و لو قال: البينة غائبة، اجّل بمقدار احضارها، و في تكفيل المدعي عليه تردد، و يخرج من الكفالة عند انقضاء الأجل.» «7»

______________________________

(1). النهاية: 339.

(2). الخلاف 6: 237 المسألة 36.

(3). المهذّب 2: 586.

(4). المختلف 8: 376 المسألة 4.

(5).

الوسيلة: 212.

(6). غنية النزوع 445.

(7). المختصر النافع: 181.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 450

9- و قال في الشرائع: «و لو ذكر المدعي أن له بينة غائبة، خيّره الحاكم بين الصبر و بين احلاف الغريم، و ليس له ملازمته و لا مطالبته بكفيل» «1».

10- العلامة الحلي: «و لو قال المدعي: لي بيّنة غائبة، خيّره الحاكم بين الصبر و احلاف الغريم، و ليس له ملازمته و لا مطالبته بكفيل، و كذا لو أقام شاهدا واحدا- و ان كان عدلا- و قيل له حبسه، أو المطالبة بكفيل، لقدرته علي اثبات حقه باليمين، فيحبس الي أن يشهد آخر، و ليس بجيّد» «2».

11- و قال في التحرير: «و لو قال المدعي: لي بينة و هي غائبة، خيّره الحاكم بين الصبر حتي يحضر و بين احلاف الغريم، و لو سأل حبسه أو كفيلا حتي يحضر ببيّنة لم يلزم اجابته.» «3»

12- الشهيدان: «فان ذكر غيبتها، خيّره بين احلاف الغريم و الصبر و ليس له الزامه بكفيل و لا ملازمته، لأنه تعجيل عقوبة لم يثبت موجبها.» «4»

13- الفاضل الهندي بعد كلام القواعد: «و ليس بجيد فان سبب العقوبة انما هو ثبوت الحق لا القدرة عليه.» «5»

14- الفاضل النراقي: «و الحق انه ليس للمدعي مطالبة غريمه بالكفيل حتي يحضر البينة، و لا ملازمته و لا حبسه» «6».

15- الشيخ محمد حسن النجفي: «و ليس له ملازمته علي وجه لا تجوز له بدون ذلك فضلا عن حبسه، و لا مطالبته بكفيل، وفاقا للمحكي عن أكثر المتأخّرين، بل عامتهم، و الاسكافي و الشيخ في الخلاف و المبسوط و القاضي في احد قوليه، للأصل السالم عن معارض بعد عدم ثبوت الحق الذي لا معني للعقوبة عليه قبله،

علي ان الكفيل يلزمه الحق إن لم يحضر المكفول، و هنا لا معني له قبل اثباته، بل لا معني لكون

______________________________

(1). شرايع الإسلام 3: 85.

(2). قواعد الاحكام 2: 210.

(3). تحرير الاحكام 2: 187.

(4). الروضة البهية 3: 89.

(5). كشف اللثام 2: 159.

(6). مستند الشيعة 2: 559.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 451

حضور الدعوي و سماع البينة حقا يكفل عليه.. «1» و قال أيضا: و كذا ليس له حبسه أو المطالبة بكفيل لو أقام شاهدا واحدا و إن كان عدلا لعدم ثبوت الحق به.» 2

16- الشيخ الكني في الشرح علي (تلخيص المفاتيح): «اذا ذكر غياب البينة علي المدعي ليس له ملازمته، بمعني الزامه بأن: لا يفارقه فراقا يخاف به فراره، لا انه ليس للمدعي ان يلازمه و لا يفارقه و يذهب معه اين يذهب فانه لا شبهة في جوازه له ما لم يمنع عنه مانع خارجي، و جمع عبروا عنها بالحبس، فامّا يوسعون فيه بحيث يشمل ما ذكرناه، أو علي وجه المثال «و لا الزمه بالتكفيل» و حيث عرفت ان الحق عدم استحقاق الحبس و المراقبة، أو اخذ الكفيل أو نصب الوكيل، فلا وجه حينئذ لتعيين اجل بعد اختياره الصبر الي الظفر بالبينة و احضارها.» «3»

أقول: و خلاصة القول في المسألة: ان القائلين بعدم الملازمة و المطالبة بالكفيل و الحبس استندوا الي براءة الذمة و ما روي عن سماك عن علقمة كما في الخلاف، و انه ما لم يثبت الحق فلا معني لكون حضور الدعوي و سماع البينة حقا يكفل عليه كما في الجواهر، و ان الحبس عقوبة لم يثبت موجبها، و ان القائلين بالملازمة و الحبس: ان الغريم يجب عليه الحضور في مجلس الحكم و اجيب

بمنع وجوب الحضور الآن لو سلمنا صحة الكفالة علي مثله، و الظاهر أنه لا دليل علي وجوب الحبس لأنّ المدار علي اثبات الحق لا القدرة علي اثباته.

و لكن لا بد من تحرير محل النزاع و انه هل يختص الحبس بمورد الأمور المالية أم مطلقا حتي في القصاص أو دونه؟ ثم هل هناك فرق بين البيّنة القريبة و البعيدة كما عليه بعض السنة، و هل المراد بالحبس المعني الاصطلاحي أو بمعني مجرد الملازمة، و كم مدّته: هل الي انقضاء المجلس أو ثلاثة ايام أو أكثر؟ ثم هل الحبس في مورد عدم البينة مطلقا أم مع وجود شاهد واحد، و المورد مما يثبت بشاهد و يمين؟ و الظاهر ان الشيخ الطوسي تفرد بجواز الحبس في المورد الأخير- في المبسوط- كما انه يري التكفيل و الملازمة في البيّنة الغائبة- كما في النهاية- و وافقه ابن البراج في الكامل و ابن زهرة

______________________________

(1) 1 و 2. جواهر الكلام 40: 205 و 207.

(3). القضاء: 167.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 452

و ابن حمزة، و قبلهم الشيخ المفيد.

آراء المذاهب الاخري

17- المدونة: «.. قلت: أ رأيت الرجل يدّعي قبل رجل حدا من الحدود، فيقدمه الي القاضي و يقول: بينتي حاضرة اجيئك بها غدا، أو العشيّة، أ يحبس السلطان هذا أم لا يحبسه؟ قال: ان كان ذلك قريبا أوقفه و لم يحبسه اذا رأي السلطان لذلك وجها و كان أمرا قريبا الّا أن يقيم الطالب عليه شاهدا واحدا فيحبسه له و لا يأخذ به كفيلا، و كذلك القصاص في الجراحات و فيما يكون في الأبدان لا يؤخذ به كفيل.» «1»

18- الفيروزآبادي: «.. و ان اقام شاهدا واحدا و سأله ان يحبسه حتي يأتي بالثاني

ففيه قولان، و قيل: إن كان في المال حبس قولا واحدا.» «2»

19- السرخسي: «فأمّا اخذ الكفيل بنفس المدعي عليه فعند أبي حنيفة اذا زعم المقذوف ان له بيّنة حاضرة في المصر، فان القاضي لا يأخذ من المدعي عليه كفيلا بنفسه و لكن يحبسه الي آخر المجلس، فان احضر بيّنة، و الّا خلّي سبيله و مراده بهذا الحبس الملازمة، انه يأمره بملازمته الي آخر المجلس لا حقيقة الحبس، لأنه عقوبة و بمجرد الدعوي لا تقام العقوبة علي احد.» «3»

20- السمرقندي: «اذا رفع المقذوف الأمر الي القاضي و القذف صحيح، فلا يخلو: اما ان ينكر القاذف، أو يقر، فان أنكر و طلب المقذوف من القاضي أن يؤجّله حتي يقيم البينة، و ادعي ان له بينة حاضرة في المصر، فانه يؤجّله الي أن يقوم من المجلس و يحبس المدعي عليه القذف، فان اقامها الي آخر المجلس، و الّا خلّي سبيله و لا يأخذ منه كفيلا بنفسه- و هذا قول أبي حنيفة، و قال أبو يوسف: يأخذ منه كفيلا بنفسه حتي يحضر الشهود و لا يحبسه، و عن محمد، انه قال: اكفله ثلاثة ايام و لا احبسه فان اقام شاهدا واحدا عدلا فانه يحبس حتي يحضر الشاهد الآخر، و ان اقام شاهدا غير

______________________________

(1). المدونة الكبري 5: 182.

(2). التنبيه: 255.

(3). المبسوط 9: 106.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 453

عدل، فانه يؤجّله الي آخر المجلس، الي ان قال: فان عجز عن اقامة البينة، و قال للقاضي: أجّلني حتي احضر البينة ولي بينة في المصر، فانه يؤجّله الي قيام المجلس، فان اقام البينة الي آخر المجلس، و الّا اقام عليه حد القذف، و لا يأخذ منه كفيلا حتي يذهب، فيطلب شهوده،

و لكن يحبسه و يقول له: ابعث إليّ شهودك، و علي قول أبي حنيفة: يؤجّل الي المجلس الثاني.» «1»

21- ابن قدامة: «فصل: فان طلب المدعي حبس المدعي عليه أو اقامة كفيل به الي أن تحضر بيّنته البعيدة لم يقبل منه و لم يكن له ملازمة خصمه، نص عليه احمد، لأنه لم يثبت له قبله حق يحبس به و لا يقيم به كفيلا، و لان الحبس عذاب فلا يلزم معصوما لم يتوجه عليه حق و لأنه لو جاز ذلك لتمكن كل ظالم من حبس من شاء من الناس بغير حق، و ان كانت بينة قريبة فله ملازمته حتي يحضرها لان ذلك من ضرورة اقامتها فانه لو لم يتمكن من ملازمته لذهب من مجلس الحاكم و لا تمكن اقامتها الّا بحضرته، و لأنه لمّا تمكن من احضاره مجلس الحاكم ليقيم البينة عليه تمكن من ملازمته فيه حتي تحضر البينة و تفارق البينة البعيدة، أو من لا يمكن حضورها، فان الزامه الاقامة الي حين حضورها يحتاج الي حبس أو ما يقوم مقامه و لا سبيل اليه.» «2»

22- المرداوي: «قوله: و ان اقام شاهدا و سأل حبسه حتي يقيم الآخر، حبسه ان كان في المال- قال: و هو المذهب، و جزم به في الوجيز و الهداية و المذهب و الخلاصة و غيرهم، و قدمه في المحرر و المنتظم و الرعايتين و الحاوي الصغير و الفروع و غيرهم و قيل:

لا يحبس.

و ان كان في غيره فعلي وجهين: و اطلقهما في الهداية و المذهب و المستوعب و الخلاصة و شرح ابن منجا، احدهما: لا يحبس، و هو المذهب، و قدمه في الشرح و الفروع و صححه في التصحيح، و الوجه الثاني:

يحبس، و هو ظاهر ما جزم به في الوجيز و قدمه في المحرر و الرعايتين و الحاوي و المنتظم.» «3»

______________________________

(1). تحفة الفقهاء 3: 146- انظر بدائع الصنائع 7: 52.

(2). المغني 9: 225.

(3). الانصاف 11: 293.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 454

الفصل الثاني عشر حبس المدعي عليه حتي يعدل الشهود

اشارة

تفرد الشيخ الطوسي- علي ما نعلم- من فقهائنا- رضوان اللّه عليهم- بحبس المدعي عليه حتي يعدل الشهود. و اما الباقي، كالمحقق في الشرائع و العلامة في المختلف و التحرير و القواعد، و ولده فخر المحققين في الايضاح، و الفاضل الهندي في الكشف، و من المعاصرين: الامام الخميني و السيد الگلپايگاني، فقد نفوا ذلك صريحا و كذلك ابن قدامة في المغني و المرداوي في الانصاف، و عن الشافعي، و الفيروزآبادي و أبي اسحاق انه يحبس، و إليك الأقوال:

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «اذا ادعي عبد علي سيده انه أعتقه.. فان أتي بشاهد واحد، و قال: لي شاهد آخر قريب و أنا آتيك به، قال قوم يفرّق بينهما و قال آخرون لا يفرق لأنه لم يأت بالبيّنة التامة، و كذلك كل حق لا يثبت الّا بشاهدين كالنكاح و الطلاق و القصاص و نحو ذلك، فان أتي بشاهدين حبس له خصمه و ان أتي بشاهد واحد فهل يحبس خصمه حتي يأتي بآخر علي القولين. هذا اذا كان الحق لا يثبت الّا بشاهدين، فأما ان كان مما يثبت بشاهد و امرأتين و بشاهد و يمين، نظرت، فان أتي بشاهدين و لم يعرف عدالتهما، و قال: احبسه لي حتّي يعدّلا، حبسناه، فان أتي بشاهد واحد، و قال: احبسه لي حتي آتي بآخر، منهم من قال: علي القولين كالقصاص و النكاح. و منهم من قال: يحبس لا محالة و هو الاقوي عندي، لأن الشاهد مع اليمين، حجة في الأموال لأنه يحلف و يستحق، فلهذا حبسناه، و ليس كذلك في العتق و القصاص، لان الشاهد الواحد ليس بحجة، فلهذا لم نحبسه، فكل موضع حبسناه بشاهدين فلا يزال في الحبس حتي يتبين عدالتهما أو

جرحهما، و كل موضع حبس بشاهد واحد لم يحبس ابدا،

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 455

و يقال للمشهود له: ان جئت بعد ثلاث، و الّا اطلقناه.» «1»

2- و قال أيضا في آداب القاضي: «.. الجواب الثالث، يقول: حبست علي تعديل البيّنة، لأن المدعي أقام شاهدين فلم يعرف الحاكم عدالتهما، فحبسني حتي يعرف ذلك من حالهما، فالكلام في أصل المسألة، هل يحبس لهذا أم لا؟ قال قوم: يحبس؛ لأن الذي عليه أن يقيم البينة، و الذي بقي علي الحاكم من معرفة العدالة، و لان الأصل العدالة حتي يعرف غيرها، و قال بعضهم: لا يحبس لجواز أن يكون فاسقا، و حبسه بغير حق، أو يكون عادلة و حبسه بحق، و اذا انقسم الي هذا لم يحبسه بالشك، و الأول أصح عندنا، فعلي هذا لم يطلقه، و من قال بالثاني أطلقه حتي يعرف العدالة.» «2»

3- المحقق الحلي: «اذا أقام المدعي بيّنة، و لم يعرف الحاكم عدالتها، فالتمس المدعي حبس المنكر، ليعدّلها، قال الشيخ: يجوز حبسه لقيام البينة بما ادعاه، و فيه اشكال:

من حيث لم يثبت بتلك البينة حتي يوجب العقوبة.» «3»

4- العلامة الحلي: «بعد قول الشيخ: و الوجه عندي الثاني- أي عدم جواز الحبس- لنا ان شرط قبول البيّنة و الحكم بهذا، العدالة، فالجهل بها جهل بالشرط فلا يجوز الحكم و اصالة العدالة ممنوع في مثل هذا لاشتماله علي التسلّط علي الغير بسبب لم يثبت» «4».

5- و قال في التحرير: «و لو اقام المدعي البينة و لم يثبت عدالتها و سأل حبس غريمه أو مطالبته بكفيل حتي يثبت عدالتها، لم يكن له ذلك. اما لو أقام شاهدا واحدا و ثبت عدالته و كان الحق لا يثبت الّا

بشاهدين، لم يحبس الغريم أيضا و لو كان يثبت بشاهد و يمين ثم سأل ذلك، قال الشيخ: يجاب اليه لأنه يمكنه اثبات حقه باليمين و ليس بجيد لأنه الزام بحق لم يثبت موجبه.» «5»

6- و قال في القواعد: «و لو سأل المدعي حبس الغريم بعد سماع بينته الي أن يثبت

______________________________

(1). المبسوط 8: 255.

(2). المبسوط 8: 93.

(3). شرايع الإسلام 4: 75.

(4). المختلف 8: 433 المسألة 37.

(5). تحرير الاحكام 2: 187.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 456

العدالة قيل: جاز لقيام البينة بدعواه و الأقرب المنع.» «1»

7- و قال ولده فخر المحققين: «الأقرب المنع من حبسه كاختيار والدي المصنف، لأن شرط قبول البينة و الحكم بها العدالة، و الجهل بالشرط يستلزم الجهل بالمشروط، فلا يجوز الحكم به، و اصالة العدالة ممنوع، و لأن الحبس عذاب فلا يلزم معصوما لم يتوجه عليه حق، و لأنه لو جاز ذلك لتمكن كل حاكم من حبس من شاء من الناس بغير حق.» «2»

أقول: و في استدلاله الأخير نظر و تأمل، لأن البحث في الحاكم العدل، و معه فكيف يحبس بغير حق؟!

8- الفاضل الهندي: «.. و الاقرب المنع لمنع قيام البينة، و لا يجوز تعجيل العقوبة قبل ثبوت السبب.» «3»

9- الامام الخميني: «لو أقام البيّنة علي حقّه و لم يعرفهما الحاكم بالعدالة فالتمس أن يحبس المدعي عليه حتي يثبت عدالتهما، قيل: يجوز حبسه، و الأقوي عدم الجواز، بل لا يجوز مطالبة الكفيل منه و لا تأمين المدعي به، أو الرهن في مقابل المدعي به.» «4»

10- السيد الگلپايگاني: بعد نقل كلام المحقق الحلي: «.. في ذلك كلّه نظر اذ لا يقتضي شي ء من هذه الوجوه جواز حبسه و لا سيما في حال استلزام

ذلك بقائه في السجن مدّة من الزمن، فالحقّ- وفاقا للمشهور- عدم جواز حبسه قبل ثبوت الحق، بل هو كذلك حتي علي القول بمانعية الفسق، لأنه و لو سلم تمامية قاعدة المقتضي و المانع، لا يحصل القطع بالحق ما لم يقطع بعدم المانع علي أن مقتضي القول بتمامية القاعدة في المقام هو الحكم رأسا، لا الحبس ريثما يثبت الحق، و بالجملة فما لم يثبت عدالة البينة لا يجوز الحبس.» «5»

______________________________

(1). قواعد الاحكام 2: 206.

(2). إيضاح الفوائد 4: 317.

(3). كشف اللثام 2: 152.

(4). تحرير الوسيلة 2: 378 مسألة: 17.

(5). كتاب القضاء 2: 164.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 457

أقول: و الترجيح لقول المشهور لأن الحق انما يثبت بالبينة العادلة، و لم يتحقق، فلم يثبت ما يوجب العقوبة التي منها الحبس، الّا أن يقال: بأن الحبس هنا للاستظهار، لكن نقول: لا دليل علي جوازه الّا في موارد معدودة خاصة، منها: تهمة الدم، علي الخلاف الذي مرّ، و للتفصيل يراجع الجواهر. «1»

آراء المذاهب الاخري

11- الشافعي: «و لو شهد عليه أنه قذفها، حبس حتي يعدّلوا» «2».

12- الفيروزآبادي: «فان سأل المدعي أن يحبسه حتي يثبت عدالتهم حبس.» «3»

13- ابن قدامة: «اذا ادعي انسان علي انسان حقا و أقام به شاهدين فلم يعرف الحاكم عدالتهما، فسأل حبس غريمه حتي تثبت عدالة شهوده، اجيب الي ذلك، لأن الظاهر من المسلمين العدالة، و لأن الذي علي الغريم قد أتي به و أنما بقي ما علي الحاكم و هو الكشف عن عدالة الشهود. و ان أقام شاهدا واحدا و سأل حبس غريمه ليقيم شاهدا آخر و كان الحق مما لا يثبت الّا بشاهدين لم يحبس المدعي عليه لان البينة ما تمت و الحبس عذاب فلا

يتوجه عليه دون تمام البينة.

و ان كان الحق مما يثبت بشاهد و يمين، ففيه و جهان: احدهما: يحبس له، لان الشاهد الواحد حجة في المال و انما اليمين مقوية له، الثاني: لا يحبس؛ و هو الصحيح، لأنه ان حبس ليقيم شاهدا آخر يتم به البيّنة فهو كالحقوق التي لا تثبت الّا بشاهدين، و ان حبس ليحلف معه فلا حاجة اليه، فان الحلف ممكن في الحال، فان حلف ثبت حقه و الّا لم يجب شي ء، و يحتمل ان يقال: ان كان المدعي باذلا لليمين، و التوقف لأجل اثبات عدالة الشاهد، حبس لما ذكرنا في التي قبلها، و ان كان التوقف عن الحكم بغير ذلك لم يحبس لما ذكرناه، قال القاضي: و كل موضع حبس فيه بشاهدين، استديم الحبس حتي يثبت عدالة الشهود، أو فسقهم، و كل موضع حبس فيه بشاهد

______________________________

(1). جواهر الكلام/ القضاء 40: 93.

(2). الام 8: 214.

(3). التنبيه: 255.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 458

واحد، فانه يقال للمشهود له: ان جئت بشاهد آخر الي ثلاث و الّا اطلقناه.» «1»

14- النووي: «و ان شهد له شاهدان و لم تثبت عدالتهما في الباطن فسأل المدعي ان يحبس الخصم الي أن يسأل عن عدالة الشهود ففيه و جهان: احدهما، و هو قول أبي اسحاق، و هو ظاهر المذهب: انه يحبس، لان الظاهر العدالة و عدم الفسق. و الثاني، و هو قول أبي سعيد الاصطخري: انه لا يحبس، لان الأصل براءة ذمته، و اذا شهد له شاهد واحد و سأل ان يحبسه الي أن يأتي بشاهد آخر ففيه قولان: احدهما: أنه يحبس، كما يحبس اذا جهل عدالة الشهود. الثاني: انه لا يحبس، و هو الصحيح.

و قال أبو اسحاق:

ان كان الحق ما يقضي فيه بالشاهد و اليمين حبس قولا واحدا.» «2»

15- المرداوي: «و ان سأل المدعي حبس المشهود عليه حتي يزكي شهوده فهل يحبس؟ علي وجهين: اطلقهما في المغني، و الشرح، و شرح ابن منجا، احدهما: يجاب و يحبس، و هو المذهب، صححه في التصحيح و جزم به في الوجيز و غيره، و قدمه في المحرر و النظم و الرعايتين و الحاوي الصغير و الفروع و غيرهم، قال في الهداية و المذهب:

احتمل ان يحبس و اقتصر عليه، قال في الخلاصة: و في حبسه احتمال و اقتصر عليه، و الوجه الثاني: لا يحبس، و قيل: لا يحبس الّا في المال، ذكره في الرعاية.» «3»

مدة الحبس
اشارة

ثم علي فرض القول بالحبس فكم مدته؟ فعن الشيخ الطوسي انه يحبس حتي يتبين عدالتهما أو جرحهما و به قال بعض السنة.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «فان أتي بشاهدين و لم يعرف عدالتهما و قال: احبسه لي حتي

______________________________

(1). المغني 9: 328.

(2). المجموع 20: 161.

(3). الانصاف 11: 292- انظر 217.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 459

يعدّلا، حبسناه. فكل موضع حبسناه بشاهدين، فلا يزال في الحبس حتي يتبين عدالتهما أو جرحهما» «1».

آراء المذاهب الاخري

2- ابن قدامة: «قال القاضي: و كل موضع حبس فيه بشاهدين استديم الحبس حتي تثبت عدالة الشهود أو فسقهم. و كل موضع حبس فيه بشاهد واحد فانه يقال للمشهود له: ان جئت بشاهد آخر الي ثلاث و الّا اطلقناه.» «2»

3- المرداوي: «.. مدة الحبس ثلاثة ايام علي الصحيح من المذهب، جزم به في الوجيز و غيره، و قدّمه في المحرر و النظم و الفروع و غيرهم، و قيل: يحبس الي أن يزكي شهوده و قدمه في الرعاية. و قيل: القول باطلاق ذلك ظاهر الفساد، و هو كما قال..» «3»

الفصل الثالث عشر الحبس في النكول

و فيه فروع:
الفرع الاول: حبس الناكل عن اليمين في الدين للميت، و الوارث الناكل عن اليمين في الوصية
اشارة

. و قد أورده الشيخ في المبسوط، و أفتي بالحبس فيهما، و به قال الشيخ البهائي في (جامع عباسي) كما دافع في الجواهر عن رأي شيخ الطائفة- رضوان اللّه عليه- و أورده ابن قدامة و المرداوي، و لكن خالفه جماعة كالمحقق الحلي في الشرائع، و العلامة في القواعد، و ولده فخر المحققين في الشرح و المحقق الكركي في جامع المقاصد، و الفاضل

______________________________

(1). المبسوط 8: 255.

(2). المغني 9: 328.

(3). الانصاف 11: 292.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 460

الهندي في كشف اللثام و السيد العاملي في مفتاح الكرامة. و احتج بعضهم في رده:

بأنه عقوبة لم يثبت سببها، كما ردّها الآخرون؛ نظرا لمخالفتهم معه في أصل المبني، و الحكم بمجرد النكول. و إليك الأقوال:

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «ذكرت مسائل لا يمكن ردّ اليمين فيها: احداها: أن يموت رجل و لا يخلف وارثا مناسبا، فالمسلمون ورثته، فوجد الحاكم في روزنامجه دينا له علي رجل او شهد شاهد واحد بذلك، فأنكر من عليه الدين، فالقول قوله مع يمينه فان حلف سقط الحق، و ان لم يحلف لم يمكن ردّ اليمين، لأن الحاكم لا يمكنه أن يحلف عن المسلمين، و المسلمون لا يتأتي منهم الحلف لأنهم لا يتعينون. و قال بعضهم: يحكم بالنكول و يلزمه الحق، لأنه موضع ضرورة، و قال آخرون، و هو الصحيح عندهم: انه يحبس حتي يحلف أو يقر. و الذي يقتضيه مذهبنا أنه يسقط هذا، لان ميراثه للإمام.

و عندنا انه لا يجوز أن يحلف احد عن غيره و لا بما لا يعلمه، فلا يمكنه اليمين مع أن الامام لا يحلف، فيحبس المدين حتي يعترف فيؤدي أو يحلف و ينصرف.

الثانية: اذا مات رجل و أوصي الي رجل

فادعي الوصي علي الورثة: أن أباهم أوصي بشي ء للفقراء و المساكين فأنكروا ذلك، فالقول قولهم، فان حلفوا سقطت الدعوي و ان نكلوا لم يمكن ردّ اليمين، لأن الوصي لا يجوز أن يحلف عن غيره، و الفقراء و المساكين لا يتعينون و لا يتأتي منهم الحلف، فما الذي يفعل؟ قال قوم: يحكم بالنكول، و يلزم الحق، لأنه موضع ضرورة. و قال آخرون: يحبس الورثة حتي يحلفوا، أو يعترفوا؛ و هو الذي نقوله.» «1»

2- المحقق الحلي: «السابعة: لو مات و لا وارث له، و ظهر شاهده بدين، قيل يحبس حتي يحلف أو يقرّ لتعذّر اليمين في طرف المشهود له، و كذا لو ادعي الوصي أن الميّت أوصي للفقراء و شهد واحد فأنكر الوارث. و في الموضعين اشكال، لأن الحبس عقوبة

______________________________

(1). المبسوط 8: 214- انظر ص 191.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 461

لم يثبت موجبها.» «1»

3- العلامة الحلي: «و لو شهد للميت واحد بدين و لا وارث له، قيل يحبس حتي يحلف او يقر، لتعذر اليمين من المشهود له، و كذا لو ادعي الوصي الوصية للفقراء و أقام شاهدا فأنكر الوارث، و فيه نظر «2». و قال أيضا: و لو ادعي القاضي مالا لميت لا وارث له علي انسان فنكل، احتمل حبسه حتي يحلف أو يقرّ، و القضاء عليه، و تركه.» «3»

4- ابن العلامة في شرح قول والده: «و فيه نظر- أي في هذين الحكمين-، و وجهه: ان السجن عقوبة لم يثبت سببها، لأن الشاهد الواحد لا يوجب الحبس، و لا المال، و كلما تعذرت البينة، و ما يقوم مقامها، فاليمين علي المدعي عليه لا غير، فليس عليه الّا اليمين..» «4»

و قال أيضا في شرح كلام والده

حيث قال: «و لو ادعي القاضي..».

أقول: هذه المسألة ذكرها الشيخ في المبسوط و ذكر فيها قولين: احدهما اوّل الاحتمالات التي ذكرها المصنف انه يحبس حتي يحلف أو يقرّ لعدم تمكن القاضي من الحلف لعدم علمه و لأنه اثبات مال لغيره و لا يقضي بالنكول علي قول من يقول بعدم القضاء، و لا يمكن اهمال مال بيت المال، اما علي عدمه و عليه: هذا التفريع ان يقضي عليه بنكوله لتعذر الرد هنا و استحالة تعطيل الحكم و هذا الاحتمال هو احد القولين اللذين ذكرهما الشيخ. و الاحتمال الثالث: و هو تركه، لم يذكره الشيخ في المبسوط، و وجهه: ان الحبس عقوبة لم يثبت سببها لأنها لأداء حق امتنع عليه، و لم يثبت، و الحق لم يثبت بمجرد النكول لأنا نبحث علي هذا التقدير، فهذه دعوي تعذر اثباتها.» «5»

6- الشيخ البهائي: «لا يمكن ردّ الحلف في مواضع ثلاث:.. الثاني: لو ادعي وصي

______________________________

(1). شرايع الإسلام 4: 92.

(2). قواعد الاحكام 2: 212- انظر كشف اللثام 2: 166 و 162- جامع المقاصد 2: 229.

(3). قواعد الاحكام 2: 215.

(4). إيضاح الفوائد 4: 342.

(5). إيضاح الفوائد 4: 356.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 462

اليتيم ان الميت أوصي اليه مالا للفقراء، أو بخمس أو زكاة أو حجّ و انكرها الوارث، و امتنع من الحلف، فهنا يحبس المنكر الي أن يقر أو يحلف.

الثالث: ان يكون الامام وارث الميت. فلا يشرع هنا حلف الامام، بل يحبس المنكر الي أن يحلف أو يحكم بنكوله.» «1»

7- الفاضل الهندي، بعد كلام الشيخ الطوسي: «و فيه نظر لأنه عقوبة لم يثبت سببها، و هل يحكم بالنكول، أو يقف الحاكم حتي يقر؟ و جهان» «2».

8- السيد محمد جواد العاملي

بعد كلام الشيخ الطوسي: «و نحن نقول: لما كان المختار عندنا القضاء بالنكول سهل علينا الأمر، كما انه رجع اليه هنا من خالفنا عليه كالشهيدين و غيرهم في هذه المسائل الثلاث.» «3»

9- الشيخ محمد حسن النجفي دفاعا عن الشيخ، و ردّا لكلام المحقّق الحلي حيث قال: لأن السجن عقوبة لم يثبت موجبها. قال: «- و فيه أن موجبها اقتضاء الدعوي المسموعة من المنكر اليمين أو الأداء بعد تعذّر الرد و احتمال سقوط اليمين باحتمال كون الحق عليه مركبا من الحلف أو الرد. فتعذر الرد يسقط استحقاق الخصوصية، و ليس هو كالواجب المخير الذي يتعين احد فرديه بتعذر الآخر و انما هو من الحقوق المستحقة له و عليه- واضح الضعف ضرورة اطلاق الأدلة استحقاق اليمين علي المنكر و المدعي عليه، و استحقاق الرد انما جاء بنصوص اخر ظاهرة في استحقاقه علي من يصح الرد عليه، فينبغي حينئذ استحقاق اليمين علي المنكر من حيث كونه كذلك علي حسب ما استفيد من الاطلاق الأول و ليس في ادلة الرد ما يقتضي لزوم ذلك للمنكر من حيث كونه منكرا علي حسب استحقاق اصل اليمين عليه، كما هو واضح بأدني تأمل.

و حينئذ فالحبس المذكور في كلام الشيخ الذي وافقه عليه الشهيد في الدروس متّجه» «4».

______________________________

(1). جامع عبّاسي: 361.

(2). كشف اللثام 2: 162.

(3). مفتاح الكرامة 10: 117.

(4). جواهر الكلام 40: 266- و قد تعرض النراقي في المستند 2: 575 للمسألتين، فراجع. انظر القضاء للسيّد الگلپايگاني 1: 435.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 463

أقول: يشكل الحبس، لما ذكره المحقق و العلامة و الفاضل الهندي و غيرهم، ثم يدور الأمر بين الحكم بمجرّد النكول كما عليه جماعة، أو الايقاف عن الحكم. فان

كان المبني في باب القضاء هو الحكم بمجرد النكول، فهنا كذلك.

آراء المذاهب الاخري

10- ابن قدامة: «كما لو مات من لا وارث له فوجد الامام في دفتره دينا له علي انسان فطالبه به فأنكره و طلب منه اليمين، فانكره، فانه لا خلاف أن اليمين لا ترد و قد ذكر اصحاب الشافعي في هذا: أنه يقضي بالنكول في احد الوجهين و في الآخر يحبس المدعي عليه حتي يقرّ أو يحلف، و كذلك لو ادّعي رجل علي ميت انه وصّي اليه بتفريق ثلثه، و انكر الورثة و نكلوا عن اليمين.. ثم قال: فعلي هذا اذا نكل عن اليمين، قال له الحاكم: إن حلفت و إلّا قضيت عليك ثلاثا، فان حلف و الّا قضي عليه.» «1»

11- المرداوي: «و ان ادّعي وصيّ وصية للفقراء، فأنكره الورثة حبسوا، علي الصحيح من المذهب.» «2»

الفرع الثاني: حبس المدعي عليه الناكل عن اليمين مع عدم البينة للمدعي
اشارة

و هو رأي أبي حنيفة و ابن أبي ليلي، حيث يقولان: بحبسه ابدا حتي يقر بالحق أو يحلف علي نفيه.

و لكن فقهاؤنا الامامية- رضوان اللّه عليهم- بين ردّ اليمين علي المدعي ثم الحكم، و الحكم عليه بمجرد النكول من دون الردّ، نافين فيه الحبس.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «اذا ادعي رجل علي رجل حقا و لا بيّنة له، فعرض اليمين علي المدعي عليه، فلم يحلف و نكل، ردّت اليمين علي المدعي، فيحلف و يحكم له، و لا يجوز الحكم علي المدعي عليه بنكوله، و به قال الشعبي و النخعي و مالك و الشافعي، و قال

______________________________

(1). المغني 9: 236.

(2). الانصاف 12: 113.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 464

أبو حنيفة و اصحابه: لا تردّ اليمين علي المدعي بحال، فان كان التداعي في مال كرّر الحاكم اليمين علي المدعي عليه ثلاثا، فان حلف، و الّا قضي عليه بالحق بنكوله، و ان كان في قصاص. و قال أبو حنيفة: يحبس المدعي عليه ابدا حتي يقرّ بالحق أو يحلف علي نفيه، و قال ابن أبي ليلي: يحبس المدعي عليه في جميع المواضع حتي يحلف أو يقرّ..» «1»

2- و قال في المبسوط: «من ادعي مالا أو غيره، و لا بيّنة له، فتوجهت اليمين علي المدعي عليه، فنكل عنها، فانه لا يحكم عليه بالنكول، بل يلزم اليمين المدعي، فيحلف و يحكم له بما ادعاه، و به قال جماعة. و قال بعضهم: ان كان ذلك فيما يحكم فيه بشاهد و امرأتين و بشاهد و يمين يردّ فيه اليمين علي المدعي، و ما لا يحكم بذلك فيه لا يرد اليمين، بل يحبس المدعي عليه حتي يحلف أو يعترف.

و قال قوم: ان كان ذلك في

المال كرّر علي المدعي عليه ثلاثا، ثم يحكم عليه بالمال، و ان كان من القصاص لا يحكم عليه بالنكول، بل يحبس حتي يقرّ أو يحلف، و قال بعضهم: يحكم عليه بالدية دون القود، و ان كان ذلك في النكاح و النسب، فانه لا يستحلف في هذه الحقوق، فان كان معه بيّنة حكم له، و ان لم يكن معه بيّنة سقطت المطالبة، و قد قلنا: ان مذهبنا الأول.» «2»

3- و قال في النهاية: «و ان قال: لا بيّنة لي، قال له: فما تريد؟ فان قال: تأخذ لي بحقّي من خصمي، قال للمنكر: أ تحلف له؟ فان قال: نعم، أقبل علي صاحب الدعوي، فقال له: قد سمعت، أ فتريد يمينه؟ فان قال: لا، أقامهما، و نظر في حكم غيرهما، و ان قال: نعم، اريد يمينه، رجع اليه، فوعظه و خوّفه باللّه، فان اقرّ الخصم بدعواه، ألزمه الخروج اليه من الحق، و ان حلف، فرّق بينهما و ان نكل عن اليمين، ألزمه الخروج الي خصمه مما ادعاه عليه.» «3»

4- السيد ابن زهرة: «و ان لم يكن له بيّنة، قال له: ما تريد؟ فان امسك، أقامهما،

______________________________

(1). الخلاف 6: 290 مسألة 38.

(2). المبسوط 8: 212.

(3). النهاية: 339.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 465

و ان قال: أريد يمينه، قال: أ تحلف؟ فان قال: نعم، خوّفه اللّه تعالي من عاقبة اليمين الفاجرة في الدنيا و الآخرة.. و ان نكل المدعي عليه عن اليمين ألزمه الخروج الي خصمه مما ادعاه.» «1»

5- المحقق الحلي: «اما المدعي و لا شاهد له، فلا يمين عليه الّا مع الرد، أو مع النكول علي قول. فان ردّها المنكر. توجّهت، فيحلف علي الجزم. و لو نكل سقطت دعواه

اجماعا.» «2»

6- العلامة الحلي: «و ان قال: لا بيّنة لي، عرّفه الحاكم أن له اليمين.. و اذا حلف المنكر سقطت الدعوي عنه … و ان ردّ المنكر اليمين علي المدّعي، فان حلف، ثبت دعواه، و ان نكل سقطت، و لو نكل المنكر بمعني انّه لم يحلف و لم يرد، قال له الحاكم: ان حلفت و الّا جعلتك ناكلا، ثلاث مرات استظهارا لا فرضا، فان اصرّ فالأقرب: ان الحاكم يردّ اليمين علي المدعي فان حلف ثبت حقه، و ان امتنع سقط، و قيل يقضي بنكوله مطلقا.» «3»

7- السيد الگلپايگاني فانه قال بعد نقل ادلة الطرفين و مناقشته للمحقق و صاحب الجواهر قال: «لكنا ذكرنا سابقا بأن اليمين توجب الاطمئنان نوعا بصدق الحالف، و إن الامتناع منها يكشف- نوعا- عن الكذب، فهي مؤثرة وجودا و عدما، فميزان القضاء هو بيّنة المدعي و يمين المنكر أو نكوله عن اليمين.» «4»

أقول: قد عرفت أن رأي الشيخ في المبسوط و الخلاف هو عدم جواز القضاء بمجرد النكول، و هو قول جماعة من المتقدمين، و لكنه في النهاية يري الحكم و لزوم خروج المدعي عليه الي خصمه مما ادعاه، بمجرد النكول، و تبعه ابن زهرة، ففي المسألة قولان لا اكثر، و علي كلا التقديرين لا مورد للحبس. خلافا لبعض العامة، لكن هل يشمل الأموال و الفروج و القصاص مطلقا، أو انه مختص بالأموال، أو الفروج و القصاص

______________________________

(1). غنية النزوع: 445.

(2). شرايع الإسلام 4: 89- انظر الجواهر 40: 247.

(3). قواعد الاحكام 2: 209.

(4). كتاب القضاء 1: 327.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 466

دون النفس؟

آراء المذاهب الاخري

8- المدونة: «ان مالكا قال لي: اذا جرح الرجل رجلا عمدا فأتي المجروح بشاهد علي جرحه، حلف

و اقتص. فان نكل عن اليمين، قيل للجارح: احلف و ابرأ فان لم يحلف حبس حتي يحلف و كذلك القتل عندي.» «1»

9- الشافعي: «قلت له: فكيف تزعم أن النكول يقوم مقام الاقرار، فان ادّعيت علي رجل كثيرا، و قلت: فقأ عين غلامي، أو قطع يده أو رجله؛ فلم يحلف، قضيت عليه بالحق و الجراح كلها، فان ادعيت انه قتله قلت القياس اذا لم يحلف أن يقتل و لكن استحسن فاحبسه حتي يقرّ فيقتل أو يحلف فيبرأ.» «2»

10- ابن حزم: «فان لم يكن للطالب بيّنة، و أبي المطلوب من اليمين، اجبر عليها، أحبّ أم كره، بالأدب، و لا يقضي عليه بنكوله في شي ء من الأشياء أصلا، و لا ترد اليمين علي الطالب، و لا ترد اليمين اصلا في ثلاثة مواضع فقط … و قال ابو حنيفة:

يقضي علي الناكل عن اليمين في كل شي ء من الأموال و الفروج و القصاص فيما دون النفس، حاشا القصاص في النفس فلا يقضي فيه بنكول المطلوب، و لا ترد اليمين علي الطالب، لكن يسجن المطلوب حتي يحلف أو يقرّ. و قال زفر: اقضي في النكول في كل شي ء و في القصاص في النفس و ما دون النفس، و هو قول أبي يوسف و محمد في احد قوليهما. قال الحسن بن حي: فيمن ادعت عليه امرأته طلاقا، أو ادعت عليه امته أو عبده عتاقا، و قام عليه بذلك شاهد واحد عدل. انه يقال له: احلف ما طلّقت و لا اعتقت و تبرأ، فان نكل قضي عليه بالطلاق و العتق، و قال مرة اخري: يسجن حتي يطول أمره و حدّ ذلك بسنة ثم يطلق، و مرة قال: يسجن أبدا حتي يحلف.» «3»

الفرع الثالث: حبس المدعي عليه الناكل عن الجواب و التفسير:
اشارة

______________________________

(1).

المدونة الكبري 6: 416.

(2). الام 7: 39.

(3). المحلي 9: 373 مسألة: 1783.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 467

و قد نص عليه كبار فقهائنا كالشيخ المفيد في المقنعة، و الشيخ الطوسي في النهاية، و المحقق الحلي في الشرائع و العلامة في القواعد و التذكرة و الشهيد الثاني في المسالك و الروضة، و السيد في الرياض، و قد نقل في مفتاح الكرامة عن خمسة و عشرين كتابا من الفقهاء. و من المعاصرين كالسيد الاصفهاني في الوسيلة و السيد الامام الخميني و السيد الگلپايگاني و الشيخ الوالد في تعاليقهم علي الوسيلة، و القرافي من السنة في الفروق.

و هو المشهور كما في المفتاح، بل لا خلاف فيه كما في الجواهر، و اضاف البعض انه يضيّق عليه في الحبس كما في الرياض.

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و كذلك ان أقرّ بشي ء و لم يبيّنه كأنه يقول: له عليّ شي ء و لا يذكر ما هو، فيلزمه الحاكم بيان ما أقرّ به، فان لم يفعل حبسه حتي يبيّن.» «1»

2- المحقق الحلي: «و يقبل الاقرار بالمبهم و يلزم المقر بيانه، فان امتنع، حبس و ضيّق عليه حتي يبين.» «2»

3- يحيي بن سعيد: «و ان اقرّ بشي ء و لم يبينه حبس حتي يبين.» «3»

4- العلامة الحلي: «اذا قال: علي شي ء، طولب بالبيان و التفسير، فان امتنع، فالأقرب أنه يحبس حتي يبيّن، لأن البيان واجب عليه، فاذا امتنع منه، حبس عليه كما يحبس علي الامتناع من أداء الحق، و هو احد وجوه الشافعية. و الثاني لهم: أنه لا يحبس، بل ينظر ان وقع الاقرار بالمبهم في جواب دعوي و امتنع عن التفسير، جعل ذلك انكارا منه، و تعرض اليمين عليه، فان اصرّ جعل ناكلا عن

اليمين و حلف المدعي، و ان اقرّ ابتداء، قلنا للمقرّ له: ادّع عليه حقك فاذا ادّعي فأقرّ بما ادعاه أو انكر، اجرينا عليه حكمه، و ان قال: لا ادري، جعلناه منكرا، فان اصرّ جعلناه ناكلا،

______________________________

(1). المقنعة: 725- و مثله الشيخ الطوسي في النهاية: 342.

(2). شرايع الإسلام 3: 152.

(3). الجامع للشرائع: 524.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 468

لأنه اذا امكن تحصيل الغرض من غير حبس لا يحبس.

و الثالث: انه ان اقرّ بغصب و امتنع من بيان المغصوب، حبس، و ان اقرّ بدين مبهم، فالحكم كما ذكرناه في الوجه الثاني، و قال بعض الشافعية: اذا قال: عليّ شي ء و امتنع من التفسير لم يحبس، و ان قال: عليّ ثوب أو فضة أو طعام و لم يبيّن حبس بناء علي ما لو فسر الشي ء بالخمر أو الخنزير، قبل، فحينئذ لا يتوجه بذلك مطالبة و لا حبس.» «1»

5- و قال في القواعد: «اذا قال: له علي شي ء، الزم البيان.. و لو امتنع من التفسير حبس حتي يبين، و قيل يجعل ناكلا فيحلف المدعي.» «2»

6- الشهيد الثاني: «و لو امتنع من التفسير حبس و عوقب عليه حتي يفسر لوجوبه عليه.» «3»

7- و قال في المسالك: «فاذا قال: له عليّ مال، رجع في تفسيره اليه، فان فسّره بتفسير صحيح، قبل منه، و ان امتنع حبس حتي يبين لأن البيان واجب عليه، كما يحبس علي الامتناع من أداء الحق. الّا أن يقول: نسيت مقداره، فلا يتجه الحبس، بل يرجع الي الصلح، أو يصبر عليه حتي يتذكر.» «4»

8- السيد الطباطبائي: «و ان امتنع عن البيان حبس و ضيّق عليه حتي يبيّن إلّا أن يدعي النسيان» «5».

9- السيد محمد جواد العاملي، قال في

الحواشي: «الأول هو المشهور، و قد تقدم في أوائل المطلب الرابع حكاية القول بالحبس عن خمسة و عشرين كتابا بملاحظة الباب و باب القضاء في الكتاب، و انه نسب الي المتأخرين في المسالك و الكفاية، و ان في الشرائع و التحرير: انه المروي. «6» و قال أيضا: فان امتنع حبس حتي يبين كما في المقنعة

______________________________

(1). تذكرة الفقهاء 2: 151- باب الاقارير المجهولة.

(2). قواعد الاحكام 1: 280.

(3). الروضة البهية 6: 390.

(4). مسالك الافهام 11: 29.

(5). رياض المسائل 15: 85.

(6). مفتاح الكرامة 9: 266.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 469

و النهاية و الخلاف و المراسم و الوسيلة و الشرائع و المختصر النافع و التحرير و الارشاد، و شرح الارشاد و المسالك و الروضة البهية و المفاتيح، و هو مذهب المتأخرين، كما في الشرائع و التحرير، الي أن قال: قد تتبعت الوسائل في الباب فما وجدت ما يصلح دليلا في المقام سوي الخبر المشهور، و هو قوله (ص): ليّ الواجد يحل عرضه و عقوبته، و في نقل آخر، و حبسه بدل عقوبته، و لا تفاوت اذ العقوبة بعض انواعها الحبس، وجه الدلالة ان الواجب عليه الجواب، و هو حق امتنع مع قدرته، و يمكن أن يقال علي تقدير تسليم حجيتها لأن كانت مشهورة بين الفريقين، أنّها ظاهرة في الحق المالي الثابت و نحوه لا في مثل الجواب و نحوه، فتأمل.» «1»

10- الشيخ محمد حسن النجفي: «اذا قال: له عليّ مال الزم التفسير- بلا خلاف اجده فيه، بل و لا اشكال، اذا كان المراد منه ما يشمل الإلزام بدفع أقل ما يصدق عليه، فان امتنع مع قدرته عليه، حبس وفاقا للمشهور فيه.» «2»

11- السيد الاصفهاني: «يصح الاقرار بالمجهول

و المبهم، و يقبل من المقر و يلزم، و يطالب بالتفسير و البيان و رفع الإبهام، و يقبل منه ما فسّره به، و يلزم به لو طابق تفسيره مع المبهم بحسب العرف و اللغة، و امكن بحبسهما أن يكون مرادا منه.» «3»

12- السيد الخوئي: «و لو قال: له عليّ مال الزم به، فان فسّره بما لا يملك لم يقبل.» «4»

آراء المذاهب الاخري

13- القرافي: «.. من أقر بمجهول، عينا أو في الذمة و امتنع من تعيينه فيحبس حتي يعيّنهما، فيقول: المعين هو هذا الثوب، أو هذه الدابة و نحوهما أو الشي ء الذي

______________________________

(1). مفتاح الكرامة 10: 86.

(2). جواهر الكلام 35: 47 و 33.

(3). وسيلة النجاة 2: 157- انظر وسيلة النجاة (مع تعاليق السيد الگلپايگاني) 2: 231 و تحرير الوسيلة 2:

45.

(4). منهاج الصالحين 2: 236.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 470

اقررت به هو دينار في ذمتي.» «1»

الفرع الرابع: حبس المدعي عليه لو انكر وجود المحكوم به:

1- العلامة الحلي: «المحكوم به اذا كان غائبا، فان كان دينا ميّزه بالقدر و الجنس و ان كان عقارا ميّزه بالحد، اما ما عداها من الاقمشة و الرقيق و الحيوان، احتمل الحكم علي غيبة بعد تمييزه بالصفات النادرة الاشتراك- خصوصا اذا عسر اجتماعهما كالمحكوم عليه، و احتمل تعلق الحكم بالقيمة فلا يجب ذكر الصفات، و يحتمل عدم الحكم بل يسمع البينة، و يكتب الي القاضي الآخر ليستلم العبد الموصوف اليه ليحمله الي بلد الشهود ليعينوه بالاشارة، و لا يجب علي سيد العبد ذلك بل يكلّف المدعي احضار الشهود، ليشهدوا بالعين، فان تعذّر احضارهم لم يجب حمل العبد الي بلدهم، و لا بيعه علي من يحمله، و لو رأي الحاكم ذلك صلاحا جاز، فان تلف العبد، قبل الوصول أو بعده و لم يثبت دعواه، ضمن المدعي قيمة العبد و اجرته، و اذا حمله الحاكم للمصلحة الزم الغريم بكفيل، ليأخذ العبد من صاحب اليد.. ثم يستردّها ان ثبت ملكه فيه، و لو كان المحكوم عليه و العبد حاضرين إلّا أن المدعي عليه لم يحضر مجلس الحكم، طولب باحضاره بعد قيام الحجة بالصفة، و إن عرف القاضي العبد، حكم بعلمه من دون الاحضار و

ان انكر وجود مثل هذا العبد في يده طولب المدعي بالبينة علي أنه في يده فان أقام أو حلف بعد النكول «2» حبس الي أن يحضره، أو يدعي التلف.» «3»

2- و قال في القواعد: «.. و لو انكر مثل هذا العبد الموصوف في يده فعلي المدعي البينة علي انه في يده، فان اقام أو حلف بعد النكول، حبسه الي أن يحضره و يخلد عليه الحبس الي أن يحضره أو يدعي التلف، فيقبل منه القيمة، و يقبل دعوي التلف للضرورة لئلا يخلد الحبس.» «4»

______________________________

(1). الفروق 4: 80.

(2). انه لم يحلف و لم يرد اليمين علي المدعي.

(3). تحرير الاحكام 2: 187.

(4). قواعد الاحكام 2: 216.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 471

3- قال ولده فخر المحققين في شرح عبارة والده «أقول: تقرير هذه المسألة انه اذا غصب منه عبدا و لم يدر المستحق أن العين باقية ليطالب بها أو تالفة ليطالب بقيمتها فان المستحق احدهما و كل منهما علي البدل فهل يسمع الدعوي علي التردد بأن يقول:

ادعي عبدا قيمته عشرة دنانير، فان كان باقيا فعليه ردّه و ان كان تالفا فعليه قيمته؛ فيه و جهان: احدهما لا يسمع لأنها غير جازمة بل يدعي العين و يحلف عليها ثم ينشئ دعوي القيمة و يحلف عليها، فان نكل المنكر عن اليمين علي العين حلف المدعي و حبس المنكر الي أن يحضرها أو يستأنف دعوي التلف و يسمع للضرورة فيضمن القيمة بغير يمين … » «1»

4- قال العاملي في شرح عبارة القواعد: «أي أنكر المدعي عليه غائبا كان أو حاضرا كون هذا العبد الذي قامت البينة عليه بالصفة، و هذا تفريع علي الاحتمال الأول، و المرجع في ذلك الي قاضي

بلد العبد، فالذي ينبغي أن يقال: إنّ قاضي بلد العبد ان علم ذلك العبد في ذلك البلد، سلّمه الي المدعي من دون حكومة، و كذا اذا ظنّ ظنّا شرعيا و الّا توقّف. فان ادعي المدعي ان العبد المحكوم به هذا العبد، فان صدّقه الزم و الّا الزمه القاضي بإظهار غيره علي تلك الصفة حيا أو ميّتا، ثم يقال: و ان انكر الي آخر ما ذكر المصنف» «2».

الفصل الرابع عشر حبس الشهود الي وقت صلاة العصر

الآيات و الروايات

«تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ» «3».

______________________________

(1). إيضاح الفوائد 4: 361.

(2). مفتاح الكرامة 10: 170.

(3). المائدة: 106.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 472

1- الكافي: «محمد بن احمد، عن عبد اللّه بن الصلت عن يونس بن عبد الرحمن، عن يحيي بن محمد قال: سألت أبا عبد اللّه (ع) عن قول اللّه عز و جل «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ إِذٰا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنٰانِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.»

قال: اللذان منكم، مسلمان، و اللذان من غيركم من أهل الكتاب، فان لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس، لأن رسول اللّه (ص) سنّ في المجوس سنّة اهل الكتاب في الجزية و ذلك اذا مات الرجل في ارض غربة، فلم يجد مسلمين، أشهد رجلين من أهل الكتاب يحبسان بعد الصلاة فيقسمان باللّه عز و جلّ «لٰا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كٰانَ ذٰا قُرْبيٰ وَ لٰا نَكْتُمُ شَهٰادَةَ اللّٰهِ إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ» - قال: و ذلك اذا ارتاب وليّ الميت في شهادتهما، فَإِنْ عُثِرَ عَليٰ أَنَّهُمَا شهدا بالباطل فليس له أن ينقض شهادتهما حتي يجي ء بشاهدين، فيقومان مقام الشاهدين الأولين، فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ لَشَهٰادَتُنٰا أَحَقُّ مِنْ شَهٰادَتِهِمٰا وَ مَا اعْتَدَيْنٰا إِنّٰا إِذاً لَمِنَ

الظّٰالِمِينَ، فاذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين و جازت شهادة الآخرين، يقول اللّه عزّ و جلّ: «ذٰلِكَ أَدْنيٰ أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهٰادَةِ عَليٰ وَجْهِهٰا أَوْ يَخٰافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمٰانٌ بَعْدَ أَيْمٰانِهِمْ». «1»

2- البرهان: «سعد بن عبد اللّه، قال: حدثنا احمد بن محمد بن عيسي، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن علي، عن حفص المؤدّب، عن أبي عبد اللّه (ع) في قول اللّه عزّ و جلّ: «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» فذلك اذا كان مسافرا فحضره الموت، أشهد ذوي عدل من أهل دينه «فان لم تجدوا فَآخَرٰانِ» ممن يقرأ القرآن من غير أهل ولايته «تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ عزّ و جلّ إِنِ ارْتَبْتُمْ لٰا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كٰانَ ذٰا قُرْبيٰ وَ لٰا نَكْتُمُ شَهٰادَةَ اللّٰهِ إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ» فَإِنْ عُثِرَ عَليٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقّٰا إِثْماً فَآخَرٰانِ يَقُومٰانِ مَقٰامَهُمٰا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيٰانِ من أهل ولايته فَيُقْسِمٰانِ بِاللّٰهِ لَشَهٰادَتُنٰا أَحَقُّ مِنْ شَهٰادَتِهِمٰا وَ مَا اعْتَدَيْنٰا إِنّٰا إِذاً لَمِنَ الظّٰالِمِينَ.» «2»

3- البيهقي: «اخبرنا ابو عبد اللّه الحافظ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، انبا

______________________________

(1). الكافي 7: ص 4 ح 6- انظر تفسير القمي 1: 189- العياشي 1: 348 ح 218- البرهان 1: 508 ح 4- الصافي 2: 95.

(2). البرهان 1: 509 ح 10 و الاية في سورة المائدة: 106 و 105.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 473

الربيع بن سليمان، أنبأ الشافعي انبا عبد اللّه بن مؤمّل عن ابن أبي مليكة قال: كتبت الي ابن عباس (رضي اللّه عنه) من الطائف في جاريتين ضربت احداهما الاخري و لا شاهد عليهما، فكتب إليّ: أن احبسهما بعد صلاة العصر ثم اقرأ عليهما: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ

اللّٰهِ وَ أَيْمٰانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا، ففعلت فاعترفت.» «1»

آراء المفسرين

1- الشيخ الطوسي: «ذكر الواقدي و ابو جعفر (ع): أن سبب نزول هذه الآية ما قال اسامة بن زيد، عن أبيه قال: كان تميم الداري و أخوه عدي نصرانيين و كان متجرهما الي مكة، فلما هاجر رسول اللّه (ص) الي المدينة قدم ابن ابي مارية مولي عمرو بن العاص المدينة و هو يريد الشام تاجرا فخرج هو و تميم الداري و اخوه عدي حتي اذا كانوا ببعض الطريق مرض ابن أبي مارية فكتب وصية بيده و دسّها في متاعه و أوصي اليهما و دفع المال اليهما، و قال: ابلغا هذا أهلي، فلما مات فتحا المتاع و اخذا ما اعجبهما منه ثم رجعا بالمال الي الورثة، فلما فتّش القوم المال، فقدوا بعض ما كان خرج به صاحبهم و نظروا الي الوصية فوجدوا المال فيها تاما و كلّموا تميما و صاحبه، فقالا:

لا علم لنا به و ما دفعه إلينا أبلغنا كما هو، فرفعوا أمرهم الي النبي (ص) فنزلت هذه الآية:.. و قوله: تحبسونهما: خطاب للورثة، و الهاء في (به) تعود الي القسم باللّه، و الصلاة المذكورة في هذه الآية قيل فيها ثلاثة أقوال: اوّلها: قال شريح و سعيد بن جبير و ابراهيم و قتادة، و هو قول أبي جعفر (ع): أنها صلاة العصر، الثاني: قال الحسن: هي الظهر و العصر، و كل هذا لتعظيم حرمة وقت الصلاة علي غيره من الأوقات و قيل لكثرة اجتماع الناس كان بعد صلاة العصر.

الثالث: قال ابن عباس: صلاة أهل دينهما يعني في الذميين لأنهم لا يعظمون أوقات صلاتنا.» «2»

2- أمين الإسلام الطبرسي: «المعني تحبسونهما من بعد صلاة العصر، لأن الناس

______________________________

(1). السنن الكبري 10:

178- انظر الام 7: 37 و فيه: ففعل فاعترفت.

(2). تفسير التبيان 4: 42.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 474

كانوا يحلفون بالحجاز بعد صلاة العصر لاجتماع الناس و تكاثرهم في ذلك الوقت، و هو المروي عن أبي جعفر (ع) و قتادة و سعيد بن جبير و غيرهم. و قيل: هي صلاة الظهر أو العصر، عن الحسن، و قيل: بعد صلاة اهل دينهما يعني الذميين، عن ابن عباس و السدي. و معني تحبسونهما، تقفونهما كما تقول: مرّبي فلان علي فرس فحبس علي دابّته، أي وقفه، و قيل معناه: تصبرونهما علي اليمين و هو أن يحمل علي اليمين و هو غير متبرع بها، ان ارتبتم في شهادتهما و شككتم و خشيتم أن يكونا قد غيّرا أو بدّلا أو كتما و خانا، و الخطاب في تحبسونهما للورثة، و يجوز أن يكون خطابا للقضاة و يكون بمعني الأمر أي: فاحبسوهما، ذكره ابن الأنباري.» «1»

3- الفاضل المقداد: «.. اذا حمل الضمير في- منكم- علي المسلمين و في- غيركم- علي غيرهم، هل الحكم باق غير منسوخ أم لا؟ قال اصحابنا بالأول، و جوزوا شهادة اهل الذمة مع تعذر المسلمين في الوصية، و قال جماعة من الفقهاء بالثاني، و ان الآية منسوخة، و الأصح الأول لأصالة عدم النسخ، و يكون الآية مخصّصة لأدلّة اشتراط الإيمان و العدالة في الشاهد بما عدا الوصية، نعم يشترط عدالتهم في دينهم.» «2»

آراء المذاهب الاخري

4- المدونة: « … أولا تري ان العظيم من الأمر مثل اللعان انه يكون بحضرة الناس و بعد الصلاة لاجتماع الناس و شهرة اليمين، أو لا تري ان ابن عباس أمر ابن أبي مليكة بالطائف أن يحبس الجارية بعد العصر ثم يقرأ عليها إِنَّ

الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّٰهِ وَ أَيْمٰانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا «3» فاعترفت.» «4»

5- ابو بكر محمد بن عبد اللّه المعروف بابن العربي: «تحبسونهما من بعد الصلاة و في ذلك دليل علي حبس من وجب عليه الحق و هو أصل من أصول الحكمة و حكم من

______________________________

(1). مجمع البيان 3: 257.

(2). كنز العرفان 2: 99.

(3). آل عمران: 77.

(4). المدونة الكبري 5: 200.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 475

احكام الدين، فان الحقوق المتوجهة علي قسمين: منها ما يصح استيفاؤه معجّلا، و منها ما لا يمكن استيفاؤه الّا مؤجّلا، فان خلّي من عليه الحق و غاب و اختفي بطل الحق، و توي (أي ذهب) فلم يكن بدّ من التوثّق منه، فأما بعوض عن الحق و يكون بمالية موجودة فيه و هو المسمّي رهنا: و هو الأولي و الأوكد، و اما شخص ينوب منابه في المطالبة و الذمة و هو دون الأول لأنه يجوز أن يغيب كغيبته و يتعذر وجوده كتعذره و لكن لا يمكن اكثر من هذا، فان تعذرا جميعا لم يبق إلّا التوثّق بحبسه حتي تقع منه التوفيه لما كان عليه من حق، فان كان الحق بدنيا لا يقبل البدل كالحدود و القصاص و لم ينفق استيفاءه معجلا: لم يبق الّا التوثق بسجنه و لأجل هذه الحكمة شرّع السجن.» «1»

6- ابن قيم الجوزية: «قال في ردّه علي من ادعي النسخ، و علي القائلين بأن الآية تخالف الأصول و القياس من وجوه: احدها: ان ذلك يتضمن شهادة الكافر و لا شهادة له، الثاني: انه يتضمن حبس الشاهدين، و الشاهد لا يحبس الخ. قال في الرد علي الفقرة الثانية: و قولكم الشاهدان لا يحبسان ليس المراد هنا السجن الذي يعاقب به

أهل الجرائم و انما المراد به امساكهما لليمين بعد الصلاة، و هذه العبارة تحتمل وجهين: الأول: ان المراد به التوقيف أي السجن المؤقّت، و الثاني: انه ينفي ان يكون معني الحبس هنا السجن بمعناه المعروف، و علي كل حال فان المحاورة تشعر بل ظاهرة في انهم كانوا يستفيدون منها السجن بمعناه المعروف، لكنه سجنا موقتا للاحتياط.» «2»

7- الفخر الرازي: «المسألة الأولي: تحبسونهما: أي توقفونهما كما يقول الرجل: مرّ بي فلان علي فرس فحبس علي دابّته، أي أوقفها، و حبست الرجل في الطريق اكلّمه أي أوقفته، فان قيل: ما موقع تحبسونهما؟ قلنا: هو استئناف، كأنه قيل: كيف نعمل ان حصلت الريبة فيهما؟ فقيل تحبسونهما، المسألة الثانية: قوله (من بعد الصلاة): فيه أقوال: الأول: قال ابن عباس: من بعد صلاة اهل دينهما، و الثاني قال عامة المفسرين: من بعد صلاة العصر، فان قيل: كيف عرف ان

______________________________

(1). احكام القرآن لابن العربي 2: 716.

(2). الطرق الحكمية: 213 و 205.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 476

المراد هو صلاة العصر مع ان المذكور هو الصلاة المطلقة..؟ قلنا: انما عرف هذا التعيين بوجوه: احدها: ان هذا الوقت كان معروفا عندهم بالتحليف بعدها، فالتقييد بالمعروف المشهور، أغني عن التقييد باللفظ. و ثانيها: ما روي انه لما نزلت هذه الآية صلّي النبي (ص) صلاة العصر و دعا بعدي و تميم، فاستحلفهما عند المنبر فصار فعل الرسول (ص) دليلا علي التقييد. ثالثها: ان جميع اهل الأديان يعظمون هذا الوقت و يذكرون اللّه فيه و يحترزون عن الحلف الكاذب، و أهل الكتاب يصلّون لطلوع الشمس و غروبها.

القول الثالث: قال الحسن: المراد بعد الظهر أو بعد العصر، لأن أهل الحجاز كانوا يقعدون للحكومة بعدهما.

القول الرابع: ان

المراد بعد اداء الصلاة، أيّ صلاة كانت و الغرض من التحليف بعد اقامة الصلاة، هو ان الصلاة تنهي عن الفحشاء و المنكر، فكأنّ احتراز الحالف عن الكذب في ذلك الوقت اتمّ و أكمل.. «الفاء» في قوله: فيقسمان باللّه، للجزاء:

يعني تحبسونهما فيقدمان لأجل ذلك الحبس علي القسم.» «1»

أقول: استدل بعض الفقهاء المعاصرين بهذه الآية و هذا المورد علي مشروعية اصل الحبس، و هو استدلال جيّد، ان كان الحبس بالمعني المصطلح لا بمعني آخر علي ما يظهر من الشيخ الطبرسي و الرازي و كذلك ان لم نقل بالنسخ في الآية.

الفصل الخامس عشر حبس العبد الذي يخاف اباقه

الروايات

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن احمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي

______________________________

(1). التفسير الكبير 12: 117.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 477

جميلة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأله رجل يتخوف اباق مملوكه أو يكون المملوك قد ابق أ يقيّده أو يجعل في رقبته راية؟ فقال: انما هو بمنزلة بعير تخاف شراده فاذا خفت ذلك فاستوثق منه، و لكن اشبعه و اكسه، قلت: و كم شبعه؟

فقال: اما نحن فنرزق عيالنا مدّين من تمر.» «1»

و أورده الشيخ الصدوق في الفقيه. «2»

قال الفيروزآبادي: «الراية: القلادة أو التي توضع في عنق الغلام الآبق.» «3»

الفصل السادس عشر حبس العبد الآبق

اشارة

لا كلام في تحريم الإباق، و قد وردت في ذلك نصوص، و انه يبطل التدبير بالإباق، و جواز استيثاقه و تقييده فيما لو خاف المولي فراره، و سيأتي الروايات فيه، لكن الكلام في جواز حبسه للحاكم عقوبة أو حفظا للمالية، و الظاهر من الشيخ الطوسي انّ امره الي الحاكم في بيعه و حفظه فيكون الحبس للحفظ، و الذي يظهر من بعض المذاهب انه للعقوبة، و يحتمل ان يكون في الحبس جهتان: حفظ المالية و العقوبة علي ارتكابه المحرّم، و لكن لم يفت به احد من الامامية و يحتمل أن يكون الحبس عند قائله، للحفظ و الصيانة، و لكن يبقي سؤال الفرق بين الآبق و الضال حيث خص الحكم بالآبق.

الروايات

1- الكافي: «محمد بن يحيي، عن محمد بن الحسين عن محمد بن عبد اللّه بن هلال، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر الأول (ع) عن جارية مدبّرة ابقت من سيّدها..

______________________________

(1). الكافي 6: 199 ح 1- و عنه الوسائل 16: 52 ح 1- انظر مرآة العقول 21: 331.

(2). الفقيه 3: 87 ح 3.

(3). القاموس المحيط 4: 340.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 478

فقال … لأنها ابقت عاصية للّه و لسيدها فابطل الاباق التدبير..» «1»

2- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن احمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي جميلة، عن زيد الشحام، عن أبي عبد اللّه (ع)، أنه سأله رجل يتخوف اباق مملوكه، أو يكون المملوك قد ابق، أ يقيّده أو يجعل في رقبته راية؟ فقال: انما هو بمنزلة بعير تخاف شراده، فاذا خفت ذلك فاستوثق منه و لكن اشبعه و اكسه، قلت: و كم شبعه؟ قال: اما نحن فنرزق عيالنا مدّين من

تمر.» «2»

و أوردناه سابقا، و انما ذكرناه هنا لدلالته علي المطلوب.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «اذا وجد عبدا فلا يخلو امّا أن يكون صغيرا أو مراهقا كبيرا، فان كان صغيرا، له أن يلتقطه بعد أن يعلم انه عبد، لأنه يجري مجري المال، و ان كان مراهقا كبيرا مميزا فانه كالضوال مثل الابل و الخيل، ليس له أن يلتقطه فان اخذه يرفعه الي الحاكم و يأخذه الحاكم، فان كان الحظ في حفظه، حفظه و ينفق عليه حتي يجي ء صاحبه، و ان كان الحظ في بيعه، باعه و حفظ ثمنه علي صاحبه، فان جاء صاحبه، و قال: كنت اعتقته قبل هذا، فهل يقبل اقراره أم لا؟ و قيل فيه و جهان:

احدهما: يقبل، لأنه غير متهم في هذا، لأنه يقول: لا اريد الثمن، و الثاني: لا يقبل قوله، لأن بيع الحاكم كبيعه.» «3»

آراء المذاهب الاخري

2- ابو يوسف: «و اما ما سألت عنه يا أمير المؤمنين مما يدفع الي الولاة في كل بلد من العبيد و الإماء الإباق و إنّهم قد كثروا في الحبس في كل مصر و مدينة و ليس يأتي لهم طالب، فولّ رجلا ثقة ترضي دينه و امانته بيع من بحضرتك بمدينة السلام في

______________________________

(1). الكافي 6: 200 ح 4- و عنه الوسائل 16: 51 ح 2- انظر المستدرك 15: 475 ب 37.

(2). الكافي 6: 199 ح 2- و عنه الوسائل 16: 52 ح 1.

(3). المبسوط 3: 328.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 479

الحبس حتي يبيعهم، و اكتب الي ولاتك علي القضاء في الأمصار و المدن بذلك حتي يخرج الغلام أو الأمة فيسأل عن اسمه و اسم مولاه و من أي بلد هو؟ و اين يسكن مولاه؟ و من أي القبائل؟ و يكتب ذلك في دفتر و يكتب اسم

العبد و حليته و جنسه و الشهر الذي ابق فيه و السنة، و الشهر الذي اخذ فيه و السنة، ثم يثبت ذلك علي ما يقول العبد ثم يحبس فاذا أتي عليه في الحبس ستة أشهر و لم يأت له طالب، اخرجه الرجل الذي ولّيته امرهم، فنادي عليهم فيمن يزيد و باعهم و جمع مالهم و صيّره الي بيت المال و كتب عليه مال ثمن الاباق، فإن جاء صاحب عبد أو امة و هو في الحبس و لم يبع العبد و لا الأمة، قال له … و ان لم يأت لذلك طالب و طالت به المدة صيّر ذلك في بيت المال يصنع به الامام ما احب و يصرفه فيما يري انه انفع للمسلمين، و ينبغي ان يتقدم في الاجراء علي هؤلاء الاباق الي أن يباعوا كما يجري علي من في الحبس علي ما كنت قدرت لكل امرئ منهم، و ليكن الاجراء عليهم من بيت مال المسلمين.» «1»

3- المدونة: «قلت أ رأيت الآبق اذا وجده الرجل ما يصنع به في قول مالك؟ قال:

قال مالك: يرفعه الي السلطان فيحبسه السلطان سنة، فان جاء صاحبه و الّا باعه و حبس له ثمنه، قلت: فمن ينفق عليه في هذه السنة؟ قال: ما سمعت من مالك فيه شيئا، و لكن أري أن ينفق عليه السلطان و يكون فيما انفق بمنزلة الأجنبي، الّا أن السلطان إن لم يأت ربّه باعه و اخذ من ثمنه ما انفق عليه و جعل ما بقي في بيت المال.» «2»

4- الموصلي: «يحبس الآبق دون الضال..» «3»

5- القرافي: «و يشرع الحبس في ثمانية مواضع:.. حبس الآبق سنة، حفظا للمالية رجاء ان يعرف صاحبه.» «4»

______________________________

(1). الخراج: 184.

(2). المدوّنة الكبري

6: 176.

(3). الاختيار 3: 35.

(4). الفروق 4: 79.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 480

الفصل السابع عشر حبس المولي الشريك اذا أبي عن دفع حصّة شريكه

اشارة

اذا كان عبد مشترك بين اثنين فأعتق احدهما نصيبه، ينعتق نصيب الآخر نظرا الي السراية و يغرم حصة شريكه إن كان موسرا و الّا استسعي العبد، و هذا هو المشهور بين الامامية، و مما انفردت به كما قاله السيد المرتضي، و افردوا له بابا بعنوان العتق بالسراية و هو: إنّ من خواص العتق و لو بجزء يسير هو السراية الي سائر الأجزاء، و انعتاق العبد بأجمعه، و يكفينا آراء السيد المرتضي و ابن البراج، و المحقق الحلي و يحيي بن سعيد و الشهيد الأول و الشيخ محمد حسن النجفي، و عن بعض آخر منهم: انه يبقي بعضه رقيقا.

هذا و لكن عن بعض السنة: انه يحبس الشريك الي أن يدفع للشريك حصته و استدل بما نقل عن النبي (ص) و لعله للالتواء عن أداء الحق مع يساره.

الروايات و الآثار

1- القرطبي: «و وقع في احكام ابن زياد عن الفقيه ابي صالح ايوب بن سليمان: ان رسول الله ص سجن رجلا أعتق شركا له في عبد فأوجب عليه استتمام عتقه و قال: في الحديث «حتي باع غنيمة له.» اقضية رسول الله: 7.

1- البيهقي: «ان غلامين من جهينة كان بينهما غلام فاعتق احدهما نصيبه فحبسه رسول اللّه (ص) حتي باع غنيمة له- هذا مرسل-» «1».

2- المصنف: «حدثنا ابو بكر قال: حدثنا غندر عن شعبة عن مغيرة عن الشعبي، قال: ان كان شريح ليحبسه به- في مورد عبد كان بين رجلين فاعتقه احدهما فركب شريكه الي عمر فكتب: ان يقوّم أعلي القيمة.» «2»

آراء فقهائنا

1- السيد المرتضي: «و مما انفردت به الامامية: أنّ العبد اذا كان بين شريكين أو

______________________________

(1). السنن الكبري 6: 48.

(2). مصنّف ابن ابي شيبة 6: 484 ح 1775.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 481

اكثر من ذلك، فاعتق احد الشركاء نصيبه انعتق ملكه من العبد خاصة، فان كان هذا المعتق موسرا طولب بابتياع حصص شركائه، فاذا ابتاعها، انعتق جميع العبد، و ان كان المعتق معسرا وجب ان يستسعي العبد في باقي ثمنه، فاذا اداه عتق جميعه، فان عجز العبد عن الكسب و السعاية كان بعضه عتيقا و بعضه رقيقا و خدم ملّاكه بحساب رقّه و تصرف في نفسه بقدر ما انعتق منه، و خالف باقي الفقهاء في هذه الجملة.» «1»

2- ابن البراج: «و اذا كان عبد بين شريكين و اعتق احدهما نصيبه، اضرارا بشريكه الآخر، و كان موسرا كان عليه ان يبتاع ما بقي من العبد و يعتقه، و ان كان معسرا لا يملك الّا ما اعتقه، كان العتق باطلا، و ان لم يكن قصده

بما اعتقه من نصيبه الإضرار بشريكه و انما قصد بذلك وجه اللّه، لم يجب عليه ابتياع نصيب شريكه و لا عتقه، بل يستحب له ذلك، فان لم يفعله، استسعي العبد في الباقي من ثمنه، و لم يكن لصاحبه الذي يملك منه و لا عليه ضرر به بل له أن يستسعيه في الباقي من ثمنه، فان امتنع العبد من السعي في فك رقبته كان له من نفسه قدر ما اعتق و لمولاه الباقي.» «2»

3- المحقق الحلي: «و اما السراية: فمن اعتق شقصا من عبده، سري العتق فيه كله اذا كان المعتق صحيحا جائز التصرف، و ان كان له فيه شريك، قوّم عليه ان كان موسرا، و سعي العبد في فكّ ما بقي منه، ان كان المعتق معسرا..» «3»

4- يحيي بن سعيد: «و من اعتق حصته في عبد و هو موسر الزم قيمة حصة شريكه يوم العتق و عتق كله، و ان كان معسرا سعي العبد في فك رقبته، فان لم يختر ذلك فبعضه حر و بعضه رق، و الأولي ان يقال: إن اعتق مضرّة و هو موسر وجب تقويمه عليه، و ان ورث شقصا ممن يعتق عليه لم يقوم عليه باقيه، و ان شراه أو استوهبه قوّم عليه.» «4»

5- الشهيد الأول: «من خواص العتق السراية، فمن اعتق شقصا من عبده، عتق

______________________________

(1). الانتصار: 169.

(2). المهذب 2: 358.

(3). شرايع الإسلام 3: 111- انظر وسائل الشيعة 16: 20.

(4). الجامع للشرائع: 401.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 482

كله، … و لو كان له فيه شريك؛ قوّم عليه نصيبه و عتق مع يساره و سعي العبد في باقي قيمته مع اعساره.» «1»

6- النجفي: «و اما العتق بالسراية فالمشهور ان من

اعتق شقصا جزءا و لو يسيرا من عبده المملوك بأجمعه، أو أمته، سري العتق فيه كله و ان لم يملك سواه، فان كان له فيه شريك مسلم أو كافر، اذ لا فرق في السراية بين أن يكون الشريكان مسلمين أو كافرين، أو كان المعتق كافرا، ان سوغنا عتق الكافر، أو بالتفريق لعموم الأدلة و حينئذ فمتي اعتق، قوّم عليه ان كان موسرا بلا خلاف اجده فيه مع قصده الاضرار، إلّا ما حكاه في المختلف عن الحلبي من اطلاق وجوب السعي علي العبد في الفك، بل و مع عدم قصده عند الأكثر، خلافا للشيخ و القاضي، فأوجبا علي العبد السعي.

و للإسكافي: فخيّر الشريك بينه و بين الزام المعتق قيمة نصيبه، و لا شاهد له، و سعي العبد في فك ما بقي منه و ان كان المعتق معسرا، و لم يقصد المضارة بلا خلاف بل و مع قصدها، وفاقا للأكثر، بل المشهور، بل في الانتصار الاجماع عليه و علي الأول أيضا.» «2»

آراء المذاهب الاخري

7- ابن حزم: «و من ملك عبدا أو أمة بينه و بين غيره فاعتق نصيبه كله، أو بعضه، أو اعتق كله عتق جميعه حين يلفظ بذلك، فان كان له مال يفي بقيمة حصة من يشركه حين لفظ بعتق ما اعتق منه ادّاها الي من يشركه، فان لم يكن له مال يفي بذلك كلّف العبد أو الأمة ان يسعي في قيمة حصة من لم يعتق علي حسب طاقته، لا شي ء للشريك غير ذلك و لا له ان يعتق، و الولاء للذي اعتق أولا، و انما يقوّم كله ثم يعرف مقدار حصة من لم يعتق، و لا يرجع العبد المعتق علي من اعتقه بشي ء مما سعي فيه،

حدث له مال أو لم يحدث و للناس في هذا اربعة عشر قولا..» «3»

8- الشوكاني: «فرع: و يجب حبس من عليه الحق للإيفاء اجماعا ان طلب، لحبسه

______________________________

(1). الروضة البهية 6: 261.

(2). جواهر الكلام 34: 154 و 152.

(3). المحلي 9: 190.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 483

من اعتق شقصا في عبد حتي غرم لشريك قيمته «1».. الي ان قال: و فيه انقطاع و قد روي من طريق آخر عن عبد اللّه بن مسعود مرفوعا.» «2»

الفصل الثامن عشر هل يحبس صاحب الماشية، اذا افسدت الحرث و الزرع؟

اشارة

لو افسدت الماشية الزرع فعلي صاحبها ما نقص من ثمنه ليس إلّا، نعم لو ما طل عن ادائه فيحبس لذلك لا لإفساد ماشيته الزرع، و به وردت رواية عن أمير المؤمنين (ع).

و لكن عن بعض المنتحلين الي الإسلام خلاف ذلك، اما الرواية:

1- دعائم الإسلام: «انه قضي فيمن قتل دابة عبثا أو قطع شجرا أو أفسد زرعا أو هدم بيتا أو غور بئرا أو نهرا أن يغرم قيمة ما استهلك و أفسد، و يضرب جلدات نكالا، و ان أخطأ و لم يتعمد ذلك فعليه الغرم و لا حبس عليه و لا أدب، و ما أصاب من بهيمة فعليه ما نقص من ثمنها.» «3»

آراء المذاهب الاخري

1- الكندي: «ابو عبد اللّه الي ابن عشيرة: تأمر و إليك علي القطارة، اذا وصل اليه واصل بدابة و ادّعي انها افسدت عليه ان ترسل معه رسولا يقف معه علي زراعته و ماله، فان رأي فيها فسادا حبس له صاحب الدابة و لم يكلفهم علي ذلك بيّنة» «4».

2- و فيه: «عن محمد بن محبوب: اذا رأي في الزرع اثر الأكل، فقال صاحب الحرث: دابة فلان أكلت حرثي، حبس صاحبها حتي يقر أنّ دابّته أكلت ذلك الحرث أو يعفو عنه أو يري الحاكم انه قد بلغ حبس مثله.» 5

______________________________

(1). نيل الاوطار 7: 151.

(2). نيل الاوطار 8: 305.

(3). دعائم الإسلام 2: 424 ح 1467 و عنه المستدرك 17: 95 ح 6.

(4) 4 و 5. المصنّف: 14 و 13 و 16.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 484

3- و فيه: «و يحبس الذين يعرفون بكثرة الفساد و اهمال دوابهم من ثلاثة ايام الي عشرة ايام، و من كان لا يعرف بالفساد و انما يكون منه الذلة

فذلك يحبسه يوما أو يومين.» «1»

4- و فيه: «مسألة: و يحبس في سبب الفساد خادم صاحب الفساد لا يضيع الدواب، و قد تحبس المرأة في بيتها، و يتعاهد منها لوقت طعامها و صلاتها، و قد يحبس قيّم اليتيم أو غلامه بفساد دوابه، و ان كان الغلام عاقلا مراهقا حبس في غير الحبس في مسجد أو طريق أو اخذ به وليّه، يقال له: ان شئت كف دابتك و الّا حبسناك.» 2

اقول: و قد عرفت انه لا حبس فيه اذ لم يرتكب جريمة يعاقب عليها بالحبس، نعم قد يحمل كلامه علي الإتلاف العمدي، و الّا فكيف يحبس صاحب الدابة من دون قيام البينة علي ان دابته افسدت حرث الغير أم كيف يحبس الي ان يقر بالإتلاف، و ما قيمة هذا الاقرار الذي ينشأ من الحبس و التخويف، نعم لا عتب علي النزوي و امثاله الخوارج المارقين عن الإسلام، اذ هم كما يزعمون: مشرّعون و هم سلطات تقنينية و قضائية و تنفيذية، فهم حملة الإسلام الصحيح و هم كل شي ء حتي و لو كان اشقي الأشقياء، و يرون ان غيرهم من الناس و من القادة المبدئيين خاصة لا شي ء، حتي و لو كان يحبّه اللّه و يحبه الرسول (ص)، «3» فالاسلام هو ما ترسمه أوهامهم و أهواؤهم و نواياهم الخبيثة، يكفيهم قوله (ص): «يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» «4» سود اللّه وجوههم كما اسودت قلوبهم.

______________________________

(1) (1 و 2). المصنّف: 16.

(3). عقد الفريد: 2: 368.

(4). مسند احمد 1: 88.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 485

القسم الثاني في الحقوق و الاحكام

اشارة

1- حق المسجون اذا ثبتت براءته.

2- حقه في حضور الشعائر الدينية.

3- حقه في ملاقاة اقربائه.

4- حقه في الرفاهية.

5- حقه في

الاجازة و الرخصة.

6- حقه في تعجيل محاكمته.

7- حقه في حضور زوجته معه.

8- هل يحبس لو كان مريضا أو اجيرا؟

9- فصل النساء عن الرجال.

10- فصل الأحداث عن الكبار، و المسلمين عن غيرهم.

11- تشغيل المسجون.

12- نفقة المسجون.

13- تحريم التعذيب لانتزاع الاقرار:

أ- الروايات و الآراء.

ب- نصوص توهم بالجواز.

ج- كلمات المجوزين.

14- معني التأديب و التشديد في السجن و حدوده.

15- الخروج من السجن.

16- هل التعزير يشمل الحبس.

17- لو لم يكن للقاضي سجن.

18- حكم السجن بمكة.

19- بناء السجن.

20- ما كتب حول الموضوع.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 487

الفصل الاوّل حق المسجون اذا ثبتت براءته

اشارة

في المقام جوانب و صور متعددة، فمرة يكون محبوسا بدعوي خصم، و فيها صور، و مرة من قبل الوالي بتهمة محرم شخصي أو اجتماعي أو سياسي، ثم: تارة يبحث في تدارك الخسارة المالية الواردة عليه، و أخري في الضرر المعنوي و ردّ الاعتبار، و مرة يكون مسجونا من قبل الجائر و اخري من العادل. ثم، قد يكون الحبس، لشهادة الشهود ثم يتبين الخطأ أو التعمد في الكذب، و اخري، عن علم الحاكم، ثم يظهر خطاؤه …

و البحث فعلا حول التعويض و الضمان المالي لو ثبت براءته.

فنقول: إن هذه المسألة مبنية علي أنّ عمل الحر قبل المعاوضة عليه هل هو من الأموال و له مالية أم لا؟

فالضمان: يدور مدار صدق المال و المالية، و قد يظهر من المحقق الحلي عدم المالية حيث لا يري الضمان بحبس الصانع، و فصّل الآخرون بين الفوات و التفويت كما فرق ثالث بين الكسوب و غيره و رابع، بين الحر و العبد و خامس، بين كونه اجيرا للغير حين الحبس و عدمه، و سادس، الفرق بين صدق الاستيلاء علي منافعه و عدمه.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص:

488

آراء فقهائنا

1- المحقق الحلي: «لو حبس صانعا لم يضمن اجرته» «1».

2- السيد الطباطبائي: «و لو حبس صانعا، حرا زمانا له اجرة عادة (لم يضمن اجرته) اذا لم يستعمله و لم يستأجره، و لو استأجره مدة معينة فمضت زمان اعتقاله و هو باذل نفسه للحمل، استقرت الأجرة لذلك لا للغصب بخلاف الرقيق لأنه مال محض و منافعه كذلك كذا قالوه، فظاهر هم القطع بعدم الضمان في صورته، فان تم اجماعا و الّا ففيه مناقشة حيث يكون الحابس سببا مفوتا لمنافع المحبوس لقوة الضمان فيه لذلك لا للغصب و عليه نبّه بعض متأخري المتأخرين و وافقه الخال العلامة ادام اللّه سبحانه ضلاله.

اقول: و يحتمل قويا اختصاص ما ذكره الاصحاب بصورة عدم استلزام الحبس التفويت بل الفوات و يظهر الفرق في ما لو حبسه مدة له اجرة في العادة فان كان لو لم يحبس لحصلها، كان حبسه سببا لتفويتها فيضمن هنا و ان كان لو لم يحبس لم يحصلها أيضا لم يكن حبسه سببا لتفويتها فلم يضمن.» «2»

3- قال الشيخ الأنصاري في أول البيع في انه هل يمكن وقوع عمل الحر ثمنا أو مثمنا و جعله طرفا للمعاملة: قال: «اما عمل الحر فان قلنا انه قبل المعاوضة عليه، من الأموال فلا اشكال، و الّا ففيه اشكال.» «3»

و تبعه الفقهاء و علقوا عليه تعاليق نذكر بعضها:

4- السيد اليزدي: «اما المبني ففيه وجوه: الأول ان يقال: انه مال عرفي مطلقا، اذ لا فرق بينه و بين عمل العبد مع انه لا اشكال في كونه مالا. الثاني: ان يقال: إنّه ليس بمال فعلا، و لذا لا يتعلق به الاستطاعة اذ لا يجب الحج علي من كان قادرا علي الكسب في طريق

الحج، أو اجارة نفسه و صرف الاجرة في الحج، و أيضا لو حبسه

______________________________

(1). المختصر النافع 2: 256.

(2). الشرح الصغير 3: 124.

(3). المكاسب (الطبعة الجديدة) 6: 14.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 489

الظالم، لا يكون ضامنا لما يمكنه ان يكتسب في ذلك اليوم مثلا، بخلاف ما اذا حبس العبد، أو الدابة فانه ضامن لمنافعهما، و إن لم يستوفها. الثالث: ان يفرق بين العمل المكسوب و غيره و يقال: إن الأول مال عرفي دون الثاني، و غير بعيد من الصواب للصدق العرفي في الأول دون الثاني، و يمكن هذا الفرق في مسألة الضمان و تعلق الاستطاعة أيضا بل في مسألة «الكلي في الذمة» أيضا يمكن الفرق بين من كان من شأنه بحسب العادة ذلك المقدار كما اذا كان له مزرعة يحصل منها ذلك المقدار عادة و بين غيره.» «1»

5- الشهيدي: «نعم يفترق عمل العبد عن عمل الحر في صورة عدم المعاوضة عليها قبل البيع، بكون الأول ملكا للسيد، بخلاف الثاني، فانه ليس ملكا لأحد، فان قلت: بعد ان كان عمل الحر مالا كعمل العبد فما الوجه في ضمان الثاني اذا حبسه الظالم دون الأول؟ قلت: الوجه فيه ان المدار في الضمان علي اتلاف المال لكن لا مطلقا، بل بما هو مضاف الي الغير كما هو مفاد ادلة الضمان: من دليل الا تلاف و اليد، و الاضافة الي الغير موجودة في عمل العبد لأنه ملك المولي بالتبع بخلاف عمل الحر، لأنه ليس ملكا لأحد، نعم له سلطنة تمليك اعماله للغير و هذا من موارد انفكاك السلطنة عن الملكية» «2».

6- المحقق النائيني: «.. نعم بين عمل الحر و العبد فرق من غير هذه الجهة كما اذا حبس العبد

فانه يضمن منفعته دون ما اذا حبس الحر فانه لا يضمن الّا اذا كان اجيرا» «3».

7- الامام الخميني: «ان عمل الحر مال سواء كان كسوبا أم لا، ضرورة ان خياطة الثوب أو حفر النهر مال يبذل بإزائه الثمن و ليس المال الّا ما يكون موردا لرغبة العقلاء و تقاضاهم و معه يبذلون بإزائه الثمن، نعم ماليته باعتبار توقع حصوله و وجوده، لكن لا بمعني انه قيد له، بل معني كونه مالا بلحاظه، فيكون ذلك كجهة تعليلية

______________________________

(1). حاشية المكاسب: 55.

(2). هداية الطالب: 149- انظر حاشية الايرواني: 72، اذ يفهم منه: جواز بيعه و شرائه.

(3). منية الطالب 1: 40. انظر المسالك 5: 228 و 12: 159، الروضة البهية 4: 358.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 490

لذلك، فالفرق بين عمل الكسوب و غيره من جهة صدق المال في الأول دون الثاني ليس علي ما ينبغي، نعم فرق بينهما في تحقق الضمان بحبسه، فان الظاهر ان حبس الحر الكسوب موجب للضمان لدي العقلاء.» «1»

8- و قال السيد الخونساري في شرحه علي المختصر النافع: «و اما صورة حبس الصانع فان منعنا صدق القهر و الاستيلاء علي الحر فلا اشكال في عدم الضمان بالنسبة الي ما فات من منافع الحر، و ان صدق الاستيلاء عليه فلا يبعد ان يقال:

الاستيلاء علي منافعه كغصب الدار أو الحيوان، حيث يقال: ان الغاصب يضمن المنافع الغير المستوفاة.» «2»

9- السيد الخوئي: «و الحق انه لا يفرق في صدق مفهوم المال علي عمل الحر بين وقوع المعاوضة عليه و عدمه، و الوجه ان مالية الاشياء متقومة برغبة الناس فيها رغبة عقلائية و لا يعتبر في ذلك صدق الملك عليها لأن النسبة بينهما هي العموم من وجه..

و

من المعلوم ان عمل الحر قبل وقوع المعاوضة عليه من مهمات الأموال العرفية و ان لم يكن مملوكا لأحد بالملكية الاعتبارية بل هو مملوك لصاحبه بالملكية الذاتية الأولية..

اما الوجه في ان اتلاف عمل الحر لا يوجب ضمانة علي المتلف فهو إن قاعدة الضمان بالا تلاف ليست برواية لكي يتمسك باطلاقها في الموارد المشكوكة بل هي قاعدة متصيدة من الموارد الخاصة. و اذن فلا بدّ من الاقتصار فيها علي المواضع المسلّمة المتيقنة.. نعم اذا كان الحر كسوبا و له عمل خاص يشتغل به كل يوم كالبناء و النجارة و الخياطة و غيرها فانّ منعه عن ذلك موجب للضمان؛ للسيرة القطعية العقلائية.» «3»

10- قال الطبسي: «و اعلم انه لا يضمن الحر و لا يدخل تحت اليد حتي يكون موجبا للضمان الا ان يكون صغيرا او مجنونا تلفا تحت يد الآخذ و كان تلفها مستندا إليه من عدم مراقبتها، اما في الاول عدم الضمان للأصل و عدم صدق الغصب عليه لدي العرف، و لأنه ما كان مالا حتي يقال إنه غصب مالا فيصدق استيلاء اليد علي مال الغير و اما في الثاني، إذا أصاب الصغير او المجنون بسبب الأخذ شيئا مباشرة او تسبيبا فيكون ضامنا للإجماع …

و لو عرضه شي ء بمثل أن يفترسه سبع، او لذعه حسية و نحوه ففي الضمان قولان للشيخ في مبسوطه و عن ابي حنيفة: القول بالضمان، و وافقه الشيخ. و قال: إن قلنا بقول أبي حنيفة كان قويا و دليله الاحتياط.

و كذا لا يضمن «أجرة الصانع لو منعه عنها» اي عن صنعته، إذا لم يستعمله، و أشرنا سابقا و وجهه أن منافع الحر لا تدخل تحت اليد تبعا له مطلقا، قد استاجره لعمل

قد اعتقله و لم يستعمله أم لا، إلا أن يكون قد استأجره و هو باذل نفسه للعمل فحينئذ استقر الأجرة عليه لذلك لا من جهة الغصب و لا يقاس بالرقيق و العبيد فانه مال محض و منافعه كذلك و الظاهر ان الحكم بعدم الضمان مقطوع به في كلامهم في الصورة المزبورة كما هو المصرح به في الكفاية، فان تم ذلك الإجماع و الاتفاق فليس لنا كلام و الا فالمسألة مشكلة من حيث ان الآخذ و الحابس لزيد الذي كان صانعا لما منعه في من شغله و صنعته فقد فوت عليه الفائدة التي كان يستفيدها لو لا المنع فيكون هو المفوّت لها عنه و حكم الشارع بنفي الضمان ضرر عليه و لا ضرر و لا ضرار في الإسلام خصوصا إذا كان المحبوس و الممنوع مما لا معيشة سواه و كان منحصرا إعاشته و إعاشة عيالاته به. و الله العالم. «4»

و قال في الوسيلة: «لو استولي علي حر فحبسه لم يتحقق الغصب لأنه لا يدخل تحت اليد لا بالنسبة الي عينه و لا بالنسبة الي منفعته و إن أثم بذلك و ظلمه سواء كان كبيرا او صغيرا فليس عليه ضمان اليد الذي هو من من أحكام الغصب … و كذا لا يضمن منافعه كما إذا كان صانعا و لم يشتغل بصنعته في تلك المدة فلا يضمن أجرته..

و قال في مسألة اخري: اذا حبس حرا لم يضمن لا نفسه و لا منافعه ضمان اليد حتي فيما اذا كان صانعا فليس علي الحابس أجرة صنعته مدة حبسه و إن فعل حراما. نعم لو كان أجيرا لغيره ضمن منفعته الفائتة للمستأجر. و كذا لو استخدمه و استوفي منفعته كان عليه

أجرة عمله … «5»

من هو الضامن؟

اشارة

ثم لو ثبت ان الحر تحت اليد و عمله مال لا سيما لو كان كسوبا فالحبس أوجب اتلافا

______________________________

(1). كتاب البيع 1: 20.

(2). جامع المدارك 5: 199- له رحمه اللّه تحقيق رشيق فراجع.

(3). مصباح الفقاهة 2: 36 و 34.

(4). ذخيرة الصالحين، المجلد الخامس/ كتاب الغصب/ ص 81.

(5). وسيلة النجاة/ مع تعاليق الشيخ الطبسي/ ص 251- 254- كتاب الغصب..

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 491

لهذا المال فيضمن متلفه.

فالمتلف تارة هو القاضي و ذلك بخطائه في الحكم، و اخري الشهود و ذلك لخطائهم في تحمل الشهادة أو ادائها، أو لرجوعهم عن الشهادة بدعوي التعمد في الكذب.

اما خطأ الحاكم:
اشارة

فقد نصّ الفقهاء علي أنه من بيت المال أو من الحاكم أو من المزكّين و فيما يلي آراؤهم:

آراء فقهائنا

1- ابن ادريس: «اذا حكم الحاكم بشهادة شاهدين ثم بان له انه حكم بشهادة من لا يجوز الحكم بشهادته نقض الحكم بلا خلاف، و ان كان حكم بإتلاف كالقصاص و القتل و الرجم لا قود، هاهنا لأنه عن خطأ الحكم فأمّا الدية فانها: علي الحاكم عند قوم، و عند آخرين علي المزكين، و روي اصحابنا أن ما اخطأت الحكّام فعلي بيت المال.

فامّا ان حكم بالمال نظرت، فان كان عين المال باقية استردّها و ان كانت تالفة، فان كان المشهود له هو القابض و كان موسرا غرم، و ان كان معسرا ضمن الإمام حتي اذا أيسر رجع الامام عليه.» «1»

2- يحيي بن سعيد: «و روي اصحابنا في ما اخطأت القضاة من دم أو قطع: انه علي بيت المال.» «2»

3- العلامة الحلي: «لو اعترف الحاكم بخطائه في الحكم، فان كان بعد العزل غرم في ماله، و ان كان قبله استعيدت العين ان كانت قائمة علي اشكال، و الّا ضمن في بيت المال، و لو قال تعمّدت، فالضمان عليه يقتص في القتل منه أو يؤخذ المال ان كان مالا من خاصه.» «3»

4- السيد الگلپايگاني: «نعم يجب تجديد النظر في صورة دعوي المحكوم عليه كون

______________________________

(1). السرائر 2: 149 قال الحلي: و التعزير فيما يسوغ فيه التعزير واجب و لا يجب ضمانه لو تلف بالتعزير السائغ التحرير 2: 227- انظر الماوردي: 238.

(2). الجامع للشرائع: 546.

(3). قواعد الاحكام 2: 247.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 492

حكم الحاكم الأول علي خلاف القواعد و الأحكام المقررة في القضاء. فان كان حكمه عن تقصير فهو

ضامن، و ان كان عن قصور فضمانه من بيت المال» «1».

امّا خطأ الشهود:
اشارة

و اما لو كان عن خطأ الشهود، أو ظهور فسقهم، أو رجوعهم عن الشهادة ففي المسألة صور و أقوال نكتفي ببعضها:

آراء فقهائنا

1- ابن حمزة: «اذا رجع الشهود عن الشهادة، لم يخل من ثلاثة أوجه امّا رجع كلهم أو بعضهم، قبل الحكم أو بعده، قبل استيفاء الحق أو بعده، فان رجعوا قبل الحكم بطلت شهادتهم و ان رجعوا بعد الحكم قبل استيفاء الحق نقض الحاكم حكمه، و ان رجعوا بعد الاستيفاء و كان الحق مالا و قد بقي، ردّ علي صاحبه، و ان تلف غرم الشهود، و ان رجعوا كلهم غرموا بالنصيب، و المرأة علي النصف من الرجل، و ان رجع بعضهم غرم نصيبه، و ان كان الحق حدّا أو قصاصا و هلك المحدود أو المقتص منه لم يخل اما قالت البينة: أخطأنا أو تعمّدنا و لم نعرف أنه يقتل أو لم يدّعوا الجهل، فالأول الزم الدية مخفّفة و الثاني تغلظ الدية و الثالث: يجب عليهم القود، و ان قال بعضهم اخطأنا و بعضهم تعمدنا الزم المخطئ الدية بالحساب و المتعمد القود علي ما سنذكرها..» «2»

2- المحقق الحلي: «اذا ثبت انهم شهدوا بالزور نقض الحكم و استعيد المال، فان تعذر غرم الشهود، و لو كان قتلا ثبت عليهم القصاص و كان حكمهم حكم الشهود اذا اقروا بالعمد.» «3»

3- العلامة الحلي: «لو ظهر فسق الشاهدين بعد قطع أو قتل بشهادتهما أو كفرهما

______________________________

(1). القضاء 1: 168.

(2). الوسيلة: 234.

(3). شرايع الإسلام 4: 142.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 493

لم يضمنا و ضمن الحاكم في بيت المال لأنه وكيل عن المسلمين و خطأ الوكيل في حق موكله عليه.» «1»

آراء المذاهب الاخري

4- المرداوي: «قوله: و خطأ الامام و الحاكم في احكامه: في بيت المال، و هو المذهب و عليه أكثر الاصحاب، كخطإ الوكيل، و عنه: علي عاقلتهما، و قدّمه في الهداية و

الخلاصة، و المراد: فيما تحمله العاقلة، نقله في الفروع عن صاحب الروضة كخطائهما في غير الحكم و اطلقهما في المذهب» «2».

و الحاصل: لو بنينا المسألة علي مالية عمل الحر، فالحبس أوجب تلفه من غير وجه شرعي، فالضمان ثابت لأن ضمان تلف المال لا يدور مدار العمد بل حتي و لو كان عن غير عمد، فيضمنه الحاكم أو الشاهد أو المزكّي أو بيت المال، أضف الي ذلك قاعدة لا ضرر و دعوي عمومها بحيث تشمل هذا المورد من الاضرار، ثم إنّ هذا الفرع بخصوصه غير مذكور في مورده، و ما اوردناه هنا انما هو علي سبيل الاحتمال لا الاستدلال علي المختار حيث إنّا لم نختر جانبا.

الفصل الثاني حقه في حضور الشعائر الدينية

اشارة

روي الصدوق في الفقيه و الشيخ في التهذيب، عن الامام الصادق (ع) لزوم اخراج المحبسين في الدين الي الجمعة و العيد.

و في الجعفريات: اضافة: الفساق و من احبس في تهمة، و قد افتي بذلك ابو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه و مال اليه العلامة الحلي في المختلف، و كذلك بعض المعاصرين.

______________________________

(1). قواعد الاحكام 2: 247.

(2). الانصاف 10: 121- انظر المدونة الكبري 6: 283- عيون الازهار: 443.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 494

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 494

كما تناول ابن ادريس في السرائر، الفرع و توقف فيه، و اما من السنة: فقد صرح السرخسي في مبسوطه، و الكاساني في البدائع، بأن المحبوس في الدين ممنوع عن الحضور الي الجمع و الجماعات و الاعياد.

الروايات

1- الفقيه: «و روي عبد اللّه بن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام انه قال: علي الامام ان يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة الي الجمعة و يوم العيد الي العيد فيرسل معهم فاذا قضوا الصلاة و العيد ردّهم الي السجن.» «1»

و رواه الشيخ في التهذيب «2» بسنده عن عبد الرحمن بن سيابة، و رواه في النهاية عنه «3».

2- الجعفريات: «اخبرنا محمد، حدثني موسي، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه عليهم السلام: ان عليا كان يخرج أهل السجون من احبس في دين أو تهمة الي الجمعة فيشهدونها و يضمّنهم الأولياء حتي يردونهم.» «4»

3- و فيه «بهذا الاسناد: ان عليا عليه السلام، كان يخرج الفساق الي الجمعة و كان

يأمر بالتضييق عليهم.» 5

آراء فقهائنا

1- ابو الصلاح الحلبي: «و يلزم الحاكم اخراج المحبسين في الحقوق- المحبوسين- الي الجمعة و العيدين فاذا قضيت الصلاة ردّهم الي الحبس.» «6»

______________________________

(1). الفقيه 3: 20 ح 5- و في بعض النسخ عبد الرحمن بن سيابة، بدل: عبد اللّه بن سنان- و عنه الوسائل 5: 116 ح 1 و 18: 221 ح 2.

(2). التهذيب 6: 319 ح 84- و ج 3: 285 ح 8 و عنه الوافي 16: 1075 ح 2/ كتاب القضاء، و جامع احاديث الشيعة 6: 68 ح 1.

(3). النهاية: 354 ح 25- الجامع للشرائع: 528.

(4) 4 و 5. الجعفريّات: 44- و عنه المستدرك 6: 27 ح 2- 6: 132 و 17: 403 ح 1 و فيه: من حبس في دين- و جامع احاديث الشيعة 6: 68 ح 2.

(6). الكافي في الفقه: 448.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 495

2- ابن ادريس: قال بعد نقل ما رواه الشيخ في النهاية قال: «روي هذا الحديث غير متواتر فان كان عليه اجماع منعقد يرجع اليه أو دليل سوي الاجماع عوّل عليه و لا يرجع الي اخبار الآحاد في مثل هذا.» «1»

3- العلامة الحلي: قال بعد كلام الحلبي: «و هو جيّد لأنهم مكلّفون بهذه الصلاة فلا يجوز للحاكم حبسهم عنها و يبعثهم مع رقيب يحفظهم الي أن يؤدّوا الفرض الذي عليهم.

و قال بعد كلام ابن ادريس: و هذا القول يدل علي توقفه في هذا الحكم، و ليس بجيد، و الدليل علي ما قلناه: من عموم الخطاب بهذه الصلوات.» «2»

و قال بعد الرواية عن الشيخ: و هذه الرواية مناسبة للمذهب منتهي المطلب 1: 345.

أقول: هذا دليل آخر يريد به أن الخطاب بالفرائض حاكم

علي الخطاب بالسجن، فتأمل.

4- ولاية الفقيه: «و الظاهر أنه لا خصوصية للدين و التهمة بل الظاهر عموم الحكم لكل مسجون مسلم، نعم ربّما يظهر من هاتين الروايتين: أن الحبس في تلك الاعصار لم يكن غالبا الّا في الديون أو التهم، و لم يكن الأمر مثل ما في أعصارنا بحيث يحكم بالحبس لكل كبيرة و صغيرة، بل لكل امر تافه موهوم أيضا، بل لم يعهد في عصر أمير المؤمنين (ع) و ما قبله وجود السجون السياسية الرائجة في عصرنا حيث ان الناس كانوا احرارا في عرض آرائهم السياسية ما لم يترتب عليها البغي و الطغيان و القتل و الاغارة.» «3»

أقول: لازم كلامه حمل القيد- المحبسين في الدين- علي التوضيح لا الاحتراز، و اما قوله: «لم يعهد … »: فراجع «حبس أعداء الدولة» و «الحبس علي فعل المحرمات» اذ تري غير ما قاله هنا.

5- يقول المحامي توفيق الفكيكي: «قد جاءت الاخبار و دلت الآثار التي يجدها القارئ في كتب التاريخ و الآداب و السير و في مدوّنات الفقه الاسلامي بأن العبادات

______________________________

(1). السرائر 2: 200.

(2). المختلف 8: 420 المسألة 21.

(3). ولاية الفقيه 2: 473.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 496

الشرعية و الآداب التهذيبية و التعاليم القرآنية و القراءة و الكتابة كانت مرعيّة و محتمة في النافع و المخيّس و كان أمير المؤمنين (ع) يؤدّب المسجونين المكلفين بالنفعات- العصيّ- علي تركهم الشعائر الدينية، و يعزر المهمل منهم أو المتهاون بأدائها، كما كان يلحظ بروح الانصاف أحوال معيشتهم و ادارتهم و شئونهم الاخري ملاحظة دقيقة، و يشملهم برعايته و يرأف بحالهم.» «1»

أقول: لا شك في عدالة علي (ع) و عطفه و رأفته، لكن اين هذه الآثار و الأخبار التي

يشير اليها المحامي الفكيكي؟ حبّذا لو نقل بعضها، أو أشار الي مصادرها.

هذا و بالنسبة الي ما نقلتها من الروايات: فمع الغض عن سندها، ظاهرها الاختصاص بالموارد المذكورة في الروايات، أو لا أقل من التعدية الي خصوص غير المؤبد من المحبوسين، و أما غيره فلا دليل عليه، هذا كله فيما لو قلنا بوجوب الجمعة علي المحبوس و امّا لو قلنا بسقوطها عنه لأنه من ذوي الاعذار كما عليه ابن ادريس «2»، فلا مجال للقول بوجوب الاخراج، نعم يجوز ذلك بل قد يكون راجحا.

آراء المذاهب الاخري

6- السرخسي: «و لا يخرج المحبوس في الدين بجمعة و لا عيد و لا حج و لا جنازة قريب أو بعيد، لأن الواجب أن يحبس علي وجه لا يخلص بعد زمان حتي يضجر قلبه عند ذلك فيسارع في قضاء الدين، فلو خرج احيانا لا يضيق قلبه حينئذ، و لهذا قالوا:

ينبغي أن يحبس في موضع خشن لا يتبسط له في فراش و لا وطاء و لا أحد يدخل عليه ليستأنس، ليضجر قلبه بذلك.» «3»

7- الكاساني: «و اما بيان ما يمنع المحبوس عنه و ما لا يمنع: فالمحبوس ممنوع عن الخروج الي أشغاله و مهماته و الي الجمع و الجماعات و الاعياد و تشييع الجنائز و عيادة المرضي و الزيارة و الضيافة، لأن الحبس للتوسل الي قضاء الدين فاذا منع عن أشغاله

______________________________

(1). احكام السجون: 134.

(2). السرائر 1: 291.

(3). المبسوط 20: 90.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 497

و مهماته الدينية و الدنيويّة تضجّر فيسارع الي قضاء الدين..» «1»

الفصل الثالث حقه في ملاقاة اقربائه و غيرهم

اشارة

تفرد القاضي نعمان المصري في الدعائم برواية عن أمير المؤمنين (ع) حول ابن هرمة المسجون، و فيها ما يشعر بعدم منع من أراد اللقاء معه أو اراد أن يأتيه بمطعم و مشرب و ملبس، نعم يمنع من اراد أن يلقنه اللدد «2» و به صرح بعض المعاصرين منا، و الكاساني في بدائع الصنائع من العامة، كما خالف السرخسي في ذلك.

الروايات و الآراء

1- الدعائم: كتاب علي الي رفاعة حول ابن هرمة المسجون: «.. و لا تحل بينه و بين من يأتيه بمطعم أو مشرب، أو ملبس أو مفرش، و لا تدع احدا يدخل اليه ممن يلقّنه اللدد.» «3»

2- ولاية الفقيه: «اما القسمان الأولان أعني ما يقع بداعي العقوبة حدا أو تعزيرا فيجوز بل قد يجب أن يضاف اليه بعض العقوبات الاخر من القيد و الضرب قبل الحبس أو في الحبس، و التضييق في المأكل و المشرب و زيارة الأهل و العيال و الاخوان و سائر الامكانات اذا رأي الحاكم العادل البصير به و بنفسياته دخل هذه الأمور في تنبّهه و في اصلاحه و تهذيبه» «4».

3- السرخسي: «و لهذا قالوا ينبغي أن يحبس في موضع خشن.. و لا احد يدخل عليه ليستأنس، ليضجر قلبه بذلك..

______________________________

(1). بدائع الصنائع 7: 174- انظر المحلي 5: 49.- المصنف لابن أبي شيبة 2: ص 66 الباب 84 نقل عن إبراهيم: ليس علي أهل السجن جمعة. و روي عن ابن سيرين خلافه.

(2). شديد الخصومة/ لسان العرب 3: 391.

(3). دعائم الإسلام 2: 532 ح 1892.

(4). ولاية الفقيه 2: 446.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 498

و قال: و لا يمنع المحبوس من دخول اخوانه و اهله عليه، لأنه يحتاج الي ذلك حتي يشاورهم في توجيه

ديونه، و لكن لا يمكّنون من المكث عنده حتي يستأنس بهم.» «1»

4- الكاساني: «و لا يمنع- المحبوس- من دخول اقاربه عليه، لان ذلك لا يخل بما وضع له الحبس، بل قد يقع وسيلة اليه..» «2».

5- ابن عابدين: «و لا يمكّن احد أن يدخل عليه للاستيناس إلّا اقاربه و جيرانه و لا يمكثون عنده طويلا، و قال في الشرح أي: بحيث يحصل له الاستيناس بهم بقدر ما يحصل به المقصود من المشاورة.» «3»

أقول: لو كان اللقاء منافيا لمقتضي التضييق المأمور به علي بعض المسجونين كالملتوي عن أداء الدين، و كالمرتدة و.. فلا حق له في اللقاء و لا يجب بل لا يجوز مراعاته.

الفصل الرابع حقه في الرفاهية

اشارة

تشير بعض فقرات رواية الدعائم عن أمير المؤمنين (ع) الي مراعاة حق الرفاهية و الخروج الي صحن السجن للتفرج و به صرّح بعض المعاصرين، و قبله مؤلف «احكام السجون» و استدل او استشهد بحبس النبي (ص) الاسري في الدور الاعتيادية كما حبس في دار امرأة من بني النجار.

و فصّل البعض الآخر حيث أفتي في بعض المسجونين بالتضييق عليه في المكان و الملبس و المفرش و المطعم، و ما فيه جنبة ترفيه.. و قد أشرنا الي ذلك في بحث عدم جواز تعذيب المسجون و سيأتي.

______________________________

(1). المبسوط 20: 90.

(2). بدائع الصنائع 7: 174.

(3). رد المحتار 4: 314.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 499

الروايات و الآراء

1- الدعائم: «كتاب علي حول ابن هرمة: «و مر باخراج اهل السجن في الليل الي صحن السجن ليتفرجوا..» «1»

2- ولاية الفقيه: «ان علي الامام أن يراعي حاجات المحبوسين في معاشهم من الغذاء و الدواء و الهواء الصافي و الألبسة الصيفية و الشتوية و سائر الامكانات..» «2».

3- و قال بعض المفكرين في بيان ما يلزم رعايته: «ان يكون بناء السجن مريحا و واقيا من الحر و البرد مما يتوفر معه راحة السجين و من هنا تري النبي (ص) يحبس في الدور الاعتيادية التي يسكنها سائر الناس و يتوفر فيها النور و السعة فقد حبس الأسري المقاتلين الذين حكمهم القتل في دور اعتيادية اذ فرقهم علي بيوت الصحابة، و احيانا كان يحبسهم في دار واحدة كما حبسهم في دار امرأة من بني النجار من الأنصار.» «3»

آراء المذاهب الاخري

4- الخراج: «كتب عمر بن عبد العزيز: لا تدعنّ في سجونكم احدا من المسلمين في وثاق لا يستطيع أن يصلي قائما و لا تبيتنّ في قيد الّا رجلا مطلوبا بدم، و اجروا عليهم من الصدقة ما يصلحهم في طعامهم و ادمهم و السلام، فمر بالتقدير لهم ما يقوتهم في طعامهم و ادمهم و صيّر ذلك دراهم تجري عليهم في كل شهر يدفع ذلك اليهم، فانك ان اجريت عليهم الخبز ذهب به ولاة السجن و القوّام و الجلاوزة و ولّ ذلك رجلا من أهل الخير و الصلاح يثبت اسماء من في السجن ممن تجري عليهم الصدقة و تكون الأسماء عنده و يدفع ذلك اليهم شهرا بشهر يقعد و يدعو باسم رجل رجل و يدفع ذلك اليه في يده فمن كان منهم قد أطلق و خلي سبيله ردّ ما يجري عليه و يكون

للإجراء عشرة دراهم

______________________________

(1). دعائم الإسلام 2: 532 ح 1892.

(2). ولاية الفقيه 2: 469.

(3). احكام السجون: 117.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 500

في الشهر لكل واحد و ليس كل من في السجن يحتاج الي ان يجري عليه، و كسوتهم في الشتاء قميص و كساء و في الصيف قميص و ازار و يجري علي النساء مثل ذلك و كسوتهن في الشتاء قميص و مقنعة و كساء، و في الصيف قميص و ازار مقنعة..» «1».

5- قال السرخسي في الملتوي عن اداء الدين: «و لهذا قالوا ينبغي ان يحبس في موضع خشن لا يتبسط له فراش و لا وطاء..» «2».

6- قال السيد سابق: «و ينبغي ان يكون الحبس واسعا و ان ينفق علي من في السجن من بيت المال، و ان يعطي كل واحد كفايته من الطعام و اللباس، و منع المساجين مما يحتاجون إليه من الغذاء و الكساء و المسكن الصحي جور يعاقب اللّه عليه» «3».

أقول: اما الحبس في الدور الاعتيادية فلعله لعدم توفر الامكانيات المادية للحكومة الاسلامية آنذاك، لبناء السجون، أو لجهات سياسية اقتضت عدم بناء السجون في بداية اقامة الحكومة مثل ان لا يصدم الناس بالخشونة و عدم اللين في النظام الاسلامي، او لأجل عدم الاحتياج الي اماكن خاصة آنذاك: اما لقلة العدد و اما لكفاية الدور الموجودة لرفع الحاجة، و لذا صرّح بعض فقهائنا- رضوان اللّه عليهم- بلزوم التضييق و عدم مراعاة الرفاهية لبعض المسجونين كما سيأتي في البحوث الآتية، هذا:

و للأسف ان البعض قد انخدع بشعارات الاوربيين حول الامور الترفيهية المزعومة المعطاة للمعتقلين في السجون، و حاول ان يعرض الإسلام في جانبه هذا، في وجه احسن و اكثر رفاهية حسب تصوره و زعمه،

لكنه غفل عن ان شعارات الاوربيين حول حقوق الانسان و بخاصة المسجونين لا يتجاوز في الاغلب السطور و الاوراق، و الواقع يكذب ما يتفوهوا به، اضف الي ذلك انه ليس لنا ان نحمّل علي الإسلام و قوانينه ما تزينه لنا أهواؤنا و افكارنا المتأثّره بهذه الشعارات الخلابة، بل لا بد و ان نرد مناهل الإسلام نفسه و نرتوي من عذب مائه و صافي معينه دون أن نخلطه بما قرع سمعنا من الاساطير الغربية

______________________________

(1). الخراج: 150.

(2). المبسوط 20: 90.

(3). فقه السّنة 14: 84.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 501

و الاوربية، و هذا الخطأ كثيرا ما نجده في الكتب المطبوعة حديثا.

ثم ان القارئ المحقق يري ان الإسلام لا يعطي الرفاهية و التوسعة لأوضاع المساجين مهما كانت جرائمهم و ذلك لأن فلسفة الحبس لا تلائم جعل المسجون في رفاهية، فالاسلام مثلا يحبس الموسر المماطل حتي يخرج من حق الناس، و من المعلوم ان مثل هذا السجين لا يخرج عن عهدة الدين الذي عليه الّا اذا ضيق عليه و حرم عن بعض المسائل الترفيهية، اما لو كان وضعه المعيشي في السجن كما كان في خارجه، بل احسن منه، لما وجد دافعا للخروج عن الحق و كذلك المرتد الملي و المرتدة، عند ما يحبسان لأجل تركهم شريعة الإسلام فانهما لا يرجعان عن الانحراف الا اذا ضيق عليهم و الّا فلا يجدان دافعا و موجبا للرجوع عن ارتدادهما، نعم لا دليل علي ممارسة الضغط علي كل المسجونين، كالمحبوس الذي يدعي العسر، أو المتهم بالقتل و..

الفصل الخامس حقه في الاجازة

عدّ البعض من جملة حقوق المسجون حقه في الاجازة و الرخصة، و لكنّا لم نجد- رغم الفحص و الجهد- نصّا أو فتوي فقيه يشير الي

ذلك، او ما يدل علي ان النبي (ص) أو احد المعصومين رخّص للسجين و اجازه في الخروج لزيارة الأهل و الأقرباء، و قد استظهر بعض المعاصرين من رواية ابن سنان عن ابي عبد اللّه (ع) في اخراج المحبسين الي الجمعة.. الفسحة لهم لزيارة الأقارب، و فيما يلي الرواية ثم الاستظهار:

الفقيه: «روي عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (ع) انه قال: علي الامام أن يخرج المحبسين في الدين يوم الجمعة الي الجمعة و يوم العيد الي العيد فيرسل معهم فاذا قضوا الصلاة و العيد ردّهم الي السجن.» «1»

القضاء و الشهادة: «.. ربما يظهر منه الفسحة لهم يوم العيد لزيارة الأهل

______________________________

(1). الفقيه 3: 20 ح 5.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 502

و الأقارب، الّا ان يراد بالعيد صلاته لكنها بعيدة، و يلحق بالصلاة الحج الواجب.» «1»

أقول: و هو تنبه جيد و لكنه خلاف الظاهر اذ في الرواية: «.. يوم الجمعة الي الجمعة..» أي يخرجهم لإقامة صلاتي الجمعة و العيد، اضف الي ذلك وجود قرينة صارفة عن هذا المعني و هي قيد «المحبسين في الدين» لان هؤلاء يجب التضييق عليهم حتي يؤدّوا حق الناس، الّا ان يقرأ بالكسر، فتأمل.

و لكنا مع ذلك لا نضايق القول بجوازه لهم لو رأي الحاكم المصلحة في ذلك، و لم يكن مخالفا لمقتضي التضييق علي بعض المسجونين.

كما يظهر من المسالك امكان خروج السجين لحاجة: فانه قال في المسالك «إن سرق من الحبس او من خارجه لو اتفق خروجه لحاجة.»

مسالك الافهام 10: 285.

الفصل السادس حقه في تعجيل محاكمته

اشارة

لا خلاف بين الفقهاء في تعجيل محاكمة المسجون و النظر في امره، و بذلك وردت رواية مرسلة عن أمير المؤمنين (ع) و قد تعرضوا لهذه المسألة في آداب

القضاء و مستحباتها كالشيخ في المبسوط و ابن البراج في المهذب و علي بن حمزة في الوسيلة و المحقق في المختصر النافع و الشرائع و العلامة في القواعد و التذكرة و الشهيد الأول في الدروس و المحقق السبزواري في الكفاية و الفيض الكاشاني في المفاتيح و الآشتياني في القضاء و.. و من العامة: الشيباني في النفقات و البصري في التفريع و الفيروزآبادي في التنبيه و ابن قدامة في المغني و النووي في المنهاج و المرداوي في الانصاف و..

و عليه فلا كلام في ذلك و انما الكلام في ان ذلك هل هو علي سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ الظاهر من الأكثر هو الثاني، و لكن المرحوم السيد الخونساري في «جامع المدارك» استشكل علي ذلك بعدم الدليل علي الاستحباب، بل لعله واجب.. و ان اجابه البعض بما لا يدفع الشبهة، و فيما يلي الروايات ثم الآراء.

______________________________

(1). القضاء و الشهادة: 165.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 503

الروايات

1- الدعائم: «عنه- أمير المؤمنين (ع)- انه كان يعرض السجون في كل يوم جمعة فمن كان عليه حد اقامه و من لم يكن عليه حد خلّي سبيله.» «1»

2- اقرب الموارد: السجن جمع سجون و في الحديث: شهدت عليا بالكوفة، يعرض السجون، أي يعرض من فيها من المسجونين، يعني يشاهدهم و يفحص عن احوالهم.» «2»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «فاذا جلس للقضاء فاوّل شي ء ينظر فيه حال المحبسين في حبس المعزول، لان الحبس عذاب فيخلّصهم منه و لأنه قد يكون منهم من تمّ عليه الحبس بغير حق، فاذا ثبت هذا، فترتيب ذلك أن يبعث الي الحبس ثقة يكتب اسم كل واحد منهم في رقعة مفردة و يكتب اسم من حبسه و بما ذا حبسه، فاذا فرغ من هذا، نادي في البلد الي ثلاثة ايام، الا ان القاضي فلان ينظر في امر المحبسين فمن كان له علي محبوس حق فليحضر يوم كذا و يأخذ الوعد اليوم الرابع، فيخرج في الرابع الي مجلسه علي الوجه الذي ذكرناه، فيخرج رقعة فينادي مناديه: هذه رقعة فلان بن فلان المحبوس، فمن كان خصمه فليحضر فاذا حضر خصمه بعث اليه، فأخرجه ثم يخرج رقعة اخري و يصنع مثل ذلك حتي يحضر عنده العدد الذي يتمكن أن يفصل بينهم و بين خصومهم، فاذا اجتمعوا اخرج الرقعة الأولي فيقول: اين خصمه؟ فاذا حضرا عنده لم يسأل الحابس لم حبسته لأنه ما حبسه الّا بحق، لكنه يسأل المحبوس فيقول له:

هذا خصمك؟ فاذا قال: نعم قال له: بما ذا حبسك؟..» «3».

2- القاضي ابن البراج: «فاذا جلس للحكم، كان اول ما ينظر فيه حال

______________________________

(1). دعائم الإسلام 2: 443 ح 1544- و عنه المستدرك 18: 36 ح 1.

(2). اقرب

الموارد: 497.

(3). المبسوط 8: 91.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 504

المحبسين، لان الحبس عذاب، فيخلصهم منه و لأنه قد يكون فيهم من تمّ عليه الحبس بغير حق..». «1»

3- علي بن حمزة: «و ينظر في حال المحبوسين مع خصومهم، فان حبسوا بحق تركهم و ان حبسوا بباطل ردّ الي الحق.» «2»

4- المحقق الحلي: «النظر الثاني في الآداب: و هي مستحبة و مكروهة، فالمستحب:.. و السؤال عن أهل السجون و اثبات اسمائهم و البحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه.» «3»

5- و قال في الشرائع: «في الآداب، فالمستحبة: ثم يسأل عن أهل السجون و يثبت أسماءهم و ينادي في البلد بذلك، ليحضر الخصوم و يجعل لذلك وقتا، فاذا اجتمعوا اخرج اسم واحد واحد و يسأله عن موجب حبسه، و عرض قوله علي خصمه، فان ثبت لحبسه موجب اعاده و الّا أشاع حاله بحيث ان لم يظهر له خصم اطلقه.» «4»

6- و قال أيضا: «لو قضي الحاكم علي غيرهم بضمان مال و أمر بحبسه، فعند حضور الحاكم الثاني ينظر فان كان الحكم موافقا للحق الزم و الّا أبطله سواء كان مستند الحكم قطعيا أو اجتهاديا.» «5»

7- العلامة الحلي: «ثم ينظر أول جلوسه في المحبوسين فيطلق كل من حبس بظلم أو تعزير، و من اعترف انه حبس بحق اقره، و من قال: انا مظلوم لأنّي معسر فان صدّقه غريمه اطلقه، و ان كذّبه، فان كان الحق مالا أو ثبت بالبينة ان له مالا، ردّه الي الحبس الّا أن تقوم بينة بتلفه. و لو لم يكن الدعوي مشتملة علي اخذ مال و لا ثبت له اصل مال، فالقول قوله مع اليمين في الاعسار و ان قال: انا مظلوم

اذ لا حق عليّ. طولب خصمه بالبينة فان أقامها، و الّا اطلقه بعد يمينه. و هل يجوز اطلاقه بادّعائه الظلم و ان

______________________________

(1). المهذب 2: 595.

(2). الوسيلة: 209.

(3). المختصر النافع: 279.

(4). شرايع الإسلام 4: 73.

(5). شرايع الإسلام 4: 75.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 505

لم يحضر خصمه؟ الأقرب المنع. و لو قال: لا خصم لي و لا أدري لم حبست، نودي علي طلب الخصم فان لم يحضر أطلق. و ان ذكر غائبا و زعم انه مظلوم، ففي اطلاقه نظر اقربه انه لا يحبس و لا يطلق، لكن يراقب الي أن يحضر خصمه و يكتب اليه ليعجل، فان لم يحضر أطلق.» «1»

8- و قال في التذكرة: «قد بيّنا انه يقبل قوله في الاعسار اذا لم يعرف له سابقة مال مع يمينه فحينئذ يقول: انه يقبل في الحال كما لو اقام البينة يسمع في الحال و هو قول اكثر الشافعية و قال بعضهم: يتأنّي القاضي و يبحث عن باطن حاله و لا يقنع بقوله بخلاف ما اذا قام البينة، و حيث قلنا انه لا يقبل قوله الّا بالبينة، لو ادعي ان الغرماء يعرفون اعساره كان له احلافهم علي نفي المعرفة، فان نكلوا حلف و ثبت اعساره و ان حلفوا، حبس. و كلّما ادعي ثانيا و ثالثا و هلم جرّا انه قد ظهر لهم اعساره كان له تحليفهم، الّا ان يعرف القاضي انه يقصد الايذاء و اللجاج. فاذا حبسه فلا يغفل عنه بالكلية، و لو كان غريبا لا يتمكن من اقامة البينة وكّل به القاضي من يبحث عن منشأه و عن منتقله و يفحص عن احواله بقدر الطاقة، فاذا غلب علي ظنّه افلاسه، شهد به عند القاضي، لئلا

يتخلد عليه عقوبة السجن.» «2»

و قال في تبصرة المتعلمين: «و يستحب … و السؤال … و أرباب السجن و موجبه.» 179.

9- الشهيد الأول: «اما مستحبة- و هي عشرون: الخامس: أن يبدأ لما يقدم بالمحبوسين، فمن حبس بظلم أو في تأديب ثم ادّبه اطلقه، و من ذكر انه محبوس بحق، أقرّ.

و من أنكر الحق يسأل عن خصمه، فان عينه احضره، فان اعترف بالظلم اطلقه، و ان زعم ان الأول حبسه لثبوت حقه عنده، فعليه البينة، ان لم يصدق الغريم، و ان لم يعين خصما، فان قال: لي خصم لا اعرفه اقر. و ان قال: لا خصم لي، اشيع حاله بالنداء، فان لم يظهر أطلق، و ان قال: حبست ظلما فالأقرب انه لا يسمع منه لأنه قدح في الأول، بل يشاع حاله ثم يطلق بعد احلافه علي البراءة، قاله الشيخ و هو حسن. و هل يلزم بكفيل في الموضعين؟ احتمال. و لو ذكر خصما غائبا و ذكر انه مظلوم، فالأقرب

______________________________

(1). قواعد الاحكام 2: 204- انظر التحرير 2: 182- إيضاح الفوائد 4: 308.

(2). تذكرة الفقهاء 14: 74 المسألة 302.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 506

اخراجه و المراقبة أو التكفيل.» «1»

10- الأردبيلي: «ثم ينبغي أن ينظر أولا في حال المحبوسين إن لم يفت قبله حق شخص و لم يكن هناك أمر ضروري احوج منه. فإن الحبس عذاب، بل ينبغي أن ينادي إن احتاج: إن القاضي يسأل عن حال المحبوسين، فليحضر من له محبوس، و من هو خصمهم، فيروح بنفسه، او يبعث أمينا أو أكثر إليهم، و لو اقتضت المصلحة بإخراجهم لاستعلام حالهم، فعل فيسأل، فمن ظهر له خصم، و إن حبسه علي حق، يحبس و من علم أنه

علي باطل يطلقه، و من لم يظهر له خصم، و قال: ما لي خصم، أو ما أعرف، يشيع حاله، بحيث لو كان لظهر. فإن لم يظهر، يمكن أن يطلقه مع عدم المفسدة.

و إن علم أن له خصما غائبا، ففيه احتمالات:

الحبس، و عدمه، و مراقبته، و الكتابة إلي الخصم، و التحقيق، فتأمل. «2»

11- الشيخ البهائي: «سادس من المستحبات: ان يبدأ بأحوال المحبوسين في سجن القاضي المعزول..» «3»

12- السبزواري: «قالوا: اذا تفرغ القاضي من مهماته و اراد القضاء استحب أن يبتدئ أولا بالنظر في حال المحبوسين.» «4»

13- الفيض الكاشاني: «.. ثم يسأل عن أهل السجون و عن موجب حبسهم فمن لم يثبت لحبسه موجب اطلقه، و كذا من لم يظهر له خصم بعد اشاعة حاله، و ان ادعي ان لا خصم له؛ ففي احلافه مع ذلك قولان.» «5»

14- السيد العاملي، قال بعد كلام العلامة في التذكرة: «و بهذا الذي ذكره في التذكرة يسقط ما اعترض به المولي الأردبيلي علي الاصحاب: من انه كيف يحبس اذ قد لا يكون له بينة و يكون معسرا و المال تالفا و الحبس عقوبة عاجلة من غير ظهور وجهها و الحبس بعيد، بل يحلف علي عدم بقائه عنده، ثم احتمل عدم الحلف، ثم قال:

لا بد من الحلف لمكان دعوي المال، انتهي. قلت: قوله من غير ظهور وجهها لا وجه له لأن الوجه في ذلك استصحاب بقاء الموضوع الذي لم يخالف فيه احد، و به استقام النظام مضافا الي أصل العدم، و اين يقع بظهور الاتلاف من هذين الاصلين، مع ان الظهور هنا ليس علي (عن خ) مدرك شرعي» «6».

15- السيد الخونساري: «ما ذكر من الآداب بين ما لا دليل علي استحبابه بالخصوص

و بين ما لعلّه يجب مراعاته.. و مثل السؤال عن أهل السجون و البحث عن موجب اعتقالهم، كيف يكون من المستحبات؛ فان المدين مع اظهار العسر يحبس حتي يتبين حاله، و مع تبين اعساره لا مجوز لحبسه، فكيف يكون السؤال عن حاله و موجب

______________________________

(1). الدروس: 171. و ج 2: 71 (الطبعة الجديدة)

(2). مجمع الفائدة 12: 36- انظر كتاب القضاء للشيخ الانصاري ص 82.

(3). جامع عباسي: 355.

(4). كفاية الاحكام: 262.

(5). مفاتيح الشرائع 3: 249.

(6). مفتاح الكرامة 10: 75.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 507

حبسه مستحبا.» «1»

أقول: و قد اجاب المحقق الآشتياني عن هذا الاشكال فقال: «و به صرح في الجواهر و علل بانهم في عذاب يعني سرعة الخلاص منه مطلوبة و لا بأس بما ذكروه للتسامح، لا يقال: مقتضي التعليل الوجوب مع ان ظاهرهم بل صريحهم استحباب اصله فكيف بالبدأة به، لأنا نقول: الوجوب انما هو اذا ثبت و لو في الظاهر عدم استحقاقه العذاب، و الّا فلا دليل علي حرمة ترك الخلاص مطلقا، و فعل القاضي محمول علي الصحة ما لم يظهر خلافه.» «2»

أقول: ان جواب الآشتياني دليل علي سبق هذا الاشكال علي السيد الخونساري (ره) و ان لم نعرف قائله، أو حصل توارد فكري بينهما و علي أي، قد يجاب عن الاشكال: بانه لعل نظر اصحاب هذه الفتاوي بانه يستحب للإمام و الوالي و القاضي التعجيل في النظر بأمر المحبوسين كل يوم و تقديمه علي غيره، فالمستحب هو التعجيل لا النظر، فتأمل.

آراء المذاهب الاخري

16- الشيباني: «و اذا حبس القاضي رجلا في نفقة المرأة أو في دين فينبغي (له) ان يسأل عنه و عن حاله بعد شهرين أو ثلاثة أشهر.» «3»

17- ابن الجلاب: «فصل 990-

نظر الحاكم في أمر المحبوسين: و ينبغي للحاكم أن ينظر في أمر المحبوسين و لا يهمل أمرهم، فمن علم اعساره انظره و من علم لدده اطال حبسه.» «4»

18- الفيروزآبادي: «و أول ما ينظر فيه امر المحبسين فمن حبس بحق ردّه الي الحبس و من حبس بغير حق خلاه، و من ادعي انه حبس بغير خصم، نادي عليه ثم

______________________________

(1). جامع المدارك 6: 12.

(2). القضاء: 59.

(3). النفقات: 47.

(4). التفريع 2: 247.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 508

يحلفه و يخليه.» «1»

19- ابن قدامة: «و اذا جلس الحاكم في مجلسه فأوّل ما ينظر فيه أمر المحبوسين لان الحبس عذاب و ربما كان فيهم من لا يستحق البقاء فيه فينفذ الي حبس القاضي الذي كان قبله ثقة يكتب اسم كل محبوس و فيم حبس و لمن حبس..» «2».

20- المرداوي: «في آداب القضاء: فان كان حبس في تهمة، أو افتيات علي القاضي قبله خلي سبيله- و جزم به في الهداية و المذهب و المستوعب و الخلاصة و المغني و الشرح و الوجيز و شرح ابن منجا و غيرهم، قال المصنف و الشارح: لأن المقصود بحبسه التأديب و قد حصل، و قال ابن منجا: لأن بقاءه في الحبس ظلم، قلت: في هذا نظر، و قال في المحرر و غيره: و ان حبسه تعزيرا أو تهمة خلّاه أو بقّاه بقدر ما يري و كذا قال في الفروع و غيره، قلت: و هو الصواب..» «3»

21- النووي: «المستحب ان يبدأ في نظره بالمحبسين لان الحبس عقوبة و عذاب و ربما كان فيهم من تجب تخليته فاستحب البداية بهم.» «4»

22- ابو اسحاق الشيرازي: «و المستحب أن يبدأ في نظره بالمحبسين لان الحبس عقوبة و عذاب

و ربما كان فيهم من تجب تخليته، فاستحب البداية بهم و يكتب اسماء المحبسين و ينادي في البلدان: القاضي يريد النظر في أمر المحبسين في يوم كذا، فليحضر من له محبوس، فاذا حضر الخصوم اخرج خصم كل واحد منهم فان وجب اطلاقه اطلقه، و إن وجب حبسه اعاده الي الحبس.» «5»

23- ابو ضياء خليل: «في أول ما يبدأ به القاضي- و بدأ بمحبوس ثم وصيّ و مال و طفل، قال الشارح، محمد الخرشي المالكي: يعني ان القاضي يجب عليه في أول جلوسه أن يبدأ بالمحبوسين فينظر في امرهم فمن استحق الاخراج اخرج عنه و من لا؛

______________________________

(1). التنبيه: 253.

(2). المغني 9: 46.

(3). الانصاف 11: 218.

(4). المجموع 2: 140- و مثله في منهاج الطالبين 2: 340.

(5). المهذب 2: 298.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 509

ابقاه و هذا بعد النظر في الكشف عن الشهود الموقعين فيفحص عن عدالتهم فيثبت من كان عدلا و يسقط من ليس كذلك.» «1»

24- ابن النجار: «و يسنّ ان يبدأ بالمحبوسين فينفذ ثقة..» «2»

25- السيد سابق: «و لا يحل حبس احد بدون حق، و متي حبس بحق يجب المسارعة بالنظر في أمره، فان كان مذنبا اخذ بذنبه و ان كان بريئا أطلق سراحه.» «3»

الفصل السابع حقه في حضور زوجته معه

اشارة

وردت رواية عن الصادق (ع) ظاهرها: ثبوت حق للمحبوس في حضور زوجته معه و لم اجد من صرّح بذلك الّا بعض المعاصرين منّا، و عبد الرزاق في مصنفه عن بعض فقهاء العامة و ابن عابدين في ردّ المحتار.

امّا باقي الفقهاء، فقد تعرضوا في باب القسم- من النكاح- بما يفهم منه ذلك، و نكتفي بكلام الشيخ الطوسي في المبسوط و العلامة الحلي في القواعد، و ابن قدامة في المغني.

الروايات

1- الجعفريات: «اخبرنا عبد اللّه، أخبرنا محمد، حدثني موسي، قال: حدثنا أبي عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي (ع): ان امرأة استعدت عليا (ع) علي زوجها فأمر علي بحبسه و ذلك لأن الزوج لا ينفق عليها اضرارا بها، فقال الزوج: احبسها معي، فقال علي: لك ذلك؛ انطلقي معه لا عليك احدا.» «4»

______________________________

(1). شرح مختصر الجليل 7: 173.

(2). منتهي الارادات 2: 583- انظر شرح منتهي الارادات 3: 473- ادب القاضي 1: 221.

(3). فقه السنة 14: 83.

(4). الجعفريّات: 108- و عنه المستدرك 13: 432 ح 3.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 510

قد يقال بدلالة الرواية علي لزوم ايجاد مقدمات اللقاء بين السجين و زوجته، و لكن لا دلالة فيها علي ذلك، لأن قوله (ع) «لك ذلك» لا يدل علي كونه اخبارا عن حق ثابت له بل لعله إنشاء و تفضل من أمير المؤمنين (ع).

نعم يستفاد منه رجحان ذلك للحاكم اذا كان ممكنا و لم يزاحمه ما هو أهم.

ثم ان الرواية لا تشمل الزوجة المحبوسة لاحتمال الخصوصية في الرجل، بل لا يتعدي من مورد الدين في النفقة علي الزوجة أو مطلق النفقة أو مطلق الدين أو في خصوص الملتوي عن أداء الدين

ان لم نقل بوجوب التضييق عليه، و جعل الزوجة معه ينافيه. ثم ان هذا الحكم لا يشمل من لم يتزوج بعد و اراد ان يتزوج و هو في السجن لاحتمال الخصوصية في الرجل المتزوج.

و زبدة المخض: ان الموارد تختلف، فقد يكون المورد من الذين يستحق التضييق عليهم و التشديد بهم في الحبس فهنا يشكل دعوي استحقاقه في احضار الزوجة معه لأنه ينافي التضييق عليه.

ثم ان الفقهاء تعرضوا لهذه المسألة أو لما يشابه المسألة في باب القسم و النشوز، من كتاب النكاح.

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «اذا كان محبوسا في موضع و له اربع زوجات و تمكن من الدخول و الوصول اليه و قد كان قد قسّم في حال انطلاقه، فانه وجب عليه أن يقسم للبواقي، لان ذلك حق لهن، و مع القدرة يجب ايفاؤهن حقهن، و ان كان لم يقسم لهن و استدعي واحدة و باتت عنده، وجب عليه أن يقضي تلك الليلة في حقهن كلّهن لأن لكل واحدة ليلة، فاذا أمكن ايفاؤهن وجب ذلك، و ان استدعي واحدة و امتنعت سقط حقّها من النفقة و القسم و السكني لأنها ناشزة.» «1»

2- العلامة الحلي: «و لو حبس قبل القسمة، فاستدعي واحدة لزمه استدعاء

______________________________

(1). المبسوط 4: 332.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 511

الباقيات، فان امتنعت واحدة سقط حقّها.» «1»

3- ولاية الفقيه: «و من الامور المهمة التي ينبغي رعايتها ايجاد شرائط اللقاء بين المسجون و زوجته و امكان الخلوة بينهما فان الحاجة الجنسية من أشد الحاجات، و الفصل الطويل بينهما يستعقب غالبا أمورا لا يرضي بها العقل و الشرع و ربما يوجب الفرقة و تلاشي الحياة العائلية.» «2»

أقول: ثم انه يظهر من البعض ان ذلك من حقه،

و انه مفروغ عنه و لذا تعرضوا للقسم، و افتوا بوجوب اجابة الزوجة له و إلّا فهي ناشزة، و لعل ذلك لاطلاقات الأدلة و لاستصحاب الحق قبل الحبس و عدم المعارض لهما. نعم لو كان الحبس للارتداد عن ملة فلا حق له؛ لأنه محكوم بالكفر حينئذ، فلا يجوز للزوجة التمكين.

آراء المذاهب الاخري

1- المصنف: «.. فكتب فيه عمر بن عبد العزيز: ان كان جرح احدا فاجرحوه و ان قتل احدا فاقتلوه، و الّا فاستودعوه السجن و اجعلوا اهله قريبا منه حتي يتوب من رأي السوء.» «3»

2- ابن قدامة: «و ان حبس الزوج فاحبّ القسم بين نسائه بأن يستدعي كل واحدة في ليلتها فعليهن طاعته ان كان ذلك سكني مثلهن، و ان لم يكن، لم تلزمهن اجابته لأن عليهن في ذلك ضررا، و ان اطعنه لم يكن له ان يترك العدل بينهن و لا استدعاء بعضهن دون بعض كما في غير الحبس.» «4»

3- ابن عابدين: «و في النهر: و اذا احتاج الجماع دخلت عليه زوجته أو امته ان كان فيه موضع ستره، و فيه دليل علي ان زوجته لا تحبس معه لو كانت هي الحابسة له 4- منهاج الطالبين: «لا يحبس زوجته معه لو حبسته» «5» 5- الخطيب: «عن أبي حنيفة: انه يمنع عن الجماع» «6»

______________________________

(1). قواعد الاحكام 2: 47.

(2). ولاية الفقيه 2: 470.

(3). مصنف عبد الرزّاق 10: 118 ح 18576.

(4). المغني 7: 34.

(5). منهاج الطالبين 4: 345.

(6). الفتاوي الغياثية: 167.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 512

و هو الظاهر.» «1»

الفصل الثامن هل يحبس لو كان مريضا أو اجيرا؟

اشارة

افتي بعض فقهائنا رضوان اللّه عليهم بعدم جواز حبس المديون لو كان مريضا أو اجيرا للغير لقاعدتي نفي الضرر و الحرج، كما في مهذب الاحكام، و العروة الوثقي، و تحرير الوسيلة.

و امّا من السنّة ففي حاشية الجمل، و حاشية الاختيار أيضا ذلك و قيّد في الأخير الحكم بالمريض الذي لم يوجد من يخدمه و إليك كلماتهم:

آراء فقهائنا

1- السيد اليزدي: «اذا كان المديون مريضا يضره الحبس، يشكل جواز حبسه، كما انه لو كان له مانع آخر كما اذا كان اجيرا للغير أو كان عليه واجب يكون الحبس منافيا له.» «2»

2- الامام الخميني: «لو كان المديون مريضا يضره الحبس، أو كان اجيرا للغير قبل حكم الحبس عليه، فالظاهر عدم جواز حبسه.» «3»

3- السيد السبزواري: «لو اضرّ الحبس بالمعسر، أو كان اجيرا للغير قبل ذلك فلا يجوز حبسه، لقاعدتي نفي الضرر و الحرج.» «4»

4- القضاء و الشهادة: قال في بحث الدين: «اذا كان المحكوم عليه مريضا يضرّ به الحبس أو كانت امرأة يضرّ بعفّتها لم يحبس لعدم اطلاق في صحيح غياث، و هذا

______________________________

(1). رد المحتار 4: 314- انظر منهاج الطالبين 4: 345.

(2). العروة الوثقي 3: 56 مسألة 12.

(3). تحرير الوسيلة 2: 375 مسألة 9.

(4). مهذب الاحكام 27: 90 مسألة 15.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 513

الحكم يجري في فرض كل مانع أقوي من تحصيل المال.» «1»

آراء المذاهب الاخري

5- الشيخ سليمان الجمل: «و لو كان المسجون مستأجر العين علي عمل لا يمكن في الحبس امتنع حبسه.» «2»

6- قال أبو دقيقة في شرحه علي الاختيار: «و اذا مرض المحبوس، فان كان له من يخدمه في الحبس، لم يخرجه و إلّا اخرجه لئلا يهلك.» «3»

7- الخطيب: لو مرض في الحبس و أضناه و لم يجد من يخدمه، يخرجه من الحبس هكذا روي عن محمد قال: و هذا اذا كان الغالب هو الهلاك و عليه الفتوي. الفتاوي الغياثية: 167 أقول: أولا: ان ظاهر كلام السيد اليزدي و الامام الخميني و السيد السبزواري هو اختصاص الحكم بالمحبوس للدين، لا مطلقا، و عليه فلم يفت احد بعدم جواز حبس غيره

لو اضره الحبس كما في حبس الممسك علي القتل أو المرتد الملي، أو المرأة أو الآمر بالقتل و.. إلّا ان يقال بالفرق بينهما موضوعا، أو هذا تعزير و ذاك حد.

ثانيا: لو كان هذا الحبس للعقوبة و هو من أنواع التعزير كما صرح به السيد العاملي في المفتاح «4» فما الدليل علي تركه للمرض، سيما مع اطلاقات ادلة الحبس و عدم وجود مقيّد لهما، و استلزامه تعطيل الحدود و التعزيرات اضف الي ذلك انه ضرر علي صاحب الحق- الغريم-.

لكن الظاهر من فتاواهم استنادهم الي قاعدتي نفي الضرر و الحرج كما صرح بهما السيد السبزواري، أو الخوف علي المحبوس من الهلاك «5»، فلو لم يخش عليه الهلاك من مرضه أو امكنت معالجته في السجن لانتفي موضوع الفتاوي المذكورة.

اما الاستدلال علي عدم جواز حبس الأجير بتضرر مستأجره فيعارضه تضرر الغريم من عدم حبسه، و لعل نظر فتواهم الي الحبس في الدين دون غيره، و كيف كان

______________________________

(1). القضاء و الشهادة: 57 مسألة 8.

(2). شرح الجمل علي شرح المنهج 5: 346.

(3). الاختيار 2: 91.

(4). مفتاح الكرامة 10: 86.

(5). انظر شرايع الإسلام 4: 156.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 514

فلا دليل خاص علي عدم جواز حبس المريض و المستأجر نعم يجب رعاية ما يقتضيه مرضه و استئجاره مع عدم مزاحمته لما هو أهم.

الفصل التاسع فصل النساء عن الرجال في السجن

اشارة

يري البعض وجوب فصل النساء عن الرجال في السجن و لا دليل خاص في المقام، نعم نقل عن النبي (ص): انه كان يحبس السبايا، و في بعض النصوص: يحبس النساء في حظيرة بباب المسجد.

كما يستأنس ذلك مما دلّ علي حرمة الخلوة بالاجنبية «1» و حرمة الصلاة في مكان خلوة لا يمكن لثالث الدخول عليهما عند بعض «2»

و بطلانها عند بعض آخر 3.

و النهي عن سفر المرأة للحج، الّا و معها محرم «4» كما في كتب العامة، و لذا أفتي البعض بوجوب الفصل، و بعض السنة باستحبابه كما عن السرخسي في المبسوط و ابن عابدين في ردّ المحتار.

النصوص التاريخية

1- ابن هشام: «في أمر عدي بن حاتم.. و تخالفني خيل لرسول اللّه (ص) فتصيب ابنة حاتم، فيمن اصابت، فقدم بها علي رسول اللّه (ص) في سبايا من طي و قد بلغ رسول اللّه (ص) هربي الي الشام، قال: فجعلت بنت حاتم في حظيرة بباب المسجد،

______________________________

(1). انظر وسائل الشيعة 13: 280 ح 1 و ج 14: 133/ باب عدم جواز خلوة الرجل بالمرأة الاجنبية ح 3 و 2 و 1- دعائم الإسلام 1: 226 و ج 2: 214 ح 788- الجعفريات: 96/ مستدرك الوسائل 14: 265 باب عدم جواز خلوة الرجل بالاجنبية ح 8- 1 و مسند احمد 1: 222 و ج 3: 339.

(2) 2 و 3. انظر توضيح المسائل للإمام الخميني: 144 مسألة 889- و للسيد الخوئي: 152 مسألة 898- و للسيد الگلپايگاني 172: مسألة 898.

(4). كنز العمال 6: 725.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 515

كانت السبايا يحبسن فيها.» «1».

2- و في التراتيب: «سجن النساء:.. فجعلت بنت حاتم في حصيرة بباب المسجد و كانت النساء تحتبسن فيها» «2».

آراء الفقهاء

1- ولاية الفقيه: «لا ريب ان السجون الشرعية يجب أن تلحظ فيها و في برامجها الموازين الشرعية و الأهداف الاصلاحية الاسلامية و من الواضح ان اختلاط الرجال بالنساء في مكان خلوة مما يوجب الفساد قطعا.» «3»

2- السرخسي: «و ينبغي أن يكون محبس النساء في الدين علي حدة و لا يكون معهن رجل حتي لا يؤدّي الي فتنة» «4».

3- ابن عابدين: «و يجعل للنساء سجن علي حدة دفعا للفتنة.» «5»

4- قال السيوطي: «اول من حبس النساء مع الرجال في قيد واحد..

الضحاك بن قيس.» «6»

أقول: و تبعه الحجاج بن يوسف الثقفي «7». و مما يؤيّد لزوم فصل

النساء فتوي الفقهاء بكراهة اختلاط النساء بالرجال كما عن السيد اليزدي «8» و استدلال بعض المعاصرين «9» له بمعتبرة غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه (ع) قال: قال أمير المؤمنين (ع): يا أهل

______________________________

(1). السيرة النبويّة 4: 225.

(2). التراتيب الادارية 1: 300.

(3). ولاية الفقيه 2: 455.

(4). المبسوط 20: 90.

(5). رد المحتار علي الدر المختار 4: 328 و 347.

(6). الوسائل الي مسامرة الاوائل: 125- انظر ترجمته في اسد الغابة 3: 37.

(7). انظر الغدير 10: 52- تهذيب ابن عساكر 4: 80- المستطرف 1: 66.

(8). العروة الوثقي: 627 مسألة 49/ النكاح.

(9). انظر مستمسك العروة الوثقي 14: 54- مستند العروة الوثقي 1: 115/ النكاح.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 516

العراق، نبّئت ان نساءكم يدافعن الرجال في الطريق اما تستحون «1». و مرسل الكليني و خبر محمد بن شريح و موثق يونس بن يعقوب 2.

أقول: و المستفاد من مجموع هذه الروايات و الفتاوي، أنّ مذاق الشرع عدم الرضا باختلاط النساء بالرجال، و عدم الخلوة بالأجنبية حتي و لو كانا في حال العبادة، فكيف بهما في محل بعيدين عن الأهل و الأزواج.

الفصل العاشر فصل الاحداث عن الكبار، و المسلمين عن غيرهم

اشارة

ينبغي بل يلزم التفكيك و تفريق الاحداث عن الكبار، و المسلمين عن الكفار و أهل الذمة، و المحبوس لأداء الحق، عن المحبوس لجريمة القتل أو السرقة أو الزنا، و المحبوس للإيلاء و الظهار عن المحبوس في الحرابة دفعا للمفاسد.

و مما يؤيد لزوم تفريق الكفار عن المسلمين بل المؤمنين عن غيرهم؛ قول الصادق (ع) فيمن ازال شعر رأس امرأة: «و يحبس في سجن المسلمين. و في نقل آخر:

سجن المؤمنين.» و قد مرّ مع مصادره في باب الايذاء الجسمي، فراجع.

الآراء

1- ولاية الفقيه: «.. فيجب ان يفرد لكل صنف من هؤلاء و من اصناف المجرمين مكان خاص لئلا يؤدّي الأمر الي الفساد و بذلك يظهر وجوب افراد سجن الشباب السذّج أيضا عن سجن من توغّل في الانحراف الفكري و العقائد الفاسدة و المناهج الباطلة المعدية اذ المعاشرة المستمرة مؤثرة قطعا فينقلب السجن المعد للإصلاح الي محل الفساد و الافساد.» «3»

2- احكام السجون: «نص ابن عابدين علي ضرورة تفريق الاحداث عن

______________________________

(1) 1 و 2. انظر وسائل الشيعة 14: 174 باب 132/ مقدّمات النكاح.

(3). ولاية الفقيه 2: 455.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 517

الكبار.» «1»

أقول: «لا كلام في كبري مسألة افراز الاحداث مع خوف المفسدة، و انما الكلام في تحقق الصغري و أنه هل يحبس الاحداث؟ و قد أشرنا في الكتاب الي موارده و إليك بعضها:

1- حبس اطفال البغاة كما عن العلامة الحلي في القواعد «2» و السيد العاملي في مفتاح الكرامة. «3»

2- حبس احداث الكفار لو ادعي الانبات. و قد مرّ في فصل «اعداء الدولة»

3- حبس القاتل لو كان غير بالغ- علي ما يبدو من العلامة في المختلف «4» و المجلسي الأول في الروضة «5».

4- الحبس للتأديب،

كما عن السرخسي و الحموي من السنة، و لكن تأديبه عندنا هو الضرب دون عشرة سياط.

أ- قال القاضي ابن البراج: «و اذا أخطأ مملوك أو صبيّ، ادّب بخمس ضربات الي ست، و لا يزاد علي ذلك.» «6»

ب- قال الشهيد الأول: «و لا يزاد في تأديب الصبي علي عشرة اسواط.» «7»

ب- السبزواري: للحاكم الشرعي تعزير الاطفال بالحبس و الضرب حسب ما اقتضته المصلحة مهذب الأحكام 28: 122 ج- قال السرخسي: «اما الصبي فلا يحبس الّا للتأديب لأنه غير مخاطب به.» «8»

د- و قال الحموي: «في باب احكام الصبيان: و يقام عليه التعزير تأديبا و كذا يحبس تأديبا لا عقوبة.» «9»

______________________________

(1). احكام السجون: 101- نقلا عن الدر المختار 4: 347 و 328.

(2). قواعد الاحكام 2: 211.

(3). مفتاح الكرامة 10: 106.

(4). المختلف: 9: 331 المسألة 30 فان العلامة حمل عبارة: «و يستودع العبد السجن» علي صغر العبد!!.

(5). روضة المتّقين 10: 353.

(6). المهذب 2: 552.

(7). الروضة البهيّة 9: 193.

(8). المبسوط 20: 91.

(9). غمر عيون البصائر ورقة: 228- علي ما في احكام السجون: 101.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 518

ه- ابن عابدين: «و في المحيط: حبس الصبي التاجر تأديبا لا عقوبة لئلا يماطل حقوق العباد، فان الصبي يؤدّب لينزجر عن الافعال الذميمة.» «1»

الفصل الحادي عشر تشغيل المسجون

لم نجد نصّا من الفريقين في خصوص تشغيل المسجون، لكن الكلام تارة يقع في أنه هل يجوز- أو هل يجب- للدولة تشغيله؟ و اخري: هل ان من حق السجين ان يطالب الدولة بالاشتغال اذا اراد؟

اما الأول: فلا كلام في حسنه العقلي و انه تعاون علي البر اذ أنّ في التشغيل انقاذه من المفاسد المترتبة علي فراغه في السجن و ان كان ذلك قاصرا عن اثبات وجوبه.

اما

الثاني: فيكفي فيه اطلاقات ما ورد من الحثّ علي العمل و كراهة الكسل و ترك العمل «2» فيثبت مشروعية العمل و التشغيل في الجملة، و لكن هذا غير استخدام بعض المسجونين في الاشغال الشاقة- الذي يكون جزءا من العقوبة الأصلية- كما ورد في المرأة المرتدة، لأنّه نوع تعزير و تعذيب لها، فلا وجه للاستدلال به في المقام، اذ أن معناه حينئذ: جواز تعزير كلّ مسجون باستخدامه و تشغيله، كما ان ذلك غير تسليم المديون الي الغرماء ليستعملوه كما ورد عن علي عليه السلام: انه (ع) كان يحبس في الدين ثم ينظر فان كان له مال اعطي الغرماء، و ان لم يكن له مال دفعه الي الغرماء فيقول لهم:

اصنعوا به ما شئتم، ان شئتم آجروه و ان شئتم استعملوه.» «3»

فان هذا لا يعدّ تشغيلا في السجن اذ لا معني لحبسه بعد فرض كونه معسرا، اضف الي ذلك: ضعف المستند كما عن ابن ادريس و العلامة المجلسي و الحر العاملي، و رده البعض باشتماله علي حكم مخالف للكتاب و السنة.

______________________________

(1). رد المختار 4: 347.

(2). انظر وسائل الشيعة 12: 51- 2/ مقدّمات التجارة.

(3). التهذيب 6: 300 ح 45- انظر بحث «الملتوي عن اداء الدين».

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 519

كما لا يجدي الاستدلال باطلاقات ما ورد في وجوب نفقة الأهل و الأولاد، علي لزوم تشغيله في السجن أو خارجه، لأن غاية ما تفيد هذه الاطلاقات عدم منع الدولة عن اشتغاله و عمله، ان لم يكن ممن يجب عليه التضييق و كان العمل يتنافي معه فلا تفيد اثبات حق له علي الدولة و لا وجوب تشغيله أو تهيئة مقدمات العمل له.

كما لا يمكن الاستدلال بما قاله بعض فقهائنا-

رضوان اللّه عليهم- في المخلد «من ان نفقة السجين علي نفسه» و ذلك لأنه: أولا: يتعارض مع فتوي جمع من الفقهاء من ان نفقته علي بيت المال ان كان فقيرا أو مطلقا، و لم يقيدوا الأمر بكونه غير قادر علي التكسب. ثانيا: كون نفقته عليه لا يلازم التشغيل اذ قد يكون له مال فينفقه علي نفسه. ثالثا: هب ان الحكم في المخلّد هكذا، و لكن ما الدليل علي ان الحكم يسري علي غير المخلد؟ إلّا بتنقيح المناط و هو كما تري. هذا و قد استدلّ بعض المفكرين بما لا يرتبط بالمقام «1».

نعم عن الخطيب: «و هل يمنع عن الكسب؟ اختلف المشايخ فيه و الأصح انه يمنع» «2»

الفصل الثاني عشر نفقة المسجون

اشارة

دلّت النصوص علي ان نفقة المسجون من بيت المال، و لكن أكثرها وردت في خصوص السارق في المرة الثالثة.

و في بعضها: المخلدون من المحبوسين مع حصرهم بالممسك علي الموت، و المرتدة، و السارق.

و في بعض آخر: مطلق المخلدين و لكن بالنسبة الي اطعامهم فقط دون سائر المصارف.

و لكن فقهاؤنا فصّلوا بين الفقير و الغني مع الاختصاص بالسارق، كما عن السيد في الرياض و الفاضل الهندي في كشف اللثام و السيد اليزدي في العروة و المامقاني في

______________________________

(1). انظر احكام السجون: 114.

(2). الفتاوي الغياثية: 167.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 520

المناهج، و الامام الخميني في التحرير و الشيخ الوالد في «ذخيرة الصالحين» كما أطلق الآخر كالسيد الخوئي.

هذا و قد فصّل آخرون من الخاصة و العامة تفصيلات اخري بحسب المكنة و نوعية الجريمة، كما في المستند للنراقي و القضاء للكني، و من السنة: كما في المبسوط و الخراج، و عيون الازهار و غيره. و فيما يلي الروايات و الآثار ثم

آراء الفقهاء:

الروايات و الآثار

1- الكافي: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد اللّه (ع).. الي ان قال: و يقطع اليد و الرجل ثم لا يقطع بعد و لكن ان عاد حبس و انفق عليه من بيت مال المسلمين.» «1»

و حسّنه المجلسي في المرآة «2».

2- و فيه: «عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: سألته عن رجل سرق فقال:

سمعت أبي يقول: اتي علي (ع) في زمانه برجل قد سرق فقطع يده ثم اتي به ثانية فقطع رجله من خلاف ثم اتي به ثالثة فخلده في السجن و انفق عليه من بيت مال المسلمين، و قال: هكذا صنع رسول اللّه (ص) لا أخالفه.» «3»

أورده المجلسي في المرآة و رماه فقال: مجهول «4».

و أورده الشيخ في التهذيب «5» و في سنده «عن أبي القاسم» بدل «قاسم».

قال المجلسي الأول: «و الظاهر انه معاوية بن عمار» «6».

أقول: و ما يقال في تضعيفه بقاسم بن سليمان و انه غير معلوم الحال. فنقول: انه وقع

______________________________

(1). الكافي 7: 224 ح 10- و عنه التهذيب 10: 107 ح 33- و الوسائل 18: 494 ح 7.

(2). مرآة العقول 23: 346.

(3). الكافي 7: 223 ح 5- و عنه الوسائل 18: 493 ح 3.

(4). مرآة العقول 23: 345.

(5). التهذيب 10: 104 ح 22.

(6). روضة المتّقين 10: 187.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 521

في اسناد كامل الزيارات، فقبوله علي المبني «1» و ما يقال: ان المحكي من فعل أمير المؤمنين (ع) هو واقعة خاصة فلعل الشخص كان فقيرا غير متمكن، فلا يدل

الخبر علي وجوب الانفاق علي كل مسجون، يجاب عنه: ان ورودها في مقام الجواب عن حكم السارق يشعر بأنها قاعدة كلية.

3- و فيه: «محمد بن يحيي عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيي عن شعيب، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: قطع رجل السارق بعد قطع اليد ثم لا يقطع بعد، فان عاد حبس في السجن و انفق عليه من بيت مال المسلمين.» «2»

أورده المجلسي و قال: صحيح «3».

4- الفقيه: «و قال الصادق عليه السلام: كان أمير المؤمنين عليه السلام اذا سرق الرجل أولا قطع يمينه، فان عاد قطع رجله اليسري، فان عاد ثالثة خلده السجن و انفق عليه من بيت المال.» «4» و رواه في المقنع «5» أيضا.

5- العلل: «حدثنا محمد بن الحسن رحمه اللّه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة قال: سألته عن السارق و قد قطعت يده، فقال: تقطع رجله بعد يده فان عاد حبس في السجن و انفق عليه من بيت مال المسلمين.» «6»

عن أبي جعفر ع في رجل أشل اليمني سرق، قال: تقلع يمينه شلاء كانت او صحيحة، فان عاد فسرق قطعت رجله اليسري، فان عاد خلد في السجن و أجري عليه طعامه من بيت مال المسلمين يكف عن الناس شره البحار 76: 184 ح 13 عن العلل

6- العياشي: «عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي انه اتي بسارق فقطع يده ثم اتي به مرة اخري فقطع رجله اليسري، ثم اوتي به ثالثة، فقال: اني لأستحيي من ربّي ان لا ادع له يدا يأكل بها

و يشرب بها و يستنجي بها و رجلا يمشي عليها، فجلده و استودعه السجن و انفق عليه من بيت المال.» «7»

______________________________

(1). انظر معجم رجال الحديث 14: 22- و قد رجع منه مؤخرا علي ما سمعت من الشيخ الاستاذ في الدرس.

(2). الكافي 7: 223 ح 6- و عنه الوسائل 18: 493 ح 6- انظر التهذيب 10: 104 ح 21.

(3). مرآة العقول 23: 345.

(4). الفقيه 4: 45 ح 14- و عنه الوسائل 18: 495 ح 10.

(5). المقنع: 150.

(6). علل الشرائع 2: 537 ح 4- و عنه الوسائل 18: 496 ح 14. و البحار 76: 186 ح 16.

(7). تفسير العياشي 1: 319 ح 106- و عنه الوسائل 18: 496 ح 16، و البرهان 1: 471 ح 9. و البحار 76: 190 ح 30.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 522

7- الدعائم: «كان علي (ع) اذا اتي بالسارق في الثالثة بعد ان قطع يده و رجله في المرتين خلّده في السجن و انفق عليه من في ء المسلمين فان سرق في السجن قتله.» «1»

8- الجعفريات: «قال جعفر بن محمد: قال أبي (عليهما السلام): و كان أمير المؤمنين عليه السلام، اذا سرق السارق بعد ان يقطع يده و رجله، جلد و حبس في السجن و انفق عليه من في ء المسلمين.» «2»

9- النوادر: «احمد بن محمد، عن عبد اللّه بن سنان قال: سمعت ابا عبد اللّه (عليه السلام)- في حديث- قال: و تقطع من السارق الرجل بعد اليد، فان عاد فلا تقطع عليه، و لكن يخلد السجن، و ينفق عليه من بيت المال.» «3»

أقول: ان الأصل الاولي يقتضي كون نفقة المسجون عليه، فيما لو كان متمكنا أو علي من يجب نفقته عليه

كالزوج و الأب و الجد الأبي و الابن و المولي الخ.

و قد يستدل بالرواية الصحيحة الأولي ان النفقة علي بيت المال و لكن يرد عليه انه يحتمل الخصوصية في السارق فلا يتعدي عنه و ان قلنا بالتعدي فيقتصر علي القدر المتيقن و هو السجن المؤبد دون غيره، و يؤيد احتمال الخصوصية في السارق: انه في الثالثة يصير معاقا غير قادر علي كسب معيشته، بخلاف المرتدة مثلا أو الممسك علي القتل أو.. و كذلك الكلام في الرواية الثالثة و الرابعة بل مجموع الروايات التسع المذكورة غاية ما تدل: علي ان بيت المال يتحمل نفقة السارق من المسجونين و امّا غيره فيحتاج الي دليل، نعم في المقام روايات اخري يمكن الاستدلال بها علي المطلوب.

و يستدل بروايات اخري

1- الدعائم: «عن أبي عبد اللّه (ع): من خلّد في السجن رزق من بيت المال و لا يخلد في السجن الّا ثلاثة: الذي يمسك علي الموت، و المرأة ترتد إلّا ان تتوب، و السارق بعد

______________________________

(1). دعائم الإسلام 2: 470 ح 1674- و عنه المستدرك 18: 126 ح 3.

(2). الجعفريات: 141- و عنه المستدرك 18: 125 ح 2. انظر الوافي 15: 445 ح 15455.

(3). كتاب النوادر لا حمد بن عيسي: 152 ح 389- و عنه المستدرك 18: 126 ح 6.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 523

قطع اليد و الرجل.» «1»

أقول: و هي صريحة في حكم المسألة و مطلقة من حيث الغني و الفقر و التمكن من العمل و عدمه، و لكنها: أولا: ضعيفة السند، و ثانيا: خاصة بالمؤبدين، ثم بالموارد الثلاثة فقط، و ان كان الظاهر ان الحصر فيها اضافي.

2- التهذيب: «عنه (أي محمد بن الحسن الصفار) عن محمد بن الحسين بن أبي

الخطاب، عن وهيب بن جعفر، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن قول اللّه عزّ و جلّ … و قال: ان عليا عليه السلام كان يطعم من خلد في السجن من بيت مال المسلمين.» «2»

أقول: و لكنها مختصة بالإطعام الّا ان يقال: بأنّ المراد منه الانفاق، و لكن يبقي اختصاصها بالمخلدين، و في وهيب كلام «3».

3- الخراج: «ابو يوسف: و لم تزل الخلفاء يا أمير المؤمنين تجري علي أهل السجون ما يقوتهم في طعامهم و أدمهم و كسوتهم الشتاء و الصيف، و أول من فعل ذلك علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه بالعراق، ثم فعله معاوية بالشام، ثم فعل ذلك الخلفاء من بعده.» «4»

و هي واضحة الدلالة الّا ان الكلام في السند.

4- و فيه: «حدثني اسماعيل بن ابراهيم بن المهاجر عن عبد الملك بن عمير قال: كان علي بن أبي طالب اذا كان في القبيلة أو القوم الرجل الداعر، حبسه، فان كان له مال انفق عليه من ماله، و ان لم يكن له مال انفق عليه من بيت مال المسلمين، و قال:

يحبس عنهم شرّه و ينفق عليه من بيت مالهم.» «5»

قوله: الداعر: الخبيث المفسد، و الدعارة: سوء الخلق.

______________________________

(1). دعائم الإسلام: 2: 539 ح 1917- و عنه المستدرك 17: 403 ح 4 و 18: 126 ح 4.

(2). التهذيب 6: 153 ح 4- و عنه الوسائل 11: 69 ح 2 و جامع احاديث الشيعة 13: 178 ح 1.

(3). انظر معجم رجال الحديث 19: 215 الرقم 13206 و جامع الرواة 2: 303.

(4). الخراج: 149.

(5). الخراج: 150.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 524

هذا: و لكن دلالة غير الأولي و الثانية علي الانفاق علي مطلق المؤبدين

مشكل فضلا عن غيرهم فيكون الأصل محكّما، الا ان يقال بالأولوية بيانه: لو امكن اثبات نفقة المخلد علي بيت المال مع انها تستلزم صرف مبالغ طائلة ما دام العمر و الحياة، فاثبات وجوب نفقة المحبوس- موقتا- علي بيت المال بطريق أولي، و هو كما تري، لأنه اسراء للحكم من موضوع- علي فرض ثبوته في المؤبد- الي موضوع آخر قياسا من غير دليل يعتمد عليه.

أو يقال: بأن حفظ النظام الاسلامي و شئون الحكومة يقتضي ان يكون له ادارة و مراكز و نظم و ميزانية و مصارف، كلّها من بيت المال، كما هو المتداول في يومنا هذا في جميع البلاد؛ اسلامية كانت أم غيرها.

و هو أيضا كما تري لأنه لا منافاة بين حفظ النظام و بين كون نفقة المسجون عليه لا علي بيت المال.

أو يقال: بأن ترك ذلك يوجب عارا دوليا علي الدولة الاسلامية و منقصة عالمية و يوجب حربا اعلاميا ضد النظام الاسلامي فيصرف علي المسجون صيانة للوجه و دفعا للأعلام. لكنه استحسان محض لا دليل عليه.

ثم ان بعض فقهائنا رضوان اللّه عليهم فصّل بين المتمكن و غيره في السارق في الثالثة و يؤيده ما روي عن أمير المؤمنين (ع) في كتاب الخراج كما مرّ.

أقول: و هو تفصيل جيد و لكن البحث حول مستنده، لأن الكلام حول وجوب تحمل بيت المال نفقة المسجون، و اختصاص هذا الوجوب بما لو كان المسجون فقيرا يحتاج الي دليل، نعم لا شك في ان الفقير غير المتمكن؛ تتحمل الدولة الاسلامية و بيت المال، تأمين احتياجاته من سهم الفقراء و المساكين- الزكاة- و لكن هذا المعني لا يختص بالمسجون بل يصرف علي الفقير المحتاج من الزكوات و الصدقات سواء المسجون و

غيره، و اما ما ذكر بعنوان التأييد فهو مختص بالداعر لا مطلقا، مع ضعف سنده، لكن ادعي بعض فقهائنا عدم الخلاف فيها، فكأن المسألة اجماعية و متفق عليها فلا يبقي مورد لهذه المناقشات.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 525

آراء فقهائنا

1- السيد علي الطباطبائي: «و لو عاد فسرق مرة ثالثة حبس في السجن دائما و انفق عليه من بيت المال مع فقره لا مطلقا» «1».

2- الفاضل الهندي: «فان عاد ثالثا خلّد السجن حتي يموت أو يتوب و يري الإمام منه صلاحا و اقلاعا و ان في اطلاقه صلاحا، و انفق عليه من بيت المال ان لم يكن له ما ينفق علي نفسه..» «2»

3- الفاضل النراقي: «مؤنة المحبوس حال الحبس من ماله، و وجهه ظاهر و يشكل الأمر لو لم يكن له شي ء ظاهر و كان ينفق كل يوم بقرض أو بكسب قدر مؤنته أو سؤال أو كلّ علي غيره و نحوها، بل قد يغتنم المحبس لذلك، و كذا الاشكال في مؤنة الحبس فانه يحتاج الي مكان و مراقب لئلا يهرب المحبوس، فان كان هناك بيت مال فالمئونتان عليه و إلّا فان بذله خصمه من ماله فلا اشكال أيضا و الّا فتحميله علي الحاكم ضرر عليه منفي شرعا فيعارض بأدلته ادلة الحبس فيرجع الي أصل عدم وجوب الحبس عليه أو يقال بالتخيير فله اطلاقه و لا يجب عليه شي ء.» «3»

4- الشيخ محمد حسن النجفي: «.. و كيف كان فإن سرق ثالثة حبس دائما حتي يموت أو يتوب و انفق عليه من بيت المال ان لم يكن له مال» «4».

5- السيد اليزدي: «في مورد المديون المماطل: الظاهر ان مؤنة الحبس من بيت المال و اذا لم يكن

فعلي المحبوس، و يحتمل كونها علي المحكوم له.» «5»

6- الشيخ المامقاني: «و لو سرق ثالثا لم يقطع منه شي ء بل يحبس حبسا دائما حتي يتوب أو يموت و ينفق عليه ما دامه محبوسا من بيت المال ان لم يكن له مال.» «6»

______________________________

(1). رياض المسائل 16: 131.

(2). كشف اللثام 2: 249.

(3). مستند الشيعة 2: 549.

(4). جواهر الكلام 41: 533.

(5). العروة الوثقي 3: 56 مسألة 13.

(6). مناهج المتّقين: 503.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 526

7- الشيخ الكني: قال في المديون الذي يدّعي الاعسار: «ثم ان نفقته ما دام في الحبس في ماله ان لم يكن هناك مال معدّ لنفقة المحبوسين مطلقا، و ان لم يكن شي ء منهما و لا من يداينه انفق عليه من بيت المال و مع عدمه فالمتمكنون منه سواء من غير اختصاص بالمستحق و كونه لمصلحته لا يصلح للتخصيص و اما مؤنة الحبس من مفتاح و حافظ و نحوهما فان بذلها باذل و إلّا فمن بيت المال و إلّا فيقوي كونها علي المستحق لكونه وسيلة الي استنقاذ حقه كمئونة نقل الشهود من بعيد و ثمن القرطاس و مؤنة احضار المدعي عليه و نحو ذلك.» «1»

8- الامام الخميني: «.. و ان سرق ثالثا حبس دائما حتي يموت و يجري عليه من بيت المال ان كان فقيرا.» «2»

9- السيد الخوئي: «.. و ان سرق ثالثة حبس دائما و انفق عليه من بيت المال.. من دون خلاف و اشكال في البين.» «3»

10- الشيخ الوالد: «و ان عاد ثالثا خلّد في السجن دائما حتي يموت و انفق عليه من بيت المال ان لم يكن له مال» «4».

السبزواري: «الثالث: من سرق ثالثة مع ذلك يحبس دائما حتي يموت

و يجري عليه من بيت المال ان لم يكن له مال.

قال في الشرح: اما الإجراء من بيت المال فللإجماع و النصوص، …

و اما اعتبار الفقر: فلأنه المنساق من الأدلة، مضافا الي ظهور اجماع الأجلة فيجيره الحاكم بالاتفاق علي نفسه مباشرة او تسبيبا.» «5»

آراء المذاهب الاخري

11- ابو بكر الشيباني: «فلو ان امرأة الرجل ارتدت عن الإسلام بانت منه و لم يكن لها عليه نفقة لأن الفرقة جاءت من قبلها بسبب هو معصية.. و الفرق ان المرتدة تحبس لحق الشرع فلا تبقي محبوسة لحق الزوج.» «6»

12- ابو يوسف: «و اما ما سألت عنه يا أمير المؤمنين من أمر أهل الدعارة و الفسق و التلصص اذا اخذوا في شي ء من الجنايات و حبسوا هل يجري عليهم ما يقوتهم في

______________________________

(1). القضاء: 212.

(2). تحرير الوسيلة 2: 440 مسألة 1.

(3). مباني تكملة المنهاج 1: 304.

(4). ذخيرة الصالحين 8: 55.

(5). مهذب الأحكام 28: 98.

(6). النفقات: 67.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 527

الحبس؟ و الذي يجري عليهم من الصدقة أو من غير الصدقة، و ما ينبغي أن يعمل به فيهم؟ قال: لا بد لمن كان في مثل حالهم اذا لم يكن له شي ء يأكل منه لا مال و لا وجه شي ء يقيم به بدنه أن يجري عليه من الصدقة أو من بيت المال، من اي الوجهين فعلت فذلك موسع عليك و أحبّ إليّ أن تجري من بيت المال علي كل واحد منهم ما يقوته، فانه لا يحل و لا يسع الّا ذلك. قال: و الأسير من أسري المشركين لا بد أن يطعم و يحسن اليه حتي يحكم فيه فكيف برجل مسلم قد أخطأ أو أذنب؛ يترك يموت جوعا؟ و انما حمله علي ما

صار اليه القضاء (الفضلة) أو الجهل. و لم تزل الخلفاء يا أمير المؤمنين تجري علي أهل السجون ما يقوتهم في طعامهم و ادمهم و كسوتهم الشتاء و الصيف و أوّل من فعل ذلك علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه بالعراق … » «1».

13- و قال أيضا حول نفقة العبد الآبق: «و ينبغي أن يتقدم في الاجراء علي هؤلاء الاباق الي ان يباعوا كما يجري علي من في الحبس علي ما كنت قدرت لكل امرئ منهم و ليكن الاجراء عليهم من بيت مال المسلمين.» «2».

14- و قال السرخسي في نفقة المحبوس بالكفالة: «خاصم رجل ابنا لشريح الي شريح كفل له برجل عليه دين فحبسه فلما كان الليل قال: اذهب الي عبد اللّه بفراش و طعام؛ و كان ابنه يسمي عبد اللّه.» «3»

5 قول: لعل هذا من جهة الابوة و البنوّة لا من بيت المال.

15- علاء الدين السمرقندي: «و اما اذا كانت محبوسة بالدين قبل النقلة، فان كانت تقدر علي ان تخلي بينه و بين نفسها فلها النفقة و الّا فلا، لأنّ هذا حبس بحق و هذا اذا كانت لا تقدر علي أداء الدين، فامّا اذا كانت تقدر و لا تؤدي تسقط لتقصير منها، فاما اذا طلبت النفقة و ليست بمريضة و لا محبوسة و هي بالغة ففرض لها النفقة ثم مرضت أو حبست: لم تبطل نفقتها لأن النفقة قد وجبت بتسليم النفس من غير مانع الماوردي: «يجوز للأمير فيمن تكررت منه الجرائم و لم ينزجر عنها بالحدود أن يستديم حبسه إذ استضر الناس بجرائمه حتي يموت بعد أن يقوم بقوته و كسوته من بيت المال ليدفع ضرره عن الناس و إن لم يكن ذلك للقضاة.

220 الاحكام السلطانية

______________________________

(1). الخراج: 149- و عنه التراتيب الادارية 1: 300.

(2). الخراج: 184.

(3). المبسوط 20: 88- السنن الكبري 6: 77.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 528

عن الوطء، فاعتراض المانع لا يسقط النفقة كالحيض.» «1»

16- المرداوي: «قال في الرعاية: من عرف بأذي الناس و مالهم، حتي بعينه و لم يكف: حبس حتي يموت، و قال في الأحكام السلطانية: للوالي فعله، لا للقاضي، و نفقته من بيت المال لدفع ضرره.» «2»

17- احمد بن يحيي: «و نفقة المحبوس من ماله ثم من بيت المال ثم من خصمه قرضا أو اجرة، و اجرة السجان و الاعوان من مال المصالح ثم من ذي الحق كالمقتص.» «3»

18- النزوي: «اما ما حبسها (أي المرأة) به مع الحاكم من حبس المتهم و غير ذلك مما يكون فيه الأدب الذي لا مخرج لها منه و لا تقدر علي فكاك نفسها فعليه نفقتها علي هذا، لأنه هو حبسها و عرضها للحبس، و لا حق عليها فيه فتؤدّيه و كذلك ان كان شي ء من الحقوق، و كان هو يعلم انها معسرة فعليه نفقتها علي هذا، لأنه لو صح ذلك مع الحاكم لم يحبسها اذا كانت معسرة و لا يجوز له هو ان يحبسها اذا كانت معسرة بالحق، و ذلك انهم قالوا: اذا حبست علي شي ء من الحقوق أو الديون لم يكن لها نفقة.» «4»

19- الجزيري: «المالكية: يجب علي الامام ان يمهل المرتد ثلاثة ايام.. و يطعم في الحبس و يسقي من ماله.» «5»

الفصل الثالث عشر لو مرض في السجن فعلي من تكاليفه

من الذي يتحمل مسئولية نفقة المسجون لو مرض و احتاج الي علاج فهل يكون عليه أو علي بيت المال لقد تعرض فقهاؤنا لهذا النوع ضمن مرض المحدود من اجراء الحد عليه.

و ترددوا

في المتحمل لهذه المسئولية.

فيحتمل أن يكون عليه لان السبب الاصلي هو نفس المحدود و يحتمل ان يكون علي بيت المال لان المرض جاء من ناحية الحد.

قال السبزواري: لو مرض المحدود من اجراء الحد عليه فهل يجب علي الحاكم الشرعي مداواته أم لا؟ وجهان قال في الشرح: من أن المرض جاء من ناحية الحد فصار إجراء الحكم الشرعي سببا لمرضه فيجري عليه من بيت المال المعد لمصالح المسلمين و هذا منها و من أن السبب الأصلي جاء من نفس المحدود فيكون المرض من تبعاته، فلا يكون الضمان علي الحاكم و من بيت المال. نعم لو كان المرض من لوازم اجراء الحد كالجرح الحاصل من القطع، يكون ذلك من بيت المال، لما مر من قول علي ع: «فداو كلومهم» و ما عن نبينا الاعظم ص: اذهبوا فاقطعوا يده ثم احسموه» و غيرهما من الاخبار و لكن يستفاد من قول علي ع: فاحسن القيام عليهم، فاذا برءوا فأعلمني.

و عنه أيضا: و أمر بأيديهم أن تعالج فأطعمهم السمن و العسل و اللحم حتي برءوا إن مقتضي الامتنان و السهولة الشرعية أن يكون ذلك من بيت المال. و الله العالم «6» أقول: لو قلنا إن نفقة السجين علي بيت المال مع فقره أو مطلقا و مصارف العلاج أيضا يعد من النفقة، فالأمر واضح. إلا أن يفصل بين أنواع السجناء- السارق و غيره.

الفصل الرابع عشر تحريم التعذيب لانتزاع الاقرار

اشارة

لو توقف اخذ الاقرار و الاعتراف من المتهم علي الضرب و الحبس و التعذيب، أو

______________________________

(1). تحفة الفقهاء 1: 158.

(2). الانصاف 10: 249- انظر 9: 381.

(3). عيون الازهار: 469.

(4). المصنّف: 424.

(5). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 424.

(6). تهذيب الأحكام 28: 106.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 529

التهديد بذلك،

فهل يجوز ذلك و هل يكون الاقرار حينئذ نافذا؟ ظاهر الأدلة و النصوص و الفتاوي عدمه، و قد نقل في كتب التاريخ موارد ربما يوهم بالجواز: منها ما رواه الواقدي في قصة كنانة بن أبي الحقيق- رأس يهود خيبر- حيث أمر النبي (ص) من يعذبه حتي مات، و منها في قصة حاطب- حين هدد علي (ع) المرأة- التي أخذت كتاب حاطب، حتي اخرجته.

و قد اعتمد بعض المعاصرين في جواز تعذيب كاتم الحقيقة علي هذه القضايا، كما اعتمد البعض الآخر في جواز التعزير، لحفظ النظام و دفع الفتنة، أو تقوية الإسلام، و عن بعض العامة جواز ضرب السارق لإظهار المال المسروق، و عن بعض آخر منهم:

جواز ضرب المتهم بالقتل، للإقرار. و فيما يلي النصوص و الآثار ثم الآراء:

أ- الروايات و الآثار

اشارة

1- الكافي: «علي بن محمد بن بندار، عن احمد بن أبي عبد اللّه، عن أبيه، عن أبي البختري، عن أبي عبد اللّه عليه السلام: ان أمير المؤمنين عليه السلام قال: من اقر عند تجريد أو تخويف أو حبس أو تهديد فلا حد عليه.» «1»

ضعّفه المجلسي في المرآة «2»، و قال في الملاذ: «ضعيف و عليه العمل.» «3»

و قال والده العلّامة: «و عمل اكثر الاصحاب عليه و ضعفه منجبر بالشهرة و بموافقته للأصول، و يمكن الجمع بحمل الاقرار بدون الاتيان بالسرقة.» «4»

أقول: و دلالتها واضحة، فهي تنفي موجب الحد بمجرد الاعتراف خوفا من الحبس و و.. سواء كان في مورد السرقة أو الأمر بالقتل و.. و هي و ان كانت ضعيفة و لكنها معمولة بها،

______________________________

(1). الكافي 7: 261 ح 6- انظر التهذيب 10: 148 ح 23- و عنهما الوسائل 18: 497 ح 2- الجعفريات:

122- دعائم الإسلام 2: 466 ح

1655- و عنه المستدرك 16: 32 ح 1.

(2). مرآة العقول 23: 405.

(3). ملاذ الاخيار 16: 295.

(4). روضة المتقين 10: 236.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 530

2- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد اللّه (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): ان أبغض الناس الي اللّه عز و جلّ رجل جرد ظهر مسلم بغير حق.» «1»

و رواه في الدعائم بزيادة: «و من ضرب في غير حق من لم يضربه أو قتل من لم يقتله.» «2»

3- و فيه: «علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل سرق سرقة فكابر عنها فضرب فجاء بها بعينها، هل يجب عليه القطع؟ قال: نعم، و لكن لو اعترف و لم يجي ء بالسرقة لم تقطع يده لأنه اعترف علي العذاب.» «3»

و رواه الشيخ في التهذيب. «4»

قال العلامة المجلسي: «حسن» «5» و قال والده: «في الحسن كالصحيح» «6».

أقول: و هي كالرواية السابقة، اذ في الذيل تعليل بقوله لأنه اعترف علي العذاب، و المعني: ان الاعتراف لو كان عن التعذيب أو التخويف فلا أثر له شرعا.

4- العلل: «و بهذا الاسناد- محمد بن الحسن عن الحسن بن الحسن بن ابان، عن اسماعيل بن خالد- عن أبي جعفر (ع): ان اول من استحل الامراء العذاب، لكذبة كذّبها انس بن مالك علي رسول اللّه (ص): سمر يد رجل الي الحائط و من ثم استحل الامراء العذاب.» «7»

5- التهذيب: «عنه (أي محمد بن الحسن الصفار) عن الحسن بن موسي الخشاب، عن غياث بن كلوب عن اسحاق بن عمار عن أبي جعفر عليه

السلام عن أبيه عليه

______________________________

(1). الكافي 7: 260 ح 2- انظر مرآة العقول 23: 404.

(2). دعائم الإسلام 2: 444 ح 1551- و عنه المستدرك 18: 27 ح 1.

(3). الكافي 7: 223 ح 9- و عنه الوسائل 18: 497 ح 1. علل الشرائع 2: 535 الباب 323 ح 1 و بطريق آخر و عنه البحار 76: 184 ح 7.

(4). التهذيب 10: 106 ح 28.

(5). مرآة العقول 23: 346.

(6). روضة المتقين 10: 236.

(7). علل الشرائع 2: 541 ح 18- و عنه البحار 76: 203 ح 1.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 531

السلام: ان عليا كان يقول: لا قطع علي احد تخوف من ضرب و لا قيد و لا سجن و لا تعنيف الّا ان يعترف، فان اعترف قطع، و ان لم يعترف سقط عنه لمكان التخويف.» «1»

و وثّقها المجلسي الأول في الروضة «2».

قال الفيض: «المراد بالاعتراف الذي يكون من قبل نفسه من دون تكليف و تخويف» الوافي 15: 412 ح 15379.

أقول: و ان كان موردها السرقة و القطع، و لكن الاستدلال انما هو بذيل الرواية و هو التعليل بقوله: (لمكان التخويف) فهي علة منصوصة و هذا بمنزلة كبري كلية و هي:

كل مورد كان الاعتراف لأجل التخويف و التهديد فلا يترتب عليه شي ء.

6- الدعائم: «عنه (ع) انه قال: من اقرّ بحد علي تخويف أو حبس أو ضرب لم يجز ذلك عليه و لا يحد.» «3»

7- و فيه: «و عن علي.. و قال: لا يجوز علي رجل قود و لا حد باقرار بتخويف و لا حبس و لا ضرب و لا قيد.» «4»

8- مسند زيد: «حدثني زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي- رضي اللّه عنهم- قال:

لما كان في ولاية عمر اتي بامرأة حامل، فسألها عمر، فاعترفت بالفجور فأمر عمر أن ترجم فلقيها علي بن أبي طالب (رضي اللّه عنه) فقال: ما بال هذه؟ قالوا أمر بها عمر أن ترجم، فردّها علي- رضي اللّه عنه- فقال: امرت بها ان ترجم؟ فقال: نعم، اعترفت عندي بالفجور، فقال علي رضي اللّه عنه: هذا سلطانك عليها فما سلطانك علي ما في بطنها؟ قال: ما علمت انها حبلي؟ قال أمير المؤمنين رضي اللّه عنه: ان لم تعلم فاستبرئ رحمها ثم قال (رضي اللّه عنه): فلعلك انتهرتها أو أخفتها؟ قال: قد كان ذلك، فقال: ا و ما سمعت رسول اللّه (ص) يقول: لا حدّ علي معترف بعد بلاء، انه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا اقرار له، قال: فخلي عمر سبيلها، ثم قال: عجزت

______________________________

(1). التهذيب 10: 128 ح 128- و عنه الوسائل 18: 498 ح 3.

(2). روضة المتقين 10: 236.

(3). دعائم الإسلام 2: 466 ح 1655- و عنه المستدرك 18: 127 ح 1، و فيه: لم يجر بدل، لم يجز.- البحار 79: 32 ح 1 قرب الإسناد 37.

(4). دعائم الإسلام 2: 408 ح 1420- و عنه المستدرك 18: 273 ح 1.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 532

النساء أن تلد مثل علي بن أبي طالب، لو لا علي، لهلك عمر.» «1»

9- المصنف: «اخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب عن ابن سيرين قال:

وهّب قوم غلاما حتي اعترف لهم ببعض ما أرادوا ثم أنكر بعد فخاصموه الي شريح، فقال: هو هذا ان شاء اعترف و لم يجز اعترافه بالتهديد.» «2»

10- و فيه: «اخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: لا يجوز الاعتراف بعد عقوبة في

حد و لا غيره.» 3

11- و فيه: «اخبرنا عبد الرزاق عن الثوري عن عبد الرحمن بن عبد اللّه عن القاسم بن عبد الرحمن عن شريح، قال: القيد كره و الوعيد كره، و السجن كره، و الضرب كره.» «4»

12- و فيه: «اخبرنا عبد الرزاق عن الثوري، عن الشيباني، عن حنظلة، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، قال: ليس الرجل أمينا علي نفسه اذا أوجعته، أو أوثقته، أو ضربته». «5»

13- و فيه: «اخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد، ان عمر بن الخطاب اتي بسارق فاعترف، قال: أري يد رجل ما هي بيد سارق، فقال الرجل: و اللّه ما أنا بسارق و لكنهم تهددوني، فخلي سبيله، و لم يقطعه.» «6»

14- و فيه: «اخبرنا عبد الرزاق، عن محمد بن مسلم، عن ابراهيم بن ميسرة، ان رجلا كان مع قوم يتهمون بهوي، فأصبح يوما قتيلا، فاتهم به رجل من القوم، فأرسل له عمر بن عبد العزيز، و امر بالسياط فقال الرجل: ايها المسلمون! اني و اللّه ما قتلته، و ان جلدني لأعترفن، فأمر به عمر فاستحلف و خلي سبيله.» «7»

15- ابو داود: «حدثنا عبد الوهاب بن نجده، ثنا بقية، ثنا صفوان، ثنا ازهر بن

______________________________

(1). مسند زيد 299.

(2) 2 و 3. مصنف عبد الرزاق 10: 192 ح 18789 و 18786.

(4). مصنف عبد الرزاق 10: 192 ح 18791.

(5). مصنف عبد الرزاق 10: 193 ح 18792- انظر الخراج: 175.

(6). مصنف عبد الرزاق 10: 193 ح 18793.

(7). مصنف عبد الرزاق 10: 192 ح 18790.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 533

عبد اللّه الحرازي، ان قوما من الكلاعيين سرق لهم متاع، فاتهموا اناسا من الحاكة، فاتوا النعمان بن بشير

صاحب النبي صلّي اللّه عليه و سلّم، فحبسهم ايّاما ثم خلّي سبيلهم. فاتوا النعمان فقالوا: خليت سبيلهم بغير ضرب و لا امتحان؟! فقال النعمان:

ما شئتم، ان شئتم ان اضربهم فان خرج متاعكم فذاك و الّا اخذت من ظهوركم مثل ما اخذت من ظهورهم، فقالوا: هذا حكمك؟ فقال: هذا حكم اللّه و حكم رسوله صلّي اللّه عليه و سلّم، قال أبو داود: انّما أرهبهم بهذا القول، أي: لا يجب الضرب الّا بعد الاعتراف.» «1»

16- الخراج: «حدثني محمد بن اسحاق عن الزهري قال: اتي طارق بالشام برجل قد اخذ في تهمة سرقة فضربه، فأقرّ به فبعث به الي عبد اللّه بن عمر يسأله عن ذلك، فقال ابن عمر: لا يقطع فانه انما اقر بعد ضربه ايّاه.» «2»

17- و فيه: «و حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعيد بن زيد انه مرّ علي قوم قد اقيموا في الشمس في بعض ارض الشام، فقال: ما شأن هؤلاء؟ فقيل له: أقيموا في الشمس في الجزية، قال: فكره ذلك و دخل علي أميرهم و قال: اني سمعت رسول اللّه (ص) يقول: من عذّب الناس عذّبه اللّه» «3».

18- و فيه: «و حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه: ان عمر بن الخطاب مرّ بطريق الشام و هو راجع في مسيره من الشام علي قوم قد اقيموا في الشمس يصب علي رءوسهم الزيت، فقال: ما بال هؤلاء؟ فقالوا: عليهم الجزية لم يؤدوها فهم يعذبون حتي يؤدّوها، فقال عمر: فما يقولون هم و ما يعتذرون به في الجزية؟ قالوا: يقولون:

لا نجد، قال: فدعوهم لا تكلفوهم ما لا يطيقون، فاني سمعت رسول اللّه (ص) يقول:

لا تعذبوا الناس فان الذين يعذبون الناس في الدنيا يعذبهم اللّه

يوم القيامة، و أمر بهم

______________________________

(1). سنن ابي داود 4: 135 ح 4382- انظر مصنّف ابن ابي شيبة 9: 520 الباب: 1422.

(2). الخراج: 175.

(3). الخراج: 125- انظر المحلي 11: 131- و اورده الطبراني في الكبير 22: 170 ح 436 و فيه: حبستهم في الجزية.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 534

فخلّي سبيلهم.» «1»

آراء فقهائنا

1- الشيخ الطوسي: «و لا يجب القطع و لا ردّ السرقة علي من اقرّ علي نفسه تحت ضرب أو خوف.» «2»

2- المحقق الحلي: «و يشترط في المقر:.. الاختيار.. و كذا لو اقرّ مكرها و لا يثبت به حد و لا غرم، فلو ردّ السرقة بعينها بعد الاقرار بالضرب، قال في النهاية: يقطع و قال بعض الأصحاب: لا يقطع، لتطرق الاحتمال الي الاقرار اذ من الممكن أن يكون المال في يده من غير جهة السرقة، و هذا حسن.» «3»

3- يحيي بن سعيد: «و لا حد علي مكره و لا علي من أقرّ اكراها.» «4»

4- العلامة الحلي: «لو أقرّ المكره لم ينفذ اقراره لا في القطع و لا في الغرم فلو اتهم بالسرقة فأنكر فضرب و اعترف ثم ردّ السرقة بعينها، قال الشيخ (ره): يقطع و قيل لا يقطع لاحتمال كون المال في يده من غير جهة السرقة و هو جيد.» «5»

5- الشيخ محمد حسن النجفي: «فلو اكره علي الاقرار لم يصح بلا خلاف و لا اشكال..» «6»

6- الامام الخميني: «يعتبر في المقر البلوغ … و الاختيار فلا اعتبار.. و كذا المكره..» «7»

7- السيد الگلپايگاني: «لو حبس المتهم أو جرد أو هدد فأقرّ لشي ء يوجب الحد 8- السبزواري: «لو مات بالتعذيب للإقرار، يكون من العمد و فيه القصاص و قال في الشرح:

لعدم إذن الشارع في

التعذيب للإقرار فيثبت القصاص إن مات الشخص بالتعذيب لأنه من القتل العمدي ثم قال: نعم لو كان ذلك لأجل مصلحة يراها الحاكم الشرعي كما في التعزيرات ففيه الدية.

قال في الشرح: لما تقدم من أن خطأ الحاكم الشرعي في بيت المال» مهذب الاحكام 29: 67

______________________________

(1). الخراج: 125- انظر المحلي 11: 131- و اورده الطبراني في الكبير 22: 170 ح 436- و فيه: حبستهم في الجزية.

(2). النهاية: 718.

(3). شرايع الإسلام 4: 176.

(4). الجامع للشرائع: 552.

(5). تحرير الاحكام 2: 230.

(6). جواهر الكلام 41: 280/ الحدود- انظر 32: 10 و 35: 104.

(7). تحرير الوسيلة 2: 44 مسألة 8.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 535

هل يجري الحد عليه أم لا؟ ج: من أقر عند الحبس أو التخويف أو التجريد أو التهديد لم يلزم عليه الحد.» «1»

أقول هذا بالنسبة إلي غير الإقرار بالسرقة و ردها- تحت الضرب- إذ يجب فيها القطع كما عليه الشيخ في النهاية و وافقه العلامة الحلي و لذلك لوجود المقتضي- و هو المال المسروقة عنده- و لما رواه سليمان بن خالد. انظر المختلف 9: 223 التهذيب 10: 106 ح 411.

آراء المذاهب الاخري

9- الخراج: «كتب عمر بن عبد العزيز.. فمر و لا تك جميعا بالنظر في أمر المحبوس..

و تقدم اليهم ان لا يسرفوا في الأدب و لا يتجاوزوا بذلك الي ما لا يحل و لا يسع، فانه بلغني انهم يضربون الرجل في التهمة و الجناية الثلاثمائة و المائتين و أكثر و أقل، و هذا مما لا يحل و لا يسع، ظهر المؤمن حمي إلّا من حق يجب بفجور أو قذف أو سكر أو تعزير لأمر أتاه لا يجب فيه حد و ليس يضرب في شي ء من ذلك كما

بلغني ان ولاتك يضربون، و ان رسول اللّه (ص) قد نهي عن ضرب المصلين.» «2»

10- ابو يوسف: «و من ظن به أو توهم عليه سرقة أو غير ذلك فلا ينبغي أن يعزر بالضرب و التوعد و التخويف، فانّ من أقرّ بسرقة أو بحد أو بقتل و قد فعل ذلك به فليس اقراره ذلك بشي ء و لا يحل قطعه و لا اخذه بما أقرّ به.» «3»

11- ابن حزم: «لا يحل الامتحان في شي ء من الأشياء بضرب و لا بسجن و لا بتهديد، لأنه لم يوجب ذلك قرآن و لا سنة ثابتة و لا اجماع.» «4»

12- السمرقندي: «و اما إذا اكره علي الاقارير فلا يصح، سواء كان بالمال أو الطلاق أو العتاق و نحو ذلك، لأنّ الإقرار اخبار، و الخبر الذي ترجح كذبه لا يكون حجة، و الاكراه دليل رجحان الكذب و لكن هذا اذا كان الاكراه بوعيد شي ء معتبر عند الناس حتي يكون نافيا للضرر و يختلف باختلاف حال المكره من الشرف و الدناءة و الضعف و القوة حتي قال اصحابنا: بأن السوط الواحد و القيد و الحبس في اليوم الواحد، اكراه في حق بعض الناس و ليس باكراه في حق البعض، فيكون

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 535

______________________________

(1). مجمع المسائل 3: 210 مسألة 81.

(2). الخراج: 151.

(3). الخراج: 175.

(4). المحلي 11: 141.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 536

مفوضا الي رأي القاضي المجتهد، لاختلاف أحوال الناس فيه.» «1»

12- ابن تيمية: «فيمن اتهم بقتيل فهل يضرب ليقر أم لا؟ و الجواب:

ان كان هناك لوث و هو ما يغلب علي الظن انه قتله جاز لأولياء المقتول أن يحلفوا خمسين يمينا و يستحقوا دمه، و اما ضربه ليقرّ فلا يجوز إلّا مع القرائن التي تدل علي انه قتله، فانّ بعض العلماء جوز تقريره بالضرب في هذه الحال و بعضهم منع من ذلك مطلقا. «2»

و قال: مسألة: في شخصين اتهما بقتيل فامسكا و عوقبا العقوبة المؤلمة، فاقر احدهما علي نفسه و علي رفيقه و لم يقر الآخر و لا اعترف بشي ء فهل يقبل قوله أم لا؟

الجواب: ان شهد شاهد مقبول علي شخص أنه قتله، كان لأولياء المقتول أن يحلفوا خمسين يمينا و يستحقون الدم، و كذلك ان كان هناك لوث يغلب علي الظن الصدق، و إلّا حلف المدعي عليه و لا يؤاخذ بلا حجة.» «3»

13- ابن عابدين: «لا يضرب المحبوس الّا في ثلاث: اذا امتنع عن كفارة الظهار، و الانفاق علي قريبه و القسم بين نسائه بعد وعظه.» «4»

14- السيد سابق: «و يحرم ضرب المتهم لما فيه من اذلاله و اهدار كرامته و قد نهي رسول اللّه (ص) عن ضرب المصلين: أي المسلمين. و هل يضرب اذا اتهم بالسرقة؟ فيه رأيان: فالرأي المختار عند الاحناف، و عند الغزالي من الشافعية: ان المتهم بالسرقة لا يضرب لاحتمال كونه بريئا، فترك الضرب في مذنب أهون من ضرب بري ء، و في الحديث: لأن يخطئ الامام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، و اجاز مالك سجن المتهم بالسرقة، و اجاز الصحابة أيضا ضربه لإظهار المال المسروق من جهته، و جعل السارق عبرة لغيره من جهة اخري. و متي أقرّ في هذه الحال، فانّه لا قيمة لإقراره لأنه يشترط في الاقرار

الاختيار، و هنا انما اقر تحت ضغط التعذيب.» «5»

______________________________

(1). تحفة الفقهاء 3: 277.

(2). الفتاوي الكبري 4: 228.

(3). الفتاوي الكبري 4: 230- انظر ص 226 أيضا.

(4). رد المحتار علي الدر المختار 4: 314.

(5). فقه السنة 14: 83.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 537

ب- النصوص التي توهم بالجواز

1- الدعائم: «و عن علي (ع) انه رخص في تقرير المتهم بالقتل و التلطف في استخراج ذلك منه.» «1»

أقول: مع ضعف سندها لا دلالة فيها علي التخويف و التهديد و موردها القتل فقط.

2- الواقدي: «ان كنانة بن أبي الحقيق- رأس يهود خيبر- صالح رسول اللّه (ص) علي حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة و ترك الذرية لهم و يخرجون من خيبر و ارضها بذراريهم، و يخلون بين رسول اللّه (ص) و بين ما كان لهم من مال أو ارض، و علي الصفراء و البيضاء و الكراع و الحلقة و علي البز الا ثوبا علي ظهر انسان، فقال رسول اللّه (ص): و برئت منكم ذمة اللّه و ذمة رسوله ان كتمتوني شيئا فصالحه علي ذلك. و ارسل رسول اللّه (ص) الي الأموال فقبضها، الأول فالأول و بعث الي المتاع و الحلقة فقبضها فوجد الدروع مائة درع و السيوف اربعمائة سيف و ألف رمح و خمسمائة قوس عربية بجعابها. فسأل رسول اللّه (ص) كنانة عن كنز آل الحقيق و حلي من حليهم كان يكون في مسك- جلد جمل- فقال: يا أبا القاسم: انفقناه في الحرب فلم يبق منه شي ء و حلف علي ذلك و وكد الايمان، فقال رسول اللّه (ص): برئت منك ذمة اللّه و ذمة رسوله ان كان عندك، قال نعم فأشهد عليه جماعة من اصحابه و عشرة من اليهود ثم سأل

رسول اللّه (ص) ثعلبة بن سلام بن أبي الحقيق- و كان رجلا ضعيفا- عن الكنز؟ فقال: ليس لي علم غير انّي قد كنت أري كنانة يطوف كل غداة بخربة كذا، فان كان شي ء دفنه فهو فيها. فأرسل رسول اللّه (ص) نفرا من المسلمين مع ثعلبة فاستخرجوا الكنز من الخربة، فلما اخرج الكنز، أمر رسول اللّه (ص) الزبير أن يعذب كنانة بن أبي الحقيق حتي يستخرج كل ما عنده فعذبه الزبير حتي جاءه بزند يقدحه في صدره و اخيرا أمر رسول اللّه (ص) بدفعه الي محمد بن مسلمة يقتله بأخيه فقتله و كذلك أمر بابن أبي الحقيق الاخر، فعذب ثم دفع الي أولياء بشر بن البراء فقتل به و استحل

______________________________

(1). الدعائم 2: 407 ح 1420- و عنه المستدرك 18: 283 ح 1.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 538

رسول اللّه (ص) بذلك أموالهما و سبي ذراريهما، و كان في مسك الجمل اسورة الذهب و دمالج الذهب و خواتيم الذهب و غيرها.» «1»

3- ابن هشام: «و اتي رسول اللّه (ص) بكنانة بن الربيع و كان عنده كنز بني النضير فسأله عنه فجحد ان يكون يعرف مكانه، فأتي رسول اللّه (ص) رجل من يهود، فقال لرسول اللّه (ص): إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة، فقال رسول اللّه (ص) لكنانة: أ رأيت إن وجدناه عندك، أ أقتلك؟ قال نعم، فأمر رسول اللّه (ص) بالخربة فحفرت، فاخرج منها بعض كنزهم ثم سأله عما بقي، فأبي أن يؤدّيه، فأمر به رسول اللّه (ص) الزبير بن العوام، فقال: عذّبه حتي تستأصل ما عنده. فكان الزبير يقدح بزند في صدره «2» حتي اشرف علي نفسه ثم دفعه رسول اللّه (ص) الي

محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة.» «3»

أقول: يرد عليه أولا ضعف السند لأن التاريخ اكثره مراسيل و فيه المدسوس و الاسرائيليات سيما هذه النقاط التي تستهدف تشويه صورة الإسلام و سمعته.

ثانيا: ان كنانة كان مهدور الدم لمحاربته.

ثالثا: كان مطلوبا بالدم لقتله محمود بن مسلمة، و لعل التعذيب من باب الاقتصاص حيث انه عذب محمود بن مسلمة.

رابعا: ان النبي (ص) اشترط عليه اوّلا القتل و أشهد علي ذلك عشرة من اليهود فيما لو عثر علي الأموال التي اخفاها كنانة. فتأمّل، لعلها قصة في واقعة و عليه: فكيف يقاس المورد، بتعذيب أو حبس المسلم علي جريمة لم تثبت بعد بل يراد اثباتها بمعونة الحبس و التعذيب أو التهديد بهما، اضف الي ذلك كله: انها قضية في واقعة.

4- و فيه: «لما اجمع رسول اللّه (ص) المسير الي مكة، كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا الي قريش يخبرهم بالذي اجمع عليه رسول اللّه (ص) من الأمر في السير اليهم ثم اعطاه امرأة فأخفته في قرون رأسها و فتلت عليه شعرها و خرجت، و أتي رسول اللّه (ص)

______________________________

(1). المغازي 2: 671.

(2). أي يوجعه بأليم النار.

(3). السيرة النبويّة 3: 351.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 539

الخبر بما صنع حاطب، فبعث عليا (ع) و الزبير، فقال: ادركاها، فخرجا اليها و ادركاها بالحليفة «1» فاستنزلاها و التمسا رحلها فلم يجدا شيئا، فقال لها علي بن أبي طالب (ع):

ما كذب رسول اللّه (ص) و لا كذّبنا و لتخرجن الكتاب أو لنكشفنك فلما رأت الجدّ منه، قالت: اعرض، فاعرض، فخلت قرونها و اخرجت الكتاب فأتيا به الي رسول اللّه (ص)..» «2».

أقول: لم تكن هذه متهمة بالجريمة و لا كان التهديد لأجل

اخذ الاقرار منها بل كانت مجرمة بتمام معني الكلمة و قد اخبر النبي الصادق (ص)، عليا (ع) فانها اخذت الرسالة و ولّت الي مكة فالتهديد انما هو لأجل استرداد الرسالة التي فيها معلومات عسكرية سرية الي قريش، و هذا لا يقاس بمورد لم يثبت الجريمة الّا بالتهديد و الحبس.

مقتضي الأصل: ثم علي فرض التعارض بين الطائفتين و التساقط فما هو مقتضي الأصل؟ فنقول: نرجع الي البراءة من الالتزام بما التزم به المكره، استنادا الي حديث الرفع «.. و ما استكرهوا عليه» «3» سواء علي مبني كون المراد من الحديث هو رفع جميع الآثار الوضعية و التكليفية في كل واحد من التسعة، أو يكون المراد: الأثر الظاهر فيه أو يقدّر المؤاخذة في الكل. «4»

إلّا أن يقال: ان مصلحة حفظ النظام و اركان الحكومة الاسلامية التي هي من أهم المصالح لو تعارضت مع مفسدة تعذيب المجرم أو المتهم بالجريمة و توقف حفظ سلامة أمن المجتمع الاسلامي علي التهديد أو سجن المتهم أو تعذيبه لأخذ الاقرار فلا مانع حينئذ، لكن لا بد و ان يكون لهذه الأعمال مجوّزا من فقيه جامع الشرائط، تكون مشروعية الدولة و اعمالها مكتسبة منه.

ثم لا بد من التفكيك بين مسائل ثلاث و طرح كل منها علي حدة: -

1- هل يجوز أخذ الاقرار بالتهديد بالضرب و الحبس، و هل هذا الاقرار نافذ؟ و جوابه

______________________________

(1). قرية بينها و بين المدينة ستة اميال او سبعة، و منها ميقات اهل المدينة/ معجم البلدان 2: 295.

(2). السيرة النبويّة 4:؟؟؟ 45- المغازي 2: 797.

(3). الخصال: 714 ح 1/ باب التسعة.

(4). فرائد الاصول: 195.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 540

واضح فانه غير مشروع و لا يكون نافذا إلّا في

المتهم بالسرقة لو أتي بالمال المسروق علي ما في بعض الروايات و أفتي به الشيخ الطوسي في النهاية و خالفه بعض الأصحاب، و ابن ادريس و العلامة في أكثر كتبه، و تبعه جميع من تأخّر عنه «1».

2- هل يجوز الحبس علي التهمة و الظنّة؟ و الجواب أيضا النفي الّا في مورد الدم أو المتهمين برسم الخطط و المحاولات ضد النظام الإسلامي- كما عن بعض المعاصرين.

3- هل يعذب المسجون كجريمة و عقوبة زائدة علي حبسه؟ سوف نتعرض له؛ و انه منهي عنه و لو بالكلب العقور.

ج- كلمات المجوزين

اشارة

1- ملحقات القضاء: «و الذي نستخلصه من أمثال هذه القضايا: إنّ لولي المسلمين ان يعذّب كاتم الحقيقة، فيما اذا علم بها اجمالا أو احتمله احتمالا قريبا و كان في كتمانها ضرر علي المسلمين، فيتوصل بالتعزير و التعذيب العادل الي بلوغ الحقيقة المنشودة.» «2»

2- ولاية الفقيه: «و مقتضي الأصل الأولي عدم جواز التعرض للشخص بمجرد التهمة فانه مخالف لحريته و سلطته علي نفسه و لأصالة البراءة فالجواز يحتاج الي دليل متقن و مورد معتبرة السكوني هو خصوص الدم فلا تدل علي الجواز في غيره.. و كيف كان فجواز القبض و الحبس بمجرد الاتهام في غير الدم في غاية الاشكال هذا، و لكن يمكن أن يقال: ان حفظ نظام المسلمين و كيانهم و كذلك حفظ أموالهم و حقوقهم أمران مهمان عند الشارع و هما يتوقفان كثيرا علي القبض علي المتهمين و حبسهم بداعي الكشف و التحقيق اذا كانوا في معرض الفرار، فالقول بعدم الجواز لذلك يوجب ضياع الحقوق و الأموال و اختلال النظم، و لا سيما اذا غلب الفساد علي الزمان

______________________________

(1). النهاية: 718- شرايع الإسلام 4: 176- السرائر 3: 490- جواهر الكلام

41: 524- الكافي 7: 223 ح 9- مرآة العقول 23: 346- روضة المتّقين 10: 236.

(2). تعليق و تحقيق علي امهات مسائل القضاء (القضاء للعراقي): 368.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 541

و أهله. «1»

و فيه أيضا: و امّا اذا علم الحاكم انه يوجد عند الشخص اطلاعات نافعة في حفظ النظام و دفع الفتنة أو في تقوية الإسلام أو في احقاق حقوق المسلمين بحيث يحكم العقل و الشرع بوجوب الاعلام عليه، و كان وجوبه واضحا بيّنا له أيضا و هو مع ذلك يكتم الشهادة عنادا جاز حينئذ تعزير المتهم للكشف و الاعلام فقط من دون أن يترتّب علي اعترافه المجازاة، لما عرفت من جواز التعزير علي ترك الواجب مطلقا، و المفروض ان الاعلام واجب عليه.» 2

آراء المذاهب الاخري

3- ابن تيمية: «في المتهم بالقتل: اما ضربه ليقر فلا يجوز الّا مع القرائن التي تدل علي انه قتله فان بعض العلماء جوّز تقريره بالضرب في هذه الحال و بعضهم منع من ذلك مطلقا.» «3»

4- السيد سابق: «و أجاز مالك سجن المتهم بالسرقة و اجاز الصحابة أيضا ضربه لإظهار المال المسروق من جهة، و جعل السارق عبرة لغيره من جهة اخري.» «4»

5- الماوردي: «يجوز للأمير مع قوة التهمة أن يضرب المتهوم ضرب التعزير لا ضرب الحد ليأخذه بالصدق عن حاله فيما قرف به و اتهم، فان اقرّ و هو مضروب اعتبرت حاله فيما ضرب عليه..»

[د] لو مات السجين

لم أر من تعرض لهذا الفرع من فقهائنا غير السيد السبزواري من المعاصرين.

و في المسألة ذات صور، من حيث كونه قتلا عمدا أو خطأ أم أنه يعد موت حتف الانف. فتارة لم يستند الموت إلي السجن و أخري مات بسبب السجن- و إن لم يسجن لأجل الموت. و ثالثة: يسجن لأجل الموت و رابعة: يشك في أن المورد من أي الصور، فكل حكمه تعرض له المرحوم السبزواري و فيما يلي كلامه:

«مسألة 9: لو سجن أحد لمصلحة شرعية يراها الحاكم الشرعي فمات فيه فهو علي أقسام:

الاول: أن يكون الموت غير مستند إلي السجن بنظر أهل الخبرة و لم يكن السجن لأجل الموت و لم يقصد موته و كان من الموت حتف أنفه فلا شي ء علي أحد.

قال: للأصل، بعد عدم تحقق الموضوع للخطأ و العمد و شبهه الثاني: أن يكون الموت مستندا إلي السجن بنظر الخبراء و لم يكن السجن لأجل الموت و لم يقصد الموت. يكون كذلك من الخطأ.

قال لعدم قصد القتل، و لا كون المحل سببا للموت نوعا و تثبت

الدية علي الجاني قال: لعمومات أدلة الخطاء و إطلاقاتها، و لئلا يذهب دم المسلم هدرا.

إن لم يتسبب الحاكم الشرعي لسجنه و إلا فعلي بيت المال.

قال: لقول علي ع في المعتبر: ما اخطأت القضاة في دم أو قطع، فهو علي بيت مال المسلمين «5» مضافا إلي الاجماع.

الثالث: أن يقصد الحابس قتله فهو من العمد و يكون القود علي الجاني.

قال: لفرض تعمده و قصده إلي القتل. و قال: للعمومات و الاطلاقات المتقدمة.

الرابع: ما إذا شككنا في أنه من أي الاقسام المتقدمة فلا شي ء علي أحد.

قال: للأصل بعد كون أحد أطراف العلم الإجمالي لا أثر له أصلا، و هو القسم الأول و لا مورد لجريان قوله: لا يبطل دم امرئ مسلم» «6» لغرض عدم احراز الموضوع و أن الموت حتف الانف من أحد الاطراف. نعم الاحتياط في التراضي و التصالح بما شاءا «7»

الفصل الخامس عشر معني التأديب و التشديد في السجن و حدوده

اشارة

هل يجوز تعذيب المسجون- في الفقه الاسلامي-؟

و الجواب: ان كان المقصود به هو الاعمال الوحشية و الجرائم اللاإنسانية التي يرتكبها الصهاينة و أياديهم بشأن المؤمنين، في المعتقلات و الزنزانات، و التي أهونها الشد بالمراوح السقفية و غرز الأبر في البدن و الأعضاء و قلع جلد الرأس و الجسد و قلع الأظافر

______________________________

(1) 1 و 2. ولاية الفقيه 2: 585 و 383.

(3). الفتاوي الكبري 4: 228.

(4). فقه السنة 14: 83.

(5) وسائل الشيعة 17: 165 ب 10 ح 1 من أبواب آداب القاضي. مضافا إلي الاصل و إن بيت المال معد للمصالح و هذا من أهمها- انظر مهذب الاحكام 28: ص 58.

(6) وسائل الشيعة ج 19، ب 29 من أبواب القصاص في النفس.

(7) مهذب الاحكام 29: 65.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 542

و الشد بالسرير و إشعال

النار تحته و قطع الأعضاء بالمناشير و.. فالاسلام مخالف لهذه الجرائم البشعة و لا يسمح بها حتي بالكلب العقور، و يستحق مرتكبه القصاص كائنا من كان.

و لكن في الشريعة حدود و تعزيرات بشأن المجرمين، من تأديبهم و التشديد عليهم في السجن أو خارجه- و هذا غير التعذيب و الاعمال الشاقة- و إليك نماذج منها:

اما التشديد في السجن

الأول: التضييق في المطعم و المشرب: و يعاقب به طوائف:

أ- من ظاهر زوجته و لم يراجع، قال العلامة الحلي: «.. و الا ضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يفي ء» «1».

ب- من حلف علي ترك وطي زوجته و لم يرجع، عن أبي عبد اللّه (ع): «في المولي اذا أبي أن يطلق، قال: كان أمير المؤمنين يجعل له حظيرة من قصب و يحبسه فيها و يمنعه من الطعام و الشراب حتي يطلّق.» «2»

ج- المديون يلتوي في السجن؟ قال أبو الصلاح: فان تجلّد الغريم علي الحبس..

ضيق عليه..» «3»

قال يحيي بن سعيد: «فصل: الذين يضيق عليهم في المطعم و المشرب. يضيق في المطعم و المشرب علي ثمانية:

1- المظاهر بعد ثلاثة أشهر من حين المرافعة الي الحاكم اذا امتنع من الطلاق أو الكفارة مع القدرة عليها. 2- و المولي بعد اربعة اشهر من حين رفعته زوجته الي الحاكم اذا امتنع من الكفارة مع القدرة عليها أو الطلاق. 3- و من قتل أو فعل فعلا يوجب الحد أو التعزير و التجأ الي الحرم يضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يخرج؛ فيقاد منه أو يقام عليه الحد أو التعزير. 4- و من أسلم و له أكثر من أربع زوجات أمر بأن يختار

______________________________

(1). تحرير الاحكام 2: 62.

(2). وسائل الشيعة 15: 545 ح 1.- انظر حدود الشريعة 3:

344 و ج 4: 227.

(3). الكافي في الفقه: 448.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 543

منهن اربعا، فإن لم يفعل ضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يختار منهن أربعا. و من أقر لإنسان بشي ء و لم يبينه و أصرّ علي ذلك عزر و ضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يبينه. و من ادعي علي غيره بشي ء فسكت و لم يقر به و لم ينكر عزر و ضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يقر أو ينكر. و المحارب اذا لم يقتل و لم يأخذ المال فانه ينفي عن البلد أو يضيق عليه في المطعم و المشرب حتي يتوب علي ما ذهب اليه الشيخ أبو جعفر في النهاية و المبسوط و مسائل الخلاف.. و المرتدة تخلد في السجن و تضرب أوقات الصلاة و يضيق عليها في المطعم و المشرب..» «1».

الثاني: التضييق في الملبس: و هو عقوبة المرتدة أيضا:

عن علي (ع): «.. و لم تلبس الّا من خشن الثياب بمقدار ما يواري عورتها و يدفع عنها ما يخاف منه.» «2»

الثالث: التقييد و شد اليدين و الرجلين، و هو عقوبة طوائف:

أ- الام الزانية: «جاء رجل الي رسول اللّه (ص) فقال: انّ امّي لا تدفع يد لامس، قال: فاحبسها، قال: قد فعلت، قال (ص): فامنع من يدخل عليها. قال: قد فعلت.

قال (ص) فقيدها.» «3»

ب- العامل الخائن: قصة ابن هرمة- عامل سوق الأهواز- كتب علي (ع): «و مرّ به الي السجن.. و احزم رجليه بحزام.» «4»

ج- الداعر: «عن علي (ع): انه كان يقيد الدّعّار بقيود لها اقفال و يوكّل بهم من يحلها لهم في أوقات الصلاة من احد الجانبين.» «5»

د- قصة ثمامة بن أثال: «فأقبل ثمامة معتمرا و

هو علي شركه حتي دخل المدينة..

فاتي به رسول اللّه (ص) فأمر به فربط الي عمود من عمد المسجد.» «6»

______________________________

(1). نزهة الناظر في الجمع بين الاشباه و النظائر: 121.

(2). دعائم الإسلام 2: 480 ح 1720.

(3). وسائل الشيعة 18: 412 ح 1.

(4). دعائم الإسلام 2: 532 ح 1892.

(5). مسند زيد: 265.

(6). أسد الغابة 1: 246- نيل الاوطار 8: 305- تنقيح المقال 1: 169. صحيح مسلم 2: 147/ الجهاد عوالي اللآلي 1: 227 ح 121 عنه المستدرك 2: 514 الباب 12 ح 4.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 544

أقول: انه كان ملك اليمامة فبعث النبي (ص) اليه و الي هوذة بن علي كتابا مع سليط بن عمرو حينما بعث كتبا و رسلا الي الملوك. «1»

ه- المتلوي عن أداء الدين: الشيخ الكني: «و منه يظهر انه يحبس في السجن ان لم ينجع بمطلقه بل بالحديد و نحوه كذلك، بل للفقيه ان يفهم كونه من باب المثال خصوصا بعد ما عرفت من كونه من باب الأمر بالمعروف، فالمدار علي الضيق عليه حتي يخرج عن الحق و لو بوضعه في مكان حار أو بارد و نحو ذلك.» «2»

احمد بن يحيي: «ثم من المنكر درأها و يمهله ما رأي و الحكم و الأمر بالتسليم و الحبس له، ان طلبت، و القيد لمصلحة، الّا والدا لولد..» «3»

و- المطلوب بالدم: عمر بن عبد العزيز: «لا تدعن في سجونكم احدا من المسلمين في وثاق لا يستطيع أن يصلي قائما و لا تبيتن في قيد الّا رجلا مطلوبا بدم» «4».

أقول: لم يفت أحد من الفقهاء بذلك، نعم لو خيف فراره فذلك أمر آخر.

الرابع: التضييق في المكان، و يعاقب به طوائف منها الملتوي عن أداء الدين

و قد مرّ.

و منها: العامل الخائن: عن علي (ع) في قصة ابن هرمة: و مر باخراج أهل السجن في الليل الي صحن السجن ليتفرجوا غير ابن هرمة الّا ان تخاف موته فتخرجه مع أهل السجن في الصحن.» «5»

الخامس: الضرب بالسياط و التعزير: و قد روي عن النبي (ص): انه حكم بالسجن و الضرب.» «6»

ثم انه عقوبة طوائف منها:

أ- الممسك في القتل: عن الصادق (ع): «و يضرب كل سنة خمسين جلدة.» «7»

______________________________

(1). السيرة النبويّة 4: 254- انظر عمدة القاري 12: 261.

(2). القضاء: 212.

(3). عيون الأزهار: 469.

(4). الخراج: 150.

(5). دعائم الإسلام 2: 532.

(6). التراتيب الادارية: 1: 296. أقضية رسول الله ص: 8.

(7). التهذيب 10: 221 ح 1.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 545

و قد أفتي به ابن البراج «1»، و من المعاصرين السيد الخوئي «2».

ب- العامل الخائن: عن علي (ع): «فاخرجه من السجن فاضربه خمسة و ثلاثين سوطا.. فان رأيت به طاقة أو استطاعة فاضربه بعد ثلاثين يوما خمسة و ثلاثين سوطا بعد الخمسة و الثلاثين الأولي.» «3»

ج- السارق في الثالثة: «.. ضربه و خلده في السجن.» «4»

د- الملتوي عن أداء الدين: قال الشيخ الطوسي في الملتوي عن الأداء: «فان السلطان يجبره علي قضاء الدين فان فعل و الّا حبسه تعزيرا فان فعل و الّا أخرجه و عزره و لا يزال يحبسه و يعزره حتي يظهر المال و يقضي الدين..» «5»

أقول: و أفتي به ابن حمزة «6» و يحيي بن سعيد، و العلامة و غيرهم.

ه- المرتدة: «تضرب أوقات الصلاة «7» و تستعمل في أسوأ الأعمال.» «8»

الجزيري: «عن الحنفية: في حكم ارتداد المرأة.. و لكن يجب حبسها ابدا حتي تسلم أو تموت و تضرب كل يوم تسعة

و ثلاثين سوطا، و نقل عن جامع الصغير: و انما تضرب كل يوم مبالغة في الحمل علي اعتناق الإسلام.» «9»

و- القاتل الفار: «و في رواية: ثم للوالي بعد حبسه و ادبه.» «10»

و هذا هو معني التأديب و التشديد المأمور به بالنسبة الي المسجون بما فيه من روايات ضعاف لا يصح الاستناد اليها، فلا يجوز التعدي منها الي أمور أخري المسماة بالاعمال

______________________________

(1). المهذب 2: 468.

(2). مباني تكملة المنهاج 2: 11.

(3). دعائم الإسلام 2: 532.

(4). الدارقطني 3: 108- انظر الجعفريات: 141.

(5). المبسوط 4: 232.

(6). الوسيلة: 372 و 213.

(7). شرايع الإسلام 4: 183- انظر نزهة الناظر: 119.

(8). وسائل الشيعة 18: 549 ح 1.

(9). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 426.

(10). الكافي 7: 286 ح 1.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 546

الشاقة و التعذيب. «1»

______________________________

(1). امّا في يومنا هذا يعاني الاحرار سيما المؤمنون اشد اساليب التعذيب و ابشعها و فيما يلي نماذج منها:

1- ايصال الكهرباء الي المناطق الحساسة من الجسم، و ذلك بربطها بسلك كهربائي فتحدث لدي المعذب رجّات كهربائية يفقد فيها توازنه و تماسكه …

2- الجلوس علي المدفأة النفطية (الصوبة).

3- حرق اللحي.

4- التعليق بالمروحة السقفية من رجليه، ثم تشغل المروحة و يدور معها حيثما دارت، و يقف علي الأرض جلاوزة بأيديهم المطارق فيضربون رأسه بسرعة كلّما مر امامهم بعد ان يحكموا ربط يديه الي الوراء.

5- حرق اليد بالكهرباء.

6- الكوي بالنار: و ذلك بان يحمي سيخ حديد علي النار حتي يحمر لونه و يصبح كأنه قطعة جمر، فيكوي به بدن المعذب.

7- ثقب اليد او الرجل بمزرف كهربائي.

8- كسر الانف بمطرقة حديد.

9- قلع الاظافر.

10- الحقن بالماء الحار.

11- شق الفم.

12- قطع بعض الاطراف.

13- نفخ بطن المعذب بمنفاخ، حتي يغشي عليه من

التمزق.

14- يعري المعتقل و يوضع في مكان ممتلئ بالزنابير- النحل- اذ تنقض عليه هذه فتلسع جميع مناطق جسمه حتي يتورم و يغمي عليه.

15- الحبس الانفرادي: في زنزانة صغيرة جدا لا يستطيع فيها المعتقل ان يمد رجليه فينام او ان ينتصب فيها قائما.

16- الحبس في اسطوانات خاصة … حديدية مجوفة يوضع فيها المعتقل و يغلق عليه الباب … و يبقي المعتقل واقفا الي ان يموت، او يعذبوه عذابا آخر.

17- كبس الاذن بالحائط بمسمار في حالة جلوس المعذب او وقوفه او نومه …

18- نتف شعر الرأس و اللحية و الحواجب و الاهداب بجهاز خاص و كثيرا ما يقتطع الشعر معه اجزاء من اللحم.

19- وضع الرأس داخل آلة حديدية كابسة ينتهي احيانا الي كسر الجمجمة و قد يؤدي به الي الموت.

20- قلع الاسنان بالآت حديدية ربما توجب كسرا في الفك او قلع قطع من اللحم معها.

21- وضع الكف في شق الباب و غلقه عليها.

22- غرس الابر في الأنامل بين الاظفر و اللحم.

23- صب الاسيد علي بعض انحاء الجسم للتشويه و الايلام.

24- تعذيب المعتقل بعدم السماح له بالنوم و ذلك بضربه او وخزه كلما اراد النوم حتّي يصيبه الاعياء.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 547

الفصل السادس عشر الخروج من السجن

يفرج عن السجين بأحد الطرق التالية علي سبيل منع الخلو.

الأول: قد يكون الحبس محدودا بزمان معين شرعا كما في المتهم بالقتل- علي القول به- أو المتهم بالسرقة- علي قول مالك- أو لمعرفة حال المديون أو المحارب الذي لم يقتل و لم يجرح، علي فرض تفسير النفي في الآية بالحبس سنة، فيطلق سراحه بعد مضي تلك المدّة.

الثاني: و قد يكون الحبس من باب التعزير، فحينئذ للإمام العفو عنه- كما هو شأنه في مطلق التعزيرات.

«1» و قد صرّح جمع من فقهائنا- رضوان اللّه عليهم- بشمول التعزير للسجن كالشيخ الطوسي في المبسوط و العلامة في التحرير و القواعد، و الشيخ محمد حسن النجفي في الحادي و الأربعين و الثاني و الأربعين من الجواهر

______________________________

.- 25- ربط الرجل بحبل قوي ثم القاء المعتقل من طابق عالي مما يسبب له النتر الشديد عند انتهاء امتداد الحبل و احيانا يوجب ذلك قطع عصب العقب او انخلاع المفصل او الرجة في المخ.

26- جرح بعض مناطق الجسم من المعتقل ثم رش الخل او الملح او الفلفل عليه.

27- سل لسان المعتقل ثم غرس ابرة كبيرة فيه خارج الفم مع ربط يديه و رجليه لكيلا يحاول اخراج الابرة.

28- وضع حديدة كبيرة نسبيّا في فم المعتقل ليبقي فاغر الفم و ليسبب له آلاما مزدوجة نفسية و جسدية.

29- وضع رجلي المعتقل او يديه في (القير) المذاب.

30- يمدد المعتقل علي قفاه و يفتحون اجفان عينيه و يملونها بمسحوق (..) ثم يشدونهما بعصابة شدا محكما و يتركونه ليتلوي من الالم.

31- تعليق النساء من شعورهن بعد ربط الايدي و الا رجل.

32- و في ايام الدورة الشهرية تعلق المرأة من رجليها و حينئذ، فان الدم امّا ان يحتبس في الموضع فيسبب لها آلاما عظيمة، و اما ان ينزل الدم علي وجهها … فتستغيث و لا تغاث … و تبقي كذلك حوالي سبعة ايام الي ان تنقطع.

و مئات من الاساليب الوحشية الاخري التي ترتكبها القاسية قلوبهم و الاشدّاء علي المؤمنين، اعني اليهود و عملائهم، و هم يحملون شعارات حقوق الانسان، و الدفاع عن الانسانية!!

(1). انظر شرايع الإسلام 4: 147- مسالك الافهام 14: 326- المبسوط 8: 66.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 548

و المجلسي الأول

في روضة المتقين، كما يلوح من بعض آخر: كالشهيد في المسالك و الفاضل الهندي في كشف اللثام و.. و هو رأي كثير من السنة: كالسمرقندي في تحفة الفقهاء و ابن قدامة في المغني، و القرشي في معالم القربة و احمد بن يحيي في عيون الأزهار و غيرهم و سيأتي.

الثالث: و قد يتوب المسجون و يصلح امره أو يري الامام صلاحا، فيطلقه و ان كان حبسه مؤبّدا و قد صرح بذلك فقهاؤنا العظام في حد السرقة و إليك آرائهم:

1- الشيخ المفيد: «.. خلد في الحبس الي أن يموت أو يري الإمام صلاحا منه و توبة و اقلاعا و يعلم ان في اطلاقه صلاحا فلا بأس أن يخلي سبيله اذا كان الأمر علي ما وصفناه.» «1»

2- السيد المرتضي: «.. خلد في الحبس الي أن يموت أو يري الامام رأيه.» «2»

3- سلار بن عبد العزيز: «خلد الحبس الي أن يموت أو يري الإمام منه توبة و صلاحا فيخليه.» «3»

4- ابن زهرة: «خلد في الحبس الي أن يموت أو يري ولي الأمر فيه رأيه.» «4»

5- الفاضل الهندي: «خلد في السجن حتي يموت أو يتوب و يري الامام منه صلاحا و اقلاعا و ان في اطلاقه صلاحا.» «5»

6- الشيخ محمد حسن النجفي: «.. حبس دائما حتي يموت أو يتوب.» «6»

الرابع: و قد يكون السجن حدا لكنه ثبت باقرار المجرم لا بالبينة فللإمام أيضا العفو عنه إن تاب كما عليه فقهاؤنا و ادعي في الجواهر عدم الخلاف فيه، و ان منعه البعض في خصوص شرب الفقاع و المسكر، كما خص آخرون العفو بالإمام المعصوم، و ثالث:

خصه بحقوق اللّه تعالي، و رابع: أطلق الحكم و ان لم يتب.

______________________________

(1). المقنعة: 802.

(2). الانتصار: 263.

(3).

المراسم: 259.

(4). الغنية: 432.

(5). كشف اللثام: 2: 249.

(6). جواهر الكلام 41: 533- و مثله مناهج المتقين: 502.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 549

1- الشيخ الطوسي: «فان كان قد اقرّ علي نفسه، ثم تاب بعد الاقرار جاز للإمام العفو عنه، أو اقامة الحد عليه حسب ما يراه اردع في الحال..» «1»

2- السيد ابن زهرة: «و ان تاب بعد ثبوت الزنا عليه فللإمام عفو منه و ليس ذلك لغيره.» «2»

3- المحقق الحلي: «و لو كان ثبوت الحد باقراره، كان الامام عليه السلام مخيرا بين حده و عفوه.» «3»

4- الشيخ محمد حسن النجفي: «و لو أقرّ بحد ثم تاب كان الإمام مخيرا في اقامته رجما كان أو جلدا قال: بلا خلاف أجده في الأول، بل في محكي السرائر الاجماع عليه، بل لعله كذلك في الثاني أيضا و ان خالف هو فيه، للأصل الذي يدفعه أولوية غير الرجم منه بذلك، و النصوص المنجبرة بالتعاضد و بالشهرة العظيمة.. نعم ظاهر النص و الفتوي قصر الحكم علي الإمام (عليه السلام) و ربما احتمل ثبوته لغيره من الحكام و لا ريب في ان الأحوط الأول، لعدم لزوم العفو، لكن قد يقوي الإلحاق لظهور الأدلة في التخيير الحكمي الشامل للإمام (عليه السلام) و نائبه الذي يقتضي نصبه اياه ان يكون له ماله (ع).

هذا و في كشف اللثام: المراد بالحد حد حقوق اللّه فامّا ما كان من حقوق الناس لا يسقط الّا باسقاط صاحب الحق … قلت: لا دلالة في ما ذكره من بعض المعتبرة علي ما نحن فيه، و قد سمعت اشتمال النصوص علي العفو عن حد السرقة، مضافا الي ما يفهم منها من كون ذلك حكم الاقرار من حيث كونه كذلك

و الي اطلاق الاصحاب، و لعله لان الامام أولي بالمؤمنين من أنفسهم و اللّه العالم.» «4»

5- السيد الخوئي: «لو اقرّ بما يوجب الحد من رجم أو جلد كان للإمام (ع) العفو

______________________________

(1). النهاية: 718.

(2). الغنية: 425- انظر الجواهر 41: 540.

(3). شرايع الإسلام 4: 170.

(4). جواهر الكلام 41: 293.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 550

و عدم اقامة الحد عليه، و قيّده المشهور بما اذا تاب المقر، و دليله غير ظاهر.» «1»

6- الشيخ الوالد: «و لو اقرّ ثم تاب عنه تخيّر الامام (عليه السلام) في اقامة الحد عليه أو العفو عنه، رجما كان أو غيره و لا خلاف فيه الّا من الحلي..». «2»

الفصل السابع عشر هل التعزير يشمل الحبس؟

اشارة

التعزير- لغة- من الألفاظ المتضادة فهو بمعني التعظيم و التوقير و الاعانة و النصر، و الضرب أو أشد من الضرب، و التأديب و المنع و الرد و التوقيف علي باب الدين، و اللوم، و يقال للتأديب الذي هو دون الحد تعزير لأنه يمنع الجاني أن يعاود الذنب.

و شرعا: عقوبة أو اهانة لا تقدير لها- و قيده البعض بالغالب- وحده دون الحد كما يراه الوالي، و هو تابع للمفسدة و ان لم يكن معصية كتعزير الصبيان و غير المكلفين- و انه علي وفق الجنايات في الصغر و العظم بخلاف الحد فانه يكفي فيه مسمّي الفعل و يدخل التخيير فيه بحسب انواع التعزير و مصاديقه و يختلف باختلاف الإهانات في الأمصار.

هذا و قد صرّح جمع من فقهائنا- رضوان اللّه عليهم- بشمول التعزير- أو خصوص التأديب- للحبس، كما عن شيخ الطائفة في المبسوط و ابن البراج في المهذب، و العلامة الحلي في التذكرة و التحرير و القواعد، و العلامة المجلسي الأول في روضة المتقين و الشيخ محمد

حسن النجفي في موردين من موسوعته القيمة جواهر الكلام، كما يلوح ذلك من بعض آخرين- قدس اللّه أسرارهم- كالشهيد الثاني في المسالك و الفاضل الهندي في كشف اللثام.

كما هو رأي أكثر العامة بل كلهم كالماوردي و أبي يعلي في الأحكام السلطانية و القرشي في معالم القربة و السرخسي في المبسوط، و الكاساني في البدائع و الصنائع و السمرقندي في تحفة الفقهاء، و ابن قدامة في المغني و احمد بن يحيي في عيون الازهار،

______________________________

(1). مباني تكملة المنهاج 1: 176.

(2). ذخيرة الصالحين 8: 38.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 551

و الجزيري في الفقه. فلا يبعد حمل ما ورد في التعزير «1» و تفسيره بالضرب و الجلد علي بيان أحد مصاديقه أو أظهر مصاديقه لا أنه ينحصر به اذ قد يكون بالضرب، و قد يكون بالحبس «2» و قد يكون بالنفي «3»، و قد يكون باعلام المذنب ذنبه «4» و قد يكون بالتشهير «5» و قد يكون بالتلويث في مخروءه «6»، و قد يكون بهدم الدار كما هدم أمير المؤمنين (ع) دار مصقلة بن هبيرة الشيباني «7» و حنظلة بن الربيع «8» و جرير بن عبد اللّه «9»، و لعلها قضايا في موارد خاصة و علمها عنده (ع)، اذ لم نجد من أفتي بذلك.

التعزير لغة

1- قال ابن فارس: «عزر: العين و الزاء و الراء كلمتان: احدهما للتعظيم و النصر و الكلمة الاخري جنس من الضرب: فالأولي النصر و التوقير كقوله تعالي «وَ تُعَزِّرُوهُ وَ تُوَقِّرُوهُ» «10» و الأصل الآخر التعزير، و هو الضرب دون الحد» «11».

2- و قال الجوهري: «التعزير: التعظيم و التوقير، و التعزير أيضا: التأديب، و منه سمي الضرب دون الحد تعزيرا» «12».

3- و قال

ابن منظور: «العزر: اللوم- و عزره يعزره عزرا و عزره: ردّه. و العزر و التعزير:

ضرب دون الحد لمنعه الجاني من المعاودة و ردعه عن المعصية و قيل هو أشد الضرب،

______________________________

(1). انظر الوسائل 18: 567/ ابواب الحدود و التعزيرات.

(2). الوسائل 18: 221 ح 3.

(3). ابو داود 2: 580- السنن الكبري 8: 223.

(4). الغرر و الدرر 4: 73، الرقم 5342: «علي (ع): رب ذنب مقدار العقوبة عليه اعلام المذنب به».

(5). الوسائل 18: 450 ح 3.

(6). التهذيب 10: 48 ح 175.

(7). الغارات 1: 365- و عنه المستدرك 17: 404- ح 6.

(8). وقعة صفين: 97- شرح ابن ابي الحديد 3: 176.

(9). وقعة صفين: 60- شرح ابن ابي الحديد 3: 118.

(10). الفتح: 9.

(11). معجم مقاييس اللغة 4: 311.

(12). صحاح اللغة 2: 744.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 552

و عزره: ضربه ذلك الضرب، و العزر: المنع، و العزر: التوقيف علي باب الدين.

و التعزير: التوقيف علي الفرائض و الأحكام، و أصل التعزير: التأديب، و لهذا يسمي الضرب دون الحد تعزيرا، انّما هو أدب.» «1»

4- و قال ابن الأثير: «التعزير: الاعانة و التوقير و النصر مرة بعد مرة، و اصل التعزير المنع و الردّ، فكأنّ من نصرته فقد رددت عنه اعداءه و منعتهم من أذاه و لهذا قيل للتأديب الذي هو دون الحد التعزير لأنه يمنع الجاني ان يعاود الذنب.» «2»

5- و قال الفيروزآبادي: «العزر: اللوم، التعزير: ضرب دون الحد أو هو أشد الضرب.» «3»

6- و قال الطريحي: «التعزير: ضرب دون الحد، و هو أشد الضرب «وَ تُعَزِّرُوهُ» أي تعظموه، و في غير هذا الموضع تمنعوه من عزرته: منعته..» «4»

7- و قال الشيرازي: «عزره عزرا كضرب: لأمه، و فلانا اعانه، و عزرا:

منعه، و زيدا أوقفه علي باب الدين و الفرائض و الأحكام، و التعزير من التفعيل: التعظيم و التوقير و التأديب و منه سمي الضرب دون الحد تعزيرا و هو أشد الضرب.» «5»

التعزير عند الفقهاء

1- المحقق الحلي: «كل ماله عقوبة مقدرة يسمي حدا، و ما ليس كذلك سمي تعزيرا.» «6»

2- الشهيد الثاني: «التعزير لغة: التأديب و شرعا عقوبة أو اهانة لا تقدير لها بأصل الشرع غالبا.» «7»

______________________________

(1). لسان العرب 4: 561.

(2). النهاية 3: 228.

(3). القاموس 2: 91.

(4). مجمع البحرين 3: 401.

(5). معيار اللغة 1: 463- انظر مفردات الراغب: 345.

(6). شرايع الإسلام 4: 147.

(7). مسالك الافهام 14: 325- انظر السرائر 3: 534.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 553

3- السيد الطباطبائي: «.. و اذا لم تقدر العقوبة سمي تعزيرا و هو لغة التأديب.» «1»

4- الشيخ محمد حسن النجفي: «اما التعزير فالأصل فيه عدم التقدير، و الأغلب من افراده كذلك و لكن قد وردت الروايات بتقدير بعض افراده..» «2»

5- الماوردي: «التعزير: تأديب علي ذنوب لم تشرع فيها الحدود و يختلف حكمه باختلاف حاله و حال فاعله..» «3»

6- القرشي: «التعزير: اسم، يختص بفعله الامام أو نائبه في غير الحدود و التأديب..» «4»

الفرق بين الحد و التعزير

قال الشهيد الأول: «يفرق بين الحد و التعزير من وجوه عشرة:

الأول: في عدم التقدير في طرف القلة، و لكنه مقدر في طرف الكثرة بما لا يبلغ الحد، و جوزه كثير من العامة، لان عمر جلد رجلا زوّر كتابا عليه، و نقش خاتما مثل خاتمه، مائة، فشفع فيه قوم، فقال: اذكرني الطعن و كنت ناسيا «5»، فجلده مائة اخري ثم جلده بعد ذلك مائة اخري.

الثاني: استواء الحر و العبد فيه.

الثالث: كونه علي وفق الجنايات في العظم و الصغر، بخلاف الحد فانه يكفي فيه مسمّي الفعل، فلا فرق في القطع بين سرقة ربع دينار و قنطار، و شارب قطرة من الخمر و جرّة، مع عظم اختلاف مفاسدهما.

الرابع: انه تابع للمفسدة و ان

لم تكن معصية، كتأديب الصبيان، و البهائم و المجانين، استصلاحا لهم، و بعض الاصحاب يطلق علي هذا: التأديب، اما الحنفي: فيحد

______________________________

(1). الرياض 15: 433.

(2). جواهر الكلام 41: 255- انظر بداية الهداية 2: 255.

(3). الاحكام السلطانية: 236- انظر الاحكام السلطانية لأبي يعلي الفراء: 279.

(4). معالم القربة: 190.

(5). هذا من الامثال، يضرب في تذكر الشي ء بغيره/ مجمع الامثال 1: 290.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 554

بشرب النبيذ و ان لم يسكر، لان تقليده لإمامه فاسد، لمنافاته النصوص عندنا مثل:

ما اسكر كثيره فقليله حرام، و القياس الجلي عندهم، و ترد شهادته لفسقه.

الخامس: اذا كانت المعصية حقيرة لا تستحق من التعزير الّا الحقير و كان لا اثر له البتة، فقد قيل: لا يعزر، لعدم الفائدة بالقليل و عدم اباحة الكثير.

السادس: سقوطه بالتوبة، و في بعض الحدود خلاف و الظاهر انه انما يسقط بالتوبة قبل قيام البينة.

السابع: دخول التخيير فيه بحسب انواع التعزير، و لا تخيير في الحدود الّا في المحاربة.

الثامن: اختلافه بحسب الفاعل و المفعول و الجناية، و الحدود لا تختلف بحسبها.

التاسع: لو اختلف الاهانات في البلدان، روعي في كل بلد عادته.

العاشر: انه يتنوع الي كونه علي حق اللّه تعالي، كالكذب، و علي حق العبد محضا كالشتم، و علي حقهما، كالجناية علي صلحاء الموتي بالشتم، و لا يمكن أن يكون الحد تارة لحق اللّه، و تارة لحق الآدمي، بل الكل حق اللّه تعالي الّا القذف علي خلاف فيه.» «1»

فقهاؤنا المصرحون بشمول التعزير او التأديب للحبس

1- الشيخ الطوسي: «اذا فعل انسان ما يستحق به التعزير مثل ان قبّل امرأة حراما أو أتاها فيما دون الفرج، أو أتي غلاما بين فخذيه عندهم، لان ذلك لواط، أو ضرب انسانا او شتمه بغير حق فللإمام تأديبه، فان

رأي ان يوبّخه علي ذلك و يبكّته أو يحبسه فعل..» «2»

2- و قال أيضا: «من وجب عليه دين حال و عرف له مال يستره و لم يكن له مال سواه، فان السلطان يجبره علي قضاء الدين، فان فعل و الّا حبسه تعزيرا.» «3»

3- العلامة الحلي: «- فيمن أسلم علي ثمان زوجات- فان اختار اربعا و الّا حبسه

______________________________

(1). القواعد و الفوائد 2: 142، قاعدة: 204.

(2). المبسوط 8: 66- و مثله ابن البراج في المهذب 2: 596.

(3). المبسوط 4: 232.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 555

الحاكم تعزيرا عليه في ترك الواجب» «1».

4- و قال في القواعد: «ثم ينظر اول جلوسه في المحبوسين فيطلق كل من حبس بظلم أو تعزير» «2».

5- و قال في التحرير: «التعزير يجب في كل جناية لا حدّ فيها.. و هو يكون بالضرب و الحبس و التوبيخ من غير قطع و لا جرح و لا اخذ مال.» «3»

6- المجلسي الأول: «و هذا- أي الحبس- أيضا احد انواع التعزير.» «4»

7- الشيخ محمد حسن النجفي- في مسألة من أزال شعر رأس المرأة-: «و لعل ما فيه من الحبس و الضرب علي الوجه المزبور محمول علي ضرب من التعزير الذي هو علي حسب ما يراه الحاكم.» «5»

8- و قال أيضا: «نعم قد تحصل مصلحة في بعض المقامات تقتضي جواز حبس الحاكم.» «6»

9- السيد الگلپايگاني: «يجوز التعزير بالحبس في بعض الموارد.» مجمع المسائل 3: 213 المسألة 99 كما يلوح ذلك من كلام بعض فقهائنا كالفاضل الهندي في الكشف. قال: «ثم وجوب التعزير في كل محرم من فعل أو ترك ان لم ينته بالنهي و التوبيخ و نحوهما فهو ظاهر لوجوب انكار المنكر و إما ان انتهي بما

دون الضرب فلا دليل الّا في مواضع مخصوصة و ردّ النصّ فيها بالتأديب أو التعزير. و يمكن تعميم التعزير في كلامه- أي العلامة- و كلام غيره لما دون الضرب من مراتب الانكار.» «7»

أقول: لمّا كان معني التعزير شرعا هو الاهانة- كما عن الشهيد الثاني في المسالك- فيكون الحبس من مصاديقه لأنه مما يتحقق به التذليل و الاهانة، و يؤيّده تسمية

______________________________

(1). تذكرة الفقهاء 2: 656.

(2). قواعد الاحكام 2: 204- انظر تحرير الاحكام 2: 182.

(3). تحرير الاحكام 2: 239. و مثله 2: 227.

(4). روضة المتقين 6: 163.

(5). جواهر الكلام 42: 174.

(6). جواهر الكلام 41: 249/ الحدود.

(7). كشف اللثام 2: 235.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 556

أمير المؤمنين (ع) له بالمخيّس أي: يذل فيه و يهان «1». فلا نري منعا من شموله للحبس الّا أن يقوم دليل علي خلافه.

لكن يظهر من البعض خلاف ذلك، كما عن السيد السبزواري فإنه قال: لو أري الحاكم الشرعي المصلحة في تبديل التعزير إلي عقوبة أخري من حبس أو نحوه هل يجوز ذلك أم لا؟ وجهان.

قال في الهامش: من إطلاق دليل ولايته علي ذلك فيجوز، و من الجمود علي ما وصل إلينا من السنة المقدسة، فلا يجوز التعدي عنها. هذا إذا كان التبديل مساويا في الانزجار معه، و إلا فالأمر أشكل «2»

آراء المذاهب الاخري

1- الماوردي: «فتدرج- أي التعزير- في الناس علي منازلهم و ان تساووا في الحدود المقدرة: فيكون تعزير من جلّ قدره بالإعراض عنه و تعزير من دونه بالتعنيف له، و تعزير من دونه بزواجر الكلام، و غايته الاستخفاف الذي لا قذف فيه و لا سبّ، ثم يعدل بمن دون ذلك الي الحبس الذي يحبسون فيه علي حسب ذنبهم و بحسب هفواتهم،

فمنهم من يحبس يوما، و منهم من يحبس أكثر منه الي غاية مقدرة.» «3»

2- السرخسي- في المتهم بالزنا-: «فاذا بينوا ذلك و القاضي لا يعرف عدالة الشهود فانه يحبسه حتي يسأل عن الشهود و هذا لأنه لو خلّي سبيله هرب فلا يظفر به بعد ذلك … قلنا: ليس حبسه بطريق الاحتياط بل بطريق التعزير لأنه صار متهما بارتكاب الفاحشة فيحبسه تعزيرا.» «4»

3- الكاساني: «.. التعازير علي اربعة مراتب: تعزير الاشراف و هم الدهاقون و القوّاد، و تعزير اشراف الأشراف و هم العلوية و الفقهاء، و تعزير الأوساط و هم السوقة، و تعزير الاخسّاء و هم السفلة، فتعزير أشراف الأشراف بالإعلام المجرد و هو أن يبعث القاضي أمينه اليه فيقول له: بلغني انك تفعل كذا و كذا، و تعزير الأشراف بالاعلام و الجر الي باب القاضي و الخطاب بالمواجهة، و تعزير الأوساط الإعلام و الجر و الحبس، و تعزير السفلة الإعلام و الجر و الضرب و الحبس..» «5»

4- السمرقندي: «و يكون التعزير علي قدر الجناية و علي قدر مراتب الجاني: قد

______________________________

(1). النهاية لابن الاثير 2: 96.

(2) مهذب الأحكام 28: 59.

(3). الاحكام السلطانية: 236، و مثله الاحكام السلطانية لأبي يعلي الفراء: 279، و معالم القربة: 191.

(4). المبسوط 9: 38.

(5). بدائع الصنائع 7: 64.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 557

يكون بالتغليظ في القول و قد يكون بالحبس، و قد يكون بالضرب.» «1»

5- ابن قدامة: «التعزير يكون بالضرب و الحبس و التوبيخ و لا يجوز قطع شي ء منه و لا جرحه و لا أخذ ماله لأن الشرع لم يرد بشي ء من ذلك عن أحد يقتدي به، و لأن الواجب أدب و التأديب لا يكون بالاتلاف.» «2»

6- القرشي: «في

التعازير:.. و غايته الاستخفاف الذي لا قذف فيه و لا سبّ ثم يعدل بمن دون ذلك الي الحبس الذي ينزلون فيه علي حسب رتبهم بحسب هفواتهم فمنهم من يحبس يوما و منهم من يحبس اكثر الي غاية مقدورة، و قال أبو عبد اللّه الزبيري «3» من اصحاب الشافعي: تقدر غايته شهرا للاستبراء و الكف، و ستة أشهر للتأديب و التقويم.» «4»

7- احمد بن يحيي: «و التعزير الي كل ذي ولاية، و هو حبس أو اسقاط عمامة، أو عتل، أو ضرب دون حد لكل معصية لا توجيه، كأكل و شتم محرم، و اتيان دبر الحليلة.. و منه حبس الدعار.» «5»

8- الجزيري: «.. ان التعزير باب واسع يمكن الحاكم ان يقضي به علي كل الجرائم التي لم يضع الشارع لها حدا أو كفارة علي أن يضع العقوبة المناسبة لكل بيئة و لكل جريمة من سجن، أو ضرب أو نفي، أو توبيخ، أو غير ذلك.» «6»

9- الفقه الاسلامي: «و التعزير يكون اما بالضرب أو بالحبس أو الجلد أو النفي أو التوبيخ، أو التغريم المالي و نحو ذلك مما يراه الحاكم رادعا للشخص بحسب اختلاف حالات الناس حتي القتل سياسة كما قرر فقهاء الحنفية و المالكية.» «7»

______________________________

(1). تحفة الفقهاء 3: 148.

(2). المغني 8: 326.

(3). انه من احفاد الزبير بن العوام و قد تولي القضاء بمكة، له «الموفقيات» و «نسب قريش» و غيره، توفي بمكة و هو قاض عليها سنة (256- 172 ه)/ الاعلام للزركلي 3: 74.

(4). معالم القربة: 285.

(5). عيون الازهار: 485.

(6). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 400.

(7). الفقه الاسلامي و ادلته 4: 287.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 558

أقول: اما بلوغ التعزير الي القتل، فهو توهم محض

و قول بلا دليل و لا يساعده اللغة و لا الاصطلاح الفقهي- و لا ما قاله هو من كون التعزير رادعا له- لأنه مقدر في طرف الكثرة بما لا يبلغ الحد، اللهم الّا ان يجوز ذلك كما عن كثير من العامة، لان عمر فعل ذلك «1».. لكن مع ذلك يبقي سؤال بلوغه القتل؟ فان لإزهاق النفس و سفك الدم موجبات و اسباب خاصة قررها الشرع و لا يجوز لأحد تخطيها اجتهادا أو تشهيا، بل و لا يجوز البلوغ الي أدني منه كالقطع و الجرح كما صرح به العلامة الحلي في التحرير «2» و ابن قدامة في المغني، «3» إلّا من باب النهي عن المنكر كما في اللمعة. 2: 416

قال العلامة الحلي: «و يجبان- أي الأمر و النهي عن المنكر- بالقلب … و باليد إذا عرف الحاجة الي الضرب، و لو افتقر الي الجراح و القتل افتقر الي إذن الإمام علي رأي.» الارشاد 352

التعزير المالي

اما التعزير المالي فقد اجازه بعض الحنفية علي انه اذا تاب يرد له «4». و هو جائز عند مالك أيضا معالم القربة 287.

و لكنّا لم نعثر علي دليل يسكن اليه النفس، بل نفي جوازه العلامة الحلي في التحرير «5»، و ابن قدامة. و السيد الگلپايگاني فقال: «لا دليل علي التعزير المالي.» مجمع المسائل 3: 213 المسألة 99

و ما يستدل له باحراق علي (ع) طعاما احتكر «6» فهو ضعيف المأخذ و لم يذكر في كتبنا الحديثية و لا الفقهية.

و ما ورد في وجوب دينار علي من أتي زوجته في استقبال الحيض، فعلي فرض القول بوجوبه فهو كفارة لا تعزير مالي، و الّا فلا بد من اطلاق التعزيرات المالية علي كفارات الحج و الصوم

و حنث النذر، و اليمين، و الظهار، و الإيلاء، و القتل، و جزّ المرأة شعرها و نتفه و خدش وجهها، و شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته، و التزويج بامرأة في عدّتها «7» و.. و هو كما تري.

______________________________

(1). انظر القواعد و الفوائد 2: 142- الفروق 4: 177- قوانين الاحكام الشرعية: 388- الوجيز 2: 110.

(2). تحرير الاحكام 2: 239.

(3). المغني 8: 328.

(4). الفقه علي المذاهب الاربعة 5: 401.

(5). تحرير الاحكام 2: 239. التعزير … و ليس فيه قطع شي ء منه و لا جرحه و لا أخذ ماله 2: 227.

(6). المحلي 9: 65 مسألة 1567.

(7). انظر: الروضة البهية/ الكفارات 3: 13.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 559

الفصل الثامن عشر لو لم يكن للقاضي سجن

1- قال المحقق النراقي: «اذا لم يكن للحاكم محبس و لا اعوان ينصبها للمراقبة و ساير ما يحتاج اليه للحبس، كما هو الغالب في تلك الأزمنة، فله بعثه الي محبس السلطان و نحوه، و للسلطان و نحوه الحبس بإذن الحاكم، لأنه يصير حينئذ محبسا للقاضي، و لو لم يتمكن من ذلك أيضا سقط عنه.» «1»

الفصل التاسع عشر حكم السجن و اقامة الحد في الحرم

اشارة

لا خلاف بين فقهائنا الإمامية- رضوان اللّه عليهم- في عدم جواز اقامة الحدود في الحرم فضلا عن مكة المكرمة، فمن جني خارجه ثم التجأ اليه، فانّه يضيّق عليه في المطعم و المشرب، و يمنع عن مبايعته و مشاراته حتي يخرج فيقام عليه الحد الّا أن يحدث في الحرم، فيقام عليه حدا كان أو تعزيرا.. و خالف في ذلك أبو حنيفة، حيث قال:

بإقامة الحدود في الحرم الّا القتل، فانه لا يقام فيه حد قتل و لا قود. و عن طاوس: حيث كره الحبس فيه.

و يظهر من العيني جوازه: حيث افرد بابا في بيان مشروعية ربط الغريم و حبسه في الحرم، و يزعم ان العمل عليه. و فيما يلي كلمات فقهائنا- أعلي اللّه كلمتهم- ثم كلمات المجوزين من السنة:

______________________________

(1). مستند الشيعة 2: 548.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 560

آراء فقهائنا

1- الشيخ المفيد: «و لا يقام الحدود في الحرم الّا علي من انتهك حرماته بفعل ما يوجب عليه الحد فيه، و لا تقام الحدود في المساجد و لا في مشاهد الأئمة و من فعل في المساجد أو المشاهد بما يوجب الحد عليه، أقيم عليه الحد خارجا منها و لم تقم عليه الحدود فيها ان شاء اللّه.» «1»

2- الشيخ الطوسي: «و لا يقام الحد أيضا علي من التجأ الي حرم اللّه و حرم رسوله أو حرم أحد من الأئمة عليهم السلام، بل يضيق عليه في المطعم و المشرب و يمنع من مبايعته و مشاراته حتي يخرج، فيقام عليه الحد، فان احدث في الحرم ما يوجب الحد، أقيم عليه الحد كائنا ما كان.» «2»

آراء المذاهب الاخري

1- ابن حزم: «و لا يحل أن يسفك في حرم مكة دم بقصاص اصلا، و لا ان يقام فيها حد و لا يسجن فيها أحد، فمن وجب عليه شي ء من ذلك اخرج عن الحرم و أقيم عليه … فلم يخصوا من اصاب حدا في الحرم ممن اصابه خارج الحرم، ثم لجأ الي الحرم، و فرّق عطاء و مجاهد بينهما.. و قال ابو حنيفة: تقام الحدود في الحرم الّا القتل وحده فانه لا يقام فيه حد قتل و لا قود حتي يخرج باختياره. و قال أبو يوسف: يخرج فيقام عليه حد القتل.

قال علي: تقسيم أبي حنيفة فاسد و ما نعلم لمن اباح القتل في الحرم حجة اصلا و لا سلفا الّا الحصين بن نمير و من بعثه و الحجاج و من بعثه.» «3»

______________________________

(1). المقنعة: 783.

(2). النهاية: 702- انظر السرائر 3: 364- المراسم: 254- المهذب 2: 529 و 516- شرايع الإسلام 4: 156- المختصر النافع:

216- الجامع للشرائع: 552- قواعد الاحكام 2: 255- جواهر الكلام 41: 344- تحرير الوسيلة 2: 419- مباني تكملة المنهاج 1: 216- ذخيرة الصالحين- للشيخ الوالد 8: 43.

(3). المحلي 7: 262 مسألة 898.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 561

2- العيني: «باب الربط و الحبس في الحرم- أي هذا باب في بيان مشروعية ربط الغريم و حبسه في الحرم و فيه ردّ علي طاوس حيث كرّه السجن بمكة فروي ابن أبي شيبة من طريق قيس بن سعد، عن طاوس انه كان يكره السجن بمكة و يقول:

لا ينبغي لبيت عذاب ان يكون في بيت رحمة. قلت: هذا نظر مليح و لكن العمل علي خلافه.» «1»

أقول: و من الملاحظ انهم أفتوا بحرمة الحبس في مكة أو كراهته و لم يستدل أحد منهم بما فعله عمر من شراء سجن في مكة، مما يدلّ علي أن فعل الخليفة عمر ليس دائما حجة عند فقهاء المذاهب الأربعة. قال ابن حزم- بعد نقله فعل عمر- أما نحن فلا حجة عندنا في قول أحد دون قول الله تعالي و قول رسول الله ص و حكمه» «2»

الفصل العشرون بناء السجن في الإسلام

اشارة

نقل في (مسند زيد) رواية عن علي عليه السلام: انه بني سجنا و سماه نافعا ثم بني آخر و سمّاه مخيسا، و في الغارات عن سابق البربري مثله، و انه رأي ذلك السجن و سمع أمير المؤمنين (ع) يردد قوله: بنيت بعد نافع مخيسا. كما تناول ارباب اللغة:

كابن الأثير في النهاية و ابن منظور في لسان العرب، و الفيروزآبادي في القاموس، و الزمخشري في الفائق و غيرهم، في مادة «خيس» ذلك.

و قد نسب السيوطي في «الوسائل الي مسامرة الأوائل» بناء السجن في الإسلام الي أمير المؤمنين (ع)،

كما نقل في التراتيب الادارية ذلك عن أحمد بن الشلبي في اتحاف الرواة و قد نفي الخفاجي في شفاء الغليل وجود السجن في زمن الرسول (ص) و أبي بكر و عثمان، و ان عليا أول من بناه في الإسلام، و مثله عن ابن الهمام في شرح فتح القدير، و كذلك عن عطية مصطفي في نظم الحكم بمصر، كما ادعي ابن حزم في المحلي: عدم الخلاف في عدم وجود السجن علي عهد النبي (ص). هذا: و لكن يظهر من.

______________________________

(1). عمدة القاري 12: 261.

(2) المحلي 10: 498.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 562

بعض آخر منهم كرضوان الشافعي في «الجنايات المتحدة» و الشوكاني في «نيل الاوطار» وجود ذلك، و فيما يلي النصوص ثم كلماتهم:

النصوص

1- مسند زيد: «عن أبيه، عن جده، عن علي (ع): انه بني سجنا و سمّاه نافعا ثم بدا له فنقضه (و بني آخر- ظ) و سمّاه مخيسا و جعل يرتجز و يقول: أ لم تر اني كيسا مكيسا بنيت بعد نافع مخيسا.» «1»

2- الغارات: «حدثنا محمد، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا ابراهيم قال:

و اخبرني ابراهيم بن يحيي النوري، قال: حدثنا ابو اسحاق بن مهران عن سابق البربري قال:.. رأيت المحبس و هو خص «2» و كان الناس يفرجونه و يخرجون منه فبناه علي (ع) بالجص و الآجر. قال: فسمعته و هو يقول: ألا تراني كيسا مكيسا بنيت بعد نافع مخيسا.» «3»

3- قال ابن الأثير: «في حديث علي: «انه بني سجنا فسمّاه المخيس» و قال: بنيت بعد نافع مخيسا بابا حصينا و امينا كيسا، نافع: اسم حبس كان له من قصب، هرب منه طائفة من المحبسين فبني هذا من مدر و سمّاه المخيس، و

تفتح ياؤه و تكسر، يقال:

خاس الشي ء اذا فسد و تغيّر، و التخييس: التذليل، و الانسان يخيس في الحبس، أي يذل و يهان، و المخيس «4» بالفتح: موضع التخييس، و بالكسر فاعله، و في حديث معاوية «انه كتب الي الحسين بن علي: اني لم اكسك و لم أخسك» أي لم أذلك، أو لم اخلفك وعدا.» «5»

4- قال ابن منظور: «.. و منه المخيس، و هو سجن كان بالعراق، قال ابن سيدة: -

______________________________

(1). مسند زيد: 266.

(2). الخص بالضم و التشديد: البيت من القصب/ مجمع البحرين 4: 168.

(3). الغارات 1: 134- و عنه البحار (الحجريّة) 8: 739.- انظر البحار «الطبعة الجديدة» 34: 420.

(4). مخوس: معقل من خاس خوسا، و الخوس: الخيانة، خاس بعهده: يخيس و يخوس/ الاشتقاق: 367.

(5). النهاية: 2: 92. البحار 67: 308.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 563

و المخيس السجن لأنه يخيس المحبوسين و هو موضع التذليل، و به سمّي سجن الحجاج مخيسا، و قيل: هو سجن بالكوفة بناه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضوان اللّه عليه، و في حديث علي: انه بني حبسا و سمّاه المخيس، و قال: اما تراني كيسا مكيسا بنيت بعد نافع مخيسا بابا كبيرا و أمينا كيسا، نافع: سجن بالكوفة كان غير مستوثق البناء، و كان من قصب فكان المحبوسون يهربون منه، و قيل: انه نقب و أفلت منه المحبوسون فهدمه علي رضي اللّه عنه، و بني المخيس لهم من مدر. و كل سجن مخيّس و مخيّس أيضا.» «1»

5- و قال الفيروزآبادي: «و المخيس كمعظم و محدّث: السجن و سجن بناه علي- رضي اللّه عنه- و كان أولا جعله من قصب و سمّاه نافعا فنقبه اللصوص..» «2»

6- الزمخشري: «علي

عليه السلام بني سجنا من قصب فسمّاه مانعا، فنقبه اللصوص ثم بني سجنا من مدر فسمّاه مخيسا.» «3»

الكلمات و الآراء

1- السيوطي: «أول من سنّ الأسر و الحبس نمرود، و قال: أول من بني السجن في الإسلام علي بن أبي طالب، و كانت الخلفاء قبله يحبسون في الآبار.» «4»

2- الكتاني: «و في اتحاف الرواة بمسلسل القضاة لأحمد بن الشلبي الحنفي لدي ذكره أوليات علي (ع): و أول من بني السجن في الإسلام و كانت الخلفاء قبله يحبسون في الآبار. و في شفاء الغليل للخفاجي: لم يكن في زمن رسول اللّه (ص) و أبي بكر و عثمان سجن و كان يحبس في المسجد أو في الدهاليز، حيث أمكن، فلما كان زمن علي (ع) أحدث السجن و كان أول من أحدثه في الإسلام و سمّاه نافعا، و لم يكن حصينا فانفلت الناس منه فبني آخر و سمّاه مخيسا بالخاء المعجمة و الياء المشدّدة فتحا

______________________________

(1). لسان العرب 6: 74- انظر المبسوط للسرخسي 20: 89.

(2). القاموس 2: 220.

(3). الفائق 1: 405.

(4). الوسائل الي مسامرة الاوائل: 54 و 43- عن الشواهد الكبري للعيني. انظر أقضية رسول الله: 10.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 564

و كسرا قلت: و لعل عمر كان يحبس في الآبار قبل شراء الدار التي أعدها للسجن فقد اخرج البيهقي من حديث نافع بن عبد الحارث انه اشتري من صفوان بن امية دارا لسجن عمر بن الخطاب بأربعة آلاف «1».

ثم قال: كان السلطان أبو الأملاك المولي اسماعيل بن شريف العلوي سأل علماء فاس؛ القاضي بردلة، و المناوي، و ابن رحال و غيرهم: من اول من احدث السجن؟

و كيف كان الناس يسجنون في الآبار؟ و كيف الجمع بين ما ذكره

السيوطي من ان أول من احدث السجن علي (ع) و بين ما ذكره ابن فرحون من انه عمر لما اتسعت مملكته؟

فأجاب الشيخ المناوي بان التعارض يدفع ما بين ابن فرحون و السيوطي بحمل كلام السيوطي علي ان عليا (ع) أول من احدث له مكانا مخصوصا و اتخذه بقصده في ابتداء، و ما كان من عمر: فانه كان في ثاني حال و عارضا للدار المتخذة بالقصد الأول لغيره من السكني و نحوه و امّا استشكال السجن في الآبار فان المراد بها السراديب و المطامير المتخذة تحت الأرض، و قد تكون من الاتساع بحيث تحمل المئين من الناس لا سيما مصانع ملوك الامم السالفة، فانها كانت علي قدر قواهم التي لا نسبة بينهما و بين من جاء بعدهم، و تسمية ذلك بالآبار للشبه الصوري بالكون تحت الأرض مع ضيق أبوابها و مداخلها.» «2»

3- و قال ابن الهمام: «و لم يكن في عهده- النبي (ص)- و أبي بكر سجن و انما كان يحبس في المسجد أو الدهليز حتي اشتري عمر دارا بمكة بأربعة آلاف درهم و اتخذه محبسا. و قيل: لم يكن في زمن عمر و لا عثمان أيضا الي زمن علي (ع) فبناه و هو أول سجن بني في الإسلام.» «3»

4- و قال ابو اسحاق الشيرازي: «و يستحب أن يكون له- أي القاضي- حبس لأن

______________________________

(1). انظر عمدة القاري 12: 263- الاحكام السلطانية: 190- رد المحتار 4: 313- منهاج الطالبين 4: 345- دائرة المعارف للبستاني 9: 508- دائرة المعارف، فريد وجدي 5: 50.

(2). التراتيب الادارية 1: 297- 299.

(3). شرح فتح القدير 5: 471. مصنف عبد الرزاق 5: 147 ح 9213.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 565

عمر اشتري

دارا بمكة باربعة آلاف درهم و جعلها سجنا، و اتخذ علي (ع) سجنا، و حبس عمر الحطيئة الشاعر … و حبس عمر آخر.. و لأنه يحتاج اليه للتأديب، و لاستيفاء الحق من المماطل بالدين.» «1»

5- و قال عطية مصطفي: «لم يكن السجن كما تراه الآن و هو حبس المتهم في مكان ضيق موجودا ايام النبي (ص) و لا في زمن الخليفة أبي بكر، انما كان السجن ايامها هو تعويق الشخص و منعه عن التصرف بنفسه و الاختلاط بغيره فكان بتوكل الخصم أو وكيله بملازمة هذا الشخص في بيت أو مسجد و هو ما يسمّي بالترسيم، و لقد أمر النبي (ص) بملازمة غريم الشخص له، … و امّا السبايا فقد كنّ يحبسن في حظيرة الجامع، و لما انتشرت الرعية في زمن عمر بن الخطاب وجد الحبس الذي يحبس فيه المجرم و ابتاع عمر بمكة دارا من صفوان باربعة آلاف درهم و جعلها سجنا- سجن عارم- يحبس فيها المجرمين..» «2»

6- رضوان الشافعي: «و لم يكن في زمن الرسول (ص) مكان خاص بالحبس و كذلك في عهد أبي بكر الصديق و لما انتشرت الرعية في زمن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ابتاع دارا بمكة و جعلها سجنا يحبس فيها و قد ابتاعها من صفوان بن أمية باربعة آلاف درهم و كان الحبس قبل ذلك في المسجد أو الدهليز، و قيل: ان اتخاذ مكان خاص بالحبس لم يكن في زمان عمر و لا عثمان الي زمان علي (ع) فبني سجنا من القصب الفارسي و سمّاه نافعا، و هو أول سجن بني في الإسلام، فنقبه اللصوص، و تسيّب الناس منه ثم بني سجنا من مدر و سمّاه مخيسا.» «3»

7- الشوكاني:

«قال في البحر: و ندب اتخاذ سجن للتأديب و استيفاء الحقوق لفعل أمير المؤمنين علي رضي اللّه عنه و عمر و عثمان و لم ينكر، و كذلك الدّرة و السوط، لفعل عمر، و عثمان.» «4»

______________________________

(1). المهذب 2: 294.

(2). نظم الحكم بمصر في عهد الفاطميين: 289.

(3). الجنايات المتحدة في القانون و الشريعة: 68.- انظر المحلي 8: 373.

(4). نيل الاوطار 7: 151.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 566

8- ابن حزم: «و اما السجن فلا يختلف اثنان في انّ رسول اللّه (ص) لم يكن له قط سجن..» «1»

9- السيد سابق: «قال ابن قيم: الحبس الشرعي ليس هو الحبس في مكان ضيق، و انما هو تعويق الشخص و منعه من التصرف بنفسه، سواء كان في بيت أو مسجد أو كان بتوكيل الخصم أو وكيله و ملازمته له، و لهذا سماه النبي (ص) اسيرا كما روي أبو داود و ابن ماجة، عن الهرماس ابن حبيب عن أبيه، قال: أتيت النبي (ص) بغريم لي فقال لي: الزمه، ثم قال: يا اخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك؟ و في رواية ابن ماجة: ثم مرّبي في آخر النهار فقال: ما فعل بأسيرك يا أخا بني تميم؟ ثم قال ابن القيم: و كان هذا هو الحبس علي عهد رسول اللّه (ص) و أبي بكر، و لم يكن محبس معد لحبس الخصوم و لكن لما انتشرت الرعية في زمن عمر بن الخطاب ابتاع بمكة دارا و جعلها سجنا يحبس فيها، و لهذا تنازع العلماء من اصحاب احمد و غيرهم: هل يتخذ الامام حبسا، علي قولين، فمن قال: لا يتخذ حبسا، قال لم يكن لرسول اللّه (ص) و لا لخليفة بعده حبس و

لكن يقوّمه (أي الخصم) بمكان من الأمكنة، أو يقام عليه حافظ، و هو الذي يسمّي بالترسيم أو يأمر خصمه بملازمته كما فعل النبي (ص) و من قال: له (أي للإمام) أن يتخذ حبسا، قال: قد اشتري عمر بن الخطاب من صفوان بن امية دارا باربعة آلاف و جعلها حبسا.» «2»

10- قال الشوكاني: «ان الحبس وقع في زمن النبوة، و في ايام الصحابة و التابعين فمن بعدهم الي الآن في جميع الأعصار و الأمصار من دون انكار، و فيه من المصالح ما لا يخفي لو لم يكن منها الّا حفظ أهل الجرائم المنتهكين للمحارم الذين يسعون في الإضرار بالمسلمين و يعتادون ذلك، و يعرف من اخلاقهم و لم يرتكبوا ما يوجب حدا و لا قصاصا حتي يقام عليهم فيراح منهم العباد و البلاد فهؤلاء ان تركوا و خلّي بينهم و بين المسلمين بلغوا من الاضرار بهم الي كل غاية، و ان قتلوا كان سفك دماء منهم بدون حقّها، فلم يبق الّا حفظهم في السجن، و الحيلولة بينهم و بين الناس بذلك حتي

______________________________

(1). المحلي 9: 383.

(2). فقه السنّة 14: 80.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 567

تصح منهم التوبة أو يقضي اللّه في شأنهم ما يختاره، و قد أمرنا اللّه تعالي بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و القيام بهما في حق من كان كذلك لا يمكن بدون الحيلولة بينه و بين الناس بالحبس، كما يعرف ذلك من عرف أحوال كثير من هذا الجنس.» «1»

الفصل الواحد و العشرون ما كتب حول الموضوع مستقلا أو ضمنا

1- حبس المحارب، لأبي النصر العياشي، صاحب التفسير. «2»

2- كتاب الحبس، لأبي الفضل الصافي، محمد بن أحمد بن ابراهيم بن سليمان الجعفي، رواه النجاشي بواسطتين 3.

3- احكام السجون، للشيخ احمد الوائلي.

4- زندان

و زنداني از ديدگاه اسلام، للسيد أبو الفضل مير محمّدي و الشيخ الباقري.

5- زندان در اسلام، احمد صادقي اردستاني.

6- زندان از ديدگاهي نو، المجلس الأعلي للقضاء.

7- بخشنامه هاي شوراي سرپرستي زندانهاي كشور.

8- حقوق زندانيان و علم زندانها، تاج زمان دانش.

9- آئين نامه زندانها و بازداشتگاهها.

10- نزهة الناظر، ليحيي بن سعيد الحلي.

11- مجمع المسائل ج 3، للسيد الگلپايگاني- دام ظله-.

12- الحكومة الاسلامية في احاديث الشيعة، مؤسسة «در راه حق» قم.

13- القضاء و الشهادة، للشيخ المحسني.

14- ولاية الفقيه ج 2، للشيخ المنتظري.

15- تاريخ السجن الاصلاحي، للفكيكي، مجلة الاعتدال السنة 6 العدد 1.

______________________________

(1). نيل الاوطار 8: 305- و عنه فقه السنة 14: 81.

(2) 2 و 3. الذريعة 6: 239- انظر 12: 5، تجد اسماء كتب لعلها ترتبط بالمقام.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 568

16- ردّ المحتار ج 4، لابن عابدين.

17- ادباء السجون، لعبد العزيز الحلفي.

18- حصاد السجن، لأحمد الصافي النجفي.

19- حقوق الإنسان في السجون غنّام محمد غنام 1994 الكويت.

20- السجون و أثرها في الآداب العربية واضح الصمد.

21- احكام المحبوسين.

و الحمد للّه علي ما وفقنا لا نجاز هذا الكتاب الموسوم ب «موارد السجن في النصوص و الفتاوي». و قد تم بعون اللّه تعالي- الفراغ منه بعد بحث و تحقيق استمر قرابة العشر سنوات- في الثالث من صفر الخير من سنة 1411 للهجرة النبوية. بقم المقدسة؛ و انا العبد الراجي ربه: نجم الدين بن محمد رضا الطبسي النجفي.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 569

[الفهارس]

الفهارس العامّة

1- فهرس الآيات

2- فهرس أحاديث المعصومين عليهم السلام

3- فهرس الآثار

4- فهرس اسماء المعصومين عليهم السلام

5- فهرس الاعلام (الاسماء و الالقاب)

6- فهرس الأماكن

7- فهرس القبائل و الفرق

8- فهرس الاعداد و الأرقام

9- فهرس الاشعار

10- فهرس المصادر

موارد السجن

في النصوص و الفتاوي، ص: 571

فهرس الآيات القرآنية

سورة البقرة- 2

الآية/ رقمها/ الصفحة

فَمَنِ اعْتَديٰ/ 194/ 60

وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصٰامِ/ 204/ 244

وَ اللّٰهُ رَؤُفٌ بِالْعِبٰادِ/ 207/ 75

وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْرِي/ 207/ 75

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسٰائِهِمْ/ 226/ 292

فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ/ 253/ 338

وَ إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ/ 280/ 399، 405، 411، 412

سورة آل عمران- 3

إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّٰهِ/ 77/ 474

سورة النساء- 4

وَ اللّٰاتِي يَأْتِينَ الْفٰاحِشَةَ/ 15/ 261

فَلٰا وَ رَبِّكَ لٰا يُؤْمِنُونَ حَتّٰي/ 65/ 442

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا/ 137/ 229

سورة المائدة- 5

تَعٰاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَ التَّقْويٰ/ 2/ 276

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 572

إِنَّمٰا جَزٰاءُ الَّذِينَ يُحٰارِبُونَ/ 33/ 120، 143، 144، 354

أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ/ 45/ 97

لٰا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَ لَوْ كٰانَ/ 105/ 472

تَحْبِسُونَهُمٰا مِنْ بَعْدِ الصَّلٰاةِ/ 106/ 471

يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهٰادَةُ بَيْنِكُمْ/ 106/ 472

ذٰلِكَ أَدْنيٰ أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهٰادَةِ/ 108/ 472

سورة الانعام- 6

وَ لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْريٰ*/ 164/ 397

سورة التوبة- 9

مٰا عَلَي الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ/ 91/ 221

سورة مريم- 19

وَ تُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا/ 97/ 442

سورة النور- 24

الزّٰانِيَةُ وَ الزّٰانِي/ 2/ 262

وَ الَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ/ 2/ 262

وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰاجَهُمْ/ 7/ 311

سورة العنكبوت- 29

إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفٰاحِشَةَ/ 28/ 263

سورة محمّد- 47

فَضَرْبَ الرِّقٰابِ/ 4/ 260

سورة الممتحنة- 60

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا/ 1/ 322

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 573

فهرس احاديث المعصومين عليهم السلام

أ

- أتت امرأة امير المؤمنين (ع) فقالت: أني فجرت 247.

- أ تدري ما في بطن فرسي 197.

- أ تعرفون انها حرام؟ قلنا: نعم 219.

- أتي امير المؤمنين (ع) بالنجاشي الشاعر 253، 283، 284.

- اتي امير المؤمنين صلوات اللّه عليه برجل 427.

- أتي علي بن أبي طالب (ع) برجل معه غلام 274.

- أتي علي (ع) في زمانه برجل 520.

- أتي عمر بن الخطاب برجل أقطع اليد 120.

- أتي ماعز بن مالك النبي فاقرّ عنده 249.

- أتي النبي عين من المشركين 324.

- احبسوه ثلاثا و أطعموه 75.

- أخبرت أنّ عليّا (ع) قطع البائع 138.

- أختر منهن اربعا، و فارق سايرهن 302.

- اخذ النبي (ص و ال) ناسا من قومي في تهمة

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 573

فحبسهم 40.

- ادركاها، فخرجا اليها و ادركاها بالحليفة 539.

- اذا آلي الرجل من امرأته و هو 293.

- اذا اخذ السارق قطعت يده من وسط الكف 110.

- اذا ارتدّت المرأة عن الإسلام 232.

- اذا أمر الرجل عبده ان يقتل رجلا 98.

- اذا أمسك الرجل و قتله الاخر 60.

- اذا تحمّل الرجل بوجه الرجل 427.

- اذا حبس القاضي رجلا في دين 400.

- اذا قتل العبد الحرّ دفع الي اولياء المقتول 102.

- اذا قطع الطريق اللّصوص 143.

- اذن ويحك من انت 353.

- أري ان يحبس الذين خلّصوا القاتل 71.

- اربعة لا قطع عليهم المختلس 127.

- أعيذك باللّه أن تخرجه من ظل

رأسه 387.

- أقبل رجلان من بني غفّار حتّي نزلا 149.

- اقتلوا بقيّة الأحزاب و أولياء الشيطان 338.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 574

- اقتلوا القاتل و اصبروا الصابر 60.

- اللهم ارحم خلفائي … ثلاثا 190.

- اما بعد: فإنّ من أعظم الخيانة 370.

- أمر رسول اللّه (ص) الزبير ان يعذّب كنانة 537.

- أمرّ الماء علي بطنه و احبسه 444.

- ان آتاها فعليه عتق رقبة أو صيام 298.

- ان أعطتكم الصحيفة فخلوا سبيلها 323.

- ان أمير المؤمنين (ع) أتي برجل اختلس 126.

- ان أمير المؤمنين (ع) أتي برجل قد باع حرّا 138.

- ان أمير المؤمنين (ع) رفع اليه رجل عذّب عبده 91، 94.

- ان أمير المؤمنين (ع) قال لرجل 274.

- ان أمير المؤمنين (ع) قال من أقر عند تجريد 529.

- ان أمير المؤمنين (ع) كان لا يري الحبس ألا 419.

- ان امرأة استعدت 410.

- ان امرأة استعدت عليا (ع) علي زوجها 305، 509.

- ان أول من استحلّ الامراء العذاب 530.

- ان ثلاثة نفر رفعوا الي أمير المؤمنين 52.

- ان الجلد هو السبيل الذي جعله اللّه 264.

- ان رجلا قتل عبده فجلده النبي 92.

- ان رجلا كفّل لرجل بنفس رجل 428.

- انّ رسول اللّه (ص) أمر بديلا ان يحبس السبايا 345.

- انّ رسول اللّه (ص) أمر بقتله 325.

- انّ رسول اللّه (ص) حبس بني قريظة 364.

انّ رسول اللّه (ص) قتل مرتدّة 241.

- انّ رسول اللّه (ص) نهي ان يشتري الخمر 284.

- إن شاء أولياؤه قتلوهم جميعا 77.

- انّ شهود الزور يجلدون 208.

- إنّ عبد اللّه بن سبأ كان يدعي النبوة 243.

- ان عشت رأيت فيه رأيي، و ان هلكت 75.

- إنّ علي بن ابي طالب اتي برجلين

55.

- ان عليا (ع) اتي برجل كفّل برجل 427.

- إنّ عليا (ع) اتي بسارق فقطع 111.

- إنّ عليا (ع) اتي بسارق فقطع يده اليمني 112.

- انّ عليا (ع) حبس متّهما بالقتل 39.

- انّ عليا (ع) خرج يوقظ الناس لصلاة الصبح 74.

- انّ عليا (ع) دعا حسينا و محمّدا فقال 75.

- ان عليا (ع) رفع اليه أنّ رجلا 126.

- انّ عليا (ع) رفع اليه رجل ضرب عبدا 92.

- انّ عليا (ع) قال: انما الحبس حتي يتبيّن للإمام 39.

- انّ عليا (ع) كان اذا أخذ شاهد زور 205.

- ان عليا (ع) كان يحبس في الدّين 398، 411.

- انّ عليا (ع) كان يحبس في الدّين ثم ينظر 399.

- انّ عليا (ع) كان يخرج أهل السّجون 494.

- انّ عليا (ع) كان يخرج الفساق الي الجمعة 216، 494.

- انّ عليّا (ع) كان يطعم من خلّد في السجن 523.

- انّ عليا (ع) كان يقطع اللّصوص و يحبسهم 220.

- انّ عليا (ع) كان يوقف المولي بعد اربعة اشهر 293.

- انّ عمّارا جاء لأمير المؤمنين (ع) بأسير 340.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 575

- انّ قوما من الكلاعيين سرق لهم متاع 150.

- ان كان له مال أخذت الدّية من ماله 88.

- ان لا يضرب في التعزير اكثر من عشرة 186.

- إنّ لصاحب الحق مقالا 388.

- انّ النبي (ص) أتي بساحر فقال أحبسوه 193.

- انّ النّبي (ص) حبس رجلا في تهمة 39.

- انّ النبي (ص) حبس في تهمة يوما و ليلة 40.

- انّ النّبيّ (ص) قال فيمن قتل غيره 54.

- انّ النّبيّ كان يحبس في تهمة الدم 37، 38، 41.

- إنّ نجدة كتب الي عبد اللّه بن عباس 113.

- ان يغرم أهل تلك

القرية 48.

- انّا لو فعلنا هذا لكل من نتّهمه من الناس 352.

- إنّما هو بمنزلة بعير تخاف شراده 477.

- انّه اتي برجل قد اقرّ علي نفسه بالزّنا 248.

- انّه اتي برجلين أمسك أحدهما و جاء الاخر.

54.

- انّه أتي بسارق فقطع يده 521.

- انّه أتي في امرأة باعت هي و ابنها 400.

- انه استدرك علي ابن هرمه خيانة 367.

- إنه أمر بقطع سرّاق، فلما قطعوا أمر بحبسهم 219.

- إنّه (ع) بني حظيرة من قصب 292.

- انه بني سجنا و سمّاه نافعا 562، 563.

- إنّه حكم بالسّجن و الضّرب 544.

- أنّه دخل يوما الي مسجد الكوفة … فقال للفتي 38.

- انّه رخّص في تقرير المتهم بالقتل 537.

- انّه شهد بدرا 324.

- انّه قال في رجل قتل رجلا متعمدا 55.

- انّه قال في المختلس: لا يقطع 126.

- انّه قضي في رجل قتل رجلا و آخر 54.

- إنّه قضي فيمن قتل دابة عبثا او قطع 483.

- انّه كان يحبس في الدّين 384، 403.

- انه (ع) كان يحبس في الدّين ثم ينظر 518.

- انه (ع) كان يحبس في النفقة و في الدين 217، 305، 381.

- انه كان يعرض السجون في كل يوم جمعة 503.

- إنّه كان يقطع يد السارق في اليمين 112.

- إنّه كان يقيّد الدّعار 543.

- انّه كان يقطع يمين السارق 112.

- انّه كان يوقف المولي بعد الاربعة الأشهر 293.

- انّها تسترقّ لا تقتل 240.

- انّها صلاة العصر 473.

- انّهم أهل بدر 324.

- الإيلاء هو أن يحلف الرجل 292.

ب

- بجريرة حلفائك من بني عامر 347.

- بعث رسول اللّه (ص) خيلا قبل نجد 344.

- بعث رسول اللّه (ص) عليا في مائة رجل 325.

ت

- تضرب اوقات الصلاة 545.

- تقطع رجله بعد يده فإن عاد 521.

- تقطع يديهما لأنهما سارقان 138.

ث

- ثم ضرب بالسّيف ضربة اخذ السّيف منه 260.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 576

- ثم للوالي بعد حبسه و ادبه 545.

- الثّيّب بالثّيّب جلد مائة و الرّجم 268.

ج

- جاء رجل الي الرسول (ص) فقال: 543.

- جاء رجل الي الرسول (ص) فقال: ان أمي لا تدفع 181، 255.

ح

- حرق علي (ع) طعاما احتكر 558.

- حضرت علي بن أبي طالب (ع) اتي برجل مقطوع 120.

د

- دسست الرجال للاحتيال و الاغتيال 328.

- دعا [النبي (ص)] وليّ المقتول و طلب منه 78.

ر

- ربّ ذنب مقدار العقوبة عليه 551.

- رجل ولد علي الإسلام ثم كفر 226.

- رفع الي عمر ان عبدا قتل مولاه فدعاه علي (ع) 46.

- روي اذا كفل الرّجل بالرّجل 428.

س، ش

- سئل الرّضا (ع) عن نبّاش نبش قبر امرأة 157.

- شهدت عليا بالكوفة يعرض السجون 503.

ص، ض

- صلّي النبي (ص) صلاة العصر و دعا بعدي 476.

- ضربه و خلّده في السّجن 545.

ع

- علي الامام ان يخرج المحبسين 494، 501.

- عن علي (ع) أنه اتي بلصّ نقب بيتا 130.

- عن عمر انه اتي برجل قد سرق 113.

- عن فرات بن حيّان ان النبي (ص) امر بقتله 335.

ف

- فأتي بهم علي بن أبي طالب (ع) فوضعهم في السّجن 226.

- فأخرجه من السّجن فاضربه خمسة و ثلاثين سوطا 545.

- فاستقبلني رسول (ص) قال: له سلبه 324.

- فأمر النّبيّ (ص) رجلا من ثقيف 346.

- فأقبل ثمامة معتمرا و هو علي شركه 543.

- فالمرتدّ و ان كانت امرأة حبست 234.

- فأمر به فسجن، فحبسه ثلاثة ايام في السجن 344.

- فإن تابت و الّا خلّدت في السجن 242.

- فإن ثبت إعساره انظر 410.

- فإن جاء اولياء المقتول ببيّنة 28، 46.

- فان جاء اولياء المقتول بثبت 28.

- فان مثّل به عوقب به و عتق العبد 157.

- فحبسه رسول اللّه (ص) حتي باع غنيمة له 480.

- فسهر نبيّ اللّه ليلته فقال له بعض 345.

- فكان من شريعتهم في الجاهليّة إن المرأة اذا

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 577

زنت 261.

- فلما توفّي امير المؤمنين (ع) و دفن جلس الحسن 76.

- فلما نزل ببقعاء أصاب عينا للمشركين 325.

- فمن صدّقك لهذا فقد كذّب القرآن 201.

- فنزل جبرئيل (ع) علي رسول اللّه (ص) فأخبره بذلك 322.

- في رجل أمر رجلا بقتل رجل فقتله 64، 66.

- في رجل أمسك رجلا و قتله الاخر 55.

- في رجل سرق فقطعت يده اليمني ثم سرق 111.

- في رجل عدا علي رجل و جعل ينادي 54.

- في رجل قتل مملوكته أو مملوكه 92.

- في رجل كان جالسا مع قوم فمات 48.

- في قول اللّه عزّ و جل يا أيها الذين

آمنوا 472.

- في المرتدّ يستتاب فإن تاب و الا قتل 231.

- في المولي اذا أبي أن يطلق 542.

- فيها اربعة حدود: اما اولها 137.

ق

- قال أمير المؤمنين (ع) في رجل أمر عبده 96.

- قال أمير المؤمنين (ع) يا أهل العراق نبّئت 516.

- قال رسول اللّه (ص) ان ابغض الناس 530.

- قال رسول اللّه (ص) ليّ الواجد بالدّين 379.

- قال لي يا موسي قلت لبيك 338.

- قدم بالاساري حين قدم 345.

- قضي أمير المؤمنين (ع) في رجل شدّ علي رجل 52.

- قضي أمير المؤمنين (ع) في رجلين أمسك 51، 57.

- قضي امير المؤمنين (ع) في السّارق 109.

- قضي أمير المؤمنين (ع) في وليدة كانت نصرانية 232، 248.

- قضي علي (ع) في رجل أمسك رجلا 54.

- قطع رجل السارق بعد قطع اليد ثم لا يقطع 521.

- قطع الطريق بجلولاء 142.

- قوته بغير سرف اذا اضطرّ اليه 391.

ك

- كان أمير المؤمنين (ع) اذا اتي المولي 292.

- كان أمير المؤمنين (ع) اذا سرق الرّجل 521.

- كان أمير المؤمنين (ع) اذا سرق السارق 522.

- كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه يحبس الرجل 378، 385.

- كان أمير المؤمنين (ع) يجعل له حظيرة 292.

- كان تميم الداري و اخوه عدي نصرانيّين 473.

- كان رسول اللّه (ص) اذا بعث أمير علي جيش 158.

- كان علي (ع) اذا اتي بالسارق في الثالثة 522.

- كان علي بن أبي طالب (ع) اذا كان في القبيلة 176، 217، 523.

- كان علي (ع) لا يحبس في السجن الا ثلاثة 419، 420، 421.

- كان علي (ع) لا يقطع الّا اليد و الرجل 113.

- كان علي (ع) لا يقطع سارقا حتي يأتي 151.

- كان علي (ع) ولّي المنذر بن الجارود 369.

- كان علي (ع) يقول اذا سرق السارق 112.

- كان علي (ع) يقول في السارق 113.

- كان قوم يشربون فيسكرون 214.

- كان

من أهل الشام بصفين رجل 343.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 578

- كان يحثّ في خطبته علي الصدقة 157، 159.

- كان يزيد بن حجّية قد أستعمله علي 369.

- كلّ عبد مثّل به فهو حرّ 157.

- كلّ مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام 225.

- كنت شاهدا عند البيت الحرام و رجل ينادي 53.

- كنت واقفا علي رأس أبي حين أتاه 167.

ل

- لئن بلغني أنك تنظر في النّجوم لأخلدنّك في الحبس 197.

- لا، الا السارق فإنه كان يحبسه في الثالثة 111.

- لا تجوز المثلة و لو بالكلب العقور 158.

- لا تحمّلوهم ما لا يطيقون و أطعموهم مما تأكلون 158.

- لا تعذّبوا الناس فإنّ الّذين يعذّبون 533.

- لا تقطع يد النّبّاش إلّا أن 132.

- لا حبس في تهمة إلّا في دم 38.

- لا حدّ علي القوّاد، أ ليس إنّما يعطي 271.

- لأنّها أبقت عاصية للّه و لسيّدها 478.

- لا يخلّد في السّجن الا ثلاثة 111، 155، 231.

- لا يطلّ دم أمرئ 99.

- لا يطلّ دمه و لكن يعقل 48.

- لا يقطع الطّرار و هو الذي 126.

- اللّذان منكم، مسلمان و اللذان من غيركم 472.

- لعلّك أتيت و انت نائمة 249.

- لما امسي رسول اللّه (ص) يوم بدر 345.

- لما كان في ولاية عمر اتي بامرأة حامل 531.

- ليّ الواجد: يحلّ عرضه و عقوبته 379، 385، 388، 405، 406، 439، 469.

م

- ما اقرّ لمعاوية و لأصحابه: انهم مؤمنون 338.

- ما كان مع أمير المؤمنين (ع) من يعرف حقّه إلّا صعصعة 369.

- ما له ترحه اللّه فعل فعل السيّد 370.

- ما يحلّ لنا دمه، و لكنّا نحبسه 352.

- المرأة اذا ارتدّت استتيبت 238.

- المرتد يستتاب فان تاب 232.

- مرّ رجل بقدر فوقعت علي رأس رجل 160.

- مطل الغنيّ ظلم 388.

- من أقرّ بحد علي تخويف أو حبس 531.

- من امتنع من دفع الحق 379.

- من خلّد في السجن رزق من بيت المال 522.

- من رأي منكم منكرا، فليغيّره بيده 186، 221.

- من عذّب الناس عذّبه اللّه 533.

- من وقع علي ذات محرم فاقتلوه 259، 260.

- من يعمل من

أمتي عمل قوم لوط 47.

- منهم فرات بن حيان، و اطلقه و لم يزل 325.

ن

- نابيت قومك و داهنت و ضيّعت 372.

- نعم و لكن لو أعترف و لم يجي ء بالسرقة 530.

- نعم ينتظر بقدر ما ينتهي خبره 414.

- نهي رسول اللّه (ص) عن المثلة و لو بالكلب العقور 211.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 579

ه

- هدم أمير المؤمنين دار مصقلة بن هبيرة 551.

- هل تعرف الكتاب؟ قال: نعم 323.

- هي صلاة الظهر 474.

- هي منسوخة و السبيل هو الحدود 262.

و

- و اتي رسول اللّه (ص) بكنانة بن الربيع و كان عنده 538.

- و اذا ارتدّت المرأة عن الإسلام 234.

- و اعلم يا رفاعة إن هذه الامارة 368.

- و أعلم يرحمك اللّه ان الايلاء 293.

- و اللّه لأقتلنّ معاوية 233.

- و أمر بضرب عنقه و كتب الي البصرة 322.

- و ان قامت بينة علي قوّاد جلد 271.

- و ان كانت امرأة فحلق رجل رأسها 160.

- و تقطع من السارق الرجل بعد اليد 522.

- و الجاسوس و العين اذا ظفر بهما قتلا 322، 329.

- و روي إنّه إن فاء و هو ان يرجع 293.

- و سألته ان هو سرق بعد قطع اليد و الرجل 110.

- و قضي علي (ع) في الدّين انه يحبس 398.

- و كان أمير المؤمنين يحبس الجهّال من الاطباء 213.

- و لا تحل بينه و بين من يأتيه بمطعم 497.

- و لا تدع احدا يدخل عليه 371.

- و لا يجوز علي رجل قود و لا حدّ 531.

- و لم تلبس إلّا من خشن الثياب 543.

- و ما استكرهوا عليه 540.

- و ما يمنعه؟ و لكن اذا فعل فليحصّن بابه 182، 256.

- و مر بإخراج أهل السّجن في الليل 499، 544.

- و مرّ به الي السجن 543.

- و من ارتد من نسائهم حبست 234.

- و يحبس في سجن المسلمين 516.

- و يستودع العبد السّجن حتي يموت 97.

- و يضرب في كلّ سنة خمسين جلدة 544.

- و يقطع اليد و الرجل ثم لا يقطع 520.

- ويلك لعلّ رجلا وقع

عليك 249.

ي

- يا بني عبد المطلب … و لا يمثل بالرجل 157.

- يجب علي الامام ان يحبس الفساق 212.

- يجبر الرّجل علي النفقة علي امرأته 305.

- يستودع السجن 100.

- يضرب ضربا وجيعا و يحبس في سجن 159، 160.

- يضرب ضربة بالسيف 257.

- يضرب ضربة بالسيف، بلغت منه ما بلغت 257.

- يقتل القاتل و يصبر الصابر 57، 58، 59.

- يقتل و لا يستتاب 226.

- يمرقون من الدين كما يمرق السهم 484.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 580

فهرس الآثار

أ

اتي طارق بالشام برجل قد اخذ في تهمة 532.

أتي عمر شاهد الزور فوقفه للناس 206.

اذا أنا لم احبس في الدّين 380.

اذا سرق فاقطعوا يده 112.

اذا لاعن الرجل و أبت المرأة 311.

إن أبا بكر و عمر كانا يقولان: لا يقتل المولي 92.

إن امرأة باعت دار الغير 395.

إن امرأة غاب عنها زوجها، ثم جاء 249.

إن رجلا قدم من الهند بأمان 102.

إن رجلا كان مع قوم يتّهمون بهوي 532.

إن رجلا من المشركين قتل رجلا من المسلمين 103.

إن عمر استشار في السارق 113.

إن عمر حبس ثلاثة 189.

إن عمر حبس الخطيئة 174.

إن عمر حبس عصبة صبي 306.

إن عمر بن الخطاب أتي بسارق فاعترف 532.

إن عمر بن الخطاب ضرب شاهد الزور 206، 211.

إن عمر بن الخطاب كتب الي عمّاله بالشام 206.

إن عمر بن عبد العزيز كان لا يسجن 400.

إن غلاما اختلس طوقا فرفع الي عدي 127.

إن كان جرح أحدا فاجرحوه 359، 511.

إن كان شريح ليحبسه به 485.

إنّه حبس ابنه عبد اللّه 428.

إنّه حبس رجلا في خادم باعه لابنته 393.

إنّه قدم علي عمر رجل من قبل أبي موسي 227.

إنّه كان إذا أخذ شاهد الزور بعث 210.

إنّه كان يحبس في الدّين 380.

إنّهما حبسا رجلا في السجن 393.

أوّل

من فعل ذلك علي بن أبي طالب (ع) 523، 527.

أ يقطع السارق اكثر من يده و رجله 113.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 581

ب

بعثني أبو موسي بفتح تستر الي عمر، فسألني 226.

ت

تخالفني خيل لرسول اللّه فتصيب 345، 914، 515.

ج

الجروح قصاص و ليس للإمام أن يضربه 104.

خ

خاصم رجل ابنا لشريح 428، 527.

ر

رأيت المحبس و هو خص و كان النّاس 562.

إنّه يقتل القاتل و يحبس الممسك 59.

روينا عن سليمان بن موسي قال: لو أمر 64.

ش

شهدت شريحا حبس رستم 380.

شهدت عبد الرحمن بن أذينة، أقصّ 104.

ص

صلاة أهل دينهما 473.

ع

عجزت النساء أن تلد مثل علي بن أبي طالب 531.

علامة المهدي أن يكون شديدا علي العمال 369.

عن عدي بن أرطاة انه كتب الي عمر بن عبد العزيز 132.

ف

فقد قوم متاعا لهم من بينهم 131.

فكتب إليّ: أن احبسهما بعد صلاة العصر 473.

فمر ولاتك جميعا بالنظر في أمر المحبوس 525.

في رجل باع امرأة و هما حرّان 139.

في المرأة ترتدّ عن الإسلام تحبس 234.

في المرأة ترتدّ عن الإسلام قال لا تقتل تحبس 234.

ق

القيد كره و الوعيد كره و السجن كره 532.

ك

كان أوّل حدود النساء كن يحبسن 262.

كان شريح اذا قضي علي رجل 381.

كان الزبرقان قد سار الي عمر 174.

كان لي علي رجل ثلاثمائة درهم 381.

كتب عمر بن عبد العزيز بكتاب قرأته 152.

ل

لا تدعن في سجونكم أحدا 499، 544.

لا تقتل النساء اذا هنّ ارتددن 239.

لا قطع علي المختلس و لكن يسجن 127.

لا يحبس الانسان في الدين اكثر من 408.

لا يجوز الاعتراف بعد عقوبة في حدّ 532.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 582

ليس الرجل امينا علي نفسه اذا أوجعته 534.

لا ينبغي لبيت عذاب أن يكون 561.

م

ما هذا الحديث عن رسول اللّه (ص) و احسبه حبسهم 189.

من بعد صلاة أهل دينها 475.

و

و أما ما سألت عنه يا أمير المؤمنين من أهل الدّعارة 526.

وهّب قوم غلاما حتي اعترف لهم 532.

ي

يجبران علي اللعان و يحبسان 311.

يعاقب المختلس و يخلّد الحبس 127.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 583

فهرس اسماء المعصومين عليهم السلام

النّبي محمّد بن عبد اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم 37، 39، 40، 43، 47، 53، 54، 55، 75، 77، 92، 95، 138، 140، 150، 157، 158، 159، 170، 172، 174، 179، 181، 186، 188، 189، 190، 193، 197، 198، 211، 221، 225، 235، 241، 247، 249، 255، 263، 268، 273، 274، 276، 284، 297، 302، 322، 323، 324، 325، 326، 327، 328، 334، 335، 344، 345، 346، 347، 368، 379، 388، 391، 396، 417، 444، 472، 473، 476، 480، 482، 498، 499، 501، 514، 529، 530، 531، 533، 535، 536، 537، 538، 539، 543، 544، 561، 563، 564، 565، 566.

الامام علي بن أبي طالب عليه السّلام 38، 39، 46، 47، 51، 52، 54، 55، 57، 62، 74، 75، 76، 91، 92، 96، 98، 100، 109، 111، 112، 113، 119، 120، 126، 127، 130، 138، 142، 143، 157، 160، 162، 168، 169، 176، 186، 197، 201، 205، 212، 214، 215، 216، 217، 219، 220، 226، 232، 234، 240، 243، 247، 248، 249، 251، 252، 253، 261، 268، 274، 283، 292، 293، 305، 322، 323، 325، 326، 328، 336، 337، 338، 339، 340، 343، 351، 352، 353، 358، 364، 369، 370، 371، 372، 373، 378، 379، 380، 384، 385، 398، 399، 400، 404، 411، 419، 421، 424، 428، 483، 494، 495، 496، 497، 498، 499، 502، 503، 509، 510، 515، 518، 520، 521، 522، 523، 524، 527، 529، 531، 532، 537، 539، 542، 543، 544، 545،

551، 556، 561، 562، 563، 564، 565.

فاطمة الزّهراء سلام اللّه عليها 167، 170، 171.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 584

الامام الحسن بن علي عليهما السّلام 74، 75، 76، 85، 157، 321، 322، 328.

الامام الحسين بن علي عليهما السلام 74، 75، 85، 562.

الامام علي بن الحسين زين العابدين عليهما السّلام 127، 257.

الامام محمد بن عليّ الباقر عليهما السلام 31، 39، 43، 52، 54، 64، 66، 67، 68، 77، 109، 110، 111، 231، 232، 234، 243، 247، 248، 322، 354، 419، 420، 473، 474، 477، 530.

الامام جعفر بن محمد الصّادق عليهما السلام 37، 41، 48، 51، 52، 53، 54، 57، 70، 73، 74، 75، 88، 91، 92، 96، 97، 102، 110، 111، 126، 127، 132، 137، 138، 139، 157، 159، 160، 168، 181، 182، 205، 214، 216، 225، 231، 232، 238، 255، 256، 257، 260، 261، 262، 271، 274، 284، 292، 298، 305، 321، 354، 355، 378، 379، 399، 410، 411، 427، 472، 477، 478، 493، 494، 501، 509، 515، 516، 520، 521، 523، 529، 530، 542، 544.

الامام موسي بن جعفر عليهما السّلام 92، 157، 167، 226، 379.

الامام علي بن موسي الرضا عليهما السلام 226، 271، 274، 379، 414.

الامام محمد بن علي الجواد عليهما السلام 142، 143، 146، 157، 358.

الامام الحجّة بن الحسن العسكري عليهما السلام 6، 27، 369.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 585

فهرس الأعلام (الأسماء و الألقاب)

الأسماء

[أ]

ابان: 48، 76.

ابان بن تغلب: 102.

ابان بن عثمان: 77، 88، 110.

ابراهيم 354، 403، 562.

ابراهيم بن أبي عبلة: 346.

ابراهيم بن خثيم بن عراك: 40.

ابراهيم بن سعد الجوهري: 346.

ابراهيم بن سليمان القطيفي: 195.

ابراهيم بن هاشم: 160، 399.

ابراهيم بن ميسرة: 532.

ابراهيم بن يحيي

النوري: 562.

ابراهيم القطيفي: 195.

ابن ابزي: 249.

ابن أبي بلتعة- حاطب: 328.

ابن أبي الحديد: 201.

ابن أبي داود: 143.

ابن أبي الزناد: 285.

ابن أبي سيف: 371.

ابن أبي عبلة: 345.

ابن أبي عمير: 51، 257، 419، 520، 530.

ابن أبي ليلي: 60، 85، 211، 380، 393، 463، 464.

ابن أبي مارية: 473.

ابن أبي مليكة: 473.

ابن أبي نجران: 52، 109.

ابن الأثير: 129، 156، 212، 325، 343، 552، 561، 562.

ابن اسحاق: 345، 346.

ابن ادريس: 44، 99، 112، 115، 120، 121، 122، 123، 124، 134، 184، 207، 235، 241، 330، 336، 350، 393، 399، 435، 491، 494، 495، 496، 518.

ابن اذينة: 419.

ابن الأنباري: 474.

ابن بقاح 292.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 586

ابن بديل بن ورقاء: 345، 346.

ابن البراج- القاضي ابن برّاج: 40، 47، 48، 56، 62، 89، 90، 115، 120، 121، 128، 134، 145، 169، 172، 207، 228، 235، 258، 275، 283، 291، 295، 326، 328، 333، 351، 435، 443، 445، 449، 450، 451، 480، 481، 482، 502، 503، 517.

ابن البناء: 314.

ابن تيمية: 79، 147، 172، 187، 256، 270، 321، 332، 389، 536، 541.

ابن جريج: 75، 138، 149، 152، 306.

ابن جلاب: 49، 95، 118، 269، 314، 316، 398، 406، 425، 507.

ابن الجنيد- الاسكافي: 94، 98، 435، 436، 448، 450.

ابن الجوزي: 321، 333، 335.

ابن حزم- ابو محمد: 87، 89، 90، 162، 171، 186، 267، 358، 411، 449، 452، 492.

ابن حمزة- علي بن حمزة الطوسي: 40، 44، 49، 56، 59، 63، 65، 68، 69، 80، 84، 99، 115، 128، 140، 169، 236، 247، 250، 272، 276، 293، 295، 313، 330، 236، 247، 250، 272، 276، 293، 295، 313، 330، 336، 382، 388، 406، 418، 437، 466، 482،

502، 504، 535، 545، 560، 561، 566.

ابن داود: 392.

ابن ديزيل: 197.

2 بن رئاب: 274.

ابن رشد- القرطبي: 79، 136، 214، 239، 297، 354، 360، 388، 425، 433.

ابن زهرة- ابو المكارم: 56، 65، 87، 89، 93، 134، 142، 146، 269، 274، 295، 335، 353، 356، 358، 449، 451، 464، 465، 548، 549.

ابن سنان: عبد اللّه بن سنان: 48.

ابن سيدة: 69، 563.

ابن سيرين: 104، 380، 381، 532.

ابن شبرمة: 434.

ابن شبة: 174، 344.

ابن شراعة: 274.

ابن شمّون: 91.

ابن شهر آشوب: 47، 76.

ابن الصّيرفي: 60.

ابن طاوس: 151، 369، 532، 561.

ابن عابدين: 498، 509، 511، 515، 516، 517، 568.

ابن عباس: 137، 138، 139، 140، 234، 323، 324، 341، 354، 355، 360، 473، 474، 475.

ابن عشيرة: 483.

ابن عقيل: 119، 321، 333.

ابن الغضائري: 273.

ابن فارس: 551.

ابن فرعون: 564.

ابن فضال: 378، 427.

ابن القاسم: 87، 252، 316، 321، 392.

ابن قدامة: 60، 79، 85، 95، 100، 119، 122، 159، 172، 196، 211، 227، 230،

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 587

240، 298، 341، 347، 363، 388، 398، 407، 409، 418، 435، 436، 440، 442، 444، 447، 453، 454، 457، 459، 463، 503، 508، 509، 511، 548، 550، 557، 558.

ابن قولويه: 273، 305، 419.

ابن قيم الجوزية: 475، 566.

ابن لهيعة: 354، 400.

ابن ماجة: 39.

ابن الماجشون: 334.

ابن المبارك: 379.

ابن مجلز: 354.

ابن محبوب- الحسن بن محبوب: 64، 69، 70، 111، 181، 225، 231، 232، 242، 255، 274.

ابن مسعدة: 373.

ابن مسعود: 189.

ابن مسكان: 182، 256، 292.

ابن المسيب: 147.

ابن ملجم «لعنه اللّه» 157.

ابن منجا: 137، 508.

ابن المنذر: 79، 407.

ابن منظور: 156، 198، 215، 217، 551، 561، 563.

ابن مهدي: 103.

ابن النجار: ابن النّجّار الحنبلي 119، 176، 509.

ابن نمير: 113.

ابن هرمة: 367، 368، 371، 497،

499، 543، 544.

ابن هشام: 345، 538.

ابن الهمام: 561.

ابن وهب: 206، 334، 400.

ابنة حاتم: 345.

أبو الأحوص: 120، 285.

ابو أسامة: 112.

ابو اسحاق: 28، 454، 458.

ابو اسحاق بن راهويه: 229.

ابو اسحاق بن مهران: 562.

ابو اسحاق الشيرازي: 508، 564.

ابو اسحاق المدائني: 358.

ابو ايوب: 70.

ابو البختري: 529.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 587

ابو بصير: 88، 292، 293، 521.

ابو بكر: 92، 103، 104، 112، 113، 119، 127، 139، 152، 160، 220، 249، 285.

ابو بكر ابن أبي اويس: 112.

ابو بكر ابن أبي قحافة: 113، 561، 563، 566.

ابو بكر- ابن أبي شيبة: 55، 92، 102، 103، 226، 234، 249، 284، 311، 380، 393، 395، 428، 480، 561.

ابو بكر الشيباني: 526.

ابو بكر- محمد بن احمد بن بالويه: 189.

ابو بكر- محمد بن عبد اللّه- ابن العربي: 474.

ابو بكر النيسابوري: 294.

ابو ثور: 79، 120، 122، 140، 297.

ابو جعفر المنصور: 53.

ابو جميلة: 477، 478.

ابو جهل: 235.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 588

ابو الحارث التيمي: 285.

ابو حازم: 120.

ابو حرّة: 234.

ابو الحسن- علي بن محمد المقري: 262.

ابو حمزة الثمالي: 157.

ابو حنيفة: 50، 59، 88، 119، 140، 142، 162، 171، 172، 183، 184، 211، 225، 229، 239، 240، 268، 276، 306، 309، 311، 313، 321، 339، 341، 353، 354، 355، 356، 360، 387، 389، 397، 409، 416، 417، 435، 452، 463، 464، 560.

ابو الخطاب: 60، 119، 447.

ابو داود: 40، 150، 234، 344، 532، 533.

ابو الدّرداء: 189.

ابو دقيقة: 230، 389، 409، 447، 513.

ابو ذر: 189.

ابو الربيع: 206.

ابو رزين: 234، 239.

ابو زميل: 344.

ابو سعيد المقبري:

120.

ابو سفيان: 249، 325، 335.

ابو سفيان الثوري: 162.

ابو الصلاح الحلبي: 48، 58، 65، 70، 71، 89، 96، 99، 114، 128، 134، 139، 142، 146، 169، 207، 227، 235، 272، 291، 294، 300، 353، 356، 358، 359، 382، 398، 401، 413، 416، 482، 493، 494، 495، 520، 542.

ابو الضحي: 112.

ابو ضياء خليل: 508.

ابو طالب: 96، 100.

ابو العباس- محمد بن يعقوب: 472.

ابو عبد اللّه: 483.

ابو عبد اللّه الجدلي: 393.

ابو عبد اللّه الحافظ: 472.

ابو عبد اللّه الزبيري: 557.

ابو عبد اللّه- محمد بن زكريا البصري 234.

ابو عبيد: 55، 285، 297، 355.

ابو علي: 163.

ابو علي الأشعري: 252، 283.

ابو علي الجباني: 354.

ابو عمرو الحوضي: 189.

ابو عيسي: 159، 239، 297.

ابو الفضل الكرابيسي: 120.

ابو القاسم البصري: 359، 520.

ابو القاسم البغوي: 206.

ابو القاسم الكوفي: 46.

ابو ماجد الحنفي: 285.

ابو محمد: 220، 414.

ابو محمد الجوزي: 60.

ابو مخنف: 76، 352.

ابو مريم: 247، 248، 252، 253، 283.

ابو مسعود الأنصاري: 189.

ابو معاوية- الضرير: 160، 161، 249.

ابو المفضل: 379.

ابو المقدام: 62.

ابو موسي: 226، 227.

ابو نصر العياشي: 567.

ابو نصر بن قتادة: 120.

ابو هريرة: 40، 100، 344.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 589

ابو هلال: 380.

ابو يزيد- سهيل بن عمرو: 345.

ابو يعلي: 550، 553، 556.

ابو يعلي الفراء: 313، 332، 341.

ابو يعلي الماوردي: 354، 360.

ابو يوسف: 50، 84، 85، 118، 125، 129، 130، 131، 137، 171، 211، 217، 229، 239، 252، 254، 321، 329، 340، 350، 397، 452، 478، 523، 526، 535، 560.

أم جعفر: 380.

أم الهيثم بنت الاسود النخعية: 76.

أحمد: 79، 92، 119، 136، 140، 188، 189، 196، 239، 297، 314، 333، 389، 408، 430.

أحمد بن أبي عبد اللّه: 529.

احمد بن أبي عبد اللّه البرقي: 212، 253.

احمد بن اسحاق بن بهلول- القاضي ابو

جعفر:

345.

أحمد بن الحسن القطان: 233.

أحمد بن الحسن الميثمي: 76، 88.

أحمد بن حنبل: 162، 184.

أحمد بن خالد: 257.

أحمد بن الشلبي: 561، 562.

أحمد شبويه: 174.

أحمد بن عيسي: 522.

أحمد بن الفضل الخاقاني: 142.

أحمد بن محمد: 51، 64، 70، 225، 293، 378، 427، 520، 522.

أحمد بن محمد بن ابي نصر: 476، 478.

أحمد بن محمد بن خالد: 110.

أحمد بن محمد بن عيسي: 52، 69، 91، 181، 205، 305، 419، 472.

أحمد بن نجدة: 120.

أحمد بن نصر الخزاز: 253، 283.

أحمد بن يحيي: 298، 301، 309، 321، 334، 341، 407، 434، 435، 440، 528، 544، 548، 550، 557.

أحمد صادقي اردستاني: 567.

الازدي: 328.

أزهر بن عبد اللّه الحرازي: 150، 532.

أسامة بن زيد: 473.

اسحاق: 79، 140، 239.

اسحاق بن أبي فروة: 92.

اسحاق بن راهويه: 140، 162.

اسحاق بن عمار: 97، 99، 424، 427، 530.

اسحاق بن بنان: 292.

اسرائيل: 249، 393.

الاسكافي- ابن الجنيد: 45، 48، 424، 482.

إسماعيل: 60.

إسماعيل بن ابراهيم بن المهاجر: 217، 523.

إسماعيل بن أميّة: 55.

إسماعيل بن الحجاج بن ارطاة: 215.

إسماعيل بن خالد: 530.

إسماعيل بن شريف العلوي- السلطان

ابو الاملاك: 564.

إسماعيل بن عليه: 395.

الأسود بن قيس: 352.

الأسود بن يزيد: 352.

الأشتر: 343.

الأشعث: 311، 371.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 590

الأصبغ: 334، 403.

الأصبغ بن ضرار الأزدي: 343.

الأصبغ بن نباتة: 378، 398، 427.

أنس: 324.

أنس بن مالك: 530.

أياس بن معاوية: 127، 395، 396.

أيوب: 395، 532.

ب

بدر الدين العيني: 389.

بردله: 564.

بريدة: 159.

بريد بن معاوية: 49.

بشر بن البراء: 537.

بقيّة: 150.

بكر بن حبيب الكوفي: 247.

بكر بن وائل: 227.

بنان: 305.

بنان بن محمد: 274.

بنت حاتم: 514، 515.

بنت الحارث: 364.

بهز بن حكيم: 39، 40.

ت

تاج زمان دانش: 567.

تميم الداري: 473.

توفيق الفكيكي: 495، 496، 567.

ث

ثعلبة بن سلام بن أبي الحقيق: 537.

الثعلبية: 233.

ثمامة: 344.

ثمامة بن أثال: 344، 543.

ج

جابر: 113، 249، 253، 324، 393.

جابر بن يزيد الجعفي 242، 234.

جبرئيل (ع) 322.

جرير: 112، 380.

جرير بن عبد اللّه: 551.

جعفر بن محبوب: 157.

جعفر بن محمد بن عمارة: 234.

جميل: 259.

ح- خ

الحارب بن حصيرة: 219.

الحارث بن أبي ضرار: 325.

حارثة بن مضرب: 325.

حاطب: 223، 321، 322، 326، 333، 334، 529.

حاطب بن أبي بلتعة: 538، 539.

الحاكم: 39، 40، 189، 400.

حبيب- بن سليم: 428.

الحجاج: 92، 113، 162، 560.

الحجاج بن أرطاة: 113.

الحجاج بن عمرو بن دينار: 113.

الحجاج بن يوسف الثقفي: 515.

الحجال: 257.

حجيّة 220.

حريز: 70، 72، 73، 242.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 591

حسان بن ثابت: 174.

الحسن: 95، 109، 119، 127، 139، 234، 240، 262، 311، 324، 353، 355، 360، 474، 476، 562.

الحسن البصري: 140، 147.

الحسن بن حيّ: 85، 162.

الحسن بن الربيع: 274.

الحسن بن عسكري: 233.

الحسن بن علي: 292، 472.

الحسن بن محمد بن اسحاق: 262.

الحسن بن محمد بن سماعة: 88، 110.

الحسن بن موسي الخشاب: 427، 530.

حسن الصدر: 271.

الحسين بن الحسن بن ابان: 111.

الحسين بن زيد: 284.

الحسين بن سعيد: 52، 111، 226، 232، 248، 472، 520، 521.

حسين بن علاء: 391.

الحسين بن محمّد: 219، 292.

حسين القزويني: 271.

حصين: 112.

الحصين بن نمير: 560.

حفص: 92.

حفص المؤدّب: 472.

حماد: 98، 109، 111، 119، 155، 231، 241، 520.

حمّاد بن سلمة: 139.

حمّاد بن عثمان: 51، 292.

حمدان القلانسي: 292.

حميد بن زياد: 88، 110.

حنّان: 137.

حنبل: 196.

حنظلة: 532.

حنظلة بن الربيع: 551.

خريت بن راشد: 351، 370.

خصيف الجزري: 131.

د- ذ

الدارقطني: 55، 345.

داود (ع): 38، 39.

داود بن يوسف الخطيب: 95، 152، 175.

درست بن أبي منصور: 54، 55.

ذهل بن حارث: 370، 371.

ر

الربيع بن سليمان: 473.

الربيع: 98، 354.

الربيعة: 56، 59، 62.

رستم الضرير: 380.

رضوان الشافعي: 562، 565.

رفاعة: 367، 368، 371، 497.

ز

الزبير: 174، 322، 323، 444، 537، 539.

الزبير بن العوام: 557.

زرارة: 64، 66، 67، 69، 110، 111، 399، 419، 420، 421.

زرعة: 51.

زنباع: 158.

زياد بن عبيد اللّه الحارثي 167.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 592

زياد بن مسلم: 102.

زيد 358.

زيد بن ثابت 162.

زيد بن حبّان 139.

زيد بن الحسن بن عيسي: 122.

زيد بن علي: 112، 143، 216، 268، 269، 293، 305، 380، 389، 428، 531.

زيد الشحام: 477، 478.

زين العابدين المازندراني- الشيخ: 171.

س

سابق- السيد سابق: 150، 500، 509، 536، 541، 566.

سابق البربري: 561، 562.

سارة: 323.

سحنون: 413.

سريّة الشعبي: 380.

سعدان بن مسلم: 219.

سعد: 305، 364.

سعد بن ابراهيم: 189.

سعد بن عبد اللّه: 69، 181، 419، 472.

سعيد: 92، 102، 127، 355.

سعيد الاموي: 346.

سعيد بن أبي سعيد: 344.

سعيد بن جبير: 354، 474.

سعيد بن زيد: 533.

سعيد بن العاص: 85.

سعيد بن عبد اللّه بن أبي خلف القمي: 243.

سعيد بن المسيب: 306.

سعيد بن منصور: 102، 120، 160، 162.

سعيد بن هبة الراوندي 267.

سلّار بن عبد العزيز- الديلمي: 56، 86، 90، 109، 115، 128، 134، 160، 161، 173، 258، 272، 291، 295، 398، 401، 426، 429، 435، 437، 548.

سلمة بن الاكوع- ابو داود: 324، 335.

سلمة بن تمام الشقري: 160.

سلمة بن سليمان: 408.

سلمة بن الفضل: 345.

سلمة بن كهيل: 220.

سليط بن عمرو: 544.

سليمان بن بريدة: 158.

سليمان بن خالد: 530.

سليمان بن داود المنقري: 159.

سليمان بن صالح: 174.

سليمان بن عبد العزيز: 390.

سليمان بن عثمان: 390.

سليمان بن موسي 64.

سليمان الجمل 513.

سليمان الشيباني 428.

سليمان المنقري: 160.

سفّانة: 345.

سفيان: 55، 103، 140.

سفيان بن بشر بن السري البصري: 335.

سفيان الثوري: 137، 239، 294، 297.

سماك: 113.

سماك بن حرب: 120، 215.

سماك بن علقمة: 451.

سماعة: 51، 58، 208، 210، 521.

سماعة بن مهران: 110.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 593

سمرة:

95.

سمرة بن جندب: 159.

سندر- ابن سندر: 158.

سهل بن زياد: 64، 69، 91، 109، 167، 225.

سوار المنقري: 353.

سودة بنت زمعة: 345.

سورة بن كليب: 358.

سيف بن عمر الكذاب: 242.

سيف التمار: 274.

ش

شراحة الهمدانية: 249.

شريك: 206.

شريح: 38، 39، 210، 380، 381، 393، 428، 480، 527، 532.

الشريف: 60.

الشريف أبو جعفر: 447.

الشريف ابو الفتح العمري: 206.

شعبة: 112، 189، 480.

شعيب: 521.

شعيب بن واقد: 284.

ص- ط

الصادق: 269.

صعصعة بن صوحان: 369.

صفوان: 150، 292، 532.

صفوان بن أمية: 563، 565، 566.

صفوان بن يحيي: 182، 256، 521.

صفية: 322.

الصلت بن مسعود: 150، 292، 532.

طارق: 533.

طلحة بن زيد: 399.

طلق بن معاوية: 380.

ع

عائشة: 140، 324.

عاصم: 52، 206، 234.

عاصم بن أبي النجود: 239.

عاصم بن حميد: 109، 232، 248.

عاصم بن عبيد اللّه: 206.

عامر: 249، 393.

عامر بن السمط: 257، 260.

عباد بن الازرق: 335.

عباد بن صهيب: 232، 241، 242.

العباس: 274، 345.

العباس بن معروف: 521.

عبد الأعلي: 380.

عبد الرحمن بن أبي شريح: 206.

عبد الرحمن بن أبي نجران: 419.

عبد الرحمن بن اذينة: 104.

عبد الرحمن بن أسماء الفزاري: 373.

عبد الرحمن بن الحجاج: 419.

عبد الرحمن بن عائذ: 120.

عبد الرحمن بن عبد اللّه: 532.

عبد الرحمن بن عبيد العامري: 226.

عبد الرحمن بن سيابة: 494.

عبد الرحمن بن عوف: 174.

عبد الرحمن بن محمد الكندي: 373.

عبد الرحمن بن ملجم: 74، 75.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 594

عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: 112.

عبد الرحيم بن سليمان: 220، 226.

عبد الرزاق: 75، 113، 127، 131، 138، 149، 151، 152، 226، 393، 509، 532.

عبد العزيز بن أبي سلمة: 174.

عبد العزيز الحلفي: 568.

عبد القادر عودة: 361.

عبد الكريم: 57.

عبد اللّه: 54، 92، 126، 304، 305، 428، 509، 527.

عبد اللّه بن أبي بكر: 345.

عبد اللّه بن أبي الجعد: 215.

عبد اللّه بن أبي رافع: 38.

عبد اللّه بن جعفر: 75، 325.

عبد اللّه بن جعفر الحميري: 69، 181.

عبد اللّه بن الحسن العلوي: 92.

عبد اللّه بن سبأ: 243.

عبد اللّه بن سلمة: 112، 113.

عبد اللّه بن سمعان: 112.

عبد اللّه بن سنان: 159، 160، 181، 210، 242، 255، 271، 272، 494، 501، 522.

عبد اللّه بن الصلت: 472.

عبد اللّه بن طلحة: 138، 139.

عبد اللّه بن عامر: 206.

عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصم:

91، 112، 239.

عبد اللّه بن علي بن الحسين: 112.

عبد اللّه بن عمر: 533.

عبد اللّه بن قعين: 352.

عبد اللّه بن المبارك: 102، 174، 379.

عبد اللّه بن محمد النفيلي: 379.

عبد اللّه بن مسعدة بن حكمة بن حذيفة الفزاري:

372.

عبد اللّه بن مسعود: 483.

عبد اللّه بن المغيرة: 305.

عبد اللّه بن مؤمل: 473.

عبد اللّه الجزائري: 198.

عبد الملك: 113.

عبد الملك بن أبجر: 220.

عبد الملك بن عمير: 217، 523.

عبد الوهاب بن نجدة: 150، 535.

عبيد بن زرارة: 111.

عبيد بن عمير: 344.

عبيد اللّه: 257.

عبيد اللّه بن أبي جعفر: 400.

عثمان بن زياد: 387.

عثمان بن عفان: 371، 561، 563.

عثمان بن عيسي: 110، 521.

عدة من أصحابنا: 91، 109، 110، 167، 225، 520.

عدي: 473.

عدي بن ارطاة: 127، 132.

عدي بن حاتم: 345، 352، 514.

عراك بن مالك: 149.

عطاء: 104، 113، 560.

عطاء بن أبي رياح: 55.

عطاء بن أبي مروان: 253.

عطاء الخراساني: 354.

عطيّة بن قيس: 208.

عطية مصطفي: 561، 565.

عفّان: 189.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 595

عكرمة بن خالد: 151، 532.

عكرمة بن عمار: 344.

علاء الدين الحلبي: 228، 353، 357، 358.

علي: 96، 271.

علي بن ابراهيم: 37، 51، 52، 70، 92، 109، 111، 126، 138، 155، 159، 186، 225، 231، 262، 274، 322، 419، 476، 478، 520، 530.

علي بن اسباط: 167.

علي بن ثابت: 324.

علي بن الجعد: 206.

علي بن جعفر: 167، 226.

علي بن حرب: 294.

علي بن الحسين السعدآبادي: 253.

علي بن الحكم: 293.

علي بن رئاب: 64، 65، 68، 111.

علي بن صالح: 380.

علي بن محمد بن بندار: 529.

علي بن مرداس: 219.

علي بن مسهر: 428.

علي بن مهزيار: 521.

علي بن موسي بن بابويه القمي: 271.

علي الميلاني: 260.

عمار: 340، 378، 427.

عمار الساباطي: 182، 225، 256.

عمر: 79، 92، 112، 113، 211، 342.

عمر بن الخطاب: 46، 120، 173، 174، 175، 189، 205،

206، 226، 227، 249، 273، 306، 324، 325، 480، 531، 532، 533، 561، 564، 565.

عمر بن عبد العزيز: 85، 102، 103، 127، 130، 131- 137، 140، 152، 353، 355، 359، 400، 499، 511، 532، 535، 544.

عمران بن حصين: 157، 346.

العمركي بن علي النيسابوري: 226.

عمرو بن أبي مقدام: 53.

عمرو بن السمط: 257، 260.

عمرو بن سلمة بن حرب: 294.

عمرو بن الشريد: 379.

عمرو بن شعيب: 92، 306.

عمرو بن شهر: 253، 283.

عمرو بن العاص: 473.

عمرو بن مرة: 112، 113.

عوف و معوذ ابني عفراء: 345.

العيزار بن الاخنس: 352.

عيسي: 311.

عيسي بن حمّاد المصري: 344.

عيسي بن المغيرة: 359.

عيسي بن يونس: 55.

غ

غندر: 480.

غياث: 210، 242، 378، 398، 521.

غياث بن ابراهيم: 205، 232، 292، 399، 515.

غياث بن سلمة الثقفي: 302.

غياث بن كلوب: 530.

غياث بن كلوب بن فيهس البجلي: 427.

ف

الفتح بن يزيد الجرجاني: 92، 95.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 596

فرات بن حيان: 325، 335.

فريد وجدي: 564.

فضالة بن ايوب: 48.

الفضل بن محمد بن المسيب البيهقي: 379.

الفضيل بن يسار: 77.

ق

القاسم: 520.

قاسم بن سليمان: 111، 520.

القاسم بن عبد الرحمن: 532.

القاضي ابن سعيد: 175.

قتيبة: 344.

قثم (مولي الفضل): 75.

قنبر: 219، 274.

ك

كثير الحضرمي: 352.

كنانة بن أبي الحقيق: 529، 537.

كنانة بن الربيع: 538.

ل

الليث: 76، 79.

الليث بن سعد: 344، 354.

م

ماعز بن مالك: 249.

مالك: 84، 87، 88، 118، 120، 122، 136، 140، 146، 150، 151، 172، 175، 183، 184، 268، 297، 314، 315، 333، 334، 353، 354، 359، 360، 387، 389، 392، 395، 406، 413، 418، 447، 452، 463، 466، 479.

مالك الاشتر: 369.

مالك بن أنس: 37، 44، 45، 46، 48، 59، 60، 76، 78، 297.

مالك بن عطية: 274.

مالك بن مقول: 380.

المتّقي: 151.

مجاهد: 147، 352، 560.

المحسني: 567.

المحل بن خليفة: 352.

محمد ابن الحنفية: 75.

محمد: 50، 54، 84، 85، 92، 126، 211، 216، 304، 305، 494، 509، 562.

محمد بن أبي القاسم: 257.

محمد بن أحمد: 257، 472.

محمد بن أحمد بن ابراهيم بن سليمان: 567.

محمد بن احمد بن يحيي: 257، 298.

محمد بن إسحاق: 346، 364، 533.

محمد بن إسماعيل الصنعاني: 60، 309.

محمد بن أيوب: 189.

محمد بن بشر: 127.

محمد بن بكر: 104، 152.

محمد بن حاتم: 344.

محمد بن الحسن: 92، 111، 298، 355، 521، 530.

محمد بن الحسن بن شمون: 91.

محمد بن الحسن الصفار: 160، 398، 521، 523، 530.

محمد بن الحسين: 137، 157، 398، 414،

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 597

477، 521، 523.

محمد بن حفص: 138.

محمد بن راشد الاصفهاني: 346.

محمد بن الزبير: 311.

محمد بن سالم: 253، 283.

محمد بن سليمان: 159، 160، 271، 273، 414.

محمد بن سليمان البصري: 273.

محمد بن سليمان المصري الديلمي: 273.

محمد بن سليمان النصري: 273.

محمد بن شريح: 516.

محمد بن عبد اللّه بن مهران: 257، 260.

محمد بن عبد اللّه بن هلال: 477.

محمد بن عبد اللّه الغفاري: 227.

محمد بن عثمان العبدي: 243.

محمد بن علي بن الحسين: 284.

محمد بن علي بن ماجيلويه: 257.

محمد بن علي بن محبوب: 274، 305، 399.

محمد بن علي الشلمغاني: 271.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد

السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 597

محمد بن علي الشوكاني: 334.

محمد بن عمرو الرازي: 345.

محمد بن عيسي: 51.

محمد بن غالب: 189.

محمد بن الفضيل: 53.

محمد بن قولويه القمي: 243.

محمد بن قيس: 52، 109، 232.

محمد بن محبوب: 390، 483.

محمد بن محمد بن الاشعث: 126.

محمد بن مسعود العياشي: 262.

محمد بن مسلم: 48، 477، 532.

محمد بن مسلمة: 538.

محمد بن منهال: 262.

محمد بن مهران: 260.

محمد بن موسي المتوكل: 181، 253.

محمد بن ميمون: 379.

محمد بن يحيي: 51، 52، 64، 70، 137، 157، 205، 225، 226، 257، 293، 378، 398، 414، 427، 429، 477، 521.

محمد حسن النجفي صاحب الجواهر، انظر النجفي، محمد الخسرشي المالكي: 508.

محمود بن مسلمة: 538.

محيي الدين النووي: 86.

المختار بن محمد بن المختار: 92.

مسافر بن عفيف الازدي: 197.

مسطح بن أثاثة: 324.

مسعدة بن زياد: 49.

مسلم بن جنادة: 55.

مسمع: 95.

مسمع بن عبد الملك: 91.

المسيب: 372، 373.

مصقلة بن هبيرة: 369، 370، 371، 551.

معاذ: 249.

معاذ بن معاد: 311.

معاذ بن معاد بن عوف: 104.

معاوية: 85، 321، 322، 328، 343، 370، 371، 372، 523، 562.

معاوية بن طريف: 137.

معاوية بن عمار: 520.

المعتصم: 143.

معتمر بن سليمان: 311.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 598

معقل: 370.

معلي بن محمد: 219، 292.

معمر: 40، 102، 113، 127، 131، 151، 532.

مغيرة: 112، 480.

مكحول: 112، 162، 206، 311.

ملا محمد الاشرفي: 238.

المنذر بن الجارود: 369.

منصور: 112.

المنهال بن خليفة العجلي: 160.

المهلب: 344.

موسي: 54، 92، 126، 127، 216، 304، 305، 494، 509.

موسي بن طلحة بن عبيد اللّه 338.

موسي بن عمر: 257.

ن

الناصر: 269، 389.

ناصف علي: 218.

نافع بن عبد الحارث: 563.

نجدة: 113.

نضر بن مزاحم المنقري: 342.

النضر

بن سويد: 111، 232، 248، 520.

النعمان بن بشير: 150، 533.

نمرود: 563.

ه

هارون بن عمرو المجاشعي: 379.

هدبة بن خشرم: 85.

الهرماس بن حبيب: 566.

هشام بن عروة: 140، 533.

هشام بن سالم: 225، 530.

هوذة بن علي: 544.

هياج بن عمران: 157.

و

وائل بن حجر: 78.

وبر بن أبي ذليلة: 379.

وبر بن عليم: 326.

الوحيد البهبهاني: 271.

الوحيد الخراساني- الشيخ الاستاذ: 110، 521.

وكيع: 55، 160، 249، 380، 393.

الوليد بن أبي مالك: 206.

وهيب بن جعفر: 523.

وهيب بن حفص: 298.

ي

يحيي بن أبي كثير: 55.

يحيي بن جابر: 285.

يحيي بن سعيد الحلّي: 57، 70، 71، 91، 93- 96، 99، 103، 115، 125، 145، 149، 159، 161، 169، 212، 213، 228، 236، 258، 275، 337، 346، 353، 357، 382، 398، 402، 426، 435، 437، 467، 480، 481، 491، 534، 542، 545، 567.

يحيي بن عبد اللّه بن سعد: 345.

يحيي بن محمد: 472.

يزيد بن حجيه: 369.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 599

يزيد بن زريع: 262.

يعقوب بن عتبة: 325.

يعقوب الثقفي: 189.

يوسف بن يعقوب: 103.

يوسف بن يعقوب القاضي: 262.

يونس: 51، 102.

يونس بن عبد الرحمن: 243، 472.

يونس بن يعقوب: 247، 248، 516.

فهرس الألقاب

أ

الأردبيلي: 120، 123، 237، 404.

الآشتياني: 442، 503، 507.

الاصفهاني: 296، 298، 300، 307، 313، 410، 415، 425، 432، 467، 469.

الاصم: 92.

الأعمش: 249.

الأنصاري: 195، 247، 396، 488.

الأوزاعي: 55، 76، 79، 84، 211، 239، 321، 329، 332- 334، 354.

الايرواني: 489.

ب

الباقري: 568.

بحر العلوم- السيد بحر العلوم: 271، 415.

البحراني- المحدث البحراني: 70، 72، 74، 271، 307، 379، 430، 434.

البستاني: 564.

البستي: 76، 78، 321، 324، 329، 333، 406.

البصري: 109، 354.

البغوي: 112.

البلاذري: 372.

البهائي: 116، 200، 237، 403، 417، 430، 435، 438، 459، 461، 506.

البهوتي: 119، 142، 309، 314.

البيهقي: 120، 158، 206، 207، 220، 227، 249، 262، 267، 285، 428، 472، 480، 564.

ث

الثقفي: 351.

الثوري: 109، 119، 226، 335، 359، 532.

ج

الجزيري: 79، 86، 119، 137، 147، 172، 175، 187، 196، 230، 240، 250، 251، 276، 287، 301، 310، 314، 342، 364، 528، 545، 551، 557.

الجوهري: 198، 416، 551.

ح

الحر العاملي: 71، 72، 116، 139، 182، 183، 200، 205، 208، 210، 237، 259، 271، 284، 399، 420، 518.

الحطيئة- جرول بن اياس: 173، 175، 565.

لحلي- العلامة الحلي: 40، 45، 48، 49، 57،

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 600

66، 71، 76، 77، 81، 94، 98، 99، 103، 104، 115، 120- 123، 131، 135، 139، 149، 170، 183، 184، 195، 199، 200، 208، 210، 236، 241، 243، 267، 284، 286، 295، 299، 301- 306، 321، 327، 328، 331، 332، 335، 336- 339، 347- 350، 362، 363، 383، 390- 392، 394، 402، 408، 409، 410، 415، 416، 423، 424، 429، 430، 434، 437، 441، 445، 446، 450، 454، 455، 460، 467، 470، 488، 491- 494، 504، 509، 510، 517، 534، 542، 545، 547، 550، 554، 558.

الحلي- المحقق الحلي: 37، 41، 47، 57، 62، 65، 66، 68، 81، 82، 87، 90، 93، 104، 115، 123، 128، 129، 131، 135، 148، 158، 169، 184، 185، 200، 208، 228، 235، 238، 236، 258، 273، 277، 286، 295، 300، 304، 306، 312، 330، 349، 350، 351، 382، 397، 398، 401، 410، 413، 415، 423، 426، 429، 432، 434، 437، 449، 454- 456، 459، 460، 462، 465، 467، 480، 482، 487، 488، 492، 502، 504، 517، 534، 552.

خ

الخرقي: 119، 137، 186، 230، 240، 447.

خلاس: 98.

الخفاجي: 561، 563.

الخلّال: 92.

الخميني- الامام الخميني: 42، 58، 61، 62، 67، 82، 84، 96، 117، 124، 135، 238، 259، 298، 331، 386، 393، 394، 398، 435، 441، 454، 456، 467، 489، 512- 514، 520، 526، 534.

الخوانساري- السيد الخوانساري: 209، 210، 398، 405، 411، 421، 440، 435، 490،

503، 506، 507.

الخوئي: «آية اللّه الخوئي»: 42، 45، 49، 54، 58، 62، 67، 69، 73، 74، 83، 91، 94، 95، 96، 99، 117، 124، 125، 136، 139، 141، 170، 185، 195، 200، 233، 238، 257، 259، 263، 271، 297، 308، 386، 392، 398، 425، 469، 490، 514، 520، 526، 545، 549.

د- ذ

الداوي: 321، 334.

الديلمي: انظر «سلّار».

الذهبي: 189.

ر- ز

الراوندي: 295.

الزبرقان: 173- 175.

الزركشي: 60، 137، 240، 314، 361.

الزركلي: 557.

الزمخشري: 561، 563.

الزهري: 109، 119، 532، 533.

س

السبزواري- المحقق السبزواري: 195، 201،

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 601

387، 405، 502، 506، 512، 513.

السدي: 354، 474.

السرخسي: 45، 103، 176، 210، 216، 218، 247، 250، 251، 252، 254، 267، 308، 352، 364، 378، 394، 395، 428، 433، 447، 452، 494، 496، 497، 500، 514، 515، 517، 527، 550، 556، 563.

السكوني: 37، 40- 44، 52، 91، 95- 97، 99، 126، 139، 214، 305، 384، 399، 404، 410- 412، 521، 530.

السمرقندي: 50، 225، 229، 240، 337، 341، 397، 433، 452، 527، 535، 548، 550، 556.

السيوطي: 561، 562، 564.

ش

الشافعي: 51، 59، 78، 84، 85، 88، 98، 100، 120، 122، 136، 142، 177، 184، 187، 211، 240، 250، 252، 254، 267، 270، 281، 284، 297، 306، 312، 314، 333، 339، 341، 354، 355، 360، 361، 389، 390، 406، 408، 409، 416، 417، 426، 430، 457، 463، 466، 473، 557.

الشعبي: 109، 112، 113، 119، 140، 162، 249، 294، 393، 411، 462، 480.

الشهيد الأول: 41، 74، 81، 129، 188، 199، 200، 208، 228، 236، 300، 301، 302، 307، 336، 337، 340، 348، 349، 350، 383، 403، 462، 480، 481، 502، 505، 517، 553.

الشهيد الثاني: 41، 47، 57، 64، 66، 68، 69، 90، 94، 170، 193، 237، 241، 242، 258، 267، 315، 317، 403، 411، 467، 468، 548، 550، 552، 555.

الشهيدان: 37، 66، 82، 116، 135، 170، 331، 417، 426، 430، 435، 438، 450.

الشهيدي: 489.

الشوكاني: 39، 60، 62، 147، 310، 389، 482، 562، 565، 566.

الشيباني: 47، 84، 294، 428، 507، 532.

الشيخين- المفيد و الطوسي: 86.

الشيرازي: 60، 119، 217، 314، 552.

ص

الصابوني: 266، 314.

الصدوق: 64، 69، 71، 76، 77، 86، 89، 91، 95، 96، 97، 114، 168، 181، 253، 255، 257، 275، 294، 378، 426، 427، 428، 477، 493.

الصنعاني: 354، 361.

الصيمري- الشيخ مفلح الصيمري: 73، 228، 411، 438.

ط

الطباطبائي- السيد الطباطبائي (ره): 66، 116، 123، 124، 193، 195، 208، 236، 259، 296، 298، 299، 350، 353، 357، 404، 431، 435، 438، 468، 488، 519، 525، 553.

الطباطبائي- العلامة الطباطبائي «صاحب

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 602

التفسير»: 363، 323.

الطبراني: 334، 346، 352، 354، 534.

الطبرسي: 262، 312، 323، 355، 444، 473، 476.

الطبسي، آية اللّه الشيخ الوالد، محمد رضا الطبسي: 58، 63، 67، 74، 95، 100، 117، 124، 125، 139، 171، 182، 195، 196، 209، 239، 260، 296، 298، 308، 386، 409، 410، 425، 432، 467، 520، 526، 550، 568.

الطبسي، نجم الدين (المؤلف): 31، 568.

الطحاوي: 408.

الطريحي: 62، 194، 213، 342، 552.

الطوسي- ابو جعفر (شيخ الطائفة): 38، 40- 44، 46، 48، 52، 55، 58، 59، 62، 64، 65، 71، 74، 76، 77، 80- 84، 87، 89، 93، 95، 97، 98، 110، 111، 114، 119، 121، 122، 125، 127، 130، 133، 137، 138، 139، 140، 144، 160، 161، 169، 173، 184، 207، 212، 215، 227، 232، 233، 235، 252- 254، 257، 258، 268، 272، 273، 275، 285، 286، 291، 292، 294، 298، 301- 304، 306، 311، 312، 315، 316، 321، 328، 329، 335، 336، 339، 348، 353، 354، 356، 357، 362، 377، 378، 381، 392، 399، 406، 411، 416، 419، 420، 421- 423، 426، 428، 435، 436، 441، 442، 447، 448، 449- 451، 454، 458- 463، 465، 467، 473، 477، 478،

482، 493، 494، 495، 502، 503، 509، 510، 520، 530، 534، 543، 547، 549، 550، 554، 560.

العاملي- السيد محمد جواد العاملي: 73، 82، 156، 287، 348، 380، 400، 403، 408، 411، 419، 421، 424، 430، 439، 462، 467، 468، 509، 513، 517.

العراقي- المحقق العراقي: 158، 385، 405، 440، 540.

العسكري- العلامة العسكري: 243.

العنبري: 310.

العيّاشي: 112، 142، 146، 358.

العيني: 329، 332، 334، 344، 559، 561، 562.

ف

الفاضل المقداد: 41، 82، 116، 121، 263، 296، 298، 299، 301، 356، 403، 474.

الفاضل الهندي: 82، 117، 120، 121، 185، 208، 237، 271، 298، 299، 435، 441، 445، 446، 454، 456، 460، 462، 463، 519، 525، 548، 550، 555.

الفخر الرازي: 266، 475، 476.

فخر المحققين- ولد العلامة الحلّي: 81، 296، 303، 455، 456، 459، 461، 471، 529، 530، 531.

الفراء: 69.

الفيروزآبادي: 297، 332، 340، 363، 447، 452، 454، 457، 477، 503، 507، 552، 561، 563.

الفيض الكاشاني: 42، 57، 82، 94، 156،

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 603

185، 213، 237، 263، 379، 424، 503، 506.

ق

القاضي- نعمان المصري: 46، 60، 111، 132، 232، 314، 369، 497.

قتادة: 95، 98، 119، 127، 139، 240، 354، 360، 373، 474.

القرافي: 86، 183، 187، 301، 303، 337، 354، 360، 384، 389، 407، 467، 469، 479.

القرشي: 274، 276، 548، 550، 553، 557.

القمي- الشيخ عباس القمي: 284، 321، 327، 328، 331، 384، 419، 420.

ك- گ

الكاساني: 50، 109، 118، 255، 422، 494، 496، 497، 498، 550، 556.

كاشف الغطاء- الشيخ جعفر: 328، 331، 335.

الكتاني: 175، 563.

الكراجكي: 200.

الكركي- المحقق الكركي: 57، 66، 195، 200، 333، 417، 424، 443، 459.

الكشي: 243.

الكلبي: 364.

الكليني- محمد بن يعقوب: 95، 156، 293، 516.

الكني: 213، 349، 409، 419، 421، 439، 446، 451، 526، 544.

الگلپايگاني- «آية اللّه»: 43، 58، 67، 73، 74، 83، 117، 171، 212، 213، 238، 260، 297، 298، 308، 313، 386، 412، 415، 425، 432، 454، 456، 462، 465، 467، 469، 491، 514، 534.

م

المامقاني: 117، 131، 174، 209، 519، 525.

الماوردي: 354، 360، 387، 442، 444، 550، 553، 556.

المجلسي الاول- محمد تقي المجلسي: 52، 72، 97، 110، 160، 182، 212، 215، 257، 305، 378، 400، 419، 420، 517، 548، 550، 555.

المجلسي الثاني: 38، 39، 42، 52، 53، 57، 64، 72، 88، 92، 94، 95، 97، 102، 116، 124، 155، 159، 160، 161، 168، 181، 200، 204، 212، 228، 232، 233، 237، 257، 271، 291، 305، 378، 381، 398، 400، 419، 420، 427، 518، 520، 521، 529، 530.

المجلسيان: 77.

المحمودي: 368.

المرتضي- علم الهدي: 47، 51، 55، 58، 89، 109، 114، 169، 199، 200، 272، 274، 480، 548.

المرداوي: 44، 60، 63، 68، 100، 119، 137، 176، 188، 240، 314، 333، 342،

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 604

347، 354، 361، 445، 447، 453، 454، 458، 459، 463، 493، 503، 508، 528.

المروزي: 297.

المزني: 187.

المفيد: 55، 87، 93، 109، 114، 127، 133، 144، 161، 200، 216، 218، 242، 247، 250، 271، 272، 275، 277، 322، 343، 381، 382، 398، 400، 435، 436، 448، 452، 467، 468، 548، 560.

المقدسي: 119.

المناوي: 564.

المنتظري: 535.

الموصلي:

50، 68، 119، 136، 147، 225، 229، 239، 309، 313، 388، 406، 422، 433، 479.

الميلاني: 489.

ن

النائيني: 489.

النجاشي: 251- 253، 255، 272، 273، 283، 284، 567.

النجفي- محمد حسن صاحب الجواهر: 42، 58، 66، 73، 82، 90، 117، 122، 124، 129، 161، 170، 185، 209، 216، 229، 238، 259، 287، 296، 298، 300، 307، 340، 351، 357، 379، 384، 424، 432، 434، 450، 462، 469، 480، 482، 525، 534، 547، 548، 549، 550، 553، 555.

النخعي: 60، 95، 109، 119، 463.

النراقي: 188، 209، 380، 384، 390، 408، 411، 435، 438، 450، 462، 520، 525، 559.

النزوي- الكندي: 163، 277، 309، 317، 389، 392، 407، 433، 483، 527.

النّسائي: 182.

النوفلي: 37، 42، 52، 96، 126، 139، 399، 530.

النوري: 209، 210، 253، 379.

النووي: 142، 250، 434، 458، 503، 508.

النيسابوري: 337.

الهيثمي: 40.

و- ي

الواقدي: 325، 473، 529، 537.

اليزدي: 385، 390، 391، 393، 445، 446، 488، 512، 513، 515، 519، 525.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 605

فهرس الأماكن

[أ]

آذربيجان 371.

أبواب كنده 352.

أرجان 369.

أردشير خرّة 369، 370.

أرض كلب 372.

الأهواز 367، 371.

إيران 327.

ب

بدر 324.

(يوم) بدر 345.

البرجان 370.

البصرة 322، 338، 339، 367، 371، 373.

بقعاء 325.

بلاد كسري 198.

البيت الحرام 53.

ت

تستر 226.

تهامة 149.

تيماء 372، 373.

ج

الجزيرة 414.

جعرانة 346.

جلولاء 143.

جمل 337، 338.

الجناب 372.

جور 370.

ح

الحجاز 372، 474.

حرم اللّه 282.

الحرورية 197.

حضرموت 390.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 606

الحليفة 539.

الحوزة العلمية 369.

حي سعد 325.

خ

خانقين 143.

خراسان 359.

خبر 370.

الخوار 370.

خيبر 168، 326، 359.

د

دستبي 369.

دمشق 372.

ر

الرحبة 249.

الرّي 91، 369.

الروس 327.

س

السماوة 372.

السند 369.

سوق الاهواز 367، 368، 543.

سيراف 369، 370.

سيرجان 369.

ش

الشام 168، 206، 342، 345، 372، 373، 514، 523، 533.

شيراز 370.

ص- ض- ط

صفين 337، 338، 342.

الصيمكان 370.

ضجنان 149.

الطائف 346.

ع

العراق 174، 369، 372، 523، 527، 562.

ف

فارس 367، 369، 370.

فدك 359.

فيروز 370.

ق

قزوين 369.

قطارة 483.

قم 91، 368، 369.

ك

كازرون 370.

كأم 370.

كرمان 369.

الكوفة 197، 297، 322، 371، 372، 373، 503.

كور الشام 206.

م

مخيّس 562.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 607

المدائن 352.

المدينة 150، 168، 189، 206، 272، 285، 322، 325، 373، 343، 473، 539، 543.

مدينة السلام 478.

المريسيع 325.

مسجد الكوفة 38، 352.

مكران 369.

مكة 149، 235، 322، 323، 326، 346، 372، 473، 486، 538، 557، 559، 561، 564.

ميمند 370.

ن

نافع 563.

نهروان 337.

ه

همدان 369.

الهند 102، 369.

و

وادي القري 168، 272.

ي

اليمامة 325، 344، 544.

(يوم) اليمامة 150، 278.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 608

فهرس القبائل و الفرق

آل حقيق 537.

آل رزين 142.

آل عفراء 345.

أعجميّا 98.

الانصار 325، 335، 444، 499.

أهل الكوفة 239.

بلمصطلق 325.

بنو عامر 346، 347.

بني بكر بن وائل 226.

بني تميم 566.

بني سدوس 352.

بني سعد 325.

بني عبد المطّلب 157.

بني غفّار 149.

بني قريظة 343، 364.

بني قشير 344.

بني القين 322.

بني ناجية 351، 370.

بني النجّار 443، 498، 499.

بني النّضير 538.

تركا 97.

ثقيف 346.

جهينة 480.

الحمير 322.

الخوارج 197، 341، 352.

الذمّي 321، 395.

طيّئ 345، 514.

غطفان 150.

الغطفانيون 150.

الغفاريين 150.

قريش 323، 538.

الكتابي 331.

الكتابيات 302.

الكلاعيين 150، 533، 537.

المجوس، 96، 329، 472.

مجوسيّة 302.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 609

النّصاري 172، 329.

نصرانية 232.

هوازن 324.

واقفيّا 91.

وثنيّة 302.

اليهود 172، 329.

اليهودي 277.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 610

فهرس الأعداد و الأرقام

الواحد

سنة 145.

الحبس سنة 93.

حبسه سنة 51، 91، 92.

سنة كاملة 45، 49.

كل سنة 61.

في كل سنة 53، 58.

لا يحبس سنة 77.

يحبس سنة 76، 79، 87.

يسجنه سنة 79.

يسجن سنة 87، 79.

شهرين متتابعين 89.

شاهد واحد 47.

في كل عام 54.

كل عام 57.

الاثنان

سنتين 247، 251.

شهران 298.

شهران متتابعان 93.

شهرين 308، 389، 408.

في رجلين 51.

الثلاثة

ثالثا 114، 115، 116، 124.

ثالث ينظر 56.

ثالثة، 111، 112، 522.

الثالثة 111، 112، 183.

في الثالثة 109.

ثلاثة 189، 231، 308، 389، 408.

ثلاثة أيام 42، 44، 45، 46، 47، 186، 225، 228، 243، 344، 351، 397، 451، 528.

ثلاثة أرباع 271.

للثلاثة أيّام 76.

ثلاث مرات 249.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 611

شروطا ثلاثة 61.

ثلاثة أشهر 299، 300.

ثلاثة نفر 52، 55.

إلّا ثلاثة 111، 155، 522.

الاربعة

اربعا 274.

أربعة أشهر 291، 292، 293، 295، 296، 297، 298.

اربعة حدود 137.

أربعة 127، 301.

أربعة شهود 262.

الرابعة 184.

الرابع 183.

ربع 132، 138.

الخمسة

في الخامسة 119.

خمس سنوات 247، 251.

الخمسة من أصحاب الاجماع 253.

خمسة نفر 352.

الستة

ستّة أيام 41، 42، 43، 44، 45، 48.

ستّة أشهر 148، 309، 479، 557.

الثمانية

ثمان 185.

ثمان زوجات 554.

ثماني نسوة 302.

ثمانية 183.

الحبس في ثمانية مواضع 86.

التسعة

تسعة أشهر 247، 251.

العشرة

عشرا 186.

عشرة جلدات 211.

عشرة قتلوا رجلا 77.

عشرة نسوة 303.

العشرون

عشرين سوطا 255.

الثلاثون

ثلاثون ابنا 241.

ثلاثين يوما 368.

خمسة و ثلاثين 545.

خمسة و ثلاثين سوطا 368.

تسعة و ثلاثين سوطا 211، 253، 545.

الاربعون

اربعين 206، 211.

اربعين يوما 408.

الخمسون

خمسين جلدة 53، 57، 544.

خمسين رجلا 50.

خمسين سوطا 54.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 612

خمسين يمينا 44، 49، 536.

خمسة و سبعون

خمسة و سبعين 211، 270، 271، 272.

الثمانون

ثمانين 253، 283.

المائة فما فوق

مائة 268.

ضربها مائة 249.

أ يضرب مائة 78.

يجلده مائة جلدة 95.

يضرب مائة 87.

مائة جلدة 49، 92.

فضربه مائة 91.

مائة سوط 93، 94.

مائة رجل 325.

مائة درع 537.

مائة مائة 211.

مأتي الف 371.

الثلاثمائة و الثمانين 535.

اربعمائة سيف 535.

خمسمائة إنسان 370.

خمسمائة بعير 326.

خمسمائة قوس 537.

الف رمح 537.

الفا شاة 326.

الفين و سبعمائة 372.

اربعة آلاف 564.

خمسة آلاف 159.

________________________________________

طبسي، نجم الدين، موارد السجن في النصوص و الفتاوي، در يك جلد، انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم، قم - ايران، اول، ه ق موارد السجن في النصوص و الفتاوي؛ ص: 612

مأئة الف 371.

اربعمائة الف 369.

بخمس مائة الف 370.

الف الف درهم 370.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 613

فهرس الاشعار

الا يا ليت هذا الليل طبّق سرمدا 343.

الا تراني كيّسا مكيّسا 562.

الم تراني كيّسا مكيّسا 562.

أما تراني كيّسا مكيّسا 563.

أنا ابن أسماء و هذا مصدقي 373.

دع المكارم لا ترحل لبغيتها 174، 175.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 614

مصادر البحث

اشارة

1- القرآن الكريم.

- ألف-

2- آئين نامۀ جمهوري اسلامي/ ذكر اللّه احمدي، دار الباقر، قم المقدسة.

3- اثبات الوصية/ للمسعودي، علي بن الحسين، ت: 346 ه نشر الرضي، قم المقدسة.

4- احكام السجون/ للوائلي، الشيخ احمد، مؤسسة أهل البيت، بيروت.

5- الأحكام السلطانية/ للماوردي، أبي الحسن، ت: 450 ه مركز الاعلام الاسلامي، قم المقدسة.

6- الأحكام السلطانية/ للفراء، أبي يعلي، ت 458 ه، مركز الإعلام الاسلامي، قم المقدسة.

7- احكام القرآن، لابن العربي، ت 542 ه، ط: مصر، دار احياء الكتب العربية، بيروت.

8- الاختبارات العلمية (الفتاوي الكبري)/ لابن تيمية، ت: 728 ه، دار المعرفة، بيروت.

9- اختلاف العلماء/ للمروزي، محمد بن نصر، ت: 294 ه، عالم الكتب، بيروت.

10- الاختيار/ للموصلي، ت: 590 ه، دار المعرفة، بيروت.

11- اختيار معرفة الرجال (المعروف برجال الكشّي)/ للشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، ت:

460 ه، جامعة مشهد المقدس، ايران.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 615

12- ادب القاضي/ للماوردي، أبي الحسن، ت: 450 ه، مطبعة الارشاد، بغداد.

13- الارشاد/ للشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، ت: 413 ه، بصيرتي، قم المقدسة.

14- إرشاد الساري/ للقسطلاني، ت: 923 ه، دار التراث العربي، بيروت.

15- الاستبصار/ للشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، ت: 460 ه، المكتبة المرتضوية، طهران.

16- استفتاءات جديد/ للإمام الخميني- قدس سرّه- ت: 1409 ه، نشر جماعة المدرسين، قم المقدسة.

17- اسد الغابة/ لابن الأثير الشيباني، ت: 630 ه، المكتبة الاسلامية، طهران.

18- الإسلام و مبدأ المقابلة بالمثل/ للسيد جعفر مرتضي، نشر الوكالة العالمية للتوزيع.

19- اشارة السبق/ للشيخ علاء الدين الحلبي، ت: 708 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

20- الاشتقاق/ لابن دريد، ت: 321 ه، مكتبة الخانجي، مصر.

21- الاصابة/ لابن حجر، ت: 852 ه، دار الكتاب، بيروت.

22- إصباح الشيعة/ للصهرشتي، نظام الدين، بين القرن

الرابع و الخامس.

23- الأعلام/ للزركلي، خير الدين، دار العلم للملايين، بيروت.

24- الأغاني/ لأبي الفرج الاصفهاني، ت: 356 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

25- اقرب الموارد/ للشرتوني، سعيد الخوري، ت 1289 ه، مكتبة السيد النجفي، قم المقدسة.

26- أقضية رسول الله (ص) لمحمد بن فرج القرطبي ت 497 دار النجاري القصيم

27- الام/ للشافعي، ت: 204 ه، دار المعرفة، بيروت.

28- الأمالي/ للشيخ الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، ت: 381 ه، الأعلمي، بيروت.

29- الأمالي، للشيخ الطوسي، ت: 460 ه، مكتبة الداوري، قم المقدسة.

30- الامامة و السياسة/ لابن قتيبة الدينوري، ت: 276 ه، الشريف الرضي، قم المقدسة.

31- الانتصار/ للشريف الرضي، علي بن الحسين الموسوي، ت: 436 ه، الشريف الرضي، قم المقدسة.

32- الأنساب/ للسمعاني أبو سعد التميمي ت 562- دار الكتب العلمية

33- أنساب الأشراف/ للبلاذري، احمد بن يحيي، ت: القرن الثالث، الأعلمي، بيروت.

34- الانصاف/ للمرداوي، علاء الدين، ت: 885، دار احياء التراث العربي، بيروت.

35- الأوائل/ للطبراني، ت: 360 ه (ضمن الوسائل للسيوطي) دار الكتب العلمية، بيروت.

36- إيضاح الفوائد/ لفخر المحققين، الشيخ أبو طالب الحلي، ت: 771 ه، بنياد فرهنگ اسلامي، طهران.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 616

- ب-

37- بحار الأنوار/ للمجلسي، محمد باقر، ت: 1111 ه، مؤسسة الوفاء، بيروت.

38- بدء الإسلام و شرايع الدّين/ لابن سلّام الاباضي، ت: 273، نشر: فرانز شتانير، قيّسبادن.

39- بداية المجتهد/ لابن رشد القرطبي، ت: 595 ه، دار المعرفة، بيروت.

40- البداية و النهاية/ لابن كثير، ت: 774، مكتبة المعارف، بيروت.

41- بداية الهداية/ للشيخ الحر العاملي، ت: 1104 ه، آل البيت، قم المقدسة.

42- بدائع الصنائع/ للكاشاني، علاء الدين، ت: 587 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

43- البرهان في تفسير القرآن، للسيد هاشم البحراني، ت: 1107 ه، اسماعيليان،

قم المقدسة.

44- برهان قاطع، لمحمد حسين برهان، ت: 1083 ه، نشر خرد، نيما، طهران.

45- بستان السياحة/ للشيرواني زين العابدين، كان حيا: 1248 ه، مكتبة النسائي.

46- البيان في تفسير القرآن/ للسيد ابو القاسم الخوئي- دام ظله- المطبعة العلمية، قم المقدسة.

47 البيان و التحصيل لابن رشد القرطبي ت 595 ه دار الغرب الإسلامي بيروت

48- البيع/ للإمام الخميني، ت: 1409 ه، اسماعيليان، قم المقدسة.

- ت-

49- تاريخ الامم و الملوك/ للطبري، أبي جعفر محمد بن جرير، ت: 310 ه، دار المعارف، القاهرة.

50- تاريخ الخلفاء/ للسيوطي، ت 911 ه، مطبعة السعادة مصر.

51- التاريخ الكبير/ للبخاري، ت: 256 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

52- تاريخ مدينة دمشق/ لابن عساكر، ت: 571 ه، مجمع اللغة العربية، دمشق.

53- تاريخ المدينة/ لابن شبّة البصري، ت: 262 ه، دار الفكر قم المقدسة.

54- تبصرة المتعلمين للعلامة الحلي ت 726 ه وزارة الإرشاد- طهران

55- تتمة المنتهي للشيخ عباس القمي ت 1359 ه

56- تحرير الأحكام/ للعلامة الحلي، ت: 726 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.

57- تحرير الوسيلة/ للإمام الخميني، ت: 1409 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

58- تحفة الفقهاء/ لعلاء الدين السمرقندي، ت: 539 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

59- تذكرة الخواص/ لسبط بن الجوزي، ت: 654 ه، مؤسسة اهل البيت، بيروت.

60- تذكرة الفقهاء/ للعلامة الحلي، ت: 726 ه، المكتبة المرتضوية، طهران.

61- تذكرة الفقهاء للحلي: 726- مؤسسة آل البيت قم

62- التراتيب الإدارية، للكتاني، عبد الحي، ت: 1383 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 617

63- التشريع الجنائي الاسلامي/ لعبد القادر عودة، ت: 1373 ه، مؤسسة الرسالة، بيروت.

64- تعليق و تحقيق (القضاء للعراقي)/ للشيخ محمد هادي المعرفة، مطبعة مهر، قم المقدسة.

65- التفريع/ لابن الجلّاب، ت: 378 ه،

دار الغرب الاسلامي، بيروت.

66- تفسير التبيان/ للشيخ الطوسي، ت: 460 ه، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

67- تفسير الصافي/ للفيض الكاشاني، ت: 1091 ه، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

68- تفسير العياشي/ لأبي النضر محمد بن مسعود بن عياش، المكتبة العلمية، طهران.

69- تفسير فرات الكوفي، ت: القرن الثالث ه، مكتبة الداوري، قم المقدسة.

70- تفسير القمي/ للشيخ علي بن ابراهيم بن هاشم القمي، ت: القرن الثالث ه، مكتبة العلامة، قم المقدسة.

71- التفسير الكبير/ للفخر الرازي، ت: 606 ه، مطبعة البهية المصرية.

72- تقريرات ابحاث السيد الگلپايگاني- دام ظله- بقلم السيد علي الميلاني- مخطوط-.

73- تلخيص الخلاف/ للشيخ مفلح الصيمري، ت: 873 ه، مكتبة السيد النجفي، قم المقدسة.

74- تلخيص مستدرك الحاكم/ للذهبي، ت: 848 ه، مطبوع بهامش المستدرك.

75- التنبيه/ للفيروزآبادي، ت: 476 ه، عالم الكتب، بيروت.

76- التنقيح الرائع لمختصر الشرائع/ للفاضل المقداد، ت: 826 ه، مكتبة النجفي، قم المقدسة.

77- تنقيح المقال/ للشيخ عبد اللّه المامقاني، ت: 1351 ه، المطبعة المرتضوية، النجف الأشرف.

78- تهذيب ابن عساكر/ لعبد القادر بدران، ت: 1346 ه، دار المسيرة.

79- تهذيب الاحكام/ للشيخ الطوسي، ت: 460 ه، ج 6 و 8 و 10، دار الكتب الاسلامية، طهران.

80- توضيح المسائل/ للإمام الخميني- رضوان اللّه عليه- نشر روح، قم المقدسة.

81- توضيح المسائل/ للسيد الخوئي- دام ظلّه- المطبعة العلمية، قم المقدسة.

82- توضيح المسائل/ للسيد الگلپايگاني- دام ظلّه- نشر صدر، قم المقدسة.

- ج-

83- جامع احاديث الشيعة/ للسيد آغا حسين البروجردي، ت: 1380 ه، نشر مدينة العلم، قم

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 618

المقدسة.

84- جامع الرواة/ للشيخ محمد بن علي الأردبيلي، ت: بعد 1100 ه، مكتبة المصطفوي، قم المقدسة.

85- جامع الشتات/ للمحقق القمي، ت: 1231 ه، نشر شركة الرضوان، طهران.

86- الجامع الصحيح/ للترمذي محمد بن عيسي

بن سورة، ت: 297 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

87- الجامع الصغير/ للشيباني، ت: 189 ه، عالم الكتب، بيروت.

88- جامع عباسي/ للشيخ بهاء الدين العاملي، ت: 1031 ه، مؤسسة فراهاني، طهران.

89- الجامع للشرائع/ ليحيي بن سعيد الحلي، ت: 690 ه، مؤسسة سيد الشهداء (ع)، قم المقدسة.

90- جامع المدارك/ للسيد احمد الخونساري، ت: 1405، نشر مكتبة الصدوق، طهران.

91- جامع المقاصد/ للمحقق الكركي، ت: 940 ه، مؤسسة آل البيت (ع)، قم المقدسة.

92- الجعفريات/ لإسماعيل بن موسي بن جعفر (ع)، برواية محمد بن محمد الأشعث الكوفي، الطبعة الحجرية، اسلامية.

93- الجمل (النصرة في حرب البصرة)/ للشيخ المفيد، ت: 413 ه، مكتبة الداوري، قم المقدسة.

94- الجنايات المتحدة بين القانون و الشريعة/ رضوان الشافعي، المطبعة السلفية، مصر.

95- جواهر الفقه/ للقاضي ابن البراج الطرابلسي ت: 481 ه، جماعة المدرسين قم المقدسة.

96- جواهر الكلام/ للشيخ محمد حسن النجفي، ت: 1266 ه، دار الكتب الاسلامية، طهران، ج: 6، 21، 24، 25، 26، 31، 33، 34، 37، 40، 41، 42.

97- الجوهر النقي- بهامش السنن الكبري/ لعلاء الدين التركماني، ت: 745 ه، دار المعرفة، بيروت.

- ح-

98- حاشية المكاسب/ للسيد محمد كاظم اليزدي، ت: 1337 ه، دار العلم، قم المقدسة، سنة 1378.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 619

99- حاشية المكاسب/ للميرزا علي الإيرواني، ت: 1354 ه، نشر مصطفوي، طهران.

100- الحاوي للفتاوي/ للسيوطي، ت: 911 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

101- الحدائق الناضرة/ للشيخ يوسف البحراني، ت: 1107 ه، ج: 20، 21، 25، نشر جماعة المدرسين، قم المقدسة.

102- حدود، ديات، قصاص./ لمحمد باقر المجلسي، ت: 1111 ه، نشر آثار اسلامي، قم المقدسة.

103- حياة الإمام الحسن العسكري محمد جواد الطبسي- مكتب الأعلام الإسلامي قم المقدسة

- خ-

104- الخراج/ لأبي يوسف، ت: 182 ه، دار المعرفة، بيروت.

105- الخصال/ للشيخ الصدوق، ت: 381 ه، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

106- الخصائص الكبري/ للسيوطي، ت: 911 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

107- الخلاف/ للشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، ت: 460 ه جماعة المدرسين قم المقدسة.

- د- ذ-

108- دائرة المعارف الاسلامية/ دار المعرفة، بيروت.

109- دائرة المعارف/ للبستاني، ت: 1301 ه، دار المعرفة بيروت.

110- دائرة معارف القرن العشرين/ محمد فريد وجدي، دار المعرفة، بيروت.

111- الدراري المضيئة/ لمحمد بن علي الشوكاني، ت: 1220 ه دار المعرفة، بيروت.

112- درر الاخبار/ للشيخ الطبسي- الشيخ الوالد رضوان اللّه عليه- مطبعة النعمان، النجف الأشرف.

113- الدر المنثور/ للسيوطي، ت: 911 ه، نشر محمد أمين دمج، بيروت.

114- الدروس الشرعية في فقه الامامية/ للشهيد الأول، محمد بن جمال الدين مكي العاملي، ت: 786 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

115- دعائم الإسلام/ للنعمان بن محمد بن منصور التميمي المغربي، ت: 363 ه، آل البيت، قم المقدسة.

116- ذخيرة الصالحين في شرح تبصرة المتعلمين/ للشيخ الطبسي- الوالد- مخطوط-، ج 5، 7، 8.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 620

117- ذخيرة المعاد/ للشيخ زين العابدين المازندراني، ت: 1308 ه، مطبعة رياض الرضا، هند.

118- ذرايع البيان في عوارض اللسان/ للطبسي- الوالد- المطبعة العلمية، قم المقدسة.

119- الذريعة الي تصانيف الشيعة/ للشيخ آغا بزرك الطهراني، ت: 1389 ه، ج: 3، 4، 5، 6، 10، 12، 18، 20، 21، المكتبة الاسلامية، طهران.

- ر-

120- رجال العلامة الحلّي- خلاصة الأقوال/ للعلامة الحسن بن يوسف بن مطهّر الحلي، ت: 726 ه، منشورات الرضي، قم المقدسة.

121- رجال النجاشي/ لأحمد بن علي بن عباس النجاشي، ت: 450 ه، نشر مكتبة الداوري، قم المقدسة.

122- ردّ المحتار علي الدر المختار/ لابن عابدين، ت: 1252 ه، ط، مصر، بولاق.

123- رسالة المحكم و المتشابه/ للسيد المرتضي، ت 433 ه، ط، سنة 1312 ه.

124- الروضة البهية، في شرح اللمعة الدمشقية/ للشهيد الثاني، زين الدين الجبعي العاملي، ت: 966 ه، ج: 2، 3، 4، 5، 6، 9، 10، جامعة النجف الدينية.

125-

روضة المتّقين/ للعلامة المجلسي الأول، محمد تقي بن مقصود الاصفهاني، ت: 1070 ه، نشر بنياد فرهنگ اسلامي، كوشانپور. طهران.

126- روائع البيان/ للصابوني، مكتبة الغزالي، دمشق.

127- روح المعاني/ للآلوسي، ت: 1270 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

128- رياض المسائل، في بيان احكام الشرع بالدلائل/ للمير سيد عليّ بن السيد محمد علي الطباطبائي، ت: 1231، و هو المشهور بالشرح الكبير، الطبعة الحجرية، سنة 1300 ه.

- س-

129- سبل السلام/ لمحمد بن اسماعيل الصنعاني، ت: 1182 ه، دار الريان، القاهرة.

130- السرائر/ لابن ادريس العجلي الحلي، ت: 598 ه، نشر جماعة المدرسين قم المقدسة.

131- سفينة البحار/ للشيخ عباس القمي، ت: 1359 ه، دار الأسوة، قم المقدسة.

132- سنن أبي داود/ لسليمان بن الاشعث السجستاني، ت: 275 ه، دار احياء السنّة النبوية.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 621

133- سنن ابن ماجة/ لمحمد بن يزيد القزويني، ت: 275 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

134- سنن الدارقطني/ لعلي بن عمر الدارقطني، ت: 385 ه، عالم الكتب، بيروت.

135- سنن سعيد بن منصور/ لسعيد بن منصور المكي، ت: 227 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

136- السنن الكبري/ للبيهقي، احمد بن الحسين بن علي، ت: 458 ه، ج: 6، 7، 8، 9، 10، دار المعرفة، بيروت.

137- سنن النسائي/ أبو عبد الرحمن احمد بن شعيب، ت: 303 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

138- السيرة الحلبية/ لعلي بن برهان الدين الحلبي الشافعي، ت: 1044 ه، ط، بيروت، سنة 1400 ه.

139- السيرة النبوية/ لابن هشام، ت: 213 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

- ش-

140- شرايع الإسلام/ للمحقق الحلي، ت: 676 ه، مطبعة الآداب، النجف الاشرف.

141- شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري ت 362 ه جماعة المدرسين قم المقدسة.

142- شرح تبصرة المتعلمين/ للشيخ ضياء الدين العراقي، ت: 1261 ه، مطبعة مهر، قم المقدسة.

143- شرح الجمل علي المنهج/ للشيخ سليمان الجمل، ت: 1204 ه، ط، مصر، مصطفي محمد.

144- شرح الشفاء/ للقاضي عياض، ت: 544 ه، لملا علي القاري، ت: 1014 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

145- الشرح الصغير/ للمير سيد علي الطباطبائي، ت: 1231 ه، مكتبة السيد النجفي، قم المقدسة.

146- شرح فتح القدير/ لابن الهمام الحنفي، ت:

681 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

147- شرح مختصر الجليل/ لمحمد الخرشي المالكي، ط، مصر، بولاق (مطبوع بهامش المختصر).

148- شرح منتهي الارادات/ للبهوتي منصور بن يونس، ت: 1051 نشر المكتبة السلفية، المدينة المنوّرة.

149- شرح نهج البلاغة/ لابن أبي الحديد المعتزلي، ت: 656 ه، ج: 1، 2، 4، 6، 18، دار الكتب

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 622

العلمية، قم المقدسة.

150- شعائر الإسلام/ للحاج ملا محمد الاشرفي البارفروشي، ت: 1315 ه، ط، سنة 1312 ه.

- ص- ط-

151- الصحاح/ للجوهري اسماعيل بن حماد، ت: 396 ه، نشر دار العلم للملايين، بيروت.

152- صحيح البخاري/ لمحمد بن اسماعيل البخاري، ت: 256 ه، مطبوعات صبيح، القاهرة.

153- صحيح مسلم/ لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، ت: 261 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

154- صفحات سوداء/ لعبد الحميد العباسي.

155- صفة الصفوة/ لأبي الفرج ابن الجوزي، ت: 597 ه، دار المعرفة، بيروت.

156- الطرق الحكمية/ لابن قيم الجوزية، ت: 751 ه، ط مصر، المدني: 1381 ه.

- ع-

157- عبد اللّه بن سبأ/ للسيد مرتضي العسكري، دار الزهراء (ع)، بيروت.

158- عجائب احكام أمير المؤمنين (ع)/ للسيد محسن العاملي، ت: 1371 ه.

159- العروة الوثقي/ للسيد كاظم اليزدي، ت: 1337 ه، دار الكتب الاسلامية، طهران.

160- عقد الدرر/ ليوسف بن يحيي المقدسي السلمي، ت: القرن السابع ه، عالم الفكر، القاهرة.

161- العقد الفريد/ لابن عبد ربّه الاندلسي، ت: 327 ه، دار الكتب العربي، بيروت.

162- علل الشرائع/ للصّدوق محمد بن علي بن الحسين، ت: 381 ه، المكتبة الحيدرية، النجف الاشرف.

163- علماء معاصرين/ للملّا علي الواعظ التبريزي الخياباني، كان حيا 1366 ه، المكتبة الاسلامية، طهران.

164- عمدة القاري/ لبدر الدين العيني، ت: 855 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

165- العمل في السجون- حسن علام، دار القاهرة مصر

166- عوائد الأيام/ للمولي احمد بن محمد مهدي بن أبي ذر النراقي، ت: 1244 ه، مكتب الأعلام الإسلامي، قم

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 623

المقدسة.

167- العين/ لأبي عبد الرحمن الفراهيدي ت 175 ه دار الهجرة قم المقدسة.

168- عيون الأزهار/ لأحمد بن يحيي المرتضي، ت: 885 ه، دار الكتاب اللبناني.

- غ-

169- الغارات/ لأبي اسحاق، ابراهيم بن محمد الثقفي، ت: 283 ه، انجمن آثار ملي، طهران.

170- غاية المأمول/ لمنصور علي ناصف (بهامش التاج)، دار احياء التراث العربي، بيروت.

171- الغدير/ للشيخ عبد الحسين الأميني، ت: 1390 ه، دار الكتاب العربي، بيروت.

172- غنائم الأيام/ للميرزا أبي القاسم القمّي، ت: 1231 ه، مطبعة دار الخلافة، طهران.

173 غنائم الأيام للقمي ت 1231- مكتب الأعلام الإسلامي- قم المقدسة.

174- غنية النزوع/ لأبي المكارم ابن زهرة، ت: 585 ه (مؤسسة الإمام الصادق قم المقدسة).

- ف-

175- الفائق في غريب الحديث/ للزمخشري، محمود بن عمر، ت: 538 ه، دار المعرفة، بيروت.

176- الفتاوي الغياثية/ لداود بن يوسف الخطيب، ت: 970 ه، المكتبة الاسلامية، كويته.

177- الفتاوي الكبري/ لابن تيمية، ت: 728 ه، دار المعرفة، بيروت.

178- فتح الباري بشرح البخاري/ لابن حجر العسقلاني، ت: 852 ه، دار احياء التراث العربي.

179- فرائد الأصول/ للشيخ مرتضي الانصاري، ت: 1281 ه، الطبعة الحجرية، مكتبة المصطفوي، قم المقدسة.

180- الفروق/ للقرافي، شهاب الدين احمد بن ادريس، ت: 684 ه، دار المعرفة، بيروت.

181- فرهنگ عميد/ حسن عميد، نشر جاويدان، طهران.

182- فرهنگ معين/ محمد معين، نشر امير كبير، طهران.

183- فقه السنّة/ للسيد سابق، دار البيان، الكويت.

184- الفقه علي المذاهب الأربعة/ للجزيري، ت: 1360 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

185- الفقه علي المذاهب الخمسة/ محمد جواد مغنية، ت: 1399 ه، دار التعارف للمطبوعات، بيروت.

186- فقه (فارسي)/ للعلامة محمد تقي المجلسي، ت: 1070 ه، نشر فراهاني، طهران.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 624

187- فقه القرآن/ للراوندي، سعيد بن هبة اللّه، ت: 573 ه، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

188- الفقه المنسوب للإمام الرضا (ع)، نشر المؤتمر العالمي للإمام الرضا (ع) مشهد المقدس.

- ق-

189- القاموس المحيط/ للفيروزآبادي، محمد بن يعقوب، ت: 817 ه، مؤسسة الحلبي، القاهرة.

190- قرب الإسناد/ للحميري، ابو عباس عبد اللّه بن جعفر، ت: 310 ه، (مطبوع مع الجعفريات) المطبعة الاسلامية، سنة 1370 ه- و مؤسسة آل البيت عليهم السلام.

191- القضاء/ للسيد الگلپايگاني، بقلم السيد علي الميلاني مطبعة الخيّام، قم المقدسة.

192- القضاء من كتاب تحقيق الدلائل في شرح تلخيص المسائل/ للشيخ ميرزا علي الكني، ت: 1306 ه، الطبعة الحجرية.

193- القضاء و الشهادات/ للآشتياني، الحاج ميرزا حسن، ت: 1318 ه، دار الهجرة، قم المقدسة.

194-

القضاء و الشهادة/ للمحسني، مطبعة سيد الشهداء (ع)، قم المقدسة.

195- قلائد الدرر في بيان آيات الأحكام بالأثر/ للجزائري، الشيخ احمد، ت: 1151- مكتبة النجف الاشرف.

196- قواعد الأحكام/ للعلامة الحلي، ت: 726 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.

197- القواعد و الفوائد/ للشهيد الأول، محمد بن جمال الدّين مكي العاملي، ت: 786 ه، مكتبة المفيد، قم المقدسة.

198- قوانين الأحكام الشرعية/ لابن جزي الغرناطي، ت: 741 ه، دار العلم للملايين، بيروت.

- ك-

199- الكافي/ للكليني، محمد بن يعقوب الرازي، ت: 328 ه، المطبعة الاسلامية، طهران.

200- الكافي في الفقه/ لأبي الصلاح الحلبي، ت: 447 ه، مكتبة الإمام أمير المؤمنين (ع) اصفهان.

201- الكامل في التاريخ/ للشيخ أبي الحسن علي بن أبي المكرم، المعروف بابن الأثير، ت: 630 ه، نشر دار صادر بيروت.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 625

202- كتاب النوادر/ لأبي جعفر احمد بن محمد بن عيسي الأشعري القمي، ت: القرن الثالث ه، مؤسسة الامام المهدي (ع)، قم المقدسة.

203- كتاب الحجة للشيباني محمد بن الحسن 189 ه.

204- كشف الأستار/ لأبي بكر الهيثمي، ت: 807 ه، مؤسسة الرسالة، بيروت.

205- كشف الرموز/ للفاضل الآبي، زين الدين أبي علي الحسن بن أبي طالب ابن أبي مجد اليوسفي، المعروف بالفاضل و المحقق الآبي، ت: 676 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

206- كشف الغطاء/ للشيخ جعفر كاشف الغطاء، ت: 1228 ه، نشر مهدوي، اصفهان.

207- كشف الغمة/ للأربلي، علي بن عيسي بن أبي الفتح، ت: 600 ه، دار الكتاب الاسلامي، بيروت.

208- كشف اللثام/ للفاضل الاصفهاني، الشهير بالفاضل الهندي، ت: 1135 ه، مؤسسة فراهاني، طهران.

209- كفاية الأحكام/ للسبزواري، محمد باقر بن محمد مؤمن، ت: 1090 ه، نشر مهدوي، اصفهان.

210- كنز العرفان/ للفاضل المقداد السيوري، ت: 826 ه، المكتبة

المرتضوية، طهران.

211- كنز العمال/ للمتقي الهندي، ت: 975، مؤسسة الرسالة، بيروت.

212- الكني و الألقاب/ للشيخ عباس القمي، ت: 1359 ه، مكتبة الصدر، طهران.

- ل-

213- لبّ الوسائل/ للشيخ عباس القمي، ت: 1359 ه، مطبوع مع بداية الهداية، آل البيت، قم المقدسة.

214- اللباب في شرح الكتاب عبد الغني الميداني ت 428 ه دار الحديث.

215- لسان العرب/ لابن منظور، محمد بن مكرم الافريقي، ت: 711 ه، أدب الحوزة، قم المقدسة.

- م-

216- مائة و خمسون صحابي مختلق/ للسيد مرتضي العسكري، دار الزهراء (ع)، بيروت.

217- مباني تكملة المنهاج/ للسيد الخوئي- دام ظله- مطبعة الآداب، النجف الأشرف.

218- المبسوط/ للشيخ الطوسي، ت: 460 ه، ج 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، المكتبة المرتضوية، طهران.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 626

219- المبسوط/ للسرخسي، ت: 483 ه، ج 5، 9، 10، 16، 20، 24، دار المعرفة، بيروت.

220- مجمع الأمثال/ للميداني، أبي الفضل النيسابوري، ت: 518 ه، نشر: عبد الرحمن احمد، مصر.

221- مجمع البيان/ للطبرسي، الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن، ت: 548 ه، احياء التراث العربي، بيروت.

222- مجمع البحرين/ للشيخ فخر الدين الطريحي، ت: 1085 المكتبة المرتضوية، طهران.

223- مجمع الزوائد/ للهيثمي، علي بن أبي بكر، 807 ه، دار الكتاب العربي، بيروت.

224- مجمع الفائدة و البرهان/ للمولي احمد، المقدّس الأردبيلي، ت: 993 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

225- مجمع المسائل/ للسيد الگلپايگاني- دام ظلّه- نشر دار القرآن الكريم، قم المقدسة.

226- المجموع/ للنووي، ت: 676 ه، نشر دار الفكر، بيروت.

227- محاضرات في الأصول/ محمد إسحاق فياض، نشر امام موسي صدر.

228- محاضرات في فقه الامامية/ للسيد محمد هادي الميلاني، ت: 1395 ه، مؤسسة چاپ و انتشارات فردوسي.

229- المحلّي/ لابن حزم، ت: 456 ه، ج: 5، 7، 8، 9، 10، 11، دار الآفاق الجديدة، بيروت.

230- مختصر تفسير ابن كثير/ اختصار الصابوني، دار القرآن الكريم، بيروت.

231- مختصر المزني/ لأبي ابراهيم اسماعيل

بن يحيي المزني 264 ه، مطبوع بهامش الام للشافعي، دار المعرفة، بيروت.

232- المختصر النافع/ للمحقق الحلي (الشيخ ابو القاسم نجم الدين) ت: 676 ه، مكتبة المصطفوي، قم المقدسة.

233- مختلف الشيعة في احكام الشريعة/ للعلامة الحلي، ت: 726 ه، مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية قم المقدسة.

234- المدوّنة الكبري/ لمالك بن أنس الأصبحي، برواية سحنون بن سعيد التنوخي، ت: 240 ه، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن مالك بن انس، دار صادر، بيروت.

235- المراسم، في الفقه الامامي/ لحمزة بن عبد العزيز الديلمي، ت: 463 ه، نشر الحرمين، سنة 1404 ه.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 627

236- مرآة العقول/ للمولي محمد باقر المجلسي، ت: 1111 ه، ج: 19، 21، 22، 23، 24، دار الكتب الاسلامية، طهران.

237- مراصد الاطلاع/ لياقوت بن عبد اللّه الحموي الرومي، 626 ه (الطبعة الحجرية).

238- المرشد الي كنز العمال/ لنديم و اسامة المرعشلي، الشركة المتحدة للتوزيع.

239- مروج الذهب/ للمسعودي، علي بن الحسين، ت: 346 دار الأندلس، بيروت.

240- مسالك الأفهام/ للشهيد الثاني زين الدين الجبعي العاملي، ت: 965 ه، مؤسسة المعارف الإسلامية- قم المقدسة.

241- المستدرك علي الصحيحين/ للحاكم النيسابوري، ت: 405 دار المعارف النظامية، حيدرآباد.

242- المستدرك علي معجم المؤلفين/ عمر رضا كحالة، مؤسسة الرسالة، بيروت.

243- مستدرك الوسائل/ للنوري، ميرزا حسين الطبرسي، ت: 1320 ه، آل البيت، قم المقدسة.

244- مستمسك العروة الوثقي/ للسيد محسن الحكيم، ت: 1390 ه، مكتبة السيد النجفي، قم 2 لمقدسة.

245- مستند الشيعة/ للمولي احمد بن محمد مهدي النراقي، ت: 1244 ه، مكتبة السيد النجفي، قم المقدسة- و مؤسسة آل البيت- قم المقدسة.

246- مستند العروة الوثقي/ تقريرات ابحاث السيد الخوئي، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

247- مسند احمد بن حنبل/ ت 241 ه، دار الفكر،

بيروت.

248- مسند زيد/ جمع عبد العزيز بن اسحاق البقال، ت: 313 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

249- مشيخة الفقيه/ للشيخ الصدوق، ت: 381 ه، مطبوع في آخر (الفقيه)، دار الكتب الاسلامية، طهران.

250- مصباح الاصول/ للسيد سرور البهسودي، ط، مطبعة النجف الاشرف.

251- مصباح الفقاهة/ للشيخ محمد علي التوحيدي، ت: 1392، مطبعة سيد الشهداء (ع)، قم المقدسة.

252- معارج الأصول/ للمحقق الحلّي، ابو القاسم نجم الدين ت: 676 ه، آل البيت، قم المقدسة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 628

253- معالم السنن/ للبستي، ت: 388 ه، المكتبة العلمية، بيروت.

254- معالم القربة/ للقرشي محمد بن محمد بن أحمد، ت: 648، مكتب الاعلام الإسلامي، قم المقدسة.

255- معالم المدرستين/ للعسكري، السيد المرتضي، مؤسسة البعثة، طهران.

256- معتمد العروة الوثقي/ تقريرات ابحاث السيد الخوئي- دام ظلّه- مدينة العلم، قم المقدسة.

257- معجم أحاديث الإمام المهدي (ع) لجمع من المحققين منهم- مؤلف هذا الكتاب- مؤسسة المعارف الإسلامية قم المقدسة.

258- معجم البلدان/ للحموي، ياقوت بن عبد اللّه، ت: 626 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

259- معجم رجال الحديث/ للسيد الخوئي- دام ظلّه- دار الزهراء، بيروت. ج: 1، 3، 5، 8، 9، 10، 13، 14، 16.

260- معجم فقه ابن حزم/ جامعة دمشق، كليّة الشريعة، لجنة موسوعة الفقه الاسلامي.

261- المعجم الكبير/ للطبراني، ت: 360 ه، وزارة الأوقاف العراقية.

262- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي/ جمع من المستشرقين، مكتبة بريل، ليدن.

263- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم/ محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب المصرية، القاهرة.

264- معجم مقاييس اللغة/ لأبي الحسين احمد بن فارس، ت: 395 ه، مكتب الإعلام الإسلامي، قم المقدسة.

265- معجم المؤلفين/ عمر رضا كحالة، دار احياء التراث العربي، بيروت.

266- معجم المغني/ دار الفكر، بيروت.

267- معيار اللغة/ للشيرازي، الميرزا محمد علي،

كان حيا 1273 ه، ط، حجرية، سنة 1311 ه.

268- مفاتيح الشرائع/ للفيض الكاشاني، ت: 1091 ه، مجمع الذخائر الاسلامية، قم المقدسة.

269- مفتاح الكتب الأربعة/ للدهسرخي، مطبعة مهر، قم المقدسة.

270- مفتاح الكرامة/ للسيد محمد جواد العاملي، ت: 1266 ه، آل البيت، قم المقدسة.

271- المفردات/ للراغب الاصفهاني، ت: 565 ه، اسماعيليان، قم المقدسة.

272- المقتصر/ لأحمد بن محمد بن فهد الحلي، ت: 841 ه، مجمع البحوث الاسلامية، مشهد المقدس.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 629

273- المصنف/ لابن أبي شيبة، ت: 235 ه، دار السلفية، هند، ج: 6، 7، 9، 10، 12.

274- المصنف/ لعبد الرزاق الصنعاني، ت: 211 ه، المكتب الاسلامي، بيروت، ج: 3، 5، 6، 7، 8، 9، 10.

275- المصنف/ للكندي النزوي، ت: 557 ه، سلطنة عمان وزارة الأوقاف.

276- المغازي/ لمحمد بن عمر بن واقد، ت: 207 ه، نشر: عالم الكتب، بيروت.

277- المغني/ لأبي محمد، عبد اللّه بن احمد بن محمد بن قدامة المقدسي، ت: 541 ه، ج: 2، 4، 7، 8، 9، عالم الكتب، بيروت.

278- المقنع/ للشيخ الصدوق، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، ت: 381 ه، دار العلم، قم المقدسة.

279- المقنعة/ للشيخ المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، ت: 413 ه، جماعة المدرسين قم المقدسة.

280- المكاسب/ للشيخ مرتضي الأنصاري، ت: 1281 ه، منشورات جامعة النجف الدينية.

281- ملاذ الأخيار/ للعلامة المجلسي، ت: 1111 ه، ج: 5، 9، 10، 16، مكتبة السيد النجفي، قم المقدسة.

282- مناقب آل أبي طالب/ لابن شهر آشوب، ت: 588 ه، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

283- مناهج المتقين/ للشيخ عبد اللّه المامقاني، ت: 1351 ه، مطبعة المرتضوية، النجف الأشرف.

284- المنجد/ للأب لويس معلوف اليسوعي.

285- منهاج البراعة/ للميرزا حبيب اللّه الخوئي، ت: 1324

ه، المكتبة الاسلامية، طهران.

286- منهاج السنّة/ لابن تيمية، ت: 758 ه، المكتبة العلمية، بيروت.

287- منهاج الصالحين/ للسيد أبو القاسم الخوئي، المطبعة العلمية، قم المقدسة.

288- منهاج الطالبين/ للنووي، ت: 677 ه، ط، مصر، مصطفي الحلبي.

289- منتهي الارادات في جمع المقنع مع تنقيح و زيادات/ محمد بن احمد الفتوحي، الشهير بابن النجار، ت: 972 ه، مكتبة دار المعرفة، القاهرة.

290- منتهي المطلب/ للعلامة الحلي، ت: 726 ه، حجرية، نشر الحاج احمد مؤيد العلماء.

291- المنية في تحقيق حكم الشارب و اللحية/ للشيخ الطبسي- الوالد- الطبعة السادسة عشر.

292- من لا يحضره الفقيه/ للشيخ الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، ت: 381 ه، دار الكتب

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 630

الاسلامية، طهران.

293- المهذب/ للقاضي ابن البراج الطرابلسي، ت 481 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.

294- المهذب/ لأبي اسحاق الشيرازي، ت: 476، ط: عيسي البابي، مصر.

295- مهذب الأحكام/ للسيد عبد الأعلي السبزواري، مطبعة الآداب، النجف الأشرف.

296- موازين قضائي از ديدگاه امام خميني/ ترجمة و تدوين: حسين كريمي، نشر شكوري، قم المقدسة.

297- المؤتلف و المختلف/ للدارقطني، ت: 385 ه، دار الغرب الاسلامي، بيروت.

298- موضح الأوهام للخطيب البغدادي ت 463 ه- دار المعرفة بيروت

299- الموطأ/ لمالك بن أنس، ت: 190 ه، برواية يحيي الأندلسي، دار احياء التراث العربي.

300- ميزان الاعتدال/ للذهبي، محمود بن أحمد بن عثمان، ت: 748 ه، دار المعرفة، بيروت.

301- الميزان في تفسير القرآن/ للعلامة الطباطبائي، ت: 1402 ه، دار الكتب الاسلامية، طهران.

- ن-

302- نجاة العباد/ للشيخ محمد حسن الاصفهاني النجفي (صاحب الجواهر)، ت: 1266 ه.

303- نزهة الناظر في الاشباه و النظائر/ ليحيي بن سعيد الحلي، ت: 690 ه، مطبعة الآداب، النجف الأشرف.

304- نضد القواعد الفقهية/ للفاضل المقداد، ابو عبد اللّه مقداد

بن عبد اللّه السيوري الحلي، ت: 826 ه، مكتبة السيد النجفي، قم المقدسة.

305- النظم الاسلامية/ للدكتور صبحي الصالح، دار العلم للملايين، بيروت.

306- نظم الحكم بمصر في عهد الفاطميين/ للدكتور عطية مصطفي، مطبعة الاعتماد، مصر.

307- النفقات/ للشيباني أبو بكر احمد بن عمرو، ت: 261 ه، دار الكتب العربي، بيروت.

308- نكت النهاية/ للمحقق نجم الدين جعفر بن سعيد الحلي، ت: 676 ه، ط، نشر جماعة المدرسين- قم المقدسة.

309- النهاية في مجرّد الفقه و الفتاوي/ لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، ت: 460 ه، نشر قدس، محمدي، قم المقدسة.

310- نهج البلاغة/ جمع الشريف الرضي، ت: 406 ه، مؤسسة الأعلمي، بيروت.

311- نهج السعادة/ للشيخ محمد باقر المحمودي، مكتبة التضامن الفكري، بيروت.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 631

312- نهج الصباغة/ للشيخ محمد تقي التستري، مكتبة الصدر، طهران.

313- نور الثقلين/ للشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي، ت: 1112 ه، اسماعيليان، قم المقدسة.

314- نيل الأوطار/ لمحمد بن علي الشوكاني، ت: 1255 ه، ج 5، 6، 7، 8، دار الكتب العلمية، بيروت.

- ه-

315- الهداية/ للشيخ الصدوق، محمد بن علي بن بابويه القمي، ت: 381 ه، دار العلم، قم المقدسة.

316- الهداية/ لأحمد بن محمد الصّديق، ت: 1380 ه، عالم الكتب، بيروت.

317- هداية الطالب/ للشيخ فتّاح الشهيدي التبريزي، ت: 1372 ه، مكتبة السيد النجفي، قم المقدسة.

- و-

318- الوافي/ للفيض الكاشاني، ت: 1091 ه، ط، مكتبة الإمام أمير المؤمنين أصفهان.

319- الوجيز (في الفقه الشافعي)/ للغزالي، محمد بن محمد، ت: 505، مطبعة: حوش قدم، القاهرة.

320- الوسائل الي مسامرة الأوائل/ للسيوطي، ت: 911 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.

321- وسائل الشيعة/ للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، ت: 1104 ه، دار احياء التراث العربي، بيروت.

322- الوسيلة الي نيل الفضيلة/ لعلي بن حمزة الطوسي، ت: 566 ه، مكتبة النجفي، قم المقدسة.

323- وسيلة النجاة/ للسيد ابو الحسن الاصفهاني، ت: 1365 ه.

324- وسيلة النجاة/ مع تعاليق السيد الگلپايگاني- دام ظلّه- مطبعة استوار، قم المقدسة.

325- وسيلة النجاة مع تعاليق الشيخ الطبسي- الوالد رحمه اللّه- مخطوط.

326- وقعة صفين/ لنصر بن مزاحم، ت 212 ه، مكتبة السيد النجفي، قم المقدسة.

موارد السجن في النصوص و الفتاوي، ص: 632

327- ولاية الفقيه/ للشيخ المنتظري، المركز العالمي للدراسات الاسلامية.

- ي-

328- الينابيع الفقهية/ جمع علي اصغر مرواريد، نشر مركز بحوث الحج و العمرة.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.